الفصل الثالث

أبولو بلفيدير

من أعمال الفنان ليوخاريس، حوالي سنة ٣٤٠ قبل الميلاد. نسخة من المرمر محفوظة في متحف الفاتيكان. استوحاها الشعراء:

(١) فرانز تيريمين

وُلد سنة ١٧٨٠م في جرامزوف، أوكرمارك، ومات سنة ١٨٤٦م في برلين. كان واعظًا وعالمًا في اللاهوت وأستاذًا بجامعة برلين، وربطت الصداقة بينه وبين الأديبَين آدم مولر وهينريش فون كلايست.

ألَّف عدة كتب في الخطابة والدعوة والإرشاد الديني، كما كتب بعض القصص والمرثيات عن أعمال من النحت القديم التي نهبها نابليون، وأمر بإرسالها من روما إلى باريس (حوالي سنة ١٨٠٨م، وهي السنة نفسها التي كُتبت فيها القصيدة).

«أبولو الفاتيكان»

يا قائد الجَوقة السماوية،
أحييك يا أبولو!
بينما يضفي عليك الجلال الأوليمبي نبل الشباب،
وتحدِّق عيناك في الفساد، ويعقد الغضب شفتَيك،
ويحيط الشعر الملتف جبينك بالتاج الرائع،
ويرق حوله الصفاء الأثيري بالسلام الخالد،
تتقدَّم نحونا، سواء بعد أن قتلت نسل التنين،
أو بعد أن أشعلت فيك توسُّلات لاتونا١
نار الغضب الإلهي،
فثأرت لأمومتها من أبناء «نيوبه».

(٢) جمباتستا مارينو (Giambattista Marino)

وُلد سنة ١٥٦٩م في نابولي ومات بها سنة ١٦٢٥م بعد أن قضى في سجونها سنوات من عمره. عاش في فرنسا من عام ١٦١٥م إلى عام ١٦٢٣م، وهو أهم ممثلي الحركة الأدبية التي أُطلق عليها اسم «المارينية»، وكان لها تأثير كبير على الأدب الأوروبي في عصر الباروك، وكذلك على الرسم والرسامين مثل نيقولا يوسان (١٥٩٤–١٦٦٥م) كتب الشعر الملحمي والغنائي، كما ألَّف عددًا كبيرًا من القصائد عن صور ولوحات شاهدها في المجموعات الفنية أو اقتناها وضمها لمجموعته الخاصة، وظهر بعض هذه القصائد سنة ١٦٠٢م، ثم صدرت كاملةً سنة ١٦١٩م في ديوانه «المعرض الفني» الذي طُبع بعد ذلك في البندقية سنة ١٦٢٦م تحت عنوان «المعرض الفني للفارس مارينو»، واحتوى المجلد الثاني منه على هذه القصيدة. ويشير السطر الثاني من القصيدة إلى جزيرة «ديلوس»، وهي إحدى الجزر في البحر الإيجي، ويُقال إنها كانت موطن أبولو. أمَّا «نيوبه» التي يرد ذكرها في السطر العاشر فتروي الأسطورة أن الآلهة قرَّرت أن تعاقبها على غرورها واستعلائها، فسلَّطت عليها الإله أبولو — رامي السهام التي لا تطيش! — فأصاب جميع أبنائها في مقتل، وحزنت الأم وظلَّت تبكي حتى تحوَّلت إلى حجر … (انظر التحولات لأوفيد، ٦، من السطر ١٤٨ إلى ٣١٢).

«أبولو بلفيدير»

ما أجملَه وأحبَّه إلى القلب!
رامي القوس من المرمر، هذا الإله من ديلوس،
كم هو وحشي الغضب وثائر!
يبدو عليه أنه يهدِّد،
وأنه يطلق من الغضب والانتقام بعينَيه الجميلتَين،
أكثر ممَّا يُطلق من السهام بيدَيه.
ولو لم ينزع ورع الكهنة منه سلاحه،
ويجرِّده من قوسه وسهامه،
لخافت منه نيوبه، وهو من الحجر،
مع إنها قد تحوَّلت إلى حجر جامد.

(٣) جيمس طومسون (James Thomson)

وُلد الشاعر الإنجليزي سنة ١٧٠٠م في «أدنام» بمقاطعة «روكسبور جشاير»، ومات سنة ١٧٤٨م في «ريتشموند» بمقاطعة ساري. كان أبوه قسيسًا اسكتلنديًّا. كتب الشعر النقدي الساخر والملحمة المسرحية وشعر الطبيعة (ومن أشهره «الفصول» التي لحَّنها هايدن). سافر في رحلة إلى إيطاليا سنة ١٧٣٠م، وشاهد التماثيل وأعمال النحت القديم ووصفها في كثير من أشعاره. كتب قصيدته عن أبولو بلفيدير سنة ١٧٣٦م، ونُشرت مع أشعاره الكاملة التي أشرف على تحقيقها وإصدارها ج. ل. روبرتسون، لندن، ١٩٦٥م، ص٣٦٢.

و«بيثون» الذي يُذْكَر في السطر الأول من الأصل والثاني من التعريب هو التنين الذي قتله أبولو، وتجد تفاصيل الأسطورة في تحولات أوفيد، ١، السطر ٣٤٨ وما بعده.

«أبولو بلفيدير»

مبتهجًا بالنصر على «بيثون»،
فلقد أردى هذا التنين،
ويجيء ومعه جعبته،
والجعبة ملأى بسهامه.
جميل في وقفته ويمدُّ ذراعه،
بالقوس تدلَّت من يده،
وخفيفًا ينسدل رداؤه.
يكشف عن جسد رائع،
وفتيٍّ ناعم،
وكأن شباب الآلهة
تتموَّج في الخد الناصع.
لكن حماس البطل
يفور ويدفئ وجهه،
والوجه حليق لامع،
يسمح بعذوبة بسمة،
والبسمة سمحة،
مُزِجت بالفرحة،
من أجل النصر،
فإذا ما مرَّت فوق الجبهة
نذر الشر؛
فهي الحكمة وجلال القدر!

(٤) جورج جوردون لورد بيرون (George Gordon Lord Byron)

هو الشاعر الرومانتيكي الإنجليزي الأشهر، وُلد سنة ١٧٨٨م في لندن، ومات في ميسولونجي ببلاد اليونان سنة ١٨٢٤م. سافر سنة ١٨٠٩م إلى إسبانيا وبلاد اليونان، ثم اضطُر — بعد فضائح عديدة — إلى مغادرة بلاده والإقامة في إيطاليا، وخصوصًا في روما. اتجه في سنة ١٨٢٣م إلى اليونان ليساند الثورة على الحكم التركي، وأُصِيب بحمى الملاريا ومات كما تقدَّم سنة ١٨٢٤م. كتب الملاحم الشعرية والمسرحيات والشعر الغنائي العذب المؤثِّر والأشعار النقدية الساحرة.

وقصيدته هذه «أبولو في الفاتيكان» التي كتبها سنة ١٨١٧م، مأخوذة من أناشيده المعروفة باسم «أسفار تشايلد هارولد»، النشيد الرابع، المقطع التاسع والأربعون. راجع كذلك مؤلفات بيرون الشعرية الكاملة، لندن ١٩٦١م، ص٢٤٨.

«أبولو في الفاتيكان»

انظر هنالك للإله لا يخطئ قوسه،
الذي تعنُّ له الحياة والشعر والنور.
(انظر) للشمس السارية الدفء بجسد بشري،
والوجه المشع بفرحة الانتصار.
السهم انطلق لتوه
كي يثأر ثأر إله خالد،
في العين وفتحتَي الأنف غرور فاتن،
وبريق القوة والجمال يسطع من كل شيء فيه،
ويجلو الألوهية في توهج تلك النظرة الواحدة.

(٥) فريدريش هيبل (Friedrich Hebbel)

وُلد الشاعر النمسوي سنة ١٨١٣م في فيسلبورن في منطقة ديتمارشن، ومات سنة ١٨٦٣م في فيينا. كان أبوه من عُمَّال البناء. قام برحلات طويلة إلى الدنمارك وفرنسا وإيطاليا قبل أن يستقر في فيينا سنة ١٨٤٦م، ويُعرَف كواحد من أكبر شعرائها المسرحيين.

نُشرت قصيدته عن أبولو بلفيدير التي كتبها في روما سنة ١٨٤٥م في المجلد الرابع من طبعة أعماله الكاملة التي نشرها ي. م. فيرنر نشرًا تاريخيًّا محقَّقًا، وظهرت في برلين سنة ١٩١٣م.

من كان جميلًا مثلك فليحطِّمك ذات يوم!
هكذا قال المعلم بعد أن أكمل صنعك،
ووقف أمامك يُعشي عينَيه بريقُك،
ولم يكن يخسر شيئًا بكلامه.
فأيًّا كان الذي أرسلته الطبيعة الحسود،
منذ نشأت وسوَّى خلقك،
فلقد كان انتصاره ينتهي دائمًا هنا،
وما من شاب وقف أمامك إلا وهو متردِّد.
أجل! لو أمكن في المستقبل أن يأتي أحد
يشبهك، ومع ذلك يقدر أن يكرهك،
فلن يمكنه أبدًا أن يكفِّر عن نزوته؛
إذ لن يتناول الفأس بيده
حتى يتركها تسقط منه؛
كي لا يقضي بالقبح البشع على نفسه.

(٦) فيلهلم فايبلنجر (Wilhelm Waiblinger)

وُلد الشاعر الألماني سنة ١٨٠٤م في مدينة هايلبرون، ومات سنة ١٨٣٠م في روما. درس اللاهوت (أصول الدين) في معهد توبنجن الديني المشهور الذي سبق أن تعلَّم فيه الشاعر هلدرلين والفيلسوفان هيجل وشيلنج. تتلمذ على الشاعر وجامع الكتب والحكايات الشعبية جوستاف شقاب، وجمعت الصداقة بينه وبين الشاعر الأديب إدوارد موريكه. كتب القصص والأشعار، كما كتب عددًا كبيرًا من القصائد عن صور ولوحات فنية شاهد معظمها في روما، وطُبعت سنة ١٨٢٩م. وقد نُشرت هذه القصيدة مع قصائده التي كتبها في إيطاليا وأشرف على إصدارها أ. جريز باخ، ليبزخ، سنة ١٨٩٣م، الجزء الثاني، ص٥٠.

«أبولو بلفيدير»

أيها المنتصر الإلهي، أساخط أنت،
ووجهك يشتعل بنيران الغضب؟
الآن العالم الأفضل؛
لأن الأوليمب ضاع منك؟
آه! ربات الفنون يتجنَّبن طريقك؛
لأن غضبك عاتٍ جبار.
آه! والجنس الفاسد لا يرعى أبولو،
ولا يحميه.
١  لاتونا أوليتوهي هي أم أبولو وأرتيميس اللذَين وُلدا لها من زيوس على أرض جزيرة ديلوس.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤