اتساع رؤية السيدة جيهورام
٣١
أخذت السيدة جيهورام كوبًا من الشاي من السيدة ميندام وقالت: «سمعت شخصًا يعزف الكمان في منزل الكاهن وأنا في طريقي إلى هنا.»
قالت السيدة ميندام: «الكاهن يعزف، تحدثت إلى جورج في الأمر، لكن بلا جدوى، لا أعتقد أنه ينبغي أن يسمح للكاهن بمثل هذه الأشياء، هذا غريب، لكنه …»
قاطعتها السيدة جيهورام: «أعرف ذلك يا عزيزتي، لكني سمعت عزف الكاهن في الفصل المدرسي ذات مرة، ولا أعتقد أن ما سمعت كان عزفه. كان عزفًا بارعًا للغاية، وجديدًا على أذنيَّ. أخبرت السيدة هامرجالو بذلك هذا الصباح، أعتقد أن …»
قاطعتها السيدة ميندام: «المجنون؟! هذا محتمل جدًّا، ذوو الإعاقة العقلية هؤلاء، يا للهول! أعتقد أني لن أنسى ذلك الموقف الفظيع أبدًا، بالأمس …»
قاطعتها السيدة جيهورام: «ولا أنا.»
قالت السيدة ميندام: «ابنتاي المسكينتان! عقدت الصدمة لسانيهما. كنت أخبر السيدة هامرجالو …»
قالت السيدة جيهورام: «صمتهما هو ما يقتضيه التهذيب، كان الموقف فظيعًا بالنسبة إليهما يا عزيزتي.»
سألت السيدة ميندام: «أخبريني بصراحة يا عزيزتي، هل تعتقدين فعلًا أن ذلك المخلوق كان رجلًا؟»
ردت السيدة جيهورام: «كان عليكِ أن تسمعي عزفه على الكمان.»
قالت السيدة ميندام: «لا يزال ظني يذهب إلى أن … جيسي …» ومالت إلى الأمام كمن تريد أن تهمس بشيء.
وأخذت السيدة جيهورام قطعة كعك، وقالت: «أنا متأكدة أن اللحن الذي سمعته هذا الصباح لا يمكن لامرأة أن تعزفه.»
قالت السيدة ميندام: «إذا كان هذا رأيك فلا رأي بعده بالطبع.» كانت السيدة جيهورام صاحبة القول الفصل في سيدرمورتون في كل ما له صلة بالفن والموسيقى والأدب الجميل، وكان زوجها الراحل شاعرًا لم يذع صيته، لكن السيدة ميندام أضافت بنبرة حكمة: «ومع ذلك …»
قاطعتها السيدة جيهورام: «هل تعرفين؟ أميل بعض الشيء لتصديق قصة الكاهن.»
قالت السيدة ميندام: «يا للطفك يا جيسي!»
ردت جيهورام: «فكِّري في الأمر، لا أعتقد أنه من الممكن أن يكون قد استضاف أحدًا في منزله قبل تلك الظهيرة، أنا متأكدة من أننا كنا سنسمع بذلك لو حدث. لا يمكنني أن أتصور أن قطًّا شاردًا يمكن أن يصل إلى بُعد أربعة أميال من سيدرمورتون بدون أن يصلنا خبره، الناس هنا ينقلون الأخبار، فإذا كان …»
قالت السيدة ميندام: «لم أثق في الكاهن يومًا، فأنا أعرفه.»
قالت جيهورام: «لكن القصة معقولة، إذا كان السيد آنجيل هذا ماهرًا جدًّا وغريب الأطوار فربما …»
قالت ميندام: «لا بد أن يكون غريب الأطوار جدًّا ليرتدي ما كان يرتديه، ثمة درجات وحدود لكل شيء يا عزيزتي.»
قالت جيهورام: «لكن التنورات …»
أكملت ميندام جملتها: «عادية جدًّا في مرتفعات اسكتلندا.»
وقعت عينا السيدة جيهورام على نقطةٍ سوداء تتحرك ببطء قاطعةً امتدادًا من الخضرة المائلة إلى الاصفرار التي تكسو التل.
فقالت: «ها هو ذا، في الجانب البعيد من حقل الذرة، أنا متأكدة أن ذاك هو، يمكنني أن أرى حدبة، إلا إذا كان رجلًا يحمل كيسًا على ظهره. بركاتك أيتها العذراء! إليكِ المنظار، يفيد في النظر إلى منزل الكاهن! نعم إنه ذلك الرجل، وجهه جميلٌ جدًّا.»
بشيء من الإيثار أعطت مضيفتها المنظار، وعمَّ الصمت لدقيقة.
قالت السيدة ميندام: «ملبسه وقور جدًّا الآن.»
قالت السيدة جيهورام: «جدًّا.»
فترة صمت.
قالت السيدة ميندام: «يبدو ممتعضًا.»
وأضافت جيهورام: «ومعطفه مليء بالغبار.»
قالت السيدة ميندام: «مشيته متزنة، أو هكذا يبدو لي، الطقس حار.»
فترة صمت أخرى.
ثم وضعت السيدة جيهورام المنظار، وقالت: «اسمعي يا عزيزتي، ما كنت سأقوله هو أنه ربما كان عبقريًّا متنكرًا.»
ردت ميندام: «إذا اعتبرنا هذا تنكرًا.»
قالت جيهورام: «لا شك أن الأمر كان غريبًا، لكني رأيت أطفالًا يرتدون قمصانًا صغيرة، لا يختلفون كثيرًا عنه. هم والكثير من المبدعين يتسمون بغرابة الملبس والطباع. قد يقدم المبدع على ما لا يتجرأ غيره على التفكير فيه. لا أستبعد أن يكون مشهورًا تثير بساطتنا المفرطة سخريته. كما أن ملبسه الذي أثار كل هذه الضجة لم يكن فاضحًا بقدر تلك الملابس التي باتت السيدات يرتدينها لركوب الدراجة. رأيت صورة نموذج منها في إحدى الصحف المصوَّرة منذ عدة أيام — صحيفة «ذا نيو بادجيت» إن لم تخنِّي الذاكرة — ملابس ضيقة جدًّا يا عزيزتي. أُصرُّ على أنه عبقري، خاصة بعد عَزْفه، أنا متأكدة من أنه ليس مدعيًا. وربما كان مسليًا جدًّا في الحقيقة. سأطلب من الكاهن أن يُعرِّفني عليه.»
صاحت السيدة ميندام: «يا للهول!»
قالت السيدة جيهورام: «أنا مُصرَّة.»
علقت السيدة ميندام: «أخشى أن هذا تهورٌ منك، العباقرة وأمثالهم كلهم في لندن، ليسوا هنا في منزل الكاهن.»
قالت السيدة جيهورام: «سنخبر القوم، أحب الأصالة، أخطِّط لرؤيته على أي حال.»
قالت السيدة ميندام: «احذري من أن تري منه أكثر من اللازم؛ فقد سمعت أن الموضة تتغيَّر كثيرًا. وسمعت أن عددًا من ألمع الشخصيات قالوا إن العبقرية لم تعد محل ترحيب، خاصة بعد الفضائح الأخيرة …»
ردت جيهورام: «في الأدب فقط، أما في الموسيقى …»
قاطعتها ميندام مستطردةً: «مهما قلتِ يا عزيزتي، فلن يقنعني شيءٌ بأن زي ذلك الشخص لم يكن فاضحًا للغاية وغير محتشم.»