قنابل الدخان … انتهت المغامرة!

فجأة، أصدر «وايت» صوتًا جعل «أحمد» يتوقَّف؛ فقد توقَّع هجومًا، ما دام «وايت» قد أصدر هذا الصوت. مرَّت دقائق ولم يظهر أحد … فكَّر «أحمد»: ربما يكون هناك كمين!

نظر إلى «وايت» الذي توقَّف أمامه ولم يتحرك. لم يستطع «أحمد» أن يصل إلى شيء.

كان حائرًا أمام ما فعله «وايت» … قال في نفسه: ربما لا يكون هناك شيء، وإن صوت «وايت» لا يعني شيئًا!

إلا أن ما حدث فجأة، جعَل «أحمد» يتأكَّد أن «وايت» على صواب دائمًا؛ فقد فُتحت طاقة واسعة في السقف، وهبط منها مجموعةٌ من الرجال، وكأنَّ الموقفَ في حالة حرب. وكأنَّ فتْحَ الطاقة مؤشرٌ لبداية هجوم كبير على الشياطين. وأمام العدد الكبير من الرجال لم يُضِع الشياطين الوقت؛ فقد أسرعوا في وقت واحد بإلقاء مجموعة من كُرات الدخان ملأت المكان، حتى لم يستطع رجال العصابة أن يرَوا شيئًا. في نفس الوقت الذي كان الشياطين يرونهم جيدًا؛ فقد أسرعوا بلبسِ قناعات خاصة ضد الدخان.

تحدَّث «أحمد» بسرعة بلغة الشياطين: ينبغي أن نقضيَ عليهم حتى لا يعودوا للانضمام إلى زملائهم مرة أخرى. وفي لمحةٍ تحرَّك الشياطين، وكانت مهمتهم سهلة؛ فقد أمسك «أحمد» باثنين منهم، وضربهما فتهاوَوا في لحظة.

في نفس الوقت كانت «إلهام» قد قفزت في الهواء، وضربت مجموعة منهم، فاصطدموا ببعضهم … وفعل «فهد» نفسَ الشيء … ولم تمضِ دقائق حتى كان رجال العصابة متناثرين على الأرض. وبسرعة غادر الشياطين المكان.

حمل «أحمد» «وايت» وقبَّله، فتمسَّح الكلب بصدر «أحمد» ثم قفز إلى الأرض، وتقدَّمت المجموعة التي كانت قد بدأَت تتحرك. لكن فجأة جاءت رسالة من المجموعة الثانية. كانت الرسالة تقول: «لقد سقطنا في مصيدة جديدة، في النقطة «ع»!»

نقل «أحمد» الرسالة إلى بقية المجموعة، فقال «فهد»: إنها رسالة غير واضحة، فما معنى مصيدة؟ وهل هذا يعني أنهم لم يشتبكوا مع أحد؟ … أو أنهم محاصرون برجال من العصابة؟!

قال «أحمد»: هذا صحيح، لكن هل يعني هذا ألَّا ننضمَّ إليهم؟!

ردَّ «فهد»: بالتأكيد سوف ننضم، لكننا لا نستطيع أن نتحرك دون معنًى محدد!

تساءَل «أحمد»: هل نُرسل إليهم أولًا قبل أن نتحرك؟

ردَّ «فهد»: بل نُرسل إليهم بينما نتحرك بسرعة!

أرسل «أحمد» رسالة سريعة تقول: «ما هي التفاصيل حتى لا نقعَ معكم في نفس المصيدة؟!»

جاء الردُّ بسرعة: إننا في حُجرة من الصُّلب، لا نعرف لها مخرجًا، لقد سقطنا فيها فجأة!

نقل «أحمد» الرسالة إلى الشياطين، فقالت «إلهام»: لقد سمعْتُهم مرة يتحدَّثون عنها، ويبدو أن عندهم أكثرَ من غرفة من هذا النوع!

فكَّر «أحمد» قليلًا: إن الحلَّ الوحيد لهذه الغرفة هو نَسْفها، لكن كيف نقوم بنَسْفها والشياطين داخلها؟!

نقل إليهم ما فكَّر فيه … فقالت «إلهام»: إننا نستطيع أن نحفرَ نفقًا تحتها، ويمكن أن يفعلوا نفس الشيء!

كانت هذه فكرةً طيبة، حتى إن «فهد» قال: هيَّا إلى العمل فورًا!

تحرَّكَت المجموعة إلى حيث النقطة «ع»، في نفس الوقت كان «أحمد» قد أرسل رسالة للمجموعة الثانية تحمل لهم خطةَ التنفيذ. إن مع الشياطين متفجرات، يمكن أن تفعل ذلك بسرعة؛ فهي تخترق الأرض حتى تجعلَها هشَّة تمامًا، وتُصبح سهلةً أمام أيِّ ضربة فوقها. اقتربت المجموعة الثانية من النقطة «ع»، فقال «أحمد»: هذا يكفي، إن هذا المكان يعتبر أقربَ نقطة إلى حيث توجد الغرفة الصلب.

أخرج «أحمد» مجموعةً من المتفجرات من حقيبته السرية، ثم أخذ يدسُّها في الأرض، وبسرعة أرسل رسالة إلى مجموعة «عثمان» تقول: هل بدأتم العمل؟

وجاءه الردُّ سريعًا: نعم في نفس اللحظة!

في الوقت الذي كان فيه «أحمد» مشغولًا بتثبيت المتفجرات في الأرض، كانت «إلهام» و«فهد» و«وايت» يراقبون كلَّ الاتجاهات. فجأة، تشمَّم «وايت» الهواء ثم أخذ يصيح صياحًا غريبًا … يكاد أن يكون عواء ذئب …

فكَّر «أحمد» قليلًا: هل ما فعله «وايت» يعني شيئًا مختلفًا؟ فما معنى أن يعويَ كالذئب، ولا ينبح كالكلاب؟!

اقترب من «وايت» وأخذ يمسح فوق ظهره، إلا أن «وايت» استمر في عوائه. فجأة، رأى «وايت» وقد تقوَّس ظهره … ووقف شعره … نظر له «أحمد» في دهشة … ماذا تعني هذه الحالة التي فيها «وايت»، ماذا هناك؟! … كان «أحمد» يتساءَل بينه وبين نفسه. في نفس اللحظة قال «فهد»: ماذا حدث … ﻟ «وايت»!

ردَّ «أحمد»: لا أدري، وإن كنت أظن أن هناك شيئًا غير عادي سوف يحدث!

سكت «أحمد» لحظة، ثم قال: لقد قرأتُ يومًا أن الكلاب لديها إحساسٌ خاصٌّ بالكوارث التي سوف تقع مثل الزلازل والبراكين وغيرها!

تساءَلت «إلهام»: هل يعني هذا حدوث زلزال مثلًا؟!

ردَّ «أحمد»: لا أدري، لكنني أظن أننا مُقبلون على شيء لا يخطر ببالنا، ولم نفكر فيه!

وقف الشياطين في حيرة. فجأة قالت «إلهام»: هل يعني هذا أن المجموعة الأخرى سوف تتعرض لخطر؟

ردَّ «أحمد» بسرعة: مَن يدري؟!

وبسرعة أرسل رسالة إلى مجموعة «عثمان» يقول فيها: ما هي الأخبار عندكم؟

مرَّت دقيقة، ثم جاء الردُّ: إننا في انتظار الانتهاء من النفق، ولا شيء جديد. ما هي أخباركم أنتم؟

نقل «أحمد» الرسالة إلى الشياطين، فجأة، اندفع «وايت» جاريًا حتى اختفى عن الأنظار …

نظر «أحمد» إلى «إلهام»، و«فهد»، وقال: إن في الطريق إلينا شيئًا خطيرًا!

تساءلت «إلهام»: تعني أننا مهدَّدون بخطرٍ سوف يقع لنا؟

همس «أحمد»: أظن ذلك!

فجأة، ظهر «وايت» مرة أخرى كان يلهث بشدة. جذب ملابس «أحمد» بما يعني العودة من حيث أتَوا … قال «أحمد»: هناك فعلًا شيءٌ في الطريق، وهو يريد أن نبتعد عنه …

سكت لحظة ثم قال: هل نبتعد فعلًا؟

ردَّ «فهد» بسرعة: لا أظن؛ فقد يكون تراجعُنا خطرًا. في نفس الوقت هناك «عثمان» و«قيس» و«مصباح»!

فكَّر «أحمد» لحظة، ثم حمل «وايت» وأخذ يمسح على ظهره. ظلَّت عينَا «وايت» متجهةً إلى الأمام، وقد ظهرَت أنيابُه وكأنه يستعدُّ لملاقاة شيء. بدأ «وايت» يُصدر أصواتًا مكتومة …

فكَّر «أحمد»: هل نتقدَّم؟ … لكنه لم يقطع برأي؛ فهو يخشى إن تقدَّم هو و«إلهام» و«فهد» أن يقع «قيس» و«عثمان» و«مصباح» في يد العصابة. وفي هذه الحالة تكون المشكلة قد زادت سوءًا، وتكون المغامرة قد فشلت!

قال «فهد» يقطع تفكيره: إننا لن نترك مكاننا قبل عودة المجموعة الثانية، حتى لا نقعَ في أيدي العصابة.

ابتسم «أحمد»؛ فقد قرأ «فهد» أفكاره تمامًا. وقال: إننا لن نغادر مكاننا قبل عودتهم.

فجأة، ظهر ما توقَّعه «وايت». كانت مجموعة كبيرة من الكلاب الضخمة تسدُّ المكان أمامهم، والغريب أنه لم يكن للكلاب صوت. كانت تتقدم في هدوء … وتبدو أعينها الحمراء وكأن الشرر يتطاير منها … نظر «أحمد» إلى الشياطين … في نفس اللحظة كانت المجموعة الثانية قد ظهرت؛ فقد نجحَت في حفر النفق.

صاح «قيس»: انتبهوا!

كانت مجموعة أخرى من الكلاب قد ظهرَت من الجانب الآخر … وأصبح الشياطين محاصرين بين المجموعتين، ولم يكن هناك إنسان واحد. فكَّر «أحمد» بسرعة: يبدو أنها كلاب مدرَّبة، ونحن في موقف صعب.

قال «فهد»: ينبغي أن نستخدم قنابل الدخان!

بسرعة كان الشياطين يستعدون في انتظار أن تقترب الكلاب أكثر. كانت مجموعة في مواجهة الكلاب من ناحية ومجموعة في مواجهتها من الناحية الأخرى … في نفس الوقت كان «أحمد» يفكر: إذا كانت العصابة قد استخدمَت هذه الكلاب المدرَّبة، فلا بد أن شيئًا آخر سيحدث الآن!

وفي لحظة سريعة لمعَت في ذهنه صورةُ الطائرة. قال في نفسه: إن الطائرة سوف ترحل الآن، وهذه الكلاب جاءَت إما لتعطيلَنا، أو القضاء علينا. قال بسرعة: سوف أتقدَّم إلى الخارج وحدي قبل أن تتحرك الطائرة.

ثم أعطَى إشارة للشياطين فألقَوا قنابل الدخان. وفي لحظةٍ كانت الكلاب تنبح. في نفس الوقت كان «أحمد» قد انطلق كالصاروخ وهو يمرُّ بين الكلاب التي أتعبها الدخان … ظل منطلقًا في قوة، حتى وقف عند الممر الذي دخلوا منه. أخرج جهاز الكشف ووجهه داخل الممر الممتد إلى الطائرة.

كان باب الطائرة مفتوحًا، وهناك بعض الرجال يتقدمون؛ بسرعة أخرج «أحمد» مسدسه، ثم أحكم النيشان، وضغط الزناد، فانطلقت مجموعة من الطلقات استقرت في جسم الطائرة، وقال في نفسه: الآن لا تستطيع أن تطير.

في نفس الوقت أرسل رسالة سريعة إلى رقم «صفر»، الذي ردَّ بسرعة يقول: إن الضربة الأخيرة قد بدأت وسوف تكون عندكم الآن.

أرسل إلى الشياطين للبحث عن مجموعة الطائرة … وقف ينتظر. مرَّت دقائق، وفجأة سمع جهاز الاستقبال يلتقط صوتًا يقول: لقد انتهى كلُّ شيء وسقطت الطائرة في أيدينا.

في نفس اللحظة كانت مجموعة الشياطين قد اقتربت من «أحمد». وفي نهاية الممر ظهر أحد الرجال في باب الطائرة، وجاء صوت يقول: كلمة السر: نهاية.

عرف «أحمد» أن كل شيء قد انتهى، وأن المغامرة قد حقَّقت أهدافها … أرسل رسالة إلى رقم «صفر» يُخبره بالنهاية. وردَّ رقم «صفر» يقول: أُهنِّئكم على نجاحكم، اجتماعنا غدًا في منتصف النهار.

وعندما خرج الشياطين من مقر العصابة إلى حيث كانت الطائرة الصغيرة قد امتلأَت بالوقود وقد ركبها المليونير وزوجته، وطاقم الطائرة. وعندما حلَّقَت في الفضاء قال الكابتن ﻟ «أحمد»: إنني سعيد بكم تمامًا.

لكن «أحمد» كان يفكِّر في اجتماع الغد … والمغامرة الجديدة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤