باب معرفة الطِّيب والعِطر والروائح الطيبة

زعموا أن خيرَ العودِ الهنديُّ المَندَليُّ١ الذي لا غِشَّ فيه، وكلما كان أصلب فهو أجود، وامتحان جودته بحدة أرَجِه وشدة رائحته. وزعموا أن خيرَ العودِ الهنديُّ الثقيلُ الوزنِ الذي يرسُب في الماء، وأَدْوَنَه الخفيفُ الوزنِ الذي يطفو على رأس الماء، والخفيف الوزن عندهم ميت لا روح فيه وهو ضعيف الرائحة، والثقيل الوزن منه له ذكاء وقوة أَرَج ورائحة.
وخيرُ المسكِ التُّبتيُّ٢ اليابسُ الفائحُ، وأردؤه البُدِّي، وغِش المسك مِن الآنُكِ،٣ وجندَ بادستر،٤ ودمِ الأخوين،٥ وسياه دارو،٦ وكلما خفَّ وزنه وفاح فهو أجود.
وزعموا أن خيرَ العنبرِ الأشهبُ الزابحي،٧ ثمَّ الأزرقُ، ثمَّ الأصفرُ، وأَدْوَنَه الأ… (هنا ورقة كاملة من الأصل بها ثلاثون سطرًا تعطَّلت قراءتها لانخرام كتابتها واستيلاء الزاج على أحرفها بحيث لم يتيسر نقلُها بأي وجه، ولم يبقَ ظاهرًا منها سوى ما هو مرسوم بالحمرة — في السطر السابع عشر — وهو: باب معرفة الثياب وما يُستجاد منها).
… وخيرُ الوشي (في الثوب) السابريُّ،٨ والكوفي، والإبْرَيْسَمي، والمذهَّب المنسوج ثمَّ الوشي الإسكندراني الكتان البحت،٩ ثمَّ الوشي الغزلي، ثمَّ الذي لا إبْرَيْسَم فيه ولا ذهب، وهو اليماني لأنه يرتفع على هذه السبيل من الغزلي، والإبْرَيْسَمي الكتان لا يبلغ في الثمن ما يبلغه اليماني؛ لأنه ربما بلغ الثوب الغزلي ألف دينار.
وخيرُ السنجابِ١٠ القاقُمُ،١١ ثمَّ الظهور منه، ثمَّ الخزري،١٢ ثمَّ الخوارزمي، ثمَّ الذي لا غِشَّ فيه من زَغَب الأرانب.
وخيرُ الثعالبِ الأسودُ١٣ الخزري الغليظ الشعر، الذي لا يُغش بصبغ، ثمَّ الأبيض، ثمَّ الأحمر المحصري،١٤ ثمَّ الأحمر الخزري، ثمَّ الخلنجي.١٥

وخيرُ القاقُمِ أكثرُها أذنابًا. وخيرُ السمورِ الصينيُّ، ثمَّ الخزريُّ الشديدُ البياضِ مع شدة السوادِ الطويلُ الشَّعرِ.

وخيرُ الفرشِ وأرفعُهُ ثمنًا وأجودُهُ المِرعزَّى١٦ القرمزيُّ الأرمنيُّ المُنَيَّرُ، ثمَّ الخزُّ الرَّقْم، ثمَّ الخزُّ القُطوع،١٧ ثمَّ الديباج على عمل الخسراوني١٨ الرومي، ثمَّ الخز المدبج على الميساني، ثمَّ البُزْيُون.١٩ ومهما كان من هذا الضرب منسوجًا بالذهب فهو أجودُ وأبلغُ في الثمن، وقد تكون هذه الضروب كلُّها منسوجةً بالذهب الأرمني والميساني والبُزْيُون.
وخيرُ البُزْيُونِ المسكيُّ الدقيقُ النسجِ، ثمَّ المخططُ، ثمَّ المُفَلَّسُ،٢٠ ثمَّ الساذجُ، ثمَّ المُعَيَّنُ،٢١ ثمَّ المنقطُ. والغفارة المُسكيَّة إذا كانت رقيقةَ العملِ نقيةً رُبَّما بلغت في الثمن خمسين دينارًا.
وأبو قلمون٢٢ من الزلالي٢٣ الخسرواني الرومي القرمزي على خطوط مختلفة البنفسجي في الأحمر والأخضر، وزعموا أنه يتلوَّن ألوانًا بارتفاع النهار ووهج الشمس، والقيمة مرتفعة منه جِدًّا.
وخيرُ الأكسيةِ من الصوفِ المصريةُ، ثمَّ الخوزيةُ الفارسيةُ، والمِرعزَّى في المِرعزَّى الفارسيةِ: الشيرازيةُ، ثمَّ الأصفهانية، والمرعزَّى في الإبْرَيْسَم: الفسويةُ، ثمَّ الطبريةُ،٢٤ ثمَّ الصوف في الصوف.
وخيرُ الطيالسةِ: الرويانيةُ الطبريةُ، ثمَّ الآمليةُ،٢٥ ثمَّ المصرية، ثمَّ القومسية.٢٦ وخيرُ اللُّبودِ الصينيةُ، ثمَّ المغربية الحُمْر، ثمَّ الطالقانيةُ البِيض،٢٧ ثمَّ الأرمنيةُ، ثُم الخراسانية.
وخيرُ النمورِ البربريُّ الموشَّح الشديد بياضُه المشبَّعُ سواده، الطويلُ الوشي الساباني.٢٨ وأظرفُ النمورِ الذي يكون في وسط سواده نقطةٌ سوداء صغيرة بيِّنة، وإن كان سواده متَّصِلًا بعضه بشظيَّة من سواد خفيفة كان أظرفَ له، وإذا كانت فيه حُمرة مع بياض يَقَقٍ وسوادٍ حالك كان أحسن وأبلغ في الثمن. ونمورُ البربرِ صِغارٌ، ومقدارُ الجِلد منها ما يغشِّي سَرْجًا مفردًا، ومنتهى ثمن الجِلد منه خمسون دينارًا، وأمَّا المغربية والهندية فهما أوسع وأكبر، ولا يبلغان في الثمن ولا يرتفعان، وخيرُ النمورِ الوشي، وخيرُ القطنِ الأبيضُ اللين الصُّعار الحبوب اللطيف البياض الصافي.
وزعم أن القرمز حشيشةٌ تكون في أصلها دودةٌ حمراء تنبُت في ثلاثة مواضعَ من الأرض:٢٩ في ناحية المغرب بأرض الأندلس، وفي رستاق يُقال له تارم،٣٠ وفي أرض فارس. ولا يعرف هذه الحشيشةَ وأماكنها إلا فرقةٌ من اليهود يتولون قلعَها كل سنة في ماه أسفندارمذ،٣١ فتيبس تلك الدودة ويُصبغ بها الإبْرَيْسَم والصوف وغير ذلك، وخير ما يُصبغ في الأماكن بأرض واسط.
وزعموا أن البَلَسَان شجر بأرض مصر، يُشرط في أيام الربيع فيَخرج منه دهن البَلَسَان فيُؤخذ منه، وهو مفقود في الأرض كلها ما خلا مصر.٣٢
وحَبُّ الزَّلَم٣٣ ينبُت بأرض شَهْرَزُورَ، وزعموا أنه جيد للجماع، والقِرْمَاز شجرٌ بالفارسية بنجكشت (؟) قلما يُوجَد إلا ومعه الدِّفْلَى، وهو نبْتٌ يستخير بالدِّفَلى النابتة عنده يُقال له فازَهر؛٣٤ فلذلك غُرس معه في موضع يكون به، وقيل حُمِلا جميعًا من الروم، وله قصة عجيبة طويلة.
١  المندلي: منسوب إلى «مندل»، وهو بلد بالهند يُجلب منه العود الذكي الشذا (راجع معجم البلدان لياقوت، لفظ مندل. وشفاء الغليل). وقال أبو منصور الثعالبي: وفي كتاب «العطر» للجاحظ: وخيرُ العودِ الهنديُّ المَندَلي، وكلما كان أصلبَ فهو أجودُ، وامتحان جودته إذا كانت فيه رطوبة، ومن خصائصه ثباتُ رائحته في الثوب أسبوعًا وأكثر (ثمار القلوب، ص٤٢٣).
٢  بالأصل: التبي، وهو تحريف، وصوابه التبتي. وفي المحاسن والأضداد (باب محاسن الهدايا، ١٧٩): وكان مما تهديه ملوك الأمم إلى ملوك فارس طرائفُ ما في بلدهم، «فمن الهند الفِيَلَة والسيوف والجلود، ومن التبت المسكُ والحرير والأواني، ومن السند الطواويسُ والببغاءُ، ومن الروم الديباجُ والبُسُط. ويؤيده ما نقل الإصطخري وابن حوقل؛ حيث قالا: ولهم (أهل ما وراء النهر) من المسك الذي يُجلب إليهم من التبت وخرخيز ما يُنقل إلى سائر الأمصار، فيفوقُ غيره من المسوك ثمنًا وجودةً (المسالك والممالك للإصطخري: طبعة ليدن، سنة ١٨٧٠، ص٢٧٠ و٢٨٨. والمسالك والممالك لابن حوقل: طبعة ليدن، سنة ١٨٧٢، ص٣٢٧ و٣٣٧).
٣  آنُك: فارسي معرَّب وهو الرصاص. وعند ابن البيطار: الرصاص ضربان، أحدهما الرصاص الأسود وهو الآنُك، والآخر هو الرصاص القَلْعِي وهو القصدير (جامع مفردات الأدوية، طبعة مصر ٢، ١٤٠).
٤  جند بادستر: فارسي معرَّب، وهو مثانة حيوان بري بحري يكون في الأنهار العِظَام يُسمَّى القندر (وعند الإفرنج Castor)، وخُصَاه هي الجند بادستر (الدميري ٣، ٢١٧؛ وابن البيطار ١، ١٧١).
٥  دم الأخوين: قال ابن البيطار بالنقل عن أبي حنيفة الدينوري: هو صمغٌ أحمرُ لشجرة يُؤتى به من سقطرى. ثمَّ قال: هو الأيدع عند الأطباء، ويُقال له الشيان أيضًا (جامع المفردات ١، ٧٢ و٢، ٩٦). قلتُ: والمعروف أن دم الأخوين هو العَنْدَم عند قدماء العرب، وقيل هو البَقْم.
٦  سياه دارو: ويُكتب أيضًا: سيادرو، وفي القانون لابن سينا سيادوان. فارسي معرَّب، وهو صمغ الجوز الشامي (راجع كشف الرموز لابن حمدوش: ط حجر بالجزائر ١٣٢١، ص٩٩).
٧  الزابحي: سمَّى القلقشندي من أنواع العنبر ستة أضرب، أولها الشحري ثمَّ الزنجي (قلتُ: وهو لا محالة تحريف الزابحي أو الرابحي)، وهو أجود العنبر وأفضله (صبح ٢، ١١٧ و١١٨). وجاء في تاج العروس: «والرباحي جنس من الكافور» منسوب إلى بلد كما قاله الجوهري، وصوَّبه بعضهم، أو إلى مَلِكٍ اسمه رباح اعتنى بذلك النوع من الكافور وأظهره (تاج ٢، ١٤٠) وفيه: ورباح موضع بالهند يُنسب إليه الكافور، وبَسط بحثًا طويلًا في الغلط الحاصل في الصحاح للجوهري؛ إذ نسب تارة الرابحي إلى بلد بالهند، وتارة إلى دويبة يُجلب منها الزُّبْد. وذكر ابن البيطار — في مادة كافور وعنبر — أن الرباحي مشتق من اسم ملك هندي اسمه رابح (جامع المفردات ٢، ٣٣٤). وقال داود الأنطاكي: وَيُسَمَّى الرياحي لتصاعده مع الريح، وقيل الرباحي — بالموحَّدة — نسبة إلى رباح أحد ملوك الهند أول مَن عرفه (تذكرة، مادة كافور). وقال دوزي في مستدركه على المعاجم العربية: إن بعض المصنفين يسميه أيضًا الزياحي.
الاختلاف في اسم الزابحي أو الرابحي قديمٌ، ولا يُعرف على وجه التحقيق نسبته؛ ولذا احترمنا هنا الصيغة الواردة في الأصل مع التنبيه عليه، ووقفنا أخيرًا على فصل ممتع نشره العلامة المحقق الأب أنستاس ماري الكرملي، كشف فيه الغطاء عن معنى الرباح ووجه اشتقاقه، وأثبت أن أصلَ اللفظ «الزابجُ»، وهو اسم جزائر ماليسية (جاوه وسومطرة وبرنيو) عند قدماء العرب، والنسبة إليه زابجي، فحرَّفه النُّساخ والمؤلفون المتأخرون فقالوا الزابخي والرابحي، وغير ذلك (راجع مجلة المجمع العلمي الدمشقي، ص٢٣٢، من سنة ١٣٣٩).
٨  السابري: نسبة إلى سابور، وفي حديث حبيب بن أبي ثابت، قال: رأيت على ابن عباس ثوبًا سابريًّا استشف ما وراءه. وكل رقيق عندهم سابري، والأصل فيه الدروع السابرية منسوبة إلى سابور (النهاية لابن الأثير ٢، ١٥٢). وفي التاج: والسابري ثوب رقيق جدًّا. قال ذو الرمة:
فجاءت بنسج العنكبوت كأنه
على عصويها سابري مشبرق
ومنه المثل: عرض سابري؛ أيْ رقيق جدًّا (تاج ٣، ٢٥٢). وقال أبو منصور الثعالبي: والسابري، وهو الرقيق الناعم من كل ثوب، والأصل فيه النسبة إلى نيسابور، وعُرِّب فقيل سابري (ثمار القلوب، ص٤٢٩).
٩  نقل أبو منصور الثعالبي العبارة الآتية في لفظ «كتان مصر»، ولم يذكر عن أي تأليف للجاحظ نَقل. قال: قال الجاحظ: قد عِلم الناس أن القطن لخراسان، وأن الكتان لمصر، ثمَّ للناس في ذلك في تفاريق البلدان ما لا يبلغ مقدار بعض بلاد هذين الموضعين، وربما بلغت قيمة الحِمْل من دِقِّ مصر الذي من الكتان لا غير مائة ألف درهم (ثمار القلوب، ص٤٢. وراجع أيضًا كتاب «ما يعول عليه في المضاف والمضاف إليه» للمحبي، بمكتبتي).
١٠  السنجاب: قال القلقشندي: حيوان أكبر من الفار، يعيش في الشجر العالي، فيها يأوي ومنها يأكل، وهو كثير في بلاد الإفرنج والصقالبة، ووَبَره في غاية النعومة، وجلده في نهاية القوة. ويُتَّخذ منه الفِراء النفيسة التي يَلبَسها الناس والرؤساء، وأحسنُ ألوانهِ الأزرقُ (صبح الأعشى ٣، ٥٠). أقول: وهو المُسَمَّى باللاتينية Scuriolus وبالفرنسية Ecureuil.
١١  القاقُم (بقافين، الثانية منهما مضمومة): هو دُويبة في قَدْر الفار، لها شَعرٌ أبيضُ ناعمٌ، ومنه يُتخذ الفِراء، وهو أعز قيمةً من السنجاب (صبح ٢، ٤٩).
١٢  الخزري: نسبة إلى بحر الخزر، وما كان حوله من البلاد.
١٣  قوله: خيرُ الثعالبِ الأسودُ، جاء في كتاب الحيوان للجاحظ (ج٦، ص١٠٠): وفي الثعلب جِلْده، وهو كريم الوَبَر، أغلى من الثعلب الأسود، وهو ضروب؛ فمنه الأبيض الذي لا يُفصل بينه وبين الفَنَك، ومنه الخلنجي وهو الأعم.
١٤  كذا بالأصل، وأظنُّه غلطًا من الناسخ، وصوابه «الممصري»؛ أي المصبوغ بالمصرة، وهي العصفر. وقال ابن سيده: والثوب الممصر هو المصبوغ بالطين الأحمر أو بحمرة طفيفة (المخصص ٤، ٩٤).
١٥  الخلنجي: المقصود به الذي يشبه لونُه خشبَ الخلينج، وهو شجر معروف (ابن البيطار ٢، ٦٨). وقد عرَّف أبو الوليد المراكشي اللونَ الخلنجي بقوله: مخطط بسواد ودُخْنة (راجع مستدرك المعاجم العربية لدوزي، ج١، ص٤٠٠).
١٦  المِرعزَّى والمِرعزاء — بكسر الميم — إذا خفَّفتَ مددتَ، وإذا شدَّدتَ قصرتَ، وأصله بالنبطية «مرعزَّا»، وقد تكلَّمت به العرب قديمًا. قال جرير من قصيدة يهجو بها التيم:
كساك الحنظليُّ كساءَ صوف
ومرعزَّى فأنت به تفيد
أيْ تتبختر عجبًا (راجع المُعرَّب للجواليقي، ص١٣٧).
١٧  القُطوع: جمع قَطْع، وهو ضربٌ من الوَشْي في الثياب (المخصص لابن سيده).
١٨  الخسرواني: نوع من نسجِ الرقيقِ الحسنِ الصنعةِ، منسوب إلى عظماء الأكاسرة، فارسي معرَّب (المعرَّب للجواليقي، ص٦٠. وشفاء الغليل للخفاجي).
١٩  البُزْيُون كعُصْفُور: السُّندس. وقال ابن بري: هو رقيق الديباج (تاج العروس ٩، ١٣٩).
٢٠  وبالأصل: المقلَّص، وهو تحريف بيِّن. والمفلَّس بمعنى المختَّم والمزركَش على هيئة الفلوس، كما يُقال ثوب مُدنَّر ومُدَرْهَم؛ أيْ موشًّى على صورة الدنانير والدراهم.
٢١  المُعَيَّن: ثوبٌ في وشْيِه ترابيعُ صغارٌ، شُبِّه بأعينِ الوحشِ (المخصص ٤، ٦٧).
٢٢  أبو قلمون: عرَّفه المرتضى الزبيدي بقوله: ثوب رومي يتلون ألوانًا للعيون. نقله الجوهري. وقال الأزهري: يترآى إذا أشرقت عليه الشمس بألوان شتَّى. وقال: ولا أدري لِمَ قيل له ذلك. وقد يُشبَّه به الدهر والروض وزمن الربيع (تاج العروس ٩، ٣١). أقول: لفظ أبو قلمون يوناني معرَّب، وهو في الأصل: Abokalamon. والنسيج المُسَمَّى أبو قلمون في المشرق هو المعروف في الديار التونسية بعُنق الحمام.
٢٣  الزِّلِّيَّة — بالكسر — البِساط، ج زَلَاليٌّ، كما في لسان العرب والعباب، وفي مستدرك التاج (مادة زلل، ج٧، ٣٥٩). والزُّلال: الصافي من كل شيء. قال ذو الرمة:
كأن جلودهن مموهات
على أبشارها ذهب زُلال
فكأن المقصود هنا من الزُّلالي الصافي اللون.
٢٤  على ذكر الأكسية الطبرية نقل الجاحظ: إن قيمة الكساء الأبيض الطبري في عصره يساوي أربعمائة درهم، والقومسي منها مائة درهم (كتاب الحيوان ٣، ٨).
٢٥  قوله: الطيالسة الرويان، وهي مدينة من نواحي قزوين (الإصطخري: ص٢٠٦؛ وابن حوقل، ٢٦٩). وكذا الآملية نسبة إلى آمل، وهما مدينتان بهذا الاسم: الأولى عاصمة طبرستان، وهي المقصودة هنا، مشهورة بضأنها وصوفها ومنسوجاتها (المقدسي، ص٣٣٥؛ وابن حوقل، ٢٧١)، والثانية: مدينة في غربي جيحون في سمت بخارى، بينها وبين جيحون نحو ميل.
٢٦  القومسية: نسبة إلى قومس، من أكبر مدائن الديلم. قال ابن حوقل: ويرتفع من قومس أكسية معروفة تُحمل إلى الأمصار، وهي فاشيَة في جميع الأرض (المسالك والممالك، ص٢٧١). وقال المقدسي: قومس فلهم المناديل البِيض من القطن المعلمة صغار وكبار وسواذج ومحشاة، ربما يبلغ المِنديل منها ألفي درهم، ولهم أيضًا أكسية وطيالسة وثياب رِقاق من الصوف (كتاب أحسن التقاسيم: ص٣٦٧).
٢٧  نقل أبو منصور الثعالبي هذه العبارة من هذا التأليف وعزاها إلى صاحبها، فقال: وذكر الجاحظ في كتاب «التبصُّر بالتجارة» أن خيرَ اللبودِ الصينيةُ، ثمَّ المغربيةُ الحُمْر، ثمَّ الطالقانية البِيض (ثمار القلوب، ٤٣٣). وتبعه النويري، فنقل عين العبارة المتقدمة عن الجاحظ، لكنه جعل اسم الكتاب «النظر في التجارة» (نهاية الأرب، ج١، ص٣٦٧)، وهو تحريف واضح لتشابه ما بين اللفظ «التبصر» و«النظر»، فليُنتَبه.
٢٨  الساباني: نسبة إلى السابان، وهو في الفارسية الطائر المعروف بالزرزور، الذي ريشه منقَّط بنقطٍ بيضٍ ونقطٍ سودٍ. وبه شبَّه الجاحظ هنا المختَار من جلد النمور البربرية، كان أقرب إليه أن يقول في نعته زرزوري؛ أيْ في لون الزرزور، وهو عربي صريح.
٢٩  عرَّف الرحالة ابن حوقل القرمزَ الأرمنيَّ بقوله: وهو صِبْغ أحمرُ يُصبغ منه المرعزَّى والصوف، وأصله من دود ينسج على نفسه مثل دود القز إذا نسجت على نفسها القز (المسالك والممالك، ص٢٤٤).
٣٠  تارم: من مدائن فارس من ناحية شيراز، بينهما ٨٢ فرسخًا (الإصطخري، ص١٣١ وما بعدها؛ وابن حوقل، ص٢٠١ و٢٠٤ و٢٢٦؛ والمقدسي، ٤٢٣ و٤٢٦).
٣١  ماه أسفندارمذ: هو اسم الشهر الثاني عشر من السنة الشمسية عند الفرس، واليوم الخامس منه هو «أسفندارمذ روز»، كان من الأعياد الكبيرة عند قدماء الفرس، وفيه كانوا يلتقطون الأعشاب من الجبال والأودية، ويتخذون الأدهان ويهيئون البخور والدَّخَن، وفيه تُكتب الرِّقاع لدفع الهوام والحشرات، فيكتبون من ظهور الفجر إلى طلوع الشمس رُقْية على كواغدَ مربعةٍ، ويلصقون منها على الجدران (راجع كتاب الآثار الباقية عن القرون الخالية للبيروني: طبعة ليبسيخ سنة ١٨٧٨، ص٢٣٩. وعنه نقل القزويني في كتابه «عجائب المخلوقات»، طُبع بهامش حياة الحيوان، ص١٢٨، وما بعدها). أقول: وهذه العادة الفارسية القديمة لم تزل مُتَّبعة في البلاد التونسية مِن كَتْبِ رقاعٍ صغارٍ بها آيةُ السَّموم من القرآن، وذلك اليوم الأول من شهر مايو الأعجمي، ثمَّ يلصقونها بمدخل البيوت؛ دفعًا للعقارب والحشرات السامة.
٣٢  البَلَسَان المصري، قال الإصطخري: وحوالي الفسطاط زرع ينبُت مثل القضبان يُسمَّى البلسم، يُتَّخَذ منه دهن البَلَسَان، لا يُعرف بمكان في الدنيا إلا هناك (الإصطخري، ٥٤). وجعله ابن حوقل في عين شمس خاصة (المسالك والممالك، ص١٠٦).
٣٣  حَبُّ الزَّلَم: عرَّفه ابن البيطار بقوله: هو حَبُّ دسمٌ مفرطحٌ أكبرُ من الحِمَّص قليلًا، أصفرُ الظاهر أبيضُ الباطن، طيبُ الطعم، لذيذ المذاق، ويُجلب من بلاد البربر، وينبُت في ناحية شَهْرَزُور، وقد ينبُت منه شيء بصعيد مصر، يسمونه بالسقيط (جامع مفردات الأدوية ٢، ٤ و١٦٦). قلتُ: وهو المعروف عندنا في تونس بحَبِّ عزيز.
٣٤  المشهور أن الفازهر حجر كريم لا نبات كما ورد هنا، وأنه صِنفان: حيواني ومعدني، وهو عند الإفرنج Bézoar. واسمه فارسي معرَّب، وأصله بازهر، ومعناه «منفي السُّم»، وقد ذكر معدِنَه وأوصافه وخواصه ومنافعه جماعةٌ من علماء الأحجار الكريمة، كابن البيطار في مفرداته، والتيفاشي في كتاب أزهار الأفكار، والقزويني في عجائبه، وسواهم كثير، فليُراجَع هناك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤