ديوان الأطفال

مجموعة من الشعر السهل، نظمها لتكون للأطفال أدبًا وثقافة.

الهِرَّة والنظافة

هِرَّتي جِدُّ أليفة
وهْي للبيتِ حليفة
هي ما لم تتحرَّكْ
دُمْيةُ البيتِ الظريفة
فإذا جاءت وراحت
زِيدَ في البيتِ وصِيفة
شُغْلُها الفارُ تُنقِّي الرَّ
فَّ منه والسَّقيفة
وتقومُ الظهرَ والعصـ
ـرَ بأورادٍ شريفة
ومن الأثوابِ لم تمـ
ـلِكْ سِوى فروٍ قطيفة
كلما استوسخَ أو آ
وَى البراغيثَ المُطِيفة
غسَلتْه وكوَتهُ
بأساليبَ لطيفة
وحَّدَت ما هو كالحمَّا
مِ والماءِ وظيفة
صيَّرَت ريقتَها الصَّا
بونَ والشاربَ لِيفة
لا تَمُرَّنَّ على العيـ
ـنِ ولا بالأنفِ جِيفة
وتعوَّدْ أن تُلاقَى
حسَنَ الثوبِ نظيفَهْ
إنما الثوبُ على الإنـ
ـسان عُنوانُ الصحيفة

الجَدَّة

لي جَدَّةٌ تَرأفُ بي
أحْنَى عليَّ من أبي
وكلُّ شيءٍ سرَّني
تذهبُ فيه مَذهبي
إن غضِبَ الأهلُ عليَّ
كلُّهم لم تَغضبِ
مشى أبي يومًا إليَّ
مِشيةَ المؤدِّبِ
غَضبانَ قد هدَّد بالضـ
ـربِ وإن لم يَضربِ
فلم أَجِد لي منه غيـ
ـرَ جَدَّتي من مَهربِ
فجعَلتْني خلفَها
أنجو بها وأختبي
وهْي تقولُ لأبي
بلَهجةِ المُؤنِّبِ
ويحٌ له ويحٌ لِهـ
ـذا الولدِ المُعذَّبِ
ألمْ تكُن تصنعُ ما
يصنعُ إذ أنت صبي

الوطن

عُصفورتانِ في الحِجا
زِ حلَّتا على فَنَنْ
في خامِلٍ من الرِّيا
ضِ لا نَدٍ ولا حسَنْ
بينا هُما تَنتَجِيا
نِ سَحرًا على الغُصُنْ
مَرَّ على أيكِهما
ريحٌ سَرى من اليَمَنْ
حيَّا وقال دُرَّتا
نِ في وِعاءٍ مُمتهَنْ
لقد رأيتُ حوْلَ صَنـ
ـعاءَ وفي ظلِّ عَدَنْ١
خمائلًا كأنها
بَقيَّةٌ من ذِي يَزَنْ٢
الحَبُّ فيها سُكَّرٌ
والماءُ شُهْدٌ ولبَنْ
لم يرَها الطيرُ ولم
يسمعْ بها إلا افتَتَنْ
هيَّا اركباني نأتِها
في ساعةٍ من الزمَنْ
قالت له إحداهما
والطيرُ منهنَّ الفَطِنْ
يا ريحُ أنتَ ابنُ السَّبيـ
ـل ما عرَفتَ ما السَّكَنْ
هَبْ جَنَّةَ الخُلدِ اليمن
لا شيءَ يَعدِلُ الوَطَنْ

الرفق بالحيوان

الحيوانُ خَلْقُ
له عليكَ حَقُّ
سخَّره اللهُ لكا
وللعِبادِ قبْلَكا
حَمُولةُ الأثقالِ
ومُرضعُ الأطفالِ
ومُطعِمُ الجماعة
وخادِمُ الزِّراعة
من حقِّه أن يُرفَقا
به وألا يُرهَقا
إن كَلَّ دَعْه يَسترِحْ
وداوِه إذا جُرِحْ
ولا يَجُعْ في دارِكا
أو يَظْمَ في جِوارِكا
بهيمةٌ مِسكينُ
يشكو فلا يُبِينُ
لسانُه مقطوعُ
وما له دُموعُ

الأُمُّ

لولا التُّقى لقلتُ لم
يَخلُقْ سِواكِ الوَلدا
إن شئتِ كان العَيرَ أو
إن شئتِ كان الأسدا
وإن تُرِدْ غيًّا غَوى
أو تبغِ رُشْدًا رَشدا
والبيتُ أنتِ الصوتُ فيـ
ـه وهْو للصَّوتِ صَدى
كالبَبَّغا في قفصٍ
قيلَ له فقَلَّدا
وكالقضيبِ اللَّدْنِ قدْ
طاوَع في الشَّكلِ اليَدا
يأخذُ ما عوَّدتِهِ
والمرءُ ما تعوَّدا

ولد الغُراب

ومُمهَّدٍ في الوكرِ من
وَلَدِ الغُرابِ مُزقَّقِ
كرُوَيهِبٍ مُتقلِّسٍ
مُتأزِّرٍ مُتنطِّقِ٣
لبِسَ الرَّمادَ على سَوا
دِ جَناحِه والمَفرِقِ
كالفحْمِ غادرَ في الرَّما
دِ بَقيَّةً لم تُحرَقِ
ثُلثاهُ مِنقارٌ ورأ
سٌ والأظافرُ ما بقِي
ضخمُ الدِّماغِ على الخُلوِّ
من الحِجا والمَنطقِ
من أُمِّهِ لقِيَ الصغيـ
ـرُ من البَليَّةِ ما لقِي
جلبَت عليه ما تَذُو
دُ الأُمَّهاتُ وتتَّقي
فُتِنَت به فتوهَّمَت
فيه قُوًى لم تُخلَقِ
قالت كبِرتَ فثِبْ كما
وثبَ الكِبارُ وحلِّقِ
ورمَت به في الجوِّ لم
تَحرصْ ولم تَستوثِقِ
فَهَوى فمُزِّق في فِنا
ءِ الدارِ شرَّ مُمزَّقِ
وسمِعتُ قاقاتٍ تُردَّ
دُ في الفضاءِ وترتقي٤
ورأيتُ غِربانًا تَفرَّ
قُ في السماء وتلتقي
وعرفتُ رَنَّةَ أُمِّهِ
في الصارخاتِ النُّعَّقِ
فأشرتُ فالتفتَت فقلـ
ـتُ لها مَقالةَ مُشفِقِ
أطلقتِه ولوِ امتَحنـ
ـتِ جَناحَه لم تُطلِقي
وكما تَرفَّقَ والِدا
كِ عليكِ لم تَترفَّقي

النِّيل

النِّيلُ العَذْبُ هو الكوثرْ
والجَنَّةُ شاطئُه الأخضَرْ
ريَّانُ الصَّفحةِ والمَنظرْ
ما أبْهَى الخُلدَ وما أنضَرْ
البحرُ الفيَّاضُ القُدْسُ
الساقي الناسَ وما غرَسوا
وهو المِنوالُ لِما لبِسوا
والمُنعِمُ بالقطنِ الأنوَرْ
جعلَ الإحسانَ له شَرْعا
لم يُخْلِ الواديَ من مَرْعى
فترَى زرعًا يتلو زَرْعا
وهنا يُجنى وهنا يُبذَرْ
جارٍ ويُرى ليس بجارِ
لأناةٍ فيه ووقارِ
يَنصبُّ كتَلٍّ مُنهارِ
ويَضِجُّ فتَحسبُه يَزأرْ
حبشيُّ اللَّونِ كجِيرتِهِ
من مَنبعِه وبُحَيرتِهِ
صبَغَ الشطَّينِ بسُمْرتِهِ
لونًا كالمِسكِ وكالعَنبرْ

المدرسة

أنا المدرسةُ اجعَلني
كأُمٍّ لا تَمِلْ عنِّي
ولا تفزَعْ كمأخوذٍ
من البيتِ إلى السِّجنِ
كأني وجْهُ صيَّادٍ
وأنتَ الطيرُ في الغُصنِ
ولا بد لك اليومَ
وإلا فغدًا منِّي
أو استغنِ عن العقلِ
إذن عنِّيَ تستغني
أنا المِصباحُ للفِكْرِ
أنا المِفتاحُ للذِّهنِ
أنا البابُ إلى المجدِ
تعالَ ادخلْ على اليُمْنِ
غدًا تَرتعُ في حَوشي
ولا تشبَعُ من صَحني
وألقاكَ بإخوانٍ
يُدانونَكَ في السِّنِّ
تُنادِيهم بيا فِكري
ويا شَوقي ويا حُسني
وآباءٍ أحَبُّوكَ
وما أنت لهم بِابنِ

نشيد مصر

بَني مِصرٍ مَكانُكمُ تَهيَّا
فهيَّا مهِّدوا للمُلكِ هيَّا
خُذوا شمسَ النهارِ له حُلِيَّا
ألمْ تكُ تاجَ أوَّلِكم مَلِيَّا
على الأخلاقِ خُطُّوا المُلكَ وابنُوا
فليسَ وراءها للعِزِّ رُكنُ
أليس لكم بِوادي النِّيل عَدنُ
وكوثرُها الذي يجري شهيَّا
لنا وطنٌ بأنفُسِنا نَقيهِ
وبالدنيا العريضةِ نَفتديهِ
إذا ما سِيلَتِ الأرواحُ فيهِ
بذلْناها كأن لم نُعطِ شيَّا
لنا الهَرَمُ الذي صحِبَ الزمانا
ومن حَدَثانِه أخذ الأمانا
ونحن بنو السَّنا العالي نمانا
أوائلُ علَّموا الأُمَمَ الرُّقِيَّا
تطاوَلَ عهُدهُم عِزًّا وفخرا
فلمَّا آل للتاريخِ ذُخْرا
نشأنا نشأةً في المجدِ أخرى
جعَلْنا الحقَّ مَظهرَها العَلِيَّا
جعَلْنا مِصرَ مِلَّةَ ذي الجَلالِ
وألَّفْنا الصليبَ على الهِلالِ
وأقبَلْنا كصفٍّ من عَوالِ
يشدُّ السَّمْهريُّ السَّمْهريَّا
نرومُ لِمصرَ عِزًّا لا يُرامُ
يرفُّ على جوانبِه السلامُ
وينعمُ فيه جِيرانٌ كِرامُ
فلن تَجِدَ النَّزيلَ بنا شقيَّا
نقومُ على البِنايةِ مُحسِنينا
ونعهدُ بالتَّمامِ إلى بنينا
إليكِ نموتُ مِصرُ كما حَيِينا
ويَبقى وجهُكِ المَفديُّ حيَّا

نشيد الكشافة

نحن الكشَّافةُ في الوادي
جبريلُ الروحُ لنا حادي
يا رَبِّ بعيسى والهادي
وبموسى خُذ بيَدِ الوطنِ
كشَّافةُ مِصرَ وصِبيَتُها
ومَناةُ الدارِ ومُنيتُها
وجمالُ الأرضِ وحِليتُها
وطلائعُ أفراحِ المُدُنِ
نَبتدرُ الخيرَ ونَستبِقُ
ما يَرضى الخالقُ والخَلقُ
بالنفسِ وخالِقِها نثِقُ
ونَزيدُ وُثوقًا في المِحَنِ
في السَّهلِ نرفُّ رياحينا
ونجوبُ الصَّخرَ شياطينا
نبني الأبدانَ وتبنينا
والهِمَّةُ في الجسمِ المَرِنِ
ونُخلِّي الخَلقَ وما اعتقدوا
ولوَجهِ الخالقِ نجتهدُ
نأسو الجَرْحى أنَّى وُجِدُوا
ونُداوي من جرَحَ الزَّمَنُ
في الصِّدقِ نشأنا والكَرَمِ
والعِفَّةِ عن مسِّ الحُرَمِ
ورعايةِ طفلٍ أو هَرِمِ
والذودِ عن الغِيدِ الحُصُنِ
ونُوافي الصارخَ في اللُّجَجِ
والنارِ الساطعةِ الوَهَجِ
لا نسألُه ثمنَ المُهَجِ
وكفى بالواجبِ من ثمنِ
يا رَبِّ فكثِّرْنا عدَدا
وابذُل لأُبوَّتِنا المَدَدا
هيِّئ لهمُ ولنا رَشَدا
يا رَبِّ وخُذ بِيَدِ الوطنِ
١  صنعاء وعدن: من بلاد اليمن.
٢  ذو يزن: من ألقاب ملوك اليمن في التاريخ القديم.
٣  رويهب: راهب صغير. والمتقلِّس والمتأزِّر والمتنطِّق: الذي يلبس القلنسوة والإزار والنِّطاق، كالرهبان.
٤  القاقات: نعيق الغربان.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤