الفصل الثامن

انفجار!

في اليوم التالي عدنا أنا وفريتز إلى غابة اليقطين وقررنا أن نقوم بمزيد من الاستطلاع، فعثرنا على نبات مثمر عرفت أنه ذلك النوع الذي يمكن غليه للحصول على الشمع من أجل صنع الشموع. جمعنا الثمرات اللبية وواصلنا الاستطلاع إلى أن عثرنا على مستعمرة من طيور الببغاء بين الأشجار. تسلق فريتز الشجرة في محاولة للإمساك بأحدها، فعضته الطيور في يده بسبب الإزعاج الذي أحدثه، لكنه تمكن من الإمساك بأحدها ووضعه في جيبه. وعندما نزل أراني طائره الأخضر الجميل. وقرر أن يحاول أن يعلمه كيف يتكلم.

في طريق عودتنا، تعثرنا في بعض العصارة الصمغية التي نضحت بها إحدى الأشجار. لمسناها فوجدناها مرنة للغاية.

سألني فريتز: «هل يمكن أن يكون هذا مطاطًا يا أبي؟»

أجبته: «دعني أرى. أنت على حق، إنه مطاط! سيكون جيدًا لصنع الأحذية العادية والأحذية عالية الساق.»

شققنا طريقنا عائدين إلى منزل غابة الصقور وأخبرنا الجميع عن مغامراتنا، فغمرت الجميع الحماسة بشأن فكرة صنع الشموع حتى إننا فكرنا جميعًا أن نجرب صنعها في التو.

غلينا الثمار اللبية على النيران، وغرفنا الشمع ووضعناه في قدر آخر. ثم أحضرنا خيوطًا وغمسناها في القدر المملوء بالشمع الساخن. وكما توقعنا، عندما تركناه يجف، وجدنا أننا صنعنا الشموع. في تلك الليلة، وللمرة الأولى، أضأنا الشموع في منزل غابة الصقور، الشيء الذي كان في غاية الروعة.

في صباح اليوم التالي، حاولنا أن نصنع الزبد من القشدة التي قشدناها من سطح لبن البقرة، فوضعنا اللبن في وعاء من اليقطين واستمررنا في خضّه مدة نصف ساعة في قماش الشراع. وقد نجح الأمر! فجأة غمرتنا الأشياء التي كنا نعتبرها أشياء عادية في وطننا الأصلي ببهجة عظيمة.

عندئذ شرعنا في العمل في مشروع طويل المدى من أجل جعل أرض الخيمة مكانًا آمنًا نأوي إليه عند الطوارئ. أردنا أن نجهز كل شيء تحسبًا لأن نحتاجه، فزرعت سورًا شائكًا كي أحول دون وصول الحيوانات، وعلقت بندقيتين في مدخلها. كنا على استعداد لأي هجوم سواء من حيوان أو إنسان.

قضينا أيامنا على الجزيرة في تنفيذ المشاريع، والاستطلاع، والصيد، وكنت أعلّم الأولاد كل أحد السباحة والتسلق. فصاروا أقوياء بمرور الوقت، لكن سرعان ما تمزقت ملابسهم جراء كل الأنشطة التي يزاولونها. واحتاج الأولاد إلى أحذية، لذا كانت مهمتي التالية هي محاولة صنع أحذية من المطاط الذي عثرنا عليه. قمت بهذا من خلال حشو زوج من الجوارب بالرمال، وضعت حولها طينًا، بذا صنعت قالبًا متحجرًا. وعلى هذا القالب الطيني طليت المطاط طبقة تلو الأخرى إلى أن صنعت زوجًا من الحذاء المطاطي عالي الساق. فرحت بحذائي الجديد، لكن ساورتني المخاوف بشأن الملابس، لا سيما وأن فصل الشتاء قد بدأ.

تساءلت هل لا تزال هناك أي ملابس في حطام السفينة، فقررت أن أعود أنا والصبيان الكبار إلى الحطام مرة أخيرة. ولسوف نأخذ كل المؤن المتبقية، وعندئذ ننسف الحطام إلى الأبد. وبعدما ملأنا قواربنا بكل شيء عثرنا عليه، أعددنا السفينة كي تنفجر واتجهنا إلى الشاطئ كي نشاهد ألعابنا النارية. ونحن نجهز عشاءنا ونراقب السفينة، صعد عمود ضخم من النيران وحدث صوت دوي هائل. هكذا كانت نهاية سفينتنا، وسيلة اتصالنا الرئيسية بسويسرا القديمة، وطننا السابق.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤