مغامرة العقيق الأزرق

بعد يومين من عيد الميلاد، قررت زيارة شيرلوك هولمز. أردت أن أهنئه بالعيد. عندما وصلت إلى شارع بيكر، وجدت صديقي مسترخيًا على الأريكة، وتتدلى بجانبه قبعة متسخة قديمة وممزقة على ظهر أحد الكراسي. ورأيت عدسة مكبرة على مائدة بالقرب منه.

سألته: «أظن أن هذه القبعة تتعلق بجريمة ما؟»

فأجابني هولمز: «لا يا عزيزي واطسون. إنها ليست جريمة، بل واحدة من تلك الحوادث البسيطة والغريبة التي تحدث في مدينة كبيرة مثل لندن. لقد حصلت على هذه القبعة صباح عيد الميلاد من ضابط شرطة يُدعى بيترسون. قال لي إنه كان يسير عائدًا إلى المنزل ليلة عيد الميلاد عندما رأى رجلًا يرتدي هذه القبعة ويحمل إوزة على كتفه.»

قلت له: «لعشاء عيد الميلاد بالتأكيد.»

رد هولمز: «بالتأكيد يا واطسون. أوضح بيترسون بعد ذلك أن مجموعة من قُطاع الطرق ظهروا وبدءوا في مضايقة الرجل، ثم دفعوه وأسقطوا قبعته. حاول الرجل الدفاع عن نفسه بالتلويح بعصاه، فكسر نافذة أحد المتاجر بطريق الخطأ.

حينئذٍ جرى بيترسون لمساعدة الغريب المسكين. وعندما رأت العصابة بيترسون متقدمًا نحوهم، فروا. لكن ضحيتهم فرت أيضًا. ظن العجوز بالتأكيد أن بيترسون سيقبض عليه لكسره النافذة.

وهكذا، أصبح الضابط وحده مع القبعة والإوزة. كانت هناك ورقة مربوطة في الطائر، مكتوب عليها: «إلى السيدة هنري بيكر.» وتحمل القبعة الحرفين الأولين من الاسم: «هـ ب». لكن هناك بالتأكيد المئات ممن يحملون هذا الاسم في لندن، وسيكون من المستحيل العثور على هنري بيكر المراد وإعادة القبعة والإوزة إليه.»

استطرد هولمز: «بيترسون يعلم أنني أهتم بأبسط القضايا، فأحضر إلي هذه المتعلقات. ونظرًا لأنني لن أتمكن من الاحتفاظ بالإوزة إلى الأبد، عاد بيترسون وأخذها ليعدها على العشاء الليلة. وفي هذه الأثناء، كنت أستكشف أمورًا بشأن الرجل المجهول عن طريق دراسة هذه القبعة.»

صحت مندهشًا: «لكن ما الذي يمكنك معرفته من فحص قبعة؟»

أجاب هولمز: «أنت تعلم كيف أعمل يا واطسون. إليك عدستي المكبرة، أخبرني ما الذي يمكنك استكشافه عن الغريب الذي نتحدث عنه.»

أخذت القبعة وفحصتها. كانت قبعة سوداء عادية، لكنها بُليت مع الزمن. بهت لون البطانة الحريرية الحمراء. لاحظت الحرفين الأولين من الاسم «هـ ب» بداخلها. كانت هناك ثقوب في الحافة حيث يُستخدم رباط مرن لإحكام القبعة على رأس من يرتديها، لكن الرباط ليس موجودًا. كانت القبعة مشققة ومغبرة ومليئة بالبقع المهترئة التي استخدم أحدهم الحبر لإخفائها.

قلت لصديقي وأنا أعطيه القبعة: «لا يمكنني رؤية أي شيء.»

– «على العكس يا واطسون، أنت ترى كل شيء، لكنك لا تدرك معنى ما تراه.»

فسألته: «إذن ما الذي يمكنك إخباري به بشأن صاحب القبعة؟»

قال هولمز موضحًا: «منذ ثلاثة أعوام، كان صاحب القبعة رجلًا ثريًّا إلى حد ما. لكنه أصبح أكثر فقرًا منذ ذلك الحين. كان شخصًا دقيقًا، لكنه لم يعد كذلك. شيء ما تسبب في هذه التغييرات، ربما المقامرة. وربما يكون هذا هو السبب في أن زوجته لم تعد تحبه.

بالرغم من كل ذلك، لا يزال هذا الغريب يعنى بمظهره، لكنه لا يخرج كثيرًا. وهو شخص في منتصف العمر، ولا يتمتع بصحة جيدة. شعره رمادي اللون، قصه خلال الأيام القليلة الماضية، ويضع عليه كريمًا. وعلى الأرجح أنه يستخدم الشموع لإنارة منزله.»

قلت له: «من المؤكد أنك تمزح يا هولمز.»

– «على الإطلاق يا عزيزي واطسون. كانت هذه القبعة مسايرة لأحدث خطوط الموضة منذ ثلاثة أعوام، كما أنها غالية الثمن، مما يعني أن الغريب كان لديه بالتأكيد ما يكفي من المال لشرائها حينئذٍ. وقد علمت أنه لم يعد ثريًّا كما كان من قبل لأنه لا يمكنه تحمل تكاليف شراء واحدة جديدة الآن، على الرغم من أن قبعته أصبحت قديمة وبالية.

كما أنني علمت أنه كان دقيقًا فيما مضى، لأنه تكبد عناء تزويد القبعة برباط مرن، انقطع على الأرجح، ولم يستبدله لأنه لم يعد دقيقًا كما كان.»

استكمل هولمز حديثه قائلًا: «أما عن اعتنائه بمظهره، فيرجع إلى أنه يحاول إخفاء البقع المهترئة في القبعة بالحبر. انظر إلى البطانة وسترى آثار شعر صغيرة توضح سن صاحب القبعة ولون شعره. كما أنها تشير إلى أنه قد قص شعره مؤخرًا. ويمكنك كذلك شم رائحة كريم الشعر.»

تابع هولمز: «الغبار الموجود على القبعة ليس من النوع الذي يوجد خارج المنزل، بل الذي يتجمع داخله. ويشير إلى أن الرجل يقضي وقتًا أطول في المنزل مقارنة بأي مكان آخر. كما أن علامات التعرق الموجودة داخل القبعة تشير إلى أن الرجل يعرق حتى أثناء السير، مما يعني أنه ليس لائقًا بدنيًّا.»

قاطعته قائلًا: «لكنك قلت أيضًا إن زوجته لم تعد تحبه.»

رد هولمز: «لم تُنظف هذه القبعة منذ أسابيع. مَن الزوجة المحبة التي تترك زوجها يغادر المنزل وقبعة مغبرة كهذه على رأسه؟»

قلت له: «لكنه ربما يكون أعزب؟»

– «لقد نسيت الملاحظة المرفقة بالإوزة، المكتوب فيها: «إلى السيدة هنري بيكر.»»

– «فهمت. لكن كيف لك أن تعرف أنه ينير منزله بالشموع وليس بالغاز؟»

أجاب هولمز: «هناك الكثير من بقع الشمع على قبعته، التي ما كنا لنراها لو كان ينير منزله بالغاز.»

في تلك اللحظة انفتح الباب فجأة ودخل ضابط الشرطة بيترسون مندفعًا، وصاح قائلًا: «سيد هولمز! انظر ماذا وجدت زوجتي داخل الإوزة وهي تعد العشاء!» ومد بيترسون يده نحونا وبداخلها حجر كريم جميل أزرق اللون. كان أصغر قليلًا من حبة الفول، لكنه كان يلمع ويتلألأ كنجم أزرق براق.

صاح هولمز مندهشًا: «سيد بيترسون! يمكنني التعرف على هذا الحجر، إنه جوهرة العقيق الأزرق الثمينة التي تمتلكها كونتيسة موركار!»

سألته: «هل تعني الجوهرة التي سُرقت؟»

وكانت إجابة هولمز: «نعم يا واطسون. لقد فُقدت منذ خمسة أيام فقط، في فندق كوزموبوليتان. وقد قرأت عن الموضوع في الجريدة. ألقت الشرطة القبض على سباك يُدعى جون هورنر، واتهمته بسرقة الجوهرة.

يبدو أن جيمس رايدر، مدير الفندق، قد ترك هورنر في غرفة الكونتيسة لإصلاح السباكة. وعندما عاد السيد رايدر، كان السباك غير موجود والجوهرة قد اختفت. وجاءت رواية كاثرين كوزاك، خادمة الكونتيسة، مطابقة لذلك. بدأت الشرطة جهودها على الفور، وقبضت على هونر في تلك الليلة. لم يعثروا على الجوهرة المفقودة، ويصر السباك على أنه بريء.»

استكمل هولمز حديثه قائلًا: «إذن، كيف وصلت الجوهرة من الكونتيسة إلينا؟ نعلم أنها جاءت من الإوزة، التي يمتلكها هنري بيكر. أعتقد أن أول خطوة هي أن نعثر على السيد بيكر، ويمكننا فعل ذلك عن طريق وضع إعلان في الجريدة.»

أخذ هولمز ورقة وقلمًا، وتحدث أثناء كتابته قائلًا: «عُثر على إوزة وقبعة سوداء تخصان السيد هنري بيكر بإحدى نواصي شارع جوودج. الرجاء الحضور إلى بناية رقم ٢٢١ب شارع بيكر للحصول عليهما الساعة السادسة ونصف من مساء اليوم.»

قال هولمز: «والآن يا سيد بيترسون، هل تتكرم بفعل أمرين من أجلي؟ لتأخذ هذا الإعلان وتضعه في جميع الصحف المسائية. ثانيًا، رجاءً أحضر لي إوزة أخرى للسيد بيكر!»

عندما غادر بيترسون حمل هولمز الجوهرة في الضوء، وقال: «اُكتشف هذا الحجر يا واطسون منذ عشرين عامًا فقط. وقد عُثر عليه على ضفاف نهر أموي جنوب الصين. ويحمل قيمة كبيرة لأن أغلب الأحجار المماثلة له تحمل لونًا أحمر ياقوتيًّا، وليس أزرق. وكما هي الحال مع جميع الأحجار الكريمة، تترك هذه الجوهرة آثار جريمة في أي مكان توجد به. وقعت بالفعل جريمتا قتل والعديد من السرقات بسببها حتى الآن. سأضعها في مكان آمن، وأخبر الكونتيسة أن حجرها الكريم معنا.»

سألته: «وماذا ستفعل بشأن جون هورنر السباك؟ وهنري بيكر؟»

– «لا أعلم أي شيء عن هورنر يا صديقي، ولا أعتقد أن السيد بيكر مذنب بأي شيء. لكننا سنتحقق من ذلك عندما يستجيب للإعلان الذي نشرناه. أرجو أن تنضم إلي الليلة يا واطسون. فإن أسعدنا الحظ، فسنتمكن من سؤاله عن طائره.»

حضر هنري بيكر إلينا ذلك المساء بحثًا عن إوزته الضائعة. كان رجلًا ضخمًا ذا وجه عريض ولحية بنية اللون. أعطاني انطباعًا أنه رجل مثقف، لكن ملابسه الرثة أوضحت أنه مر بأوقات عصيبة.

بدأ هولمز الحديث قائلًا: «أتساءل لماذا لم تنشر إعلانًا عن متعلقاتك المفقودة في الجريدة؟»

رد بيكر: «حسنًا يا سيد هولمز، لم أعد أملك من المال ما كنت أملكه من قبل، وكنت موقنًا أن اللصوص هم من سرقوا الإوزة. فرأيت أن الدفع مقابل إعلان مضيعة للمال.»

قال صديقي: «إنني أتفهم. بالمناسبة يا سيد بيكر، يؤسفني أننا قد أكلنا إوزتك. كانت ستفسد لو انتظرنا طويلًا …»

تأوه زائرنا وبدت عليه خيبة أمل شديدة.

أشار هولمز إلى الطائر الموجود على الطاولة، وقال: «لكن لا تقلق، لقد اشترينا لك واحدة أخرى. ولا يزال لدينا بالطبع ريش إوزتك وعظامها، إذا كنت ترغب في الحصول عليها.»

ضحك السيد بيكر وهو يقول: «لم قد أرغب في ذلك الآن؟ كلا، سوف آخذ هذه الإوزة فحسب، وأمضي في سبيلي.»

قال هولمز، وهو ينظر إليّ رافعًا حاجبيه: «عظيم! بالمناسبة يا سيد بيكر، تُرى هل يمكنك إخباري من أين أتيت بطائرك اللذيذ؟ فأنا أود أن أعلم أين يمكنني الحصول على واحد مثله.»

فقال: «حسنًا يا سيد هولمز. اعتاد بعضنا ارتياد حانة ألفا، وأقام صاحب الحانة ما يُعرف ﺑ«نادي الإوز». فكنا جميعًا ندفع كل أسبوع على مدار العام الماضي مبلغًا صغيرًا من المال، حتى أصبح لدى كل منا ما يكفيه لشراء إوزة لعيد الميلاد. وهكذا حصلت عليها، والآن، إن لم تمانعا، سآخذ هذا الطائر واستمتع أخيرًا بعشاء عيد ميلاد فاخر.»

بعد أن تركنا الزائر، اتبعت أنا وهولمز هذا الخيط، فغادرنا قاطعين طرقات لندن الباردة وصولًا إلى حانة ألفا. وهناك وجدنا طاولة هادئة، وطلبنا من صاحب الحانة كأسين من نبيذ التفاح الساخن.

قال هولمز: «أرجو أن يكون ما تقدمه من نبيذ جيدًا مثل ما لديك من إوز.»

قال صاحب الحانة وهو يصب المشروب الساخن: «ما لديّ من إوز؟»

– «نعم، لقد كنت أتحدث لتوي مع السيد هنري بيكر بشأنه.»

قال صاحب الحانة: «آه، حسنًا، أنا لا أملك هذا الإوز، لقد حصلت عليه من رجل يُدعى بريكنبريدج بسوق كوفينت جاردن.»

أنهيت أنا وهولمز مشروبنا، وتوجهنا إلى سوق كوفينت جاردن. عثرنا على السيد بريكنبريدج، وكان حينها يغلق لتوه الكشك الذي يبيع فيه سلعه.

قال هولمز لبريكنبريدج: «أرى أن بضاعتك قد نفدت. يا للحظ السيئ! هل يمكنك إخباري من أين تحصل على الطيور التي تبيعها؟»

فوجئنا بأن سؤال هولمز قد أغضب بائع الطيور، فقال بصوت مرتفع: «والآن يا سيد، ما الذي ترمي إليه؟ لست أول من يزعجني اليوم بشأن الإوز الذي أبيعه. «من أين جلبته؟ ولمن بعته؟» لم أسمع في حياتي قط جلبة كهذه تُثار حول طائر.»

قال هولمز: «آسف، كل ما في الأمر أنني قد راهنت على أن هذا الإوز قد رُبي في الريف.»

قال بريكنبريدج: «حسنًا، لقد خسرت الرهان إذن؛ لقد رُبي هذا الإوز في المدينة. انظر إلى سجلي، إنه يوضح ممن اشتريت الإوز، ولمن بعته. وقد ربت سيدة تُدعى أوكشوت الطيور التي بعتها لحانة ألفا. ومذكور هنا أنها تعيش في شارع بريكستون بلندن!»

تركت أنا وهولمز السيد بريكنبريدج ليستكمل إغلاق الكشك. وقفنا في الشارع نفكر فيما إذا كان سيجب علينا زيارة السيدة أوكشوت على الفور أم الانتظار حتى الصباح. سمعنا حينئذٍ صياحًا. كان مصدره السيد بريكنبريدج. كان يصيح في وجه رجل صغير الحجم قائلًا: «توقفوا عن إزعاجي! لقد نلت كفايتي من الأسئلة اليوم عن الإوز الذي أبيعه! لتذهب وتسأل السيدة أوكشوت عن إوزها!» ثم استدار وابتعد ضاربًا الأرض بقدميه في غضب.

توجه هولمز إلى الرجل صغير الحجم، وقال له: «عذرًا، اسمي شيرلوك هولمز، وأعتقد أن بإمكاني أنا وصديقي مساعدتك. أرى أنك تبحث عن بعض الإوز. لقد باعته السيدة أوكشوت للسيد بريكنبريدج، الذي باعه بدوره لحانة ألفا. ومن الحانة انتقلت واحدة من هذا الإوز للسيد هنري بيكر.»

صاح الرجل: «سيد هولمز، لا يمكنك تخيل كم هو مهم أن أعثر على إوزتي.»

قال هولمز: «في هذه الحالة، أرجو أن تحضر إلى مسكني حيث يمكننا التحدث يا سيد …؟»

أجاب الغريب: «اسمي جون روبنسون.»

قال هولمز وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة: «لا، لا، أنا أعني اسمك الحقيقي. أنا مصرٌّ على معرفته.»

تورَّد وجه الغريب، وبدا عليه الانزعاج، وقال: «حسنًا، اسمي الحقيقي هو جيمس رايدر.»

قال هولمز: «هذا أفضل، أفضل بكثير يا سيد رايدر، مدير فندق كوزموبوليتان.»

وفي مسكننا أخذت أنا وهولمز ورايدر ندفأ أنفسنا بجانب المدفأة. بدأ هولمز الحديث قائلًا: «والآن يا سيد رايدر، ترغب في معرفة مكان إوز السيدة أوكشوت، أو بالأحرى، إوزة واحدة بعينها، تلك الإوزة البيضاء ذات العلامة السوداء على ذنبها.»

صاح جيمس رادير قائلًا: «نعم، هل يمكنك إخباري أين ذهبت؟»

«لقد أتت إلى هنا، وكانت إوزة مميزة بحق. في الواقع، لقد وضعت بيضة بعد أن ذُبحت. وكانت بيضة زرقاء صغيرة يفوق بريقها أية بيضة أخرى.» ومد هولمز يده عارضًا على ضيفنا جوهرة العقيق الأزرق. حدق رايدر بها، وهب من على كرسيه وقد شحب وجهه.

صاح هولمز معلنًا: «لقد قُضي الأمر يا رايدر. فأنا أعلم معظم ما حدث. وقد تحسن الشرطة معاملتك إذا أخبرتنا الآن بما تعرفه.»

بدا رايدر وكأنه سيُغشى عليه، فساعدته في الاعتدال مرة أخرى على كرسيه، وقال: «إنها كاثرين كوزاك، خادمة الكونتيسة. هي من أخبرتني بشأن الجوهرة.»

قال هولمز: «وقررت أن تسرقها. كنت تعلم أن جون هورنر، السباك، لديه مشكلات سابقة مع الشرطة؛ فخططت لوجوده في غرفة الكونتيسة، وعندما غادر سرقت الجوهرة، ثم اتصلت بالشرطة وأخبرتهم بأمر هورنر، فألقوا القبض عليه.»

قال رايدر متوسلًا: «لترحمني، أرجوك يا سيد هولمز! فلم أتورط من قبل في أية مشكلات، ولن أكرر فعلتي ثانيةً! أرجوك!»

قال هولمز: «حقًّا يا سيد رادير، أتطلب العفو؟ لكنك كنت على استعداد أن ترسل السيد هورنر إلى السجن لجريمة ارتكبتها أنت. كفى! لتخبرنا ببقية القصة.»

تابع رايدر رواية ما حدث: «عند القبض على هورنر، خشيت أن تستجوبني الشرطة، وأن يفتشونني بحثًا عن الجوهرة. فذهبت إلى منزل أختي …»

قال هولمز: «السيدة أوكشوت.»

رد رادير: «نعم، ذهبت إلى هناك وفكرت فيما سأفعله بعد ذلك. تذكرت صديقًا قديمًا كان قد قضى بعض الوقت في السجن. كنت أعلم أنه قد يساعدني في بيع الجوهرة، فقررت أن أذهب إلى كيلبورن حيث يعيش. لكن ظل القلق يساورني بشأن عثور الشرطة على الجوهرة معي.

كنت أجلس في الفناء الخلفي بمنزل أختي، وكان مليئًا بالإوز الذي تربيه. وهكذا جاءتني الفكرة. وعدتني أختي بالحصول على أحد تلك الطيور هدية بمناسبة عيد الميلاد. فقررت أن أحشر جوهرة العقيق أسفل حلق الإوزة، ثم آخذها معي. وإذا استوقفتني الشرطة، فلن يخطر ببالهم أبدًا فحص الإوزة.

أمسكت بأحد الطيور، وكانت تلك الإوزة ذات العلامة السوداء على ذنبها. فتحت منقارها، وحشرت الجوهرة أسفل حلقها. خرجت أختي من المنزل، وسألتني عما كنت أفعله. وفي تلك اللحظة، أفلتت الإوزة من بين يدي، ورفرفت عائدةً بين باقي الإوز. قلت لها إنني سآخذ هدية عيد الميلاد، فأمسكت بها وذبحتها. وذهبت إلى كيلبورن.»

تابع رايدر حديثه: «لك أن تتخيل فزعي عندما فتحت الطائر أمام صديقي، ولم أعثر على شيء. وقع خطأ جسيم، فأسرعت عائدًا إلى المدينة، هرولت إلى منزل أختي، واندفعت إلى الفناء الخلفي لأجد أن كل الطيور قد اختفت. لقد أرسلتها إلى التاجر المدعو بريكنبريدج. سألتها عما إذا كانت هناك إوزة أخرى ذات علامة سوداء على ذنبها، وجاءت إجابتها بالإيجاب. لقد أخذت الإوزة الخطأ!

ركضت إلى سوق كوفينت جاردن بأقصى سرعة، لكن لم يخبرني بريكنبريدج أين ذهبت إوزتي؛ ولهذا السبب أنا هنا الآن. لقد ارتكبت جريمة بشعة.» وأخذ رايدر يبكي بحرقة، وهو يدس وجهه بين يديه.

ساد الصمت فترة طويلة، وأخذ هولمز ينقر بأظافره على الطاولة، ثم نهض وفتح الباب المطل على الشارع، وقال: «اخرج!»

وفي لمح البصر، اندفع رايدر مسرعًا من الباب، واختفى في ظلام الليل.

قال هولمز: «ربما أكون بذلك أرتكب خطأً، لكنني لا أظن أن السيد رايدر سيخرق القانون ثانيةً. كما أن هورنر سيُطلق سراحه، وستعود جوهرة العقيق الأزرق إلى صاحبتها. وفي نهاية الأمر، نكون قد أنقذنا الرجل من قضاء حياته في السجن.»

واستكمل هولمز حديثه قائلًا: «وفي النهاية، فقد تمكننا من فك لغز قضية غاية في الإثارة، ويرجع الفضل في ذلك إلى هذا الرجل الأحمق … أليس كذلك يا عزيزي واطسون؟»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤