الفصل الحادي والثلاثون

ميناء جرايفسفالد

يُعد كاسبار دافيد فريدريش (Caspar David Friedrich) (١٧٧٤–١٨٤٠م) من أكثر مصوِّري الطبيعة تعبيرًا عن الروح الرومانطيقية الألمانية بوجه خاص، والأوروبية بوجه عام.

تعلَّم في كوبنهاجن ومنعه الخوف من زيارة إيطاليا خشية ألَّا يغادرها أبدًا إن وقعت عينه على روما! اهتمَّ بالتعبير عن تأثير الضوء وتغيُّر الفصول، ويوشك إحساسه بصمت الغاية وسكينتها ألَّا يكون له نظير، اللهم إلا عند «ألتدورفر» (١٤٨٠–١٥٣٨م) الذي صوَّر الغابات وغمرها بعاطفته وشاعريته قبل عصر الرومانطيقية بزمن طويل.

عرض لوحته «صليب في الجبال» سنة ١٨٠٨م، فأثارت الجدل حول صلاحية المناظر الطبيعية للتعبير عن الموضوعات الدينية. والواقع أن صوره تشف عن روح دينية وإن لم تقصد مباشرةً إلى الرموز والشخصيات الدينية، ومعظمها محفوظ في متحف مدينة درسدن التي قضى فيها معظم حياته. أمَّا هذه الصورة فهي محفوظة بالمتحف الأهلي ببرلين الغربية. وقد رسمها فريدريش حوالي سنة ١٨١٠م.

(١) داجمار نك (Dagmar Nick) (١٩٢٦م–…)

وُلد الشاعر الألماني في مدينة برسلاو، ويعيش منذ سنة ١٩٣٣م في برلين. درس بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في ميونيخ علم النفس وعلم الخطوط. نشر أربع مجموعات شعرية وثلاث مجموعات من المقالات، وله مسرحيات إذاعية وترجمات مختلفة. وقد نُشرت هذه القصيدة أول مرة في كتاب الأستاذ جيسبرت كرانس: قصائد عن صور، مختارات شعرية ومعرض فني، ميونيخ، دار نشر كتاب الجيب، ١٩٧٥م، ص٢٠٥.

«ميناء جرايفسفالد»

المراكب ساكنة، أمواج صغيرة
تطرق على ألواحها.
المساء يرسل أنفاسه من البحر،
الذي تتقطَّر في مياهه ألوان صفراء.
الساعة المتأخِّرة تجعل الأمور عسيرة.
الرائحة وحدها لا تزال تسبح في الهواء،
رائحة غريبة يمتزج فيها الزيت بالقار،
وهي العلامة المميزة لكل ميناء.
تحت الأشرعة المطوية تنعس القوارب،
أسكرها غروب الشمس فراحت تعانق الأحلام.
ومن مكان بعيد تتردَّد أصداء ضحك وغناء،
والأنغام الهامسة المنبعثة من قيثارة
تتحسَّس بأجنحتها الخفيفة طريق الشاطئ الطويل.
ومن السحب التي أخذت تذبل ويكسوها الشحوب
تستدير الريح مبتلةً بالبحر؛
لتوازن نفسها وهي تعض الصواري.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤