الفصل الثالث

في الشعر الأردوي

اعلم أنها كانت لأهل الهند لغة تسمى سَنْسكِرت، وفيها على زعمهم أربعة كتب سماوية، ولهم لغة أخرى يسمونها بهاشا، وهي الشائعة في محاوراتهم في معظم المعمورة، ولما ظهر الإسلام في الهند ووفد الناس إليه من بلاد العرب والعجم، نشأت في الهند من امتزاج اللغات المتنوعة لغة، فسموها «أردو»، وهذه اللغة تدرجت في الارتقاء حتى صارت في أيام شاهجهان بن جهانگير الدهلوي في غاية العذوبة والفصاحة، وكان الناس بدهلي ونواحيها مائلين إلى الشعر الفارسي، لا يرغبون إلى النظم في تلك اللغة، وكان إبراهيم عادل شاه البيجاپوري له شغف عظيم بالموسيقى واللغة الهندية التي يسمونها بهاشا، وصنَّف الكتب في تلك اللغة، واجتمع لديه جمع كثير من معاريف ذلك العصر، فاشتغل الناس بها، وكذلك في عهد ولده محمد عادل شاه البيجاپوري، ثم في عهد ولده علي عادل شاه البيجاپوري، وكان له ميل عظيم إلى أردو، فمال الناس إليه واشتغلوا بقرض الشعر فيه.

وصنَّف الشيخ نصرتي البيجاپوري، كتاب شاهنامه في فتوحات علي عادل شاه، وهو منظوم بالأردو، وله «گلْشَن عشق» مزدوجة أخرى بالأردو، وديوان شعر، ومنهم الشيخ هاشمي البيجاپوري له ديوان شعر ومزدوجة في قصة يوسف وزوليخا، وكان من الشعراء المُفْلِقين في عصره، ومنهم مِيرزان البيجاپوري وله يد بيضاء في المراثي، ومنهم الشيخ ولي الله الدَّگني، وله ديوان شعر حُمِلَ إلى دهلي في أيام محمد شاه الدهلوي، فرغب إليه الناس، فما قيل إن ولي الله الدگني أول من دوَّن الشعر في كتاب، غلط فاحش. وعلى كل حال فإن الشعر بأردو كان قليلًا نادرًا بدهلي ونواحيها إلى زمن محمد شاه الدهلوي المذكور، لم يلتفت أحد منهم إليه حتى جاء ديوان الشيخ ولي الله المذكور، ثم تتابع الناس فيه طبقة بعد طبقة، ولكنهم كانوا مائلين إلى صنعة الإيهام، ثم ترك المتأخرون تلك الصنعة، وأول من تركها مرزا جانجانان العلوي الدهلوي، كما في طبقات الشعراء.

ومن الشعراء المُفْلِقين في تلك اللغة كان مرزا رفيع سودا المُتوفَّى سنة ١١٩٥، وكان ممن لا نظير له في الفنون الشعرية في زمانه، ومنهم مير محمد تقي الأكبر آبادي المُتوفَّى سنة ١٢٢٥، هو الأستاذ المشهور، وقد تفرق الناس في المفاضلة بينه وبين مرزا رفيع المذكور، والحق أن الأكبر آبادي دونه في الدقة، والمتانة، وتركيب الألفاظ، وإيراد المعاني البديعة، وفوقه وفوق كل واحد من الشعراء في النسيب، والتغزل، ومنهم الخواجة مير دَرْد الدهلوي المُتوفَّى سنة ١١٩٥، له ديوان شعر يلوح عليه أثر القبول، ومنهم إنشاء الله بن ما شاء الله النجفي المرشد آبادي المُتوفَّى سنة ١٢٣٥، له ديوان شعر يشتمل على أصناف الكلام، وكانت له قدرة غريبة على الشعر، ومنهم غلام همداني مصحفي المُتوفَّى سنة ١٢٢٤، له ثمانية دواوين، ومنهم السيد غلام حسن الدهلوي له ديوان شعر، وسحر البيان مزدوجة مشهرة له، ومنهم محمد إبراهيم ذوق الدهلوي المُتوفَّى سنة ١٢٧١ لقَّبه بهادر شاه بملك الشعراء لعلوِّ كعبه في قرض الشعر، ومنهم محمد مؤمن خان الدهلوي المُتوفَّى سنة ١٢٦٨ له ديوان الشعر متداول في أيدي الناس، ومنهم أسد الله خان الدهلوي الغالب المُتوفَّى سنة ١٢٥٨، قد بلغ في الشعر منزلة لا يُرام فوقها، ومنهم إمام بخش اللكهنوي الناسخ المُتوفَّى سنة ١٢٥٤ وديوان شعره في مجلدين، ومنهم حيدر علي اللكهنوي المتلقب في الشعر بآتِش له ديوان شعر، وفي كلامه عذوبة وحلاوة تُوفِّي سنة ١٢٦٣، ومنهم نواب مرزا خان الدهلوي المُتوفَّى ١٣٢٢ المتلقب بداغ، لقَّبه صاحب الدكن بفصيح الملك، وظَّفه بألف ومائتي ربية شهرية، له ثلاثة دواوين ضخام في الشعر، ومنهم أمير أحمد مينائي اللكهنوي المُتوفَّى سنة ١٣١٨ له ثلاثة دواوين في الشعر، ومنهم ألطاف حسين الپاني پتي المُتوفَّى ١٣٣٣ المتلقب بحالي، له ديوان شعر في مجلد ضخم، وكتاب في نقد الشعر، وهو ممن رفض التقليد فيه، وجدَّد مآثره، ونسخه على منوال الأوروبيين، ومنهم السيد أكبر حسين الإله آبادي المُتوفَّى ١٣٤٠، لقَّبوه بلسان العصر، وله ديوان ضخم، ومنهم السيد الوالد السيد فخر الدين الحسني، له دواوين تحمل عشرة آلاف بيت.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤