الفصل الأول

زكي نجيب محمود في تيار النهضة العربية

تمهيد

في ظنِّي أن معظم الأخطاء التي وقع فيها كل من أراد أن يُقيِّم فكر زكي نجيب محمود، إنما ترجع إلى سببٍ رئيسيٍّ واحد هو عدم متابعة تطوره الفكري، والاكتفاء بالنظر إليه من خلال الوضعية المنطقية وحدها؛ ومن ثم اعتباره: «صاحب مدرسةٍ فلسفية يُثابر على إثرائها وتدعيمها منذ سنواتٍ في إخلاصٍ ودأب وأناة …»١
وما دمنا قد حكمنا عليه بأنه صاحب مدرسة، فمن الطبيعي أن تعارضه «المدارس الأخرى»، سواء أكانت يساريةً كالماركسية أو يمينية كالسلفية المتزمتة، وأن ينظر إليه أصحاب اليمين وأصحاب اليسار جميعًا، وكأنه لم يفعل شيئًا سوى نشر الدعوة التي يقوم عليها مذهبه، وتثبيت دعائمها، على نحو ما يفعلون هم أنفسهم: «حتى استطاع أن يُنمِّي حوله تيارًا فكريًّا مستمدًّا من أصول هذه الفلسفة، وأن يدعمه بالمقالات والمحاضرات والكتب.»٢ ومن هنا كان نقد الوضعية المنطقية يعني، في الحال، نقدًا لزكي نجيب محمود، حتى وإن اعترف فريقٌ من أصحاب هذا النقد أنه «أنشأ مدرسةً خاصة في داخل المدرسة الوضعية المنطقية».٣ أو اعترف غيرهم أن الدور الذي لعبه زكي نجيب محمود في ثقافتنا يختلف عمَّا تقوم به الوضعية المنطقية في بلادٍ أخرى كإنجلترا أو أمريكا، وغيرهما من الدول المتقدمة، التي لا يمكن أن نقول إن هذه الفلسفة تقوم فيها بعمليةٍ تنويريةٍ. أما عندنا «فقد كان التصدي للخرافات الغيبية بالنقد شرطًا لكل نقدٍ في بلادنا، فيما بدأت علاقات العالم القديم تسير في الاضمحلال (وقام فيها زكي نجيب محمود بدورٍ بارزٍ)، فألحقت سهام نقده ضررًا فادحًا بالقيم الرجعية … فضلًا عن أنه لم يتهاون طوال فترة ليست بالقصيرة مع الكهانة الجاهلة في الكثير من المسائل العلمية، ووجهت إليه أحجار الاتهامات الطائشة، بخلاف الحال مع ممثلي الوضعية المنطقية في شروطٍ اجتماعية مختلفةٍ …»٤
ومع ذلك كله فقد أصبح من المألوف أن تُصادفك في مجال الدراسات، التي تتصدى لبحث الفلسفة في العالم العربي، «كليشيات» أقرب إلى المسلَّمات بأن الرجل يحمل لواء الوضعية المنطقية فحسب، وأنه أكبر داعية لها، وهذا هو كل دوره في حياتنا الثقافية … «من المؤكد أن زكي نجيب محمود هو أبرز ممثل لهذا التيار في الوطن العربي …»٥ وكأن المسألة أصبحت بديهيةً لا تحتاج إلى شرحٍ أو تفسيرٍ، فقد صدر الحكم وانتهى الأمر بأنه ممثل الوضعية المنطقية، وحامل أختامها ووكيل أعمالها لا أكثر ولا أقل! فإذا ما كُتبت عنه أطروحة أكاديمية، فإنها تستهدف دراسة «الوضعية المحدثة وفلسفة زكي نجيب محمود».٦ إذ إنه: «إلى هذا الاتجاه الفكري تقدَّم الدكتور زكي نجيب محمود بطلب انتساب، وأصبح ممثله في الفكر العربي …»٧ وعلى هذا النحو يسير معظم الكُتَّاب على اختلاف مذاهبهم، واتجاهاتهم الفكرية، لا نستثني من ذلك أولئك الذين لم يدركوا الفرق بين الوضعية المنطقية، والمذهب الوضعي الفرنسي الذي وضعه أوجست كونت (١٧٩٨–١٨٥٧م) في منتصف القرن الماضي، فخلطوا بينهما على نحوٍ ينمُّ عن جهلٍ فاضحٍ، ثم اتهموا مفكرنا بأنه على صلةٍ «بالاستعمار الغربي»، مثله مثل طه حسين وعلي عبد الرازق ومن لفَّ لفهما.٨
والخلاصة أن كل ما يَعلمه نقادنا — للأسف الشديد — عن زكي نجيب محمود عندما يرد ذكر اسمه، أنه صاحب «خرافة الميتافيزيقا» التي صدرت عام ١٩٥٣م؛ أي منذ ما يقرب من نصف قرن. أما زكي نجيب محمود الميتافيزيقي الذي كتب في بداية الأربعينيات بحثًا عن حرية الإرادة أخذ فيه بنظرية الجبر الذاتي Self-Determinaton وهي نظريةٌ ميتافيزيقيةٌ في صميمها،٩ فهم لا يعلمون عنه شيئًا؛ لأنهم لم يشغلوا أنفسهم بدراسة الجوانب المختلفة لتطوره الروحي. إنهم يعرفون جيدًا زكي نجيب محمود، «صاحب النطق الوضعي» الذي صدر عام ١٩٥١م، أما زكي نجيب محمود المفكر التنويري الذي كتب منذ «الشرق الفنان» عام ١٩٦٠م ما يقرب من عشرين كتابًا، تدور كلها حول بعث الفكر العربي وتجديده، فإنهم لا يعلمون عنه شيئًا، وما حاجاتهم إلى مثل هذه المعرفة، وقد حبسوا فكره في قوالب محددةٍ واضحة سهلة هي قوالب الوضعية المنطقية، على نحو ما يفهمها أصحابها في إنجلترا والولايات المتحدة؟! في استطاعتهم بعد ذلك أن ينهالوا عليها نقدًا وتجريحًا مستخدمين انتقاد الماركسيين الإنجليز على وجه الخصوص! وكأنه لا فارق بين ما فعله مفكرنا وما فعله كارنب وآير وغيرهما!
ولو أن الرجل أراد أن يكوِّن مدرسةً، كما يزعم هؤلاء النقاد، تنشر مبادئ الوضعية المنطقية، وتترجم نصوصها وتُروِّج أفكارها لوجد عشرات من تلاميذه على استعدادٍ تامٍّ للقيام بمثل هذا الدور منذ زمنٍ بعيدٍ.١٠ ولا سيما وأن كل مَن تتلمذ على يديه لم يستطع أن يفلت من سيطرته القوية على عقول الشباب منذ اللحظة التي بدأ فيها التدريس بالجامعة، فهذا واحدٌ من ألمع مفكرينا يصف تأثيره عليه عندما كان تلميذًا له في أواخر الأربعينيات فيقول: «الحق أن أصدق وصف ينطبق على التأثير العميق الذي تركه أستاذنا في تلاميذه، هو ذلك الذي أطلقه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط على التغيير، الذي أحدثته في عقله كتابات فيلسوف إنجلترا الأكبر: ديفيد هيوم، وذلك حين قال: لقد أيقظني هيوم من سُبات اليقين الجازم الذي لا يتشكَّك في شيء. ولقد كان هذا بعينه هو ما أحدثته محاضرات الدكتور زكي في عقولنا، ونحن في منتصف تعليمنا الجامعي …»١١
معنى ذلك أن أثره في تلاميذه كان قويًّا وعارمًا: «فمن وراء مظهره الهادئ وصوته الخفيض إعصارٌ مدمرٌ …!»١٢ وتلك شهادةٌ يعلنها تلاميذه في كل مكان، فلو أنه أراد أن يُكوِّن مدرسة، كما يقول أصحاب النقد المتسرِّع، لوجد من تلاميذه من يُؤلف ومن يُترجم، ومن ينقل الوضعية المنطقية بشتى زواياها وأبعادها إلى الثقافة العربية، لكنه لم يفعل بل كانت معظم الرسائل الأكاديمية التي أشرف عليها إبان أستاذيته بالجامعة، تدور حول موضوعاتٍ فكرية لا علاقة لها بالوضعية المنطقية! …١٣ وهذا يدل على أن اهتمامه بهذا المذهب كان لأسبابٍ تنويريةٍ في المقام الأول؛ فهو من المذاهب التي شنَّت حربًا لا هوادة فيها على الخرافة، وهو من أقرب المذاهب إلى العلم والتفكير العلمي، هو في النهاية منهج، لا يتقيَّد، بمضمونٍ معين.
ولعل سوء الفهم الواسع لفكر هذا الرجل، وما ترتَّب عليه من نظراتٍ ضيقةٍ تعدَّت تمامًا عن تقديره تقديرًا سليمًا، هو الذي اضطره إلى أن يعلن أكثر من مرةٍ توضيحًا لموقفه، للذين لم يفهموا الدور الذي يريد للوضعية المنطقية أن تقوم به فيقول: «لقد كنتُ لسنواتٍ طوال مُخطئًا بين مخطئين؛ لأنني كنتُ بدوري أتعصَّب لتيارٍ فلسفيٍّ معين، على ظنٍّ منِّي بأن الأخذ به يقتضي رفض التيارات الأخرى، لكني اليوم، مع إيماني السابق بأولوية فلسفة التحليل على ما عداها من فلسفات عصرنا، أومن كذلك بأن الأمر بين هذه الاتجاهات الفلسفية إنما هو أمر تكاملٍ في نهاية الشوط.»١٤ لم يقرأ أصحاب الأحكام المبتسرة السابقة عبارة كهذه، وهي ليست بالقطع تبرؤًا من المذهب الوضعي المنطقي، أو التجريبية العمية كما يحلو له أن يسمِّيها، أو تنصُّلًا منه، وإنما هو إعلانٌ بأن المسألة ليست تعصبًا لمذهب. إنه تصريحٌ ضمنيٌّ بأنه استفاد من هذا المذهب، وأنه وظَّفه «لصالح الفكر التنويري».١٥
وأنه تجاوزه بعد أن تطور فكره وصقلته التجارب: «علمتني خبرة السنين، بين ما علمتني، أن من أخطر مزالق الفكر أن أُقيِّد نفسي في حدود إطارٍ مذهبيٍّ، تقييدًا يجعلني أرجع في كل أموري إلى مبادئ قبلته، وما لم يتفق معها رفضته؛ وذلك لأن الخبرة علمتني أن تيار الحياة أغزر جدًّا من أن يُلمَّ به مذهبٌ واحد بعددٍ قليل من المبادئ والقواعد؛ ولذلك كان من التطور الطبيعي في حياتي الفكرية، دون أن تعمد شيئًا عن تخطيطٍ وتدبير، أن أجدني قد اتَّخذت لنفسي في اتجاهات الفلسفة المعاصرة اتجاهًا هو في حقيقته «منهج للتفكير»، لا «مذهب» يورِّط نفسه في مضمونٍ فكريٍّ بذاته، فكنت كمن وضع في يده ميزانًا يزن به ما يشاء، دون أن يملأ يديه بمادةٍ معينةٍ لا بد أن تكون هي وحدها موضع الوزن والتقدير …»١٦
لم تكن الوضعية المنطقية، إذن، سوى مرحلةٍ في فكر زكي نجيب محمود، توقَّف عندها قليلًا، وتأملها طويلًا، ودرسها بعمقٍ كيما يستفيد منها في هدفٍ أعلى هو المهمة التنويرية التي يقوم بها.١٧ ومن ثمَّ فإننا نُسيء فهمه أولًا، ونظلمه ثانيًا، ونغفل الدور الذي قام به ثالثًا، إذا ما توقفنا عند هذه المرحلة، أو حكمنا على دوره من خلالها فحسب، بل إن على الباحث الجاد، إذا أراد أن يكون مُنصفًا لهذا المُفكر، أن يتتبع تطوره الروحي محاولًا أن يضعه في مكانه الصحيح من خارطة النهضة الثقافية العربية، وبين كبار مفكرينا التنويريين الذين قاموا بهذه النهضة منذ أوائل القرن الماضي وحتى يومنا الراهن …! ومن ثمَّ فلا مندوحة لنا عن القيام بعرضٍ سريع لمسار نهضتنا التي بدأت مع الحملة الفرنسية، إلى أن نصل إلى زكي نجيب محمود المفكر والأديب؛ لنتعرف على إسهاماته في هذه النهضة.

مسار النهضة

إذا كان المؤرخون الغربيون يحددون النهضة الأوروبية بسقوط القسطنطينية عام ١٤٥٣م على يد الأتراك العثمانيين، بعد أن فتحها محمد الثاني الملقَّب بمحمد الفاتح، فإننا نستطيعُ أن نحدد «نهضتنا العربية» بغزو الغرب، هذه المرَّة للشرق على يد نابليون وسقوط الإسكندرية عام ١٧٩٨م؛ أي قبيل فاتحة القرن التاسع عشر بسنتين.١٨ منذ ذلك التاريخ بدأ عصر نهضتنا الذي ما زلنا نعيشه حتى يومنا الراهن، دون أن نتجاوزه إلى ما يمكن أن نُسمِّيه في تاريخنا «بالعصر الحديث»، غير أن هذه الفترة الطويلة، التي طالت أكثر مما كان ينبغي لها، لم تكن كلها مسطحًا واحدًا متصلًا، بل كانت متدرجة في مستوياتٍ ثلاثة كل منها يرتفع على سابقه بدرجة؛ كالعمارة الإسلامية حين كانت تجعل الطابق الثاني من البناء أوسع رقعةً بدوره من الطابق الثاني، فبرغم ما بين الطوابق الثلاثة المتعاقبة من استمراريةٍ تجعلها عمارةً واحدة، كانت بينها فروق في السعة كل منها أوسع من سابقه.١٩

وكان كل مستوى من تلك المستويات الثلاثة في مسار نهضتنا ينتهي بثورةٍ تنقلنا إلى المستوى الأعلى، لكن تلك الثورة كانت تجيء نتيجة لازمة للمخاض الفكري السابق عليها، فثورة عرابي هي نهاية المرحلة الأولى، وثورة ١٩١٩م هي نهاية المرحلة الثانية، وثورة ١٩٥٢م هي نهاية المرحلة الثالثة.

فما هي هذه المستويات الثلاثة؟ وكيف كان مسار نهضتنا منذ بدأت حتى الآن؟! وأين يوضع فكر زكي نجيب محمود في هذا المسار؟!

المستوى الأول

عندما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر كان العالم الإسلامي عامة، والوطن العربي خاصة يعيش في: «ظلمة حالكة، ومحنة شاملة، وجهل مطبق، وظلم فادح، وفقر مدقع» على حدِّ تعبير أحمد أمين.٢٠ ولقد وصف مسيو فولني Volney السائح الفرنسي الذي زار مصر والشام، هذه البلاد في آخر القرن الثامن عشر بقوله: «إن الجهل في هذه البلاد عامٌّ وشامل مثلها مثل سائر البلاد التركية يشمل الجهل كل طبقاتها، ويتجلَّى في كل جوانبها الثقافية من أدبٍ وعلمٍ وفن، والصناعات فيها في أبسط حالاتها، حتى إذا فسدت ساعتك لم تجد من يُصلحها إلا أن يكون أجنبيًّا» …٢١ ويتحدَّث غيره عن الذين بلغوا من العلم مرتبة القراءة والكتابة فيقول: «إن مصر حين وليها محمد علي لم يكن بها أكثر من مائتين يعرفون القراءة والكتابة، باستثناءٍ من القبط …»!٢٢ وقل مثل ذلك بالنسبة لبلاد الشام؛ إذ يذكر «بورج» أنه لم يكن في دمشق أو حلب بائع كتبٍ واحد!٢٣ حتى إن الحكومة المصرية تخشى تعليم الرياضة والطبيعة، وتستفتي شيخ الأزهر «هل يجوز تعليم المسلمين العلوم الرياضية كالحساب والهندسة؟!» فيُجيب الشيخ في حذرٍ: «يجوز مع بيان النفع من تعلمها»، كأن هذه العلوم لم يكن للمسلمين عهدٌ بها، ولم يكونوا من مخترعيها وذوي التفوق فيها».٢٤ على هذا النحو كان الوطن العربي منعزلًا منغلقًا على علوم العصور الوسطى، يحفظ بعض الكتب ويجبرها، ويكتفي بتقديم شرح على متن أو حاشية على شرح! ولم يكن بينه وبين الشعوب الأوروبية اتصال في جوانب الثقافة أو الصناعة أو نظم الحكم، إلخ حتى جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر، تحمل معها صورًا جديدة وأفكارًا وقيمًا جديدة، فأسهمت في كسر الحاجز الذي بناه العثمانيون من الخرافات والشعوذة حول عقول الشرقيين.٢٥ ومن المصادفات الغريبة أن ينسحب الجيش الفرنسي في ١٥ أكتوبر عام ١٨٠١م، وهو نفس اليوم الذي وُلد فيه رفاعة الطهطاوي رائد النهضة الحديثة!
كان رفاعة الطهطاوي (١٨٠١–١٨٧٣م) هو باذر البذور في المرحلة الأولى، وهي البذور التي أخذت تُنبت نباتها حتى استنفدت طاقاتها، فجاءت في خاتمتها ثورة عرابية، والبذور التي بذرها إنما هي فكرة الحرية في صورة الجنينية الأولى، وهذه الفكرة هي المعيار الدقيق لقياس درجات صعودنا، فكلما ازدادت الحرية عمقًا، ازداد ارتفاعنا على طريق النهضة درجةً بعد درجةٍ.٢٦ ويكتب الطهطاوي في كتابه «المرشد الأمين للبنات والبنين» فصلًا بعنوان: «في الحرية العمومية والتسوية بين أهالي الجمعية»؛ أي في الحرية العامة والمساواة بين أبناء المجتمع. وهو يُقسِّم هذه الحرية خمسة أقسام: طبيعية في المأكل والمشرب، وسلوكية في إطار الأخلاق، ودينية تكفل حرية العقيدة، ومدنية تُنظِّم التعامل بين الناس، وسياسية وهو أن تكفل الدولة للمواطن الحريات السابقة.
فالحرية السياسية لم تكن تعني عنده مشاركة الشعب في الحكم، فذاك أملٌ بعيد المنال! على أن هذه الحريات تتضمن «المساواة»، فهي تنصرف إلى جميع المواطنين على حدٍّ سواء، لم يفرق بين رجلٍ وامرأة؛ ومن ثم يمكن اعتباره أول من دعا إلى حرية المرأة دعوةً انتهت إلى ذروتها عند قاسم أمين. كما أنه كان أول من بشَّر بالديمقراطية السياسية التي صاغها فيما بعد أحمد لطفي السيد (١٨٧٢–١٩٦٣م)، بل كان الطهطاوي بمثابة الصيحة الأولى «نحو الإصلاح الزراعي» بالمعنى الاشتراكي الذي نفهمه اليوم، عندما كتب فصلًا عنوانه «مطلب في تقسيم الأرض بين مالكها وزراعها»: «ينحو فيه باللائمة على مُلَّاك الأرض الذين لا يعطون الأهالي إلا بقدر الخدمة والعمل، وعلى مقدار ما تسمح به نفوسهم في مقابل المشقَّة!»٢٧
وفي نفس هذه المرحلة ظهر جمال الدين الأفغاني (١٨٣٩–١٨٩٧م)؛ ليجد التربة المصرية قد أصبحت صالحة للثورة، بفضل التنوير الذي أحدثه الطهطاوي بتعاليمه: «لقد جرَّب الأفغاني أن يبذر بذورًا في فارس والأستانة فلم تنبت، ثم جرَّبها في مصر فأنبتت …»٢٨ ثماني سنوات قضاها الأفغاني في مصر (من مارس ١٨٧١ حتى أغسطس ١٨٧٩م)، كانت من خير السنين بركةً على مصر وعلى العالم الشرقي؛ لأنه كان يدفن في الأرض بذورًا تتهيأ في الخفاء للنماء، وتستعد للظهور ثم الإزهار، فما أتى بعدها من تعشق للحرية وجهاد في سبيلها فهذا أصلها.٢٩
والأفغاني، إلى جانب اهتمامه بفكرة «الحرية»، يهتمُّ أيضًا بفكرة صاحبتها منذ بداية النهضة حتى الآن، وأعني بها «الأحكام إلى العقل»، فيؤلف رسالةً في الرد على الدهريين (أو الماديين)، يحتكم في كل خطوةٍ من خطوات السير إلى ما ظنَّ أنه حجةٌ عقلية، فهو مثلًا يحاول البرهنة على أن نظرية التطور تقوم على الصدفة، على حين أن نظام الكون نظامٌ مُدبَّر، ولا يجوز عند العقل أن تلد المصادفات العمياء مثل هذا النظام المُحكم. كما أن نظرية التطور تجعل اللامتناهي ينتج عن المتناهي، وهو ما لا يجوز عند العقل … إلخ.٣٠
لكن الأفغاني، وإن يكن قد اضطلع بدوره على الضوء الذي ألقاه رفاعة الطهطاوي من قبله، فقد ارتفع بفكرة الحرية على المستوى الأول نفسه، عندما نقل الولاء للحاكم الذي افترضه الطهطاوي ليجعله ولاءً للشعب.٣١
وهكذا اشتدَّت الإرهاصات الفكرية في المرحلة الأولى، حتى تمخضت آخر الأمر عن ثورة عرابي، التي كانت أول ثورة رفعت شعار مصر للمصريين، وإن كانت قد اكتفت بإزالة الحرمان عن المصري، دون أن تُشكك في حقوق الفئات الأخرى الدخيلة من أتراكٍ وجراكسة!٣٢

المستوى الثاني

انتهت ثورة عرابي بدخول المستعمر البريطاني مصر عام ١٨٨٢ لتبدأ المرحلة الثانية في مسار نهضتنا الحديثة، وهنا يظهر على المسرح عمالقةٌ يشدون الأبصار والأسماع: الإمام محمد عبده (١٨٤٩–١٩٠٥م).٣٣ يُناضل ليحرر حياتنا الدينية مما عَلِق بها من خرافة؛ ولينجو بعقول الناس من ظلمة الجهل، غير أن أهم ما عُني به هو توضيح العقائد الأساسية في الإسلام توضيحًا يبين استنادها إلى منطق العقل، فتراه في كتابه «الإسلام والنصرانية» يُفصِّل القول في الأصول التي يقوم عليها الإسلام، ويجعل الأصل الأول لهذا الدين هو «النظر العقلي» يقول «أول أساس وُضع عليه الإسلام هو النظر العقلي، والنظر عنده هو وسيلة الإيمان الصحيح، فقد أقامك منه على سبيل الحجة، وقاضاك إلى العقل، ومَن قاضاك إلى حاكم فقد أذعن إلى سلطته، فكيف يمكنه بعد ذلك أن يثور عليه؟!»٣٤ أما الأصل الثاني للإسلام فهو «تقديم العقل على ظاهر الشرع عند التعارض؛ فقد اتفق أهل الملَّة الإسلامية على أنه إذا تعارض العقل والنقل أُخذ بما دلَّ عليه العقل، وبقي في النقل طريقان: طريق التسليم بصحة المنقول مع الاعتراف بالعجز عن فهمه وتفويض الأمر إلى الله في علمه. والطريق الثاني تأويل النقل مع المحافظة على قوانين اللغة حتى يتفق معناه مع ما أثبته العقل …»٣٥
وعلى المسرح ظهر من العمالقة قاسم أمين (١٨٦٥–١٩٠٨م)، بدعوته إلى تحرير النصف المستعبد من الأمة؛ أعني المستعبد مرتين: فهو أولًا مستعبدٌ من الرجل ثم هو والرجل مستعبدان للمستعمر! كما ظهر مصطفى كامل (١٨٧٤–١٩٠٨م) بزعامته السياسية التي اتجهت نحو تحرير البلاد من المستعمر، وأحمد لطفي السيد (١٨٧٢–١٩٦٣م) وإصراره على أن تُقيِّد الحكومة سلطانها، بحيث لا تسيطر إلا على ما تدعو الضرورة إلى سيطرتها عليه، وهي ثلاثة: الجيش، والشرطة، والقضاء، وفيما عدا ذلك من المرافق والمنافع، فالولاية للأفراد والمجاميع الحرة! وكان من أبرز مبادئ الحركة اللبرالية التي قادها لطفي السيد مبدأ: أن تكون السيادة للقانون لا للأشخاص، وأن يحكم الحاكم بإرادة الشعب لصالح الجمهور كله، لا لصالح طبقةٍ معينة أو فرد بذاته، ثم مبدأ أن تكون مصر للمصريين، ولكنه هذه المرة أوسع معنى مما كان عليه في شعار الثورة العرابية: لأن معناه هذه المرة أن تستقلَّ مصر عن الأتراك مع استقلالها عن الإنجليز، وكان من مبادئه أيضًا أن حرية الوطن لا تتحقق إلا إذا تحققت حرية المواطن، على أن حرية المواطن لا تتحقق إلا في ظل حريةٍ سياسيةٍ، يكون معناها أن يشترك كل فرد في حكومة بلاده إشراكًا تامًّا كاملًا، وهذا هو معنى نسمِّيه سلطة الأمة! وهنا نلحظ الوثبة الهائلة التي انتقلنا بها من المعنى الضيق للحرية السياسية كما فهمها الطهطاوي، إلى معناها كما حدَّده لطفي السيد، هذا كله فضلًا عمَّا سعى إليه لطفي السيد من تطوير التعليم، الذي أراد له أن يكون تنميةً للحرية الفكرية بعد أن كان منحصرًا في إعداد الموظفين للحكومة، وكذلك أيَّد لطفي السيد دعوة قاسم أمين في حرية المرأة، لكنه هنا أيضًا قفز بالمعنى المقصود عاليًا، فبعد أن كانت حرية المرأة عند قاسم أمين تعني أن تكشف المرأة عن وجهها برفع الحجاب، أصبحت عند لطفي السيد تعني حق المرأة في التعليم حقًّا مساويًا لحق الرجل فيه، وتمخضت هذه الإرهاصات الفكرية عن ثورة ١٩١٩م التي انتقلنا بها درجةً أعلى!٣٦

المستوى الثالث

على الرغم من أن زكي نجيب محمود وُلد في المرحلة السابقة ١٩٠٥م، فإن تكوينه العقلي أولًا، ثم إنتاجه الفكري بعد ذلك، كان ولا يزال، داخل هذا المستوى الثالث؛ فهو في مرحلة التكوين في عشرينيات القرن وثلاثينياته، يُقبل إقبالًا شديدًا على متابعة الحياة الثقافية، متابعةً كادت ألَّا تترك كتابًا أو مقالًا مما كان يكتبه أعلام الحرية الفكرية والأدبية في مصر لا سيما في الفكرتين الرئيسيتين «فكرة الحرية» من ناحية، و«فكرة العقل» من ناحيةٍ أخرى.٣٧
ولقد كانت حياتنا الثقافية في هذين العقدين نشطةً، فيذكر أحمد أمين مثلًا في كتابه «حياتي»، أنه كانت هناك مدارس الأصدقاء من ذوي الثقافة الإنجليزية، يكثر فيها الحديث عن شكسبير وديكز، وماكولي، وشو، وه. ج. يلز … إلخ، وجمعية أخرى من أصدقاءٍ من ذوي الثقافة الفرنسية، يكثر فيها ذكر جان جاك روسو، فولتير راسين، وموليير، ودوركايم … إلخ، ثم التقت الجمعيتان في تحرير جريدة أسبوعية اسمها «السفور»، تدافع عن آراء قاسم أمين في تحرير المرأة وتدعو إليها.٣٨
غير أن هذه المرحلة تشهد أبعادًا جديدة لفكرتي «الحرية» و«العقل»، لم تطرأ للسابقين على خاطر، فها هو عباس العقاد (١٨٨٩–١٩٦٤م)، يدعو إلى تحرير الشعر والفن بصفةٍ عامةٍ، وينتهي إلى نظريته الشهيرة التي تذهب إلى «أن الجمال والحرية وجهان لحقيقةٍ واحدة»، في الوقت نفسه فكرة التحرير تشمل الموسيقى، فها هو سيد درويش (١٨٩٣–١٩٢٣م) يعمل على تحرير الموسيقى من صيغتها القديمة التي كانت تستهدف الطرب، لتصبح تصويرًا أو تعبيرًا لما يتردد في صدور الناس بكل فئاتهم. وهذا طلعت حرب (١٨٦٧–١٩٤٢م) يدعو للتحرير الاقتصادي بإنشائه لبنك مصر وشركاته، وهنا علي عبد الرزاق يحرر مفهوم الحكومة الإسلامي من تقليد الخلافة، ويصدر كتابه الشهير «الإسلام وأصول الحكم» عام ١٩٥٢م، يعلن في آخر فقراته أن «الدين الإسلامي بريءٌ من كل ما هيئوا حولها من رغبةٍ ورهبةٍ ومن عزةٍ وقوة، إن هذه الخطط السياسية لا شأن للدين بها، وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل، وتجارب الأمم وقواعد السياسة.»٣٩
كذلك كان طه حسين فيما كتب داعيًا إلى الفكرتين معًا «الحرية» و«العقل»، أو قل إنه كان يدعو إلى الحرية الفكرية بالتزام المنهج العقلي الصرف، حتى في البحوث التي قد تبدو غير خاضعةٍ لذلك المنهج، فها هو يقول: «أريد أن أصطنع في الأدب، هذا المنهج الفلسفي الذي استحدثه ديكارت للبحث عن حقائق الأشياء في أول هذا العصر الحديث، والناس جميعًا يعلمون أن القاعدة الأساسية في هذا المنهج، هي أن يتجرَّد الباحث من كل شيء كان يعلمه من قبل، وأن يستقبل موضوع بحث خالي الذهن مما قيل فيه خلوًّا تامًّا.»٤٠ وهنا أحمد أمين (١٨٨٧–١٩٥٤م) ولجنة التأليف والترجمة والنشر بما رفعته من مصابيح، يرى الناس على أضوائها ثقافة الأقدمين والمحدثين.٤١
وأخيرًا نصل إلى زكي نجيب محمود الذي يُكمل بإنتاجه الغزير وفكره القوي الواضح، وتحليلاته العقلية لكثيرٍ من المفاهيم والأفكار السائدة، هذه الحركة التنويرية الكبرى التي بدأت في القرن الماضي وامتدَّت حتى يومنا الراهن، وهو نفسه يُلخِّص دعوته في عناصرٍ رئيسية تجمع الأفكار التنويرية السابقة وتزيد عليها، يقول: «أنا أدعو بكل قوتي إلى أن نزيد من اهتمامنا «بالعلم»، حتى ولو جاء ذلك على حساب الجانب الوجداني، وأدعو إلى الأخذ بأسس الحضارة العصرية وما يتبعها من ثقافةٍ، ثم أدعو إلى البحث عن صيغةٍ تصون لنا هويتنا، دون أن يضيع منا العيش في عصرنا … تلك خطوط واضحة أدرتُ عليها كل ما بذلتُه من جهود …»٤٢ وسوف نرى بعد قليل كيف أنه يلخص في أعماقه مسار النهضة السابقة كلها، وكيف أنه يقدم مشروعًا حضاريًّا يضمُّ كثرة من الثنائيات، هي التي ظهرت في نهضتنا الثقافية طوال قرنٍ ونصف: ثنائية بين «العقل والوجدان»، ثنائية بين «المادة والروح»، «بين السماء والأرض» … إلخ … والحق أنه هو نفسه يجسِّد، بما له من إمكاناتٍ في مجالاتٍ شتى هذه الثنائية، يقول: «إنني بمثابة عدة أشخاص في جلدٍ واحد، فهناك من تجْرفه العاطفة ولا يقوى على إلجامها، ولكن هناك إلى جانبه من يوجِّه إليه اللوم، ويحاول أن يشكمه حتى يقيِّد فيه الحركة التي تقذف به إلى الهاوية، على أن هذا الشد والجذب في داخل النفس بين عاطفةٍ تشتعل وعقلٍ يزيد اشتعالها، لا يمنع أن ينعم الإنسان بلحظاتٍ هادئة تتصالح فيها العاطفة والعقل، فيسيران معًا في اتجاهٍ واحد …»٤٣

علينا الآن أن نبدأ من البداية لنعرف قصة هذه الثنائيات، ومحاولة التصالح التي حاول أن يقوم بها مفكرنا الكبير، ناظرًا إليها على أنها «قطب الرحى» في نهضتنا الثقافية الحديثة.

١  محمود أمين العالم، «معارك فكرية»، ص١٤، دار الهلال، عام ١٩٧٠م، ط٢.
٢  المرجع نفسه، في الصفحة نفسها.
٣  د. يحيى هوبرد، الفلسفة الوضعية المنطقية في الميزان، ص٣٠–٣١، مكتبة النهضة ١٩٧٢م.
٤  إبراهيم فتحي في تقديمه القيِّم لكتاب «نقد العقل الوضعي»، ص١٨، من تأليف د. عاطف أحمد، أصدرته دار الطليعة في بيروت، عام ١٩٨٠م.
٥  د. أحمد ماضي، «الوضعية المحدثة والتحليل المنطقي في الفكر الفلسفي العربي المعاصر»، ص١٧١، «بحث في الفلسفة في الوطن العربي المعاصر» ضمن بحوث المؤتمر الفلسفي العربي الأول، أصدرها مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، عام ١٩٨٥م.
٦  رسالة ماجستير للدكتور أحمد ماضي، وانظر فصلًا بنفس العنوان في رسالته لدرجة الدكتوراه، وقارن بحثه السالف الذكر، ص١٧٢.
٧  الدكتور عاطف أحمد «نقد العقل الوضعي: دراسة في الأزمة المنهجية لفكر زكي نجيب محمود»، ص٣ ع، دار الطليعة، بيروت ١٩٨٠، وعنوان الكتاب يدل في الحال على منظور الكاتب، رغم وجود ومضات جميلة في تقديم الأستاذ إبراهيم فتحي لهذا الكتاب.
٨  الدكتور محمد البهي، «الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي»، وقد خصص فيه فصلًا لمناقشة الدكتور زكي بعنوان «الدين خرافة»، ص٢٩١، دار الفكر ببيروت ١٩٧٠م.
٩  قارن مثلًا ما يقوله هومان راند «من أن هذا الحل لمشكلة حرية الإرادة الذي يوجد بين الإرادة وبين الجبر الذاتي في هويةٍ واحدةٍ هو الحل الكلاسيكي الذي يقول به المثاليون ويرفضه الطبيعيون: J. Herman Randall: Philosophy: An Introduction p. 237, Barnes 7 Noble N. Y. 1942. وتوجد جذوره عند اسبينوزا.
١٠  قارن مثلًا «مقالنا زكي نجيب محمود كما عرفته» في الكتاب التذكاري الذي أصدره قسم الفلسفة بجامعة الكويت، ص٥٧.
١١  د. فؤاد زكريا في تقديمه للكتاب التذكاري الذي أصدره قسم الفلسفة بآداب الكويت تحيةً للدكتور زكي في عيد ميلاده الثمانين، انظر ص٣.
١٢  المرجع السابق.
١٣  كانت رسالة كاتب هذه السطور عن «المنهج الجدلي عند هيجل»، رسالة د. محمود زيدان عن «وليم جيمس»، ورسالة فرحات عمر عن «القانون العلمي»، والمرحوم الدكتور عزمي إسلام عن «جون لوك»، ود. أحمد فؤاد كامل عن «ليبنتز» … إلخ إلخ.
١٤  «هموم المثقفين»، ص٤٥–٤٦، صدرت الطبعة الأولى لهذا الكتاب عام ١٩٨١م.
١٥  قارن «قصة عقل»، ص٩٢ وص ٩٤ … إلخ.
١٦  «مجتمع جديد أو الكارثة»، ص٢٤٦.
١٧  وفي جميع الحالات يصعب أن نقول عنه أنه «كان داعيةً إلى الوضعية المنطقية التي نذر نفسه لشرحها وتفصيلها وتبسيطها، وأنه أمضى معظم حياته داعيًا إلى الوضعية النطقية وإلى عقلانيةٍ عربية جديدة، وأنه نجح في تأسيس مدرسة وضعية منطقية عربية واسعة الانتشار …» الموسوعة الفلسفية العربية، المجلد الثاني، ص١٣ بيروت، عام ١٩٨٩م.
١٨  لاحظ أن هذه النهضة العربية لم تبدأ في الوطن العربي كله دفعةً واحدة، وفي نفس الوقت، وتلك كانت الحال أيضًا في النهضة الأوروبية؛ إذ بدأت أولًا في إيطاليا، ومنها انتشرت إلى فرنسا وإسبانيا وألمانيا، إلخ، بل ربما كان في استطاعتنا أن نقول إن بعض الأقطار العربية لم تبدأ في الخروج من العصور الوسطى إلا منذ سنواتٍ قليلة!
١٩  «مجتمع جديد أو الكارثة»، ص٦٢.
٢٠  أحمد أمين، «زعماء الإصلاح في العصر الحديث»، ص٦، مكتبة النهضة المصرية، عام ١٩٧٩م، ط. ع.
٢١  المرجع نفسه.
٢٢  د. حسين فوزي النجار، «رفاعة الطهطاوي»، ص٢٩ (أعلام العرب، القاهرة) ويرى د. محمد عمارة في تعليقه على هذه الأرقام أنها تتحدث عن القاهرة فحسب؛ إذ لم يكن هناك إحصاء لا سيما بالنسبة لمن تعلموا القراءة في الكتاب في الريف، انظر كتابه «رفاعة الطهطاوي: رائد التنوير في العصر الحديث»، ص٩، حاشية ١.
٢٣  المرجع السابق، ص٢٩.
٢٤  أحمد أمين، «زعماء الإصلاح»، ص٧.
٢٥  د. محمد عمارة: «رفاعة الطهطاوي»، ص١٣.
٢٦  «مجتمع جديد أو الكارثة»، ص٦٣.
٢٧  «مجتمع جديد أو الكارثة»، ص٦٤.
٢٨  أحمد أمين، «زعماء الإصلاح»، ص٦٨.
٢٩  المرجع السابق.
٣٠  «من زاوية فلسفية»، ص١٠.
٣١  «مجتمع جديد أو الكارثة»، ص٦٤.
٣٢  المرجع نفسه.
٣٣  تشاء ترتيبات القدر أن يموت الإمام محمد عبده في نفس العام الذي يولد فيه زكي نجيب محمود، حتى لا تنقطع حلقات التنوير، فإذا مات رائدٌ ظهر في أثره رائد جديد!
٣٤  محمد عبده، «الإسلام والنصرانية»، ص٥١، مكتبة محمد صبيح، عام ١٩٥٤م.
٣٥  المرجع السابق، ص٥٢.
٣٦  «مجتمع جديد أو الكارثة»، ص٦٦.
٣٧  «قصة عقل»، ص١٦.
٣٨  أحمد أمين، «حياتي»، ص١٧٢–١٧٣، دار الكتاب العربي بيروت، ١٩٧١م، ط٢.
٣٩  علي عبد الرزاق، «الإسلام وأصول الحكم»، ص١٨٢، المؤسسة العربية للدراسات، نشرة مع وثائق المحاكمة د. محمد عمارة.
٤٠  «في الشعر الجاهلي»، ص١١، مطبعة دار الكتب المصرية، عام ١٩٢٦م، ثم بعد ذلك في الأدب الجاهلي، ص٦٩، مجلد ٥، من المؤلفات الكاملة.
٤١  «مجتمع جديد أو الكارثة»، ص٦٦–٦٧.
٤٢  «قصة عقل»، ص٨.
٤٣  المرجع نفسه، ص٦.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤