الفصل الخامس

كيف كان كَنْدِيد أميرًا كبيرًا، ولكن مع عدم رضاه عن هذا

توحي الفلسفة إلينا بأن نحِبَّ أمثالنا، وبسكال — وحده تقريبًا — هو الفيلسوف الذي أراد أن يجعلنا نَكْرَه أمثالنا، ومن حسن الحظ أن كَنْدِيد لم يقرأ بسكال، فكان يحبُّ الإنسانية المسكينة مِنْ جميع قلبه، وقد أدرك رجال الخير ذلك، فابتعدوا عن رُسُل الرب، ولكنه لم يصعُب عليهم أن يجتمعوا عند كَنْدِيد، وأن يساعدوه بنصائحهم، ويضع أنظمةً حكيمة لتشجيع الزراعة والتناسل والتجارة والفنون، ويكافئ من يقومون بتجارب نافعة، ومَنْ لم يؤلفوا غير الكتب، وكان يقول — بسلامة نية فاتنة: «قد أكون راضيًا إذا رضي الناس في ولايتي على العموم.»

وكان كَنْدِيد غير مُطَّلِع على النوع البشري؛ وذلك أنه أبصر ثَلْبَ الناس له في أهاجيَّ مُرجفة، وأنه افتُريَ عليه في كتابٍ اسمُه «صديق الناس»، وأنه لم يَصْنَع غير ناكري الجميل، مع أنه يسعى لإيجاد سعداء، ويقول كَنْدِيد صارخًا: «آه! ما أصْعَب الحكم في هؤلاء الناس الخالين من الريش والطالعين على الأرض! ولِمَ لَم أبقَ على شاطئ بحر مرمرة، في صحبة الأستاذ بَنْغَلُوس، والآنسة كُونِيغُونْد، وبنت البابا أوربان العاشر التي ليس لها سوى ألْية واحدة، والراهب جيرفله، والفاجرة باكت!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤