الفصل السابع

في علم الأدب والإنشاء والشعر

اعلم أن المقصود من علم الأدب عند أهل اللسان؛ ثمرته، وهي الإجادة في فني المنظوم والمنثور على أساليب العرب العرباء ومناحي الأدباء القدماء، فيجمعون لذلك من حفظ كلام العرب ما عساه تحصل به الملكة، من شعر عالي الطبقة، وسجع متساوٍ في الإجادة، ومسائل من النحو واللغة مبثوثة أثناء ذلك متفرقة، يستقرئ منها الناظر في الغالب معظم قوانين العربية مع ذكر بعض أيام العرب ليفهم به ما يقع في أشعارهم منها، وكذلك ذكر المهم من الأنساب الشهيرة والأخبار العامة، والمقصود بذلك كله أن لا يخفى على الناظر فيه شيء من كلام العرب وأساليبهم ومناحي بلاغتهم إذا تصفحه؛ لأنه لا تحصل الملكة من حفظه إلا بعد فهمه، فيحتاج إلى تقديم جميع ما يتوقف عليه، ثم إنهم إذا عرَّفوا هذا الفن، قالوا: هو حفظ أشعار العرب، وأخبارها، والأخذ من كل علم بطرف، يريدون من علم اللسان أو العلوم الشرعية من حيث متونها فقط، وهي القرآن والحديث؛ إذ لا مدخل لغير ذلك من العلوم في كلامهم إلا ما ذهب إليه المتأخرون عند تكلفهم لصناعة البديع من التورية في أشعارهم، وترسُّلهم بالاصطلاحات العلمية، فاحتاج صاحب هذا الفن حينئذٍ إلى معرفتها قائمًا على فهمها.

ثم اعلم أن الجولان في لوح الأدب حق للأئمة الفصحاء من العرب، فإنهم صعدوا في قمم أطواده وبلغوا قصارى أنجاده، ولعمري إن أزهار الفصاحة باسمة بنسائمهم، وأرجاء البلاغة فائحة بسائمهم. فلما ألَّف الإسلام بين الأمم ووقعت مخالطة العرب والعجم، وجلس الخلفاء في بغداد وأمَّهم الخلائق من شواسع البلاد، واكتسبت العجم الفصاحة من العرب العرباء وتجاوبوا على سنتهم في هذه الدوحة العلياء، لا سيما من كان قريبًا من دار الخلافة وجارًا متصلًا بمركز الشرافة كما تشهد به يتيمة الدهر للثعالبي، ودمية القصر للباخرزي، وسلافة العصر للشيرازي، وريحانة الألباء للخفاجي، وغيرها من الكتب.

وأما أهل الهند فإنهم ليسوا من هذا العلم في ورد ولا صدر، ولا نخل لهم بوادية ولا سدر، والوجه ما قلنا فيما تقدم، أن الإسلام ورد الهند من جهة خراسان وما وراء النهر، وكانت غالبة على أهلهما فنون الفلسفة فاختارها أهل الهند، وانتشر فيهم النحو واللغة والفقه على سَجِيَّة علماء ما وراء النهر، وأصولُه والكلام، ولما كان غالبهم الفرس والأتراك كانت منشآتهم باللغة الفارسية.

(١) فمن أدباء الهند

الشيخ سعد بن مسعود بن سلمان اللاهوري، وهو أول من برع في العلوم العربية من أهل الهند، وأكثر في الشعر وجمع ديوانًا له ولكنه طارت به العنقاء، ومن شعره قوله:

ثِق بالحسام فإنه ميمونُ
واركبْ وقل للنصر كن فيكونُ

ومنهم الأمير خسرو بن سيف الدهلوي، فإنه مع براعته في لغة الفرس كان ماهرًا بالعلوم العربية؛ من النحو والمعاني والبيان والبديع والعروض والقافية وغيرها، ومن مستخرجاته نوع في البديع، وله أبيات رائقة بالعربية، منها قوله:

يا عاذل العشاق دعني باكيًا
إن السكون على المحب محرَّمُ
من بات مثلي فهو يدري حالتي
طول الليالي كيف بات متيَّمُ

ومنهم القاضي عبد المقتدر بن ركن الدين الدهلوي المُتوفَّى سنة ٧٩١ﻫ، كان من الشعراء المفلقين له قصيدة لامية، منها قوله:

يا سائق الظعن في الأسحار والأصلِ
سلِّم على دار سلمى وابكِ ثم سلِ
ياطالب الجاه في الدنيا تكون غدًا
على شفا حفرة النيران والشعل
يا طالب العز في العقبى بلا عمل
هل تنفعنَّك فيها كثرة الأمل
يا من تطاول في البنيان معتمدًا
على القصور وخفض العيش والطول
لأنت في غفلة والموت في أثر
يعدُو وفي يده مستحكم الطول
اقنع من العيش بالأدنى وكن ملكًا
إن القناعة كنز عنك لم يزل

ومنهم الشيخ أحمد بن محمد التهاپنسري كان من الأدباء المشهورين في عصره، له قصيدة دالية، مطلعها:

أطار لبي حنينُ الطائر الغرد
وهاج لوعة قلبي التائه الكمد

ومنهم الشيخ أبو الفتح بن عبد الحي بن عبد المقتدر الدهلوي ثم الجونپوري، كان ماهرًا بالعلوم الأدبية، ولم يصل إلينا شيء من مصنفاته.

ومنهم الشيخ أبو الفيض بن المبارك الناگوري، وكتاباه سواطع الإلهام، وموارد الكلم تدلان على اقتداره بالعلوم الأدبية، وله أبيات رائقة بالعربية.

ومنهم العلامة محمود بن محمد الجونپوري، له شرح على الفوائد الغياثية للقاضي عضد الدين الإيجي يدل على براعته في العلوم العربية والمعارف الأدبية.

ومنهم الشيخ غلام نقشبند بن عطاء الله اللكهنوي، له شرح الخزرجية في العروض والقافية، وقصائد غراء بالعربية، منها قصيدة في مدح شيخه مير محمد شفيع، مطلعها:

خليلي هل هاتان دارة جلجل
ودارة سلمى في قفاف عقنقل

ومنهم السيد عبد الجليل بن مير أحمد الحسيني البلگرامي، أحد الأدباء المشهورين، كانت اللغة والأنساب وأيام العرب والشعر على طرف لسانه، وله أبيات معدودة بالعربية لا تخلو عن الرقة، ومن شعره قوله في تأكيد المدح بما يشبه الذم:

هو القطب إلا أنه البدر طالعًا
سوى أنه المريخ لكنه السعد

ومنهم السيد غلام علي البلگرامي سبط عبد الجليل المذكور، له سبعة دواوين بالعربية سماها السبعة السيارة، وقصيدة في وصف أعضاء المعشوقة من الرأس إلى القدم سماها مرآة الجمال، وله مزدوجة في البحر الخفيف، وهي في سبعة دفاتر، سماها بمظهر البركات، وله تصانيف كثيرة بالعربية، وجملة أشعاره في المذكورات أحد عشر ألفًا، ومن شعره، قوله:

شأن المحب عجيب في صبابته
الهجر يقتله والوصل يُحييه
لولاه ما شاقه عرف الصبا سحرا
ولم يكن بارق الظلماء يُشجيه
يا جارة هيجت بالنصح لوعته
بحق مقلته العبراء خلِّيه
إليك يا رشأ الوعساء معذرة
أأنت عن رشأ البطحاء تسليه
لوائمي قطَّعت أكبادَهن متى
رأينه في كمال الحسن والتِّيه
أيا صواحب أكباد مقطَّعة
فذلكُنَّ الذي لُمتنَّني فيه

ومنهم الشيخ الأجل ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي، الذي أكرمه الله تعالى بالفصاحة في اللغة العربية دون كثير من المولدين وغيرهم، إذا سمعت من لفظه الرقيق المعرب البديع خُيِّل إليك كأنما هو رجل نشأ ببادية من علياء هوازن، أو كأنما أدبته امرأة من سفلى بني تميم، ومن شعره قوله:

كأنَّ نجومًا أومضت في الغياهب
عيونُ الأفاعي أو رءوس العقارب
إذا كان قلب المرء في الأمر خاثرًا
فأضيق من تسعين رحب السباسب
وتشغلني عني وعن كل راحتي
مصائبُ تقفو مثلها في المصائب
إذا ما أتتني أزمة مدلهمَّة
تحيط بنفسي من جميع جوانب
تطلَّبت هل من ناصر أو مساعد
ألوذ به من خوف سوء العواقب
فلست أرى إلا الحبيب محمدًا
رسول إله الخلق جمَّ المناقب
ومعتصم المكروب في كل غمرة
ومنتجع الغفران من كل هائب
ملاذ عباد الله ملجأ خوفهم
إذا جاء يوم فيه شيبُ الذوائب

ومنهم الشيخ عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي، له قصائد غراء في مدح النبي ، وتخميس على بائية أبيه وهمزيته، ومن شعره قوله:

يا سائرًا نحو بان الحي والأسل
سلِّم على سادة الأوطان ثم قُل
ما زلت في بُعْدِكم كالنار في شعل
والأرضُ في كسل والماءُ في ملل
أريد لمحة وصل استضيء بها
في ظلمة الهجر ضاقت دونها حيَلي
إني صَليت على أنس وتذكرة
لأهل ودي وخلق المرء لم يحل
فلا أزال بأبكاري أسائركم
وإن خدمت كرامَ الخيل والإبل
ما العيش إلا خيالات أوجِّهها
إلى ذراكم لدى الأسحار والأصل
«أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل»
لعل إلمامكم بالدار ثانية
يدب منه نسيم البُرء في العلل
أرجو اللقاء بميعاد وعدتَ به
والخُلْف في الوعد منكم غير محتمل
أردت تفصيل آمالي فعارضني
خوف السآمة في الإكثار والملل

ومنهم الشيخ رفيع الدين بن ولي الله الدهلوي، له قصائد غراء، وتخميس على بعض قصائد أبيه، وله مصنفات في العلوم الأدبية، ومن شعره قوله:

يا أحمد المختار يا زينَ الورى
يا خاتمًا للرسل ما أعلاكا
يا كاشف الضراء من مستنجد
يا مُنجيًا في الحشر من والاكا
هل كان غيرك في الأنام من استوى
فوق البُراق وجاوز الأفلاكا

منها قوله:

جُعلت لك الأقدار والأنوار والـ
ـجنَّات والنيران مرآكا
أعطاك تخفيفًا وتيسيرًا إلى
دين قويم محكم لقواكا
وسواك من نعم جسام ما لها
عدٌّ وحدٌّ ينتهي أولاكا

ومنهم الشيخ باقر بن مرتضى المدراسي، له العشرة الكاملة، وفيها عشر قصائد على نهج المعلقات، وله ديوان الشعر العربي في الغزل والنسيب، وله مقامات على نهج الحريري، وله رسائل، جمعها في شمائم الشمائل في نظام الرسائل، ومن شعره قوله:

قد صيرني الهوى جُذاذًا
يا ليتني متُّ قبل هذا

ومنهم المفتي إسماعيل بن الوجيه اللكهنوي، له قصائد غراء، منها قوله:

لحى الله دهرًا قد رماني بغربة
وطول صدودٍ لاح لي بعد قربة
إلى الله أشكو من زمانٍ يجورني
هو الله مولانا إليه لَشَكْوتي
إذا سرَّنا يومًا أساء بنا غدًا
وألقى علينا شِدةً بعد شدة

ومنهم حسن علي بن حاجي شاه اللكهنوي، له رسائل عارض بها الحريري والبديع، ومنهم الشيخ رشيد الدين الدهلوي، له رسائل بديعة، جمعها في كتاب مفرد، ومنهم عبد الرحيم بن عبد الكريم الصفي پوري، أحد الأدباء المشهورين، له مصنفات كثيرة في الفنون الأدبية.

ومنهم العلامة فضل حق الخير آبادي كم له من قصائد وأشعار أتى فيها بكل لفظ لطيف ومعنى بديع، لولا أنه أكثر فيها من التجنيس والاشتقاق، منها قوله:

فؤادي هائم والدمع هامي
وسهدي دائم والجفن دامي
وقلب ما فتي بجوى ولوعٍ
وَلُوع في اضطراب واضطرام

ومنهم المفتي صدر الدين الدهلوي الفاضل المشهور، كان له يد بيضاء في العلوم الأدبية، ومن شعره قوله:

وكنَّا كغصني بانة قد تأنَّقا
على دوحة حتى استطالا وأينعا
يغنِّيهما صدح الحمام مرجِّعا
ويسقيهما كأس السحائب مُترعا
سليمَيْنِ من خطب الزمان إذا سطا
خليَّين من قول الحسود إذا سعا
ففارقني من غير ذنب جنيَّة
وألقى بقلبي حرقة وتوجعا
عفى الله عنه ما جناه فإنني
حفظت له العهد القديم وضيَّعا

ومنهم الشيخ أوحد الدين البلگرامي، له قصائد غراء، منها القافية، مطلعها:

بدا فعادت نجوم في الأفق
وماس فاختطف الأغصان في الورق

ومنهم مولانا علي عباس الچِرَيَّاكوتي، له ديوان الشعر العربي، ومكاتيب، وتقاريظ، ومن شعره قوله:

من حيدر آباد إهرَبنْ ولا تُقم
فيها فؤاد أولي المكارم يَصدأ

ومنهم المفتي عباس التستري اللكهنوي، له رطب العرب ديوان الشعر العربي، ورسائل، جمعها في ظل ممدود، وأجناس الجناس مزدوجة له في صنعة الجناس، وله غير ذلك، ومن شعره قوله في أجناس الجناس:

لطفتَ لنا وأنزلت الكتابا
وتغفر إن يكن ذو الشرك تابا
هو المولى ونحن له عباد
ومن سلكوا خلاف الشرع بادوا
يكرم بالعطايا من أتاه
ومن يجحد بنعمته فتاهوا

ومنهم مولانا أحمد حسن بن أولاد حسن القنوجي، له قصائد غراء، وبعض قصائده يربو على كلام الفحول من الشعراء، ومن شعره قوله:

وما المرء إلا نهب يوم وليلة
تُلم به شهب الفناء ودُهمه
يعلله برد الحياة يمسه
ويغْترُّه روح النسيم يشمه
ألا إن خير الزاد ما سد فاقة
وخير بلادي ألذي لا أجمه
وإن الطوى بالعز أحسن يا فتى
إذا كان من كسب المذلة طعمه

ومنهم مولانا فيض الحسن السهارنپوري، أحد الشعراء المفلقين، لم يكن له في زمانه نظير في معرفة الفنون الأدبية، له شروح على الحماسة، والمعلقات، وغيرهما، وكتاب في أيام العرب، وديوان الشعر العربي، ومن شعره قوله:

ما لي بذي الأرض من والٍ ولا واق
ولا طبيب ولا آسٍ ولا راق
ولا حميم ولا جار ولا سكن
ولا نديم ولا كأس ولا ساق
أبكي عليَّ بكاء غير منقطع
فلينظر الناس أجفاني وآماقي

وقوله:

عمي دار سلمى فاسلمي ثُمة اسلمي
وإن لم تحر مني وإن لم تكلمي
سقاك غمام ما بقيت هواطل
وآخر دعوانا انعمي ثمة انعمي

وقوله:

هل أتى أن يتوب قلب طروب
عن ملاه يهتز فيها قلوب
عن حسان نواعم وقيان
عازفات وكل ما فيه حوب
كل ما فيه مطمع لشباب
أُشرِبوا في قلوبهم ما يطيب

ومنهم القاضي طلا محمد الپيشاوري، أحد الأدباء المشهورين في الهند له قصائد غراء، وأبيات رقيقة رائقة، منها قوله:

قاسى بمحمل سلمى وارتقى شجني
وأسقم الهجرُ في أشواقها بَدَني
أضنى الهوى بِنْيَتِي في العشق يا أسفا
لولا عليَّ من الأثواب لم ترني
فما لجفني لم تنظر إلى أحد
وما لقلبيَ لم يرغب إلى سكني
قد زاد همي وعيل الصبر أجمعه
إذ طافني طيفها وافتر عن وسني

ومنهم الشيخ أحمد بن عبد القادر الشافعي الكُوكَني، المشهور بچيتكر، أحد الدباء المشهورين، له قصائد غراء، ومن شعره قوله:

يا لائمي وشراب الحب أسكرني
لو ذقتَ لذة كأس الحب لم تلُم
ألست تعلم أن العذل في مهج الـ
ـعشاق يفعل فعل الزيت في الضرم

ومنهم السيد عرفان بن يوسف الطوكي، المحدث، له شعر رقيق رائق، منه قوله، يرثي ابن عمه أحمد سعيد:

وكان ضحوك السن أطيب ليِّنًا
ولم يك بالفظ الغليظ ولا يلي
تراه جبال الحلم عند سكوته
وإن يتكلم كان سحبانَ وائل
وكان رزينًا زينة القوم والندى
لمشهده النادي كروض البلابل

ومنهم السيد صديق حسن بن أولاد حسن الحسيني البخاري القنوجي، صاحب المصنفات الكثيرة الشهيرة، له قصائد غراء بالعربية، منها قوله:

اخترتَ بين أماكن الغبراءِ
دار الكرامة بقعةَ الزوراء
هل لي مكانٌ فيه أطلبُ راحتي
من دونها في البرِ والدأماء
كيف الوصول إلى منازل طيبة
فيها لمفتقر حصولُ رجاء

منها قوله:

نفسي الفداء لتربة قدسية
فيها نبي سيد البطحاء

ومنهم الشيخ ذو الفقار علي الديوبندي، شارح الحماسة، وديوان المتنبي، والسبع المعلقات، وغيرها، له أبيات رقيقة رائقة، منها قوله:

يا قاسي القلب يا من لج في عذلي
إليك عني فإني عنك في شغل
وكيف تعرف حال المستهام أيا
من لم تصبه سهام الأعين النُّجل
نام الخليون في خفض وفي دعة
وقد أرقتُ بدمع سائل همل

ومنهم الشيخ عبد الحميد بن أحمد الله العظيم آبادي، كان من بحور العلم وأذكياء العالم، له قصائد غراء، وكان ينظم القصائد في لحظة مختطفة، منها قوله:

فوا أسفا ونحن بنو كرام
توارث فيهمُ علم وجود
ذوي الأعلام والأقلام طرًّا
يزِينهم المكارم والجنود
وقد كانوا ملاذ الناس طرًّا
لكل مصيبة خُصُّوا ونودوا
وتخضع عند رؤيتهم رقاب
وترتعد الهزابر والفهود
فصرنا نحن في وهن وهون
يرق لنا المعاند والحسود

ومنهم الشيخ عبد المنعم الچاتگامي، شارح ديوان المتنبي، له ديوان الشعر العربي، وأبياته رقيقة رائقة، منها قوله:

إليك رسول الله أُهدي ثنائيا
وأبغي به قربًا وإن كنت نائيا
أقرب نفسي من جنابك سيدي
عسى أن أرى روحًا على البعد دانيا
عسى تكشف البلوى وكم بك فُرِّجت
غوائل إذ نوديتَ أدرِكْ غياثيا
أتيتك أرجو من نوالك رشحة
وما خاب مستسقٍ أتى البحر صاديا

ومنهم الشيخ عبد الأول الجونپوري، له كتب كثيرة في الأدب، وديوان الشعر العربي، حافل لجميع أصناف الكلام، ومن قوله:

لعمرك ما الدنيا بذات تودد
فلا تبغ فيها عيشة قُم ومهِّد
ألم تر أسلافًا مضوا لسبيلهم
وما أخبروا عن حالهم مثل جلمد
وبانوا عن الدنيا وعن دورهم نأوا
وأنت تلاقيهم فاعرض عن الدَّد
ولا تفخرن بالجاه تلقى الأسى به
ألا فاعبد او فازهد لنفسك تسعد

ومنهم الشيخ محمد بن أحمد الطوكي، شارح ديوان المتنبي، وشرحه لذلك الكتاب حسن جيد، وله غير ذلك من المصنفات في الفنون الأدبية، وشعر رقيق رائق، منه قوله:

هواكم لقلبي والجوى في تمدد
وشوقي للقياكم مقيمي ومقعدي
أبى القلب أن يسلو الأحبة صابرًا
وأن يرتضي نومًا بجفن مسهد
أناجي نجومًا طول ليلي من الكرى
أطارت كرى عينيَّ ليلة أرمد

ومنهم الشيخ محمد بن هادي الحسيني الترمذي الكالپوي، أحد الشعراء المجيدين، له قصائد غراء، منها قوله:

ماذا عليَّ بدمع خالط العلقا
أم أرتدي علقًا أو ألبس الشفقا
هيَّجت طوفان نوح إذ أسحت له
أجفان عيني والآماق والحدقا
اخترت حبًّا ولم أدرك عواقبه
يا رب سهِّل ويسِّر كيف ما اتفقا
قصدي لقاء سليمى قصد مفتقد
عندي النوى وغراب البين قد نعقا

ومنهم السيد مهدي بن نوروز الشيعي المصطفى آبادي اللكهنوي، صاحب الكواكب الدرية، له قصائد غراء بالعربية، ومنها قوله:

طار الكرى من بينكم عن ماقي
فترفقا بالهائم المشتاق
يا حبذا يوم تحملتم به
نحو الغري على متون عتاق
ودعتموني مستهامًا بعد ما
أحرزت حظًّا وافرًا بتلاق
غادرتم الصب العميد وسرتم
أو ما رضيتم عنه باسترقاق

ومنهم الحافظ نذير أحمد الدهلوي، أحد الأدباء المفلقين، له قصائد بالعربية، منها قوله:

تمنيت أن القلب كان لساني
يبوح بسر يحتويه جناني
فإني إذا ما رُمت إظهار شكركم
تقصر عنه منطقي وبياني
ولم أر قبلي قط من نال غاية
تخلف عنها أهل كل زمان
يلاطفه بحر الندى وعبابه
ويكرمه غيث الوغى وطعان

ومنهم السيد ناصر حسين اللكهنوي المجتهد المتكلم الشيعي صاحب المصنفات المشهورة، له الأثمار الشهية في الإنشاء وديوان الشعر، ومن قوله:

ما لي أرى ليلة حُفت بأنوار
كأنها بضياها ذات أقمار
أتلك ليلة ليلى إذ رأت قمرًا
فصيرته بدورًا عند أنظار
خود حصان مصان شخصها أبدًا
وضوء غرتها تبريق أبصار

ومنهم الشيخ محمد بن يوسف السورتي الگجراتي أبو عبد الله، له مصنفات كثيرة في الفنون الأدبية وشعر رقيق رائق.

(١-١) مصنفاتهم في الفنون الأدبية

أما تأليفات أدباء الهند في الفنون الأدبية فكثيرة، منها المقامات الهندية للسيد أبي بكر بن محسن باعبود العلوي السورتي صنَّفه سنة ١١٢٨، وشرحه للشيخ محمد شكور المچهلي شهري، ومنها الشمامة الكافورية في وصف المعاهد الأيْلوَرِيَّة والخطفة العقابية للفارة المسكينة، والمقامة الترشنافلية والمقامة الأركاتية والمقامة الحيدر آبادية، والعشرة الكاملة وديوان الشعر وشمائم الشمائل في نظام الرسائل، كلها للشيخ باقر بن مرتضى الشافعي المدراسي، والظل الممدود وأجناس الجناس ورطب العرب ثلاثتها للمفتي عباس التستري اللكهنوي، وسبحة المرجان وتسلية الفؤاد والسبعة السيارة ومظهر البركات، كلها للسيد غلام علي الحسيني البلگرامي، وديوان الشعر العربي للشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي، والقصائد العربية لولديه الشيخ عبد العزيز والشيخ رفيع الدين، ومختصر المستطرف للسيد محمد بن عبد الجليل البلگرامي، وديوان الشعر للشيخ فضل حق بن فضل إمام الخير آبادي، وديوان الشعر للشيخ عبد القادر بن أبي محمد الأُجيني، ومفتاح اللسان في المحاورات العربية للشيخ أوحد الدين البلگرامي، وتذكرة شعراء العرب للشيخ أوحد الدين المذكور، والنجم الثاقب لمن يكاتب والدر النظيم وبهجة المجالس للشيخ پناه عطا بن كريم عطا العمري السلوني.

وهفوات الإلحاد للشيخ محمد سليم بن محمد عطا الجونپوري، والخطب المنبرية ونشوة السكران من صهباء تذكار الغزلان ومراتع الغزلان في ذكر أدباء الزمان، وسُرَّ من رأى في مجلدين للسيد صديق حسن بن أولاد حسن القنوجي، وديوان الشعر لصنوه أحمد حسن، والأثمار الشهية في إنشاء العربية وديوان الشعر وديوان الخطب للسيد ناصر حسين بن حامد حسين الكنتوري، والكواكب الدرية وديوان الشعر للسيد مهدي بن نوروز علي المصطفى آبادي، وعرائس الأبكار في مفاخرة الليل والنهار والتليد للشاعر المجيد والطريف للأديب الظريف والمنطوق في معرفة الفروق، كلها للشيخ عبد الأول بن كرامة علي الجونپوري، وسفينة البلاغة للشيخ محمد زمان الشاهجهانپوري، وعلم الأدب في محاورات العرب للسيد ناصر حسين الجونپوري، وأشعار السيرة النبوية لابن هشام رتَّبه مولانا حسين عطاء الله المدراسي على الحروف، وأكمل بعض القصائد، وشرح خطبة القاموس للقاضي عيسى بن عبد الرحيم الگجراتي، وشرح خطبة القاموس للقاضي عبد الحق بن محمد أعظم الكابلي المالوي، وشرح الخطبة الشقشقية لراجَه إمداد عليخان الكنتوري، وحاشية على لامية العرب للشنفرى للشيخ محمد بن أحمد الطوكي، وشرح بسيط على ديوان حسان بن ثابت — رضي الله عنه — للشيخ محمد بن يوسف السورتي الگجراتي، والياقوت الرشاني شرح مقامات الهمداني للمولوي وكيل أحمد السكندرپوري، وشرح قصيدة الفرزدق المسمى بالدر النضيد للشيخ جميل أحمد السهسواني، وشرح ديوان سيدنا علي — رضي الله عنه — للنواب علاء الدين اللوهاروي صنَّفه سنة ١٢٩٣، ونظم كليلة ودمنة لبعض علماء البواهر، والمنتخبات العربية للمولوي محمد حسن الكشميري، ثم الحيدر آبادي، والجواهر الفردة في تخميس البُردة للسيد علي التستري الحيدر آبادي، ونفحة الهند وريحانة الرند في مجلدين للشيخ رضا حسن بن أمير حسن العلوي الكاكوروي، ودراية الأدب للمولوي عبد الله الميدني پوري، ونشاءة الطرب في أسواق العرب للقاضي طلا محمد بن محمد حسن بن أكبر شاه بن خان العلوم الأفغاني البيشاوري، مجموع فيه له قصائد غراء.

مقامات الحريري

لها شروح لأهل الهند، منها شرح الشيخ فضل الله السرهندي بالفارسي، وشرح للمولوي أوحد الدين العثماني البلگرامي، وشرح للمولوي رَوْشَنْ علي الجونپوري، وشرح بالفارسي للمفتي إسماعيل بن وجيه الدين المراد آبادي ثم اللكهنوي، وشرح لراجه إمداد عليخان الكنتوري، وشرح بالعربي للقاضي نجف علي بن عظيم الدين الجهجري وهو في صنعة الإهمال، وترجمته بالفارسي للمولوي محمد حسين بن نجم الدين المدراسي.

شروح ديوان المتنبي

المحبي شرح ديوان المتنبي للشيخ إبراهيم بن مدين الله النكرنهسوي، وشرحه للشيخ أوحد الدين البلگرامي، وشرحه للمولوي معشوق علي بن غلام حسين الجونپوري، وشرحه للقاضي علي بن عظيم الدين الجهجري، وشرحه تصويب البيان لشرح الديوان للمولوي عبد المنعم الچانگامي، وشرحه بأردو للمولوي ذو الفقار علي الديوبندي، وشرحه للشيخ محمد بن أحمد الطوكي وهو حسن جيد.

شروح ديوان الحماسة

الرصافة القادرية شرح الحماسة للمولوي عبد القادر الكُوكني، وشرحه للقاضي نجف علي بن عظيم الدين الجهجري، وشرحه للمولوي ذو الفقار علي الديوبندي، وشرحه للشيخ فيض الحسن السهارپنوري، وهو أحسن الشروح انتقد فيه على التبريزي.

شروح السبع المعلقات

شرح الشيخ عبد الرحيم بن عبد الكريم الصفي پوري مأخوذ من كتاب الزوزني، وشرحه للشيخ رشيد النبي بن حبيب النبي الرامپوري صنَّفه بكلكته سنة ١٢٦٤ﻫ، وحل المعلقات شرح السبع المعلقات للسيد أبي الحسن بن نقي شاه الكشميري، وشرح بعض القصائد منها للشيخ عبد الأول بن كرامة علي الجونپوري، وشرح ثلاثة قصائد منها لهذا العاجز، وأحسن الشروح وأنفعها شرح العلامة فيض الحسن السهارنپوري.

قصيدة بانت سعاد

من شروح بانت سعاد: مصدق الفضل للقاضي شهاب الدين الدولة آبادي، مبسوط في أفانين الأدب ذكر فيه العروض والمعاني والبيان والبديع، والنجم الوقاد للشيخ محمد غوث بن ناصر الدين المدراسي، وشرح عليه للشيخ أوحد الدين العثماني البلگرامي، وشرح عليه للقاضي نجف علي بن عظيم الدين الجهجري، وشرح عليه للشيخ محمد عابد اللاهوري.

قصيدة البردة للبوصيري

شرح قصيدة البردة للقاضي شهاب الدين الدولة آبادي، وشرح القصيدة للشيخ نظام الدين اللاهوري صنَّفه سنة ١٠٩٤، وشرح تلك القصيدة للشيخ محمد شاكر بن عصمة الله اللكهنوي، وشرح القصيدة للمولوي جان محمد اللاهوري، وشرح عليها للشيخ منور بن عبد المجيد اللاهوري، وشرح عليها بالفارسي للشيخ عيسى بن قاسم السندي البرهانپوري، وشرح عليها للقاضي إرتضا عليخان الگوياموي، وشرح عليها للقاضي نجف علي بن عظيم الدين الجهجري، والجواهر الفريدة شرح القصيدة للمولوي يوسف علي بن يعقوب علي الگوپاموي، وشرح على البردة بالفارسي للسيد غضنفر بن جعفر الحسيني النهرواني.

في حل الأبيات

شرح أبيات المنهل والجامي للشيخ وجيه الدين العلوي الگجراتي، وحل أبيات المطول للقاضي بشير الدين القنوجي، وإزالة العضل عن أشعار المطول للمولوي تراب علي اللكهنوي، وحل أبيات الكتب الدرسية في الصرف والنحو للمولوي أنور علي الحسيني اللكهنوي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤