الباب الأول

آلهة الحب عند الإغريق والرومان

وُجِدَ الحبُّ بوجود الإنسان،

وليس بعد حب آدم لحوَّاء من حب،

فقصة هذا الحب غير معروفة لنا فعلًا.

ولكن .. قد عمَر الكون وامتلأ بالمخلوقات، واكتظَّ ببني آدم وبنات حوَّاء.

ومن المجزوم به الذي لا مِراء فيه أنَّ آدم هو أصل هذا الكون، كما أنه ممَّا لا شكَّ فيه أن رسالة حوَّاء في هذا الذي حدث لا تقلُّ عن رسالة آدم، إن لم تزِدْ عليها كثيرًا. وفي هذا المعنى يقول أبو العَلاء المعري، الفيلسوف الزاهد الشاعر، قولَه المأثور:

أكان أبوكُمْ آدم بالذي أتى
نجيبًا فترجون النجابة بالنَّسْل؟!

إذن عرَف آدمُ الحبَّ مُذْ هَبَطَ إلى الأرض، وعرَفت حوَّاء الحبَّ منذ أن وجدت آدم إلى جوارها.

وكان حبٌّ، وكان نسل .. ثم كانت المعمورة.

نما الحب بمرور السنين وتعاقُب الأيام، وكبر وترعرع حتى صار عملاقًا تتضاءل بجانبه شُمُّ الجبال.

وتفنَّن البشر في ضروب الحب، فصار الحب بتعاقب الملَوَيْن فنًّا عظيمًا يقصُر إزاءه كلُّ فنٍّ جميلٍ أو غير جميل، وتعدَّدت صور الحب وتباينت وتلوَّنت وتشكَّلت، فإذا بالحب يصبح سيدًا طاغيًا، له على القلوب سلطان، وعلى العقول سطوة وسيادة، وإذا به يدحر ويغلب، ويقهر ويعذِّب.

عظُمت دولة الحب وامتدَّ سلطانها، فأصبحت الدولة العظمى التي تضمُّ جميع البشر في رحابها، وفي ركابها، وتحت لوائها. وإذا بالبشر أجمعين يصبحون بالنسبة إلى هذه الدولة رعايا مخلصين، مؤمنين ظاعنين،١ راضين طيِّعين، مُلبِّين خاضعين، ساجدين خاشعين، قد رضوا بالحب ملِكًا وسلطانًا، ورئيسًا وسيدًا عظيمًا. لا يسعهم أجمعين إلَّا أن يرضخوا لكل أمر كبير أو صغير، يصدر من فمه الحُلْو المرير.

وكان للحب عند الأغارقة والرومان مكانة عظيمة، ومنزلة سامية، يقدِّسونه تقديسًا، ويعبُّون من كأسه مُترَعة.

ما كان الأغارقة والرومان ليعترفوا بالحب كشيء يغزو القلوب ويلعب بالأفئدة فحسب، بل بلغ من شدَّة إيمانهم بهذا الحب أن جعلوا له بين آلهتهم إلهةً وإلهًا.

فمَن يا تُرى هذه الربَّة التي ألَّهها الإغريق والرومان، وعبدوها كخالقة للحب، ومسيطرة على عنفوانه وجبروته، وقدرته وغزواته؟

ومَن هو هذا الرب الذي بجَّلوه هذا التبجيل، وجعلوه على الحب مشرفًا ومهيمنًا، ونصبوه عليه سيدًا وآمرًا؟ يتصرف فيه كما يهوى ويشاء، ويوزِّعه هنا وهناك كما يودُّ ويرغب، والحب له صاغر، وبأمره يأتمر، وفي حضرته خاشع ساجد.

•••

أي «فينوس»! يا صاحبة التاج المُعلَّى، ويا ربَّة الحب عند الرومان.

أي «فينوس»! يا زعيمة الحب، وسيدة الغرام، والمسيطرة على عالم العشق والهُيام بين الآلهة وبين البشر.

أي «فينوس»! يا ملكة الملكات في دنيا السموات والأرض، وأميرة الأميرات في كل زمان ومكان، يا مَن خلَّدكِ التاريخ في أنصع صفحاته، فكنتِ وحيَ المحبِّين، وعزاءَ العاشقين المتيَّمين.

•••

آمن الأغارقة والرومان في عقيدتهم ودينهم ﺑ «فينوس» هذه، وجعلوا من اختصاصها الهيمنة على الحب في السموات والأرض.

ولقد حدَّثنا هسيود Hesiod، الشاعر الإغريقي الذي عاش في القرن الثامن قبل الميلاد تقريبًا، في منظومته «سلسلة نسب الآلهة»، عن «فينوس» ربَّة الحب والغرام فقال:

«أنجبت الأرض في البَدْء السماء بنجومها، تساويها في المساحة؛ حتى تكسوَها من كل صوب وناحية، ولتصير موطنًا أبديًّا للآلهة المباركين، كما أنجبت البحر العاقر ذا العُباب المتلاطم، من غير اضطجاع ولا حُب … بيد أنها اضطجعت فيما بعد مع السماء، وأنجبت أوكيانوس (المحيط) العميق الغور، ثم ولدت كرونوس (الزمن) الداهية الدَّهْياء، أصغر وأقوى أبنائها شكيمةً، وأعظمهم بأسًا، وكان يكره أباه لشهوانيَّته.

كذلك أنجبت الأرض للسماء ثلاثة أبناء آخرين، وكان لهم من القوة والجبروت ما يعجِز عنه الوصف، ويقصُر عن ذكره اللسان. وكان يبرُز من أكتافهم مائة ذراع لا يمكن الاقتراب منها. وكان لكل منهم خمسون رأسًا فوق مَنْكِبَيه وأعضائه الفتيَّة. أمَّا القوة الفتية التي في هياكلهم الضخمة فمن العسير مقاومتها؛ لأنهم كانوا أكثر الأبناء هولًا وهيبةً، دون سائر مَن وُلد للأرض والسماء. وكان أبوهم يكرههم منذ البداية، ويمقتهم منذ ولادتهم، فمتى وُلِد أحدهم كان يخبِّئه في مكانٍ خفيٍّ تحت الأرض، فلم يتكبَّدوا مشقَّة الصعود إلى حيث الضوء.

كان عمَلُه الشرير هذا يُدخِل السرور على قلبه، والغبطة على فؤاده؛ فيرتاح باله ويهنأ خاطره، أمَّا أمُّهم الأرض الفسيحة فكانت تئنُّ وتتوجَّع أحشاؤها، فلمَّا برَّح بها الألم ونال منها الحزن والكمد، حتى بلغ السيل الزُّبَى، فكَّرت في مكيدة أثيمة دهياء، فصنعَت في الحال عنصر الحَجَرِ الصَّوَّانِ الرماديِّ اللون، وشكَّلت منه مِنْجَلًا ضخمًا، وأطلعت أبناءها المقرَّبين على خطتها، وحدَّثتهم بفكرتها؛ لترفِّه عن أنفسهم، وهي في قرارة قلبها تتميَّز غيظًا، وتتحرَّق أسًى، والحزن يسري في أحنائها فيعصِر فؤادَها عَصْرًا، ويُشعل جذوة الحقد الدفين في صدرها، فقالت: «أي بَنِيَّ! يا نسلَ أبٍ أثيم، ووالدٍ شريرٍ رجيم، أنتم تعلمون ما يقوم به ذلك الداهية من عمل مشين، ويجب علينا أن نعاقبه على ما اقترفت يداه، وجَنَاه فكره. فإن أطعتموني فيما أطلب إليكم عمله، تمكنَّا من مجازاته، والحدِّ من جرائره ونزواته، فلقد طغَى وبغَى، واقترف أمورًا شائنة وذنوبًا فاضحة».»

هكذا حدَّثتهم أمُّهم الأرض، ولكنهم ارتجفوا لهول ما حدثتهم، واجتاحتهم جميعًا نوبة من الفزع والهلع، حتى سكتوا كأنَّ على رءوسهم الطير، ولم ينبِس أحدُهم ببنت شَفَة، ولم يجرؤ على التفوُّه بكلمة واحدة. وظلُّوا كذلك فترة لا يُعرف مداها، أقصُرت أم طالَ أمدُها، غير أن الشجاعة الخارقة والجرأة النادرة، استفزَّتا كرونوس العظيم الداهية، فمزَّق ذلك السكون الرهيب، وأجاب أمَّه بقوله:

«أمَّاه! والدتي العزيزة، مُرِي، فتطاعي، وأصدري ما تشائين من أوامر تجديني أَطْوعَ إليكِ من بنانك، سأقوم بتنفيذ خطتك، مهما لاقيت من أخطار، واعترضني من صعاب؛ لأنني لا أحترم أبانا لسوء سمعته، فهو البادئ باقتراف أمور شائنة، والبادي أظلم، والمُعارِض منتصر.»

ما إن سمعت الأرض الفسيحة كلام ابنها هذا، حتى ابتهجت وعمَّ السرور جميع أحنائها، فساقته أمامها، وخبَّأته في كمين، ووضعت بين يديه مِنْجلًا مُثَلَّمًا، وأملت عليه تفاصيل الخطة كاملة.

وجاءت السماء تجلب الليل معها، والصبا والصبابة، ثم رقدت فوق الأرض ناشرةً طيَّاتها عليها نشرًا تامًّا. عندئذٍ مدَّ كرونوس يده اليسرى، وهو قابع في مَخْبَئه، وقد حَمَل في يمناه المِنْجَل الضخم الطويل ذا الأسنان المثلمة، فقطع بسرعة البرق عضو أبيه الذكر، وألقى به بعيدًا ليسقط خلفه، غير أنه لم يسقط من يده هباءً، فإن جميع قطرات الدم التي تساقطت، تلقَّتها الأرض، وبمرور الزمن، أنجبت ربات الانتقام القاسيات، والجبابرة الشديدات، بدروعهن اللامعة، ورماحهن الطويلة بأيديهن، وكذا الحوريات الفاتنات، في سائر بطاح الأرض الواسعة.

ما إن بَتَرَ كرونوس عضو الذكر بالحَجَر الصَّوَّان، وألقى به من فوق الأرض إلى البحر المتلاطم، حتى جُرِف بعيدًا إلى عُرْض البحر مسافة بعيدة، ثم انتشر حوله زَبَد أبيض من اللحم الخالد، ونمت فيه عذراء، اقتربت في البداية من كيثيريا المقدَّسة، ومن ثم وصلت إلى قبرص التي تحيط بها المياه من كل جانب، وبزغت ربَّة رهيبة ذات جمالٍ فذٍّ وفتنة نادرة، ذات عينين نجلاوين لحاظهما كالسهام فتكًا، وعود فارع نحيل، وقَدٍّ أهيف، تتثنَّى في مشيتها في رقَّة ودلال، وسرعان ما نما الحشيش حول أسفل قدميها الرقيقتين، وقد أطلق عليها الآلهة والبشر اسم أفروديت، أي «فينوس»، كما سمَّوْها بالربَّة الزَّبَديَّة المولد، لأنها نمَت وسط الزَّبَد، وﺑ «كيثيريا» ذات الهامة الناصعة المجيدة؛ لأنها وصلت إلى كيثيريا، وقبروجينيس لأنها وُلدت في قبرص، ومُحبة الأعضاء الذكرية؛ لأنها خُلقت من عضو الذَّكَر، وسارَ إروس (إله الحب) برفقتها، وقام الشوق الجميل يتبعها ساعة ميلادها في بادئ الأمر، وعندما أخذت تشقُّ طريقها وسط جمع الآلهة.

هكذا حدثنا هسيود عن مولد «فينوس» التي هي أفروديت عند الإغريق.

كان ﻟ «فينوس» هذا الشرف منذ البداية، واختصَّت بذلك النصيب بين البشر والآلهة الخالدين — همسات العذارى الفاتنات وابتساماتهن الخلَّابة، وأخاديعهن المتقنة. أضف إلى ذلك الانشراح الحُلْو، والحب والرحمة.

تفنَّن الأغارقة والرومان فيما خلعوه على «فينوس»، المولودة من زَبَد البحر ومن عضو ذكر أبيها، فلم يكتفوا بأن جعلوها ربَّة الحب ومسرَّاته، والزواج وملذاته، مع القدرة على هدم وقتل الحب في قلوب البشر، بل جعلوها أيضًا ربَّة الجمال التي تَهَبُ البشر جمال الجسد وفتنته، وسبي العقل، وربة الإخصاب بسائر ألوانه، بما في ذلك إخصاب الخَضراوات والحيوانات.

كانت الزهور مقدَّسة ﻟ «فينوس»، وكذا الآس والزيزفون والتفاح والخَشْخاش والرمَّان والعَرْعَر.

وكانت «فينوس» لا تفضِّل من الحيوانات غير البجعة والدلفين والعصفور الدوري والحمامة والسنونو والأرنب والكبش والسلحفاة.

وكانت حوريات البحر يقمن بخدمتها وتعليمها في مغاراتها.

ولقد كانت نظرة الرومان ﻟ «فينوس» صورة مطابقة لنظرة الإغريق لأفروديت، بَيْدَ أنها كانت عند الرومان بمثابة ربَّة القُوى والطبيعة المنتجة، وربَّة الكِياسة والازدهار، وحليفة البستاني. وعلى أية حال كانوا يصوِّرونها في هيكل جليل ذي رداء.

أمَّا «فينوس» مدينة بومبي، فكانت تصوَّر بتاج على رأسها، وفي يدها غصن الزيتون، وصولجان تستند عليه بيدها اليسرى، يجاورها ابنها المجنَّح، غير أنها كانت تُصوَّر أحيانًا مُدَّثِرَة، تحمل رمحًا في يدها اليسرى، وخوذةً في يدها اليمنى، وبجوارها درع. كما كانت تصوَّر جالسة تحمل «كيوبيد» في يدها الممتدة.

ولقد بلغ اهتمام الحكام الرومان ﺑ «فينوس» أن حابى «سولا» عبادتها تحت لقب «فينوس فيليكس»؛ أي «فينوس» جالبة الحظ السعيد.

كما بجَّلها بومبي ﮐ «فينوس فيكتريكس»؛ أي «فينوس» جالبة النصر.

وجعلها يوليوس قيصر ذائعة الصيت ﮐ «فينوس جينيتريكس»، جَدَّة عائلته والشعب الروماني.

وازدهرت عبادتها في عهد الإمبراطورية بواسطة البيت الجولياني.

وفيما بعد كرَّمها الإمبراطور هادريان؛ فبنى معبدًا عظيمًا مزدوِج الشكل ﻟ «فينوس» وروما.

ولقد عُبدت «فينوس» أيضًا على أنها «فينوس فيرتيكورديا»؛ أي تلك التي تحول القلب حتى تحفظ نساء روما من الخلود.

وكانت الفتيات الرومانيات إذا تزوَّجن يُكرِّسن دُماهن إلى «فينوس».

وكانت العادة المتَّبَعة أن يوضع قبر الفتاة الصغيرة تحت حماية «فينوس»، وأن يزيَّن أحيانًا بتمثال لها.

أحبَّت «فينوس» كما يحب البشر، وهام قلبها بالحب والغرام، وتدلَّهَتْ بالعشق والهُيام، حتى صار يُضرب المثل بغرامياتها، وعشقياتها.

وقد طلب آلهة كثيرون الزواج منها فرفضت، ثم طلب زوس كبير الآلهة، وملك الأرباب والبشر أن يتزوَّجها فرفضت بإباءٍ وشَمَم رفضًا باتًّا؛ فعزَّ على كبير الآلهة أن ترفضه «فينوس» التي أسرَت قلوب الجميع بجمالها ورشاقتها، وحُلْو حديثها ورقَّتها، وطلاوتها وبهجتها، فصمَّم على الانتقام منها.

انتقم زوس من «فينوس»، انتقامًا ينمُّ عن الحقد الكامن والغيظ المتلهب، فزوَّجها من «رب النار» ذي الوجه القبيح المشوَّه.

ولكن «فينوس» أحبَّت «رب الحرب والكرب والضرب»، وتملَّك حبُّه من شَغافِ قلبها، واستولى على فؤادها ولُبِّها؛ فألحق بها هذا الحبُّ العار والفضيحة، بعد أن كشف سرَّه زوجها المسكين «هيفايستوس» رب النار، والحدَّاد الماهر، الدميم الخِلْقة، المشوَّه الأعضاء.

راحت «فينوس» بعد ذلك تنتقل من حب إلى حب، ومن أحضان إلى أحضان. فأحبَّت من الآلهة من أحبَّت، واشتهت من البشر من اشتهت.

هامت بحبِّ «أدونيس» الفتى الصيَّاد الجميل القسمات، العريض المَنْكِبَين، الأَدْعج العينين، بعد أن أقنعته بترك الصيد من أجلها.

كذلك أحبَّت «أنخيسيس» الراعي، واشتبكت من أجله ومن أجل حبِّه في نضالٍ مستمرٍّ مريرٍ مع ملكة الآلهة، حتى يحقِّق حبيبها حظَّه في الحياة، بأن يؤسِّس الإمبراطورية الرومانية.

كان يَلَذُّ ﻟ «فينوس» حُبُّ جميع الرجال ولا سيما الشباب منهم، المفتولو العضلات، الأقوياء الأجسام، ذوو الوجوه الباسمة الجميلة، والرقَّة الأخَّاذة.

وهناك قصص لا تُعَدُّ ولا تُحصى عن الكيفية التي كانت تساعد بها من يحظى بحبها، ويتذوَّق حُلْو غرامها، وكذلك المآسي التي سبَّبها نشاطها. ورغم كل ذلك، اعتُبرت «فينوس» مثال الأنوثة الكاملة التي يمشي في رِكابها كل ما يمثِّل الحب والضحك والكِياسة والرقة واللطافة.

أنجبت «فينوس» صبيًّا يسمِّيه الرومان «كيوبيد» أو «أمور»، فكان الرفيق الدائم الصحبة لأمِّه، واعتُبر إله الحب الذي يُمثِّل مبدأ الاتفاق والاتحاد في بناء العالم ومخلوقاته.

ظل «كيوبيد» هذا طيلة حياته طفلًا يملؤه المرح والحزن، ولكنه مع ذلك كان لا يعرف الرحمة، قاسيَ القلب، تصعُب مقاومته، ليس لسلطانه حدٌّ على الآلهة وعلى البشر سواء بسواء.

صوَّره الإغريق والرومان مُسَلَّحًا بقَوْس وجَعْبة مملوءة بالسهام، وشعلة كي يتمكَّن من أن يطعن أو يشعل قلوب ضحاياه.

وكانت له أجنحة ذهبيَّة تساعده على سرعة الحركة، كما دفعته عيونه التي لا تبصر إلى أعمال تهوُّرية لا تُحمد عقباها.

كان «كيوبيد» شريكًا لأخيه إله الحب المتبادل، وشريكًا لإله الشوق وإله الشهرة، وربة الإقناع، وربات الفنون.

وهناك قصص يخطئها الحصر عن نشاط «كيوبيد» وإيقاظه الحب في قلوب الآلهة والبشر، تارةً بدافع من نفسه، وتارةً بإيعاز من والدته «فينوس».

فمثلًا، عندما نصحه رَبُّ الشمس مازحًا أن يترك سهامه إلى الأبطال، أصاب رَبَّ الشمس بسهم جعله يندفع اندفاعًا نحو دافني ابنة إله أحد الأنهار، في حين أنه رمى دافني بسهم آخر جعلها تنفر منه نفور الحُمُر المستنفرة من القَسْوَرة.

ولم تَنْجُ «فينوس» نفسُها من سهام «كيوبيد»، فقد حَدَثَ لها أثناء لعبه معها أن جُرِحت بسهم من سهامه فوقعت في غرام أدونيس. وكذلك «كيوبيد» نفسه لم يكن بمنجاة من سهامه؛ فذات مرَّة جرحه أحدها، فخرَّ صريع الهوى الذي أقضَّ مضجعه، ولقي فيه شتى ألوان العذاب.

١  مُذْعِنين. (الناشر)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤