الفصل الثالث

تجليات المكان في نماذج روائية

يسود الكلام أن الأدب الأفريقي هو أدب المناطق الواقعة جنوب الصحراء، الأدب الذي يصور واقعًا أفريقيًّا بجميع أبعاده، وأن الرواية في أفريقيا حديثة النشأة. وليست الرواية دائمًا وليدة المجتمع البورجوازي كفكرةٍ سائدة مع «هيجل» و«جورج لوكاتش»؛ ملحمة بورجوازية تعكس الواقع الموضوعي، ومكان الحدَث وعلاقة البطل بالواقع. الرواية من هذا المنطق رؤية واقعية أكثر منها فنية؛ فالنظرة إلى العالَم هي الشكل الأرقى للوعي، والكاتب يطمس العنصر الأهم من الشخص القائم في ذهنه، حين يهمل النظرة إلى العالم. إن النظرة إلى العالم هي تجربةٌ شخصية عميقة يعيشها الفرد.١
الكائن الإنساني يبقى موجودًا في كلِّ الأمكنة والأزمنة، هويته يستقيها من الفكر والمجتمع، الذاتي والموضوعي في تماهٍ مستمر. تغدو الأمكنة صورًا عالقة في الذاكرة، ويصبح الأدب تعبيرًا بالكلمة وجمالية الوصف، ودينامية الشخصيات في عالمٍ ممزوج بين الواقع والخيال. فالرواية الأفريقية رؤية فنية وجمالية للذات والمجتمع والعالم؛ لذلك يعتقد الكثير من الأفريقيين أن الرواية ليست غريبة عن تراثهم الشفهي، الحافل بالسِّيَر الشعبية والحكايات الخيالية والأساطير. وتوزعت القضية بين معسكرَيْن؛ «أحدهما يرى القصة الأفريقية المعاصرة غربية، والآخر يراها أفريقية أساسًا، وكلاهما يحكم عليها بناءً على رؤيته»، على حدِّ تعبير المستفرق الأمريكي «بارتولد بوني» الذي قدَّم حلًّا وسطًا للخلاف، فقال: إن الرواية غربية على وجه الاصطلاح، ولكن إذا كتبها أفريقي تصبح أفريقيةً على وجه الاصطلاح.٢
ومهما كان التقسيم والتشطير للقارة على أساس عِرقي وديني؛ فإن الأدب الأفريقي ساهم في بلورة نماذج للرواية المميزة بطابعها المحلي، التي تُعنى بالشأن الأفريقي، والقضايا الوجودية كالحرية والتحرُّر من الاستعمار، وهاجس التنمية. أفريقيا مكان للتحدي والآمال، الانقسام في الجماعات والصراعات التي تنتهي هنا لتبدأ في مكان آخر. من هذا المنطق كتب «وول سوينكا» عن الحرب الأهلية في نيجيريا، وطموح «بيافرا» في الاستقلال، وصراع الهوسا والإيبو. يحكي الروائي من المكان، وأزمة الإنسان الأفريقي ضحيَّة الصِّراعات والحروب على الهوية دون تحليل أسبابها ونتائجها بالتفصيل؛ فالقارئ يعيد الذاكرة نحو الزمن الماضي، ويترقب المستقبل في أمل أن يتحول المكان ويتسع للهويات المختلفة، والعناية بالوجود البشري في أكثر أشكاله بساطة. الشرور والبشاعة من دوافع الإبداع عند سوينكا، والمكان الذي يفيض قهرًا وجمالية يختزن ذكريات ووقائع ذاتية وخارجية. «إكيه» المكان الذي يحكي عن طفولة الروائي، أرض متوجة ومترامية الأطراف، وهناك عند مرتفعات «أوتوكو»، كان إصطبل القسِّ قريبًا من رأس التل، ثم ذلك الطريق المتعرج الصاعد من سوق صاخب إلى سوق آخر يطل على أكثر مداخل الدير سرية.٣ سيرة ذاتية للروائي من الطفولة والأحداث التي تحكي عن أزمنة مكتوبة في التاريخ؛ إلا أنها موشومة في تفاصيلها الصُّغرى من زمن الروائي عن مكان معين، سيرة تصف مراحل متتالية من طفولة الروائي. يوحي المكان للمدرسة والبستان، والقس والكنيسة، وتفاصيل أخرى تأخذ مسارًا حواريًّا تثيرها أسئلة.
السخرية من الواقع الاجتماعي جزءٌ من الحكاية والوصف، وعدم الرضا. ومن أهداف الروائي أن يعودَ المكانُ لطبيعته الأولى، عندما تكون القيم منسجمة مع الجماعة، أو على الأقل أن يتحول المكان إلى فضاءٍ للعيش وصيانة الكرامة الإنسانية. يحكي «سوينكا» ويدرك أن رجل السلطة يخشى الكتابة. دروب الروائي ملتوية بين الأدب والشعر والمسرح، والنضال السياسي لأجل قضايا عادلة. نال جائزة نوبل للآداب عام ١٩٨٦م، واعتُقل في ١٩٦٧م في الحرب الأهلية، ووُضِع في السجن الانفرادي. من هناك كتب رواية «مات الرجل»، والموت هنا وجوديًّا في وجه الصمت، وأمام الحقيقة. نطق الأنا بصوتٍ خافت وعالٍ، وأدرك الروائي أن الاعتقال مردُّه إلى أكاذيب باطلة، أحس بالقهر وسلب الحرية عندما وُضعت السَّلاسل في الأرجل. مقطع يصوِّره سوينكا كعودة للماضي البعيد، زمن العبودية، وتهجير الإنسان الأفريقي من أرضه. عشتُ تناقضًا (الروائي) حيًّا في كل هذا، تناقضات في كياني، في وعيي الذاتي البشري، وفي تعريفي الذاتي. في الواقع يمكن القول إن تعريفي الذاتي لم يتَّضح لي بهذا النقاء أبدًا؛ حتى هذه اللحظة، حين رأيت هذه السلاسل على كاحلي، وكان تعريفًا سلبيًّا، عرفت نفسي على أنني كائنٌ لا وجود للأصفاد بالنسبة له، على أنني كائن بشري.٤

يكاد المرء أن يفقد عقلَه بعدما فقد الإحساس بالزمان وضياع الذات؛ من اتهامات باطلة في وجه الروائي الذي ينشد مطلَبين: العدالة والحرية. يتحوَّل الروائي الأفريقي في السرد إلى شاهد على أحداثٍ وقعت في وطنه، شهادة يقتسمها المثقفون في صَمْت، أو إعلان صريح عن دافع الإنسان للقول، والتعبير عن ضياع الأرض، وتغوُّل السلطة، واستفراد القلة بالخيرات في الأوطان الأفريقية. من كينيا تحوَّلت أرض الكيكويو إلى مزارع للمستوطنين، وتحوَّل الأفارقة إلى مزارعين للسكان البيض، مكان أسير ومكبَّل من قِبَل الآخر الوافد من بلدان أخرى، بدعوى التنمية والتحضر. وهذا الأمر يقلِّل من كرامة السُّود والحضارة الزنجية الضاربة جذورها في التاريخ والتراث. انخدع السود في البيض، من رؤية انتقاصية للإنسان وانهمام بالعيش في المكان، تغري الطبيعة والحياة في مناخٍ متنوع وثروات لا حدود لها.

كتب الروائي الكيني «واتيونجو» مجموعة من الروايات، نموذجًا آخر من نماذج الرواية السياسية، وهو نموذج شديد الشبه بما قدَّمه من قبلُ زميله السنغالي «سمبين عثمان»؛ فكلاهما يرى في الاستعمار وإرسالياته وشركاته سرَّ تخلُّف أفريقيا، ويرى أن علاج هذا التخلف في الأخذ بالنظام الاشتراكي.٥ تبدو علاقة السياسة بالمكان واقعيةً من منظور الروائي الأفريقي في أدب ما بعد الاستعمار، على قناعة الروائي أنَّ الاستعمار ترك مخلفات صعبة الاستئصال بدون تضحيات، والتحول للنظام البديل، ثورية الروائي ونضاله ضدَّ القهر والتسلط؛ لذلك استوعب الروائي أن الرواية قادرة على إيصال الصوت الأفريقي إلى الآخر. تويجات الدم أو تلك الزهرة حين تقتحمها دودة تنخر داخلها، وتصبغ بتلاتها بلون الدم تمهيدًا لسقوطها. وهذا ما يعنيه «واتيونجو» حين ربط بين البتلات والأهالي البسطاء الذين اقتحمت حياتهم دودة الاستعمار الجديد، فأصبحوا مهدَّدين بالسقوط.٦
في أمكنة متعددة من القارة السمراء، عاش الأفريقي بسيطًا، وبدون نقص في الهوية، وإن كانت بعض الطقوس والعادات تبدو بدائية، أو شيئًا من هذا القبيل؛ فإن الاحتكاك الإيجابي في إطار ما يُسمى الآن بالصدمة الحضارية كفيلٌ باكتساب الشعوب الأفريقية مناعةً جديدة للدخول في العصر الجديد، عصر التقنية وعولمة النماذج المفيدة في السياسة والاقتصاد والثقافة. الفضاء الروائي يبني بالكلمات رؤية فنية وخيالية، في اختيار الشَّخصيات المناسبة، والمكان الذي عاشت في كنفه القبيلة سادت فيه روح التسامح والوحدة بين الساكنة. كانت الملكية مشتركةً بكل ما في الكلمة من معنًى، مشتركة حتى آخر خيط من الثياب التي يلبسها كلُّ مواطن، مفارقة تاريخية كهذه أثارت عجبَ المجتمع المتعطش للربح، والمكون من سكان العالم أجمع.٧
للقبيلة عالمها الخاصُّ من المشترك، قبل أن يلتفَّ الرجل الأبيض عليها بواسطة المال والدين، واستمالة الإنسان الأفريقي للقيم الجديدة. المكان الذي تُروى منه الحكاية، حقيقيًّا أو متخيلًا، لا بدَّ أن يشير إلى مضمون ما في ذهن الروائي والقارئ معًا، مكان تضفي عليه اللغة دلالة خاصة، فيتحول إلى رمز للعودة ما دام المكان يحمل روحًا ومعنى للذَّات المتكلمة في الرواية. «مصطفى سعيد» في عودتِه للقرية رجعَ إلى الحضن الأول، ذكريات القرية والعائلة والنيل، فاقتنع الرجل أن روح الانتقام من الرجل الأبيض في عُقر داره في المغامرات الجنسية، أو في الأشياء التي يتزين بها البيت في لندن، لا يمكن أن تمنح الإنسان الأفريقي المصداقية والمبدأ الثابت عن إمكانية الالتقاء بين الشرق والغرب، خصوصًا والتعبير كان واضحًا عن المركب في الهوية والأصل. هذا أنا «مصطفى سعيد» وجهي عربي كصحراء الربع الخالي، ورأسي أفريقي يمور بطفولة شريرة.٨
ربما قصد «مصطفى سعيد» شقاوة الطفولة، لكن المكان ظلَّ لاصقًا في الذهن، وذاك الشوق والحنين للعائلة والنيل، وبساطة الحياة. أمكنة الرواية وتجليَّاتها في السَّرد تعني نقطة اتصال وانفصال بين ذات محكومة بالمكان الأصلي والفضاء الجديد، كمحور للعبور إلى الغرب من جهةٍ ما يقدِّمه من أشياء تُغري القادم من القارة السمراء. الأكيد أن «مصطفى سعيد»، في أسئلة الأهل عن الناس والحياة هناك، كان تعبيره صريحًا عن الإنسان في كل مكان، ذا رغباتٍ وطموحات، يعيش ويموت، يقاوم الحياة ويسعى نحو التقدم، اعتراف لإعادة النظر من جديد في صورة الرجل الأبيض الذي تمكَّن من استعمار أفريقيا، أي إمكانية الالتقاء بين الشرق والغرب، وبين أفريقيا وأوروبا دون عُقدة نقص، أو نزعة مركزية عِرقية ميَّالة للتهميش والاستغلال. يجسد «مصطفى سعيد» نموذجًا للتصالح والالتقاء، يحمل في وعيِه كلَّ ما يتعلق بالمكان والأصل، تراوده هواجس وأحلام؛ فالعديد من الشخصيات في روايات الطيب صالح قد أصبح لها وجودٌ ماثل في نفوس الكثير من القرَّاء. وما كان ذلك إلا لقدرته المبدعة على رسمِها مشبعًا بالحياة والحركة.٩

جمالية المكان ووظيفته الفنية ساهمتْ في تقديم لوحة معبِّرة عن شخصية سودانية في قلب لندن، مدينة العلم والاستعمار. لا شكَّ أن الفكرةَ الأولية التي تتبادر في ذهن الراوي هي الأجواء العامة السائدة هناك، ومظاهر الاستعمار السائد في أفريقيا، تناقضات جمة يستوعبها الروائي بعد مدة معينة تعيده من جديد إلى المكان الأول، القرية والقبيلة والوطن. يتحول السَّرد الروائي للمقارنة بين التجارب الواقعية. قضيَّة النخبة الأفريقية التي استلمت السلطة وتكوَّنت في مدارس المستعمر، نفضَتْ يدها من المبادئ الفعلية التي تؤسِّس للحياة الديمقراطية في أفريقيا. إذا كان المكان الآخر يشهدُ هذا النوع من الرقي والحرية، فلماذا لا يتم استنبات ذلك في أفريقيا؟ يبقى السؤال قائمًا إلى الآن، ويظل النضال للحرية والتحرر والانتقال الديمقراطي رهانًا للمثقف في مجابهة الاستبداد والتفرد؛ لذلك يعالج الروائي الأفريقي القضايا التي تشغل بال الإنسان الأفريقي في فترة ما بعد الاستعمار، من الحروب والانقلابات العسكرية، والكراهية والحب، والصداقة والانتماء وانحلال القيم.

يكتب «أتشيبي» عن إكراهات المكان، التسلط يتحكم في رقاب الناس، ينتهي الاستعمار المباشر، ويترك بويضات مخصبة وضعها في أرحام نخب لارتكاب الفظائع في حق الشعوب. سيعمل أولئك المسيطرون على زمام أمورنا على وأدِ انتقاداتنا في مهدها بإيهامنا بأنَّ في حوزتِهم حقائقَ لا تتوافر للآخرين من أمثالنا، وأعرف أنَّ من المحتم التعامل معهم بشروطهم؛ فسلاحُنا الأفضل ضدَّهم ليس تجميع الحقائق، وهو الأمر الذي يجيدونه، بل هو العاطفة.١٠ نخب كالنمل في السافانا يلتهم بشراسة خيرات البلاد، طينة من البشر رضعت من لبن المستعمر الذي ترَك زمرةً فاسدة أجهزت على كلِّ الأحلام الوردية للشعوب الأفريقية التوَّاقة للحرية. من هُنا يكتبُ الروائي الأفريقي عن الإنسان، بعدَما أحسَّ أن همَّ الاستعمار تطويع أفريقيا، وما يناسب مصالحها الدائمة. ورواية «كثبان النمل في السافانا» تتعلق بالنخبة المتعلمة في الغرب، وشخصية «أيكم» الكاتب والشاعر التقدمي، الذي فهم دور الموروث الشعبي في مواجهة الاستبداد، وعودة الإنسان إلى ذاته لطرح الأسئلة عن واقعِ أفريقيا في ظلِّ الأحداث التي تعصف بالمكان. تجليات ذلك في عملية السطو والسيطرة على الخيرات، وتقريب البيروقراطيين ورجال الأعمال من الحاكم العسكري الذي يحكم بالقبضة الحديدية وسلطة الإعلام، ومراقَبة دور النشر والتقارير. نظام عسكري في دولة أفريقية متخيَّلة، اسمُها «كانجان» تقع في غَرْبِ أفريقيا. تعاني الدولة من استشراء الفساد بأنواعه، ولسان حال الشعب يعبِّر بالرفض للأوضاع القائمة. والمسئُولية تقع على وزراء أو شخصيات متمرِّدة حسب الحاكم المستبد. يمكن القول إن ذاتية الروائي حاضرة في المكان، وتجليات الاستبداد موجودة في زمرة من الناس، تحكم شعوبًا لها تاريخ يتماهى وحرية الإنسان في الطبيعة، الرقابة والإعلام ذو البعد الأيديولوجي، وتوجيه العقول بالتربية التي تناسب الزمرة المهيمنة، أشياء جديدة في المعيشة وثقافة الجماعة في أمكنة مختلفة من أفريقيا، وليس فقط في غربها.

يغري المكانُ عملَ الروائي الأفريقي خصوصًا في عودته من المنفى والمهجر للوطن، واكتشاف البَوْنِ الشاسع بين الأعمال المقترَفة في حق الشعوب الأخرى والحياة في أوروبا. هذا الأمر من المفاضَلة في التعامل مع الآخر أثارت دهشة واستغراب المثقفين والروائيين من الشَّرق وشمال أفريقيا. عندما ذهبَ الإنسان للدراسة هناك تكوَّنت لديه صورٌ عن حياة مليئة بالمشاعر الإنسانية، ومبنية على سيادة القانون والحرية الفردية والجماعية، في ظل دولة ديمقراطية أساسها الالتزام بالقواعد المعمولة، والتداول السلمي للسلطة. يعود الروائي النيجيري «أتشيبي» إلى أحضان البلد، للمكان الذي وُلد فيه، في قبيل الإيبو وعموم البلد، يروي الحكاية عن قساوة الحرب الأهلية، وعن جذور الثقافة والهوية، ويعطي للمكان قيمة رمزية، ودلالة في إيصال الصَّوت الأفريقي للآخر.

كتب «أتشيبي» عن المكان وسحره، وعاد مرة أخرى إلى التاريخ والتراث الشفهي الغني بالحكاية عن الشعوب الأفريقية؛ ففي عمله الذائع الصيت «أشياء تتداعى» قيمة فنية وجمالية، وإبداع رائع في تصوير الحقيقة الكاملة عن الرجل الأبيض والبعثات التبشيرية. وتدور الرواية التي اقتَبَس عنوانها من أحد قصائد الشاعر الأيرلندي «وليم ياتس» في المنطقة الشرقية من نيجيريا؛ حيث وُلد «أتشيبي» ونشأ بين شعب الإيب، ومدارها حول مأساة مزدوجة يتصل أحد وجهيها ببطلها «أوكونكو»، ويتصل الوجه الآخر بقرية «أوموفيا».١١ شخصيات متخيَّلة في عالم واقعي من الغزو الاستعماري الذي بدأ بترسيخ قيم الرجل الأبيض، واستمالة الإنسان تحت إغراء المال وأشياء أخرى. في قبيلة بسيطة وهادئة، وصل إليها الاستعمار محمَّلًا بثقافة تبشيرية، ثقافة الأجداد بدأت تتداعى، وفقَدَ الناس القدرةَ على مواجهة الرجل الأبيض، الذي اعتبر تقاليد العشيرة ضربًا من الأوهام والأساطير. كيف يمكنه هذا، وهو حتى لا يتكلم لغتنا؟ لكنه يقول إن تقاليدنا سيئة، وإخواننا الذين تبنَّوا دينَه يقولون أيضًا إن تقاليدنا سيئة. كيف تعتقد أننا نستطيع أن نحارب وإخواننا بالذات انقلبوا ضدَّنا؟ الرجل الأبيض ذكي جدًّا، جاء بهدوء وسلام بدينه، فضحِكنا على حماقتِه وسمحنا له بالبقاء، والآن استمال إخواننا، ولم تَعُد عشيرتُنا قادرةً على التصرف كرجل واحد، لقد وضع سكينًا على الأشياء التي تشدُّ أواصرنا فتداعَينا.١٢ نفَذ الرجل الأبيض إلى قلب العشيرة والثقافة، فوضع المؤسسات والقوانين بالقوة والمال، أرغم الناس على اعتناق دينه. المبشِّرون أحدثوا اضطرابًا في القبيلة، وخلخلوا اللُّحمة المتماسكة بين أبنائها. زيارةُ هؤلاء والتقاؤُهم بالناس استمرَّت في الإقناع بالشريعة الجديدة التي لا تؤمن بالطقوس والمقدَّس غير ما يفهمه المبشِّر، وربما اختلفتِ التسمياتُ كما جرى في حوار السيد «بروان» و«أكونا» عن الإله الواحد والآلهة الزائفة. لقد أخذ الحوار مسارًا لا ينتهي في الإقناع النهائي عن الإله في المسيحية والإله في الديانة الأفريقية، والخوف والرهبة التي تنتاب الإنسان عندما لا تنفذ إرادته. يبدو أن السيد براون استوعَب المعتقد الأفريقي، وتعلَّم كثيرًا عن دين العشيرة، وتوصَّل إلى نتيجة أن هجومًا جبهويًّا عليها لن يُكتب له النجاح؛ لذلك بنى مدرسة ومستشفى صغيرًا في أومووفيا، طاف على السكان عائلةً عائلةً؛ راجيًا إياهم أن يرسلوا أطفالهم إلى مدرستِه، لكنهم أرسلوا عبيدَهم فقط، أو أطفالهم الكسالى أحيانًا. توسَّل السيد «براون» وجادل وتنبأ، قال: إن قادة البلاد في المستقبل سيكونون رجالًا ونساء تعلَّموا القراءة والكتابة، وإذا تقاعست «أومووفيا» عن إرسال أطفالها إلى المدرَسة؛ فسيأتي الغرباء من أماكن أخرى، ويحكمونهم.١٣
دواء الرجل الأبيض ليس علقمًا مرًّا، بل بلسمًا يشفي كل داء وترياقًا موجَّهًا للإنسان؛ أن يستوعب الرسالة التي يحمِلُها الاستعمار لأفريقيا، في نهضة وتنمية لا بديلَ عنهما. بالطبع إن الرفض سيكون حقيقيًّا من قِبَل البعض. هنا تُحيل الرواية إلى شخصية «أوكونكو»؛ شخصية فذَّة، عاشق للقبيلة وتقاليدها. كانت حياته محكومةً بعاطفة جامحة عظيمة، أن يصبح واحدًا من سادة العشيرة، ذلك هو ينبوع حياته. وحقَّق كلَّ شيءٍ إلا هذا، ثم تحطَّم كل شيء، ونُبذ من عشيرته كسمكة أُلقِيت وهي تلهث على شاطئ رمليٍّ جاف.١٤ الأكيد أن الطموح في الزعامة وقيادة القبيلة اصطدم بأشياء غير متوقعة، حينما قتل «أوكونكو» شخصًا بالخطأ في حفل زواج ابنة صديقه. نُفي إلى قبيلة أقرباء أمه مدة سبع سنوات. كان الاغتراب والنفي عن القبيلة امتثالًا للأعراف السائدة في القتل. حدثت أشياء كثيرة أثناء عودته بعد مدة العقوبة. لم يَبدُ أن «أمووفيا» اهتمت بصفةٍ خاصة بعودة المحارب؛ فقد طرأت تحولات عميقة على العشيرة أثناء سنوات نفيِه، حتى أصبح من الصعب التعرفُ عليها؛ فالدين والحكومة والمتاجر الجديدة تعلو قيمتُها كثيرًا جدًّا في أعيُن وعقول الناس.١٥ المكان القديم بدأتْ تتغير معالمُه بالمؤسسات والمتاجر، حل المال محلَّ العلاقات الإنسانية المبنيَّة على العواطف المشتركة والمساندة، صارت المؤسسة هي المتحكمة في المعاملات. تتهاوى الأشياء وتتداعى في المكان، والقيم التي سادت العشيرة. ومن دهشة أوكونكو ابنُه الذي اعتنق المسيحية، والعشيرة التي نسِيَتْ طقوسَها ومقاوَمةَ تحايُلِ الرجل الأبيض، وزيف القيم التي يحملها. كان السيد براون يقبل الإنصات والاستيعاب للفهم، بعده جاء القسيس «جيمس سميت»، وكان نمطًا مختلفًا من الرجال، وقد أدان سياسة «براون» التصالحية والتوفيقية. إنه يرى أن الأشياء بالأسود والأبيض، الأسود شر. ويرى العالم ساحةً قتاليةً يشتبك فيها أبناء النور في معركة حياة أو موت مع أبناء الظلام.١٦ هذا يعني أن الحمولة الفكرية والنظرة الدونية للأفريقي هي السائدة. ومن الغباوة عدم مواجهة الرجل الأبيض في رأي أوكونكو. كان يفكر الرجل في كلمة واحدة لدى أمووفيا، فكر في المعاملة التي لقِيَها في محكمة الرجل الأبيض، فأقسم على الانتقام، إذا اتخذت أمووفيا قرارًا بالحرب. سيكون كل شيء على ما يرام، لكن إذا اختار أهلُها أن يكونوا جبناء، فسيخرج وينتقم لنفسه.١٧

أحس «أوكونكو» بضياع المكان، وتغيير معالمه وثقافته، وأن التضحية والمواجَهة أفضل من الجبن والاستكانة، قبل أن تتهاوى الأشياء الجميلة في ثقافة العشيرة بفعل آليات الرجل الأبيض الغريب عن البلدة. اقتنع «أوكونكو» أن «أمووفيا» لن تقاوِم، فأقبَلَ على قتل مبعوث الإدارة البريطانية، وعندها صدر عليه حكمٌ بالإعدام. والنهاية كانت مأساويةً، معلقًا نفسه على جذع شجرة، نهاية رجل أصيل، وصوت حي وسط مجموع العشيرة التي استسلمت للرجل الأبيض، والاستعمار الجديد الذي أتى بالكنيسة والبعثات التبشيرية، والمدارس والقساوسة … وإذا كانت القصة خاصةً بمنطقة معينة، وهي بلدة «أمووفيا»، فإن الأمر معمَّم على البلدان الأفريقية التي دخلها الاستعمار الإنجليزي والفرنسي والبرتغالي. هذا الاستعمار كان موجَّهًا نحو نشر ثقافته، وتحويل الإنسان الأفريقي من كائن بدائي وما شابه ذلك من الصُّور النمطية إلى كائن يندمجُ في الحضارة الغربية؛ حيث يتباهى الغرب بالعصور الزاهية في حضارته، كعصر النهضة وعصر الأنوار. الأخير كان نتاج للعقل والحرية، وعدم تقبُّل التقليد. من هذا المنطلق بقيتْ أفريقيا أسيرةً للتخلُّفِ والتَّشرذُم، رغم ما تتوفر عليه من طاقات وخيرات مادية وغير مادية، تمثِّل غنَى الثقافة والأرض الخصبة؛ فالسرد الروائي لم يبرحْ مكانه؛ لأن أفريقيا ظلَّت على حالها عندما حكمَتْها نخبةٌ تعلَّمت في مدارس الغرب، وبآليات المراقَبة والمعاقَبة والتسلُّط على رقاب الناس، خرج للوجود الاستبدادُ العسكري وحكم الفرد المطلق، حُكام على منوال «كابيسا»، كما في رواية «أتشيبي»: «كثبان النمل في السافانا». نمل عجيب يعيش على النهب والاتكالية، والاهتمام بالبقاء في السلطة؛ حيث عاشت أفريقيا في حروب أهلية كانت شَرِسة، وآثارها بقيت عالقة في ذهن الروائي والمثقف بصفَةٍ عامة.

يواصل «أتشيبي» السرد للمكان في تجلياته المتعدِّدة، كفضاء لممارسة القيم الإنسانية، وفق طقوس واحتفالات في أمكنة متباينة، زمن الستينيات وما بعد استقلال أفريقيا. في رواية «سهم الله» وشخصية «أزويلو»، رئيس كهنة الأولو، الذي استماله الرجل الأبيض بذكائِه وقوته، فقرر إرسال ابنه «أودوتشي» إلى مدرسة المبشِّرين؛ حتى يتعلَّم أسرارَ ذكاء الرجل الأبيض، لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فيتعلق الابن بالمسيحية، ويزدري ديانةَ أبيه، بل يحاول قتلَ الثعبان المعبود، ويؤدي ذلك إلى صراعات عنيفة داخل الجماعة، وعداء أعنف من جانب «أزويلو» للإدارة الاستعمارية، ويقوده عناده وزهوه بقومه إلى الصِّدام مع السلطة البيضاء، وإلحاق الخراب بنفسه وجماعتِه.١٨

الاستعمار واحدٌ في أي مكان من أفريقيا، والأخطر مخلفاته بعد الاستقلال؛ لذلك ينبِّه الروائي للمكان الضائع، وإمكانية استعادته كصورة ونمطِ وجود الإنسان الأفريقي. لا بدَّ أن يعلو صوت الشعب، نداء المثقف للعودة بالزمن للماضي، والزيادة في دلالة المكان الذي يشير إلى قوة الروابط التي دمَّرها الرجل الأبيض، هذا التقابلُ بين الأبيض والأسود، التحضر والتوحش، سائدٌ في أدبيات الخطاب المرئي واللامَرئي في الغرب الأوروبي. فالقلق الوجودي الذي انتابَ الروائي الأفريقي عن المكان الضائع من قبل الرجل الأبيض، وتقاعس الإنسان الأفريقي في الدفاع عن حقه الوجودي في العيش بقِيَمه وطقوسه وطريقة فهمه للعالم؛ جعل الكتَّاب يمارسون جلدًا على الأنا الآخر وقيمه التي انتقدَها أغلب الأدباء والفلاسفة؛ تارةً بتعرية الخطاب والدافع الخفي، وتارةً بالفكاهة والسخرية في أسلوب «أتشيبي»، أو التناقضات بين القول والفعل، أي النقد الصريح والكامن للسلطة، والظواهر العامة التي تنخر الجسدَ الأفريقي.

يمكن القولُ إن المرحلة الحديثة للرواية الأفريقية عرفَتْ نمطًا من السرديات إلى أنماط جديدة، ساهمت في بلورة أساليب سردية مغايرة، تمردتْ نوعًا ما على السرد الخطي والمكان المطلق وتتابع الأزمنة، فأدت بالفعل للتشكيك في الرسمي والخطاب الموجَّه للشعوب، تحت يافطة الحرية والتعددية السياسية. تحوَّل المكان الواحد إلى أمكنة متعدِّدة ومتخيلة، والصوت الأحادي للبطَل، والنهاية المرسومة بالنتائج السلبية أو الإيجابية إلى نهاياتٍ غير محسومة. من بعيد يحكِي الروائي الصُّومالي «نور الدين فارح» عن أفريقيا الحاضر، الصوت الغائب في بلاد المنفى، ينادي الأفارقة بعدم تدمير بعضهم البعض. أخرج الرجل روايات تعبِّر عن الهوية، منها رواية «خرائط» التي تروي قصصَ اليتيم «عسكر»، الذي فقد والده في الحرب التي دارت بين الصومال وإثيوبيا، وتموت الأم كذلك عند ولادته، وتقوم بتربيته «مصرا» الإثيوبية. هنا يبدأ السرد من النهاية في رحلة البحث عن الهوية والذات. يسرد الراوي المكان وتجليات الحدث الذي أدَّى إلى العثور على «عسكر» عند الفجر، «حين أفشت المرأة سر عثورها عليك لبعض الجيران، تولى الرجال أمر دفن أمك، لاحظت «مصرا»، وهي تخلو بك، أن عينيك مشحونتان بالريبة.»١٩
هنا يستند الراوي على ضمير المتكلم في توصيل فكرة للمستقبل، وأخبار عن الماضي. والمكان الذي ينبغي أن يكونَ نقطةً للتلاقي، والتعايُش والتبادُل بين الجيران الأعداء، أضحى حربًا طاحنة، أسبابها متنوعة في ذهن من أشعَلَها. خادمة من إثيوبيا قدَّمت تضحيات للطفل «عسكر» الذي ينتمي إلى بيئة أخرى، أرضعته من صدرها، وذاق من حليب ثديها. يروي السارد من تاريخ الحرب وويلاتها، حيث تركت دمارًا نفسيًّا وثقافيًّا، نالت فيه المرأة نصيبًا من القهر والاعتقال بسبب هويتها المختلفة. حتى الأطفال تعرَّضوا للضياع عندما قُتل الآباء في المعارك، نزاع حقيقي في حرب ١٩٧٧م على إقليم أوغادين. المكان هنا واقعي، والشخصيات متخيَّلة في قالب سردي يروي حيثيات العلاقة بين «عسكر» والخادمة الإثيوبية، كما يسكب السَّارد تفاصيل الأحداث، ويمنحها دلالة ترمي بالذات تحميل الاستعمار مخلَّفات الصراع الأفريقي، وعدم إدراك النخب للمصير والآثار التي تخلفها الحروب، والنزاعات التي من المفروض أن تُحل بالحوار والاعتراف بالآخر. يعلو صوت «مصرا» في الرواية، وكأنها الصوت الوحيد المهيمن في المكان. يتحول السَّارد إلى «عسكر» في حوار يعيد الشخصيات المركزية للماضي والحاضر معًا، للمكان الذي وَجدتْ فيه «مصرا» «عسكر». بعد وجوده في مقديشيو، أصبح يدرك حقائق جديدة، العالم الذي أدخله إليه خاله «هلال وصلاتو»، حياته في مقديشو معهما، مدرسته هناك، والعالم الذي فتحته له. كان عالمًا يختلف عن العالم الذي فرض على تفكير «مصرا» في حرب الأوغادين.٢٠ وعيه جديد بالمكان واستحضار بالزمان، وإلمام بالفكرة القائمة من البداية، ينمو ذكاؤه وينخرط في العمل السياسي الراديكالي. يبدو أن القارئ النموذجي سيخرج بآراء كثيرة عن محتويات الرواية في الزمن الماضي والحاضر، وتأثير الأحداث التي عصفت بالقرن الأفريقي من خلال حربٍ لا طائل منها، سوى أنها تركت كدماتٍ وجروحًا نفسية في عقول الناس.

يبقى الروائي الغائب الحاضر في المكان، لكنه يعيد ترميم الأحداث، ويستنفر آليات السرد الروائي للحكاية عن جماليات المكان ودلالته، في حوار لا ينتهي بين شخصيات صَنَعت الحدث في بُعده الواقعي في الحرب، أو في بُعده الخيالي من خلال أدوار الشخصيات ومرامي السارد. يهيمن المكان على روايات «نور الدين فرح» الصومالي، تجليات المكان في الصراعات، والحرب الأهلية والديكتاتورية. الأماكن حاضرة بقوة في السرد بالتفصيل في جزئيات الأحداث، الزمان السردي بطيء نوعًا ما، والمكان فضاء حقيقي تتكرر فيه مقديشيو، كبؤرة الصراعات بين الإخوة الأعداء على الفكرة والقيادة. عودة الروائي «نور الدين فرح» للمكان أساسها استعادة المكان الضَّائع من جرَّاء الحروب وتركة الاستعمار، أو هكذا تبقى الرواية الأفريقية أسيرةً للتاريخ، والعودة مرة أخرى للمكان الذي أصبح مكبَّلًا من قِبَل كياناتٍ تهدد الهوية الجماعية، وتُحدِث الشرخ العميق في الذات.

إن المكان حقيقة معاشة، ويؤثر في البشر بنفسِ القدر الذي يؤثرون فيه، فلا يوجد مكان فارغ أو سلبي. ويحمل المكان في طياتِه قِيَمًا تنتج من التنظيم المعماري، كما تنتج من التوظيف الاجتماعي، فيفرض كلَّ مكان سلوكًا خاصًّا على الناس الذين يَلِجون إليه.٢١ لذلك بدأت الرواية الأفريقية تستوعب مستجدَّات الكتابة السردية في عالم منقسم، يتميز بالتشظي والانقسام. لغة الروائي دينامية ذات أسلوب، والغاية ليستْ محكومة بالنهايات المحددة؛ فالأمكنة التي تُروى منها الحكاية، كانت واقعية أو متخيَّلة، تبقى مفتوحة على الاحتمالات الممكنة. هنا لا يتوقف السرد عند بطولات الأبطال، والمبادئ الثابتة كما في الروايات التقليدية والحديثة؛ لأن أدب ما بعد المرحلة الاستعمارية أعاد الاعتبار للمنسي والمهمَّش والتاريخ، والتراث الشفهي الغني بالحكايات والأساطير الشعبية. وما يراهن عليه الروائي الأفريقي تغييرُ الصورة النمطية عن أفريقيا، عندما يقتحم القلعةَ الغربية من خلال الكتابة بلغة الرجل الأبيض. والمسألة الأخرى أن الهوية الأفريقية موجودة، توجب التنبيه إليها وإعادة تأهيل الذات لاستيعابها؛ فالزنوجة ثقافة وحضارة ممتدة في التاريخ العريق الذي عمِل الاستعمار على طَمسِها، كما يدرك الروائي الأفريقي الذي عاش في قلب الحضارة الغربية أن الاختلاف والمثاقفة أمران أساسيَّان في نهضة الإنسانية، عبر تبادل الرسائل الحضارية بين الشعوب والثقافات. أفريقيا مكوِّن غني بالأعراق والأمم التي انصهرت مع الأفارقة، وشيَّدت إضافة نوعية للقارة، رغم الصراعات والنزاعات التي لا تنتهي.
١  جورج لوكاتش، «دراسات في الواقعية»، ترجمة نايف بلوز، المؤسسة العامة للدراسات والنشر، الطبعة الثالثة، ١٩٨٥م، ص٢٥.
٢  علي شلش، «الأدب الأفريقي»، سلسلة عالم المعرفة، ١٩٩٣م، ص١٢٦.
٣  وول سوينكا، «إكيه … سنوات الطفولة»، ترجمة سمير عبد ربه، ص٩.
٤  سوينكا، «مات الرجل»، ص٣٨.
٥  علي شلش، «الأدب الأفريقي»، ص١٧١.
٦  علي شلش، «الأدب الأفريقي»، ص١٧٣-١٧٤.
٧  وول سوينكا، «موسم الفوضى»، ص٥.
٨  الطيب صالح، «موسم الهجرة الى الشمال»، دار العودة بيروت، الطبعة الثالثة عشر، ١٩٨١م، ص٤٢.
٩  خالد محمد غازي، «الطيب صالح: سيرة حياة»، وكالة الصحافة العربية، ناشرون، ٢٠١٥م، ص٥.
١٠  تشينو أتشيبي، «كثبان النمل في السافانا»، ترجمة فرح الترهوني، سلسلة إبداعات عالمية ٢٠٠٢م، عدد ٣٣٩، ص٤٣.
١١  علي شلش، «الأدب الأفريقي»، ص١٦٥.
١٢  تشينو أتشيبي، «أشياء تتداعى»، ص١٩٠.
١٣  تشينو أتشيبي، «أشياء تتداعى»، ص١٩٥.
١٤  تشينو أتشيبي، «أشياء تتداعى»، ص١٤٥.
١٥  تشينو أتشيبي، «أشياء تتداعى»، ص١٩٦-١٩٧.
١٦  تشينو أتشيبي، «أشياء تتداعى»، ص١٩٨.
١٧  تشينو أتشيبي، «أشياء تتداعى»، ص٢١٣.
١٨  علي شلش، «الأدب الأفريقي»، ص١٦٧.
١٩  نور الدين فارح، «خرائط»، ترجمة سهيل نجم، منشورات الجمل، الطبعة الأولى، ٢٠٠٥م، ص١٥.
٢٠  نور الدين فارح، «خرائط»، ص٦٨-٦٩.
٢١  سيزا قاسم وآخرون، «جماليات المكان»، ص٦٣.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤