القسم الثاني

عبادة الأيقونات … ونهبها

والملفت أن الجيوش العربية المتحالفة المُغِيرة على بيزنطية والغرب بعامة، ذات الطبيعة الصحراوية في مجملها الأَعَمِّ؛ كانتْ تُولِي اهتمامَها الأقصى خلال عمليات السطو الطبيعية للغُزاة أو الفاتحين من الاستيلاء على محتويات الكنائس والأديرة والكاتدرائيات، التي كانت تعج بقمم وشوامخ الأعمال الفنية من نحتية وتشكيلية، صيغتْ معظمها من الذهب والأحجار الكريمة والثمينة، وأبدع في تشكيلها كبار فَنَّاني ما قبل القرون الوسطى، من نحاتين ومصممين، ما بين لوحات وتماثيل، ومصنوعات فنية تطبيقية من ثريا وأثاث وأيقونات، وهكذا.

وفيما يتصل بهذا الحدث أو العنصر من العناصر الرئيسة التي أفرطتْ في تغطيتها سيرةُ ذات الهمة، كان أبرز الساطين على هذه الآثار الفنية هما الأميرين «سيد البطال المسمى بأبي محمد، والأمير عبد الوهاب بن ذات الهمة»، وهي الحروبُ التي عُرفتْ تاريخيًّا بحرب الأيقونات وتحريمها — كما يذكر د. فيليب حتى، ويرد بكثرة في تاريخ ما قبل العصور الوسطى.

قال الراوي:١ «وقد نزل الأمير عبد الوهاب على باب الذهب، وقد نصبوا له سرادق الملك منويل والدهليز، ونصبوا للأمير عمرو بن عبد الله مثل ذلك، وأتت إليه الأموال،٢ ودخل الأمير أبو محمد البطال إلى كنيسة٣ سوفيا، فرأى ستور وقناديل معلقين في الهياكل، وعليهم مكتوبٌ: هذا ما عمل إلا بأمر الشيخ النجيح وحجة المسيح، القاضي عقبة بن مصعب السلمي عين المسيح، في بلاد المسلمين، ورحمة على الروم أجمعين.»

وبالطبع كان البطال يستعين بعيونه وجواسيسه داخل القسطنطينية والمُدُن الرومية، كما في استيلائه على تحفة أو قنديل ثمين داخل قدس الأقداس بكنيسة أيا صوفيا أيضًا.

١  السيرة جزء ١ صفحة ٨٦٥.
٢  أي الخراج والجزية.
٣  المقصود بها كنيسة أيا صوفيا الشهيرة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤