الفصل التاسع

العثرات

إن عثرات الحياة الدنيوية الحاضرة تُبعد الناس عن الحياة الحقيقية وتُخفيها عنهم، فلا تُمكِّنهم من الاتِّحاد مع الآب.

(واترك لنا ما علينا كما نترك نحن لمن لنا عليه.)

فحوى الفصل التاسع

الإنسان يُولد في هذا العالم ليُرضي الله، ويسير بحسب وصاياه، فينال الحياة الخالدة. إن الأولاد الصغار هم في الحقيقة أطهار لا يتعدُّون حدود وصايا الآب، وإذا أراد أحد أن يفهم تعليم يسوع ينبغي عليه أن يُوجِّه التفاته إلى حياة الأولاد، ويجتهد أن يكون مثلهم في سيرهم وأعمالهم، فالأولاد يعيشون دائمًا أبدًا عيشة صالحة، ويُتمِّمون إرادة أبيهم ولا يتعدون الخمس وصايا، ولا يخطر على بالهم تعديها، لولا أن الكبار يسببون لهم العثرات فيقودونهم بأيديهم إلى الهلاك، وبعلمهم هذا لا يفرقون في شيء عن رجل علَّق بعنق رجل آخر حجر الرحى وألقاه في البحر، ولولا العثرات لسادت السعادة في العالم، ولكنها تجلب عليه التعاسة والشقاء، أما العثرات فهي الشر الذي يرتكبه الناس ليحصلوا بواسطته على خيرات هذه الحياة الدنيا، ولكنها تُفضي بهم أخيرًا إلى الهلاك، فيجب على كل واحد أن يبذل كل مرتخص وغالٍ في سبيل تجنب العثرات وعدم السقوط بها.

إن أعظم عثرة للناس ضد الوصية الأولى، هي أن كل واحد يعدُّ نفسه أعلى منزلة من الآخرين وأرفع شأنًا من الغير، وأنهم جميعًا دونه مقامًا ومرتبة، وما على الناس لكي يتجنَّبوا السقوط فيها إلا أن يذكروا دائمًا أنهم مديونون للآب، وأنهم يستطيعون وفاء هذا الدَّين إذا غفروا سيئات إخوانهم؛ وعليه: فيجب على الناس أن يغفروا سيئات الآخرين دون أن يهتمُّوا بأنه ربما يعود هؤلاء ويُسيئون إليهم مرة أخرى أو مرات عديدة، ومهما أُسِيء إلى الإنسان ينبغي عليه أن يغفر ويسامح ولا يذكر الشر؛ لأن ملكوت السموات مُستطاع مع الغفران، فإذا لم نغفر للغير نفعل كذلك المديون دينًا عظيمًا الذي جاء سيده الدائن وطلب إليه أن يرحمه، فرثى السيد لحاله وترك له الدين جميعه، فذهب المديون وضايق مديونًا آخر له بدين قليل، فماذا يفعل السيد إذا سمع بفعلته؟ وهكذا نحن، فإننا نطلب الغفران من الآب، فإذا لم نغفر لغيرنا سيئاتهم فلا يغفر لنا أبونا سيئاتنا.

والعثرة ضد الوصية الثانية، هي أن الناس يزعمون أن المرأة خلقت لأجل شهوات الجسد وملذَّاته، فإذا ترك الإنسان امرأته وأخذ غيرها يحصل على ملذَّات أعظم، ولكي نتجنب هذه العثرة ينبغي علينا أن نعرف بأن إرادة الله لا تكون بتمتُّع الإنسان بملذَّات المرأة، بل هي تقضي بأن الإنسان إذا اختار امرأة أن يلتصق بها حتى يصبح الاثنان جسدًا واحدًا، وإرادة الله تقضي بأن يكون لكل رجل امرأة، ولكل امرأة رجلًا، فإذا حافظ كل رجل على امرأته ولم يعرف غيرها فيصبح لجميع الرجال نساء، ولجميع النساء رجالًا؛ ولذلك: فإن الذي يُغيِّر زوجته يحرم المرأة رَجُلها، ويدعو رجلًا آخر لكي يترك زوجته ويتزوج المطلقة أو المهجورة، يجوز للإنسان أن يستغني عن المرأة، ولكن لا يصح له أن يُطلِّق امرأته بتاتًا، ثم إن العثرة المضادة للوصية الثالثة هي: أن الناس لكي يتمتَّعوا بالسيادة والسعادة أسَّسوا على الأرض الحكومات، ويطلبون من الناس أن يقسموا الأقسام بطاعة الحُكَّام والسير على نواميس المملكة، ولكي نتجنب هذه العثرة يجب علينا أن نفقه ونُدرك بأننا أحرار، وليس نحن بسلطة أحد ولا نخضع إلا لسلطة الآب السماوي الذي وهبنا الحياة.

وينبغي على الناس أن ينظروا إلى مطالب الحُكَّام وأوامرهم كإلى قوة شديدة تفوق قوتهم ولا يستطيعون مقاومتها، وطبقًا لنصوص الوصية الآمرة بعدم مقاومة الشرِّ بالشرِّ يتحتَّم عليهم أن يُتمِّموا مطالب الحكومات التي لا همَّ لها سوى سلب أملاك رعاياها وابتزاز أموالهم التي يحصلونها بعرق جبينهم وكدِّهم ونَصَبهم، وإنما لا يجوز لهم أن يقرنوا إتمام تلك الأوامر بحلف الأيمان التي هي من أعمال الشر، والشر لا يلد إلا الشر.

ولا يخفى أن الإنسان المسلم أمره إلى الله والخاضع لسلطانه لا يستطيع أن يعد أنه يفعل كذا ويعمل كذا.

إن العثرة التي يتعدى بها الناس الوصية الرابعة هي: أنهم عندما يستولي عليهم الغضب ويجنحون إلى الشر والانتقام يزعمون أنهم بذلك يُصلحون ما فسد من أخلاق الناس وأعمالهم، يتوهَّم البشر، بل ويُرجِّحون بأنه إذا أهان أحد آخر أو تعدى عليه يجب الانتقام من المعتدي ومعاقبته ومحاكمته لينال جزاء ما اقترفت يداه أو لسانه، وما على الناس لتجنب هذه العثرة إلا أن يذكروا أنهم وُجِدوا ليس لمحاكمة بعضهم، بل لإنقاذ إخوانهم من وهدة المصائب، وأنه لا تجوز لهم محاكمة الآخرين لمجرد ارتكابهم بعض الذنوب وهم مُعرَّضون في كل آونة لاقتراف أعظم منها، بل إنهم كلهم تائهون في بيداء الضلال، ويُطَلب منهم القيام بأمر واحد، وهو أن يكونوا للغير مثال الكمال والتسامح والمحبة.

وأما العثرة التي تقود الناس إلى تعدي الوصية الخامسة: هي أن الناس يزعمون أنه يوجد فرق جسيم بين أهل وطنهم والناس الأغراب والأجانب، وعلى ذلك يجب عليهم اتقاء شرِّ الأجانب والإضرار بهم إذا مكَّنتهم الظروف.

ومتى يتجنب الناس الوقوع في هذه العثرة ينبغي أن يعلموا بأن جميع الوصايا ترمي إلى غرض واحد أو أنها كلها مجموعة في وصية واحدة، وهي إتمام مشيئة الآب الذي أعطى الحياة والخير لجميع البشر؛ ولذلك ينبغي على كل واحد أن يصنع الخير لجميع الناس بقطْع النظر عن الجنس؛ حتى مع وجود بعض الناس الذين يُفرِّقون بين الغريب والقريب، ووجود بعض الأمم التي تشهر الحروب على الأمم الأخرى، وتسفك دماء رجالها هدرًا، وينبغي على كل إنسان ألا يوجِّه التفاته إلى ذلك، ولا يُعلِّق عليه كبير أهمِّية، بل ما عليه إذا شاء إرضاء الآب إلا أن يصنع الخير لكل إنسان ولو كان من أُمَّة غريبة واشترك في حرب ضد أمته ووطنه.

ثم ينبغي على الإنسان لكي لا يسقط في ضلالات هذا العالم ألا يفتكر مطلقًا بالأمور الدنيوية، ولا يعتني بشهوات الجسد، بل يوجه التفاته وفكره إلى الأشياء الروحية العلوية السامية، وإذا أدرك بأن الحياة الحقيقية لا تنال إلا إذا أتم في الحال إرادة الله، فلا يرهب مع ذلك الموت ولا العذابات ولا الاضطهاد، ولا ولا … إلخ إلخ، ولا ينال الحياة الخالدة إلا ذاك الذي في كل ساعة يكون مُستعدًّا لتضحية حياته الأرضية على مذبح إرضاء الآب وإتمام إرادته، ثم قال يسوع بشأن الحياة الخالدة التي لا يُبيدها الموت ولا يفنيها الفناء ما مؤداه: لا ينبغي أن نفهم بأن الحياة الخالدة تُشبه الحياة الحاضرة، وأنها محصورة في زمان أو في مكان؛ لأن الحياة في سلطان الله غير مُقيَّدة بمكان أو زمان؛ لأن الذين أقبلوا على الحياة الحقيقية يعيشون حسب مشيئة الآب غير المحصورة في زمان أو مكان، وإذا ماتوا من أجلنا فهم أحياء لله؛ ولذلك فإن جميع الوصايا محصورة كلها في وصية واحدة، وهي أن يحب الناس بكل قواهم أصل الحياة؛ ولذلك فإن كل إنسان يحمل في نفسه هذا الأصل.

ثم قال يسوع: إن أصل هذه الحياة هو المسيح الذي تنتظرونه، وإن كلمة أصل الحياة ليست مُعيَّنة لأشخاص معلومين، بل إنها تُعطى لجميع أبناء البشر، وكل ما يُخفي هذه الكلمة عن الناس ويُبعدهم عن تناولها فهو عثرة وضلال، ويجب عليكم أن تحذروا غِش الكَتَبة، ولا تسمعوا أقوالهم، واحذروا غِش الحكام وأرباب السلطات ولا تتَّكلوا عليهم، واحذروا غِش معلمي الناموس الذين يدعون أنفسهم فريسيِّين فاحذروهم كثيرًا؛ لأنهم يدعون دعوة باطلة، وأدخلوا على الدين عقائد كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان، ويجتهدون لتعليمكم إياها وإبعادكم عن الله الحقيقي، فهم بدلًا من أن يعبدوا إله الحياة بالفعل قد وضعوا كلامًا كثيرًا يُعلِّمونه للناس ولا يعملون شيئًا، فاسمعوا أقوالهم ولا تفعلوا أفعالهم؛ لأن الله يطلب العمل وليس الكلام، ولا يستطيع الإنسان أن يتعلم منهم شيئًا لأنهم أنفسهم لا يعرفون شيئًا، وإنما هم اتخذوا التعليم حرفة لتنفيذ أغراضهم ومآربهم الذاتية والحصول على ما يتمنَّون في هذه الحياة الدنيا، ويجب عليكم أن تعلموا أنه لا يستطيع أحد أن يدعو نفسه معلِّمًا للآخرين؛ لأن مُعلِّم الناس هو واحد فقط رب الحياة، أو بعبارة أخرى: كلمة الحياة؛ ولذلك فإن هؤلاء المعلمين الكَذَبة بدعوتهم تعليم الناس يضلون عن الحق ويُضلون غيرهم عنه؛ لأنهم يعلمون الناس أن يعبدوا إلههم بالطقوس الخارجية، ويزعمون أنهم بإقسامهم وحلفهم اليمين يجلبون الناس إلى الإيمان وهم مشغولون دائمًا أبدًا بالتظاهر فقط بالقداسة الخارجية، ولا ينظرون إلى ما في القلوب، فهم كالقبور المُزيَّنة من الخارج ولكنها من الداخل مملوءة نجاسة، وهم بالكلام يُكرمون الشهداء والقديسين الذين اضطُهدوهم وقتلوهم من ذي قبل، وهم ما زالوا إلى الآن يقتلون القدِّيسين، وجميع العثرات تأتي بسببهم إلى العالم؛ لأنهم يدسُّون السم في الدَّسَم ويعملون الشر باسم الصلاح، وعثرتهم هي أساس العثرات؛ لأنهم هزءوا بما هو مقدس في العالم، وسيبقون على ضلالهم إلى أجل غير مسمًى، ويستمرون في فعل الشر وارتكاب المحرمات ويقودون الناس إلى الضلال والشرور ولكنه سيأتي وقت تُهدم فيه جميع الهياكل وتزول عبادة الله الخارجية، ولا يبقى أثر للطقوس، وحينئذٍ يُدرك الناس الحقيقة ويتَّحدون جميعًا بالمحبة والإخاء وعبادة الله بالروح.

متَّى، ١٩: ١٣: فقدموا إلى يسوع مرَّة أولادًا، غير أن تلاميذه جعلوا يطردونهم.

١٤: فقال يسوع: لا تطردوهم؛ لأنهم هم أحسن الناس وأعظمهم صلاحًا، ولمثلهم ملكوت السموات فقط.

لوقا، ١٨: ١٧: لا ينبغي عليكم أن تطردوا الأولاد، بل يجب أن تتعلموا منهم؛ لأن من يريد أن يُتمم مشيئة الله يجب أن يكون في سيره وأعماله كالأولاد الذين دائمًا أبدًا يسيرون حسب منطوق الخمس وصايا التي علَّمتكم إياها، فالأولاد الصغار لا يشتمون أحدًا، ولا يصنعون الشر للناس، ولا يضلونهم ولا يحلفون بشيء، ولا يقاومون الشر، ولا يُفرِّقون بين القريب والغريب؛ ولذلك فهم أعظم من الكبار في ملكوت السماء.

متَّى، ١٨: ٣: الحق أقول لكم: إنكم إذا لم تنكروا جميع عثرات الجسد وتصيروا كالأولاد، فلن تدخلوا ملكوت السموات.

٥: ومن يفهم أن الأولاد أحسن منا حالًّا؛ لأنهم لا يتعدون وصايا الله، ذلك فقط يفهم تعليمي.

لوقا، ٩: ٤٨: ومن يعمل حسب تعليمي ذلك يُتمِّم مشيئة الآب.

متَّى، ١٨: ١٠: لا يجوز لنا احتقار الأولاد؛ لأنهم أحسن منا، وقلوبهم أطهر منا أمام الآب؛ ولذلك فهم معه دائمًا.

٢٤: ليست مشيئة الآب أن يهلك أحد هؤلاء الصغار، بل إذا هلك أحدهم فإن ذلك يكون بواسطة الناس الذين يضلونهم ويخدعونهم.

١٦: ولذلك ينبغي أن تحافظوا عليهم، ولا تنزعوهم عن إرادة الله والحياة الحقيقية، فإذا خَدَعْنا الأولاد وقُدناهم إلى الضلال نكون كأننا علَّقنا في أعناقهم أحجارًا وطرحناهم في البحر فيغرقون.

٧: ويل للعالم من العثرات؛ فلا بد أن تأتي العثرات، ولكن ويل لذلك الإنسان الذي تأتي بسببه العثرة.

٨: ولذا ينبغي على كل واحد أن يضحي بكل شيء ويبذل النفس والنفيس، حتى لا يسقط في العثرات، فإذا أعثرتك يدك فاقطعها ولا تحسب لها حسابًا.

لوقا، ١٧: ٣: احترزوا من أن تتعدوا الوصية الأولى عندما الناس يعملون لكم الشر وتقصدون الانتقام منهم.

متَّى، ١٨: ١٥: فإذا أخطأ إليك إنسان فاذكر أنك وإياه ابنان لأب واحد، فإذن هو أخوك، وإذا أخطأ إليك وأهانك بشيء فاذهب إليه وعاتبه وجهًا لوجه، فإذا سمع منك فقد ربحته.

١٦: وإن لم يسمع منك فخذ معك أيضًا واحدًا أو اثنين لكي يعاتباه معك.

لوقا، ١٧: ٣ و٤: فإن تاب فاغفر له، وإن أخطأ إليك سبع مرات في اليوم، ورجع إليك سبع مرات في اليوم قائلًا: أنا تائب؛ فاغفر له.

متَّى، ١٧: ١٨: وإذا لم يسمع منك فقل لجماعة المؤمنين بتعليمي، وإن لم يسمع من الجماعة فاغفر له واتركه وشأنه، ولا تكن لك به علاقة بعد.

٢٣: لأن ملكوت السموات تشبه إنسانًا مَلكًا أراد محاسبة عبيده.

٢٤: فلما ابتدأ في المحاسبة قدم إليه واحد مديون بعشرة آلاف دينار.

٢٥: وإذ لم يكن له ما يُوفي أمر سيده أن يُباع هو وامرأته وأولاده وكل ماله ويُوفي الدين.

٢٦: فأخذ العبد يسترحم سيده ليُشفق عليه.

٢٧: فتحنَّن سيد ذلك العبد وأطلقه وترك له الدَّين.

٢٨: ولما خرج هذا العبد وجد واحدًا من العبيد، رفقائه، كان مديونًا له بمائة دينار؛ فأمسكه، وأخذ بعنقه قائلًا: أوفني ما لي عليك.

٢٩: فخر العبد رفيقه على قدميه، وطلب إليه قائلًا: تمهل عليَّ فأوفيك الجميع.

٣٠: فلم يرد؛ بل مضى وألقاه في سجن حتى يُوفي الدَّين.

٣١: فلما رأى العبيد رفقاؤه ما كان، ذهبوا إلى سيدهم الملك، وقصُّوا عليه كل ما جرى.

٣٢: فدعاه سيده، وقال له: أيها الكلب الشرير، كل ذلك الدَّين تركتُه إليك لأنك طلبت إليَّ.

٣٣: أفما كان ينبغي أنك أنت ترحم العبد رفيقك كما رحمتُك أنا؟!

٣٤: وغضب سيده، وسلمه إلى المُعذِّبين ليعذبوه؛ حتى يُوفي كل ما كان عليه.

٣٥: وهكذا يفعل الآب بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلَّاته.

متَّى، ٥: ٢٥: أنت تعلم أنك إذا تخاصمت مع رجل، خير لك أن تصطلح معه في الطريق قبل أن تصل إلى القاضي لعلمك بأنك إذا وصلت معه إلى القاضي تخسر كثيرًا، وهكذا أفعل بكل شر؛ لأنك تعلم أن الشر أمر قبيح يُبعدك عن الآب، فابتعد أنت عن الشر وسالِم الكل.

١٨: ١٨: أنتم تعلمون تمام العلم أن كل ما ترتبطون به على الأرض تظهرون به أمام الآب، ولكنكم إذا حللتم نفوسكم من عِقال الشر على الأرض فتظهرون كذلك أمام الآب وتكونون أطهارًا محلولين من الآثام.

١٩: وأقول لكم أيضًا: إذا اتَّفق اثنان أو ثلاثة على الأرض على تعليمي، فإنهم ينالون كل ما يطلبون من أبيهم.

٢٠: لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسم الروح في الإنسان، فإن روح الإنسان يحل فيهم ويكون بينهم.

متَّى، ١٩: ٣؛ ومرقص، ١٠: ٢: احترزوا من العثرة التي تقودكم إلى تعدِّي الوصية الثانية، وهي تغيير النساء.

متَّى، ٣: وجاء إلى يسوع الفريسيُّون ليُجرِّبوه قائلين له: هل يحل للرجل أن يُطلق امرأته؟

٤: فأجاب وقال لهم: لقد قضت إرادة الآب منذ البدء بأن يخلق الإنسان ذكرًا وأنثى.

٥: ولذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسدًا واحدًا، فتصبح المرأة للرجل كأنها جسدٌ له.

٦: ولذلك لا ينبغي على الإنسان أن يتعدَّى ناموس الله الطبيعي ويُفرِّق ما جمعه.

٨: حسب ناموسكم أو ناموس موسى يحل للرجل أن يترك امرأته ويتزوج بغيرها، ولكن ذلك غير صحيح؛ لأن مشيئة الله ليست كذلك.

٩: وأما أنا فأقول لكم: إن من يترك امرأته يسوقها إلى الزنا هي ومن يرتبط معها، وبواسطة تركه امرأته يوجد الزنا والضلال في العالم.

١٠: فقال تلاميذه: يصعب كثيرًا على الإنسان أن يعيش العمر مع امرأة واحدة، وخير له ألا يتزوج.

١١: فقال لهم: يجوز للإنسان ألا يتزوج، ولكن يجب إيضاح ذلك إيضاحًا وافيًا.

١٢: إذا شاء أحد ألا يتزوج مطلقًا؛ فإنه يفضُل الذي يتزوج؛ لأنه يبقى طاهرًا بعدم ملامسته النساء، ولكن من يحب المرأة فعليه أن يكتفي بواحدة، ولا يلتصق بغيرها، ولا يُغازل النساء.

متَّى، ١٧: ٢٤: وتقدَّم مرة جُباة الأموال الأميرية إلى بطرس، وسألوه: ألعلَّ مُعلِّمكم لا يدفع الضريبة؟

٢٥: فأجابهم بطرس: كلا، لا يدفع، ثم أخبر يسوع بذلك قائلًا: إنهم يطلبون منه الضريبة أُسوة ببقية الأهالي.

٢٦: حينئذٍ قال له يسوع: إن الملك لا يأخذ الجباية من بنيه، ونحن بما أننا أبناء الله؛ فإننا لسنا مديونين لأحد غير الله بشيء، فنحن إذن أحرار من جميع السلطات ولسنا مضطرِّين أن ندفع شيئًا.

٢٧: ولكنهم إذا كانوا يطلبون منك الجباية فادفع لهم، ليس لأنك ملزوم بدفعها، بل لكيلا تقاوم الشر؛ لأنه كما لا يخفاك أن مقاومة الشر تجلب المصائب العظيمة.

٢٢: ١٦: واتَّفق الفريسيُّون والهيرودسييون أن يصطادوه بكلمة، فجاءوا إليه، وقالوا له: يا معلم، نحن نعلم أنك صادق تُعلِّم الناس الحق.

١٧: فقل لنا: ماذا تظن؛ أيجوز لنا أن نعطي جزية لقيصر أم لا؟

١٨: فأدرك يسوع أنهم يريدون أن يصادروه ليحاكموه بأنه غير خاضع لقيصر.

١٩: فقال لهم: أروني معاملة الجزية، فقدَّموا له دينارًا.

٢٠: فنظر إلى الدينار وقال لهم: لمن هذه الصورة والكتابة؟

٢١: فقالوا له: لقيصر، فأجابهم: إذن أعطوا ما لقيصر لقيصر، وأما أنفسكم التي لله فلا تعطوها لأحد سواه، ويجوز لكم أن تعطوا كل من يطلب منكم أموالكم وعقاركم وكل ما تملكون.

متَّى، ٢٣: ١٦: إن معلميكم الفريسيِّين يطوفون البر والبحر ليكسبوا دخيلًا واحدًا ليعلِّموه تعاليمهم الفاسدة، ويأخذون عليه العهود بأنه يتمم ناموسهم، ولكنهم بأعمالهم هذه يُضلُّون الناس، وتكون ضلالتهم الأخيرة أشر من الأولى.

١٦ و٢٢: لا يستطيع أحد أن يعد بجسده عن نفسه؛ لأن الله في نفوسكم ولا يستطيع الناس أن يحلفوا للناس ويعدوهم بأمور ما داموا لا يعرفون ساعتهم.

لوقا، ٩: ٥٢: دخل مرة تلاميذ يسوع إلى قرية، وطلبوا أن يبيتوا فيها.

٥٣: فلم يقبلهم أهلها.

٥٤: فجاء التلاميذ إلى يسوع، وشكوا له من ذلك، وقالوا: فلتنزل نار من السماء وتأكلهم.

٥٥: فقال لهم يسوع: إنكم للآن لم تعلموا: من أي روح أنتم؟

٥٦: إني لا أُعلِّم ما يُهلك الناس، بل بالعكس أُعلِّمهم إلى ما يرشدهم إلى طريق الخلاص.

١٢: ١٣: جاء إلى يسوع رجل، وقال له: قل لأخي أن يُقاسمني الميراث.

١٤: قال له يسوع: من أقامني عليكما قاضيًا أو مُقسِّمًا؟! إني لا أحاكم أحدًا.

١٥: فاحذروا كلكم لئلا تُحاكموا أحدًا لأنكم لا تقدرون على ذلك.

يوحنا، ٨: ٣: فقدَّم الفريسيُّون ليسوع امرأة وقالوا.

٤: إن هذه المرأة أُمسِكت في زنا.

٥: وحسب الناموس ينبغي أن تُرجم بالحجارة، فما قولكَ في ذلك؟

٦: أما يسوع فلم يُجبهم بشيء، وانتظر ريثما يتبصَّرون في ذلك.

٧: أما هم فجعلوا يُلحُّون عليه أن يُجيبهم عمَّا يجب فعله في المرأة، وكيف ينبغي أن يُحكم عليها، حينئذٍ قال لهم: من كان منكم بغير خطيئة فليرجمها أولًا بحجر.

٨: ولم يقُل شيئًا غير ذلك.

٩: حينئذٍ جعل الفريسيُّون ينظرون إلى بعضهم بعضًا، ثم أخذوا يخرجون الواحد تلو الآخر، وبقيت المرأة وحدها أمامه.

١٠: ولما أبصر أنه لم يبقَ أحد قال للمرأة: أين أولئك المُشتكون عليكِ؟ أما أدانكِ أحد منهم؟

١١: فقالت له المرأة: كلا، فقال لها: وأنا لا أُدينكِ أيضًا، امضي، ولا تُخطئي فيما بعد.

لوقا، ١٠: ٢٥: وجاء إليه ناموسي ليُجرِّبه، وقال له: ماذا أصنع لأرث الحياة الأبدية؟

٢٧: فقال له يسوع: أنت تُعلِّم حِبَّ أباك الله وأخاك بالله من كل قلبك، ولا تُفرِّق بين الوطني والأجنبي؟

٢٩: فقال الناموسي: إن هذا أمر حسن لو لم يكن في العالم شعوب كثيرة، فكيف أستطيع أن أحب أعداء أُمتي؟

٣٠: فقال له يسوع: رجل يهودي وقع بين لصوص؛ فعرُّوه وجرحوه وتركوه بين حيٍّ وميت وسط الطريق.

٣١: فاجتاز به رجل يهودي، فلما رآه أعرض عنه ومضى في طريقه.

٣٢: وكذلك لاوي يهودي إذ صار عند المكان جاء ونظره وجاز مقابله.

٣٣: ثم اجتاز في الطريق رجل سامري من أشد أعداء اليهود، فلما رأى اليهودي يختبط بدمائه رثى لحاله، ولم يفكر بالعداوة المُتأصِّلة بين اليهود والسامريين.

٣٤: بل تقدَّم إليه، وغسل جراحاته وضمَّدها، وحمله على حماره حتى أوصله إلى فُنْدق في الطريق.

٣٥: ودفع دراهم لصاحب الفندق وقال له: اعتنِ به، ومهما أنفقت، فعند عودتي أوفيك إياه.

ثم قال يسوع للناموسي: افعل مثل هذا مع الغرباء، حينئذٍ تنال الحياة الأبدية.

متَّى، ١٦: ٢١: قال يسوع: إن العالم يحب خاصته، ولكنه يبغض الذين هم خاصة الله؛ ولذلك فإن أهل هذا العالم كالكتبة والكهنة والرؤساء سيُعذبون كل من يتمم إرادة الله، وها أنا ماضٍ إلى أورشليم؛ فسيعذبونني ويقتلونني، ولكن روحي لا يستطيع أحد إهلاكها أو قتلها فتبقى حية إلى الأبد.

مرقص، ٨: ٣٢: فلما سمع ذلك بطرس قبض على يد يسوع، وقال له: إذا كان الأمر كذلك؛ فلا لزوم لذهابك إلى أورشيلم.

٣٣: فقال يسوع: لا تقل مثل هذا الكلام؛ لأنه غِشٌ وعثرة لي، فإذا كنت تحسب حسابًا لعذابي وموتي فذلك دليل على أنك لا تفتكر بما هو لله والروح، بل تفتكر أكثر بالإنسان والجسد.

٣٤: ثم دعا يسوع الشعب وتلاميذه؛ وقال لهم: إن من يريد أن يسير بحسب تعليمي يجب عليه أن ينكر جسده ويكون مستعدًّا لاحتمال جميع الآلام والعذاب، وأن من يحسب حسابًا لحياته الجسدية ذلك يخسر الحياة الحقيقية، ومن يهلك جسده ينالها.

متَّى، ١٢: ٢٣: لكنهم لم يفهموا هذا الكلام، ثم تقدم إليه الصدوقيُّون وشرح لهم معنى الحياة الحقيقية والقيامة من الموت، أو بعبارة أخرى استيقاظ النفس، وكان الصدوقيُّون يعتقدون أن لا حياة للإنسان بعد أن يموت بالجسد.

٢٤: فقالوا له: كيف يستطيع الأموات أن يقوموا من الموت، وإذا قاموا أية بلاد تستوعبهم وكيف يستطيعون أن يعيشوا معًا؟

٢٥: كان عندنا سبعة أخوة تزوج الأول ومات، ثم تزوج امرأته بعد موته أخوه الثاني، ثم الثالث إلى السبعة.

٢٨: فإذا قام هؤلاء السبعة الأموات من الموت، فلمن منهم تكون المرأة؟ لأنها كانت زوجة للسبعة.

لوقا، ٢٠: ٣٤: فقال لهم يسوع: إما أنكم عن قصد تخلطون في كلامكم، أو أنكم لا تدركون معنى استيقاظ الحياة؛ إن الناس في هذا العالم يُزَوِّجون ويتزوَّجون.

أما أولئك الذين حسبوا أهلًا للحصول على الحياة الأبدية والاستيقاظ من الموت لا يُزَوِّجون ولا يتزوَّجون؛ إذ لا يستطيعون أن يموتوا أيضًا؛ لأنهم يتَّحدون مع الآب.

متَّى، ٢٢: ٣١: جاء في ناموسكم: إن الله قال: أنا إله إبراهيم ويعقوب، وقد قال هذا الإله أيضًا: إن إبراهيم ويعقوب ماتا من أجل الناس، فإذن يكون أولئك الذين ماتوا في هذا العالم من أجل الناس يحيون من أجل الله، فإذا كان يوجد إله وهذا الإله حي لا يموت، فجميع الذين يكونون مع الله لا يموتون؛ فاستيقاظ الحياة هو عبارة عن العيشة في سلطان الله.

٣٤: أما الفريسيُّون؛ فلما سمعوا ذلك لم يجدوا عليه حُجة يمسكونه بها، فاجتمعوا جميعًا، واتَّفقوا على تجربته معًا.

٣٦: فقال له واحد من الفريسيِّين: يا معلم، أية وصية هي العُظمى في الناموس؟ زاعمًا أن يسوع لا يُحسن الجواب على سؤاله.

٣٧: فأجابه يسوع: تحب الرب إلهك من كل نفسك ومن قلبك؛ لأنك عائش في سلطانه، والوصية الثانية تُشتَق منها وهي.

٣٩: تحب قريبك كذلك؛ لأن الرب حالٌّ فيه.

٤٠: وهاتان الوصيتان تتضمنان جميع ما كُتِب في ناموسكم.

٤٢: وسألهم يسوع أيضًا: ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ قالوا له: ابن داود.

٤٣: فحينئذٍ قال لهم: كيف داود يدعو المسيح ربًّا، فالمسيح إذن ليس هو ابن داود، وليس هو ابن أحد بالجسد، بل المسيح هو ذلك الرب سيدنا الذي نعرفه في نفوسنا، أو بتعبير آخر: إنه هو الكلمة الموجودة فينا.

لوقا، ١٢: ١: ثم قال يسوع: تحذَّروا من خمير الفريسيِّين المعلمين، ومن خمير الصدوقيِّين والحكام أيضًا.

متَّى، ٢٣: ٣: لأنهم يُعلِّمون الناس أن يفعلوا كيت وكيت، وهم لا يعملون شيئًا من أعمال الصلاح؛ بل يقولون كثيرًا.

٤: فإنهم يحزمون أحمالًا ثقيلة عسرة الحَمْل، ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن يُحرِّكوها بأصبعهم.

٥: وكل أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس فيعرضون عصائبهم ويُعظِّمون أهداب ثيابهم ويحبون المُتَّكأ الأول في الولائم والمجالس الأولى في المجامع.

٨: واعلموا أنه لا يستطيع أحد أن يدعو نفسه مُعلمًا.

١٣: أما الفريسيُّون؛ فيدعون نفوسهم مُعلِّمين، ثم يُغلِقون ملكوت السموات قُدَّام الناس، فلا يدخلونه ولا يدعون الداخلين يدخلون.

١٥: لأنهم يظنون أنهم بالأقسام والطقوس الخارجية يقودون الناس إلى الله.

١٦: فهم كالعميان لا يبصرون بأن الأمور الخارجية لا تُفيد شيئًا، وأن كل شيء موجود في نفس الإنسان.

٢٣: فقد اختاروا إتمام الأمور السهلة، وتركوا أعمال الصلاح الصعبة، وهي الرحمة والمحبة والحق.

٢٨: هم يتراءون أمام الناس أنهم سائرون حسب الناموس، ولكنهم بالحقيقة هم على خِلاف ذلك.

٢٩: فهم يُشبهون قبورًا مُبيَّضة تظهر من خارج جميلة، وهي من داخل مملوءة بكل نجاسة.

٣٠: وهم بالظاهر يحترمون القدِّيسين والشهداء.

٣١: ولكنهم في الحقيقة ونفس الأمر هم هم يقتلون ويعذبون القدِّيسين الأبرار، فهم كانوا ولم يزالوا أعداء لكل صلاح؛ لأنهم أساس الشر في العالم، وهم يُخفون الصلاح ويُظهرون الشر.

مرقص، ٨: ٢٣: أنتم تعلمون: أنه يجوز إصلاح كل غلطة يغلطها الناس.

٢٩: ولكن إذا كان الناس يغلطون في الحق الواضح ويُكابرون في غلطهم، فلا يمكن إصلاح هذه الغلط الفادح.

متَّى، ٢٣: ٢٧: ثم قال يسوع: إني قصدت هنا في أورشليم أن أجمع بين الناس لكي يتَّحدوا بكلمة الحق، ولكن أهل هذا البلد لا يعرفون سوى قتل معلمي الحق والصلاح.

٢٨: ولذلك فإنهم يبقون على ضلالهم ولا يعرفون الإله الحقيقي حتى يُقبلوا على اتخاذ كلمته ومحبتها.

٢٤: ١: ثم خرج ومضى يسوع من الهيكل، فقال له تلاميذه: ماذا تقول عن هذا الهيكل الفخيم وجميع مفروشاته الفاخرة التي يقدمها الناس فيه لله.

٢: فقال لهم يسوع: الحق أقول لكم: إنه سينقض، ولا يُترَك منه حجر على حجر.

٣: لأنه يوجد هيكل واحد هو هيكل الله الحقيقي، وهو قلوب الناس، على شرط أن تحب بعضها بعضًا، ثم: سألوه متى يقوم هذا الهيكل؟

٤: فقال لهم يسوع: لا يكون ذلك في وقت قريب؛ لأن الناس سيلبثون طويلًا على ضلالهم ولا يعلمون حسب تعليمي، وستحدث من أجل ذلك حروب هائلة ومصائب عظيمة.

١٢: وتبرد المحبة كثيرًا في القلوب وتحدث اضطرابات شديدة.

١٣: ولكن عندما ينتشر التعليم الحقيقي في العالم حينئذٍ ينقطع الشر وتنتهي المصائب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤