الخطة!

كانت الأحداث تتوالى بسرعة شديدة … فلم يكن يتوقع الشياطين أن تبدأ المهمة قبل أن يتحركوا … وكان من الواضح أن حركتهم محسوبةٌ وأن الصدام كان بدافع إبعادهم تمامًا عن جزيرة «ريوكيو» أو حتى الاقتراب منها … وعلى الفور طلب «أحمد» من «فيليب» تجهيزَ مكانٍ هادئ يمكن أن يجتمعوا فيه بعيدًا عن الفندق وعن الأنظار التي تتابعهم في كلِّ حركة.

قال «أحمد» ﻟ «فيليب»: أيمكنك هذا؟!

فأجاب «فيليب»: بمنتهى السهولة … وأكمل: سأغيب عنكم ساعة على الأكثر وسيكون بعدها المكان في انتظاركم!

قال «أحمد»: لا بد أن تكون حذرًا؛ فأنت مثلنا مراقب.

فضحك «فيليب» وقال: أرجوك ثِق في مقدرتي.

كانت الساعة تقترب من الرابعة عصرًا عندما صَعِد الشياطين إلى غرفهم للراحة … كان «أحمد» مستلقيًا على ظهره وناظرًا إلى سقف الغرفة، بينما كان «بو عمير» يتابعه وكأنه يستكشف ما بأعماقه ومع الطرقات المسرعة على الباب تنبَّه «أحمد» و«بو عمير» … حيث كان الطارق «فيليب» … دخل بسرعة وقال: المكان جاهز الآن!

سارع بعدها الشياطين بارتداء ملابسهم، وسرعان ما أقلَّتهم العربة «اللاند روفر» الزرقاء وطافَت بهم شوارع «تاييه».

كان «فيليب» يقودها ببراعة، وكان من الواضح أنه يعرف كلَّ مكان في هذه المدينة المزدحمة، وبعد نصف ساعة من السير في الشوارع انحرفَت السيارة «اللاند روفر» يمينًا لتترك وسط المدينة وتدخل منطقة هادئة، توقَّفت بعدها أمام أحد المنازل القديمة وأمامه وقف رجلان كان من الواضح أنهما يقومان بالحراسة.

قال «فيليب» وعلامات الحماس بادية على وجهه الأسمر: إنكم الآن في مكان آمن، وسأكون أنا في حراستكم ومعي هذان الرجلان، وأشار إلى الرجلين وابتسم.

دخل «أحمد» ومعه بقية الشياطين وحول منضدة مستديرة بدأ الاجتماع.

قال «أحمد» مخاطبًا الشياطين: الأحداث كما ترون تتلاحق بصورة غريبة. وعلينا بالتحرك الفوري، وأكمل: لقد قصدت الشجار مع هؤلاء الرجال لدفعهم على الانتقام منَّا.

فنظرت له «إلهام» وعلامات التعجب قد كسَت وجهها.

قال «أحمد»: نعم، إنني قصدتُ أن ينتقموا منَّا بدافع إبعادهم عن المهمة الرسمية التي سنقوم بها، هذا ما سنقوله لهم عبر جهاز التصنت الموجود في غرفتي … على أن نُرسل «فيليب» ومعه بعضُ الرجال إلى مكان آخر غير الذي سنتجه إليه، وهو بكل تأكيد «جزيرة الجراثيم» أو «ريوكيو»!

صاح «فهد» مقاطعًا «أحمد»: ولكنهم قد يكتشفون الخدعة.

قال «أحمد»: هذا أمرٌ وارد، ولكنه يتوقف على مقدرتنا في خداعهم.

تدخَّلَت «هدى» في النقاش، وقالت: بالنسبة ﻟ «فيليب» هل سيكون معنا أم سيكون مع الرجال «الخدعة»؟

قال «أحمد»: هذا ما كنت أفكر فيه. «فيليب» صار منَّا وهو بكل تأكيد مراقَبٌ. فلا بد وأن يكون مع الرجال على أن يوفر لنا كلَّ ما نحتاجه قبل ذهابه.

وهنا تدخَّلَت «إلهام» قائلة: لا بد وأن يكون الرجال «الخدعة» مشابهين لكم تمامًا حتى ولو من ناحية الجسد على افتراض أن تكون الخدعة ليلًا … وأكملَت: ولا بد أن تكون هناك فتاتان معهم، وأشارت إلى نفسها وإلى «هدى» …!

قال «أحمد»: أعتقد أن «إلهام» قد أصابَت ولكن الشرط الثاني صعب التحقيق، وكل ما سوف يحدث أن تكونَا — وأشار إلى «إلهام» و«هدى» — مع الرجال «الخدعة»، على أن تتركوهما عندما يرحلون … وتعودَا إلى الفندق، وسنكون نحن في هذه الأثناء قد اختفينا عن الأنظار تمامًا.

أكمل «أحمد»: بعدها ستكونان بصحبتنا عند اقتحام الجزيرة.

قال «بو عمير»: إن خداع هؤلاء الرجال في منتهى الصعوبة ولكنه يتوقف فعلًا على قدرتنا على تنفيذ خطة «أحمد»!

قام الشياطين بعد أن ناقشوا كلَّ تفاصيل الخطة للانصراف، وما كاد «بو عمير» يهمُّ بالخروج من المنزل حتى دوَّى صوتُ فرقعة عالية تسمَّر لها الشياطين في أماكنهم، وانبطح «بو عمير» أرضًا، وشمل بعدها الصمتُ والسكون المكانَ!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤