خاتمة

٥٢

كانت هذه قصة الزيارة الرائعة، وخاتمتها على لسان السيدة ميندام، كان هناك صليبان أبيضان صغيران متقاربان على الجدار الحجري المزدان بنبات العليق في ساحة كنيسة سيدرمورتون، ونقش أحد الصليبين باسم توماس آنجيل والآخر باسم ديليا هاردي، وكانا يحملان نفس تاريخ الوفاة. لم يكن تحت الصليبين إلا رماد نعامةٍ محنَّطة من مقتنيات الكاهن (تَذكَّرْ ولع الكاهن بالطيور). لاحظتُهما عندما كانت السيدة ميندام تعرض عليَّ أثرًا جديدًا تركه دو لا بيش (كان ميندام قد أصبح كاهن القرية بعد وفاة هيليار)، قالت السيدة ميندام: «الجرانيت من مكانٍ ما في اسكتلندا، وتكلَّف ثمنًا باهظًا لم أعد أتذكره! لكنه مثار الحديث في القرية.»

نبهت سيسي ميندام أمها: «أمي، إنك تدوسين على قبر.»

قالت السيدة ميندام: «يا إلهي! هذا استهتار منِّي! الأنكى أنه قبر المعاق. لكن على أي حال لا يمكنك تخيُّل التكلفة التي تكبدوها.»

واصلت السيدة ميندام: «بالمناسبة، هذان الشخصان قُتلا في حريق منزل الكاهن القديم، كانت قصةً غريبة. كان الرجل شخصًا غريب الأطوار، عازف كمان أحدب لم يعرف أحد مسقط رأسه، لكن سيطر على الكاهن وأثر فيه بشدة. كان يعزف الكمان سماعيًّا، واكتشفنا لاحقًا أنه لا يعرف شيئًا عن النوتة الموسيقية. افتُضح أمره أمام جمع من الناس. دارت حوله حكاياتٌ كثيرة، منها أنه كان على ما يبدو يعبث مع إحدى الخادمات، كان فتًى خبيثًا، يحسن أن يخبرك ميندام بباقي القصة. كان معتل العقل وفي جسمه تشوُّه غريب. أثار في ذهن بعض الفتيات خيالاتٍ غريبة.»

نظرت إلى سيسي بحدة، فوجدت في عينَيها خجلًا.

واصلت: «تُركتْ في المنزل، فاقتحم النيران محاولًا إنقاذها، رومانسيٌّ جدًّا، أليس كذلك؟ كان بارعًا في عزف الكمان على طريقته التي لم يصقلها تعليم.»

«كل مقتنيات الكاهن من الكائنات المحنطة احترقت في الوقت ذاته. كانت هذه الكائنات شغله الشاغل، لم يتجاوز تلك الصدمة قط. ولما لم يكن في القرية منزلٌ آخر يمكنه المكوث فيه انتقل للإقامة معنا، بيد أنه لم يبدُ سعيدًا، بل بدا مهتزًّا، لم أرَ تغييرًا مثل ذلك على رجل قطُّ، حاولت الترويح عنه لكن بلا جدوى على الإطلاق. كانت تراوحه أوهامٌ غريبة عن الملائكة وأشياء من هذا القبيل، فأصبحت مرافقته غريبة في بعض الأحيان، فمثلًا كان يقول إنه يسمع صوت موسيقى ويحدق في الفراغ ببلاهة لساعات، كما أهمل ملبسه تمامًا، مات بعد الحريق بسنة.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤