الفصل الرابع

تمثال النصر (نيكا) في ساموثراكا

تمثال من المرمر، يرجع تاريخه إلى سنة ١٩٠ قبل الميلاد، نحته مثَّالون من جزيرة رودوس. متحف اللوفر بباريس.

(١) هايو يابيه (Hajo Jappe)

شاعر ألماني وُلد سنة ١٩٠٣م في مدينة البنج، ودرس الأدب الحديث وتاريخ الفن. نشر — بجانب مقالاته ودراساته العلمية في الأدب والفن — حوالي اثنتَي عشرة مجموعةً شعرية ضمَّنها عددًا كبيرًا من قصائد الصور. وقد ظهرت هذه القصيدة التي كتبها سنة ١٩٥٠م في ديوانه «رحلة إلى روما» الذي صدر في السنة نفسها لدى الناشر «ميران».

«إلهة النصر نيكا»

هل قُيِّدتِ على هذه القاعدة؟
الشمس تلعب فوق الصدر اللاهث الأنفاس.
ثنية الركبة تنفذ خلال الثوب
الذي يتراجع للوراء وقد نفخته الريح،
وكأن على القدمَين، وقد لفظتهما الأرض،
أن يطيرا حتى يبلغا الشواطئ
التي يدور حولها القتال،
حتى لو فُقد جناحاها
فستنتصر؛
لأنها وُلدت لتطير
ولو دون جناح …

(٢) إيلين جلينيس (Ellen Glines)

شاعرة هولندية لم أستطع للأسف أن أجد أي معلومات عنها فيما بين يدَي من مراجع ومعاجم عن أدباء العالم. وقد ظهرت هذه القصيدة في مجموعة شعرية خصَّصها ناشرها ج. تيديستروم لقصائد الصور، وصدرت سنة ١٩٦٥م في مدينة لوند.

«آلهة النصر في ساموثراكا تخاطب مشوَّهي الحرب العالمية»

عرفتُ لعنةَ الجسد
ولعنة الإرادة …
ورأسي الذي قُطِع
طارت به الرياح ..
جرَّبتُ ما جرَّبت من مرارة الحتوف،
لكنما قد عجزت
عن قتلي السيوف!
ولم يزل لديَّ ما يضمن لي النجاة.
هذا الجناح …
والجناح …

(٣) رابيه إنكيل (Rabbe Enekell)

شاعر ورسام فنلندي. وُلد سنة ١٩٠٣م في مدينة تاميلا، ونشر مجموعات ومسرحيات شعرية، كما ظهرت له كتابات نثرية باللغة السويدية. نُشرت قصيدته عن إلهة النصر في ساموثراكا في ديوانه الذي صدر سنة ١٩٣٥م في هلسنجفورس، ص٥٣.

«إلهة النصر في ساموثراكا»

لا الشقاء الذي يلبس حذاء التراب،
ولا نشوة الانتصار،
بل لهب النيران الخجول من ضوء النهار،
وازدهار الأشياء،
هي خطوة «نيكا» الخفيفة،
تفوح بعطر الأرض،
تتقد بنار زرقاء،
والروح تخفي لهيبها في النور،
و«نيكا» تطير إلى هناك
في ثوب الريح.

(٤) زبجنييف هيربرت (Zbignieiv Herbert)

وُلد الشاعر البولندي سنة ١٩٢٤م في «ليمبيرج»، ودرس الحقوق والفلسفة في عدة جامعات بولندية، ثم اشتغل فترةً من الزمن بالتحرير الصحفي، إلى أن عُيِّن سنة ١٩٧٠م أستاذًا للأدب الأوروبي في جامعة لوس أنجلوس. نشر أربع مجموعات شعرية، ومسرحيات، وتمثيليات إذاعية، وكتابًا عن أسفاره ورحلاته في فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وبلاد اليونان.

ويلاحظ النقاد أن قصائده تحاول أن تجرِّد الأساطير القديمة والحديثة من سحرها الأسطوري باسم العقل والعقلانية. ظهرت قصيدته التالية «إلهة النصر نيكا عندما تتردَّد» في ديوانه: «نقش قصائد على مدى عشر سنوات»، الذي صدر في ترجمة ألمانية عن دار النشر زوركامب في مدينة فرانكفورت على نهر الماين سنة ١٩٦٧م، ص٣٢–٣٣.

«إلهة النصر «نيكا» عندما تتردَّد»

تكون في أبهى جمالها
عندما تتردَّد،
مستندة بيمناها على الهواء،
رائعة كأمر صارم،
بينما يرتجف الجناحان،
تنظر فترى الفتى الوحيد
يتبع أثر العربة الحربية،
ويقطع الطريق المقفر
في الأرض المقفرة
المليئة بالصخور،
وشجر العرعر العاري.
الفتى على وشك أن يموت،
كفة قدره،
قد ثقلت فعلًا.
تشتعل الرغبة فيها؛
أن تقترب منه،
وتقبِّل جبينه،
لكنها تخشى
— وهو الذي لم يجرِّب أبدًا
عذوبة العناق —
تخشى لو عرفها
أن يهرب من المعركة
كما هرب سواه.
وهكذا تتردَّد «نيكا»،
وتقرِّر أن تبقى على وضعها
الذي علَّمه لها المثَّالون،
خجلة من لحظة التداني.
إنها تعلم
أنهم سيجدون الفتى في غبش الفجر،
مفتوح الصدر،
مُغْمَض العيون،
وتحت لسانه المتصلِّب
طعم الوطن الحِرِّيف.

(٥) فيرينا رينتش (Verena Rentsch)

شاعرة سويسرية، وُلدت في مدينة «بازل» (أوبال) سنة ١٩١٣م. كان أبوها معلمًا. درست العلوم التجارية والإدارية، وتقلَّبت في وظائف السكرتارية والمراجعة والتعليم والرعاية النفسية للعُمال. تزوَّجت من طبيب سنة ١٩٤٦م، وولدت ثلاثة أطفال. ظهرت لها مجموعتان شعريتان ومجموعة قصصية، ونشرت قصيدتها هذه في مجموعتها «زهور صحراوية»، التي صدرت في مدينة زيوريخ لدى الناشر فلامبيرج، ١٩٧١م، ص٤٤.

وقد كتبت القصيدة في شهر أبريل سنة ١٩٦٩م عندما تأمَّلت تمثال النصر — بعد إعجاب استمرَّ سنين طويلة — في تلك السنة، وكانت قد مرَّت بتجربة شخصية دفعتها إلى تسجيل رؤاها ومشاعرها في هذه الأبيات:

«إلهة النصر»

أي انتصار حزين تلعنينه،
أيتها الإلهة الحجرية
ذات الجناح المكسور؟
يا من تقفين بلا عينَين
ولا خدَّين
بين جدران متحف،
أسيرةً فوق مركب زائف.
أي انتصار حزين
تكتمينه عني
يا «نيكا»؟

(٦) أوليه ف. فيفيل (Ole F. Vivel)

وُلد الشاعر الدنماركي سنة ١٩٢١م في مدينة كوبنهاجن حيث درس الأدب وفاز في مسابقة أدبية عن رائد الرمزية في الشعر الألماني الحديث «ستيفان جئورجه». كتب الشعر والمقال، وأنشأ قصيدته الآتية عن إلهة النصر «نيكا» سنة ١٩٥٨م.

يُلاحَظ أن السطرَين الرابع والثاني عشر يُشيران إلى الصاروخ الحديث، وفي السطر الخامس والثلاثين وما بعده إشارة إلى جون فوستر دالاس وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية (١٨٨٨–١٩٥٩م)، وهارولد ماكميلان وزير خارجية بريطانيا، ثم رئيس وزرائها سنة ١٩٥٧م، وقائد حلف الأطلنطي لوريس نورستاد (من سنة ١٩٥٦م إلى سنة ١٩٦٢م)، أمَّا السطر ٤١ فيشير إلى ألبرت شفيتزر (١٨٧٥–١٩٦٥م) الفيلسوف ورجل الدين وعالم الموسيقى وعازف الأورغن والطبيب الناسك الذي وهب حياته لعلاج مرضى الجذام وغيرها من أمراض المناطق الحارة في المستشفى التي أسَّسها في الأحراش والغابات الأفريقية في «لامبارنيه».

«إلهة النصر «نيكا»»

العواصف عانقتك.
خطوت على البحر، في مقدم السفينة،
برداء رفاف حول نهدَيك.
لكن شقيقتك، ملكة مملكة الهواء،
تخترق السحب،
وهي تئز برعد جبار.
أنت يا حلم «رودس»،
يا ساطعةً في شمس الصبح،
حتى هذا المرمر يتحتَّم أن يسقط،
أن يُسحق ويصير غبارًا
بضربة واحدة،
من يد «نيكا» الجديدة.
مفرداتنا كانت مجهولةً لديك.
توازن الرعب، الحرب الشاملة،
الانتقام الرهيب،
وفتيات رودس، بناتك الورديات،
اللائي رقصن حولك بأقدام عارية،
يحدِّقن بنظرات لا تفهم شيئًا،
نظرات محتقرة،
في خشوعنا وتمتماتنا،
وسجودنا أمام مذبح «نيكا» الجديدة.
قاعدة الصواريخ،
من يعرف تلك الساعة
التي يتعطَّل فيها ضوء أزرق صغير؟
زرار التحكم أو أعصاب الرائد،
الذي نام نومًا سيئًا، وعانى من نكد النساء،
بل لم يخطر على باله احتمال الصدام،
و«نيكا» ترتفع في الظلام،
فائرةً فوران الشلال،
شلال العدم الراعد.
الاستغاثة لا جدوى منها.
الخبراء الجادون، أصدقاؤنا في حلف الأطلنطي،
فوستر دالاس، ماكميلان، الجنرال نورستاد،
ينصحون نصيحةً واحدة؛
لم تحسب حساب التطور،
بإقامة القواعد المختلفة
وقاذفات القنابل المختلفة
من النموذج أ، ب.
ألبرت شفيتزر يرحم أطفاله من أبناء الزنوج.
مكان في الغابة
(جحيم رطوبة،
يجعل من رجل هرم شيئًا عجبًا).
حيارى
لم يعد النور الساطع من «هيلاس»
يصل إلى أعيننا،
وما أهمية صراخ صيد أسير
وحرب الليل المُفْعَم بالقلق
على جلجثة (الجثمانية)١منذ زمن بعيد؟
١  حديقة تقع في مدينة القدس يزعم اليهود أنها مكان صلب السيد المسيح عليه السلام، ويُطلَق عليها أيضًا اسم «جشسماني».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤