ثاني عشر: الإصلاح في التاريخ١

ويظهر لفظ «منهج» أيضًا في إطار التاريخ في «تأمل في منهج رؤيتنا للتاريخ»، ويتكون المنهج أساسًا في العثور على غائية التاريخ؛ أي تتبع مسار تطور الحقيقة في التاريخ واكتماله في الظاهريات. ولكل تأويل ظاهراتي للتاريخ سمة منهجية؛ بمعنى أنه يبين بطريقة ارتقائية مع تتابع النظريات المنهج الظاهرياتي كبنية في طريقها إلى الاكتمال،٢ ويطبق منهج الإيضاح خاصة في التاريخ لمعرفة الباعث الغامض للعلم؛ وبالتالي رفضه بالرغم من نجاحه، ويمكن لمثال الفلسفة الشاملة حل الأزمة إذا ما تحولت إلى عملية تحول إلى الداخل، صحيح أن تاريخ الفلسفة الحديثة هو صراع من أجل الإنسان، ولكن تمت عرقلة هذا الصراع بعدة عقبات خاصة بالتعارض بين الموضوعية الفيزيقية والذاتية الترنسندنتالية؛٣ ومن ثَم فإن رسالة الظاهريات كمنهج للإيضاح توضيح بواعث العلوم الحديثة التي ما زالت غامضة،٤ لمنهج الإيضاح إذَن رسالة حضارية، وقد تم تطبيقه باقتدار في المنطق والفلسفة.
في المنطق تبدو الظاهريات كمنهج للكشف؛ إذ تبحث عن الأسباب التي أدَّت إلى الخلط أو النسيان، تبحث عن الأسباب التاريخية التي أدت إلى تغطية مشكلة وحدة مبحث القضايا الصوري والرياضيات الصورية: نقص الصور الفارغة الخالصة، ونقص معرفة مثالية تكوينات القضايا، وغياب البحث الصحيح حول الأصلي، وغياب النفاذ إلى المعنى الحقيقي.٥ ومقاييس الكشف هي نفس المقاييس الموضوعة سلفًا: الكمال، والصورة الخالصة، والتكوين المثالي … إلخ. وقد استطاعت الظاهريات كمنهج للكشف في التاريخ في البحث عن العلاقة بين مبحث القضايا الصوري والأنطولوجيا الصورية أن تضع يدها على عدم كفاية التوضيحات التي تمت حتى الآن.٦
ومنهج التوضيح هو أساسًا منهج للتمييز، ويتحول التمييز من مستوى الحقيقة الفلسفية إلى إعادة البناء على مستوى التاريخ؛ فالوحدة الداخلية للمنطق التقليدي ومشكلة وضعه بالنسبة إلى الظاهريات الصورية إعادة بناء للعلاقة بين المنطق التقليدي، ويتمتع باستقلاله التصوري، كتحليل لمبحث القضايا، وظهور التحليل الموسَّع أي الرياضيات الشاملة، يُستخدم المنهج الموسع إذَن لإعادة بناء الحقائق في التاريخ، وتوحد العلمان طبقًا للرؤية التوحيدية للظاهريات، وتُفهم الرياضيات الصورية كأنطولوجيا صورية، وإذا كان هناك فعل موضوعي بين مبحث القضايا الصوري والأنطولوجيا الصورية، فهناك أيضًا تعاون «في الأشياء»، وبنظرة إلى الوراء تم تأويل كل تكوُّن منطقي كمرحلة نحو الظاهريات المكتملة.٧ ولما كانت الظاهريات أساسًا فلسفة بنية نُقل المنطق الصوري كله طبقًا لمفهوم المستوى، فعُرض المنطق الصوري على ثلاثة مستويات: المبحث الصوري الخالص، منطق النتيجة، منطق الحقيقة. الأول منطق اللغة، والثاني المنطق الاستنباطي، والثالث المنطق الاستقرائي. والمستويات الثلاثة أولًا وقبل كل شيء مستوياتٌ للبداهة؛ فالبداهة إما الوضوح أو التمييز؛ ومن ثَم تتميز البداهة عن الوضوح، في التمييز. والتمييز غير الخلط في أنماط إصدار الحكم. في الوضوح، هناك تمييز بين وضوح ملكية الأشياء نفسها ووضوح الاستباق. وباختصارٍ الحكم المتميز هو موضوع التحليل الخالص.٨ ولما كانت الظاهريات بحثًا عن الصورة الخالصة فإنها تجد بداهتها في الاتحاد بنفس الحكم عندما يكون مختلطًا، وعندما يكون متميزًا بتوسيع مفهوم الحكم، وفي هذه الحالة لا يهتم الحكم بأنواع الخلط المختلفة بين التمييز والوضوح، ويظل تجريدًا واعيًا بهذه الاختلافات، ويصرح بوضوح بأن «منهج» التمييز بين المستويات أساس «بحوث منطقية».٩
ويصاحب التمييزَ على المستوى التاريخي نقلٌ من مستوًى إلى آخر؛ فقد تم اكتشاف فكرة الصورة الخالصة للحكم بمنهج النقل، وهو مبحث صور القضايا الخالص للأحكام باعتباره أول علم منطقي صوري، وقد تم التوصل إلى فكرة مبحث الصور الخالص لأن الصورة الخالصة هي الهدف الأقصى من التمييز، وقد تم تصور عمومية صورة الحكم والصور الأساسية لتنوعاته طبقًا للتمييز بين التغير والثبات، واعتُبر مفهوم «العملية» كمفهومٍ دالٍّ على البحث عن الصور، فالسكوني هو الغاية النهائية للحركي، والتحليل الخالص هو أساس المنطق الصوري للحقيقة وعدم التناقض كشرط حقيقة ممكنة، ولكل المبادئ المنطقية مثيلاتها في التحليل الخالص.١٠ وفُهم التمييز كانتقال، والانتقال كنقل، والمنطق الصوري باعتباره تحليلًا لمبحث صور القضايا الخالص هو في الحقيقة تأويل جديد للمنطق الصوري، نقلًا له كمبحث لتحليل القضايا؛ فالنقل من مستوًى إلى آخر تاريخي وفلسفي في آن واحد، هدف النقل التاريخي هو إعادة فهم المنطق القديم من خلال المنطق الجديد، وغرض النقل الفلسفي تحديد مكانة المنطق القديم في الحقيقة المكتملة حاليًّا.
ويظهر الانتقال بالمعنى الدقيق وكأنه مسار تاريخي، وهي حالة المسار الذي يبدأ من التصور التقليدي إلى الفكرة التامة للمنطق الصوري، وهو مسار ذو ثلاث مراحل: مبحث تحليل القضايا، الرياضيات الصورية، ونظرية الكثرة.١١ ثم يسمح هذا المسار لإنارة ظاهراتية للطبع المزدوج للمنطق كمبحث صوري للقضايا وكأنطولوجيا صورية. الأول توجه نحو الحكم، والثاني نحو الموضوعات. الأول نظرية في المعنى، والثاني نظرية في الحقيقة.١٢ وينتهي المسار نفسه، نتيجةً للتمييز، إلى تمييز آخر في صورة إنارة، ويستخدم منهج الإيضاح باعتباره أساسًا منهجًا للتمييز، كنقطة بداية للإنارة، وهي أيضًا منهج للتمييز؛ ومن ثَم يتشابه الإيضاح والإنارة.
وفي تحويل منهج التمييز إلى منهج للانتقال أو المرور يصبح التمييز توجهًا مزدوج الاتجاه؛ فالمنطق له واجهتان: اتجاه ذاتي نحو الذات، واتجاه موضوعي نحو الموضوع. والعلم نفسه له واجهتان: علم ذاتي متجه نحو الذاتية، وعلم موضوعي أو وضعي متجه نحو الموضوعية. وكانت التوجهات بالنسبة لموضوع المنطق التقليدي أيضًا مزدوجة؛ فقد اتجه المنطق في البداية نحو تكوينات الفكر النظرية الموضوعية، ثم توجه بعد ذلك إلى حقيقة التأمل الذاتي حول البداهة العقلية.١٣ ويظهر تطبيق المنهج الظاهرياتي في التاريخ في تناول التراث المنطقي كحقيقة بنيوية؛ ففي «التجربة والحكم» هناك تاريخ أقل من «المنطق الصوري والمنطق الترنسندنتالي»، أخذ كل المنطق الصوري كعمل مكتمل، كان دور الظاهريات هو قلب الأحكام الحملية المنطقية إلى بداهة الموضوعات، وتُصرُّ على القيام بهذه العودة إلى المعرفة المباشرة والحدسية للموضوعات، وقد تم القيام بهذا الدور من قبل في تحول المنطق الصوري إلى منطق موضوعي، له توجه نحو الموضوعات وتوجه آخر نحو الأحكام.١٤ ويظل منهج التمييز ضمنيًّا، وللمنطق الرياضي واجهتان: تكوين الأحكام، والشروط الذاتية. ويظهر التصور التراتبي في درجات البداهة، وتسمح إعادة تأويل المنطق الصوري برؤية أين توجد الظاهريات. والتوجه نحو المعنى، وهو منطق النتيجة، له طابع ظاهرياتي.
ويتخلل نقل المنطق إلى التاريخ من حين إلى آخر ملاحظات تاريخية منطقية حول تطور الفلسفة الترنسندنتالية خاصةً حول المشكلة الترنسندنتالية للمنطق الصوري، ويتقاطع التحليل الرأسي مع التحليل الأفقي.١٥ وتعود ألفاظ: السقوط، الانحلال، القلب، العكس، الدوران، الفصل، الاستبدال، المناقضة، الخلط، للإشارة إلى ظاهرة السقوط. وحيث تبدأ الظاهريات تبدو ظاهرة السقوط مثل الحالة الراهنة للأشياء التي تحاول الظاهريات إصلاحها.
وفيما يتعلق بالفلسفة، يظهر لفظ «المنهج» في التحقق في التاريخ باعتباره منهجية عامة، تقوم الظاهريات بنقل نقدي للمنهج الديكارتي، ويحول تقليده النقدي إلى منهج للتقويس الترنسندنتالي، يصبح هو «الرد الظاهرياتي»، إلى الأنا الترنسندنتالي؛ ومن ثَم يصبح المنهج الظاهرياتي تحليلًا وصفيًّا لرؤية علاقات التضايف بين الظاهرة (المتمثَّل) وأنماط التمثل.١٦ ويظهر منهج الانتقال بعد تطبيقه في التجربة الذاتية المشتركة كعود إلى الأنا أفكر وفي التوجه إلى الأنا الترنسندنتالي،١٧ وقد أُسقط أيضًا البحث عن الأساس في التاريخ من أجل أن يتم استعادته في الكوجيتو.١٨
ومن ناحية أخرى، فإن توضيح المشاكل الترنسندنتالية ووظيفة علم النفس المتعلقة بها تضع سؤال: كيف يمكن حل الأزمة؟ ويكون الحل في منهج الانتقال باعتباره سبيل الفلسفة الترنسندنتالية الظاهراتية، مرة من عودتها إلى عالم الحياة المعطى سلفًا، ومرة أخرى ابتداءً من علم النفس.١٩ ولا يتم الانتقال فقط في الشعور الفردي بل أيضًا في التاريخ، طبقًا للغائية ينتقل علم النفس إلى الظاهريات.٢٠ ويساعد علم النفس الوصفي على الإنارة.٢١ مهمته التمييز بين المستويات المختلفة في الحياة النفسية، ويبين لفظ «تفكيك» أو «تحليل» بوضوحٍ هذه المهمة في الإيضاح القائمة على عمليات التمييز، وهكذا يأخذ المنهج الظاهرياتي صورة جديدة وعمقًا جديدًا في التاريخ خاصة في «الكوجيتو» فيما يتعلق بالرد النفسي الترنسندنتالي.٢٢ ويوجد التمييز بمصادفة سعيدة بين التمثل والحياة، بين التحليل النظري والخبرة الحية، بين الصوري والترنسندنتالي، ليس فقط في الذاتية بل أيضًا في الذاتية المشتركة أي في التاريخ، وإذا كان جهد عصر النهضة في التمثل فإن جهد الظاهريات في «الحياة»، وتختلف اللحظتان في نمط الفكر ويتشابهان في العود إلى الكوجيتو.٢٣
وتعود معظم الأفكار الموجِّهة في المنهج الظاهرياتي في التاريخ، وتظهر البداية الجذرية في عصر النهضة التي أسست استقلال الإنسانية الأوروبية،٢٤ والعودة إلى الأصل عودة إلى الفلسفة الترنسندنتالية، والبحث عن الأصل في تحليل التاريخ، ومصدر الفكرة الجديدة للعلم الشامل في تحول الرياضيات.٢٥
ويمثل موقف العلوم الطبيعية وموقف العلوم الإنسانية «علوم الروح» نفس الثنائية على مستوى التاريخ، من الأول تخرج النزعة الطبيعية، والثنائية، وعلم النفس السيكوفيزيقي.٢٦ وتعود النظريتان اللتان استطاعت الظاهريات أن تكشف طريقها من خلالهما؛ أي الصورية من جانب والنزعة النفسانية من جانب آخر، إلى الظهور في التاريخ في خطين: الخط الصاعد في العقلانية، والخط النازل في التجريبية.
ويكشف علم الواقع وتحويله إلى مثال، أي تحويل الطبيعة إلى رياضة، عن نفس الثنائية بين المثال والواقع التي تم تحليلها بإسهاب في الذاتية،٢٧ ويتجلى تحول الطبيعة إلى رياضة في الهندسة الخالصة وفي الطبيعة كعالم رياضي، وتعرض قضية تحول المضمون إلى رياضة وباعثها التصور الرياضي للطبيعة. صحيح كانت هناك إمكانية التحقق من صحة البراهين، ولكن فراغ المعنى في تحول علم الطبيعة إلى تحول تقني كان يمثل مشكلة كبرى، وهو نسيان العالم كأساس لمعنى علم الطبيعة، هناك إذَن سوء فهم قاتل بسبب غموض معنى الرياضيات.
ويظهر شكل الخلط بين المستويين المتميزين في الذاتية كانفراج على شكل مفتوح في الذاتية المشتركة؛ فالواقع أن منهج الإيضاح تم تطبيقه في مصادر الوعي الأوروبية، ووُجد في العصور الحديثة في التعارض بين الموضوعية الفيزيقية والذاتية الترنسندنتالية،٢٨ ويرجع مصدر هذه الثنائية إلى النموذج السائد في علوم الطبيعة، هذه الثنائية ذاتها هي سبب عدم فهم مشكلة العقل الذي يظهر في تخصيص العلم وفي علم النفس الطبيعي، ويتلخص التاريخ «الروحي» للعصور الحديثة في هذه الدائرة المفرغة بين الموضوعية والترنسندنتالية، ويتحول الخلط من مستوى بنية الذاتية إلى قلب على مستوى تطور الذاتية المشتركة؛ أي الحضارة، ويعبر القلب في العصر الحاضر عن نفسه في صورة أزمة أو خطر أو عائق، وقد ظهرت مثل هذه الألفاظ المنبِّهة من قبلُ في الذاتية.٢٩ وتصبح كل ظاهرة منفصلة عن أساسها ظاهرة سطحية،٣٠ وقد ذكرت ألفاظ أخرى أخف مثل: عدم، فهم، نقص، رد … إلخ من قبل، تعبر عن هذه الدرجات من الخلط في الذاتية، وأول صعوبة في النزعة الطبيعية الفيزيقية هو عدم فهم الذاتية الفاعلة أو النشطة.٣١ ولفظ «سوء فهم» و«نقص» من بين الألفاظ التي تشير إلى الأزمة؛ فالنقص النظري في العلوم الخاصة يرجع إلى نقص في وضوح عقلانيتها الداخلية،٣٢ فهي عقلانية لا تُرضِي، ومن أجل إكمال هذا النقص يضاف شيء آخر؛ فالميتافيزيقا ونظرية المعرفة مكملان نظريان للعلوم الخاصة، وفي معظم الحالات تنقصنا هذه المعرفة للحقيقة.٣٣ وإن رد فكرة العلم إلى مجرد علم الوقائع أيضًا موقف بسيط يعبر عن الخلط في التاريخ، والألفاظ المجازية مثل: «لغز» «شلل» … إلخ أيضًا ألفاظ أقل شدة؛ فمثلًا تمثل العلوم اللغز الكبير للعصور الحديثة، كما أن المنطق التقليدي منطق قاتل،٣٤ لقد أدَّت النزعة النفسانية إلى الشلل، وأوقعت في الخطأ كل الفلسفة الحديثة.٣٥ وتظهر الدلالة الحضارية للخلط عندما يُعبر عنها بألفاظ: «قلب» «انقلاب». ويقع التحول من المثال إلى الواقع، ويصبح تناقضًا ومناقضة.٣٦ وهو أيضًا «سقوط»، ويُعلن عن ظاهرة «السقوط» بوضوح؛ فالنزعة النفسية سقوط من جديد للمنطق.٣٧ وتشير كل هذه الألفاظ، خاصةً لفظ «أزمة»، إلى ظاهرة السقوط والانهيار، ويُعبر عن ظاهرة السقوط مجازيًّا باعتباره مرضًا.٣٨
وفي مواجهة ظاهرة الانهيار هذه تكون رسالة الظاهريات الرفع،٣٩ ويُعبر عن هذه الرسالة دائمًا بألفاظ: «يرفع» «يعلو»، التي تم تحليلها سابقًا في «طرق الإصلاح». أتت الظاهريات كمنهج للتقويم للقيام بانقلاب جذري في الوعي الأوروبي، التقويم في المؤلفات المنهجية، والقلب في المؤلفات الحضارية. ويتحقق التقويم بعودة الفلسفة إلى ذاتها أو بتكوين الحقيقة أو في الصيرورة التاريخية، وضد هذا القلب يستطيع شق هذا الطريق وإزاحة المعوقات عنه.٤٠ وكل هذه الألفاظ الدالة: القسمة، الفوضى، الفصل، الوحدة المفقودة، الانهيار، الإفقار، الفقد، الخلط، الضياع، القلب، تقتضي نهضة ثانية وبعثًا وعودًا إلى الذات. وأحيانًا يذكر القلب أثناء التقويم والتصحيح «كل حقيقة خالصة تكشف عن دلالات تنقلب إلى حقيقة خالصة تكشف عن موضوعات».٤١ و«الرد» الظاهرياتي نوع من التقويم، فله معنيان: رد الماهية إلى الواقعة كما هو الحال في النزعة الطبيعية، و«رد» الواقعة لإدراك ماهيتها كما هو الحال في الظاهريات. الرد الأول إحدى علامات أزمة الوعي الأوروبي، في حين أن الرد الظاهرياتي هو طريق للإصلاح لتحرير الروح من سيطرة المادة.
أزمة العلوم الأوروبية تاريخ رائع للفلسفة بعد تدوينها من الحاضر إلى الماضي، هو تطبيق أفقي للمنهج الظاهراتي، وظهرت غائية التاريخ بمنهج تراجعي يرى في كل مرحلة قادمة خطوة إلى الأمام بالنسبة للمرحلة السابقة، ثم يتوقف التطبيق الأفقي كي يتحول إلى عرض رأسي للمنهج الظاهرياتي نفسه في خطوطه العريضة: الرد والتكوين.٤٢ ومع ذلك يسيطر التطبيق الأفقي على مجموع المؤلفات، وقد نتج عن تطبيق المنهج الظاهرياتي في التاريخ شيئان: أزمة العلوم الأوروبية وحلها في الفلسفة الترنسندنتالية. ويتعلق الأمر بتاريخ الفلسفة كما يدل على ذلك العنوان الفرعي «مقدمة في الفلسفة الظاهراتية»؛ فالفلسفة وعي بالإنسانية، الفلسفة هي «المنقذ» الوحيد للإنسانية الأوروبية وهي في أزمة،٤٣ وأزمة العلوم تعبير عن أزمة حياة جذرية في الإنسانية الأوروبية.٤٤ وتتلخص أساسًا في رد فكرة العلم فقط إلى علم الوقائع. أزمة العلم إذَن هو فقدان دلالته كحياة. وأشكال الأزمة هي: الانقلاب، التغير، القلب، التضييق، المناقضة، السقوط، الانهيار، الأفول، الزلزال، المعارضة، الانحراف، الإلغاء، بخس القيمة، الإخلاس، الانكسار، التناقض. ومثل ذلك من الألفاظ التي تشير إلى الحالة الراهنة للحقائق في الوعي الأوروبي.٤٥
١  Ex. Phéno., pp. 420–30.
٢  Krisis., pp. 71–4, 58–60.
٣  Ibid., pp. 8–18. مبحث القضايا L’Apophantique.
٤  Ibid., pp. 8-9. الكشف Détection.
٥  Log. For. Trans., pp. 110–8. نظرة إلى الوراء Rétrospectivement.
٦  Ibid., pp. 143-4. في الأشياء In Re.
٧  Ibid., pp. 100–10. فصل موضوعي Séparation Thématique.
٨  Ibid., pp. 71–87, 95–7. المبحث الصوري الخالص L’Apophantique Pure.
٩  Ibid., p. 135. الاستباق Anticipation.
١٠  Ibid., pp. 69–75, 89–95.
١١  وهذه هي مراحل أرسطو وليبنتز وريمان Ibid., Sec. I, ch. 1, 2.3.
١٢  Ibid., Sec. 1, B, ch. 4, 5. النقل Transposition. المسار Chemin.
١٣  Ibid., pp. 47–62.
١٤  Er. Ur., pp. 1–72.
١٥  Log. For. Trans., pp. 341–54.
١٦  Méd. Car., pp. 7–10. الانحلال Permission. وهي ألفاظ تُستعمل في مباحث العلة في علم أصول الفقه.
١٧  Méd. Car., pp. 195–7. ملخص محاضرات الأستاذ أ. هوسرل. وأيضًا Die Pariser Vortnage, p. 3. الأنا أفكر Ego Cogito.
١٨  Log. For. Trans., p. 11, Méd. Car., pp. 6–1.
١٩  Méd. Car., pp. 6-7.
٢٠  Krisis, III Partie, A & B.
٢١  Ideen I, p. 434.
٢٢  Phäno. Psycho., pp. 3–10. تفكيك، تحليل Zergliedernde.
٢٣  Ibid., pp. 126–31.
٢٤  Krisis., pp. 5–8. التقويس εποхή.
٢٥  Ibid., pp. 18–20.
٢٦  Ibid., Ab II, pp. 294–313.
٢٧  Ibid., AbI, pp. 279–93. وقد أقيم التحليل خاصة من أجل المقارنة بين الحضارة اليونانية والحضارة الأوروبية في هذا الموضوع.
٢٨  Krisis, Partie 2.
٢٩  Rech. Log. I, p. 5.
٣٠  Ibid., pp. 18. سطحي Banal.
٣١  Krisis., pp. 68–9. الفاعلة، النشطة Agissant.
٣٢  Rech. Log. I, pp. 8-9.
٣٣  Ibid., p. 12. بسيط Leger. قاتل hypride. قلب Renversement. تحول Conversion.
٣٤  Log. For. Trans., pp. 55, 62. تناقض Abssurdité.
٣٥  Méd. Car., p. 123.
٣٦  Rech. Log. I, p. 68.
٣٧  Log. For. Trans., p. 207.
٣٨  Krisis., p. 3.
٣٩  الرفع Elevation، Erheben، التقويم Redrevement.
٤٠  Méd. Car., pp. 1–5. من الحاضر الماضي Retrospeetivement.
٤١  Ideen, I, p. 42. تراجعي Reqressive.
٤٢  Krisis, pp. 123–93.
٤٣  Ibid., pp. 269–76, Ab. III, pp. 314–48.
٤٤  Ibid., Par. 1.
٤٥  Vergesson, Verlust, Missverständriss, Reduktion, Unwendung, Umsturz, Änderung, Umwälzung, Einschränkung, Fallen, Schwang, Kontrast, Wankeln, Misslingen, Entwerten, Bruch, Paradoxe.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤