الفصل السابع والعشرون

بسيخة المهجورة أمام قصر أيروس

صورة للفنان كلود لوران Claude Lorrain (١٦٠٠–١٦٨٢م) رسمها سنة ١٦٦٤م، وهي محفوظة مع مجموعة لويد. ولوران رسام فرنسي عُرف بروحه الشاعرية في تصوير المناظر الطبيعية. وُلد بالقرب من مدينة نانسي، وتدرَّب في بداية حياته على طهي الحلوى، ثم سافر إلى إيطاليا حوالي سنة ١٦١٣م وعمل هناك (جرسونًا) عند الفارس داربينو ومصوِّر المناظر الطبيعية أجوستينو تاسي الذي رعاه وسمح له بالتتلمذ عليه (من سنة ١٦٢٠م حتى سنة ١٦٢٥م)، واتخذه بعد ذلك مساعدًا له. وذاعت شهرته في رسم المناظر الطبيعية ابتداءً من سنة ١٦٣٠م، وكان تأثير «تاسي» وأقطاب المدرسة (المانيرية) (راجع ما ذكره عنها في ترجمة برنيني) مثل ألزهيمر والأخوين بريل لا يزال واضحًا عليه؛ فقد كان يواصل تراث هذه المدرسة في تقسيم اللوحة إلى مساحات يلوِّن الأمامي منها بالبني الميال إلى الاخضرار الكابي، والأوسط بالأخضر الفاتح. والبعيد بالأزرق مع اللجوء (للكواليس) أو الأشجار والأنهار والتلال والأحراش على جانبَي الصورة لخلق الإيحاء بالمكان غير المتناهي. وقد ظلَّ التكوين عنده ثابتًا لا يكاد يتغيَّر؛ كتلة ضخمة من الأشجار على جانب من الصورة، توازنها كتلة أقل حجمًا على الجانب الآخر، ومساحة الوسط يشغلها ملمح صغير يمكن أن يكون جسرًا أو قصرًا أو مزرعة، ثم المساحة البعدى التي يشغلها عند طرف الأفق البعيد الغارق في الضوء الذهبي أشجار وتلال وأنهار، وحتى صوره التي رسمها للبحر والموانئ والشحن … إلخ. لم يتغيَّر فيها التكوين الذي زاد عليه تصوير انعكاسات الضوء على الماء، أو إضافة أشكال بشرية صغيرة تبدو كما لو كانت جزءًا من الطبيعة، أو مستغرقة بمآسيها وأحزانها في لا نهائية الضوء والفراغ وشاعرية الرؤية (مثل شخصية بسيخة التي تراها في هذه الصورة ضائعةً وحيدة).

(١) بيير جان جوفيه (Pierre Jean Jouve) (١٨٨٧م–…)

وُلد الشاعر الفرنسي في مدينة أراس، وتحوَّل إلى الكاثوليكية منذ سنة ١٩٢٤م. كتب الشعر والرواية والقصة القصيرة، وله ترجمات عديدة ودراسات عن الرسامين الفرنسيين في القرن التاسع عشر مثل ديلاكروا وكوربيه وميريون. تأثر في أفكاره وكتاباته بالشاعر والمتصوِّف الإسباني (القديس) سان خوان ديلا كروز (١٥٤٢–١٥٦٣م)، وبمؤسِّس التحليل النفسي الفيلسوف فرويد. وقد شاهد الشاعر لوحة كلود-لوران في باريس، كما شاهدها في معارض عديدة لروائع الفن الفرنسي.

«بسيخة المهجورة أمام قصر أيروس»

أيها الجمال الأخضر! أيمكن أن تموت؟
نور الحزن حريق مظلم فوق البحر،
ينداح مع المراعي الخضراء.
مَرَدة يتفكرون في ثنايا أشجارهم الملتفة
التي لا تنسى،
والجبال الصخرية تتلاشى،
ويسود مذاق الموت المتميِّز،
وحش البحر المفعم بالأسرار،
السيل العاري ذكرى خالدة في القلب،
يحرِّك الوحش الأخضر في الصدر
الذي تشقه على البعد أشرعة علامات بيضاء،
وبسيخة مركب معتم مملوء بالوعود،
بيدَين مرتخيتَين، بقدمَين مثلجتَين في العشب،
تجلس مع خِرافها الهائمة هنا وهناك،
المنهمكة في التهام يأس المراعي.
وانظروا؛ وحش، قسوة على هيئة مبنًى،
قصر الدفء العطر الليل والظلال،
كوم ركام الحب وقد نزل عليه عقاب الصاعقة،
كهف الإبْطين الأسود حيث يقيم
ذلك الذي أحبَّته، الخائن ذو العين الجميلة كاللؤلؤة،
ذو الأعضاء التي يتصاعد منها الدخان على الدوام،
وذو التنين
المغطَّى بالدم، بالصمغ، بالدموع،
ذلك الذي أحبَّته! والذي خرق المركب البديع.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤