مضبطة مجلس الشعراء

اجتمع فريق من الشعراء في مساء الجمعة الماضي بدار لجنة التأليف والترجمة والنشر، وتحدثوا طويلًا ثم رأوا أن يذيعوا بعض القرارات التي انتهى إليها ذلك الاجتماع، وفي صباح السبت ظهرت جريدة الأهرام وفيها خلاصة لقراراتهم، وفي مساء السبت نفسه ظهرت جريدة البلاغ وفيها خلاصة من القرارات تغاير ما نشر في جريدة الأهرام، فأي الصورتين أصح؟ ما نشرت الأهرام؟ أم ما نشر البلاغ؟

لقد أخذتني الحيرة حين فوجئت بالتناقض بين الروايتين، وندمت مُرَّ الندم على أن فرطت في تدوين تلك الأحاديث، وكنت من الشاهدين، وعدت أتوسل إلى ذاكرتي أن تملي عليَّ صورة صحيحة تفصل بين رواية الأهرام ورواية البلاغ، ولكن ذاكرتي خذلتني هذه المرة، وأسرفَتْ في البخل والتَّمَنُّعِ، فعزمت على أن أنظم صورة جديدة لمناقشات الشعراء، ولكني خفت أن يتهموني بصنع الأقاويل، وأن يذيعوا في الجمهور أن من عادتي خلق الأحاديث، وقد اتهموني أمس ظلمًا بأني افتريت على التاريخ حين تحدثت عن كتاب شيث بن عريانوس، رحمة الله عليه، وأنا رجل يظلمه معاصروه، أقضي سواد الليل وبياض النهار في البحث والدرس، فإذا جئت أنشر نتيجة ما بحثتُ وما درستُ قام السفهاء فعارضوا وتلوَّموا وأسرفوا في الزُّور والبهتان، وقد بلغ بهم الإفك أن أفسدوا بيني وبين صديقي (أبجد أفندي)، وهو رجل مطلع كنتُ أفزع إليه أستعينه كلما عجزت عن إعداد ما أقدمه للقراء.

ماذا أصنع؟ يا لله من بُخل الخيال! ويا لله من هرب الحقائق!

لقد اجتمع الشعراء وانفضوا، ثم اختلفت عنهم الأحاديث، فما هو الزائف وما هو الصحيح؟

لا تنزعج أيها القارئ، فقد هداني الله صباح الأحد إلى طريق الخلاص … تذكرت أن عندي ورقة من أوراق السّحر، تلقيتها في العام الماضي من أحد المتأدبين، وهو شابٌ ورث عن جده مكتبة عظيمة أكثرها مخطوط، وكان ذلك الجد من كبار العلماء، والورقة فيها «فائدة» مهمة تنفع في استدراك ما ندَّ من جَيِّد الأحاديث، ونصها بالحرف:

إذا أردت أن تتمثل حديثًا ضاع من ذاكرتك فخذ قليلًا من ماء الزعفران ورشّه على كاغد أبيض، ثم اقرأ الصمدية والمعوذتين سبع مرات بصوت مرتفع في المكان الذي وقع فيه الحديث، ووجهُك تجاه الكعبة المشرَّفة، بحضور قلب، ثم اطوِ الورقة نحو ساعة، وانشرها بعد ذلك تجد الحديث بحروفه، وهذا مجرب صحيح، وبالله التوفيق.

قرأت هذه «الفائدة» وضحكت، ثم قلت: ما عسى أن يظن القراء إذا فاتحتهم بهذه الخرافات! ورأيت أخيرًا أن «أجرب» فقد تكون «ظنون» الأولين أصدق من «علوم» المتأخرين.

ولكن كيف أذهب إلى لجنة التأليف من دون مناسبة؟ وكيف أحمل الكاغد وماء الزعفران؟ وكيف أقرأ الصمدية والمعوذتين بصوت مرتفع في لجنة التأليف وأعضاؤها قوم يبالغون في نصرة الجديد، وأكثرهم أعداء لكل قديم، وبخاصة ما يتعلق بأمثال هذه «الفوائد» السحرية؟ وكيف أستطيع أن أقوم بهذه التجربة؟ لقد كنت أُحسنُ ذلك قبل أن أعرف «بونجور مدموازيل» و«بونسوار مدام» أيام كنت أؤدي الفرائض والنوافل في طاعة وإخلاص!

لم تنص «الفائدة» على الوعاء الذي يُحمل فيه ماء الزعفران، فوضعته في قلم «واترمان» ومضيت عصر الأحد إلى لجنة التأليف وأنا أسأل الله أن لا أجد من يضايقني هناك، وطال تفكيري في السبب الذي أصل به إلى مكان اجتماع الشعراء: أأسال عن الأستاذ أحمد أمين؟ وكيف ونحن جيران ومع ذلك لا نتبادل المودَّات والزيارات حتى أتلمس أخباره بين القاهرة وهليوبوليس؟!

وصلت إلى دار اللجنة فسألت عن الدكتور عبد الوهاب عزام، فأجاب كاتب اللجنة: موجود، ولكن لا يستطيع مقابلتك في هذه اللحظة؛ لأنه في خلوة يقرأ ورد الشاهنامة، فحمدت الله (في سري) على هذا التوفيق وقلت: أنتظره حتى ينتهي من قراءة الورد، ودخلت في نفس الغرفة التي اجتمع فيها الشعراء، وغاب عني اتجاه القبلة، ثم افترضت أنها قد تكون ناحية بنك عمر أفندي، واستفدت من غفلة الكاتب فألقيت ماء الزعفران على الكاغد، ورفعت صوتي بتلاوة الصمدية والمعوذتين، وفاجأني الدكتور عزام على هذه الحال فقال: ما خطبك أيها الزميل؟ فقلت: لما صادفتك تقرأ ورد (الشاهنامة) رأيت أن أقرأ ورد (النثر الفني) فابتسم وجلسنا نتحدث عن التأليف والمؤلفين.

عدت إلى بيتي وفضضت الكاغد وأنا أحسب الحكاية خرافة، ولكن دهشتي كانت عظيمة جدًّا حين رأيت أحاديث الشعراء مسطورة جملة جملة في وضوح عجيب، وما كدت والله أصدق بصري، لغرابة الأمر وطرافته وظهوره بهذه الفتنة في القرن العشرين، وستكون هذه (الفائدة) موضوعًا لأحاديث الناس، ومن المحتمل أن يهتم بها رئيس مجلس النواب، فإنها إن نجحت هناك فستكون بابًا من الاقتصاد، وقد يُستغنَى بها عن جميع كُتَّاب السجلات في المصالح الأميرية، وقد تنتقل إلى ممالك الشرق والغرب فتوفر من الوقت والمال ما لا يعلم قيمته إلا أهل الخبرة من رجال الاقتصاد.

•••

وإلى القارئ نص ما جاء في (الورقة السحرية) من أحاديث الشعراء:

محمد الهراوي : لا أحب أن أقول: (فتحت الجلسة) فإنها عبارة مبتذلة، فاسمحوا لي أن أقول: «نُظِمت المشعرة» فهل توافقون على ذلك؟
زكي مبارك : نقبل صدر الجملة، ونترك لك «المشعرة» تلهو بها كيف تشاء.
محمد الهراوي : كما ترون، الموضوع وما فيه أن …
عبد الباقي إبراهيم : عبارة «الموضوع وما فيه» من رطانة المصاطب!
محمد الهراوي : أصل القصة أنني كنت أحب أن نقيم موسمًا للشعر في عيد الهجرة، ثم رأى الأستاذ عبد الله عفيفي أن يكون موسم الشعر في المولد النبوي.
محمد الأسمر : وما الصلة بين الشعر وبين المولد النبوي؟
محمد الهراوي : الأستاذ عبد الله عفيفي سَجَّل هذه المسالة في الجرائد، فأصبحنا مرتبطين بهذا التسجيل.
زكي مبارك : الخطب سهل، يسجَّل الموعد مرة ثانية بصيغة أخرى، وهل كان التسجيل الأول عقدًا يجب الاحتفاظ به؟ إنما هو اقتراح قابل للتعديل.
محمد الهراوي : أنا أرى التقيد بما سجله الأستاذ عبد الله عفيفي في الجرائد، اشرح يا سيد عبد الله وجهة نظرك.
عبد الله عفيفي : العفو يا سيدي، الرأي لكم.
محمد الأسمر : أدعوتمونا للمشاورة؟ أم دعوتمونا لنسمع ونطيع؟
محمد الهراوي : معاذ الله أن نخرج على أدب الحديث.
محمد الأسمر : أدب الحديث يفرض أن تأخذوا رأي من دعوتموهم، وأنا أسألكم أولًا: ما هي المناسبة بين موسم الشعر وبين المولد النبوي؟
عبد الله عفيفي : مولد النبي هو أنسب المناسبات للمواسم الشعرية.
محمد الأسمر : أنا لا أرى ظلًّا لهذه المناسبة.
زكي مبارك : لا ترى ظلًّا لهذه المناسبة! وكيف؟ أما قرأت قوله تعالى: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إن في هذه الآية ما يربط بين الشعر وبين المولد النبوي بأوثق رباط.
عبد الجواد رمضان : هذا لا يصح إلا إذا قلنا (بعلاقة الضدية).
محمد مصطفى الماحي : علاقة الضدية؟ يعني إيه علاقة الضدية؟
عبد الباقي إبراهيم : هذا كلام يفهمه الشعراء الأزهريون.
محمد مصطفى الماحي : سأدرس هذه المسألة غدًا مع بعض الأساتذة في وزارة الأوقاف.
عادل الغضبان : إن الدكتور مبارك يمزح.
زكي مبارك : لا، يا أفندي، أنا لا أمزح، وكلُّ من قرأ القرآن يفهم أن رأي الرسول في الشعراء رأيٌ جميل، وانظروا قوله عز شأنه: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَم تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ.
عبد الجواد رمضان : لا تترك منزعك في التهكم والسخرية، يا أستاذ مبارك!
زكي مبارك : لقد أفسدتم الجو من حولي بسوء الظن، فاتقوا الله أيها الناس، أنا لا أسخر ولا أتهكَّم ولا أداعب، إنما هي حقائق نسوقها لمن يعقلون.
عبد الباقي إبراهيم : يجب أن يكون البحث خاصًّا بالشعر من حيث هو.
محمد الأسمر : وأن يُسَمَّى الموسم سوق عكاظ، وأن يكون في أول ذي القعدة.
عبد الله عفيفي : ما لنا ولسوق عكاظ؟ نحن نتكلم عن الشعر المصري.
زكي مبارك : أرجوكم أن لا تقولوا الشعر المصري؛ فإن هذه العبارة تجرح إخواننا في مختلف الأقطار العربية. قولوا: (الشعر العربي) حرصًا على أخوة أهل المغرب والحجاز والشام والعراق.
عبد الله عفيفي : وهو كذلك.
محمد الماحي : وأين نقيم في موسم الشعر؟
عبد الجواد رمضان : في الأزهر الشريف.
زكي مبارك : أرى أن يقام الاحتفال في سرادق وزارة المعارف بساحة المولد النبوي.
عبد الجواد رمضان : ساحة المولد لا تنفع؛ لأننا نريد أن يسمعنا الوزراء، وشهود المولد أكثرهم رعاع.
عبد الله عفيفي : اطمئنَّ، فسيسمعنا الوزراء في ساحة المولد؛ لأنه سيكون يوم عطلة رسمية، والوزراء سيكونون جميعًا هناك.
محمد الماحي : من يضمن؟ إن الوزراء يحضرون لحظة قصيرة عصر يوم المولد ثم ينصرفون.
زكي مبارك : لا أرى ما يوجب الحرص على التشرف بحضور الوزراء، والواجب أن يكون عملنا في سبيل الله، لا في سبيل المظاهر الرسمية.
عبد الباقي إبراهيم : نحن نعمل في سبيل الله؟ قل غير هذا، أيها الصديق! لو كنا نعمل في سبيل الله لما دعونا مندوب البلاغ ومندوب المقطم ومندوب الأهرام.
محمد الهراوي : نحن دعونا مندوبي الجرائد بصفتهم الشخصية، فإن فيهم الكاتب والشاعر والخطيب.
محمد خالد : هل معنى هذا أنكم لا تريدون أن تُشيد الصحف بأعمالكم؟ وهل تستطيعون أن تعفونا من الكتابة عنكم؟ أخشى أن تكونوا مازحين!
محمد الهراوي : نحن نعوذ بالله من شياطين الصحفيين، واشهدوا جميعًا أني أرجو صديقنا الدكتور زكي مبارك أن لا يكتب شيئًا من هذه الأحاديث في البلاغ، فإن قلمه معروف بالشطط والجموح، وأخشى أن يثير فتنة قبل أن نمضي في هذا المشروع الجليل.
زكي مبارك : لن أكتب عنكم حرفًا في جريدة البلاغ، ومن حقكم على أخيكم أن يطمئنكم من هذه الناحية، وما أذكر أني وعدت يومًا فأخلفت، وسترون صدق ما أقول.
محمد خالد : ما دمتم تعملون في سبيل الله، لا في سبيل الشهرة، فما الذي يمنع من الانضمام إلى جمعية أبوللو والتعاون مع الدكتور أبي شادي.
محمد الأسمر : هذه مسألة أخرى.
زكي مبارك : أنا أؤيد اقتراح الأستاذ محمد خالد.
محمد خالد : أنا لست بشاعر، ومع ذلك أعطف على مجلة أبوللو؛ لأنها تخدم الشعر خدمة صادقة.
محمد الأسمر : أنا أحب أن تسمى جمعيتنا (عكاظ)، وأن يكون موسمنا أول ذي القعدة، وأن نترك مسألة المولد النبوي؛ لأن الشعراء فيهم المسلم والمسيحي، والمولد يفرض أن تكون أشعار الموسم كلها إسلامية، وفي هذا حجر على الشعراء المسيحيين.
عبد الله عفيفي : ما الذي يمنع المسيحي من أن يقول شعرًا في المولد النبوي؟ إن أشعار شوقي نصفها قيل في المسيح.
زكي مبارك : نصف أشعار شوقي قيل في المسيح؟ ما كنت أعرف ذلك من قبل!
عبد الله عفيفي : أعني أنه قال كثيرًا في المسيح.
محمد الأسمر : جمعيتنا يجب أن تُسمى عكاظ، وأن يكون موسمها في أول ذي القعدة، وأن تترك الذكرى النبوية على ناحية.
عبد الله عفيفي : إن المولد النبوي تذكي ذكراه قرائح الشعراء.
زكي مبارك : كيف ذلك وملاحدة الإسلام كانوا جميعًا من الكُتَّاب والشعراء.
عبد الله عفيفي : أنا لا أوافق على ذلك، وعلى الأخص في عصر النبوة.
زكي مبارك : وأنا أؤكد لك أن الشعراء والكتاب ابتدأوا إلحادهم في عصر النبوة، ولك أن ترجع إلى رسائل الجاحظ لترى صحة هذا الاتهام.
محمد الهراوي : الشعر الصحيح يعاون الدين.
زكي مبارك : هذا كلام تسترون به زيغكم، يا معاشر الشعراء، ولو رآكم رسول الله لساقكم إلى السجن.
عبد الله عفيفي : أنت على هذا تمنع أن يجتمع الشعر والدين؟
زكي مبارك : أنا أقول في صراحة: إن الدين يدعو إلى النظام، والشعر يحرِّض على الثورة، والرسول كان على حق حين حارب الشعراء؛ لأن أكثرهم من أشياع الطيش والمروق، والصالح منهم قليل.
محمد الهراوي : وما رأيك في القصائد التي نشرتُها في البلاغ؟ أتذكر القصيدة القفطانية:
قل للشباب المسلمين تحيةً
من مسلم ثَبْتٍ على إيمانِهِ
ويزيده في الله حسن عقيدةٍ
ما جرَّه الإلحاد من خسرانِهِ
فَخُذُوا سبيل الدين فهو كفيلكم
ليرد سيل الغرب عن طغيانِهِ
فالدين للدنيا وللأخرى معًا
وسعادة الدارين في قرآنِهِ
زكي مبارك : هذه القصيدة وأمثالها شاهد على إلحادك: فالشعراء ملحدون بين المؤمنين، وأنت ملحد بين الشعراء!
محمد خالد : لم نتفق على شيء في أساس الموسم الشعري.
محمد الهراوي : اسمعوا ما يقوله الدكتور طه حسين: إنه يوصي بأن لا يخرج الشعر عن السيرة النبوية، وأن تحتكر مجلة الرسالة نشر ما ينظمه الشعراء.
عبد الباقي إبراهيم : وما شأن الدكتور طه حسين بالمولد النبوي؟
زكي مبارك : شأنه شأن سائر المسلمين.
عبد الباقي إبراهيم : أنا أخشى أن يتحول الدكتور طه حسين إلى صفوف الرجعية.
محمد الماحي : وهل الشعر في الدين رجعية؟
عبد الباقي إبراهيم : إذا قيل عن إخلاص فليس برجعية، ولكنه إذا قيل حبًّا في حسن السمعة لدى الجمهور فهو أسوأ من الرجعية.
زكي مبارك : مسكين الدكتور طه! إن شك في بناء الكعبة فشكه إلحاد، وإن دعا إلى قصر الشعر على ذكرى المولد النبوي فدعوته رياء! وسبحان مقسم الحظوظ!
عبد الجواد رمضان : اتفقنا على أن يكون الموسم الشعري منفصلًا عن المولد النبوي.
محمد الأسمر : وهل يمكن غير ذلك؟ إن موضوعات الشعر عديدة، وقَصْرُها على ذكرى المولد يضيِّق المجال أمام الشعراء، وكيف يكون الحال لو قُدِّمَتْ إلينا قصيدة جيدة في غَزَل المذكَّر؟ أنرفضها رعايةً للمولد؟ أم نقبلها ونعرض أنفسنا لسخرية المتزمتين؟
محمد الماحي : ما دمنا اتفقنا على غض النظر عن مناسبة المولد فلنتخير موسمًا أنسب من فصل الصيف.
عبد الباقي إبراهيم : ليكن ذلك في مشرق الربيع.
محمد الأسمر : في أول ذي القعدة، في أول ذي القعدة، كما كانت التقاليد في سوق عكاظ.
أحد الحاضرين : اسمعوا إن شئتم محضر الجلسة: «اجتمع لفيف من الشعراء …»
محمد الأسمر : اشطب كلمة (لفيف)؛ فهي تذكِّرنا بطلبة الملحق.
محمد الهراوي : اكتب: «اجتمع رهط من الشعراء».
زكي مبارك : اشطب كلمة «رهط» فإنها غير شعرية.
عبد الجواد رمضان : اكتب: «اجتمع جمهور من الشعراء».
عبد الباقي إبراهيم : «اكتب جمهرة».
محمد الهراوي : اكتب: «اجتمعت جمهرة من الشعراء وقرروا إقامة موسم الشعر في المولد النبوي».
محمد الأسمر : نحن لم نقرر ذلك، بل قررنا أن يكون موسم الشعر منفصلًا عن المولد.
عبد الله عفيفي : وما الذي يمنع أن يكون متصلًا بالمولد؟
محمد الأسمر : إن اتصاله بالمولد يشرفنا كل التشريف، ولكنا لا نريد الخلط بين الشعر والدين.
محمد الهراوي : وقررت الجماعة إقامة حفلة فرعية لإحياء المولد النبوي.
محمد الأسمر : ولا هذا أيضًا، فإننا لم نقرر شيئًا من ذلك، وحاشاكم أن تكذبوا على الشعراء الذين انصرفوا قبل أن تُكتب صيغة محضر الجلسة، وليس من الحكمة أن تضطرونا إلى التكذيب في الجرائد فيقول الناس: «أول القصيدة كفر».
محمد الهراوي : «اجتمعت جمهرة من الشعراء، وقرروا إقامة موسم للشعر يدعى إليه أقطاب الأدب في البلاد العربية. وسيجتمعون في المرة المقبلة يوم ٢٦ مايو».

أما بعد: فهذه هي الصورة الصحيحة لمضبطة مجلس الشعراء كما جاء في (الورقة السحرية)، ومنها يتبين الفرق بين رواية الأهرام ورواية البلاغ.

١٩ مايو سنة ١٩٣٣

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤