أَبُو الْأَشْبَالِ يَصْطَفِي فِيلًا

لِسَبَبٍ مَا، اصْطَفَى مَلِكُ الْحَيَوَانَاتِ١ فِيلًا لِيَكُونَ جَلِيسَهُ وَنَدِيمَهُ وَأَمِينَ سِرِّهِ، وَانْطَلَقَتْ أَلْسُنُ أَهْلِ الْغَابَةِ تَلُوكُ الْخَبَرَ، وَتُعَقِّبُ عَلَيْهِ بِمَا يَعِنُّ لِأَصْحَابِهَا مِنْ آرَاءٍ وَمُلَاحَظَاتٍ، فَمِنْ قَائِلٍ: أنْ لَيْسَ لِلْفِيلِ مِنْ حُسْنِ الْمَنْظَرِ، أَوْ تَوَقُّدِ الذِّهْنِ، أَوْ سُرْعَةِ الْخَاطِرِ مَا يُحَبِّذُ هَذَا الِاخْتِيَارَ غَيْرَ الْمُوَفَّقِ.
وَقَالَ أَبُو نَوْفَلٍ،٢ وَهُوَ يُلَوِّحُ بِذَيْلِهِ تِيهًا وَعُجْبًا: «لَوْ كَانَ لِلْفِيلِ مِثْلُ هَذَا، لَكُنْتُ أَدْرَكْتُ سَبَبَ اخْتِيَارِهِ لِهَذَا الْمَنْصِبِ السَّامِي.»

وَقَالَ الدُّبُّ: «أَوَ لَوْ كَانَ لَهُ مِثْلُ مَخَالِبِي الْحَادَّةِ لَمَا كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْتَقِدَ هَذَا الِاصْطِفَاءَ.»

وَقَالَ الثَّوْرُ — وَهُوَ يَهُزُّ رَأْسَهُ مُحْتَجًّا: «أَظُنُّ أَنَّ صَاحِبَ الْجَلَالَةِ أُعْجِبَ بِنَابَي الْفِيلِ الطَّوِيلَيْنِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُمَا قَرْنَايَ.»

وَقَالَ الْحِمَارُ، بَعْدَ أَنْ نَفَضَ رَأْسَهُ فَاهْتَزَّتْ أُذُنَاهُ: «يُدْهِشُنِي أَلَّا أَجِدَ بَيْنَكُمْ، أَيُّهَا الرِّفَاقُ، مَنْ أَدْرَكَ أَنَّ لِلْفِيلِ أُذُنَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ كَهَاتَيْنِ … وَلِأَجْلِهِمَا اصْطَفَاهُ مَلِكُنَا الْمَحْبُوبُ!»

١  كُنية الأسد.
٢  كنية الثعلب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤