الفصل الثاني

«دورا: جزء من تحليلٍ للهستيريا»

مونيك كورنو جانا

لا يُوجد دخانٌ بلا نار … دعونا نُسمِّي الأشياء بأسمائها. (سيجموند فرويد)

كان عام ١٩٠٥ هو العام الذي شهد نشر فرويد أول تقريرٍ مُطوَّل له عن حالةٍ خَضعَت للتحليل النفسي، رغم أن هذا التقرير قد كُتب عام ١٩٠١، بعد فترةٍ وجيزة من صدور كتابه «تفسير الأحلام» عام ١٩٠٠. اختار فرويد في البداية عنوان «الأحلام والهستيريا» لتقريره، حسبما أخبر فليس في خطاب بتاريخ ١ يناير ١٩٠١. بعد ذلك أوضح في خطابٍ بتاريخ ٣٠ يناير قائلًا: «القضية الرئيسة فيما يتعلق بعمليات التفكير المتضاربة تَكمُن في التعارُض بين ميلٍ بين الرجال وميلٍ نحو النساء» (ماسون، ١٩٨٥، صفحة ٤٣٤).

وهذا تحديدًا ما سيتناوله هذا التحليل …

اكتشف فرويد التكوين النفسي للعُصاب وأهمية الجنسانية الطفلية أثناء عمله مع حالات لنساءٍ مصابات بالهستيريا بين عامَي ١٨٩٥ و١٨٩٦. عندما نشر ملاحظاته حول حالة «دورا»، كان فرويد يستهدف إثبات ادعاءاته التي توصل إليها في عامَي ١٨٩٦ و١٩٠٥حول التكوين النفسي للاضطرابات الهستيرية والعمليات العقلية والنفسية التي تتخلل الهستيريا.

في غضون ذلك، كان فرويد مشغولًا بتحليل ذاته نفسيًّا. والواقع أن القصة برمتها قد بَدأَت مع رجل، هو والد دورا الذي جاء لمقابلة فرويد قبل بضعِ سنواتٍ وشعر براحة حينها. في مناسبتَين أُخريَين، حاول الأب إيداع دورا تحت رعاية فرويد، وقد وافَقَت في النهاية؛ ومن ثَمَّ بدأ فرويد في تحليلها نفسيًّا واستمر في ذلك طَوالَ ثلاثةِ أشهُر إلى أن انقَطعَت دورا عن حضور الجلسات.

هكذا يُمكِننا في الوقت الحالي قراءة حالة دورا من منظور الحلم والهستيريا، ثم من منظور التحويل، وأخيرًا من منظور رد فعلها المُكوَّن من التحويل المضاد تجاه المحلل. يُمكِننا دراسة حالة دورا، بوصفها نصًّا مهمًّا حول الأُنثوية، من زوايا متعددة؛ وذلك لكونه نصًّا مفتوحًا دومًا للتأويلات والقراءات المختلفة.

(١) دورا وقصتها

كانت دورا في الثامنة عشرة عندما بَدأَت الخضوع لجلسات التحليل النفسي. وقد وصف فرويد عائلتها التي يُهيمِن عليها الأب الذي كان يعرفه من قبلُ، إذ عالجه بنجاحٍ قبل عدة سنوات. في المقابل، وُصِفَت الأم والأخ الذي لا يكبر دورا بكثير بأنهما أقلُّ إثارةً للاهتمام نوعًا ما. وقد وصف فرويد الأم — التي قال عنها والد دورا: «لم تعُد تهمني في شيء» — مستخدمًا التعبير السلبي «ذُهان ربة البيت» (صفحة ٢٠).

إذن كان والد دورا هو من قدِم لرؤية فرويد وهو من وَضعَها تحت رعايته. وسرعان ما اكتشف فرويد ما يهم هذا الأب في علاج ابنته؛ فقد كان يحب ابنته قطعًا، وكان منزعجًا من تهديدها مؤخرًا بالانتحار، لكنه كان أيضًا مُتلهِّفًا لأن يدع فرويد يتعامل مع تلك الطفلة التي تُحاوِل التفريق بينه وبين عشيقته التي كان شديد التعلُّق بها. وهكذا أصبح فرويد في البداية مُتورِّطًا كطرفٍ ثالث فيما بدا مشكلةً بين أبٍ وابنته.

لم تَتقبَّل دورا رحلة العلاج بِصدرٍ رحب؛ إذ كانت في نزاعٍ مع أبيها حول علاقة عائلتهم بعائلة السيد كيه، الذين داوموا على التردُّد على عائلةِ دورا طَوالَ عدة سنوات، وفجأة رَفضَت دورا الاستمرار في علاقتها معهم. على المستوى السطحي، نجد أننا في مواجهةِ دراما عاطفيةٍ فرنسية؛ حيث تتجاهل السيدة كيه، عشيقة والد دورا، الاهتمام الذي يُبديه السيد كيه نحو ابنة عشيقها.

ورغم تلك البداية الغريبة، استفاد فرويد من أعراض دورا وحلَّل كذلك حُلمَين من أحلامها سوف نُناقشهما فيما يلي؛ ومن ثَمَّ اكتشف، عبْر عدة خطوات، أعماقَ الصراعِ التي كانت تأويه الفتاة المُراهِقة داخلها.

ذكر فرويد، الذي كان واعيًا بالمعارضة المثارة بالفعل ضد أفكاره في الوسط العلمي، في ملاحظاته التمهيدية: «إن عرض تاريخ حالاتي يظل مشكلةً يصُعب عليَّ حلها» (فرويد، ١٩٠٥أ [١٩٠١]، صفحة ٧). ورفَض التهاون مع الأفراد السيئي النية الذين أساءوا فهمه عن عمد، وذكر أن الأمر يتعلق «بواجبه نحو المرضى، وواجبه كذلك نحو العلم»، وأوضح أنه انتظر طيلة أربعِ سنواتٍ كي يتجنب إلحاق أي أذًى بمريضته (سوف أتناول فيما يلي ما يمكننا استخلاصه، بعد مرور قُرابة قرن، من الفِقرة التي تتناول الاتهام الذي كان يخشى أن يُوجَّه إليه بسبب موضوع الجنسانية — الذي تحدث عنه بإسهابٍ أثناء العلاج — بينه وبين دورا). «إن اعتبار المحادثات من هذا النوع وسيلةً فعالة لإثارة الرغبات الجنسية أو إشباعها؛ سيكون دلالة على شهوةٍ مُنحرِفة وشاذَّة» (المصدر السابق، صفحة ٩).

حدَّد فرويد ما كان يبحث عنه: «إظهار التكوين الخاص والدقيق للاضطراب العُصابي وتحديد أعراضه» (المصدر السابق، صفحة ١٣)، مُنهيًا حديثه بوصف المنهج التحليلي:

أَصبَحتُ الآن أترك المريض نفسه يختار الموضوع الذي سنتناوله اليوم، وبهذه الطريقة أبدأ دومًا من أي نقطةٍ عشوائية يتصادف أن طرحها لا وعيه في هذه اللحظة. لكن وفقًا لهذه الخطة، يبرُز كل ما يتعلق بتحديد عَرَضٍ معين تدريجيًّا، ويكون متشابكًا ضمن سياقاتٍ شتى ومُوزَّعًا على فتراتٍ زمنية واسعة ومتفرقة. (المصدر السابق، صفحة ١٢)

بعدما لاحظ فرويد ارتباط هذا النص بكتاب «تفسير الأحلام»، عبَّر عن فكرته كما يلي:

بعد الانتهاء من تفسير الأحلام … يمكن أن يحل محلَّها أفكارٌ ذاتُ تكوينٍ صحيح ومثالي يمكن أن نُفرِد لها موضعًا يمكن تمييزه في سلسلة الأحداث العقلية. وأَودُّ أن أُورِد مثالًا في الصفحات التالية للتطبيق العملي الوحيد الذي يُفسِح له فن تفسير الأحلام مجالًا فيما يبدو. (المصدر السابق، صفحة ١٥)

يُصِر فرويد على أهمية الحُلم بوصفه «إحدى الطرق الجانبية التي يمكن من خلالها تجنُّب الكبت» (المصدر السابق، صفحة ١٥)؛ ومن ثَمَّ يمكن من جديدٍ استعادة المادة النفسية غير المرغوب بها التي خضع مُحتواها للكبت، وذلك عبر التفسير.

إن محتوى قصة دورا يتضمن ثغرات؛ فالترتيب الزمني مُعدل، وتُوجد أمثلة لا تُحصى على انعدام الصدق اللاواعي والواعي، إلى جانب وجود تلك «[الأخطاء] في الذاكرة … التي تكوَّنَت كنتاجٍ ثانوي لأجل سد تلك الثغرات» (المصدر السابق، صفحة ١٧). وقد بيَّن نص «الذكريات المُشوَّهة» الصادر عام ١٨٩٩ هذا التداخُل الزمني بين الذكريات.

لم يُعِد مقال فرويد تشكيل تاريخ الأعراض، مثل بحة الصوت والسُّعال وفقدان الصوت، التي ظَهرَت مبكرًا لدى دورا من سن الثانية عشرة، وركَّز، عوضًا عن ذلك، على كشف معانيها المُتعدِّدة، وأيضًا الروابط المُعقَّدة بينها وبين مَظاهرَ جسديةٍ أو نفسيةٍ أخرى، سواء ظَهرَت في وقتٍ منفصل أو في الوقت نفسه، والتي قد تتضمن الصداع النصفي، وربما تضمَّنَت أيضًا اكتئابًا أو اضطرابات في الشخصية … من ناحيةٍ أخرى، تركت دورا في إحدى الأيام «خطابًا أَعلنَت فيه أنها قد طردت هذه الأعراض من عقلها؛ لأنها، على حد قولها، لم تعُد قادرةً على احتمالِ حياتها» (١٩٠٥أ، صفحة ٢٣).

عَلِم فرويد، من خلال والد دورا، بصداقة العائلة مع عائلة كيه وامتنان الأب للسيدة كيه التي اهتمت بدورا أثناء مرضها، واعتناء السيد كيه بدورا التي حلَّت محل الأم لأطفال الزوجَين. قبل ذلك مباشرة، رَفضَت دورا البقاء مع آل كيه، وأَخبرَت أمها لاحقًا أن السيد كيه قد تجرَّأ، عقب نزهةٍ إلى البحيرة، وعبَّر عن عاطفة تجاهها، وهو ما أنكره السيد كيه، مُلقيًا بذلك بظلال الشك على دورا، التي كانت مهتمةً فحسب، على حد قول السيدة كيه، بأمور الجنس، وأنها على الأرجح «تخيَّلَت المشهد الذي وصفَته ليس إلا» (المصدر السابق، صفحة ٢٦). وهكذا أدَّى الموقف إلى لجوء الأب إلى فرويد راجيًا إياه «أن يُحاوِل إعادتها إلى رشدها» (المصدر السابق، صفحة ٢٦).

وفي ذلك قال فرويد إن ما نراه الآن قطعًا هو «الصدمة النفسية التي صرَّحتُ أنا وبروير منذ زمنٍ طويل [في «المراسلات التمهيدية» بينهما] أنها شرطٌ لا غنى عنه لحدوث الاضطراب الهستيري» (المصدر السابق، الصفحات ٢٦-٢٧). لكن فرويد أصبح الآن يأخذ في اعتباره، إلى جانب وجود العَرَض منذ حين، أنه «إذا … لم نستبعد نظرية الصدمة، فلا بد لنا من الرجوع إلى طفولتها» (المصدر السابق، صفحة ٢٧). عندما كانت دورا في الرابعة عشرة، ضمها السيد كيه إليه وقبَّلها في فمها. «لقد استدعى ذلك الموقف دون شكٍّ إحساسًا مميزًا بالإثارة الجنسية لدى فتاة في الرابعة عشرة لم يَقرَبْها أحد من قبلُ» (المصدر السابق، صفحة ٢٨). إن ما شعرت به دورا، في الواقع، هو الاشمئزاز، وهو الشعور الذي رآه فرويد علامةً على الهستيريا؛ في ظل وجودِ إزاحةٍ للأحاسيس. كانت دورا ترى أن منطقة الأعضاء التناسُلية الأنثوية «يُتلفها» المص؛ ومن ثَمَّ أصبحت هذه المنطقة مركزًا للرغبة الجنسية. وقد أبقت دورا ما شَعرَت به من إثارةٍ جنسية واشمئزاز سرًّا. واعتقد فرويد أن الفتاة كانت واعيةً وقتها بوجود العضو الجنسي؛ لأنها شَعرَت بانتصابِ عضو السيد كيه. «لقد كان هذا الإدراك مُقزِّزًا بالنسبة لها، وقد «طردَته» من ذاكرتها و«كَبتَته» و«جَعلَت محله» الإحساس «البريء» المتمثل في الضغط على قفصها الصدري …»١ (المصدر السابق، صفحة ٣٠؛ التنصيص للتوكيد). وقد أكد فرويد أن:

لدينا ها هنا ثلاثة أعراض — الاشمئزاز، والإحساس بالضغط على الجزء الأعلى من الجسد، وتجنُّب الرجال المُندمجِين في محادثةٍ عاطفية — وجميعها أعراضٌ ناتجة عن تجربةٍ واحدة، وإنه فقط من خلال النظر بعين الاعتبار إلى العلاقة المُتبادَلة بين تلك الظواهر الثلاث، يُمِكننا فهم طريقةِ تكوين العرَض. (المصدر السابق، صفحة ٣٠)

فيما يتعلق بالاشمئزاز، إذا كان فرويد هنا قد ذكَّرنا بأهمية الفم، وهو هنا أمرٌ يتعلق بالمص الشبيه بمص الطفل لدى دورا، فقد أشار أيضًا إلى قرب منطقة الأعضاء التناسُلية من منطقة الإخراج، ولا تنجح محاولات إضفاء الطابع المثالي في الفصل بين المنطقتَين … لقد أصر فرويد على التحديد المبالغ فيه للأعراض؛ فالمعرفة بمسارات الارتباط «لا تُقلِّل من أهمية المعرفة بالقوى التي تنتقل عبْرها» (المصدر السابق، صفحة ٣٢). وبالتأكيد يأخذ فرويد في اعتباره هنا مفهوم الكم فيما يتعلق بالقوة الغريزية.

إن التماهي، الذي يُعد الآلية المحورية في الهستيريا، حاضر على مدى النص؛ فيجده فرويد، على سبيل المثال، في سعال دورا؛ إذ تتماهى قدْر استطاعتها مع أبيها بينما يلهث في حجرة الزوجية، وفي تماهي آنا أو مع أبيها المريض الذي يجد صعوبة في التنفُّس. تتماهى دورا كذلك مع أمها، أو مع المُعلِّمة، أو السيدة كيه، تبعًا لتدفُّق الأفكار اللاواعية التي تحوز اهتمامها. وما يُميِّز الهستيريا عن الأمراض العُصابية النفسية الأخرى هو الامتثال الجسدي الذي «يُؤدِّي إلى تحوُّل المجال الجسدي إلى مُتنفَّس للعمليات النفسية اللاواعية» (المصدر السابق، صفحة ٤٠).

ماذا يعني العَرَض؟ إنه يُجسِّد وهمًا ذا محتوًى جنسي، حتى لو كان وهمٌ واحدٌ غيرُ واعٍ لا يكفي لتوليد عرَض مَرَضي.

إن المعنى المزدوج للكلمات — مثل كلمة Fortune في الإنجليزية التي تدل على المعنى الظاهر لها وعكسه في الوقت نفسه — سوف يكون حاضرًا في تحليل الأحلام. ونحن هنا بصدد التعامُل مع معنًى جنسي؛ ربما كان الأب عاجزًا جنسيًّا، إلى جانب استخدام فرويد كلماتٍ للتعبير عن الأشياء المرتبطة بالجنسانية، وعاد يدافع من جديدٍ عن نفسه عبر التشبُّه بطبيب النساء الذي يحق له الحديث عن الجنس. وقد استعار استعاراته المجازية من اللغة الفرنسية، مثل «سأدعو الأشياء بأسمائها»، أو «لكي تصنع عجة، لا بد أن تكسر بيضًا» (المصدر السابق، الصفحات ٤٨-٤٩)؛ فهل كانت الفرنسية هي لغة الجنسانية لدى فرويد؟ تلك قصةٌ أخرى …

إن الأمراض العُصابية، إن جاز التعبير، هي الصورة «السالبة» للانحرافات … فتخيُّلات اللاوعي [لدى مرضى العُصاب] تُظهِر المحتوى نفسه تمامًا الذي نجده في «أفعال» المُنحرفِين المُوثَّقة. (المصدر السابق، صفحة ١٦٥)

وتكمن أصولها المزدوجة في الانحراف المتعدد الأشكال لدى الطفل، والذي وصفه فرويد، في عام ١٩٠٥، في كتابِ «ثلاثة مقالات حول نظرية الجنسانية» (١٩٠٥ب)؛ إذ نجد هنا أن فرويد منشغل بالانتقال ما بين الحلَمة والقضيب، قبل أن يتوصل إلى نظرياته حول المكافِئات؛ أي القضيب والبراز والطفل:

إن هذا التخيُّل المنحرف البالغ التقزُّز لمص القضيب له أصلٌ في غاية البراءة. إنه صورةٌ جديدة لما يمكن وصفه بانطباعٍ من عصرِ ما قبل التاريخ للرضاعة من ثَدي الأم أو المُربِّية. (المصدر السابق، صفحة ٥٢)

نحن الآن، فيما يبدو، في مرحلة المادة «ما قبل التناسُلية»، إلا أن النظام الأوديبي، إذا كنا نرغب في تناولِ جانبَي المسألة، هو ما يجعل حركات التماهي والحركات الغريزية المُتنوِّعة مفهومة. إن حب الأب، بجانبه الشهواني، قد حل محلَّه حب السيد كيه (ونقيضه؛ أي الكراهية)؛ ومع ذلك، يبدو أن الجزء الأكثر سرية، والأكثر قيمة، في مسار العلاج بالنسبة إلى دورا كان حبُّها للسيدة كيه وتألُّمُها لِخيانتها.

(٢) الحلمان

(٢-١) الحلم الأول

كان ثَمَّةَ بيتٌ يحترق. كان أبي يقف بجوار سريري وأيقظني. ارتديتُ ملابسي سريعًا. أرادت أمي أن نتوقَّفَ كي نُنقِذ عُلبة مجوهراتها لكن أبي قال «لن أحترق أنا وأطفالي لأجل عُلبة مجوهراتك. أسرعنا نهبط درجات السُّلم وما إن خرجنا من البيت حتى استيقظتُ. (فرويد، ١٩٠٥أ [١٩٠١]، صفحة ٦٤)

حلَّل فرويد الحلم بالدقة نفسها التي حَلَّل بها أعراض دورا، جامعًا تداعياتِها ليُقدِّم إلى القارئ، مع تكشُّف محتوى النص تدريجيًّا، الاعتباراتِ النظرية والفنية التي اعتَبرَها ضرورية. بالإضافة إلى ذلك، كان لكل كلمةٍ من كلمات الحُلم مكانٌ في سلسلة في التداعيات التي أَصبحَت أكثر عمقًا كلما أَثبتَت دورا قُدرتها على الإضافة إليها. وكان رفع الكبت، إلى جانب الاهتمام المفاجئ ببعض الأحداث الماضية أو الحاضرة، سببًا في دعم الجلسة، مع تغيُّر قوة الإضاءة من لحظة لأخرى، وفقًا لآليات التركيزات النفسية.٢ ومن جديدٍ ظهر تعدُّد المعاني في الحريق، الذي يرتبط بالإثارة الجنسية التي ربما شَعرَت بها دورا بسبب السيد كيه، ويرتبط كذلك بذكرى دورا عن سلس البول الذي عانت منه في طفولتها، مثلما كَشفَت الفرضيات التي قدَّمها فرويد إلى الفتاة الشابة؛ وكان والدها هو من يُوقظها ليلًا كي تَتبوَّل …

كذلك تُقدِّم عُلبة المجوهرات، التي ظَهرَت مرتَين في الحلم، مثالًا لآلية التحليل وما تنطوي عليه من فكٍّ للتكثيف. إنها تُجسِّد «عُلبة المجوهرات» الأُمومية، التي يُؤدِّي استدعاؤها من الذاكرة إلى «القطرات»، وهي كلمة لا تظهر في الحلم لكنها تتداخل مع التداعيات بوصفها جسرًا ترابطيًّا؛ فيبدو أن والدة دورا كانت تُريد من زوجها أن يُهديها قرطًا على شكلِ قَطَرات، ما قاد دورا إلى تمني الحصول على هدايا أبويةٍ مماثلة، لكن القطرات تستدعي كذلك معانيَ جنسية أكثرَ مباشرة، كمرض الأُم الذي انتقل إليها جنسيًّا، ومَنِي الأب، «وأزهار دورا البيضاء»، التي تُجسِّد، على نحوٍ متساوٍ، كلًّا من خوفها ورغبتها في أن تحل محل أمها وعشيقة والدها كذلك، وبالقطع تَكشِف كذلك عن ممارستها الاستمناء. غير أن عُلبة المجوهرات هي هديةٌ أخرى قَدَّمها لها السيد كيه؛ فعندما اقتَرحَ فرويد على دورا تفسيرًا لحُلمها مفاده أن عُلبة المجوهرات ترمز إلى الأعضاء التناسُلية الأنثوية، كان رد دورا: «كنتُ أعلم أنكَ ستقول ذلك» (المصدر السابق، صفحة ٦٩). إن ما نراه هنا هو آلية الإسقاط.

على مدى هذا الفصل، قصد فرويد أن يُوضِّح من جديد، كما فعل سابقًا في كتاب «تفسير الأحلام»، أن «الحُلم يُعبِّر عن تحقيقِ أمنيةٍ ما» (فرويد، ١٩٠٠).

تشير الرغبة ضمنًا إلى التحويل أيضًا،٣ كما شرح فرويد في حاشيةٍ تفسيرية؛ فبعد أن اقترح على دورا عددًا من التفسيرات، أخبرها في النهاية قائلًا:

«الحُلم يُؤكِّد من جديد ما قد أخبرتُكِ به بالفعل قبل أن تحلُمي به؛ لقد كنتِ تستدعين حبك القديم لأبيك كي تحمي نفسك من حبك للسيد كيه. لكن ما الذي تُبيِّنه هذه المحاولات كافةً؟ إنها لا تُبيِّن خوفكِ من السيد كيه فحسب، بل تُبيِّن كذلك أنكِ ما زلتِ تخافين أكثر من نفسك ومما تشعرين به داخلكِ من إغراء الاستسلام له. خُلاصة القول، تلك المحاولات تُثبِت من جديد حُبكِ العميق له …» و«بطبيعة الحال» لم تكن دورا لِتتفقَ معي في هذا الجزء من التفسير. (فرويد، ١٩٠٥أ [١٩٠١]، صفحة ٧٠؛ التنصيص للتوكيد)

أضاف فرويد:

علاوةً على ذلك، يدفعني تَكرار الحلم في الأيام القليلة الماضية إلى استنتاج أنكِ تعتبرِين أن الموقف نفسه قد أُثير من جديد، وأنكِ قد قررتِ التخلي عن العلاج، الذي لا تأتين لِتلقِّيه في النهاية إلا بوازعٍ من أبيك. (المصدر السابق، صفحة ٧٠)

وقد ثبت صحة هذا الادعاء كما سنرى. مع ذلك، نبَّه فرويد إلى أنه لم يكن يرغب في التحدث عن التحويل في هذا النص …

أمَّا الرغبة التي تخلُق الحلم، فقد حدَّد فرويد وظيفتها مرةً أخرى: «تنبعث الرغبة التي تخلق الحُلم دومًا من فترة الطفولة، وتُحاول باستمرار استدعاء الطفولة إلى عالم الواقع وتصحيح الحاضر حسب معايير الطفولة» (المصدر السابق، صفحة ٧١).٤
في هذا الفصل كذلك، تحدَّث فرويد، فيما يتعلق بالاستمناء الذي ذكره قبل بضعِ جلسات، عن الفعل الذي يحمل دلالةً خفية، شارحًا إياه لدورا بينما «تَضْطجِع على الأريكة وتتحدث … وتعبث ﺑ [حقيبةٍ أنثوية صغيرة] فتظل تفتحها وتضع إِصبَعها داخلها ثم تُغلِقها من جديد» (المصدر السابق، صفحة ٧٦).٥

استَحوذَت فكرةُ ممارسة الاستمناء في الطفولة على اهتمام فرويد طويلًا؛ فناقش كيف أن كبته يُعتبر جزءًا لا يتجزأ من مُسبِّبات الهستيريا، مضيفًا أنه إذا «أثبت في هذه الحالة حدوث استمناء في الطفولة … فإن حدوثه لا يمكن اعتباره عاملًا عرضيًّا أو غيرَ مهم في تكوين المشهد الطبي» (المصدر السابق، صفحة ٨٢). كلمةٌ واحدة من شأنها أن تعمل بمثابة جسر؛ ألا وهي «زُكام»، التي عبَّرَت بها دورا عما تشعر به؛ وقد تحدَّث فرويد عن «كلمة «زُكام» [التي] عمِلَت مجددًا بمثابة «كلمةٍ انتقالية»، مكَّنَت مجموعة الأفكار التي تدور حول مسئولية أبيها عن مرضها من إظهار نفسها في هيئة عَرَض السعال» (المصدر السابق، صفحة ٨٢). فقد كانت تَسعُل مثل أبيها، وهو ما اعتبره فرويد سبيلًا لها لكي تعلن للعالم كله: «أنا ابنةُ أبي، ولديَّ زكام كالذي يُعاني منه. لقد جعلني مريضةً مثلما تسبَّب في مرض أمي. لقد أخذتُ منه تلك العواطف الشريرة التي عُوقِبتُ عليها بمرضي» (المصدر السابق، صفحة ٨٢).

حدَّد فرويد في معرض حديثه مفهوم التثبيت: إذا وُجِد تهيُّجٌ عضوي منذ البداية، فإنه عُرضةٌ للتثبيت: «لأنه يتعلق بجزءٍ من الجسد احتفظ بمدلوله إلى حدٍّ كبير لدى دورا بوصفه منطقةً مثيرة جنسيًّا» (المصدر السابق، صفحة ٨٣).

وللسُّعال معنًى آخرُ إضافي ألا وهو: «التماهي» مع السيدة كيه، التي كانت عشيقةً لأبيها.

يأتي بعد ذلك تأكيدٌ فرويدي لا نجده لاحقًا في أعماله: «تشعر النساء بالفخر حِيال مظهر أعضائهن التناسُلية … [لكن] اضطرابات الأعضاء التناسلية التي يعتقدن أنها تُثير أحاسيس النفور بل الاشمئزاز لها قدرةٌ لا تُصدَّق على الحد من تقديرِهن لأنفسهن» (المصدر السابق، صفحة ٨٤).

إن الاشمئزاز الذي شَعرَت به دورا بعدما قبَّلَها السيد كيه كان مصحوبًا فيما يبدو بفكرة أن «جميع الرجال تافهون وخونة» (ومنهم أبي والسيد كيه) (المصدر السابق، صفحة ٨٤).

في الحلم، استدعت دورا عاطفةً طفليَّة تجاه أبيها لعلها تحميها من عاطفتها الحالية تجاه شخصٍ غريب … «إن الرغبة الطِّفليَّة، والتي أَصبحَت الآن غير واعية، في وضع أبيها موضعَ هذا الرجل الغريب لديها القدرة اللازمة على تشكيلِ حلم» (المصدر السابق، صفحة ٨٦؛ التنصيص للتوكيد).

وعاد فرويد إلى تعريفاتِ كتاب «تفسير الأحلام»، فذكر أنه إذا لعِبَت فكرةٌ في النهار دور رائد الأعمال، فإن الرغبة المنبعثة من اللاوعي هي مَن تلعب دور الرأسمالي الذي يَتكفَّل بالنفَقات.

(٢-٢) الحلم الثاني

كنتُ أَتجوَّل في مدينةٍ لا أعرفها. رأيت شوارعَ وميادينَ لم أَرَها من قبلُ، ثم دخلتُ إلى المنزل الذي أعيش به وذهبتُ إلى غرفتي حيث وجدتُ خطابًا من أمي تُخبِرني فيه أنها لم تشأ أن تكتبَ لي لتُبلغني بمرض أبي؛ لأنني قد تركتُ المنزل دون علمِ والديَّ ثم أضافت: «الآن وقد مات، يمكنكِ الرجوع إن شئت.» تَوجَّهتُ بعد ذلك إلى محطة القطار [بانهوف] وأخذتُ أسأل ما يقرب من مائة مرة: «أين المحطة؟» وكانت الإجابة دومًا «على بعد خمس دقائق.» ثم رأيتُ غابةً كثيفة الأشجار أمامي، فدخلتُها، حيث قابلتُ رجلًا سألتُه عن المحطة فأجابني: «على بعد ساعتَين ونصف.» وعرض عليَّ أن يرافقني، لكني رفضتُ وذهبتُ وحدي ثم رأيتُ المحطة أمامي لكني لم أستطع بلوغها. في الوقت نفسه راودني شعور القلق المألوف الذي ينتاب المرء في الأحلام عندما يعجز عن التحرُّك. وجدتُ نفسي بعد ذلك في بيت العائلة، لا بد أنني سافرت خلال تلك الفترة ولكن دون أن أدري. دخلتُ إلى غرفة البواب وسألتُ عن شقتنا. فَتحَت لي الخادمة الباب وأَخبرَتني أن أمي والآخرِين قد ذهبوا بالفعل إلى المقبرة [فريدهوف]. (المصدر السابق، صفحة ٩٤)

يعرض فرويد ها هنا نموذجًا جديدًا لتحليل محتوى حُلمٍ ما، حيث تتداخل كثيرٌ من العناصر المترابطة التي يعيد فرويد ترتيبها وحده أو عبر طرح الأسئلة على دورا. يتمحور الأمر هنا حول شابٍّ ترك منزله وارتحل إلى مدينة «غريبة»، بقصد الاستقلال والتمكُّن من الزواج بدورا؛ لكن حتى مع هذا التفسير يجد المرء تحديدًا مُفرِطًا لمعانيه؛ فتداعي الأفكار يقود إلى درسدن، «حيث ذهبت دورا وحدها لمدة ساعتَين» لرؤية لوحةِ عذراء سيستينا. لاحَظَ فرويد كذلك التماهي مع شخصية الشاب العاشق، الذي كان يستهدف إغواء دورا؛ وعلى ذلك يصبح هدف دورا إغواء امرأة؛ ألا وهي السيدة كيه، وهو ما نراه عبر رموزٍ مثل «المحطة»، والمرأة … مكان للانتقالات (للحب).٦

أمَّا تعبير «مائة مرة»، فيُذكِّرنا هنا بمشهد؛ حيث طلب الأب كأسًا من الشراب، فصاحت دورا في أمها نافدة الصبر: «لقد سألتكِ «مائة مرة» أين مِفتاح خزانة المشروبات» (المصدر السابق، صفحة ٩٧). ويرى فرويد أن المِفتاح، وعُلبة المجوهرات في الحلم السابق، كلها رموز تشير يقينًا إلى الأعضاء الجنسية.

بعد ذلك ذَكَّر فرويد دورا «بخطاب» الوداع، الذي كَتبَته إلى والدَيها، وصِلته بالخطاب في الحُلم: «لقد كان الهدف من هذا الخطاب هو إخافة أبيها كي يهجر السيدة كيه، أو الانتقام منه بأي حالٍ إذا لم تتمكَّن من إقناعه بتركها» (المصدر السابق، الصفحات ٩٧-٩٨).

وضع فرويد في اعتباره هذه الرغبة في الانتقام. وقبل أن نستكمل تحليل الحلم، دعونا نُنوِّه إلى عنصرٍ رئيس، وهو مشهد إعلان السيد كيه حبه لدورا بجوار البحيرة. أعاد فرويد تكوين المشهد بدقة؛ ومن ثَمَّ علم أن العبارة التي نطق بها السيد كيه — «أنتِ تعلمين أن زوجتي لا تمنحني أي شيء» (المصدر السابق، صفحة ٩٨) — قد دَفعَت دورا إلى صفعه والهرب منه؛ لأنها العبارة نفسها التي استخدمها لإغواء المُعلِّمة. إن الجرح الذي شَعرَت به دورا في كبريائها وتقديرها لذاتها — «أُعامَل معاملة الخادمة» (المصدر السابق، صفحة ١٠٦) — هو قطعًا الأصل في رغبتها في الانتقام، والتي وجَّهَتها كذلك، كما سنرى، نحو فرويد الذي ستُخطِره، قبل الجلسة بأربعة عشر يومًا، بأنها لن تأتي مجددًا لجلسات التحليل.

تقودنا «الغابة» في الحُلم، عبر تداعي الأفكار، إلى الحوريات، إلى الردهة، إلى مجموعةِ مفرداتٍ تشير إلى موجوداتٍ ذات تكوينٍ جنسي. ووجد فرويد ها هنا فرصةً لتأكيد فرضيةٍ كان قد اقترحها في كتاب «تفسير الأحلام»: «تلك الأجزاء من الحُلم التي ينساها المرء في البداية ثم لا يتذكرها إلا لاحقًا دائمًا ما تكون الأهم من منظور فهم الحُلم» (المصدر السابق، صفحة ١٠٠). في روايةٍ أخرى للحلم ذَكرت دورا أنها «بَدأَت في قراءة كتابٍ كبير» (المصدر السابق، صفحة ١٠٠)، ما قاده إلى التفكير في المُعجَم. وأضافت كذلك أنها «رأت نفسها بوضوحٍ تصعد السُّلم» (المصدر السابق، صفحة ١٠١). استطاع فرويد حينئذ تأكيد حَدْسه: لقد تَرتَّب على ادعاء دورا الإصابة بالتهاب الزائدة الدودية عقب وفاة خالتها عاقبةٌ غير عادية؛ فقد كانت تجُر قَدمَها اليمنى. أعاد فرويد ترتيب الأحداث الزمنية: لقد ظهر التهاب الزائدة الدودية المزعوم بعد تسعةِ أَشهُر من المشهد بجوار البحيرة؛ إذن فقد كان وهمًا بأنها تلِد طفلًا بعد تعرُّضها لِتعثُّر؛ هنا أصبح العَرَض الهستيري مؤكدًا.

أنا مقتنعٌ [كتب فرويد] أن عَرَضًا من هذا النوع لا يمكن أن ينشأ إلا من نموذجٍ أولي «طفلي». إن مجمل خبرتي حتى هذه اللحظة تقودُني إلى التمسك بقوة بوجهة النظر التي تزعم أن الذكريات المُستمَدة من انطباعات السنوات اللاحقة لا تملك من القوة ما يكفي كي تُمكِّن نفسها من الترسُّخ كأعراض. (المصدر السابق، صفحة ١٠٣)

لقد عُثر على هذه الذكرى الطفولية من جديد؛ إذ تعرَّضَت القدم اليمني نفسها للالتواء عندما كانت دورا في الثامنة وأُجبِرَت على ملازمة الفراش عدة أسابيع.

وهكذا انقطع العلاج بعدما أخبر فرويد دورا بكل ما بلغ فهمه من أعراضها وأحلامها:

بدأتُ أشُك في أنكِ قد تعاملتِ مع واقعة السيد كيه بجديةٍ أكبرَ بكثير من أن يكون لديك الاستعدادُ للاعتراف بها حتى الآن … ألم تُفكِّري أنه قد يرغب في الطلاق من زوجته كي يتزوجك؟ أنت حتى لا تملكين حق التأكيد على استحالة وجود مثل هذه النية لدى السيد كيه … إن علاقةَ أبيكِ بالسيدة كيه، التي ربما كانت السبب الوحيد في مُساندتكِ لأُسرتها ودعمهم طَوالَ هذه الفترة، تجعل إمكانية الحصول على موافقتها على الطلاق أمرًا مؤكَّدًا، وأنتِ قادرةٌ على جعل أبيكِ يفعل أي شيءٍ من أجلك. في الواقع، لو كانت واقعةُ إغوائكِ بجوار البحيرة قد أَسفرَت عن نتيجةٍ مختلفة، لكان هذا بلا شكٍّ الحل الوحيد الممكن لجميع الأطراف ذوي الصلة. وأعتقد أنكِ ندمتِ ندمًا شديدًا على الحدث لهذا السبب وصحَّحتِه في شكل تخيُّل جعله يتخذ شكل التهابِ الزائدة الدودية. (المصدر السابق، الصفحات ١٠٧-١٠٨)

أنهى فرويد هذا التكوين المُختصَر، الذي اقتبستُ جزءًا منه فقط، بالملاحظة التالية: «استَمعَت دورا إليَّ دون أن تُبدي أيًّا من اعتراضاتها المعتادة. ويبدو أنها قد تَأثَّرَت بما قلتُ؛ إذ ودَّعَتني بحرارة ولم تأتِ مُجدَّدًا» (المصدر السابق، الصفحات ١٠٨-١٠٩).

عاد فرويد بعد ذلك إلى المُقدِّمات الأساسية التي حدَّدَتِ العلاج:

لقد دَعمَ [والد دورا] العلاج طويلًا على أمل أنني سوف «أُقنع» دورا بخطأ اعتقادها بوجود علاقةٍ تتجاوز الصداقة بينه وبين السيدة كيه. وتضاءل اهتمامُه بالعلاج عندما لاحظ أنني لم أهدف إلى تحقيق هذه النتيجة. (المصدر السابق، صفحة ١٠٩)

كان فرويد محبطًا، وكان كل ما يدور في ذهنه: «كنتُ أعرف أن دورا لن تأتي مرةً أخرى … إن انقطاعها عن العلاج فعلٌ انتقامي دون شك» (المصدر السابق، صفحة ١٠٩). لقد أخذ في اعتباره مازوخية دورا، ولكنه تَصوَّر كذلك البعد التحويلي الذي لعب دورًا في إنهائها للعلاج:

يجب على شخصٍ مثلي — يمتهن استحضار أَشرِّ الشياطين التي تسكن العقل البشري ولم يكتمل ترويضها بعدُ، ويسعى للتصارُع معها — ألَّا يتوقع خوض هذا الكفاح دون أن يناله أذًى. ألم يكن بإمكاني إبقاء الفتاة تحت العلاج لو تظاهَرتُ بعض الشيء، لو بالغتُ في التعبير لها عن أهمية استمرارها في العلاج، وأظهرت اهتمامًا شخصيًّا قويًّا بها …؟ (المصدر السابق، صفحة ١٠٩؛ التنصيص للتوكيد)

ثم خاطب مُنتقدِيه قائلًا:

ربما تتسبَّب يقينيةُ موقفي حيال موضوع «اللاوعي» في استياء؛ كوني أتعامل مع الأفكار «اللاواعية» … وتسلسُلات الأفكار … والدوافع «اللاواعية» كما لو أنها بياناتٌ نفسية لا تقل صحةً وموثوقيةً عن مثيلتها «الواعية». (المصدر السابق، صفحة ١١٣؛ التنصيص للتوكيد)

كان هذا ردًّا على الفلاسفة الذين ينكرون وجود اللاوعي.

بالإضافة إلى العلل الجسمانية، كشف فرويد عن أهمية المصادر الطفلية للانحرافات، والمناطق المثيرة للشهوة الجنسية، والميل للجنسين.

وقد أنهى نصه بالحديث حول مشكلة التحويل. فقدَّم أولًا تعريفًا جامعًا لأنواع التحويل:

إنها نُسخٌ جديدة أو صورٌ طبق الأصل من الدوافع والتخيُّلات التي تُثار وتصبح في نطاق الوعي أثناء سير التحليل النفسي، لكنها تتمتع بسمةٍ خاصة، تُميِّز جميع أنواعها، وهي أنها تضع الطبيب محل شخصٍ ما سابقٍ في حياة المريض. (المصدر السابق، صفحة ١١٦)

أضاف فرويد أن العلاج بالتحليل النفسي لا يخلُق التحويل ويُصبِح أحد أكثر الأجزاء الإضافية تأثيرًا في العلاج.٧
استَوعَب فرويد أنه لم يتمكن من السيطرة على تحويل دورا؛ إذ كان يعتقد أنها أَسقطَت عليه صورةً للأب وربما صورة السيد كيه كذلك، مُفسِّرًا انتقامها من أبيها بأنه انتقامٌ من السيد كيه. وكانت تلك نقطةً ذات أهمية: «لقد «مثَّلَت» جزءًا أساسيًّا من ذكرياتها وخيالاتها بدلًا من إعادة إنتاجها خلال العلاج» (المصدر السابق، صفحة ١١٩).٨

في عام ١٩٢٣، أضاف فرويد ملاحظةً بناءً على اعتقاده بأن خطأه كان الاستخفاف بحُب دورا للسيدة كيه: «قبل أن أُدرِك أهمية تيَّار المثلية الجنسية في مَشاعرِ مرضى العُصاب، كنتُ غالبًا ما أَصِل إلى طريقٍ مسدود في علاجِ حالاتي أو أجد نفسي في حَيرةٍ تامَّة من أَمرِي» (المصدر السابق، صفحة ١٢٠).

•••

إن هذا النص الطبي البارع يُتيح لنا ملاحظة فرويد بينما يُعالِج حالة دورا خلال الجلسات وملاحظته أيضًا بينما يعمل على تطوير نظريته؛ فقد تناوَلَ كثيرًا من المفاهيم تناوُلًا جديدًا وقدَّم تعريفًا لها؛ مثل آليَّات الكبت، والنكوص، والتثبيت، والتماهي. وفيما يتعلق بهذه المفاهيم، يُوضِّح حَراكَ التماهي، ما بين أُنثوية وذُكورية، بجلاء التكافُؤ في الازدواجية الجنسية.

ولكي نُجسِّد المسار الذي اتَّبعَه فرويد، دعونا نُعِد تناوُل المراحلِ البارزة لاهتمامه بمرض الهستيريا.

•••

في مقال «الهستيريا»، الذي نُشِر عام ١٨٨٨، كان فرويد، رغم اقتناعه آنذاك بأن للمرض سببًا وراثيًّا، قد لاحظ أن «تطوُّر الاضطرابات الهستيرية غالبًا ما يحتاج إلى فترةِ حضانةٍ أو بالأحرى فترةِ كُمون، يستمر خلالها سببُ استثارة المرض في ممارسة تأثيره في اللاوعي» (فرويد، ١٨٨٨، صفحة ٥٢). وفي عام ١٨٩٥، وضمن «مشروع وَضعِ علمِ أمراضٍ علمي»، خُصِّص الجزء الخاص بعلم الأمراض النفسية بأكمله للهستيريا. ومن عام ١٨٩٣ إلى ١٨٩٥، بعدما نشر بروير حالة آنا أو، قدَّم فرويد أربع دراساتِ حالةٍ إكلينيكية حيث ظَهرَت نظرية الإغواء الذي يُمارِسه الأب في الصدارة. لكنه هَجرَ النظرية عام ١٨٩٧ مع اكتشافه أهمية التخيُّل.

في عام ١٨٩٦، كتب فرويد دراسته «مُسبِّبات مرض الهستيريا»، والتي تَتضمَّن بعض الملاحظات الجديرة بالذكر: «جميع حالات الهستيريا التي تَولَّيتُ علاجها كَشفَت عن وجودِ أساسٍ للأعراض الهستيرية» (فرويد، ١٨٩٦، صفحة ٢١٩)، وكان يرى كذلك في ذلك الوقت أنه «لا يمكن لعَرَضٍ هستيري أن ينشأ من التجربة الفعلية وحدها، لكن … «في كل حالةٍ تَعُود ذكرى التجارب السابقة على نحوٍ مرتبط بالعَرَض وتلعب دورًا في التسبُّب به»» (المصدر السابق، صفحة ١٩٧؛ التنصيص للتوكيد). أَودُّ كذلك تسليط الضوء على نصٍّ كَتبَه فرويد عام ١٩٠٨ وهو «الخيالات الهستيرية وعلاقتها بازدواجية الميول الجنسية»؛ حيث تَناوَل أحلام اليقظة مُوضِّحًا أن: «كل نوبةٍ هستيرية تعاملتُ معها حتى الآن ثبت أنها تدفُّقٌ لا إرادي لهذا النوع من أحلام اليقظة» (فرويد، ١٩٠٨، صفحة ١٦٠). ويُشير بعد ذلك إلى خيالات اللاوعي:

إن الشخص الذي يُمارِس الاستمناء يُحاوِل، في خيالاته الواعية، أن يختبر مشاعر الرجل والمرأة على حدٍّ سواء في الموقف الذي يَتخيَّله … في بعض النوبات الهستيرية تلعب المريضة كلا الدورَين بالتزامُن في الخيال الجنسي الكامن … إذ تتمسك بفُستانها بيد (بوصفها المرأة) وتُحاوِل باليد الأخرى نزعه عنها (بوصفها الرجل). (المصدر السابق، صفحة ١٦٦)

إن النص الذي كتبه فرويد حول دورا يُعتبر نصًّا تعليميًّا؛ إذ يُجسِّد لحظةً يضع فيها فرويد تكوين الجنسانية النفسية الأُنثوية.٩ إن الأعضاء التناسُلية الأُنثوية، المُمثَّلة بوضوح في عُلبة المجوهرات وتُعد «مصدرَ فخرٍ للمرأة» (فرويد، ١٩٠٥أ [١٩٠١]، صفحة ٨٤) على حدِّ قول فرويد، هي بالقطع أعضاءٌ مجوفة؛ فقد كانت دورا تدُس إصبعها دون وعي داخل حقيبتها الصغيرة لاستكشافها. في عام ١٩٠٥، تَكوَّن لدى فرويد، فيما يبدو، معرفةٌ مُبكِّرة غيرُ مكتملة بالمهبل بوصفه عُضوًا مُجوَّفًا لدى فتاةٍ صغيرة لم تكن سوى فتاةٍ أولًا وأخيرًا؛ أي لم تكن «رجلًا صغيرًا» في البداية، وهكذا كانت صورتها لفترةٍ طويلة في نظريته.

في حالة دورا، عُرض المفهوم الفرويدي للجنسانية الأُنثوية كاملًا على نحوٍ لن يتكرر لاحقًا؛ إذ يتوصل التحليل النفسي مُجدَّدًا في حالتها إلى وجودِ جنسانيةٍ طِفليَّة مُوجَّهة على نحوٍ استقبالي ناحيةَ أبٍ يمتلك عضوًا جنسيًّا نافذًا، وذلك عبر تماهيها مع النساء اللاتي يُمارِس الأبُ معهن الجنس.

تُحرِّك الهستيريا، التي تُظهِر الفتاة المراهقة الكثير من علاماتها، المنطقة الشفوية المثيرة جنسيًّا، التي تَتضمَّن الحلق، «مُزيحةً إياه من أسفل إلى أعلى»؛ أي من العضو الجنسي المُجوَّف إلى الفم المُجوَّف، وذلك في حركةٍ غريزيةٍ مندفعة نحو المركز. في الجلسة التي تتحدَّث فيها دورا عن «الساعتَين» اللتَين قضَتهما أمام لوحةِ عذراء سيستينا، يُوجد خيالٌ كامن يدور حول الأمومة، ثم نجد بعد ذلك حُبها للسيدة كيه، وهو حبٌّ أبقته سرًّا وأدرك فرويد أهميته بأَثرٍ رجعي. كذلك تُكِن دورا — التي لا تزال في مرحلة المراهقة — حبًّا للمرأة التي ستُصبح عليها والمُجسَّدة في شخص السيدة كيه الجميلة، التي تتمتَّع بجاذبية مثلما أشار لها والدُها بوضوح.

أعاد فرويد النظر في مرحلةٍ متقدمة من أعماله إلى عرضه النظري للجنسانية الأُنثوية في نصَّين متتابعَين؛ هما «الجنسانية الأُنثوية» (١٩٣١) و«الأُنوثة» (١٩٣٣). في ذلك الوقت كان مهتمًّا بالمرحلة ما قبل الأوديبية؛ حيث كان الارتباط بالأم يُحدِّد في رأيه جميع العلاقات المستقبلية، وبالقضيب الذي يُولِّد الحسد، والذي اعتقَد بعد ذلك أنه أَمرٌ أكثر جوهريةً من الرغبة.

في حالة دورا لم يكن بالإمكان الاستدلال على التركيز الفكري الرئيسي إلا من خلال الإزاحة النفسية على السيدة كيه، وعلى العكس، لاحظ فرويد بوضوحٍ التركيز الفكري للأب، ولقضيبه ولنوعه الجنسي. وفي موضعٍ لاحق في النص، مثَّل حسَد القضيب، إلى جانب رفض الأنثوية لدى كلا الجنسَين، بالنسبة إلى فرويد الدعامة الباعثة على الخوف؛ أي «حَجَر الأساس»، أو سبب التحليلات النفسية اللانهائية.

يُعرِّفنا هذا النص كذلك على تماهيات فرويد، التي ساعدَته سريعًا على فهم أنه كان يُجسِّد شخصية السيد كيه في تحويل دورا والأب أيضًا دون شك، لكنها لم تُساعده على الأرجح على استشعار التأثير الجذَّاب الذي حظي به في التحويل.

أَمَّا فيما يتعلق بحب دورا للسيدة كيه، فلم يدرك فرويد أهميته في التحليل النفسي إلا في عام ١٩٢٣؛ إنه حبٌّ سِرِّي، أُبقي خفيًّا، حبٌّ ينطوي على الوفاء رغم خيانة السيدة كيه. والواقع أن فرويد قد اتهم نفسه بالسماح لجلسات التحليل النفسي بالتوقُّف بسبب هذا الحب؛ إذ فشل في تحليله في الوقت المناسب. ربما يُمكِننا اليوم اقتراحُ مزيدٍ من الدلائل التي تقود إلى التفسير الذي طالما كان مرغوبًا فيه لانقطاع دورا عن العلاج. لقد انتَقلَ فرويد مع دورا في مسار التحليل، دون قصدٍ منه، إلى عرض مكاشفات حول جنسانيتها الطفلية والحالية، وهي مكاشفات عَجزَت على الأرجح، كفتاةٍ مراهقة، عن فهمها، حتى على مستوى اللاوعي، سوى باعتبارها تكرارًا للإغراءات الجنسية التي مرَّت بها من قبلُ، سواء الحقيقية أو المتخيلة.١٠ ونتيجةً لذلك، هَربَت من الجلسات. وقد ذَكرَت دورا هذا لفرويد بعدما عادت لرؤيته بعد خمسة عشر شهرًا من توقُّف العلاج، فأَخبرَته أنها انتقَمَت من آل كيه؛ إذ أخبَرَت السيدة كيه أنها تعلم بأَمرِ علاقتِها مع أبيها، وأَجبرَت السيد كيه على الاعتراف بما جرى بينهما عند البحيرة. إن ثأرها منهما مثلما ثَأرَت من فرويد، عَبْر توجيه انتقامها نحو أشخاصٍ حقيقيِّين، عَبَّر عن اعترافٍ ضمني منها بفضل فرويد عليها؛ يبدو أن العلاج لم يخلُ من أَثَر.

أمَّا فيما يتعلق بما شكَت منه دورا من أعراض الجسمانية وميلها نحو التماهي الهستيري، فقد تحقق منهما خلال زيارتها الأخيرة إلى المُحلِّل النفسي، مما أتاح له أن يُقدِّم لها «تفسيرًا للتحويل»؛ إذ طلبت دورا مساعدته في علاج ألمٍ عصبي في الوجه بَدأَت تعاني منه قبل أربعة عشر يومًا. وتمكَّن فرويد وقتها من لفت انتباهها إلى أنها قَرأَت قبل أربعة عشر يومًا تحديدًا خبرًا يتعلق به.

لقد توحَّدَت دورا الشابة دون شكٍّ مع أبيها بوصفه مُستحوِذًا على السيدة كيه، وعلى أُمها أيضًا. لم يظهر حسد القضيب هنا لديها في موقع الصدارة؛ ففي حالة ظهوره في مرحلةٍ ما خلال التحليل لدى أي امرأة، فيما عدا حالات التثبيت الشديد، فإنه يتعلق بحركةٍ دفاعية في إطار التنافس مع الأم: «فلتطمئن، أنا لا أحسُدك على شيء …» لكن حسد القضيب يتعلق كذلك بالرغبة في امتلاكِ كلِّ ما يلزم للاستحواذ على الأم، في حركةٍ أوديبيةٍ معكوسة. وفي حالة دورا، فإن ما يتجلَّى بوضوحٍ هو تماهيها مع أبيها في إطار ميولها الجنسية المُزدوجة.

في حالة دورا، لم يُركِّز فرويد على المازوخية كذلك، والتي قدَّم لاحقًا دراسةً مُفصَّلة إلى حدٍّ كبير حولها تحت عنوان «الإشكالية الاقتصادية للمازوخية» عام ١٩٢٤، ويتناولها كذلك في نصٍّ نظري وإكلينيكي يحمل عنوان «طفل يُضرب» (١٩١٩). إن وصف فرويد لهذه الخيالات الأُنثوية لدى الرجال يدعونا إلى اعتبار صفةِ الأنوثة جانبًا مِحوريًّا من جنسانية جميعِ الأفراد من كلا الجنسَين، وليس مجرد سمةٍ حصريةٍ لجنسانية المرأة.١١

إن الجانب الأُنثوي — في حالة عدم كونه نسخةً مخصيةً من الحالة القضيبية؛ أي عاملًا يبرُز بالمغايرة لدى كلٍّ من الرجال والنساء — يبدو بالفعل بُعدًا جوهريًّا، كما أشار بعض المُحلِّلين، في «الاستماع» التحليلي النفسي بقَدْر كونه بعدًا تقبُّليًّا، ما يُتيح دمج الجانب الأُنثوي في عمليات التحليل النفسي لكلا الجنسَين. ومن غير الملائم اختزالُ مثلِ هذا الاستماع في الصفة الأُمومية فحسب؛ لأن ذلك ليس سوى بُعدٍ واحد من التقبُّلية الأُنثوية.

إذا كان الأُنثوي، لدى الإناث، يتكون من «فخرهن بنوعهن الجنسي وإيجاد المُتعة في الاتصال الجنسي والفخر بولادة الأطفال»،١٢ فإنه يرتبط بنموذجٍ مثالي، لا يُتيح الشريك، والعُصاب كذلك، الوصولَ إليه دومًا؛ إذ تبقى موازنة القضيبي/المخصي حاضرةً في لا وعي كلا الجنسَين، إلى حدٍّ يطغى في كثيرٍ من الأحيان على الجنسانية.

ونختتم حديثنا بالإشارة إلى أن إدراك الاختلافات بين الأجيال وبين الجنسَين هو قطعًا أَمرٌ يظل صعبًا في أيِّ تحليلٍ نفسي؛ إذ يتطلب ذلك قَبول انتماء المرء إلى جنسٍ واحد فحسب من الجنسَين لا كليهما، وأن له مكانًا واحدًا في تعاقُب الأجيال.

إن كبح عُقدة الإخصاء، الذي يتجلَّى على نحوٍ مختلف بناءً على جنس المريض، هو العنصر القوي في هذه المرحلة؛ إذ تمر عملية التحليل النفسي، سواء كانت لرجلٍ أو امرأة، عَبْر نظرياتٍ عن الجنسانية الطِّفلية والخيالات الناشئة؛ عندئذٍ تُحدِّد المناطق المثيرة للشهوة الجنسية، والمكافِئات الرمزية، والنقاط الشرجية الحاسمة المناطق التي يعتزم أيُّ تحليلٍ نفسي التعامُل معها.١٣

«تَرجَم هذا الفصل من الفرنسية إلى الإنجليزية بيتر شايو.»

هوامش

(١) نرى هنا تحديدًا لنتاج عَرَضٍ هستيري بوضوح.
(٢) نتذكر هنا وجهات النظر الثلاث الخاصة بعلمِ ما وراء النفس؛ موضوعي، وديناميكي، ونشيط.
(٣) في هذا النص، يتعلَّق التحويل في البداية باعتباره إزاحةً لمشاعر دورا من والدها إلى السيد كيه، لكنْ هناك كذلك تحويلٌ للمشاعر على فرويد الذي يخضع للرفض نفسه الذي تَعرَّض له السيد كيه.
(٤) تعريفٌ تَغيَّر، كما نعلم، بعد عام ١٩٢٠ في مقال «ما وراء مبدأ اللذة».
(٥) سنعود لهذا التدخُّل من قِبل فرويد، بالإشارة إلى أنه قد مرت فترةٌ قصيرة بعد قصة الحقيبة الصغيرة قبل أن تُفصِح دورا عن حُلم عُلبة المجوهرات.
(٦) الكلمات من الحلم مكتوبة بين علامتي تنصيص.
(٧) قارن كذلك ببحث «آليَّات التحويل»، ١٩١٢.
(٨) قارن ببحث «التذكُّر والتكرار والتناول»، ١٩١٤.
(٩) ربما أتاح فرويد من خلال تعليقه على رواية جنسن «جرافيدا»، على نحوٍ كبير، إدراك صورةٍ لامرأةٍ ذات رقةٍ أنثوية وليست امرأةً محبطة من جنسها إلى حد اليأس.
(١٠) لِنتذكَّرْ أن فرويد قد تَخلَّى عن نظرية الإغواء عام ١٨٩٧. في فرنسا، اقترح جيه لابلانش نظريةً تمنح الإغواء الحتمي للطفل بواسطة شخصٍ بالغ دورًا جوهريًّا في الجنسانية النفسية.
(١١) هذه هي الأُطروحة التي يقوم عليها كتاب جيه أندريه «أصول الجنسانية الأُنثوية»، باريس: المطبعة الجامعية الفرنسية، ١٩٩٥.
(١٢) هذه الصيغة تعود إلى أندريه جرين.
(١٣) إم وجيه كورنو، «الإخصاء والأُنثوية لدى الجنسين»، باريس: المطبعة الجامعية الفرنسية، ١٩٩٣.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤