الجياع

تمثيلية في فصل واحد

(كازينو على النيل … مائدة منفردة في ظل الشجر … جلس إليها رجل بمفرده، هو «عزت بك» … المصابيح الكهربائية تصبغ الأشجار بأنوار لطيفة … وموسيقى الكازينو ترسل من بعيد أنغامًا خافتة.)

عزت (يصفق) : يا جرسون! … يا عبده! …
عبده (يظهر سريعًا) : أفندم!
عزت : الورد … أين الورد؟
عبده : جاهز يا سعادة البك … جارٍ وضعه في «الزهرية» … نفس النوع الفاخر كالعادة، طلبناه خصِّيصى من المحل الذي في شارع قصر النيل …
عزت : والفاكهة؟
عبده : كل شيءٍ جاهز حسب الترتيب … لم أنسَ شيئًا … عيب … أهذه أول مرة أخدم فيها سعادتك …
عزت : والكباب … طبعًا …
عبده : طبعًا … لحم درجة أولى ممتاز … ونبدأ الشواء عند حضور الست … كالمعتاد …
عزت (وهو ينظر في ساعته) : ساعتك مضبوطة يا عبده؟
عبده (ناظرًا في ساعته) : الساعة الآن العاشرة والدقيقة حوالي الخامسة والأربعين.
عزت (كالمخاطب نفسه) : غير معقول!
عبده : الساعة؟
عزت : الست … ميعادها التاسعة والنصف!
عبده : ربما كانت في الطريق … هل جعت سعادتك؟ … أحضر لك «سلطة طحينة»، أو قليلًا من الخيار المثلج؟!
عزت : لا … ليس الجوع … بالعكس … إني في منتهى الشبع … ورائحة الشواء الآتية من مطبخكم تكاد توجع بطني! …
عبده : رائحة الشواء لذيذة تفتح الشهية!
عزت : إنها تصد نفسي … كنت معزومًا اليوم على الغداء على مائدةٍ حوَتْ كل أصناف اللحوم … وبالأمس أيضًا … ما دام لي معارف، لهم أعياد ميلاد، ولهم ذهن يتفتَّق دائمًا عن مناسباتٍ لحفلات واجتماعات، فلا بد أن أدفع هذه الضريبة!
عبده : الخير كثير في البلد … وما دامت الجيوب عامرةً يا سعادة البك، فكل شيء يهون.
عزت (يطرد بيده كلبًا عابرًا) : أرجوك يا عبده … الكلاب والقطط … عيب هذا المكان هذه الكلاب والقطط المتلصصة حول الموائد!
عبده (يطرد بخرقة في يده الكلب) : امشِ … امشِ … (يشير إلى الكازينو) نحن أيضًا يا بك لا يمضي علينا يوم أو ليلة دون أن نحجز مائدة كبيرة لحفلة خصوصية … الليلة مثلًا عندنا عشاء لحوالي عشرين … من كبار تجار الجملة، يحتفلون بعيد ميلاد «زين عصره» …
عزت : زين عصره! … من هذا؟
عبده : حصان السبق المشهور … الذي يملكه أحدهم … مرسي بك أبو طويلة.
عزت : فكرة!
عبده : طلبوا تجهيز أصناف «أكسترا» … أربعة ديوك رومية … «جارنتورة» أرز بخلطة أبي فروة مع الزبيب والصنيبر …

(يعوي الكلب الضالُّ فيظهر … ويظهر بجواره طفل في التاسعة يحمل ورق اليانصيب، وهو في أسماله شبه عاري الجسد …)

الطفل : إسعاف … إسعاف يا بك؟ … ألف جنيه!
(يرى الخبز موضوعًا على المائدة) تسمح لقمة؟!
عبده (يطرده بالخرقة بحركةٍ آلية معتادة) : امشِ … امشِ … (يرى الكلب بجواره) امشِ أنت وهو!

(يخرج الكلب والطفل هاربَين، وخلفهما قطَّة كانَت على وشك الظهور، فتهرب بهروبهما …)

عزت (لعبده) : ذكرتني … بمناسبة الحفلات … أخشى أن تكون الستُّ التي انتظرتها قد تناولت العشاء هناك … الليلة حفلة خيرية لمبرة من المبرات في طريق الهرم … وهي مدعوَّة مع زوجها …
عبده : ولماذا أمرت سعادتك إذن بأن نعدَّ الليلة الكباب والفاكهة والورد؟!
عزت : أكَّدَت لي أنها لن تتناول العشاء إلا معي هنا … وأنها لن تمكث طويلًا في الحفلة الخيرية … مجرد قيام بالواجب، ثم تعتذر بأي عذرٍ وتزوغ من الحفلة وتأتي على الفور …
عبده : لا داعي إذن لقلق سعادتك … ستأتي …
عزت (وهو ينظر في ساعته) : متى؟ … متى؟ … إنها قد تأخرت أكثر من ساعة! …
عبده (في أدب) : ربما كان سعادة زوجها هو الذي أخَّرها …
عزت : كيف يستطيع ذلك؟ … ستقول له إنها متعبة، وإنها ستسبقه إلى البيت فيبقى هو كالعادة في جماعة من أصدقائه … يتبارون في شراء الزهور من كل بائعةٍ حسناء من المتطوعات … ثم يشاهدون الرقص واللوحات الحية والألعاب، وهم يتناولون الويسكي والطعام ثم «الشمبانيا» المثلجة، وعلى رءوسهم «الطراطير» الملونة … ثم يجلسون في ركن «القهوة البلدي» لتلتقط لهم الصور وفي أفواههم «الجوزة» و«الشيشة»، طبعًا حضرت هذه الحفلات يا عبده؟!
عبده : حضرتها يا سعادة البك … اشتغلت «بارمان» في كثيرٍ من هذه الحفلات.
عزت : إنها مغرية جدًّا … أتظنُّ من السهل على رجل يأتي إليها ﺑ «السموكنج» الأبيض الجميل في هذا القمر الفضي البديع، يستطيع أن يتركها بعد قليل إلى البيت وراء زوجته المتعبة؟!
عبده : هذا شيء لا يمكن أن يحصل يا سعادة البك!
عزت : هذا أيضًا رأيي.

(صوت مقترب ينادي.)

الصوت : جرسون! … يا جرسون …
عبده (لعزت) : زبون مقبل … عن إذن سعادتك …
عزت (وهو يحدق في القادم يهمس مرتعدًا) : يا للمصيبة؟ … زوجها …
عبده (همسًا لعزت) : زوج الست؟!
عزت (هامسًا يحاول التواري) : أرجو ألَّا يراني!

(يظهر الزوج في طرف المكان مرتديًا سترة سهرة بيضاء من الحرير.)

الزوج (صائحًا) : عزت بك؟! … عزت؟ … أنت هنا يا عزت؟!
عزت (همسًا لعبده الجرسون) : قف بالباب ونبِّهها!
عبده (هامسًا) : لا تخف!
الزوج (متقدمًا) : اسمح لي يا عزت أن أضايقك لحظة … لا بد أن أقول لك شيئًا في غاية الأهمية …
عبده (للزوج) : البك يطلب؟ …
عزت (وقد تمالك قليلًا) : ماذا تطلب يا عبد الغني بك؟
عبد الغني : لا … لا شيء.
عزت : اطلب شيئًا … هل تعشيت؟
عبد الغني : لا …
عزت (في تردد) : إذن …
عبد الغني : لا … ليست عندي أي شهية للطعام … وأنت؟ أراك كنت على أهبة الأكل … (ينظر إلى المائدة) هذا طبق آخر … كنت تنتظر أحدًا بالطبع!
عزت (بارتباك) : لا … أبدًا … أبدًا …
عبد الغني : على أي حال، لا بد لي من أن أجلس معك الآن قليلًا … وأن تصغي إليَّ مليًّا … فأنت صديقي ويجب أن أخبرك …
عزت (يُخفي اضطرابه) : تفضل.
عبد الغني (للجرسون كي ينصرف) : فيما بعد أطلبك …
عبده : على راحتك يا بك … (يغمز عزت بعينه) أنا على الباب!

(عبده يخرج.)

عبد الغني (لعزت) : المسألة تتعلق بشوشو …
عزت (مأخوذًا) : شوشو؟!
عبد الغني : نعم … شوشو … زوجتي شوشو … ألا تعرف ماذا اكتشفت الليلة؟
عزت : اكتشفت … ماذا؟
عبد الغني : أنها تخونني …
عزت : ما هذا الكلام؟!
عبد الغني : يدهشك هذا؟
عزت (يبلع ريقه) : أنا … أنا …
عبد الغني : أنا أيضًا مندهش ولكن هذا هو الواقع … ويجب أن نصدق الواقع …
عزت : ربما … كانت شبهة …
عبد الغني : لا يا سيدي … ليست شبهة … بل حقيقة … ملموسة، اتضحت اليوم لعيني … أكثر من ذلك أستطيع أن أقول لك إني عرفت الشخص …
عزت (مضطربًا) : الشخص؟ …
عبد الغني : العشيق …
عزت (وهو يبلع ريقه) : عرفته؟ …
عبد الغني : نعم عرفته … أتحب أن أقول لك من هو؟ … هو صديق مع الأسف الشديد!
عزت (متغير الصوت والوجه) : صديق! …
عبد الغني : نعم … طالما زارنا وخرج معنا واختلط بنا … لكن الذي كان يرمي إليه ولا شك هو الانفراد بشوشو والاختلاء بها … ولولا المصادفة البحتة الليلة لما عرفت الأمر … كان بينهما اتفاق فيما يظهر على ذلك الميعاد …
عزت (وهو مطرق) : الميعاد!
عبد الغني : نعم يا سيدي … كان مقررًا أن نذهب معًا أنا وشوشو إلى حفلة خيرية. وذهبنا بالفعل … وكانت هنالك مائدة محجوزة لنا مع بعض الأصدقاء … لكن أتدري ما الذي حدث … ما كدنا نصل حتى قالت شوشو إنها تشعر بتعب ورغبة في النوم … واعتذرت عن العشاء الذي كان قد أعد هناك … وانفلتت من بيننا كالهاربة في وسط الجمع قبل أن يتمكن أحدٌ من استبقائها …
عزت : ربما … كانت … متعبة حقًّا.
عبد الغني : لا يا سيدي … المتعبة لا تذهب بعد ذلك إلى كازينو …
عزت (متخاذلًا) : كازينو!
عبد الغني : لتتعشى وتأكل الكباب.
عزت (كمن تلقَّى الضربة الأخيرة) : آه … كباب! … انتهى الأمر! … لا فائدة …
عبد الغني : أليس كذلك يا عزت؟
عزت (في شبه توسل) : وما الذي عولت عليه … يا عبد الغني … بك؟
عبد الغني : أريد أن آخذ رأيك أنت … قبل أي إجراء …
عزت : رأيي أنا …
عبد الغني : نعم … لو كنت في مكاني كيف كنت تتصرف …
عزت (متلعثمًا) : المسألة طبعًا … دقيقة …
عبد الغني : أعرف أنها دقيقة … لكن لا بد لها من حل. هذا الصديق … المزعوم … ما رأيك فيه؟ …
عزت (بصوت المتوسل) : رأيي أن العلاقة … بريئة … تأكد …
عبد الغني : بريئة؟ وما الذي يدعو زوجتي أن تكذب عليَّ؟ … وتدَّعي التعب، وهي ذاهبة للقاء هذا الصديق؟!
عزت : ادعاء التعب أمر عادي … يحدث دائمًا بدون قصد ولا تفكير …
عبد الغني : تريد أن تقول إن زوجتي وصديقي لم يقصدا خيانتي …
عزت (بصوت متهدج) : حاشا لله!
عبد الغني : وإن انفرادهما بريء … وليس فيه أي اعتداء على كرامتي …
عزت : كرامتك في الحفظ والصون … ولا يمكن أن يكون أحدهما فكر في الاعتداء على كرامتك أو مكانتك! …
عبد الغني : أواثق أنت يا عزت؟ …
عزت : كل الثقة …
عبد الغني : لقد ألقيت على ثورتي بردًا وسلامًا … وفي الحق … ربما كنت مبالغًا … أهذه أول مرة ألاحظ فيها تصرفات شوشو الشاذة؟ كثيرًا ما قالت إنها متعبة، ثم أبدت استعدادها بعد ذلك بقليل للسهر في «بارتيتة بريدج أو كونكان» … وكثيرًا ما قالت نصيِّف هذا العام في الإسكندرية ثم تقترح بعد دقيقة التصييف في أوروبا أو رأس البر … إن شوشو كما تعلم تغير رأيها في كل ساعة عدة مرات …
عزت : مضبوط!
عبد الغني : أنا على كل حال أشكرك يا عزت …
عزت (في دهشة) : تشكرني؟!
عبد الغني : نعم؛ لأنك أزلت من نفسي هذه الريب السخيفة!
عزت (متنفسًا) : الحمد لله …
عبد الغني (وهو يهمُّ بالقيام) : إياك يا عزت أن تخبر شوشو بما تحدثنا به الآن … هذا سر بيني وبينك.
عزت : طبعًا … طبعًا يا عبد الغني … اطمئن … اعتمد عليَّ كل الاعتماد …
عبد الغني : اسمح لي أن أتركك الآن … لأذهب إلى … (يشير إلى الكازينو) إلى إخواننا.
عزت : سؤال بسيط يا عبد الغني … قلت الآن إنه لولا المصادفة البحتة الليلة لما عرفت الأمر.
عبد الغني : هذا صحيح … إنها والله المصادفة وحدها … لقد تذكرت يا سيدي بعد أن تركتني شوشو في الحفلة أني معزوم هنا على مائدة «مرسي بك أبو طويلة» … لمناسبة عيد ميلاد …
عزت : زين عصره؟
عبد الغني : تمام … فرأيت من الواجب أن أحضر … ولو لمدة خمس دقائق لا لتناول طعام … فأنا متخم … بل لمجرد المجاملة.
عزت : مفهوم … ورأيت شوشو … أقصد شوشو هانم في طريقها إلى …
عبد الغني (مقاطعًا) : لا … لا … لم أرها في طريق … انتظر … وأعجب للمصادفة، أخطأت يا سيدي في الكازينو ودخلت الكازينو الآخر الذي قبل هذا … ولم أكد أخطو في حديقته قليلًا حتى لمحت مائدةً مثل هذه تجلس إليها شوشو، وهي تقضم قطعة من الكباب في صحبة ذلك الصديق …
عزت (صائحًا على الرغم منه) : ذلك الصديق؟ من ذلك الصديق؟
عبد الغني (بهدوء) : الصديق الذي قلت لك عنه الآن.
عزت : أنت قلت لي عنه الآن؟
عبد الغني : وماذا كنت أصنع طول الوقت؟
عزت (بحدة) : اسمه؟ … ما هو اسمه؟ …
عبد الغني : إنك تعرفه.
عزت : اسمه؟ … اسمه؟
عبد الغني : بيني وبينك طبعًا … رءوف علوي.
عزت (بغضب ممزوج بالدهشة) : رءوف علوي؟ … رءوف علوي يتعشَّى الليلة معها؟
عبد الغني : كباب مشوي في الكازينو المجاور …
عزت : أأنت واثق؟
عبد الغني : كل الثقة.
عزت (خارجًا عن أطواره) : شيء عجيب … شيء فظيع!
عبد الغني (في دهشة) : فظيع؟
عزت : بالتأكيد … أنت رأيت ذلك بعينك يا عبد الغني؟ … زوجتك جالسة مع رءوف علوي على انفراد في الحديقة، قرب النيل، بين الأشجار، والقمر طالع، والنسيم عليل، ومع ذلك … ومع ذلك …
عبد الغني (في دهشة) : ومع ذلك ماذا؟
عزت : أخبرني أولًا … ماذا فعلت أنت بعد أن رأيتهما على هذه الحالة؟
عبد الغني : هذه الحالة! … أي حالة!
عزت : هذا الانفراد … هذه الخلوة …
عبد الغني : لم أفعل شيئًا … استطعت أن أضبط أعصابي … وقد أحسنت التصرف …
عزت : أحسنت التصرف؟!
عبد الغني : أليس هذا رأيك؟!
عزت : وماذا فعلا هما عندما أبصراك قادمًا؟
عبد الغني : لم يبصراني … كانا مشغولَين بالأكل والكلام.
عزت (بغيظ مكتوم) : شيء لطيف!
عبد الغني : وانسحبت أنا بدون أن أُشعرهما بوجودي؛ لأعطي نفسي فرصة للتحري الهادئ عن الأمر … وخرجت من المكان فورًا … ثم تبيَّن لي خطئي في الكازينو … فمضيت إلى هنا حيث أسعدني الحظُّ بلقائك والاسترشاد بنصحك … هذه كل القصة باختصار … وأكرر الشكر … وإلى اللقاء …
عزت (يجلسه) : انتظر … سؤال ثانٍ … أهما الآن … في هذه اللحظة … مجتمعان في الكازينو الآخر!
عبد الغني : على الأرجح …
عزت : أوَيجوز لك يا عبد الغني أن تتركهما هكذا؟! … أهذا يليق؟! … أهذا يصح؟! … أهذا معقول؟! … أهذا مقبول؟!
عبد الغني (بدهشة) : ماذا حصل لك يا عزت؟! … ماذا دهاك؟!
عزت : تترك صديقك ينفرد هكذا بزوجتك!
عبد الغني : انفراد بريء بالطبع.
عزت : بريء؟! … من أدرانا؟
عبد الغني (في دهشة) : من أدرانا؟! … أنت … أنت يا عزت … أنسيت ما قلت الآن؟ … أوَكنت تفتيني وأنت غائب الوعي؟!
عزت : لست أدري … ولكني الآن أرى الموقف بكل وضوح … شوشو تكذب عليك وتدَّعي التعب لتذهب بعدئذٍ إلى كازينو على النيل تتعشَّى مع صديقك رءوف ماذا نسمي هذا؟
عبد الغني : ماذا تسميه أنت؟
عزت : ليس له غير اسم واحد: خيانة بكل صراحة!
عبد الغني : خيانة؟! … هكذا … مرة واحدة؟!
عزت : هذا رأيي.
عبد الغني : ورأيك السابق الذي أبديته منذ قليل وأكدت لي به أن ادعاء التعب أمر عادي، وأن انفراد زوجتي بصديقي لا قصد فيه لخيانة … وأن كرامتي في الحفظ والصون … إلى آخره … إلى آخره …
عزت : أردتُ تهوين الأمر عليك … ولكن ضميري استيقظ.
عبد الغني : رأيك الحقيقي إذن هو أن شوشو …
عزت (من بين أسنانه) : خائنة!
عبد الغني : أليس في هذا الحكم الصارم بعض التسرع؟
عزت : لا يا سيدي الفاضل … الجريمة ظاهرة ولا تحتاج لدليل … تكذب هذا الكذب … وتذهب إلى ذلك الميعاد … لتتعشى مع من؟ … مع رءوف … رءوف علوي … ذلك الشاب الرقيع السخيف المدلل الفارغ … الذي لا يزهو إلا بمجموعة «كارافاتاته» الحريرية التي قاربت الألف! … شوشو تعجب بهذا الطراز من الرجال؟! … وا أسفاه! … وا أسفاه!
عبد الغني : قد تكون غير معجبة به.
عزت (في أمل) : أواثق أنت يا عبد الغني من ذلك؟!
عبد الغني : معلوماتي مطمئنة …
عزت (في استجداء) : أفصح … وضح … فصل … أرجوك هل لاحظت شيئًا عن مدى العلاقة بينهما؟!
عبد الغني : علاقة طبيعية …
عزت : طبيعية؟ … كيف … كيف؟
عبد الغني : طبيعية … علاقة طبيعية … أقصد لم ألاحظ شيئًا غير عادي!
عزت (بيأس) : أف! … ليس عندك إذن معلومات في الأمر …
عبد الغني : أي نوع من المعلومات تريد؟!
عزت : ألم تقل مرة إنها تستظرفه؟ … ألم تحادثه كثيرًا في التليفون … ألم تبادله نظرة من تلك النظرات؟! …
عبد الغني : لا أتذكر.
عزت : تذكر … يجب أن تتذكر … أرجوك يا عبد الغني أن تتذكر جيدًا … ألم تلمح مرة شيئًا من هذا القبيل يحدث بينهما؟!
عبد الغني : لا … مرة واحدة فقط … حدث …
عزت (بعجلة واهتمام) : ماذا؟ … حدث ماذا؟ … تكلم …
عبد الغني : ضحكت شوشو ضحكًا متواصلًا لنكتة قالها رءوف …
عزت : نكتة قالها رءوف! … رءوف يستطيع أن يقول نكتة تضحك! … يا للطامة الكبرى! … يا للكارثة العظمى! … لا بد أن القيامة ستقوم قريبًا … لا بد أن القنبلة الذرية ستنسف الكون … لا بد أن الله سيمسخ الناس قرودًا … لا بد أن …
عبد الغني : مهلًا … مهلًا … ما هذه الحماسة؟!
عزت : وأنت … ما هذا … ما هذا … ما هذا الفتور؟! … رءوف يأخذ منا … أقصد يأخذ منك زوجتك ولا تحرك ساكنًا …
عبد الغني : ومن قال إنه أخذها؟!
عزت : أنت … ألم تقل الآن إنك ضبطتها معه تحت الشجر … في ضوء القمر …
عبد الغني : ضبطتها؟! … هذه كلمة شديدة جارحة …
عزت : جارحة لمن؟ …
عبد الغني : لشوشو بالطبع …
عزت : آه! … إني آسف! …
عبد الغني : اسمع يا عزت … لا تعقد المسائل … ولا تتكلم بانفعال … راجع رأيك الأول الذي أبديته وأنت هادئ تجد أنه هو المعقول، يظهر أن ضميرك عندما استيقظ أراد أن يحدث ضجيجًا بلا مناسبة!
عزت (في إطراق) : صدقت … إني آسف … كل يقظة فيها ضجيج! … إني آسف … إني آسف …
عبد الغني : وأدمغتنا يا عزت اعتادت الراحة … أتركك الآن لتتناول عشاءك … ولأتناول أنا كأسًا عند إخواننا … (ويشير إلى الكازينو) إلى اللقاء غدًا … وأشكرك …

(ينصرف عبد الغني، ويبقى عزت وحده أمام مائدته … ولا يتمالك نفسه فيمد يده وينزع «الفوطة» التي فوق الطبق الآخر بعنف، ويلقي بها على الأرض …)

عزت : تتعشى مع رءوف! … وأنا هنا في انتظارها منذ ساعتَين! … يا للفاجرة! … يا للفاجرة! … (يقرض أصابعه غيظًا ثم يصيح فجأة) جرسون … عبده … يا جرسون! … يا عبده …
عبده (يظهر مهرولًا) : أفندم سعادة البك … نشوي الكباب؟
عزت : لن تأتي …
عبده : ماذا جرى … لا سمح الله؟! …
عزت : جرى ما جرى … المهم أنها لن تأتي … تناولت العشاء … في كازينو آخر؟
عبده (بدون أن يفهم) : كازينو آخر؟!
عزت : حسابك.

(يظهر عندئذٍ طفل آخر في العاشرة متدثرًا في الأطمار … يحمل أوراق «اليانصيب» وهو يلتقط في نفس الوقت أعقاب السجاير.)

الطفل (مناديًا) : ألف جنيه! … ألف جنيه (يشير إلى كوب ماء على المائدة) تسمح يا بك … أشرب؟ …
عبده (يطرد الطفل بخرقته) : امشِ يا ولد … امشِ …
عزت : دعه يشرب …
عبده : يوسخ لنا الكوب …
عزت : لا بأس … (يناول الكوب للطفل) اشرب يا ولد … (ثم يلتفت إلى عبده) وأنت كم حسابك يا عبده؟
عبده : ألن تتعشَّى سعادتك؟
عزت : قلت لك إني شبعان …
عبده : خسارة … العشاء الفاخر الذي جهزناه … تدفع ثمنه دون أن تمسه …
الطفل (وقد انتهى من شرب الكوب يضعه) : ربنا يطيل عمرك يا بك …
عزت (يلتفت إلى الطفل) : تعشيت يا ولد؟
الطفل : أنا؟! … لا …
عزت (يشير للطفل إلى الكرسي الذي أمامه) : اجلس هنا وتناول هذا العشاء … (لعبده) اشوِ الكباب يا عبده …
عبده (في دهشة) : أشوي الكباب؟
عزت : نعم … وبأقصى سرعة …
عبده (مشيرًا إلى الطفل باحتقار) : لهذا …
عزت : نعم … لهذا … ألست حرًّا في عشائي؟ … اذهب وأحضر الطعام جميعه بسرعة … ولا تنسَ الفاكهة …
عبده : أمر سعادتك! … (ينصرف مسرعًا) …
عزت (يلتفت نحو الطفل) : لماذا لم تجلس … ألم أقل لك اجلس …
الطفل (مترددًا) : لا يصح يا بك …
عزت : بل يصح … وأنا الذي أطلب منك … اترك أوراق يانصيبك، وعلبة أعقاب سجايرك تحت المائدة … واجلس هنا …
الطفل (وهو يضع ما معه) : خذ مني يا سعادة البك ورقة بألف جنيه … السحب بكرة! …
عزت : لا أريد الورقة … ولكني سأدفع لك ثمنها …
الطفل (وهو يجلس أمامه) : لا … لا يا بك قصدي أن تأخذ الورقة بدون ثمن …
عزت : قصدك أن تعطيني ألف جنيه في مقابل أكلة لن تكلفني أكثر من جنيه! … هذا كرم منك!
الطفل (بدهشة) : جنيه؟ … سآكل بجنيه!
عزت : أهذا كثير؟
الطفل (برجاء) : خذ مني ورقتَين بدون ثمن …
عزت : ماذا أفعل بهما؟!
الطفل : ربما كسبت واحدة «البريمو».
عزت : لا أريد أن أكسب …
الطفل (بعجب) : لا تريد أن تكسب؟ … لم أسمع مثل ذلك … كل الناس تحب أن تكسب «البريمو».
عزت : وأنت؟
الطفل : أنا!
عزت : ألم يكن معك ذات مرة قرش؟
الطفل : نعم … كان معي قرش.
عزت : ماذا فعلت به؟
الطفل : اشتريت به رغيف عيش وحلاوة طحينية …
عزت : ولماذا لم تشترِ به ورقة قد تكسب «البريمو»؟
الطفل : لا … هذا للزباين …
عزت : الزباين؟
الطفل : نعم … البكوات مثل سعادتك.
عزت : مفهوم … أصحاب البطون الممتلئة! … حقًّا هم دائمًا المتعطشون لكسب الألوف!
الطفل : أعرف بك كبيرًا مثل حضرتك … يجلس في القهوة بالعتبة … يشتري كل يوم جميع أصناف ورق اليانصيب من كل الباعة المارِّين … وسمعتهم يقولون إنه صاحب أربع عمارات.
عزت (كالمخاطب نفسه) : عندما تصبح عشرين عمارة فإن جوعه لربح المال يتضاعف ويزداد.
الطفل (يمد يده نحو طبق الخبز بتردد) : هذا الخبز … لحضرتك؟
عزت : خذ … خذ … لا تخف … كل ما على هذه المائدة هو لك أنت …
الطفل (يتناول قطعة خبز) : آخذ لقمة …
عزت : لا تكثر من الخبز … انتظر الكباب … أتحبُّ الكباب؟!
الطفل : ومن يكره الكباب؟!
عزت : أسبق أن أكلته؟
الطفل : كثيرًا.
عزت (بدهشة) : كثيرًا؟! … أين؟
الطفل : عند الحاتي …
عزت (متعجبًا) : الحاتي؟!
الطفل : الحاج درويش الكبابجي في باب الشعرية الله يستره رجل طيب … كل جمعة يخرج لنا «الجردل» ملآن بما يفضل في الصحون … ويقول لنا أنا وزملائي: كلوا يا أولاد واشبعوا … ألستم أنتم أولى من الكلاب والقطط!
عزت : تأكلون ماذا؟ … العظام التي تتبقى من زبائن المحل؟! … أوَتجدون فيها ما يُؤكل؟
الطفل : كلٌّ منا وبخته … الولد «حباية» زميلي، تقع في يده دائمًا العظمة التي فيها منهش …
عزت : نعم … نعم … أما الفاكهة طبعًا فممنوعة.
الطفل : لا نعرف غير صنفَين أو ثلاثة … في الشتاء البرتقال …
عزت : وفي الصيف؟
الطفل : البطيخ والشمام.
عزت (بعجب) : شيء عظيم … وأين تجدون ذلك؟
الطفل : البركة في الصناديق!
عزت : صناديق؟ …
الطفل : نعم … الموجودة في الشوارع …
عزت : آه … آه صناديق القمامة!
الطفل : الشاطر فينا من يجري إليها عند الفجر قبل أن تأتي العربة الكبيرة … وينزل من فوقها الكناس يطردنا ويضربنا …
عزت : ولماذا يطردكم ويضربكم؟!
الطفل : لا ندري … ولكنه يقول لنا … امشوا يا كلاب … أهذا يملكه أبوكم!
عزت : ومن الذي يملكه؟
الطفل : الحكومة.
عزت : قشر البرتقال والبطيخ والشمام؟!
الطفل : مرة كاد يلحق بي … ولكن جريت منه … فضرب بمكنسته قطة كانت تنبش معنا في الصندوق، فكسر رجلها وانطلقت تعرج وتصرخ …
عزت : أفهم أن يضرب الكلاب والقطط … ولكن لماذا يضربكم أنتم؟!
الطفل : ولماذا يضربها هي أيضًا؟! … إنها تبحث مثلنا عن طعامها.
عزت : ألا تضايقكم؟!
الطفل : لا … الصندوق متسع … وفيه ما نريد نحن … وما تريد هي …
عزت (خجلًا من نفسه) : صدقت.

(عبده يظهر متسرعًا … وهو يحمل طبقًا به كباب، وطبقًا آخر به برقوق.)

عبده : شوينا بمنتهى السرعة!
عزت (يشير إلى جهة الطفل ويأمر عبده) : ضع هنا …
عبده (وهو ينفذ بغضاضة) : لحم مفتخر … لو دقت منه سعادتك …
عزت : لا … (يشير إلى المنشفة التي كان قد ألقاها على الأرض) هات يا عبده هذه «الفوطة»، وعلِّقها في صدر هذا الطفل … (للطفل) نسيت أن أسألك عن اسمك … ما اسمك؟
الطفل : اسمي «بندقة» …
عبده (وهو يربط المنشفة في عنق الطفل بخشونة) : بندقة فارغة!
عزت : لأنه ليس في جيبه محفظة! … أليس كذلك؟!
عبده : أتأمر بشيء آخر يا سعادة البك؟!
عزت : لا يا عبده … أشكرك … (عبده ينصرف ويأخذ عزت في غرف بعض الكباب من الطبق الكبير إلى الطبق الذي أمام الطفل قائلًا:) والآن … تفضل بالأكل … يا بندقة! … كُل طبعًا بيدك كما أنت معتاد أن تأكل …
الطفل (يتناول قطعة لحم ويأكل بشهية وهو يقول) : الله!
عزت (يراقب شهيته العجيبة) : لذيذة؟!
الطفل (وهو يمضغ ويزدرد) : الله!
عزت : ما شعورك؟
الطفل (غير فاهم) : نعم؟
عزت : أقصد … ماذا تحس الآن وأنت تأكل مثل هذا اللحم الفاخر؟!
الطفل (وهو يزدرد قطعة أخرى) : هذه «كفتة» … «كفتة» … «كفتة» …
عزت : بماذا تشعر وأنت تأكلها؟
الطفل (وفمه مملوء) : الله …
عزت (وهو يتأمل شهيته) : أهي لذيذة إلى هذا الحد؟
الطفل (يعزم عليه) : دق قطعة.
عزت : ليس عندي شهية … مع الأسف …
الطفل : ربما كنت لا تحب أن تأكل معي.
عزت : بالعكس …
الطفل (وهو يأكل) : عندما سأقول لزملائي الولد «حباية» والولد «زقزوق» والولد «محروس» إني أكلت لحم كباب … حقيقي … في طبقه … مثل الزباين …
عزت : ماذا يفعلون؟
الطفل : لن يصدقوني أبدًا … ولكني سأحلف لهم برأس سيدنا الحسين … وسأصف لهم …
عزت : تصف لهم ماذا؟
الطفل (وهو يرفع في يده قطعة) : طعم الكفتة …
عزت : ما هو طعمها؟
الطفل (وهو يزدردها) : الله …
عزت (في عجب) : أمسرور أنت بهذا القدر؟ … أسعيد أنت بهذا المقدار؟ …

(تظهر سيدة أنيقة في مقتبل العمر … هي «شوشو» وتتجه إلى المائدة بخطوات سريعة …)

شوشو : تأخرت عليك قليلًا يا عزت؟
عزت : وماذا يهم؟ … ما دمتِ قد تناولتِ العشاء …
شوشو : حقًّا … لم أستطِع الاعتذار … ألحوا عليَّ كثيرًا أن أتعشى في الحفلة؟
عزت : الحفلة؟!
شوشو : طبعًا الحفلة الخيرية …
عزت : مفهوم …
شوشو (تشير إلى الطفل) : ما هذه القذارة؟! … ألم تستطع أن تجد غير هذا تشغل به مكاني؟! …
عزت : لا … لم أستطع أن أجد قذارةً أشغل بها مكانك …
شوشو : ماذا تقول؟!
عزت : لا ينبغي أن نصف هذا الطفل البريء بهذا الوصف.
شوشو : ما هذه المقابلة يا عزت؟! … ما الذي جرى لك الليلة؟ أهذا كله لأني تأخرت ساعة عن الميعاد؟!

(الطفل ينهض ويتنحى عن الكرسي.)

عزت : أين تذهب يا بندقة؟!
الطفل (بحياء) : أكلت …
عزت : لا … اجلس … وأكمل عشاءك.
الطفل : شبعت.
عزت : تريد أن تترك الكرسي للست؟! … إنها تناولت عشاءها كما سمعت … ولديها كرسي ثالث هنا … إذا أرادت الجلوس …
شوشو : لا … لن أجلس … سأنصرف بعد لحظة … الجو بارد! …
عزت : مؤكد … لا بد أن يكون كذلك ها هنا!
شوشو : ثق يا عزت أني كنت أود أن أتعشى معك …
عزت : أيضًا؟
شوشو (بقلق) : ماذا تقصد؟
عزت : أقصد طبعًا … إلى جانب الحفلة الخيرية.
شوشو : نعم … ولكني لم أستطع أن أجمع بين …
عزت (بسرعة) : بين مائدتَين في وقت واحد؟! ولمَ لا؟ … هنالك مَن يستطيع الجمع بين ثلاث موائد … وربما أكثر … وأكثر … من يدري؟! … هنالك طراز من الجياع يقضون من حياتهم كلها بين الموائد، ولا يملئون أبدًا ما يشعرون به دائمًا من فراغ …
شوشو : من تعني بهذا الكلام؟
عزت (ينصرف إلى الطفل) : كُل يا بندقة! … أذقت من هذا البرقوق؟ … (يعطيه واحدة) ما رأيك فيه؟
الطفل (يضعها في فمه) : الله!
عزت : حلو؟!
الطفل (هاتفًا مبتهجًا) : مثل السكر!
عزت (لشوشو) : بشيء زهيد نستطيع أن نجعل هذا النوع البسيط من الجياع سعيدًا … أما غيرهم …
الطفل (لعزت في تردد) : سعادة البك … أريد أن أطلب شيئًا …
عزت : اطلب … اطلب.
الطفل : أريد أن آخذ معي ثلاث برقوقات.
عزت : ثلاث برقوقات؟!
الطفل : نعم … واحدة أعطيها لزقزوق … وواحدة لحباية … وواحدة لمحروس …
عزت : فقط؟! … لا … بل كل ما تراه هنا فوق هذه المائدة … من خبز وكباب وفاكهة ستحمله معك …
الطفل (بفرح) : أحمله معي؟!
عزت : نعم لأنه لك … ألم أقُل لك الآن إن كل ما فوق هذه المائدة هو لك أنت!
الطفل (بفرح) : أين أضع كل هذا؟! … معي العلبة … أرمي ما فيها من أعقاب السجاير …
عزت : بل انتظر … معي أنا هذه الجريدة … صفحاتها عديدة كما ترى … أجعل لك منها قرطاسًا طويلًا عريضًا …

(يتناول جريدة ويصنع قرطاسًا يصبُّ فيه الكباب، وآخر يضع فيه الخبز … وثالثًا الفاكهة.)

شوشو (لعزت بسخريةٍ وهي نافدة الصبر) : منذ متى تيقظت فيك هذه العواطف؟! … أنت الذي كنت تشكو لطوب الأرض من جشع الفلاحين في عزبك؟!
عزت (لا يجيبها ويحمل الطفل القراطيس) : أفي إمكانك أن تسير بها هكذا؟
الطفل : نعم …
عزت : ألن يسقط منها شيء؟
الطفل : لا … لكن …
عزت : ماذا؟
الطفل : أخاف أن يضبطوني وأنا خارج من هنا …
عزت : لماذا؟ … هذه الأشياء ملكك.
الطفل : لن يصدقوا … وسيضبطونني.
عزت : حقًّا … أنت الذي تُضبَط … أما غيرك … فإن مجرد هذه الكلمة تعتبر بالنسبة إليه شديدة جارحة … (يلقي نظرة إلى شوشو) تستوجب المعذرة والتأسف! … (ينهض مع الطفل) هلمَّ أشيعك إلى الباب … حتى تغادر هذا المكان كما جئته … محتفظًا بشرفك!
شوشو (في ضحكة استهزاء) : شرفه!

(يخرج عزت مع الطفل المحمل بقراطيسه دون أن ينظر إلى شوشو التي تبقى في مكانها تنفخ من الغيظ.)

(ستار)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥