أديبات الأندلس

سبقت لنا كلمات خفيفة عن الأدب النسائي في الأندلس، وعدَّدنا أسماء بعض جواري عبد الرحمن الأوسط. وسنعدُّ الآن المشهورات من سائر أولئك الأديبات، فأولاهن وأولاهن بالتقديم، لُبْنَى كاتبة الخليفة الحكم المستنصر بالله — أي الناسخة — كانت تكتب الخط الجيد، نحوية شاعرة عروضية بصيرة بالحساب مشاركة في العلم لم يكن في مصرهم أنبل منها، وتوفيت سنة ٣٧٤، وقد عدها السيوطي في طبقات اللغويين والنحاة، وكانت تعاصرها حسانة التميمية بنت أبي الحسين الشاعر، والشاعرة الغسانية، وحفصة بنت حمدون، واشتهرت بعدهن عائشة القرطبية المتوفاة سنة ٤٠٠، ولم يكن في زمانها من حرائر الأندلس من يعدلها علمًا وفهمًا وأدبًا وشعرًا وفصاحةً، تمدح ملوك الأندلس وتخاطبهم بما يعرض لها من حاجة، ثم اشتهرت في آخر القرن الخامس مريم بنت أبي يعقوب الأنصاري الشاعرة المشهورة، وهي التي كانت تُعَلِّم النساء الأدب، وقد كثر … الأديبات في هذه المائة فكان فيها أم العلاء بنت يوسف الحجارية، والعروضية مولاة أبي المطرف بن غلبون اللغوي، وقد أخذت عن مولاها النحو واللغة وفاقته في ذلك وبرعت في العروض، وكانت تحفظ الكامل للمبرد والنوادر للقالي وشرحهما١ ويؤخذ عنها الأدب، وتوفيت سنة ٤٥٠، وولادة الأديبة الشهيرة المتوفاة سنة ٤٨٤، ومهجة القرطبية صاحبتها وتلميذتها، ونزهون الغرناطية البارعة، وحمدونة بنت زياد المؤدب التي يلقبونها بخنساء المغرب لقوة شعرها وسمو إبداعها، ولها شعر مطرب.٢ والعبادية والدة المعتمد، واعتماد حظيته، وبثينة بنته، وأم الكرام بنت المعتصم بن صمادح، وغاية المنى جاريته، وغيرهن، ثم اشتهر في أوائل القرن السادس الأديبة الشلبية، وأسماء العامرية، وحفصة الركونية وهي أديبة الأندلس في هذه المائة.

وانقطاع النساء عن آداب اللغة بعد القرن السادس على ما نرجح يكفي وحده دليلًا على أنهن إنما يشتهرن بذلك ويظهرن به حيث يكون الزمن ترفًا ونعمةً؛ لأنهن بعض الترف والنعمة، فمتى خشنت الأيام واضطرب حبل الفتن كان الأدب أول ما ينصرف عن تلك الخدور، كما أن أول ما يجف من أنواع الشجر الزهر!

هوامش

(١) نفح الطيب: ٢ / ٤٣٠.
(٢) نفح الطيب: ٢ / ٤٩١.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤