الفصل السادس والثلاثون

صلح

figure
حَفر على الخشب للفنان التعبيري فرانز مارك (١٨٨٠–١٩١٦م).

(١) فرانز مارك Franz Marc

وُلد سنة ١٨٨٠م في مدينة ميونيخ، حيث قالت جماعة الفارس الأزرق التعبيرية التي كان أحد أعضائها المؤسسين مع كاندنسكي وأوجست ماكيه وفَيننجر وغيرهم. ظلت الحيوانات هي موضوعاته الرئيسة، واشتهر برسم الحصان حتى أصبحت تنويعاته المختلفة على الحصان الأزرق من أبدع وألمع أعمال التصوير في الفن الحديث. تأثر في بداية حياته — مثل بقية الفنانين التعبيريين — بالحركة التأثرية والتجريدية في فرنسا، والتقى سنة ١٩١٢م في باريس بالفنان التكعيبي ديلوتاي (١٨٨٥–١٩٤١م)، فاتجهت أعماله الأخيرة — ومنها اللوحة المنشورة — نحو المزيد من التجريد، وهو تجريد تكسوه مَسحة صوفية وكونية تلفُّه في غلالة رمزية وشعرية، وتبعده عن النزعة الشكلية والهندسية بقوة التعبير وعاطفته الكامنة فيه. سقط قتيلًا في الحرب العالمية الأولى في معركة «فيردون»، ويحتفظ متحف مدينة ميونيخ بمعظم أعماله (لاحظ أن الشاعرة التي استوحت رسمه من أهم أعضاء الحركة التعبيرية الألمانية في الشعر والمسرح؛ ألَا وهي الشاعرة).

(٢) إلزه لاسكر شولر (Else Lasker Schuler)

وُلدت سنة ١٨٦٩م في فوبرتال-إلبرفيلد، وهاجرت سنة ١٩٣٣م — مع بداية الطغيان النازي — إلى مدينة القدس، وماتت فيها في يناير سنة ١٩٤٥م بعد أن قاست أمرَّ آلام الفقر والبؤس. جمعت أواصر الصداقة بينها وبين كبار الأدباء التعبيريين من أمثال دويبلر، وجورج تراكل، وجوتفريد بن. يتحد في كتاباتها الخيال الحي المتوهِّج مع حب الطبيعة، والولاء للثقافة الألمانية والديانة اليهودية التي تنتمي إليها. وقد استطاعت قصيدتها — التي نُشرت مع أشعارها الكاملة سنة ١٩٦٦م في دار النشر كوزيل بميونيخ — أن تعكس الجو التعبيري والروحانية الكونية التي تميِّز اللوحة الأصلية، بجانب تكثيف الإحساس بالوحدة والتعاسة والإرهاق والحنين إلى المستحيل، وكلها توحي بطابع التعبيرية في الفن التشكيلي والأدب على السواء.

«صلح»

سيسقط في حِجري نجم هائل ..
نريد الليلة أن نسهر سهرًا،
أن نتعبَّد بلغات
قُدَّت من نغم القيثارة سرًّا.
تعالَ الليلة نتصافى،
وسيغمرنا الله بنعم ثرَّة.
قلبي مع قلبك
طفلان اشتاقا للراحة
في حِضن النوم الحلو المرهق،
تاقا للقبلات،
فلمَ تتردَّد، ولمَ الحيرة؟
آه يا حبي،
أفلا يتجاور مع قلبك قلبي،
أولا يصبغ دمُك الفائر
خدِّي حمرة؟
تعالَ الليلة نتصالح،
لو نتعانق
لامتنع علينا الموت،
وزالت شوكته المرَّة،
ولسقط النجم الهائل
في حِجري مرَّة ..

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤