الفصل التاسع والعشرون

إعدام الثوار

صورة للفنان الإسباني فرانشسكودي جويا (Goya)(١٧٤٦–١٨٢٨م)، ترجع إلى سنة ١٨١٤م، وتوجد اليوم في متحف البرادو في مدريد.

توصف الصورة أيضًا باسم (٢ مايو ١٨٠٨م)، وهي تُصوِّر مع توأمها — ٣ مايو ١٨٠٨م — كوارث الحرب وفظائع جنود نابليون الذي اجتاح إسبانيا سنة ١٨٠٨م، وخلع ملكها فرديناند السابع عن عرشه ليضع مكانه شقيقه يوسف بونابرت! عُرف «جويا» في تاريخ الفن بأنه آخر الكبار وأول المحدثين. وقد بدأ أعماله الأولى متأثرًا برسوم «تيبولو» الحائطية، بينما تأثَّرت لوحاته للبورتريه أو الوجه الإنساني بالفنان «منجز» وفناني البورتريه الإنجليز في القرن الثامن عشر.

غير أن دراسته لأعمال المصوِّر الإسباني بيلاسكويز — الذي خلفه جويا في عمله كمصور للبلاط الإسباني — قد عمَّقت أسلوبه المتميِّز باستيطان النفس ومشاعرها وهواجسها، وانتهت به إلى نوع مبكر من التأثرية؛ ولهذا كان له أكبر الأثر على المصوِّرين الفرنسيين في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وخصوصًا على «مانيه». والمهم أن الصورة تصوِّر إعدام الفلاحين الإسبان الذين ثاروا على الحكم الفرنسي رميًا بالرصاص في مدريد في فجر اليوم الثاني من مايو سنة ١٨٠٨م.

(١) إريك كنودسن (Erik Knudsen)

وُلد الشاعر سنة ١٩٢٢م في سلاجيلز، من أعمال الدنمرك. كان أبوه معلمًا، واشتغل مثله بالتعليم. كتب الشعر والمسرحية والمقال، وقصيدته التالية نُشرت في مجموعة شعرية صدرت سنة ١٩٥٨م.

«نظام العالم»

ضعوا الأصابع في الأفواه! أغمضوا العيون!
لن يجديكم هذا شيئًا!
الموت يصيب، الموت تحالف مع الليل،
هذا الليل الثلجي الأعمى،
الذي لا يشي بشيء، ولا يلد غير اعتقالات جديدة،
باسم النظام المقدس.
البعض عليهم أن يقتلوا. والبعض عليهم أن يموتوا.
وهؤلاء وأولئك لا يتغيَّرون.
وهنالك دائمًا إله، يزيل آثار الدماء،
ويسطع نوره دائمًا فوق أرض النسيان.
البعض عليهم أن يموتوا،
البعض عليهم أن يحلموا
زمنًا أطول من الزمن
الذي تستغرقه طلقة بندقية.
وثمن الحلم هو هذه الليلة،
هذه اللحظة على الضوء الوحشي للمصباح،
حيث يتحطَّم العالم في صرخة.

(٢) مانويل ماتشادو

انظر ترجمته مع صورة «الربيع» لبوتيتشيللي. والقصيدة الآتية من مجموعته الشعرية التي ظهرت في برشلونة سنة ١٩٤٠م بعنوان «شعر»، وقد كتبها سنة ١٩١٠م.

«إعدام الثوار»

شاهد ما حدث … الليل الأسود، نار الجحيم …
عفن تنبعث رائحته من الدم والبارود والصراخ والأنين،
وأذرع مُمَدَّدَة في هذا الدَّوِي؛
لتعبِّر عن آلام مهولة.
على الأرض مصباح لا يكاد يضيء،
نوره الأصفر ينشر الرعب،
صف البنادق المُوَجَّهة في وحشية ورتابة،
لا تكاد العين تراه.
نواح، لعنات .. قبل صدور الأمر بإطلاق النار
يتسع الوقت لأحد الرهبان لكي تتردَّد كلمته الورعة،
لكن أقصى ما يستطيع تبليغه،
هو أن من الصعب إرضاء الله.
الضحايا المُقَدَّمون للموت تثور نفوسهم غضبًا.
رموش عيونهم مفتوحة على اتساعها،
لحمهم الأبدي يناول الأرض التحية.

(٣) فالترباور (Walter Bauer)

وُلد الشاعر سنة ١٩٠٤م في بلدة ميرزيبورج الواقعة على نهر الزالة. كان أبوه عاملًا، واشتغل من سنة ١٩٢٩م إلى سنة ١٩٣٩م بالتعليم في المدارس الابتدائية، ثم جُنِّد في الحرب العالمية الثانية. هاجر سنة ١٩٥٢م إلى كندا حيث زاول مهنًا مختلفة، وأقبل على الدراسة إلى أن أصبح أستاذًا بجامعة تورنتو. كتب الشعر والرواية والقصة، خصوصًا عن حياة المصوِّرين الكبار من أمثال فان جوخ، مايكل وجورجون ومايكل أنجلو، ورمبرانت، وجويا، كما كتب التمثيليات الإذاعية وقصص الأطفال. نُشرت قصيدته التالية الثاني من مايو في مجلة الأدب والرسم التي تصدر في مدينة هيدلبرج في يناير سنة ١٩٧٣م.

«الثاني من مايو»

«الثاني من مايو»: الرجل ذو القميص الأبيض،
مثل المشعل المحترق، المتصلب،
قبل أن يهوي في الليل،
هكذا تموت الثورة، وهكذا يموت الشعب.
لأجل أي شيء؟
إنه يموت. لأجل أغلال جديدة. انظر إلى الصورة.
جويا المبصر والرائي. الرسام عين،
والنظرة المفتوحة، الباردة، القادرة مع ذلك دائمًا
على امتصاص كل شيء،
تتبعها اليد التي تُوزِّع الضوء والليل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤