المرأة … والأخلاق
«شرُّ خصال الرجال خيرُ خصال النساء؛ البخل، والزهو، والجبن.»
«ليس من المناسب أن تتحلى المرأة بفضائل الرجل.»
«ما يصدُر عن الرجال أنبل مما يصدُر عن النساء.»
أولًا: هيراركية الأخلاق
وهكذا اقتصر دور المرأة على الإنجاب — الذي يخلو من المتعة الجنسية التي تقوم بها العاهرات والغواني — وتربية الأطفال ورعايتهم، ولا سيما الذكور منهم، والإشراف على الأعمال المنزلية، وأداء الواجبات نحو الزوج أولًا، وسوف نعرض لها بعد قليل. ثم تجاه الأبناء والعبيد؛ وبالتالي لم يكن لها دورٌ خارج المنزل، وخارج الإنجاب للمحافظة على النسل وتحقيق الخلود للذكر؛ فهي وسيلةٌ يستخدمها الذكر لتحقيق غاياته في حياته، وبعد مماته على حدٍّ سواء.
ولو تأملنا النظرية الأرسطية، قليلًا، لوجدنا أنها «تُنظِّر» العادات والتقاليد الموجودة في المجتمع بالفعل؛ فأفكار أرسطو الميتافيزيقية الأساسية تساعد على إعطاء المبرِّرات «العقلية» للوضع المتدني للمرأة في المجتمع الأثيني؛ فالمرأة تبعًا للهيراركية الأرسطية أدنى من الرجل، وأقلُّ من حيث القدرة العقلية؛ إذ يطغى عليها الجانب الجسدي أو جانب الانفعالات والشهوات … إلخ؛ فهي أقرب إلى العبد كما ذكرنا منذ قليل. كما أنها أضعفُ من الرجل في قدراتها العامة نظرًا لقلة الحرارة عندها كما تكشف البيولوجيا، وهي الهيولى في حين أن الرجل هو الصورة، وهي «الجسد» في حين أن الرجل هو «الروح»، وهي «المادة الخام» والرجل هو «المبدأ العقلي»؛ ولهذا كان الرجل هو الأعلى، والأسمى، والأرقى، وهو الذي يحكم في المنزل أولًا وعلى المرأة السمع والطاعة، وهو الذي يحكُم في الدولة ثانيًا، وعلى المرأة أن تظل بعيدةً عن ضجيج السياسة، وأن تلوذَ بالصمت الذي هو «زينتُها وتاجُها».
ويمكن أن نقول بصفةٍ عامة:
-
(١)
إن جميع الفضائل البشرية الأساسية التي ناقشها أرسطو في كتابه «الأخلاق» كالصداقة، والحب، والعدالة … إلخ ليست على مستوًى واحد بالنسبة لجميع الأشخاص، وإنما هي تختلف اختلافًا جذريًّا في طبيعتها، وتعتمد في ذلك على الوضع النسبي للأشخاص الأعضاء في المجتمع، وعلى مرتبة كلٍّ منهم ومركزهم الاجتماعي والأسري … إلخ.
-
(٢)
لا ينظر أرسطو إلى أي مفهومٍ أساسي من مفاهيم الأخلاق؛ كالأمانة، أو الشرف أو الإخلاص، أو العفة، أو الشجاعة … إلخ، على أنه يمكن أن ينطبق على نحوٍ عام وكلي على جميع أفراد البشر، بل لا بد من مراعاة وضع الشخص في سُلَّم الهيراركية البشرية؛ وبالتالي رتبته ومركزه ووظيفته؛ فتلك هي الأمور الحاسمة التي تحدِّد نوع الفضيلة أو العفة أو الشجاعة المطلوبة لهذا الشخص أو ذاك. قُل لي أين يقع وضعُك الاجتماعي، أقُل لك ما هي الفضائل المناسبة التي ينبغي عليك أن تتحلى بها.
ويمكن أن يطرح هذا السؤال نفسه بالنسبة للزوجة والأطفال: ألهما فضائلُ أخرى؟ أينبغي للمرأة أن تكتسب احترام الذات، والشجاعة، والعدالة؟
ثانيًا: أخلاقيات الأسرة
يذهب أرسطو إلى أن جميع أعضاء الأسرة يشاركون في الفضائل، لكنهم لا يشاركون فيها بنصيبٍ واحد، وبطريقةٍ واحدة، بل هم يتفاوتون في ذلك كلٌّ بقدْر وظيفته وموقعه من الأسرة؛ فرب الأسرة يجب أن يُحرز أعلى الفضائل مثله مثل الحاكم أو الرئيس لا بد أن تكون لديه الفضائل كاملةً بقَدْر المستطاع؛ لأن وظيفته هي وظيفة المهندس أو العقل المهندس. أما بقية أعضاء الأسرة فإنه يكفيهم أن ينالوا من الخير الأخلاقي بالقَدْر الذي تتطلبه مراكزهم؛ فعفة الزوجة غير عفة الزوج، وشجاعة المرأة غير شجاعة الرجل. كما أن العدل يختلف بينهما أيضًا؛ فهناك شجاعة الرئيس أو الحاكم، وهناك شجاعة العبد أو الخادم، وهناك شجاعة المرأة … إلخ. ولا بد أن يُعَدَّ الرجل جبانًا إذا لم يكن لديه من الشجاعة إلا ما لدى المرأة، كما أن المرأة تُعتبر ثرثارةً إذا لم يكن لديها من التحفظ إلا بمقدار ما يجب أن يكون عليه الرجل الذي يعرف السلوك في الحياة، وعلى ذلك ففي الأسرة تختلف وظائف الرجل أشد الاختلاف؛ وبالتالي تختلف فضائله عن المرأة وفضائلها.
وإذا كان العبد يُولد عبدًا بالطبيعة التي ميَّزته بقوة الجسد والقدرة على الأعمال الوضيعة الشاقة، وجعلَت الجانب العقلي عنده ضحلًا لمجرد أن يفهَم أوامر سيده، فإن فضائله لا بد أن تكون مختلفة، عليه السمع، والطاعة، وتفهُّم إرشادات سيده وتنفيذها؛ لأن في ذلك صالحه هو، ونفعه هو الخاص. والواقع أن فضائل العبد غايتُها تسهيل مهمة السيد تمامًا، مثلما أن فضائل الطفل غايتُها تسهيل عمل الناضجين الذين يسهرون على تربيته وتهذيبه، وفي هذه النظرية نجد في الواقع تجاهُلًا واضحًا للقيم الروحية سواء عند الطفل أو عند العبد على حدٍّ سواء، بل إنك ستجد هذه النظرية تنطبق أيضًا على الطبقة المنتجة في المجتمع، كالصُّناع والزُّراع والتُّجار … إلخ.
واجبات الزوجة
-
(١)
ينبغي ألا تسمح لأحد بدخول المنزل بدون علم زوجها.٨
-
(٢)
أن تبتعد عن القيل والقال، وما تمارسه النسوة المتسكِّعات اللائي ينتقلن من منزل إلى آخر، ويعملن على تسميم النفوس.٩
-
(٣)
ينبغي ألا تُطلِعَ أحدًا على ما يدور بداخل منزلها، بل تكون هي وحدها العليمة بما يحدث فيه، فإذا ما وقع أمرٌ من خارج البيت كان الزوج هو المَلوم.١٠
- (٤)
-
(٥)
امتياز المرأة لا يعود إلى الذهب بقَدْر ما يرجع إلى سلوكها وتصرُّفاتها في كل ما تفعل، ومَيْلها إلى حياةٍ شريفةٍ منظَّمة تنظيمًا جيدًا، تلك هي الزينة التي ترفع من قَدْر المرأة، وتظل قائمةً في شيخوختها، باقيةً لأولادها من بعدها.
واجبات الزوج
والزوجة الفاضلة يحترمها الناس أكثر عندما يشاهدون إخلاصَ الزوج لها، وأنه لا يفضِّل عليها امرأةً أخرى، لأنه يحبُّها ويثقُ فيها؛ ولهذا فعلى المرأة أن تسعى أن تكون كما يريد لها الزوج أن تكون.
-
(١)
عند تأنيب الزوجة عليه أن ينتقي كلماتٍ محترمة، وأن يستخدم عباراتٍ لائقة، وأن يختار ألفاظًا مهذَّبة؛ فلا يجوز أن يلجأ إلى الألفاظ السوقية.
-
(٢)
عليه أن يتغاضى عن الأخطاء غير المتعمدة، وما قد ترتكبه الزوجة من أمورٍ تافهة، وإذا ما ارتكبَت خطأً عن جهل، فإن عليه أن ينصحَها بغير تهديدٍ وبطريقةٍ مهذَّبة.
-
(٣)
عليه أن يسيطر على نفسه، وأن يكون سيد أفعاله، وبذلك يكون خيرَ مرشدٍ لزوجته في كل أمور الحياة.
-
(٤)
عليه أن يربط ضبط النفس بالخجل، والحب، والخوف، والتواضع. وهذا ما فعله «هوميروس» الذي امتدح هيلين Helen لأنها خاطبَت بريام Priam بقولها: «حماي العزيز، أنت رجلٌ أحترمه وأخشاه.» وهو يعني بذلك أن حبها له يختلط بالخوف والاحتشام.٢٤