مقدمة

يقدم هذا الكتاب عرضًا موجزًا لعلم الأحياء على المستوى الجزيئي. والهدف منه هو تقديم معلوماتٍ وشرح يمكِّنان القارئ من الاستمتاع بالنتائج المصيرية التي ترتَّبت على ظهور علم الأحياء الجزيئي الجديد نسبيًّا وتقييمها.

نبدأ رحلتنا من عمل تشارلز داروين المُلْهِم الذي أعطانا القوة الدافعة للبحث عن المادة الوراثية، وصولًا إلى التكنولوجيا الحديثة التي مكَّنتنا من اكتشاف أحد ملوك أسرة بلانتاجينت الملَكية في موقفٍ للسيارات، وزوَّدتنا بأدلةٍ جنائية دامغة لا تقبل الشك، وساعدَتْنا على تطوير أهدافٍ علاجية للمُستحضرات الدوائية الجديدة. سنستكشف معًا العمل الذي قاد كلًّا من جيمس واطسون وفرانسيس كريك إلى إثبات أن الحمض النووي الريبي المنقوص الأكسجين (دي إن إيه) هو ما يحمل شفرة الحياة. وسنتناول عمل أليك جيفريز الذي قدَّم أدواتٍ جنائية جديدة من «الحمض النووي غير المشفر»، الذي سُمي كذلك لأنه بدا في بداية الأمر بلا وظيفة.

تُطبق أدوات علم الأحياء الجزيئي لمواجهة التحدِّيات العالمية، بما في ذلك تعزيز استدامة الإمدادات الغذائية وتحسين الصحة والرفاهية. سنُقدم لكم أحدث التقنيات المتطورة التي تعمل على تغيير علوم الحياة، بدءًا من التقنيات العالية الإنتاجية التي تسمح بتحليل الحمض النووي الريبي، أو البروتينات، في مدةٍ زمنية قصيرة، وصولًا إلى علم الأحياء التخليقي والتحرير الجيني. وهو ما يفتح الباب أمام بداية حقبةٍ من الطب الأكثر دقة، مما يُتيح إعادة تصميم النُّظم البيولوجية الطبيعية الحالية للأغراض الطبية والزراعية وغيرها من الأغراض المفيدة، وتسريع وتيرة البحث والاكتشاف.

وعلى الرغم من أن هذه التقنيات المتقدمة تعود بفوائد عديدة على الناس، فهي تُثير مخاوف أيضًا بشأن مخاطرها على صحة الإنسان، والتلوث البيئي، وسوء الاستخدام المتعمَّد. لذا، يلعب الحوار بين العلماء وعامة الناس، والتشريعات والتكنولوجيا المحسَّنة دورًا مُهمًّا في مواجهة هذه المخاوف.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤