الفصل السادس والعشرون

ابْنُ الْمُزَارِعِ براون يُعِدُّ فَخًّا

الْمَشَاكِلُ تَأْتِي غَالِبًا لَا مِنَ الشَّغَبِ،
بَلْ مِنَ الْإِهْمَالِ؛ مِنْ شَخْصٍ قَدْ غَفَلَ.
الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ

أَمَلَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة أَلَّا يَشْعُرَ أَحَدٌ بِفُقْدَانِ الدَّجَاجَتَيْنِ اللَّتَيْنِ سَرَقَتْهُمَا هِيَ وَريدي مِنْ بَيْتِ دَجَاجِ الْمُزَارِعِ براون، وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ مَا حَدَثَ؛ فَفِي صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي حِينَ ذَهَبَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون لِيُطْعِمَ الدَّجَاجَ، اكْتَشَفَ عَلَى الْفَوْرِ أَنَّ الْبَابَ الْجَرَّارَ الصَّغِيرَ الَّذِي كَانَ يَجِبُ أَنْ يُغْلِقَ الْفَتْحَةَ الَّتِي يَخْرُجُ وَيَدْخُلُ مِنْهَا الدَّجَاجُ كَانَ مَفْتُوحًا، وَحِينَهَا تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ بَوَّابَةَ حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ مَفْتُوحَةً اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ. فَحَصَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون الْفَتْحَةَ ذَاتَ الْبَابِ الْجَرَّارِ بِإِمْعَانٍ.

قَالَ وَهُوَ يَحْمِلُ شَعْرَتَيْنِ حَمْرَاوَيْنِ وَجَدَهُمَا عَلَى حَافَةِ الْبَابِ: «هَا! هَذَا مَا تَوَقَّعْتُهُ. كُنْتُ مُهْمِلًا لَيْلَةَ أَمْسِ وَلَمْ أُوصِدْ هَذَا الْبَابَ، وَتَرَكْتُ الْبَوَّابَةَ مَفْتُوحَةً. أَتَى الثَّعْلَبُ ريدي إِلَى هُنَا، وَالْآنَ أَعْلَمُ مَاذَا حَلَّ بِهَاتَيْنِ الدَّجَاجَتَيْنِ. أَظُنُّ أَنَّ هَذَا جَزَائِي عَلَى إِهْمَالِي، وَأَظُنُّ أَنَّ الْحَقِيقَةَ هِيَ أَنَّ هَاتَيْنِ الدَّجَاجَتَيْنِ كَانَتَا ذَوَاتَيْ قِيمَةٍ كَبِيرَةٍ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهَا لِي؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنَّ هَذَا الْمِسْكِينَ يَقُومُ بِعَمَلٍ شَاقٍّ لِلْغَايَةِ لِيَبْقَى عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الصَّعْبَةِ مِنَ الشِّتَاءِ. مَعَ ذَلِكَ، لَا أَسْتَطِيعُ السَّمَاحَ لَهُ بِالسَّرِقَةِ بَعْدَ ذَلِكَ. لَنْ يَنْفَعَ ذَلِكَ أَبَدًا. إِذَا أَغْلَقْتُ عَلَيْهَا الْبَابَ كُلَّ لَيْلَةٍ وَلَمْ أَكُنْ مُهْمِلًا، فَلَنْ يَسْتَطِيعَ الْحُصُولَ عَلَيْهَا. وَلَكِنَّ الْحَوَادِثَ تَقَعُ، وَقَدْ أَفْعَلُ مَا فَعَلْتُهُ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ؛ أَظُنُّ أَنَّنِي قَدْ أَوْصَدْتُ الْبَابَ مَعَ أَنَّنِي لَمْ أَفْعَلْ. لَا أَوَدُّ أَنْ أَضَعَ فَخًّا لِريدي، وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ أُلَقِّنَ هَذَا الْوَغْدَ دَرْسًا. إِنْ لَمْ أَفْعَلْ، فَسَيَتَجَرَّأُ كَثِيرًا حَتَّى لَنْ تُصْبِحَ تِلْكَ الدَّجَاجَاتُ فِي أَمَانٍ حَتَّى فِي وَضَحِ النَّهَارِ.»

وَفِي اللَّحْظَةِ نَفْسِهَا، كَانَتِ الْجَدَّةُ وَالثَّعْلَبُ ريدي فِي بَيْتِهِمَا يُنَاقِشَانِ خُطَطَ الْمُسْتَقْبَلِ، وَكَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ الْمَاهِرَةُ تُشِيرُ إِلَى أَهَمِّيَّةِ بَقَائِهِمَا بَعِيدًا عَنْ حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ لِبَعْضِ الْوَقْتِ. قَالَتْ: «لَقَدْ حَصَلْنَا عَلَى عَشَاءٍ شَهِيٍّ، بَلْ عَشَاءٍ رَائِعٍ، وَإِذَا كُنَّا عَلَى قَدْرٍ كَافٍ مِنَ الذَّكَاءِ، فَقَدْ نَتَمَكَّنُ مِنَ الْحُصُولِ عَلَى الْمَزِيدِ مِنْ وَجَبَاتِ الْعَشَاءِ مِنْ حَيْثُ أَتَيْنَا بِذَلِكَ الْعَشَاءِ، وَلَكِنْ بِالطَّبْعِ لَنْ نَتَمَكَّنَ مِنْ هَذَا إِذَا كُنَّا طَمَّاعَيْنِ.»

انْتَحَبَ ريدي قَائِلًا: «وَلَكِنِّي لَا أَعْتَقِدُ أَنَّ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون شَعَرَ بِفُقْدَانِ هَاتَيْنِ الدَّجَاجَتَيْنِ، وَلَا أَرَى أَيَّ سَبَبٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِئَلَّا نَعُودَ إِلَى هُنَاكَ اللَّيْلَةَ وَنَحْصُلَ عَلَى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ إِذَا كَانَ هُوَ بِهَذَا الْغَبَاءِ أَنْ يَتْرُكَ تِلْكَ الْبَوَّابَةَ وَالْبَابَ الصَّغِيرَ مَفْتُوحَيْنِ.»

قَاطَعَتْهُ الْجَدَّةُ: «رُبَّمَا لَمْ يَلْحَظْ غِيَابَهُمَا، وَلَكِنْ إِنْ أَخَذْنَا اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ فَسَوْفَ يُلَاحِظُ بِالتَّأْكِيدِ، وَسَوْفَ يَحْزِرُ مَاذَا حَلَّ بِهِمَا، وَذَلِكَ قَدْ يُوقِعُنَا فِي مَشَاكِلَ لَا نِهَايَةَ لَهَا. لَسْنَا نَتَضَوَّرُ جُوعًا الْآنَ، وَأَفْضَلُ شَيْءٍ لَنَا هُوَ أَنْ نَبْتَعِدَ عَنْ عُشَّةِ الدَّجَاجِ إِلَى أَلَّا نَجِدَ أَيَّ شَيْءٍ آخَرَ لِلْأَكْلِ فِي مَكَانٍ آخَرَ. وَالْآنَ انْتَبِهْ إِلَى مَا أَقُولُهُ لَكَ يَا ريدي، وَإِيَّاكَ أَنْ تَقْتَرِبَ مِنْ هُنَاكَ.»

تَعَهَّدَ ريدي بِذَلِكَ. وَمِنْ هُنَا نَصَبَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون فَخًّا، وَلَكِنْ هَبَاءً حَتَّى الْآنَ؛ حَيْثُ إِنَّ ريدي وَالْجَدَّةَ لَا يَذْهَبَانِ إِلَى هُنَاكَ. رَبَطَ بِحَذَرٍ شَدِيدٍ شَرَائِطَ مِنَ الْقُمَاشِ حَوْلَ فَكِّ الْفَخِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَمِلْ فِكْرَةَ أَنْ يَقْطَعَ ذَلِكَ الْفَكُّ الْقَاسِي أَرْجُلَ ريدي إِذَا تَمَّ الْإِمْسَاكُ بِهِ. هَكَذَا، لَمْ يَنْتَوِ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون أَنْ يَقْتُلَ ريدي إِذَا أَمْسَكَ بِهِ، وَلَكِنْ أَنْ يَجْعَلَهُ سَجِينًا لِبَعْضِ الْوَقْتِ؛ وَبِهَذَا يُبْعِدُهُ عَنِ الْأَذَى. فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَخْفَى الْفَخَّ بِكِيَاسَةٍ شَدِيدَةٍ دَاخِلَ عُشَّةِ الدَّجَاجِ؛ بِحَيْثُ يَتَأَكَّدُ مِنْ أَنَّ أَيَّ أَحَدٍ يَتَسَلَّلُ مِنْ خِلَالِ تِلْكَ الْفَتْحَةِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي تَخْرُجُ وَتَدْخُلُ مِنْهَا الدَّجَاجَاتُ يَخْطُو بِدَاخِلِهِ. ثُمَّ تَرَكَ عَنْ عَمْدٍ الْبَابَ الْجَرَّارَ الصَّغِيرَ نِصْفَ مَفْتُوحٍ كَأَنَّهُ مَنْسِيٌّ، وَأَيْضًا تَرَكَ بَوَّابَةَ حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ مَفْتُوحَةً تَمَامًا مِثْلَمَا فَعَلَ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ.

قَالَ وَهُوَ يُكَلِّمُ نَفْسَهُ: «الْآنَ أيُّهَا السَّيِّدُ ريدي أَظُنُّ أَنَّكَ سَتَقَعُ فِي مُشْكِلَةٍ قَبْلَ الصَّبَاحِ.»

وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ ريدي كَانَ سَيَفْعَلُ هَذَا بِالضَّبْطِ، لَوْلَا حِكْمَةُ الْجَدَّةِ الْعَجُوزِ الْمَاكِرَةِ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤