توت عنخ آمون

قِفِي يا أختَ «يُوشَعَ» خبِّرينا
أحاديثَ القرونِ الغابرينا١
وقُصِّي من مَصارِعهم علينا
ومن دُولاتِهم ما تعلَمينا٢
فمِثلُك مَن روى الأخبارَ طرًّا
ومَن نسبَ القبائلَ أجمعينا٣
نرى لكِ في السماءِ خضيبَ قَرْنٍ
ولا نُحصي على الأرض الطعينا٤
مشيتِ على الشباب شواظَ نارٍ
ودُرتِ على المَشيبِ رَحًى طحونا٥
تُعِينينَ الموالد والمنايا
وتَبنينَ الحياة وتهدمينا٦
فيا لكِ هِرَّةً أكلَت بَنِيها
وما وَلدوا وتنتظر الجنينا٧

•••

أأُمَّ المالكينَ بَني «أمونٍ»
لِيَهنِكِ أنهم نزعوا «أمونا»٨
ولدتِ له «المآمين» الدواهي
ولم تلدي له قطُّ «الأمينا»٩
فكانوا الشُّهْبَ حينَ الأرضُ ليلٌ
وحينَ الناسُ جِدُّ مُضلَّلينا
مشَت بمَنارِهم في الأرض «روما»
ومن أنوارهم قبسَت «أثينا»١٠
ملوكُ الدهرِ بالوادي أقاموا
على «وادي الملوكِ» مُحجَّبينا١١
فرُبَّ مُصفَّدٍ منهم وكانت
تُساقُ له الملوكُ مُصفَّدينا١٢
تقيَّدَ في التراب بغيرِ قَيدٍ
وحلَّ على جوانبِه رهينا
تعالى الله كان السِّحرُ فيهم
ألَيسُوا للحجارة مُنطِقينا١٣
غدَوا يبنون ما يبقى وراحوا
وراءَ الآبداتِ مُخلَّدينا
إذا عمدوا لمأثرةٍ أعدُّوا
لها الإتقانَ والخَلقَ المتينا
وليس الخُلدُ مرتبةً تُلقَّى
وتُؤخَذُ من شِفاهِ الجاهلينا
ولكن مُنتهى هِمَمٍ كبارٍ
إذا ذهبَت مَصادِرُها بقينا
وسرُّ العبقرية حين يسري
فينتظمُ الصنائعَ والفنونا
وآثارُ الرجال إذا تناهَت
إلى التاريخِ خيرُ الحاكمينا
وأخْذُك من فمِ الدنيا ثناءً
وتركُك في مَسامعِها طنينا١٤
فغالِي في بَنِيك الصِّيدِ غالي
فقد حُبَّ الغلوُّ إلى بَنِينا١٥
شبابٌ قُنَّعٌ لا خيرَ فيهم
وبُورِك في الشبابِ الطامحينا١٦
فناجِيهم بعرشٍ كان صِنوًا
لعرشِك في سبيبتِه سَنينا١٧
وكان العزُّ حِليتَه وكانت
قوائمُه الكتائبَ والسفينا١٨
وتاجٍ من فرائده «ابنُ سيتي»
ومن خرزاته «خوفو» و«مينا»١٩
علا خدًّا به صَعَرٌ وأنفًا
ترفَّعَ في الحوادث أن يَدينا٢٠
ولستُ بقائلٍ ظلموا وجاروا
على الأُجراءِ أو جلدوا القطينا٢١
فإنا لم نُوَقَّ النقصَ حتى
نُطالِبَ بالكمالِ الأولينا٢٢
وما «البستيلُ» إلا بنتُ أمسٍ
وكم أكلَ الحديدُ بها صحينا٢٣
ورُبَّةَ بِيعةٍ عزَّت وطالت
بناها الناسُ أمسِ مُسخَّرينا٢٤
مُشيَّدةٍ لشافي العُمْيِ «عيسى»
وكم سمَلَ القسوسُ بها عيونا٢٥

•••

«أخا اللوردات» مِثلُك مَن تحلَّى
بحِليةِ آله المُتطوِّلينا٢٦
لك الأَصل الذي نبتَت عليه
فروعُ المَجدِ من «كرنارفونا»٢٧
ومالُكَ لا يُعَدُّ وكلُّ مالٍ
سيَفنى أو سيُفني المالكينا٢٨
وجدتَ مَذاقِ كلِّ تليدِ مَجدٍ
فكيف وجدتَ مَجدَ الكاسبينا٢٩
نشرتَ صفائحًا فجزَتكَ مصرٌ
صحائفَ سؤددٍ لا ينطوينا٣٠
فإن تكُ قد فتحتَ لها كنوزًا
فقد فتحَت لك الفتحَ المُبينا٣١
فلَوْ «قارونُ» فوقَ الأرض إلا
تمنَّى لو رضِيتَ به قرينا٣٢
سبيلُ الخُلدِ كان عليك سهلًا
وعادتُه يكدُّ السالكينا
رأيتَ تنكُّرًا وسمعتَ عتبًا
فعذرًا للغضابِ المُحنَقِينا٣٣
أبُوَّتُنا وأعظُمُهم تُراثٌ
نُحاذرُ أن يئولَ لآخرينا٣٤
ونأبى أن يحلَّ عليه ضَيمٌ
ويذهبَ نُهبةً للناهبينا٣٥
سكتَّ فحامَ حولَك كلُّ ظنٍّ
ولو صرَّحتَ لم تُثِرِ الظُّنونا٣٦
يقول الناسُ في سرٍّ وجهرٍ
وما لك حيلةٌ في المُرجِفينا٣٧
أمَنْ سرقَ الخليفةَ وهْو حيٌّ
يَعِفُّ عن الملوكِ مُكفَّنينا٣٨

•••

خليليَّ اهبِطا الوادي ومِيلا
إلى غُرَفِ الشموس الغاربينا٣٩
وسِيرا في مَحاجرِهم رويدًا
وطُوفا بالمضاجعِ خاشعينا٤٠
وخُصَّا بالعمار وبالتحايا
رُفاتَ المَجدِ من «توتنخمينا»٤١
وقبرًا كاد من حُسنٍ وطِيبٍ
يُضيءُ حجارةً ويضوعُ طينا٤٢
يُخالُ لروعةِ التاريخِ قُدَّت
جنادلُه العُلا من «طورِ سينا»٤٣
وكان نزيلُه بالمَلْكِ يُدعَى
فصار يُلقَّبُ الكنزَ الثمينا٤٤
وقُوما هاتفَينِ به ولكن
كما كان الأوائلُ يهتفونا٤٥
فثَمَّ جَلالةٌ قرَّت ورامت
على مرِّ القرونِ الأربعينا٤٦
جلالُ المُلكِ أيامٌ وتمضي
ولا يمضي جلالُ الخالدينا٤٧
وقُولا للنزيل قُدومَ سعدٍ
وحيَّا اللهُ مَقدِمَك اليمينا٤٨
سلامٌ يومَ وارَتك المنايا
بِواديها ويومَ ظهرتَ فينا٤٩
خرجتَ من القبورِ خروجَ عيسى
عليك جلالةٌ في العالمينا٥٠
يجُوبُ البرقُ بِاسمِك كلَّ سهلٍ
ويخترقُ البُخارُ به الحُزونا٥١
وأُقسِمُ كنتَ في «لوزانَ» شُغْلًا
وكنتَ عجيبةَ المُتفاوضينا٥٢
أتعلَمُ أنهم صَلِفُوا وتاهوا
وصدُّوا البابَ عنَّا مُوصِدينا٥٣
ولو كنا نجرُّ هناك سيفًا
وجَدْنا عندهم عطفًا ولِينا٥٤
سيقضي «كرزنٌ» بالأمر عنَّا
وحاجاتُ «الكنانةِ» ما قُضينا٥٥

•••

تعالَ اليومَ خبِّرنا أكانت
نواكَ سِناتِ نومٍ أم سِنينا٥٦
وماذا جُبْتَ من ظلماتِ ليلٍ
بَعيدِ الصبح يُنضِي المُدلِجينا٥٧
وهل تبقى النفوسُ إذا أقامت
هياكلُها وتبلى إن بلينا
وما تلك القبابُ وأين كانت
وكيف أضلَّ حافرُها القرونا٥٨
مُمرَّدةُ البِناءِ، تُخالُ برجًا
ببطنِ الأرضِ محطوطًا دفينا٥٩
تَغطَّى بالأثاث فكان قصرًا
وبالصُّوَرِ العِتاقِ فكان زونا٦٠
حملتَ العرشَ فيه فهل تُرجِّي
وتأملُ دولةً في الغابرينا٦١
وهل تلقَى المهيمنَ فوقَ عرشٍ
ويلقاه المَلا مُترجِّلينا٦٢
وما بالُ الطعامِ يكاد يَقدى
كما تركته أيدي الصانعينا٦٣
ولم تكُ أمسِ تصبرُ عنه يومًا
فكيف صبرتَ أحقابًا مِئينا٦٤
لقد كان الذي حَذِرَ الأوالي
وخافَ بنو زمانك أن يكونا٦٥
يحبُّ المرءُ نبشَ أخيه حيًّا
وينبشه ولو في الهالكينا
سُلِلتَ من الحفائر قبلَ يومٍ
يسلُّ من التراب الهامدينا٦٦
فإن تكُ عندَ بعثٍ فيه شكٌّ
فإنَّ وراءَه البعثَ اليقينا٦٧
ولو لم يعصموكَ لكان خيرًا
كفى بالموت مُعتصَمًا حصينا٦٨
يُضَرُّ أخو الحياةِ وليس شيءٌ
بِضائرِه إذا صحِبَ المَنونا٦٩

•••

زمانُ الفرد يا «فرعونُ» ولَّى
ودالت دولةُ المُتجبِّرينا٧٠
وأصبحَت الرعاةُ بكلِّ أرضٍ
على حُكمِ الرعيَّةِ نازلينا
١  الخطاب للشمس، وقد أشار إلى قصة يوشع بن نون فتى موسى عليهما السلام واستيقافه الشمس، فقد رُوي أن يوشع قاتَل الجبَّارين يوم الجمعة، فلمَّا أدبرت الشمس للغروب خاف أن تغيب قبل فراغه منهم، ويدخل السبت فلا يحلُّ له قتالهم فيه، فدعا الله تعالى، فردَّ له الشمس حتى فرغ من قتالهم، وقد لمَّح ابن مطروح إلى هذه القصة بقوله:
وما أَنسَ لا أنسَ المليحة إذ بدَت
دجًى فأضاء الأفقُ من كلِّ موضعِ
فحدَّثتُ نفسي أنها الشمس أشرقت
وأنيَ قد أوتيت آيةَ يوشعِ
القرون الغابرون: الأجيال الماضية.
٢  قصِّي: حدِّثي، ومنه: نَحْنُ نَقُصُّ عَليْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ. ومصارعهم: مهالكهم. ودولاتها: جمع دولة، بضم ففتح، وهي الدَّاهية، يقال: جاء الدهر بدولاته؛ أي بدواهيه.
٣  طرًّا: جميعًا من دون أن تترك منها شيئًا. ونسب القبائل: ذكر أنسابها.
٤  الخضيب: الملوَّن بالخضاب. والقرن: حاجب الشمس. والطعين: المطعون.
٥  بالضم والكسر: دُخان النار.
٦  المنايا: جمع منيَّة، وهي الموت.
٧  الهرَّة: القطَّة، ويقال في المثل: «أعَقُّ من الهرَّة.» لأنها تأكل أولادها. والجنين: الولد ما دام في الرحم.
٨  نزع أباه: أشبهه، إشارة إلى أُمِّ «آمون»، واختلف المؤرخون: هل كانت أمُّه زوجةً شرعية لأبيه، أو إحدى سراريه؟ وكان من عادتهم ألا يتولى المُلكَ إلا مَن كانت أمُّه زوجةً شرعية لأبيه، إلا أن «توت عنخ آمون» تولَّى الملك بواسطة زواجه بابنة الملك خون آتون.
٩  إشارة للخليفتَين: الأمين والمأمون، وقد اختار المأمون؛ لأنه كان أفضل بني العباس حزمًا وحِلمًا وعلمًا ورأيًا ودهاءً وهيبةً وشجاعة؛ أي ولدت له أبناءً صاروا ملوكًا، وكانت صفاتهم في الملك كالصفات التي عرفناها في المأمون.
١٠  روما: عاصمةٌ إيطالية. وقبست: أخذت. وأثينا: عاصمة اليونان. وفيه إشارة إلى ما أخذته الأمم الغابرة عن المصريين من العلوم والحضارة.
١١  وادي الملوك: هو إلى الشاطئ الغربي للنيل بالأقصر على مسير نصف ساعة تقريبًا، وهو هضابٌ صلبة بها مقابر الملوك فراعنة مصر من الأسرة الثامنة عشرة وما بعدها، وقد كانوا يبالغون في العناية بها وإتقانها إلى حدٍّ يفوق الوصف.
١٢  مصفَّدين: مقيدين، يصف فراعنة مصر في مقرِّهم الأخير، وهو مقام يتساوى فيه الملوك والسوقة.
١٣  منطقين: أي أليسوا هم الذين أنطقوا الحجارة، ويريد أنهم أنشئوا من الأبنية ما يدلُّ على عظمة شأنهم دلالة النطق على معناه، وأشهر الأبنية الهرمان القائمان بجانب الجيزة، وهما من أعجب ما بنى البُناة، وفيهما دليلٌ على أن المصريين القدماء كانوا أعلم الأمم قاطبة بفنِّ العمارة وهندستها، وقد توالى الدهر عليها فلم ينَل منهما مرُّ الحوادث وعصف الرياح وهطل السحاب، قال أحد الحكماء: «كل شيء يُخشى عليه الدهر إلا الأهرام، فإن الدهر يُخشى عليه منها.»
١٤  الطنين: صوت الذباب والطست والناقوس ونحو ذلك.
١٥  الصيد: جمع أصيد، وهو الرجل يرفع رأسه كبرًا وعجبًا، ولا يلتفت من زهوه يمينًا وشمالًا.
١٦  شبابٌ قُنَّع: أي قانعون لا يطلبون شيئًا وراء ما بلغوا. والطامحون: المتفانون في طلب المعالي.
١٧  الصنو: الأخ الشقيق والابن. والسنين (بفتح السين): مَن يكون في سنِّك.
١٨  الكتائب: جمع كتيبة، وهي الجيش.
١٩  ابن سيتي: هو رمسيس الثاني المعروف بسوزستريس، ويُلقَّب بالأكبر؛ لأنه كان أعظم ملوك مصر سُلطةً وقوة، وطالت مدَّة حكمه وكثرت فيها الآثار المصرية وتزايدت العمارات، حتى لا يكاد يوجد بوادي النيل أثر من الآثار القديمة والعمائر المشهورة إلا وعليه اسمه ورسمه، وولي المُلك صغيرًا في حياة والده، وقد تربَّى على الشجاعة والحماسة، وأراد أبوه أن يعلِّمه اقتحام الأهوال، فأرسله في جيش إلى بلاد الشام، وكان عمره عشر سنين، فغزاها حتى أدخلها تحت الطاعة، وله حروبٌ عظيمة، ثم حارب في جملة فتوح وبخاصة في آسيا الشمالية، وكان في أيامه بنتاءُور الشاعر المصري، وله فيه عِدَّة مدائح يصف بها شجاعته وإقدامه. «خوفو» و«مينا»: من الملوك الفراعنة الذين بلغت مصر في عهدهم شوطًا بعيدًا في المدنية، ومن آثارهما الخالدة الأهرامات.
٢٠  علا خدًّا: أي ذلك التاج. والصعر: أن يميل الرجل بخدِّه عن النظر إلى الناس تهاونًا وكبرًا.
٢١  القطين: الخدم. أي إنه لا يجاري بعض المؤرخين الذين يزعمون أن الملوك الفراعنة كانوا يظلمون الأُجراء، ويجلدون الخدم ليسخِّروهم في إنشاء تلك الأبنية.
٢٢  لم نوقَّ النقص: أي لم نُحفَظ منه.
٢٣  البستيل: سجن يرجع تاريخ إنشائه إلى عهد شارل الخامس ملك فرنسا سنة ١٤٦٩م، وفي هذا السجن ذاق رجالات العلم والفضل في فرنسا أشدَّ أنواع العذاب أيام الاستبداد، فكم هلك فيه فيلسوفٌ عظيم، وفنِيَ بين جدرانه المظلمة مُصلِحٌ كبير، وكم من سياسي جنى عليه عمله لخير بلاده فدخله حيًّا وفارقه ميتًا. وقد ذكر الفرنسيون «البستيل» واسم «البستيل»، وعدُّوه مُستقَرَّ الظلم، ومعهد العسف والقسوة، فلم يكادوا يثورون على حكومتهم حتى كان أول غرضهم «البستيل»، فهدموه واقتلعوا أصوله، وأخذت فتات أحجاره فجعلها النسوة عقودًا يتحلَّين بها في أمكنة اللآلئ؛ إشارةً لغلبة الأمَّة على الظلم وانتقامها من الظالمين، وكان أخذه في ١٤ يوليو سنة ١٧٨٩م، وقد أُقيمَ اليوم مكان هذا البناء تمثال الحرية، ولا يزال الفرنسيون يحتفلون بذِكره إلى الآن.
٢٤  البيعة (بكسر الباء): معبد النصارى. ومسخَّرين: أي كُلِّفوا عملهم بلا أجرة.
٢٥  سمل العين: فقأها بحديدة محماة وقلعها.
٢٦  المُخاطَب اللورد كرنارفون الذي اهتدى إلى الكنوز، وكانت وفاته بالقاهرة في سَحرِ ليلة الخميس ٥ أبريل سنة ١٩٢٣م بفندق الكونتنتال، وكانت قد عضَّته بعوضة، فطُبِّب خمسة عشر يومًا حتى أخذت تزول أعراض التسمم الذي أصابه من هذه العضة، ولكنه لم يقوَ على احتمال ذات الرئة التي أُصيبَ بها فأودت به. المتطولين: أصحاب الغنى والسعة.
٢٧  لك الأصل … إلخ: وذلك أنه من بيوتات إنجلترا القديمة في المجد.
٢٨  ومالك لا يُعدُّ … إلخ: فهو يملك في بلاد الإنجليز ألف فدان.
٢٩  وجدت مذاق … إلخ: إشارة إلى استمراره في أعمال الحفر والتنقيب في وادي الملوك؛ فقد بدأها منذ ست عشرة سنة، ولم يزَل حتى اهتدى إلى أعظم أثر بين الآثار التي عثر عليها العلماء منذ قرن من الزمن، وقد ضمن له هذا العمل الجليل خلود اسمه، ورفعة ذِكره، وكان اهتداؤه إلى هذا الكنز الثمين في أواخر نوفمبر سنة ١٩٣٢م، وفي مدافن ملوك طِيبة تحت مدفن رعمسيس السادس. والصفائح: حجارة القبور.
٣٠  الصفائح: حجارة القبور.
٣١  إشارة إلى ما حواه هذا الكنز العظيم من التحف الثمينة النادرة المثال، واللآلئ الغالية القليلة الوجود.
٣٢  قارون: رجل كان صاحب كنوز عظيمة، يُضرَب به المثل في الغنى.
٣٣  التنكُّر: تغيُّر الرجل عن حالٍ تسرُّه إلى حالٍ يكرهها، وفي الأساس تنكَّر لي فلان لقيني لقاءً بشعًا. والمحنقون: الذين ملأهم الغيظ.
٣٤  أبوتنا: أي آباؤنا. والتُّراث: الميراث، وفيه إشارة إلى ما قيل يومئذٍ ونشرته الصحف، من أن اللورد كرنارفون أخذ خفيةً أغلى ما في الكنز من تحف، بينها تاج الملكة وعقدها.
٣٥  الضيم: الظلم. أي نأبى أن يُظلَم ذلك التُّراث بذهابه نهبًا كما روت الأنباء البرقية في ذلك الحين.
٣٦  سكتَّ فحام حولك … إلخ: أي إن الذي قيل وشاع لاقى منك سكوتًا عن نفيه، فلحقتك الشبهات بسبب سكوتك.
٣٧  المرجفون: مَن يخوضون في الأخبار السيئة.
٣٨  أمَنْ سرق الخليفة … إلخ: هذا ما يقوله الناس؛ وذلك أن إنجلترا هي التي نقلت الخليفة وحيد الدين من قصره في الآستانة، وألجأته إلى المدرَّعة البريطانية «مالايا» هربًا من الكماليين، فذهبت به إلى مالطة في ١٦ نوفمبر سنة ١٩٢١م، فإذا كانت هذه الدولة تفعل ذلك بالملوك الأحياء، فلا يبعد على رجالها أن يفعلوه بالملوك الأموات، وبما في قبورهم من جواهر ودرر. وقد ذكرت الأنباء في إثبات ذلك أن اللورد كرنارفون أهدى إلى ابنة ملك الإنجليز عقدًا مصريًّا قديمًا له قيمةٌ عظيمة، وأنها لمَّا علِمت بوفاته وأن بعوضة من القبر عضَّته، نزعت من عنقها ذلك العقد خوفًا من انتقام توت عنخ آمون الذي نُسبَت إليه يومئذٍ وفاة اللورد.
٣٩  يريد بالشموس الغاربين: ملوك الفراعنة. وغرفهم: مدافنهم.
٤٠  المحاجر: ما يحميه الملوك حول منازلهم، ومنها محاجر أقيال اليمن، وهي أحماؤهم؛ أي ما كان يحميه كل واحد منهم.
٤١  العمار: التحيَّة، وهو أيضًا الريحان يُزيَّن به مجلس الشراب، واستعماله هنا على الإطلاق؛ إذ لا يليق أن يكون مقيدًا بتزيين هذا المجلس. التحايا: جمع تحية. والرُّفات: كل ما تكسَّر وبلي.
٤٢  يضوع: يتحرَّك وينتشر. أي كادت حجارته تضيء حسنًا، وكادت تنتشر رائحته الطيِّبة الزكيَّة.
٤٣  الروعة: المسحة من الجمال. والجنادل: جمع جندل، وهو الحجارة. وطور سينا: هو الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى.
٤٤  النزيل: الضيف.
٤٥  هاتفين به: أي بالملك الذي هو نزيل القبر. وليكن هتافكما كما كانوا يهتفون له أيام حياته.
٤٦  فثمَّ: فهناك. والجلالة: عِظم القدر. ورامت: أقامت. والقرون الأربعون: هي التي مضت منذ عهد توت عنخ آمون.
٤٧  أي إن الجلال الصحيح ما خُلِّد به صاحبه في التاريخ، أما جلال الملك فلا بقاء له.
٤٨  اليمين: المُبارَك، وهو من اليُمن.
٤٩  وارتك: أخفتك.
٥٠  خروج عيسى: أي كما خرج عيسى من القبر على رأي النصارى. وصاحب الديوان لا يعتقد ذلك، وإنما ينظر فيه إلى رأيهم.
٥١  يجوب: يقطع. والبرق: اسمٌ منقول من معناه الأصلي للتلغراف. والبخار: اسمٌ منقول كذلك للوابور، أو هو من باب تسمية الشيء باسم المؤثِّر فيه. والحزون: جمع حَزن، وهو ما غلُظ من الأرض.
٥٢  لوزان: إحدى مدن سويسرا، وقد عُرِفَت بمؤتمر الدول الذي اجتمع بها للنظر فيما بينهن من الخلاف، ولتقرير الصلح بين التُّرك واليونان، وقد وافق اجتماع المؤتمر ظهورَ قبر الملك توت عنخ آمون ومعرفة ما فيه.
٥٣  صلفوا: تمدَّحوا بما ليس فيهم، وادَّعوا فوق ذلك إعجابًا وتكبُّرًا. وصدُّوا الباب عنا: منعوه عنا؛ أي لم يفتحوه لنا. وموصدين: من أوصد الباب، أطبقه وأغلقه.
٥٤  أي لو كانت لنا قوة من السلاح لَعامَلونا باللين والمودة؛ لأنهم يُدارون الأقوياء ويُمالئونهم.
٥٥  كرزن: وزيرٌ إنجليزيٌّ مشهور، كان هو مندوب إنجلترا في مؤتمر لوزان. والكنانة: هي مصر.
٥٦  تعالَ اليوم … إلخ: الخطاب لتوت عنخ آمون. ونواك: بُعدك. والسِّنات: جمع سِنة، بكسر السين، وهي النعاس.
٥٧  يُنضي: يُهزِل. والمدلجون: الذين يسيرون من أول الليل.
٥٨  وما تلك القباب … إلخ: أي وخبِّرنا ما تلك القباب، جمع قبة، وهي ما ظهر من أبنية المقبرة الفخمة. والقرون: جمع قرن، وهو مائة عام.
٥٩  ممرَّدة البناء: مملَّسته.
٦٠  تغطى: أي هذا البناء تغطى … إلخ. والأثاث: متاع البيت. والصور: جمع صورة، يريد بها الرسوم التي تُحاكي صور الأشياء. والعتاق: جمع عتيق، وهو القديم، أو النجيب من الخيل، والجارح من الطير. والزون: الموضع تُجمَع فيه الأصنام.
٦١  في الغابرين: في الباقين، وفي القرآن الكريم فَأَنْجيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ، ويكون أيضًا بمعنى الماضين؛ فهو من الكلمات التي تُستعمل للأضداد.
٦٢  المهيمن: من أسماء الله تعالى. والمترجِّلون: الذين ينزلون عن ركائبهم ويمشون على أرجلهم.
٦٣  ما بال الطعام: ما حاله. ويقدى: من قدى الطعام؛ أي طاب طعمه ورائحته.
٦٤  الأحقاب: جمع حُقب، بضم الحاء، وهو الدهر. والمئين: جمع مائة.
٦٥  لقد كان: أي لقد حصل الذي حذر الأوالي. والأوالي: جمع أول. والمعنى: أن ما كنتم تخافونه وتحذرون وقوعه من نبش قبوركم، قد حصل ولم تمنعه مبالغتكم في الوقاية منه.
٦٦  سُللت: أُخرجتَ منها برفق. الحفائر: جمع حفيرة. واليوم الذي يسل الهامدين من التراب: هو يوم القيامة.
٦٧  فإن تكُ عند بعث … إلخ: أي فإن تكن الآن تشكُّ في هذا البعث الذي خرجت به من قبرك، فلا محالة سيأتي البعث الذي لا تشكُّ فيه، وهو بعث يوم القيامة.
٦٨  يعصموك: يمنعوك من المكروه. أي لو أنهم تركوك فلم يتخذوا لك هذه العصمة لما أصابك مكروه؛ لأن الموت يمنع الأذى أن يصل إليك، وجلاء هذا المعنى في البيت الثاني.
٦٩  يُضَرُّ: بضم الياء وفتح الضاد.
٧٠  زمان الفرد: أي زمان حكم الفرد. ودالت: انقلبت من حال إلى حال. والمتجبرون: المتكبرون.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤