مقدمة

١

رغم أن كتابة الرواية التاريخية تَوزَّعت بين عدد من الكتُّاب على امتداد النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فلم يحظَ بالاستمرارية والتتابع منهم سوى جُرْجي زيدان (١٨٦١–١٩١٤م) الذي توالى إصدارُ رواياته التاريخية على مدى عشرين عامًا أو تزيد قليلًا، حتى بلغت اثنتَين وعشرين رواية تاريخية،١ بدأها برواية المملوك الشارد عام ١٨٩١م، وختمها برواية شجرة الدر عام ١٩١٤م؛ الأمر الذي جعل النقاد والباحثين والدارسين في الأدب العربي يُطلقون عليه رائد الرواية التاريخية؛ وذلك بغض النظر عما يُثار بين النقاد من خلاف حول منهج جُرْجي زيدان في كتابة الرواية التاريخية ورؤيته الفنية، ومدى جودة أعماله وقيمتها الفنية. فيذهب أنيس المقدسي إلى القول إنه «يحق لزيدان أن يُلقبَ بإمام هذا الفن في أدبنا الحديث».٢ ولا تنفي ريادةُ جُرْجي زيدان لفن كتابة الرواية التاريخية سَبْقَ سليم بطرس البستاني (١٨٤٨–١٨٨٤م) إليها بروايتيه زينوبيا عام ١٨٧١م، والهيام في فتوح الشام عام ١٨٧٤م.٣ ويُشار إلى أن حنون نمور أصدر رواية بعنوان زينوبيا نموذج السيدات طُبعت في الإسكندرية عام ١٨٨٨م.٤

٢

ولم يكن اهتمام جُرْجي زيدان بكتابة الرواية التاريخية، ودأبه عليها، مُنفصلًا عن أسئلة مشروع النهضة والحداثة؛ فقد فرض عليه سياقه التاريخي ئأن يُشارك في صياغة أسئلة النهضة والحداثة وأن يُسهِم في محاولة الإجابة العمَلية عنها.

كان جُرْجي زيدان أحد المهاجرين الشوام المَسيحيين من بيروت الذين وَفدوا إلى مصر في الربع الأخير من القرن التاسع عشر — وعلى وجه التحديد وصل زيدان إلى مصر عام ١٨٨٣م — هرَبًا من ضيق أفق الحرية الذي شاع أثناء حكم السلطان عبد الحميد الثاني، وطلبًا لاستكمال التعليم ومُمارسة حرية الرأي والنشر المتاحة في مصر نسبيًّا آنذاك، رغم أن مصر في ذلك التوقيت كانت تعيش أيام انكسار قاسية بعد فشل الثورة العرابية والتنكيل بالعرابيين ونفْي عرابي ورفاقه إلى خارج البلاد، وسقوط مصر تحت الاحتلال البريطاني وهيمنتِه على حكومتها.

وقد اشتهر أولئك الشوام المهاجرون إلى مصر في مجالات عدة كالصحافة والفكر والفنون والنشر، وكان من بينِهم: شبلي شميل (١٨٥٠–١٩١٧م)، فرح أنطون (١٨٧٤–١٩٢٢م)، نقولا حداد (١٨٧٨–١٩٥٤م)، الأخوان تقلا مؤسِّسا جريدة الأهرام: سليم تقلا (١٨٤٨–١٨٩٨م) وبشارة تقلا (١٨٥٢–١٩٠١م)، وغيرهم ممن أثْروا تلك الفترةَ بالعديد من الكتابات والأنشطة الثقافية والفكرية. وسرعان ما برز اسم جُرْجي زيدان بوصفه صُحافيًّا وباحثًا وروائيًّا، يستعمل المقالة والبحث والرواية من أجل نشر العلوم والمعرفة وتجديد أسئلة النهضة والحداثة التي كان قد بدأها في مصر محمد علي باشا (١٧٦٩–١٨٤٩م) وأبناء مؤسَّساته من أمثال رفاعة الطهطاوي (١٨٠١–١٨٧٣م) وعلي مبارك (١٨٢٣–١٨٩٣م)؛ الأمر الذي يَلفِتُنا إلى تحوُّل طرأ على مشروع النهضة والحداثة المصرية من جهود المؤسسات أثناء حكم محمد علي باشا أوائل القرن التاسع عشر إلى جهود الأفراد أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. ومِن اللافت أكثر أن يتزامَن هذا التحوُّلُ في مشروع النهضة والحداثة من المؤسسات إلى الأفراد مع الاحتلال البريطاني لمصر عام ١٨٨٢م.

وفي ظل تلك الجهود الفَردية الساعية إلى مُحاوَلة تجديد أسئلة النهضة والحداثة، يَبرُز اسم جُرْجي زيدان بوصفه مثقفًا نَهْضويًّا يَنشغِل بالتراث الثقافي والحضاري العربي عائدًا إلى التاريخ، ومُتطلِّعًا في الوقت نفسه إلى المستقبَل بدعوته إلى تأسيس «الجامعة المصرية»، حين كتَب عام ١٨٩٦م مقالًا بعنوان «مدرسة كلية مصرية، هي حاجتنا الكبرى»، عبر فيه عن أحد جوانب تصوُّره لأسباب تقدم الشعوب.

في هذا السياق التاريخي العام، ظهر مشروع جُرْجي زيدان متعدِّد الأبعاد، المتعلِّق ﺑ: أولًا: كتابة تاريخ الحضارة العربية منذ عصر ما قبل الإسلام حتى لحظته الراهنة، فنراه يؤلف كتابًا بعنوان تاريخ مصر الحديث من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم عام ١٨٩٩م، ثم يبدأ في عام ١٩٠٢م كتابة موسوعته تاريخ التمدُّن الإسلامي في خمسة أجزاء ويَنتهي منها عام ١٩٠٦م، ثم يَعقُبها بكتاب العرب قبل الإسلام عام ١٩٠٨م، وفي عام ١٩١١م يَنشُر كتابه مصر العثمانية أو تاريخ مصر في عهد الدولة العثمانية من الفتح العثماني إلى الحملة الفرنسية. ثانيًا: محاولاته الرائدة في فلسفة اللغة العربية وتأريخ آدابها فقد نشر عام ١٨٨٦م كتابًا بعنوان الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية، ثم نشر عام ١٩٠٤م كتابًا بعنوان تاريخ اللغة العربية باعتبار أنها كائن حي، وفي عام ١٩١١م يبدأ نشر كتابه تاريخ آداب اللغة العربية ويَنتهي منه عام ١٩١٤م في أربعة أجزاء. ثالثًا: وهذا كله يجري بالتزامن مع إسهامه الرائد في كتابة الرواية التاريخية بدءًا من عام ١٨٩١م حتى وفاته عام ١٩١٤م. رابعًا: ولم يكن ذلك المشروع متعدِّد الأبعاد بمعزل عن تأسيسه مجلة ومطبعة الهلال التي صدر العدد الأول منها في سبتمبر ١٨٩٢م، بل كان عمله الصحفي نافذة يبث من خلالها رُوح النهضة والحداثة.٥
ولكن مشروع النهضة والحداثة المصرية لم يكن له مسار واحد، بل تَنازَعه مساران يمكن تحديدهما إجمالًا على النحو الآتي: مسار رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني (١٨٣٨–١٨٩٧م) ومحمد عبده (١٨٤٩–١٩٠٥م)، وهو ما يمكن أن نطلق عليه مسار المصلحين المسلمين؛ وذلك في مقابل جماعة المهاجرين الشوام المسيحيين الذين ارتحلوا إلى مصر أثناء الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وعلى وجه التحديد بعد فتنة عام ١٨٦٠م في بلاد الشام، وحملوا معهم تصورًا مغايرًا للنهضة وأسباب التقدم. وهو ما سأتناوله بقدر من الإيضاح والتفصيل في القسم الأول من الفصل الأول. واللافت للنظر أن روايتَيْ زيدان التاريخيتَين الانقلاب العثماني (١٩١١م) وأسير المُتمهْدي (١٨٩٢م)، تنطويان — فيما أفترضُ — على نسق صريح حينًا ومُضمر حينًا يبلور تصور زيدان؛ ومن ثم جماعة المهاجرين الشوام المسيحيِّين، لمشروع النهضة والحداثة المصرية؛ وهو تصوُّر مغاير لما يفترضه المصلحون المسلمون من سبل لتحقيق النهضة والحداثة.٦

ونظرًا إلى خصوصية اللحظة التاريخية التي ظهر فيها مشروع جُرْجي زيدان الروائي وعلاقته بإعادة طرح أسئلة النهضة والحداثة من وجهة نظر جماعة المهاجرين الشوام، أرى أن أنسب المنظورات النقدية في التعامل مع روايتَيْ جُرْجي زيدان التاريخيتَين المختارتَين هو منظور النقد الثقافي، على نحو ما سيأتي بيانه.

٣

رغم أن جُرْجي زيدان يُعد، في نظر العديد من الباحثين، رائدَ الرواية التاريخية، فلم تحظَ رواياته التاريخية بدراسة منهجية مستقلَّة إلا قليلًا. وربما يرجع السبب في عزوف الباحثين عن دراسة أعماله إلى شيوع آراء نقدية ترى أن رواياته التاريخية تتسم بالضعف الفني.

فأحيانًا يتحدَّث عن أعماله بعض النقاد في جزء من أعمالهم كما فعل عبد المحسن طه بدر في كتابه تطور الرواية العربية الحديثة في مصر ١٨٧٠–١٩٣٨م، حيث يصنف أعماله ضمن «تيار ما بين التعليم والتسلية والترفيه»، ويتناوَل بالتحليل روايتي الانقلاب العثماني والعباسة أخت الرشيد أثناء تنظيره لموقع روايات جُرْجي زيدان التاريخية؛٧ أو كما فعَل حلمي بدير في كتابه دراسات في الرواية والقصة، حيث يخصص فصلًا بعنوان «فن الرواية عند جُرْجي زيدان» يحاول فيه رد الاعتبار إلى زيدان الذي تعرَّض لهجمات قادحة؛٨ أو كما فعل حلمي محمد القاعود في كتابه الرواية التاريخية في أدبنا الحديث، حيث يُخصِّص فصلًا بعنوان «جُرْجي زيدان … المعلومات في بحر العواطف»، يُحلِّل فيه رواية فتح الأندلس.٩
وأحيانًا أخرى، يُخصِّص له بعض الكتَّاب كتبًا تتناول سيرة حياته وأعماله الفكرية والأدبية كما فعل محمد عبد الغني حسن في كتابه جُرْجي زيدان؛ حيث يتناول سيرةَ حياة جُرْجي زيدان بوصفه رائدًا من الرواد في مجالات الصحافة والكتابة التاريخية واللغوية والتأريخ الأدبي وكتابة الروايات التاريخية؛١٠ أو بعض الكتب القادحة في رواياته التاريخية كما فعل شوقي أبو خليل في كتابه جُرْجي زيدان في الميزان،١١ وعبد الرحمن العشماوي في كتابه وقفة مع جُرْجي زيدان.١٢
وهناك رسالة دكتوراه في جامعة الخرطوم بعنوان «جورجي زيدان وروايات تاريخ الإسلام: دراسة تحليلية»، اتبعت فيها الباحثة ما يُسمى «المنهج التكاملي» الذي يعني — على حد تعبيرها — «المنهج التاريخي الوصفي التحليلي الاجتماعي النفسي»؛١٣ وخصصت نصف الرسالة للإطلالة على عصر جُرْجي زيدان، ووضعت ترجمةً له تتناول نشأته وحياته وثقافته وأهم أعماله الأدبية، ثم درست في النصف الثاني من الرسالة الشخصيات والحوار والأحداث ودور العناصر الدينية في رواياته، وختمت باستعراض أقوال النقاد في روايات جُرْجي زيدان.
ومع أن التعرض لتلك الأعمال السابقة، وأخرى غيرها على نحو ما سيأتي، يخرج عن نطاق أهدافي من الكتاب بين يدي القارئ، فإني أودُّ إشراك القارئ معي في الوقوف على ما تُثيره أعمال جُرْجي زيدان من جدل يتَّخذ أحيانًا شكل الاستقطاب الأيديولوجي، وذلك بهدف إلقاء ضوء أولي على طبيعة الصراع الثقافي والأيديولوجي حول مسارات النهضة والحداثة المصرية، الذي كان دائرًا وقت جُرْجي زيدان أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين،١٤ والذي استمرَّ حتى الآن. وسأبدأ باستعراض رسالة دكتوراه غير منشورة، تكاد تكون نموذجًا إرشاديًّا لوجهة نظر محدَّدة في التعامل مع كتابات زيدان النظرية والإبداعية:
  • (١)
    رسالة دكتوراه غير منشورة من إعداد الباحث محمد الحسين عبد القادر بعنوان «روايات تاريخ الإسلام لجورجي زيدان: دراسة ونقد»، بإشراف الدكتور عبد السلام سرحان، جامعة الأزهر، كلية اللغة العربية. ويتبع الباحث فيها ما يُسمِّيه «المنهج التكامُلي الذي يجمع بين الدراسة التاريخية والنقدية».١٥ ومن المحتمَل أن زمن إعداد الرسالة سابق على صدور كتابَيْ شوقي أبو خليل وعبد الرحمن العشماوي؛ إذ يقول الباحث: «إنَّ روايات جورجي زيدان لم تحظَ بالدراسة التي تُوضِّح سمتها وطابعها الفني، أو تُحدِّد مدى تمسُّك كاتبها بأصول هذا الفن وقوانينه، ثمَّ تُميط اللثام وتُزيل القناع عن الهدف الذي كان يقصد إليه كاتب هذه الروايات ويعمل بكل جهوده من أجل تحقيقه.»١٦ ويَستهدف الباحث من دراسته «تبيُّن مدى اكتمال الصورة الفنية إلى جانب نظافة المضمون الفكري وسلامته.»١٧ ويُقسِّم الباحث رسالته إلى تمهيد يتناول فيه ترجمة لجورجي زيدان منذ مولده حتى وفاته مرورًا بتكوينه الثقافي وعلاقته بالمُستشرقين، ويدرس في الباب الأول الرواية التاريخية وطريقة اختيار جورجي زيدان لمواقف رواياته التاريخية، وطريقة تفسيره لأحداث التاريخ الإسلامي. ويُخصِّص الباحث الباب الثاني لمعالجة البناء الفني في روايات زيدان من خلال تسع روايات، فيركِّز في تحليله على مضمون الرواية ومدى صحة ما تقدمه بوصفه حقائق تاريخية، ثم طريقة بناء الحدث والحوار والعُقدة وطريقة حلها. وأخيرًا، يخصص الباب الثالث لتفنيد الشبهات الواردة في ثلاث عشرة رواية من روايات زيدان. وتكشف الرسالة عن المجهود الكبير الذي بذله الباحث حتى يتمكَّن في النهاية من تفنيد الشبهات في روايات زيدان، على نحو يمكن معه القول إن هدف الرسالة النهائي هو عملية التفنيد من منظور إسلامي.
  • (٢)
    محمود الصاوي: كتابات جورجي زيدان: دراسة تحليلية في ضوء الإسلام.١٨ والكتاب في الأصل رسالة نال بها المؤلف درجة الماجستير من قسم الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر عام ١٩٩١م. ويَمضي محمود الصاوي على النهج نفسه الذي انتهَجَه محمد الحسين عبد القادر في رسالته للدكتوراه، من حيث معالجة روايات زيدان التاريخية، ولكنه يتميَّز بالتوسُّع، حيث أضاف إلى الروايات كتابات زيدان النظرية ونشاطه في الصحافة، وما تناوله زيدان فيها من قضايا استشراقية، وقضايا فلسفية كقضية العداء بين الدين والعلم، وقضايا اجتماعية كقضية تحرير المرأة، وقضايا سياسية كقضية الخلافة العثمانية وموقف زيدان منها وتأييده جمعية الاتحاد والترقِّي، وأخيرًا علاقة زيدان بالماسونية والصهيونية العالَمية. ورغم افتقار المؤلف — نسبيًّا — إلى المراس المنهجي النقدي، فإنه يُقدم مداخل مثيرة تستحق التأمُّل والتوقُّف عندها، وقد تصلُح نقطة بداية لدراسات أعمق حول الصراعات الفِكرية والأيديولوجية التي شهدها أواخر القرن التاسع عشر وفجر القرن العشرين.
  • (٣)
    شوقي أبو خليل: جُرْجي زيدان في الميزان. يفتتح أبو خليل كتابه بالعبارة الآتية في صفحة مستقلة بعد صفحة العنوان الداخلية: «إنَّ الأمة التي تريد البقاء تحمي تاريخها وتراثها بسياج متين من الحراسة.١٩ ثم يَتناول بالتفنيد كل روايات جُرْجي زيدان التاريخية، باستثناء روايته المسماة «محمد علي»، فيلتقط من كل عمل روائي، ما يقدم صورة مشوهة لتاريخ الإسلام، والحق أنها كثيرة في روايات زيدان. ورغم سذاجة المنهج التفنيدي لدى شوقي أبو خليل فهو ينضح بالتلقائية والحيوية، ويدعو إلى قدرٍ كبير من إعمال الفكر والتأمل. وفي كثير من الأحيان، يلتقط أبو خليل إشارات ذكية تصلح نقطة بداية لدراسات منهجية محكمة. ويَنتهي من دراسته إلى أن جُرْجي زيدان شديد العَداء لتاريخ الإسلام وأن رواياته تُشوهه على نحو متعمد.
  • (٤)
    عبد الرحمن العشماوي: وقفة مع جُرْجي زيدان. يَتناول العشماوي في هذا الكتيب الذي يقع في ٨٩ صفحة ترجمة وجيزة لجُرْجي زيدان، ثم يُعالج بالتحليل روايته التاريخية صلاح الدين، من خلال المقارنة بين ما أورده زيدان من أوصاف لصلاح الدين تخالف ما وَرَدَ عنه في كتب التاريخ. وفي أثناء ذلك، يَرتكز المؤلف إلى فكرة نقدية — كسابقيه — مفادها الصدق التاريخي والصدق الفني. ويخلص في النهاية إلى أن جُرْجي زيدان إذا كان مُعلِّمًا للتاريخ الإسلامي فهو بالضرورة «معلم للتاريخ الإسلامي ولكن على الطريقة النصرانية … وهذا أمر شائع في رواياته.»٢٠ وتكشف العبارة الأخيرة عن طبيعة الصراع الفِكري والأيديولوجي الذي كان سائدًا أواخر القرن التاسع عشر وفجر القرن العشرين، والذي تُعد الدراسات السابقة صدى من أصدائه. فثمَّة تصوُّران لمسار النهضة والحداثة المصرية، أحدهما يُمثله المهاجرون الشوام المسيحيُّون ومنهم جُرْجي زيدان، والثاني افتتحه رفاعة الطهطاوي واستمرَّ عند جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده، حتى انفجر التصوُّران في الخلاف الشهير بين طالب كلية الآداب الشيخ محمود شاكر وأستاذه طه حسين في ثلاثينيات القرن العشرين.٢١

٤

وأما عن الكتاب الحالي بين يدَي القارئ، فإني أنطلقُ فيه من افتراض أنَّ تصوُّر جُرْجي زيدان النظري لأسباب النهضة والحداثة يجد تحقُّقه الأدبي في السرد الروائي التاريخي الذي اضطلع به في روايتَيه الانقلاب العثماني (١٩١١م) وأسير المُتمهْدي (١٨٩٢م)،٢٢ ولا سيما أنَّ إحداهما صدرت أواخر القرن التاسع عشر والثانية في مطالع القرن العشرين، في سياق خارجي مُضطرِب يتميَّز بخصوصية فريدة، تمثَّلت في: إعادة طرح أسئلة النهضة والحداثة من وجهتيْ نظر مُتغايرتَين؛ فشل الثورة العرابية وسقوط مصر تحت الاحتلال البريطاني عام ١٨٨٢م؛ اشتعال الثورة المَهدية في السودان؛ ظهور عوامل تآكل الإمبراطورية العثمانية طافيةً على السطح، في ظل حكم السلطان عبد الحميد الثاني، حتى إعلان سقوط الخلافة العثمانية نهائيًّا عام ١٩٢٦م، أيْ بعد اثني عشر عامًا فقط من وفاة جُرْجي زيدان. ولا شك في أن هذا السياق الخارجي العام قد أثر في رؤية جُرْجي زيدان لأسباب النهضة والحداثة، وأثَّر هو فيه برؤيته وتصوره لأسباب النهضة والحداثة، بوصفه منتميًا — في المقام الأول — إلى جماعة المهاجرين الشوام إلى مصر.
ولأنَّ روايتيْ الانقلاب العثماني وأسير المُتمهْدي تتناولان أحداثًا حاسمة من أحداث ذلك السياق الخارجي المُضطرِب، أفترضُ أن هذين العملين الأدبيين لا يُقدمان الأحداث التاريخية بصياغة أدبية بريئة أو مُحايدة، بل تَنطوي الصياغة الروائية على بَلْورة لموقف ثقافي واجتماعي وسياسي محدَّد نحو تلك الأحداث، أو على نسق ثقافي مُضمر، وأحيانًا صريح، يمثل بؤرة ثقافية أو برمجة ثقافية لمجموعة فرضيات تخصُّ مشروع النهضة والحداثة، كان يسعى جُرْجي زيدان إلى نشرها على نطاق واسع من خلال رواياته التاريخية التي حظيَت بالانتشار والتداول حينئذٍ، ولا سيما بين أوساط أنصاف المُثقَّفين الذين أنتجهم التوسع النسبي في التعليم وإنشاء المدارس.

وعلى هذا، أرى أن منظور النقد الثقافي أنسب المنظورات لقراءة أعمال جُرْجي زيدان الأدبية. ومِن الضروري إيضاح أن النقد الثقافي مُمارسة قرائية للأعمال الأدبية تتجاوَز نظريات النقد الأدبي المتعارَف عليها؛ لأنَّ النقد الثقافي ينظر إلى العمل الأدبي بوصفه واقعة ثقافية لها مضمون محدَّد يتأثَّر بالسياق الخارجي العام الذي يظهر في إطاره العمل الأدبي ويُؤثِّر فيه على نحوٍ تبادُلي. وتبقى مهمة مُمارِس النقد الثقافي مُتمثلةً في الكشف عن النسق المضمر في العمل الأدبي، أو الصريح، وإبرازه، مع تسليط الضوء عليه بوصفه نقطة التلاقي بين العمل الأدبي وسياقه الخارجي الثَّقافي والسياسي والاجتماعي، وهي نقطة تلاقٍ تَتبلور أدبيًّا من خلال عمليات سردية محددة.

ولكن مُجاوَزة النقد الثقافي لنظريات النقد الأدبي لا تعني إهمالها؛ إذ يُفيد منها مُمارِسُ النقد الثقافي إفادةً جَمة فيَستوعبها ويُعيد توظيفها في تحقيق أهداف الممارسة الثقافية ونقدها للأعمال الأدبية، وبخاصة أن النقد الثقافي يَسمح باللجوء إلى استعارة نظريات ومفاهيم وأدوات من النقد الأدبي، كنظرية العلامة وأدوات التحليل السميولوجي، فضلًا عن بعض مفاهيم النقد النسوي، والتحليل النفسي بصياغة جاك لاكان ما بعد البنيوية له، وبعض أدوات التحليل الاجتماعي؛ وهو ما لجأتُ إليه على مدار الكتاب بين يدي القارئ.

وقد مكَّنتني عمليةُ الموالفة تلك، التي يسمح بها منظور النقد الثقافي، من استكشاف طبيعة المضمون التاريخي في روايتيْ الانقلاب العثماني وأسير المُتمهْدي، وطريقة تحبيكه روائيًّا من خلال عمليات سردية محدَّدة يَضطلِع بها الراوي، وتنطوي على مواقف ثقافية وأيديولوجية اجتماعية وسياسية تَتماهى بطرق عديدة مع موقف جُرْجي زيدان الثقافي وتصوره لمشروع النهضة والحداثة على المستوى السياسي والاجتماعي في تلك اللحظة التاريخية المُضطربة أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

٥

لقد صدرت روايات جُرْجي زيدان مؤخرًا في طبعات إلكترونية أنيقة عن مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة بدءًا من عام ٢٠١٠م. ويغيب عن هذه الطبعات التعليقاتُ الوصفية والتعليقات الوصفية الشارحة التي كان يحرص جُرْجي زيدان عليها أسفل عنوان كل رواية في صفحة العنوان الداخلية. والأكثر من هذا أني لاحظتُ وجود اختلافات تحريرية في متن بعض الروايات عما هي عليه في طبعات دار الهلال المختلفة. ولأن النسخة الإلكترونية من رواية الانقلاب العثماني لإحدى طبعات دار الهلال بها عدد من الصفحات الساقطة، فقد رجعتُ إلى طبعة مؤسسة هنداوي لتعويضها. ولعله من المناسب هنا أن أُورِدَ قائمة بروايات زيدان مرتبة تاريخيًّا بالاستناد إلى ما أورده محمد حرب في تقديمه كتيب جُرْجي زيدان: رحلة جُرْجي زيدان إلى الآستانة عام ١٩٠٩م،٢٣ مع مُطابقتها بما يورده موقع مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة من سنوات إصدار الطبعة الأولى الأصلية:
  • (١)
    المملوك الشارد ١٨٩١م: تتضمَّن حوادث مصر وسوريا وأحوالهما في النصف الأول من هذا القرن، ومِن أبطالها الأمير بشير الشهابي ومحمد علي باشا وإبراهيم باشا وأمين بك.
  • (٢)
    أسير المُتمهْدي ١٨٩٢م:٢٤ تتضمَّن وصف مصر والسودان في الربع الأخير من القرن الماضي، ودسائس الدول الأجنبية التي أدَّت إلى الثورة العرابية في مصر والثورة المهدية في السودان، والاحتلال البريطاني لوادي النيل.
  • (٣)
    استبداد المماليك ١٨٩٣م: تشرح أحوال مصر وسوريا في أواخر القرن الماضي، وحكم علي بك الكبير ومُعاصريه من مماليك مصر وأمراء الشام، والحرب بين تركيا وروسيا وغير ذلك من الأمور السياسية والاجتماعية.
  • (٤)
    جهاد المحبين ١٨٩٣م: رواية أدبية غرامية تصور مأساة من مآسي المحبين وما يُقاسونه في سبيل الحب، ثم كيف يُجْزَون على صبرهم ووفائهم، وتدور الدوائر على أهل البغي والعُدوان.
  • (٥)
    أرمانوسة المصرية ١٨٩٥م:٢٥ تتضمَّن تفصيل فتح مصر على يد عمرو بن العاص مع بسط سائر أحوال العرب والأقباط والرومان في ذلك العصر.
  • (٦)
    عذراء قريش ١٨٩٨م:٢٦ تتضمَّن مقتل الخليفة عثمان بن عفان وخلافة الإمام علي، وما نجم عن ذلك من الفتنة، ووقعتي الجمل وصفين.
  • (٧)
    فتاة غسان ١٨٩٩م:٢٧ تَشرح حال الإسلام منذ ظهوره حتى فتوح العراق والشام مع بسط عادات العرب وأخلاقهم في آخر جاهليتهم وأول إسلامهم.
  • (٨)
    ١٧ رمضان ١٨٩٩م:٢٨ تُفصِّل مقتل الإمام علي وبسط حال الخوارج وقيام الفتنة واستئثار بني أمية بالخلافة وخروجها من أهل البيت.
  • (٩)
    غادة كربلاء ١٩٠١م: تتضمَّن ولاية يزيد بن معاوية وما جرى فيها من مقتل الإمام الحسين وأهل بيته في كربلاء ووقعة الحرة وغيرها.
  • (١٠)
    الحجاج بن يوسف ١٩٠٢م:٢٩ تتناول حصار مكة على عهد عبد الله بن الزبير إلى فتحِها وخُلوص الخلافة لعبد الملك بن مروان، مع وصف مكة والمدينة.
  • (١١)
    فتح الأندلس ١٩٠٤م:٣٠ تتضمَّن تاريخ إسبانيا قبيل الفتح الإسلامي ووصف أحوالها وفتحها على يد طارق بن زياد ومقتل رودريك ملك القوط.
  • (١٢)
    شارل وعبد الرحمن ١٩٠٤م: تشرح فتوحات العرب في بلاد فرنسا وما كان من تكاتف الإفرنج بقيادة شارل مارتل وأسباب فشل العرب في أوروبا.
  • (١٣)
    أبو مسلم الخراساني ١٩٠٥م: تَشتمِل على سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية إلى مقتل أبي مسلم، ويتخلَّل ذلك وصف عادات الخراسانيين.
  • (١٤)
    العباسة أخت الرشيد ١٩٠٦م: تَشتمِل على نكبة البرامكة وما يتخلَّل ذلك من مجالس الخلفاء وملابسهم ومواكبهم، وحضارة الدولة في عصر الرشيد.
  • (١٥)
    الأمين والمأمون ١٩٠٧م: تفصل الخلاف بين الأمين والمأمون، وقيام الفرس لنصرة المأمون حتى فتحوا بغداد، ودخائل السياسة بين العرب والفرس.
  • (١٦)
    محمد علي ١٩٠٧م.٣١
  • (١٧)
    عروس فرغانة ١٩٠٨م: تحوي وصف الدولة العباسية في عصر المعتصِم بالله وقيام الفرس لإرجاع دولتهم ونهوض الروم لاكتساح الدولة الإسلامية.
  • (١٨)
    عبد الرحمن الناصر ١٩٠٩م:٣٢ تشتمل على وصف بلاد الأندلس وحضارتها في زمن الخليفة عبد الرحمن الناصر الأموي وخروج ابنه عبد الله عليه.
  • (١٩)
    أحمد بن طولون [١٩٠٩م]:٣٣ وتتضمَّن وصف مصر وبلاد النوبة في أواسط القرن الثالث للهجرة على زمن أحمد بن طولون ويتخلَّل ذلك وصف أحوالهما السياسية والاجتماعية والأدبية، وعلاقة الأقباط بأهل الدولة وما كانوا يُضمرونه في نفوسهم أو يجول بخواطرهم، وما بين النوبة ومصر من العلائق السياسية ووصف أحوال البجة وغير ذلك.
  • (٢٠)
    الانقلاب العثماني ١٩١١م: تتضمن وصف أحوال الأحرار العثمانيين وجمعياتهم السرية وما قاسوه في طلب الدستور … ووصف يلدز وقصورها وحدائقها وعبد الحميد وجواسيسه وأعوانه، وسائر أحواله إلى فوز جمعية الاتحاد والترقي بنَيْل الدستور في ٢٣ يوليو سنة ١٩٠٨م.
  • (٢١)
    فتاة القيروان ١٩١٢م: تتضمَّن ظهور دولة العُبيديين أو الفاطميين في إفريقية ومناقب المعز لدين الله وقائده جوهر، وانتزاعه مصر من الدولة الإخشيدية.
  • (٢٢)
    صلاح الدين ومكايد الحشاشين ١٩١٣م:٣٤ تتضمَّن انتقال مصر من الفاطميين إلى الأيوبيين على يد السلطان صلاح الدين، مع وصف طائفة الإسماعيلية.
  • (٢٣)
    شجرة الدر ١٩١٤م:٣٥ تتضمَّن مبايعة شجرة الدر، وسيرة الأمير ركن الدين بيبرس وحالة الخلافة العباسية وقتئذٍ وانتقالها من بغداد إلى مصر.
١  يُشير أنيس المقدسي (١٨٨٠/٥–١٩٧٧م) إلى أن روايات جُرْجي زيدان التاريخية هي إحدى وعشرين رواية فقط، ومِن الواضح أنه تجاهُل ذكر رواية جهاد المحبِّين لأنها غرامية وليست تاريخية. انظر: أنيس المقدسي: الفنون الأدبية وأعلامها في عصر النهضة العربية الحديثة (بيروت: دار العلم للملايين، ط٦، ٢٠٠٠م)، ص٥١٥–٥١٦. وأما محمد عبد الغني حسن (١٩٠٧–١٩٨٥م) فيذكر في ترجمته لزيدان أنها ثلاث وعشرون رواية مُضيفًا إلى الإحدى وعشرين رواية التاريخية رواية بعنوان «محمد علي» لم أعثُر لها على أثر مطبوع أو إلكتروني (ومن المُحتمَل فيما أرى أن تكون عنوانًا ثانيًا لرواية المملوك الشارد)؛ كما عدَّدَ ضِمنها رواية جهاد المُحبين الصادِرة عام ١٨٩٣م. انظر: محمد عبد الغني حسن: جورجي زيدان (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، سلسلة أعلام العرب، ١٩٧٠م)، ص٩٧–٩٨. ثم يعود واصفًا جهاد المحبين بأنها رواية اجتماعية ولا تدخل ضمن رواياته التاريخية، انظر ص١٠٢–١٠٣. وبخصوص رواية زيدان التاريخية المُعنوَنة ﺑ «محمد علي» فقد أورَدها محمد حرب في قائمته المرتبة تاريخيًّا لكلِّ أعمال زيدان على أنها صادِرة عام ١٩٠٧م. انظر: جُرْجي زيدان: رحلة جُرْجي زيدان إلى الآستانة عام ١٩٠٩م، تقديم الدكتور محمد حرب (القاهرة: كتاب الهلال، العدد ٦٤٥، سبتمبر ٢٠٠٤م)، ص٢٧.
٢  أنيس المقدسي: الفنون الأدبية وأعلامها في عصر النهضة العربية الحديثة (سبق ذكره)، ص٥١٧. وانظر أيضًا أقوال سهيل إدريس وطه حسين وصالح أحمد العلي وجمال الدين الشيال، كما أوردها مُترْجِمُ زيدان، محمد عبد الغني حسن: جُرْجي زيدان (سبق ذكره)، ص٩٨.
٣  انظر: محمد عبد الغني حسن: جُرْجي زيدان (سبق ذكره)، ص٩٩–١٠٠.
٤  انظر الرابط: https://books.google.com.eg/books.
٥  بخصوص قائمة مرتَّبة تاريخيًّا لأعمال جُرْجي زيدان انظر: جُرْجي زيدان: رحلة جُرْجي زيدان إلى الآستانة عام ١٩٠٩م، تقديم الدكتور محمد حرب (سبق ذكره)، ص٢٧–٣٠.
٦  أستند في هذا التقسيم واستعمال صفة «مسيحي» و«مسلم» إلى استعمال المفكر الفلسطيني هشام شرابي (١٩٢٧–٢٠٠٥م) لكلمة «مسيحي» من حيث دلالتها على إطار فكري أيديولوجي اجتماعي، وليس مذهبيًّا أو دينيًّا، على نحو ما سيأتي تفصيله وتوثيقه في الفصل الأول من الكتاب بين يدي القارئ.
٧  عبد المحسن طه بدر: تطور الرواية العربية الحديثة: في مصر ١٨٧٠–١٩٣٨م (القاهرة: دار المعارف، ط٥، ١٩٩٢م)، ص٩٤–١١٢.
٨  انظر: حلمي بدير: دراسات في الرواية والقصة (القاهرة: دار المعارف، ١٩٨٥م).
٩  حلمي محمد القاعود: الرواية التاريخية في أدبنا الحديث دراسة تطبيقية (القاهرة: الهيئة العامة لقصور الثقافة، سلسلة كتابات نقدية، أكتوبر ٢٠٠٣م)، ص٢٢–٥٥.
١٠  انظر: محمد عبد الغني حسن: جُرْجي زيدان (سبق ذكره).
١١  انظر: شوقي أبو خليل: جُرْجي زيدان في الميزان (دمشق: دار الفكر، ط٢، ١٩٨١م).
١٢  انظر: عبد الرحمن العشماوي: وقفة مع جُرْجي زيدان (الرياض: مكتبة العبيكان، ١٩٩٣م).
١٣  هويدا محمد الريح الملك: جورجي زيدان وروايات تاريخ الإسلام: دراسة تحليلية، إشراف الدكتور عبد الله محمد أحمد (الخرطوم: جامعة الخرطوم، كلية الآداب قسم اللغة العربية، رسالة دكتوراه ٢٠١٠م)، ص٥.
١٤  أُخصِّص أقسامًا من الفصل الأول لاستكشاف تصور مسارات النهضة المصرية منذ محمد علي باشا حتى حفيده الخديوي إسماعيل، بهدف تحديد موقع جُرْجي زيدان فيها وتصوره الخاص لمسار النهضة بوصفه منتميًا إلى جماعة المهاجرين الشوام المسيحيين؛ ومن ثم تُصوِّره للرواية التاريخية ووظيفتها.
١٥  محمد الحسين عبد القادر: روايات تاريخ الإسلام لجورجي زيدان: دراسة ونقد، إشراف الدكتور عبد السلام سرحان (القاهرة: جامعة الأزهر، كلية اللغة العربية، رسالة دكتوراه، د.ت.)، ص٥.
١٦  المرجع السابق، ص٥.
١٧  المرجع السبق، ص٥.
١٨  محمود الصاوي: كتابات جورجي زيدان: دراسة تحليلية في ضوء الإسلام (القاهرة: دار الهداية للطباعة والنشر والتوزيع، ٢٠٠٠م).
١٩  شوقي أبو خليل: جُرْجي زيدان في الميزان (سبق ذكره)، ص٥.
٢٠  عبد الرحمن العشماوي: وقفة مع جُرْجي زيدان (سبق ذكره)، ص٤٨.
٢١  سأتناول هذَين المسارين في تصور مشروع النهضة والحداثة المصرية في الفصل الأول، ولكني سأتجاهَل الخلاف بين محمود شاكر وطه حسين لأنه يخرج عن النِّطاق الزمني المحدَّد بحدود روايات جُرْجي زيدان.
٢٢  مع أنَّ رواية أسير المُتمهْدي تسبق رواية الانقلاب العثماني في الكتابة وتاريخ الطبعة الأولى، فقد حرصتُ على امتداد هذا الكتاب على عكس الترتيب الزمني، بل بدأتُ بتحليل المتأخِّرة في الصدور قبل تحليل المتقدمة في الصدور.
٢٣  انظر: جُرْجي زيدان: رحلة جُرْجي زيدان إلى الآستانة عام ١٩٠٩م، تقديم الدكتور محمد حرب (سبق ذكره)، ص٢٧–٣٠.
٢٤  صَوبتُ تاريخ الطبعة الأولى بالاستناد إلى ما وَرَدَ في صفحة عنوان الرواية في نسخة إلكترونية للطبعة الأولى، على حين يُثبت محمد حرب أنها صدرت عام ١٨٩٣م. انظر: جُرْجي زيدان: رحلة جُرْجي زيدان إلى الآستانة عام ١٩٠٩م، تقديم الدكتور محمد حرب (سبق ذكره)، ص٢٧.
٢٥  يُشير موقع مؤسسة هنداوي الإلكتروني إلى أنها صدرت عام ١٨٩٦م.
٢٦  يُشير موقع مؤسسة هنداوي الإلكتروني إلى أنها صدرت عام ١٨٩٩م؛ وكذلك عبد الرحمن العشماوي. انظر: عبد الرحمن العشماوي: وقفة مع جُرْجي زيدان (سبق ذكره)، ص٦.
٢٧  يُشير موقع مؤسسة هنداوي إلى أنها صدرت عام ١٨٩٧م؛ وكذلك عبد الرحمن العشماوي، انظر: عبد الرحمن العشماوي: وقفة مع جُرْجي زيدان (سبق ذكره)، ص٦.
٢٨  يشير عبد الرحمن العشماوي إلى أنها صدرت عام ١٩٠٠م. انظر: عبد الرحمن العشماوي: وقفة مع جُرْجي زيدان (سبق ذكره)، ص٦.
٢٩  يُشير موقع مؤسسة هنداوي الإلكتروني إلى أنها صدرت عام ١٩٠١م.
٣٠  يشير موقع مؤسسة هنداوي الإلكتروني إلى أنها صدرت عام ١٩٠٣م؛ كذلك عبد الرحمن العشماوي، انظر: عبد الرحمن العشماوي: وقفة مع جُرْجي زيدان (سبق ذكره)، ص٦.
٣١  لم أعثُر على أي نسخة من هذه الرواية، سواء ورقية أو إلكترونية. واستندتُ هنا إلى ما أورده محمد حرب في تقديمه. انظر، جُرْجي زيدان: رحلة جُرْجي زيدان إلى الآستانة عام ١٩٠٩م، تقديم الدكتور محمد حرب (سبق ذكره)، ص٢٩. ولكني أظنُّ استنادًا إلى أحداث رواية المملوك الشارد أنه من المُحتمَل أن يكون هذا العنوان عنوانًا ثانيًا لها، كما سلفت الإشارة في هامش سابق.
٣٢  يشير موقع مؤسسة هنداوي الإلكتروني إلى أنها صدرت عام ١٩١٠م؛ كذلك عبد الرحمن العشماوي، انظر: عبد الرحمن العشماوي: وقفة مع جُرْجي زيدان (سبق ذكره)، ص٧.
٣٣  سقط إثبات الرواية من قائمة محمد حرب. ولم أعثر على تاريخ الطبعة الأولى لهذه الرواية، والنسخة التي في حوزتي إلكترونية ترجع إلى عام ١٩٣١م. ولكن موقع مؤسسة هنداوي يشير إلى أنها صدرت عام ١٩٠٩م؛ وكذلك عبد الرحمن العشماوي، انظر: عبد الرحمن العشماوي: وقفة مع جُرْجي زيدان (سبق ذكره)، ص٦–٧.
٣٤  النسخ الورقية والإلكترونية من هذه الرواية تحمل عنوان «صلاح الدين الأيوبي»، انظر مثلًا موقع مؤسسة هنداوي.
٣٥  يُشير عبد الرحمن العشماوي إلى أنها صدرت عام ١٩١٣م، ولكنه غير مُصيب لأنها آخر ما كتب زيدان من روايات قبيل وفاته. انظر: عبد الرحمن العشماوي: وقفة مع جُرْجي زيدان (سبق ذكره)، ص٧.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤