الصليب الأحمر

سِرْ يا «صليبَ» الرِّفقِ في ساحِ الوغى
وانشر عليها رحمةً وحنانا١
وادخل على الموتِ الصفوفَ مُواسيًا
وأعِنْ على آلامه الإنسانا
والمِسْ جِراحاتِ البريَّةِ شافيًا
ما كنتَ إلا للمسيح بنانا٢
وإذا الوطيسُ رمى الشبابَ بنارِهِ
خُضْ ﮐ «الخليل» إليهمُ النيرانا٣
واجعل وسيلتَك المسيحَ وأُمَّهُ
واضرَع وسلْ في خلقِه الرحمانا٤
الله جارُك في عَوانٍ لم تهَبْ
للهِ لا بِيَعًا ولا صُلبانا٥
وسلِمتَ يا «حرمَ المعاركِ» من يدٍ
هدَمَت لِسِلمِ العالمين كِيانا٦

•••

يا أهلَ مصرَ رمى القضاءُ بلطفِهِ
وأراد أمرًا بالبلادِ فكانا
إن الذي أمْرُ الممالكِ كلِّها
بيدَيه أحدَث في «الكنانةِ» شانا
أبقى عليها عرشَها في بُرهةٍ
ترمي العروشَ وتنثُرُ التِّيجانا٧
وكسا البلادَ سكينةً من أهلها
ووقى من الفتنِ العِبادَ وصانا
أوَما ترَون الأرضَ خُرِّب نصفُها
وديارُ مصرٍ لا تزال جِنانا٨
يرعى كرامتَها ويمنع حَوضَها
جيشٌ يَعافُ البغيَ والعُدوانا٩
كجنودِ «عمرٍو» أينما ركَزوا القنا
عفُّوا يدًا ومُهنَّدًا وسِنانا١٠
إن الشجاعَ هو الجبانُ عن الأذى
وأرى الجريءَ على الشرورِ جبانا

•••

أُمَمَ الحضارةِ أنتمُ آباؤنا
منكم أخَذْنا العلمَ والعرفانا
رقَّت لكم منَّا القلوبُ كأنَّما
جَرحاكمُ يومَ الوغى جَرجانا
ومن المروءةِ وَهْي حائطُ دِيننا
أن نذكُرَ الإصلاحَ والإحسانا١١
ولئن غزاكم من ذوينا معشرٌ
فلرُبَّ إخوانٍ غزَوا إخوانا
حتى إذا الشحناءُ نامت بينهم
لم يعرفوا الأحقادَ والأضغانا١٢
١  الساح: جمع ساحة. والوغى: الحرب.
٢  الجراحات: جمع جراحة. والبنان: أطراف الأصابع، مفردها بنانة.
٣  الوطيس: شدة الحرب. والخليل: هو إبراهيم عليه السلام، وقصة إلقائه في النار مشهورة.
٤  الوسيلة: ما يُتقرَّب به إلى الغير. واضرع: من ضرع إليه، خضع وذلَّ. والرحمن: اسم من أسماء الله تعالى.
٥  العوان: الحرب التي قُوتِل فيها مرة بعد أخرى. والبِيع (بكسر الباء): جمع بِيعة، بكسرها أيضًا، وهي مُتعبَّد النصارى.
٦  السلم: ضدُّ الحرب. وكيان الشيء: وجوده أو طبيعته.
٧  البرهة: قطعة من الزمن طويلة. وتنثر التيجان: ترميها متفرِّقة.
٨  الجنان: جمع جَنة.
٩  يعاف: يكره.
١٠  كجنود عمرو: هو عمرو بن العاص فاتح مصر وواليها من قِبَل الخليفة عمر بن الخطاب. وركزوا القنا: غرزوها في الأرض. والقنا: الرماح، جمع قناة. عفُّوا: تركوا الشهوات. والمهنَّد: السيف. والسنان: نصل الرمح.
١١  الحائط: الجدار؛ أي وهي من ديننا كالحائط من الدار.
١٢  الشحناء: عداوة امتلأت منها النفوس. والأضغان: الأحقاد.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤