الشاعر الموسيقي فردي١

فتى العقلِ والنغمة العالِيَة
مضى ومَحاسنُه باقِيَة
فلا سُوقَةٌ لم تكن أُنْسَهُ
ولا مَلِكٌ لم تَزِنْ نادِيَهْ
ولم تَخْلُ مِن طِيبِها بَلدةٌ
ولم تَخْلُ من ذِكرِها ناحية
يكادُ إذا هو غنَّى الورى
بقافيةٍ يُنطِقُ القافية
يَتِيهُ على الماس بعضُ النُّحاسِ
إذا ضَمَّ ألحانَه الغالية
وتَحكمُ في النفس أوتارُهُ
على العودِ ناطقةً حاكية
وتبلغُ موضعَ أوطارِها
وتُفشِي سَريرتَها الخافية
وكم آيةٍ في الأغانِي له
هي الشمسُ ليس لها ثانية
إذا ما تَنادى بها العارِفون
قُلِ البرقُ والرعدُ من غادية
فإن همَسُوا بعدَ جهرٍ بها
فخفْقُ الحُلِيِّ على الغانية
لقد شاب «فردي» وجاز المَشِيبَ
و«عَيْدا» شَبِيبتُها زاهية٢
تُمثِّلُ مِصرَ لهذا الزمانِ
كما هي في الأعصُرِ الخالية
ونذكُر تلكَ الليالي بها
وننشُد تلك الرُّؤى السارية
ونبكي على عِزِّنا المُنقضِي
ونندبُ أيامَنا الماضية
فيا آل «فردي» نُعزِّيكمُ
ونبكي مع الأُسرةِ الباكية
فقَدْنا بمفقودِكم شاعِرًا
يَقِلُّ الزمانُ له راوية
١  الشاعر الموسيقي فردي: أحد أعلام إيطاليا العالميين، وقد توفي سنة ١٩٠١م.
٢  عيدا: رواية تمثيلية للفقيد.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤