أولًا: نقاط التطبيق١

ويمكن تصنيف كل الدراسات الثانوية في ثماني نقاط:
  • (أ)

    إدخال الظاهريات كنظرية فلسفية في تاريخ الفلسفة.

  • (ب)

    عرض الظاهريات كنظرية فلسفية مستقلة عن تاريخ الفلسفة.

  • (جـ)

    تفكيك الظاهريات في جوانب عدة، وعرضها في أعمال المؤتمرات.

  • (د)

    عرض الظاهريات ابتداءً من موضوع مركزي كنقطة بداية أو كمحور رئيسي في الظاهريات.

  • (هـ)

    دراسة موضوع واحد في الظاهريات دون عرض شامل لكل العلم.

  • (و)

    مقارنة الظاهريات، جزئيًّا أو كليًّا، مع مذاهب فلسفية أخرى معاصرة أو متأخرة.

  • (ز)

    إسقاط وجهة نظر خارجية على الظاهريات ورؤيتها من خلال أقنعة فلسفية.

  • (ﺣ)

    تبنِّي حلول الظاهريات في دراسة في موضوع خاص.

وعلى نحو مجمَل سرعان ما أُطرت الظاهريات في تاريخ الفلسفة كنظرية فلسفية مثل باقي الفلسفات في زمن يعد بالقرون أو أنصاف القرون أو أرباع القرون، بالرغم من أن الظاهريات نفسها تاريخ للوعي الأوروبي؛٢ ومن ثَم قُلبت الظاهريات بدلًا من أن تكون تاريخًا للفلسفة أصبحت فلسفة في تاريخ الفلسفة.٣
فقدت استقلالها كمنهج لا يكتمل فيه فقط تاريخ الفلسفة، بل أيضًا ينتهي كل تطور الحضارة إليه، قد يكون العرض كاملًا ولكنه داخل في دائرة التاريخ. وقد تساعد مثل هذه العروض على التعريف بالظاهريات للجمهور، ولكنها في نفس الوقت تقضي عليها بتحويلها إلى تاريخ خالص، ونادرًا ما عرضت الظاهريات النظرية في كليتها مع شرح محكَم وتفسير لمقاصدها الدفينة، كان الهدف من العروض المتكاملة التي تمت من قبلُ هو تقديم الظاهريات من أجل التعريف بها للجمهور دون التعرف على المقاصد الدفينة للظاهريات أو تصورها كمنهج للتطبيق.٤
وقد تمت العروض المتكاملة للظاهريات مرات عديدة في عدة مؤتمرات،٥ وقطعت الظاهريات إلى جوانب عديدة، وركز كل مشارك على الجانب الذي رآه الأكثر أهمية أو أصالة، ضاعت وحدة الظاهريات، وتم النظر إليها من وجهات نظر المؤتمرين، وأصبحت موضوعًا خلافيًّا بين عديد من التأويلات، اختفى الموضوع كلية، وأصبح موضوعًا تائهًا لا يكاد يُرى وسط حماس المتأولين وعبقرياتهم وقدراتهم على النفاذ إلى الموضوع الذي لم يعد له وجود.
عُرضت الظاهريات على أنحاء عديدة في الدراسات الثانوية، عُرضت في شمولها كنظرية أو علم ابتداءً من موضوع مركزي؛ فقد عُرضت ابتداءً من تكوين القصدية،٦ كما قُدمت ابتداءً من فكرة العلم،٧ وخطر مثل هذه الدراسات هو انحراف محور الظاهريات والاقتراب منها من جانب غير جوهري فيها.
وبدلًا من عرض الظاهريات ابتداءً من موضوع جوهري، يمكن عرض موضوع جوهري من أجل إعطاء صورة للظاهريات؛ فقد عُرضت موضوعات مثل «الكوجيتو»، الشعور، القصدية، المجتمع، من أجل عرض الموضوعات الرئيسية في الظاهريات،٨ وخطر هذا النوع من الدراسات هو رد الظاهريات إلى أحد أجزائها، طبقًا لمغالطة منطقية في رد الكل إلى الجزء.
وقُدمت عدة عروض مقارنة بين الظاهريات وبعض العلوم الأخرى القريبة أو البعيدة، المتشابهة أو المختلفة، المعاصرة أو القديمة، ولكن دون الوصول إلى نتائج مهمة، كما تمت مقارنة بين الظاهريات والأنطولوجيا الظاهراتية بالرغم من أن الثانية مجرد تطور متأخر للأولى،٩ ولم تتم مقارنات حتى الآن أكثر خصوبة بين الظاهريات وبعض العلوم المعاصرة الموازية التي تشارك مع الظاهريات في نفس الغاية مع اختلاف في الوسائل.١٠
عُرضت الظاهريات حتى الآن من المؤرخين والباحثين والظاهراتيين من أجل معرفتها من داخلها ولكن من خلال النظريات الفلسفية، ولم ينظر إليها أحد في ذاتها، في مقاصدها الأصيلة، ولكن فقط من وراء أقنعة النظريات السابقة التي كانت تمثل الظاهريات خطرًا مستمرًّا عليها، وأشهر الأقنعة المعروفة اللاهوت العقائدي والمادية الجدلية.١١
كما وُضعت الظاهريات في إطار مشكلة فلسفية، وعُرضت كمقاربة محتملة لهذه المشكلة، وهكذا اعتُبرت الظاهريات كاتجاه فلسفي ممكن مثل الاتجاهات الأخرى بالرغم من أن الظاهريات تعتبر نفسها هي الاتجاه الفلسفي بالأصالة، وتقترب من فلسفة البنية ومن المعرفة الإنسانية ومن فلسفة العلوم.١٢
١  Ex. Phéno., pp. 193–6.
٢  وذلك بوجه خاص في Krisis, Erste Philosophie, I, II, Phänomenologische Psychologie.
٣  G. Gurvitch: Les Téndances actuelles de la Philosophie Allémande, pp. 11–66. ويمكن اختيار أمثلة أخرى من تواريخ الفلسفة التي دوِّنت بعد أن عُرفت الظاهريات من مؤرخي الفلسفة.
٤  Loytard: La Phénoménologie.
٥  Les Problèmes actuels de la Phénoménologie, 1952, Husserl et la Pensée Moderne, Phänomenologica, 2, 1956, Edmund Husserl (1859–1959), Recueil commuémoratif, Phänomenologica, 4, 1959.
٦  Q. Lauer: Phénoménologie de Husserl, essai sur la Génèse de l’Intentionalité.
٧  A. Muralt: L’Idée de la Phénoménologie, l’Exemplaisme Husserlien.
٨ 
  • G. Berger: Le Cogito dans la Philosophie de Husserl.
  • S. Berton: Conscience et Intentionalité.
  • Toulemont: L’Essence de la société selon Husserl.
  • A. Roth: Edmund Husserl Etische Untersuchungen.
  • S. Bachélard: La Logique de Husserl.
٩ 
  • E. Levinas: En decovrant L’Existence avec Husserl et Heidegger.
  • A. De Waelhens: Phénoménologie et Vérité, Essai sur l’évolution de l’Idée de Vérité chez Husserl et Heidegger.
١٠  مثلًا مقارنة هوسرل مع برجسون، بين هوسرل وبرنشفيج، بين هوسرل ووليم جيمس.
١١  حاملو الأقنعة هم التوماويون والماركسيون.
  • La Plénoménologie, Journées d’études de la société Thomist, I, Juvisy, 12 September 1932.
  • Tran-Duc-Thao: Phénoménologie et Matérialisme Dialetique.
  • G. T. Desanti: Phénoménologie et Praxis.
  • F. Jeanson: La Phénoménologie.
١٢ 
  • R. Vancourt: La Phénoménologie et sa Sturcture, Philosophie et Phénoménologie.
  • A. Brunner: La Connaissance Humaine.
  • J. Cavailles: Sur La Logique et la Théorie de science.
  • S. Bachéland: La Conscience de Rationalité, etude Phénoménologique sur la Physique Mathématique.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤