الفصل العاشر

أعيَاد رَمضَان

(١) الحفاوَةُ برَمضانَ

استهلَّ هلالُ رَمضانَ ليلةَ الاِثنَيْنِ، وكان صِيامُ أَهلِ «مكةَ» له يومَ الأَحَدِ، بِدَعْوَى في رُؤْيةِ الهلالِ لم تَصِحَّ، لكنْ أَمْضى الأَميرُ ذلك، ووَقَعَ الإِيذانُ بالصَّوْمِ بِضرْب دَبادِبهِ وطُبولِه ليلةَ الأَحَد، لمُوافَقتِه مذهَبَهُ ومَذْهبَ شِيعتِه العَلَوِيِّين ومن إِليهم، لأَنهم يَرَوْنَ صيامَ يوْمِ الشَّكِّ فَرْضًا.

ووَقَعَ الاحْتِفالُ في المَسجِد الحرامِ لهذا الشَّهرِ المُبارَك — وحُقَّ ذلك — من تجديدِ الحُصُرِ، وتكثيرِ الشَّمَعِ والمَشاعيلِ، وغيرِ ذلك من الآلاتِ، حتى تلأْلأَ الحرَمُ نورًا، وَسَطَع ضِياءً.

ورأَيْنا شَمَعًا كثيرًا، مِنْ أَكْبَرِهِ شَمْعتانِ نُصِبتا أمامَ المِحْرابِ، فيهما قِنطارٌ، وقد حَفَّتْ بهما شمَعٌ — دُونَهُما — صِغارٌ وكِبارٌ.

وكادَ لا يَبقَى في المَسجدِ زاوِيةٌ ولا ناحيةٌ إلاّ وفيها قارئ يُصَلِّي بجماعةٍ خلْفَه، فيَرْتَجُّ المَسجِدُ لأَصْواتِ القُرِّاءِ من كلِّ ناحيةٍ. فتُعاينُ الأَبصارُ، وتُشاهدُ الأَسماعُ — من ذلك — مرأًى ومستَمَعًا، تَنْخَلِعُ لهُ النُّفُوسُ خَشْيةً ورِقَّةً.

(٢) سُحور رَمضانَ

والمُؤَذِّن الزَّمْزَمِيُّ يَتَوَلَّى التَّسْحيرَ في الصَّوْمَعةِ التي في الرُّكْنِ الشَّرقيِّ من المَسجدِ، بسَبَبِ قُرْبِها من دارِ الأَميرِ. فيقومُ في وقتِ السُّحورِ فيها داعيًا ومذكِّرًا ومحرِّضًا علَى السُّحورِ، ومعهُ أَخوانِ صغيرانِ يُجاوِبانه ويُقاوِلانهِ.

وقد نُصِبت في أَعْلَى الصوْمعةِ خشبةٌ طويلةٌ، في رأَْسها عودٌ كالذِّراع، وفي طرَفْيهِ بكَرَتانِ صغيرتانِ يُرْفَع عليهما قِنْدِيلان من الزُّجاج كَبيران لا يزالان يَقِدان (يَشْتَعِلان ويُضيئان) مُدَّةَ التَّسْحير، فإِذا قَرُب ظُهُورُ خَيْطَي الفَجْرِ وتَبَيَّنَ النَّاسُ الخَيْطَ الأَبْيَضَ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ، ووَقَعَ الإِيذانُ بالقَطْعِ — مرَّةً بعد مرَّة — حَطَّ المُؤَذِّنُ القنْدِيلَيْن من أَعْلَى الخشبةِ، وبدأَ بالأذان، وثوَّب المُؤَذِّنون (دَعَوْا إِلى الصَّلاة) من كلِّ ناحيةٍ بالأذان.
figure

وفي دِيار «مَكَّة» كلِّها سُطوحٌ مرْتَفِعةٌ.

فَمَنْ لم يَسْمَعُ نِداءَ التَّسْحيرِ — مِمَّنْ يبْعُدُ مَسكنُهُ من المَسجِدِ — يُبْصِرِ القِنْدِيلَيْنِ يَقِدانِ في أَعْلَى الصَّوْمعةِ.

فإِذا لم يُبصرْهُما عَلِمَ أَنَّ الوقتَ قد انقطع.

(٣) مَقدَمُ سَيفِ الإِسلامِ

وفي لَيلَةِ الثُّلاثاءِ الثانِي من الشَّهْرِ — مع العَشِيِّ — طافَ الأَميرُ «مُكْثِرٌ»بالبَيْتِ موَدِّعًا، وخَرَجَ لِلقاءِ الأَمير «سيفِ الإسلام طغتكينَ بنِ أَيوبَ» أَخي «صَلاح الدينِ»، وقد تقدَّم الخبرُ بورُودِه من «مصر» — منذُ مدة — ثمَّ تَوَاتر إلى أن صَحَّ وصولُه إلى «يَنْبُعَ»، وأَنه عَرَّج إلى المَدينَةِ لزيارةِ الرَّسولِ.

وسَمِعْنا أَنه يَقْصِدُ إلى اليَمَنِ لاخْتلافٍ وَقَع فيها، وفتْنة حدثَت من أُمرائِها.

وقد وَقَع في نُفوسِ المَكيِّين منه إيجاسُ خِيفَةٍ، واسْتشْعارُ خَشْيَةٍ. فَخَرج الأَميرِ «مُكْثِرٌ» مُتَلَقِّيًا ومُسَلِّمًا، وفي الْحَقيقةِ مُستَسْلِمًا. واللهُ — تعالى — يُعرِّفُ المُسْلمين خَيرًا.

وفي ضَحوَةِ يومِ الأَربعاءِ كُنَّا جُلوسًا بالحِجْر المُكَرَّمِ، فسمِعنا دَبادِبَ الأَمِير «مُكْثِرٍ»، وأَصواتَ نساءِ «مكةَ» يُوَلْوِلْنَ عليهِ.

فبَينَا نَحْن كذلك، دخَلَ مُنْصَرفًا من لِقاءِ الأَمير «سيفِ الإِسلامِ»، وطائفًا بالبَيْتِ المُكَرَّمِ طَوافَ التَّسْليم، والناسُ قد أَظهرُوا الاسْتِبشارَ لقُدومِهِ، والسُّرورَ بِسَلامَتِهِ.

وقد شاعَ الخبرُ بأَنَّ «سَيْفَ الإِسلامِ» قد نزَلَ «الزَّاهرَ»، وضَرَب أَخْبِيَتَهُ فيهِ (والأَخبية: المَساكن من الوَبر، أَو الصوف)، وأَنَّ مُقدِّمتَهُ من العَسْكرِ قد وَصَلت إلى الحَرمِ، وزاحَمتِ الأميرَ «مُكْثِرًا» في الطَّوافِ.

(٤) سيفُ الإِسلامِ في الحَرَمِ

فبَيْنا الناسُ يَنظرونَ إِليهم إِذْ سمِعوا ضَوضاءَ عَظيمَةً وزَعَقاتٍ هائِلَةً. فما راعَهم إِلا الأميرُ «سيْفُ الإسلامِ» داخلًا من باب «بني شَيْبَةَ» ولَمَعانُ السُّيوفِ أَمامَهُ يكادُ يَحُولُ بين الأبصار وبينَه، والْْقاضي عن يَمِينِهِ، وزعيمُ الشَّيْبِيِّين عن يَسارِهِ، والمَسْجدُ قدِ ارْتَجَّ وغَصَّ بالنَّظَّارة والوافدينَ، والأَصواتُ بالدُّعاءِ له ولأَخيهِ «صَلاحِ الدينِ» قد عَلَت من النَّاسِ حتى سَكَّت (سَدَّت) الأَسماعَ، وأَذهَلَت الأَذهانَ. والمُؤَذِّنُ الزَّمْزمِيُّ — في مَرْقَبِتِه (مَكانِهِ العالِي) — قد رَفَع عَقيرَتَه (صَوتَه) بالدعاءِ له، والثَّناءِ علَيهِ، وأَصواتُ الناسِ تَعلُو عَلى صَوتِهِ، والهَوْلُ قد عظُم مَرْأًى ومُسْتَمَعًا. ولَم يَحِنْ دُنُوُّ الأَميرِ من البيْتِ المُعَظّمِ حتى أُغمدتِ السُّيوفُ، وتَضاءَلت النفوسُ، وخُلعَت ملابِسُ العِزَّةِ، وذَلَّتِ الأَعناقُ، وخَضَعتِ الرِّقابُ، وطاشَتِ الأَلْبابُ، مَهابةً وتَعظيمًا للْبَيتِ الحرام: بَيتِ ملِك المُلوكِ العَزيزِ الجَبَّارِ، الواحِدِ القَهَّارِ، مُؤْتى المُلْكِ مَن يَشاءُ، ونازِعِ المُلْكِ مِمَّن يَشاءُ، سُبْحانَه جَلَّت قُدرتُه، وعَزَّ سُلطانُهُ.

(٥) عَوْدَة الأَمير «مُكثر»

ثُمَّ تهافتتْ هذه العِصابةُ الغُزِّيَّةُ (المَنْسوبة إلى الغُزِّ، وهم جنسٌ من التُّرْك، كما أَسْلَفْنا) عَلَى بيْتِ اللهِ العَتيقِ، تهافُتَ الفَراشِ عَلَى المِصْباحِ، وقدْ نكَّسَ الخُضوعُ أَذْقانَهم، وبلَّتِ الدُّموعُ سِبالَهم (لِحَاهم). وطافَ القاضي وزعيمُ الشَّيْبِيِّين بسيفِ الإِسلامِ. والأَميرُ «مُكثِرٌ» قد غمرَهُ ذلك الزِّحامُ، فأَسْرَعَ في الفراغِ من الطوافِ، وبادرَ إلى منزلهِ.

(٦) سَعْيُ سيْفِ الإسلامِ

وعنْدَما أكملُ «سيْفُ الإسلامِ» طوافَه صَلَّى خلفَ المقامِ، ثُمَّ دخلَ قُبَّةَ «زَمْزَمَ» فشَرِب من مائِها. ثُمَّ خَرَجَ عَلَى «بابِ الصَّفا» إلى السَّعْي، فابْتَدأَهُ ماشِيًا عَلَى قدمَيْهِ — تواضُعًا وتَذَللًا لِمَن يَجبُ التَّواضُعُ له — والسُّيوفُ مُصْلَتَة (مُجَرَّدة من أَغْمادِها) أمامَهُ. وقد اصْطَفَّ الناسُ من أَوَّلِ المَسعَى إلى آخره صَفَّيْنِ — مثلَ ما صنَعُوا أيضًا في الطَّوافِ — فسعَى علَى قدمَيْهِ طريقَيْنِ: من «الصَّفا» إلى «المَرْوَةِ»، ومنها إلى «الصَّفا».

وَهَرْوَلَ بين المِيلَيْنِ الأَخْضَرَيْن، ثُمَّ قَيِّدهُ الإعياءُ (الضَّعْفُ والتَّعَبُ) فركِبَ وَأكْمَل السَّعْيَ راكِبًا، وقد حُشِرَ الناسُ وَقتًا.

(٧) مِفتاح الحرم

ثُمّ عادَ هذا الأَميرُ إلى المَسجدِ الحرامِ — عَلَى حالَتِهِ من الإرْهابِ والهَيْبَةِ — وهوَ يتهادى بين بُرُوقِ خَواطِفِ السُّيوف المُصْلَتةِ. وقد بادرَ الشَّيْبيُّونَ إلى بابِ البيْتِ المُكَرَّمِ ليَفْتَحُوهُ — ولم يكُنْ يوْمَ فَتحِهِ — وضُمَّ الكُرْسيُّ الذي يُصْعَدُ عليهِ، فرَقِيَ الأَميرُ فيه. وتناوَلَ زعيمُ الشَّيبيِّين فَتْحَ البابِ، فإذا المِفتاحُ قدْ سقَطَ من كُمِّهِ في ذلك الزِّحام. فوَقَف الزّعيمُ وِقفةَ دَهِشٍ مَذْعورٍ، ووَقَف الأَميرُ على الأَدراجِ. فيَسَّرَ الله — للحِينِ — في وجودِ المفتاحِ. فَفُتِحَ البابُ الكَريمُ، ودخلَ الأَميرُ وحْدَهُ مع الشَّيْبِيِّ، وأُغْلِق البابُ، وَبَقِيَ وُجوهُ الأَغْزاز وأَعيانهم مُزْدحِمين عَلَى ذلك الكرسيِّ. فبعْدَ لأَيْ مَّا (عَناءٍ وشِدَّة ووَقْت) فُتحَ لأُمرائِهم المُقَرَّبين، فَدخَلُوا. وتَمادَى مُقامُ «سيْفِ الإسلامِ» في البيتِ الكريمِ مُدَّةً طويلةً، ثُمَّ خَرَجَ، وانْفَتَحَ البابُ للكافَّةِ منهم. فَيا له من ازْدِحامٍ، وتَراكُمٍ وانتظام، حتى صاروا كالعِقدِ المُسْتَطيل. وقد اتَّصَلوا وتَسَلْسَلوا، فكانَ يوْمُهم أَشْبهَ شَيْءٍ بأَيَّامِ السَّرْو اليَمنيِّينَ، الَّذِين أَسْلَفْنا وَصْفَ دخولهم البيْتَ.

(٨) في صُحبة الأَمير

ورَكِبَ الأَميرُ «سيفُ الإِسْلامِ» وَخَرَجَ إِلى مَضْرِبِ أَبْنيتِه. وكان هذا اليوْمُ ﺑ«مَكَّةَ» من الأَيَّام الهائلَةِ المَنْظَرِ، العَجيبَةِ المَشْهِدِ، الغَريبَةِ الشَّأْنِ.

فَسُبحانَ مَن لا يَنقَضي مُلْكُه، ولا يَبيدُ سُلْطانُه.

وَصَحِبَ هذا الأَميرَ جُمْلةً من حُجَّاجِ مِصرَ — وسواها — اغْتِنامًا لِطَريقِ البِرِّ والأَمن، فوصلوا في عافِيةَ وسلامة.

(٩) حُلة الأَمير «مكثر»

وفي ضَحوَةِ يوم الْخميسِ — بعدَه — كُنَّا أَيضًا بالحِجْرِ المُكَرَّمِ. فإِذا بأصواتِ طُبول ودَبادِبَ وبوقاتٍ تقرَعُ الآذانَ، وقد ارْتَجَّتْ لها نواحِي الحَرمِ الشريفِ. فبَيْنا نحن نتطلَّعُ لاستعلامِ خَبرها، طلَع علَينا الأَميرُ «مُكثِرٌ» وغاشِيتُه (حاشِيتُه) الأَقرَبون حولَه، وهو رافِلٌ في حُلَّةِ ذهبٍ — كأَنها الجَمْرُ المُتَّقِد — يَسْحَبُ أَذيالَها، وعَلَى رأْسِه عمامةٌ قد علا كَوْرُها (طَيُّها) عَلَى رأْسِه، كأَنها سَحابةٌ مَرْكُومة (بَعْضُها فَوْقَ بَعْض)، وهي مُصفَّحةٌ بالذَّهب. وتَحتَ الحُلَّةِ خِلْعَتانِ من الدَّبِيقِّي (المَنْسُوبِ إلى «دَيب»، وهي بلدةٌ بِمِصرَ عُرفَتْ بنوعٍ منَ الثِّيابِ) المَرْسوم البديعِ الصَّنعةِ، خلَعها عليه الأَمير «سيْفُ الإسلامِ» إشادةً بِتكْرِمَتِه، وإِعلامًا بمَأْثَرَةِ منزلَتِه.

فطافَ بالبَيتِ المُكَرَّمِ شُكرًا للهِ على ما وَهَبَه من كَرامةِ هذا الأَميرِ، بعدَ أن كان أوجَس في نَفسِه خيفَةً منه. والله يُصْلِحُه ويُوَفِّقُه.

(١٠) صلاة الأَميرين

وفي يومِ الْجُمُعةِ وصَل الأَميرُ «سيْف الإسلام» للصَّلاةِ — أَوَّلَ الوَقتِ — وفُتحَ البَيتُ المُكَرَّمُ، فدخلَه مع الأَميرِ «مُكْثِرٍ» وأَقاما بِهِ مُدَّةً طويلةً ثم خَرجا، وتزاحَم الغُزُّ (وهم جِنْسٌ منَ التُّرْكِ) للدُّخولِ تزاحُمًا أَبْهَتَ الناظِرينَ (حَيَّرَهُمْ وأَدْهَشَهُمْ)، حتى أُزيلَ الكُرسيُّ الذي يُصْعَدُ عليهِ، فلمْ يُغنِ عن ذلك شَيئًا. وأَقاموا عَلَى الاِزدحامِ في الصُّعودِ — بإِشالةِ (رَفْع) بعضِهم عَلَى بعض — ودامُوا عَلَى هذه الحالَةِ إِلى أن وَصَلَ الخَطيبُ، فخَرجُوا لاستماعِ الخطْبةِ، وأُغلِقَ البابُ، وصلَّى الأَميرُ «سيْف الإسلام» مع الأَميرِ «مُكثرٍ» في القُبَّةِ العبَّاسيَّةِ. فلمَّا انقضت الصَّلاةُ، خَرَجَ عَلَى «باب الصَّفا»، وركِب إلى مَضرِب أَخْبيَتِه.

وفي يومِ الأَربعاءِ — العاشر منهُ — خرجَ الأَميرُ «سيْف الإسلام» بجنُودِه إلى اليمنِ، واللهُ يُعرِّفُ أَهلَها من المْسْلِمين في مَقدَمِه خيرًا بِمَنِّهِ (بإِنْعامِهِ).

(١١) حَفَظَةُ القُرآنِ

وهذا الشَّهْرُ المُبارَكُ قد ذكَّرَنا اجتِهادَ المُجاوِرِينَ للحَرَم الشَّريفِ في قِيامِه، وصَلاةِ تراويحِهِ، وَكَثرةِ الأَئِمَّةِ فيهِ.

وكلُّ وَتْرٍ من اللَّيالي العَشْرِ الأَواخِر يُخْتَمُ فيها القُرآنُ. فأَوَّلُها — لَيلةُ إِحدَى وعِشرِينَ — ختَمَ فيها أَحدُ أَبناءِ أَهل «مكَّةَ».

وحضَر الخَتْمَةَ القاضِي وجَماعةٌ من الأَشْياخِ. فلمَّا فَرَغُوا منها، قام الصَّبيُّ فيهم خَطيبًا، ثم اسْتدعاهُم أَبو الصَّبيِّ إِلى مَنْزِلِهِ إِلى طَعامٍ وحَلْوَى قد أَعدَّهُما واحْتَفَل فيهما.

(١٢) الغلامُ المَكِّيُّ

ثُمَّ بعد ذلك لَيلَةَ ثلاثٍ وعشرينَ، وكان المُخْتَتِمُ فيها أَحدَ أَبناءِ المَكِّيِّينَ ذوِي اليَسارِ، غُلامًا لم تَبْلُغْ سِنُّه الخَمْسَ عشْرَةَ سَنةً. فاحتَفَل أَبوهُ لهذه الَّليلةِ احتِفالًا بديعًا. وذلك أَنه أَعَدَّ له ثُرَيَّا مصنوعةً من الشَّمَعِ مُغصَّنَةً، قد انتَظَمَت أَنواعَ الفَواكِهِ الرَّطْبَةِ واليابِسَةِ، وأَعدَّ إِليها شَمَعًا كثيرًا. ووَضَعَ في وَسَطِ الحَرمِ — مِمَّا يلي بابَ «بني شَيبَةَ» شَبيهَ المِحرابِ المُرَبعِ من أعوادٍ طَويلَةٍ، قد أُقيمَ عَلَى قوائمَ أَربعٍ، ورُبِطت في أَعلاهُ عِيدانٌ نزلَتْ منها قَناديلُ، وأُسرِجَتْ في أَعلاها مَصابيحُ ومَشاعِيلُ. وسُمِّر دائِرُ المِحرابِ كلِّه. وأُوقدت الثُّرَيَّا المُغَصَّنَةُ ذاتُ الفواكِهِ. وأَمعَنَ الاحتِفالَ (العِنايةَ والمُبالَغَةَ) في هذا كلِّه. ووُضِع — بمَقرَبَةٍ من المِحرابِ — مِنْبَرٌ مُجلَّلٌ بكُسوَة مُجزَّعةٍ مُختِلفةِ الألوانِ. وحضَر الإمامُ الطِّفلُ فصلَّى التَّرَاويحَ وخَتَم. وقد انحشدَ أَهلُ المَسجِدِ الحرامِ إليه رجالًا ونِساءً، وهو في مِحْرابِه لا يكادُ يُبصِرُ من كَثرةِ شُعاع الشَّمَعِ المُحْدِقِ به.

ثم بَرَزَ من مِحرابِه، رافِلًا في أَفخَرِ ثِيابهِ بِهَيْبَةٍ إمامِيّةٍ، وسَكينَةٍ غُلامِيَّةٍ، فلم يستطع الخلوصَ إلى مِنْبرِه من كَثرةِ الزِّحامِ، فأَخذَه أَحدُ سَدَنةِ (خَدَمِ) تلك النَّاحيَةِ — في ذِراعهِ — حتى أَلقاهُ علَى ذِروَةِ مِنْبَرِهِ. فاستَوَى مُبْتَسِمًا، وأَشارَ عَلَى الحاضِرينَ مُسَلِّمًا. وَقَعَدَ بين يَديْهُ قُرَّاءٌ، فابْتَدَرُوا القِراءَةَ عَلَى لِسانٍ واحدٍ، فلمَّا أَكملُوا عَشْرًا من القُرآنِ، قامَ الخطيبُ فصَدَعَ بخُطْبةٍ يُحَرَّكُ لها أَكثرُ النُّفوسِ من جِهة الإِلقاءِ والتَّرْجيعِ، لا من جِهةِ التَّكيرِ والتَّخشيعِ. وبين يَديْه — في درَجاتِ المِنْبَرِ — نَفَرٌ يُمسِكُونَ أَتْوارَ الشَّمَعِ في أيديهم (والأَتْوارُ جمع تَوْر، وهو الإِناءُ الصغيرُ)، ويرفَعونَ أَصواتَهم قائلين:

«يا ربّ! يا ربَّ!» عند كلِّ فَصل من فُصولِ الخُطبَةِ يُكَرِّرونَها، والقُرَّاءُ يَبتَدرُونَ القِراءَةَ في أَثناءِ ذلك، فيَسكُتُ الخطيبُ إِلى أَن يَفرُغُوا، ثم يَعودُ لِخُطبَتِهِ.

ثمَّ ختمها بتَوْديعِ الشَّهْرِ المُبارَكِ وترْديدِ السَّلامِ عليْه. ثُمَّ دعا للخليفةِ ولكلِّ من جَرَتِ العادَةُ بالدُّعاءِ له — من الأُمراءِ — ثمَّ نزَلَ، وانفضَّ ذلك الجَمْعُ العظيمُ.

وكانت لأَبي الخطيب في تلك الليلةِ نَفقةٌ واسعةٌ.

(١٣) الليلةُ السابعة والعشرون

ثُمَّ كانتْ ليلَةُ سَبْعٍ وعشرينَ — وهي ليلةُ الْجُمُعةِ — فكانت اللَّيْلَةَ الغَرَّاءَ، والخَتْمةَ الزَّهراءَ. ووَقع النظرُ والاحتفالُ لهذهِ الليلةِ المُباركةِ قبلَ ذلك بيومين أو ثلاثةٍ. وأُقيمت إزاءَ حَطِيمِ إمامِ الشافعيَّةِ (جِدارِه)، خُشُبٌ عِظامٌ، بائِنَةُ الارتفاعِ — موْصولٌ بين كلِّ ثلاثٍ منها بأَذْرعٍ من الأَعوادِ الوثيقة — فاتصلَ منها صفٌّ كاد يُمسكُ نصفَ الحرمِ عرضًا. ووُصِلَتْ بذلك الحطيمِ (الجدارِ). ثمَّ عَرضَت بينها أَلواحٌ طِوالٌ مُدَّت عَلَى تِلْكَ الأَذْرُعِ. وعلَتْ طبقةً منها طبقةٌ أُخرى، حتى اسْتَكْمَلَتْ ثلاثَ طَبقاتٍ. فكانتِ الطبقةُ العلْيا منها خُشُبًا مستَطيلَةً مَغروزَةً كلَّها مساميرَ مُحَدَّدة الأَطرافِ، لاصِقًا بعضُها ببعْض، كظهر الشَّيْهَمِ (القُنْفُذِ)، وقدْ نُصبَ عليها الشَّمَعُ. والطَّبقتان تَحتَها أَلواحٌ مَثْقوبةٌ ثَقْبًا مُتَّصِلًا، وُضِعَتْ فيها زُجاجاتُ المَصابيحِ ذَواتُ الأَنابِيب المُنبعثَةِ من أَسافلها. وتدَلَّتْ من جَوانِبِ هذه الأَلواحِ والخُشُبِ — ومن جميعِ تلك الأَذْرُعِ — قناديلُ كِبارٌ وصِغارٌ. وتخلَّلها أَشْباهُ الأَطْباق المَبْسوطِة من الذَّهَب، قد انتظم كلَّ طَبَقٍ منها ثلاثُ سَلاسِلُ تُقَلُّها في الهواءِ. وخُرِقت كلُّها ثُقُبًا، وَوُضِعَتْ فيها الزُّجاجاتُ ذواتُ الأَنابيبِ — من أَسفل تلكَ الأَطباقِ الصُّفْرِيَّة (الذَّهبيَّة)، لا يَزيدُ منها أُنبوبٌ على أُنبوب في القَدِّ. وَأُوقِدَتْ فيها المَصابيحُ فجاءَتْ كأَنها موائِدُ ذواتُ أَرْجُل كثيرةٍ تشتعلُ نورًا. ووُصِلَتْ بالحطِيمِ (الْجِدار) الثاني الذي يُقابلُ الرُّكْنَ الجَنوبيَّ من قبةِ زمزمَ، خُشُبٌ — علَى الصِّفَةِ المَذكورَةِ — اتَّصلتْ إِلى ذلك الركْنِ، وأُوقدَ المِشْعَلُ الذي في رأْس القبةِ، وَصُفِّفَتْ طُرَّةُ شُبَّاكِها (الجانبُ الأَعلى) شمعًا مِمّا يقابِلُ البيْتَ المكرَّم، وحُفَّ المَقامُ الكريمُ بِمِحراب من الأَعْوادِ المُشَرْجَبةِ (المُغَصَّنة)، وهِيَ محفوفةُ الأَعْلَى بِمَساميرَ حديدةِ الأَطْرافِ — على الصِّفَةِ المذكورةِ — جُلِّلت كلُّها شمعًا، ونُصِب عن يَمِينِ المَقامِ ويسارِهِ، شَمَعٌ كَبيرُ الْجِرْمِ (الحَجْمِ) في أَتْوارٍ تُناسِبُها كبَرًا، وصُفَّتْ تلك الأَتْوارُ عَلَى الكَراسيِّ التي يَصرفُها السَّدنَةُ مطالعَ (مَصاعدَ) عندَ الإيقادِ، وجُلِّلَ جِدارُ الحِجْرِ المُكرَّمِ كلُّ شَمَعًا في أَتْوارٍ من الصُّفْرِ (أَوانٍ صَغيرة من الذهب)، فجاءَتْ كأَنها دائرَةُ نورٍ ساطعٍ. وأَحْدقَتْ بالحَرمِ المَشاعِيلُ، وَأُوقدَ جميعُ ما ذُكِرَ. وأَحْدَقَ بِشُرُفاتِ الحرَمِ كلِّها صِبيانُ «مكَّةَ»، وقد وضِعتْ بيدِ كلٍّ منهم كُرَةٌ من الخِرَقِ المُشْبَعَةِ سَليطًا (زَيْتًا)، فوضَعوها متَّقِدَةً في رُءُوسِ الشُّرُفاتِ، وأَخَذت كل طائفةٍ منهم ناحِيةً من نواحِيها الأَرْبعِ، فجعلَتْ تُبارِي صاحبَتَها في سُرْعَةِ إِيقادِها. فَيُخَيَّلُ للنَّاظِر أنَّ النَّارَ تَثِبُ من شُرْفَة إِلى شُرْفَةٍ، لِخَفاءِ أَشْخاصِهِمْ وراءَ الضَّوْءِ المُرْتَمى بالأَبصارِ.

وفي أَثناءِ مُحاوَلتهم لذلكَ، يَرْفَعون أَصْواتَهم صائحِينَ: «يا رَبِّ! يا رَبِّ!» عَلَى لسانٍ واحِدٍ، فَيَرْتَجُّ الحرَمُ لأَصْواتهمْ

فلَمَّا كَمُلَ إِيقادُ الجميعِ كادَ يُعَشِّي الأَبصارَ شُعَاعُ تلكَ الأَنوارِ، فلا تَقَعُ لمْحةُ طَرْفٍ إِلاَّ عَلَى نُور، يَشْغَل حاسَّةَ البَصَر عنِ اسْتِمالَةِ النَّظَرِ، فيتَوَهَّمُ المُتَوَهِّم — لهَوْلِ ما يُعايِنُهُ من ذلكَ — أَنَّ تلك الليلَةَ المُبارَكَةَ نُزِّهَتْ لشَرَفِها عن لباسِ الظَّلْماءِ، فزُيِّنَتْ بِمصابيحِ السَّماءِ.

وتَقَدَّمَ القاضي، فصلَّى فَريضَةَ العِشاءِ، ثُمَّ قامَ وابْتَدأَ بسُورَةِ «القَدْرِ» وكان أَئِمَّةُ الْحَرَمِ — في الليلَةِ قَبْلَها — قد انتهَوْا في القراءَةِ إِليها. وتعَطَّلَ في تلكَ السَّاعةِ سائرُ الأَئِمَّةِ من قِراءَةِ التَّرَاويحِ تَعظيمًا لِخَتْمةِ المَقامِ، وحَضَرُوا مُتَبَرِّكينَ بِمُشاهَدِتِه، فَخَتَمَ القاضي بِتَسْلِيمتَيْنِ، وقامَ خَطيبًا مُسْتَقْبِلَ المَقامِ والبيْتِ العَتيقِ، فلَمْ يَتَمَكَّنْ سَماعُ الخُطْبَةِ للازْدِحامِ، وَضَوْضاءِ العَوامِّ.

فلَمَّا فرَغَ من خُطْبَتِهِ عادَ الأَئِمَّةُ لإقامَةِ تَرَاوِيحِهم، وانفَضَّ الجَمْعُ ونُفُوسُهم قد اسْتطارَتْ خُشوعًا، وأَعْيُنُهم قدْ سالتْ دُموعًا.

وقدْ أُشْعِرَ النَّاسُ من فَضْل تلك الليلَةِ المُبارَكِة رَجاءً مُبَشِّرًا بمَنِّ اللهِ تَعالى بالْقَبولِ، ومُشْعِرًا أَنها — وَلَعلَّها — لَيْلَةُ القَدْرِ المُشَرَّفُ ذكْرُها في التَّنْزِيلِ.

(١٤) عِيدُ الفِطْر

اسْتَهلَّ هِلالُ شَهْرِ شَوَّالٍ لَيلَةَ الثُّلاثاءِ، وهذا الشَّهْرُ هو فاتِحةُ أَشْهُر الحَجِّ المَعلُوماتِ، وبَعْدَه تَتَّصِلُ ثَلاثَةُ الأَشْهَر الحُرُمِ. وكانَتْ لَيلَةُ اسْتِهلالِ هِلالِه مِن الَّليالِي الحفيلَةِ في المَسجدِ الحرام. جرَى الرسمُ في إيقادِ مَشاعلِه وثُرَيَّاتِهِ وشَمَعِهِ، على الرسم المذكور، ليلةَ سَبْعٍ وعشرِينَ من رمضانَ المُعظم. وأُوقِدَتِ الصَّوامِعُ من الْجهاتِ الأَربعِ من الْحَرمِ، وأُوقِدَ سَطْحُ المَسجِدِ الذي في أَعْلَى جَبَلِ «أَبي قُبَيْسٍ». وأَقامَ المُؤَذِّنُ ليلتَه تلك في أَعلى سطحِ قبةِ «زمزم»، مُهَلِّلًا ومكبِّرًا ومُسَبِّحًا وحامدًا. وأكْثَرَ الأَئمَّةُ تلك الليلةَ إِحياءً، وأَكثرَ الناسُ على مِثْل تِلكَ الحالِ، بيْنَ طَوافٍ وصَلاةٍ، وتهليلٍ وتكبيرٍ.

(١٥) صلاة العيد

فلمَّا كان صبِيحَتُها وقضَى الناسُ صلاةَ الفجرِ، لَبِسُوا أَثوابَ عيدِهم، وبادَرُوا لأَخْذِ مَصافِّهم لصلاةِ العيدِ بالمَسجِدِ الحرامِ، لأَنَّ السُّنَّةَ جَرَتْ بالصَّلاةِ فيه — دُونَ مُصَلًّى يَخْرُجُ النَّاسُ إِلَيْهِ — رَغبةً في شَرَفِ البُقْعةِ وفَضْل بَركتِها، وفَضلِ صَلاةِ الإِمامِ خَلْفَ المَقامِ ومَنْ يَأْتَمُّ به. فأَوَّلُ من بَكَر الشَّيْبِيُّونَ، وفَتَحُوا باب الكعْبَةِ المُقَدَّسةِ، وأَقامَ زعيمُهم جالسًا في العَتَبَةِ المُقدسةِ وسائرُ الشَّيبِيِّينَ داخلَ الكعبةِ، إلى أن أَحسُّوا بوصولِ الأَميرِ «مُكثرٍ»، فنزلُوا إِليهِ وتَلَقَّوْهُ بِمَقْرَبةٍ من بابِ النبيِّ فانْتَهى إلى البَيْتِ المُكرَّمِ، وطافَ حَوْلَه أُسبوعًا (سبعة أَطْوافٍ) والنَّاسُ قد احْتَفَلُوا لِعِيدِهِمْ، والحَرمُ قد غَصَّ بهم، والمُؤَذِّنُ الزَّمْزَمِيُّ فوقَ سَطْحِ القُبَّةِ — على الْعادةِ رافعًا صَوْتَهُ بالثَّناءِ علَيْهِ، والدُّعاءِ له، مُتَناوِبًا في ذلك مع أَخِيهِ. فلمَّا أَكْملَ الأَمِير الأُسبوعَ (طاف سَبْعَ مرَّات)، عَمَدَ إلى مِصْطَبةِ قُبَّةِ «زمزم»، ممَّا يُقابلُ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ، فَقَعَدَ بها، وبَنُوه عن يَمِينِه ويسارِهِ، ووزيرُه وحاشيَتُه وقوفٌ على رأَسِهِ. وعادَ الشَّيبِيُّونَ لِمَكانِهم من البَيْتِ المُكَرَّمِ، يَلْحَظُهم النَّاسُ بأَبْصارٍ خاشِعَةٍ لِلْبَيْتِ، غابِطَةٍ لِمحَلِّهم منه، ومكانِهم من حِجابَتِهِ وسِدانَتِه.

فَسُبحان مَنْ خَصَّهم بالشَّرفِ في خِدْمَتِهِ!

وحضَرَ الأَميرَ — مِنْ خاصَّتِه — شُعَراءُ أَربعةٌ، فأَنْشدُوه، واحدًا إِثْرَ واحد، إِلى أَنْ فَرَغُوا مِن إِنشادِهم. وفي أَثناءِ ذلك تَمكَّن وقتُ الصَّلاةِ (تَعَيَّنَ وَقْتُ صَلاةِ العِيدِ تَعَيُّنًا تامًّا)، وكان ضُحًى من النَّهارِ.

(١٦) خُطْبَةُ الْعِيدِ

فأَقْبلَ القاضي الخطيبُ يتَهادَى بين رايتَيْهِ السَّوْداوَيْنِ، والفرقعةُ — المتقدم ذكْرُها — أَمامَه، وقد صَكَّ الحرمَ صوتُها، وهو لابِسٌ ثيابَ سوادِه. فجاءَ إلى المَقامِ الكريمِ، وقامَ الناسُ للصَّلاةِ. فلما قضَوْها رَقِيَ المِنبرَ وقد أُلْصِقَ إلى موضِعِه المُعَيَّنِ له كلَّ يومِ جُمُعَة من جِدارِ الكَعبَةِ المُكرمةِ حيثُ البابُ الكريمُ شارعٌ (قريبٌ)، فخطب خطبةً بليغةً. والمُؤَذِّنُون قُعُودٌ دُونَه في أَدراجِ المِنْبَرِ. فعند افتتاحِه فُصولَ الخُطبةِ بالتَّكْبيرِ يُكَبِّرُون بتَكْبِيرِه، إلى أن فَرَغَ من خُطبتِهِ. وأَقبلَ الناسُ بعضُهم على بعض، بالمصافَحَةِ والتَّسْليمِ، والتَّغافُرِ والدُّعاءِ، مَسْرُورِينَ جَذِلينَ، فَرِحين بِما آتاهُم الله من فَضْلِهِ. وبادَرُوا إلى البيتِ الكَريمِ فدخَلُوا بسَلامٍ آمِنِينَ، مُزْدَحِمينَ علَيْهِ فَوْجًا فَوْجًا، فكانَ مشْهَدًا عَظِيمًا.

•••

وأَخَذَ الناسُ — عِندَ انْتِشارِهِم من مُصَلاَّهم، وقضاءِ سُنَّةِ السلامِ بعضِهم على بعض — في زِيارةِ الْجَبَّانةِ بالمَعْلَى، تَبَرُّكًا باحْتِسابِ الخُطا إِليها، والدُّعاءِ بالرَّحْمَةِ لِمَنْ فيها مِنْ عِبادِ اللهِ الصَّالِحيِنَ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤