الفصل الثاني

زكي نجيب محمود مُفكرًا تنويريًّا

في الخامس من ديسمبر عام ١٧٨٤م كتب الفيلسوف الألماني العظيم «أمانويل كانط» (١٧٢٤–١٨٠٤م) مقالًا في «مجلة برلين الشهرية» عنوانه: «ما التنوير؟» (كما كتب مندلسون وغيره في الموضوع ذاته).١ ردًّا على مقالٍ لأحد القساوسة الألمان يتساءل فيه عن معنى هذه الكلمة، التي شغلت أذهان الناس في ذلك الوقت، وقد يكون من المفيد، ونحن نتحدث عن زكي نجيب محمود المفكر التنويري، أن نبدأ بتلخيص مضمون هذا المقال لنرى في ضوئه ما الذي نعنيه بالفكر التنويري عند مفكرنا الكبير.

الفكرة المحورية في التنوير هي القول بأن الإنسان قد بلغ سن الرشد، وأنه ينبغي أن تُرفع عنه «الوصاية»؛ لأنه لم يعد قاصرًا بحيث يحتاج إلى غيره ليفكر نيابةً عنه، والمقصود بالإنسان هنا «الإنسان المفرد»، أو المواطن العادي الذي بلغ عقله مرحلة النضج، ويستطيع إذا ما استخدم عقله استخدامًا جيدًا، أن يصل إلى الحقيقة. وهذا يعني أن العقل البشري ليس بحاجةٍ إلى سلطةٍ تُرشده أو تهديه سواء السبيل؛ ومن هنا كان شعار عصر التنوير «لتكن لديك الشجاعة لتستخدم عقلك» أو تشجَّع واعرف بنفسك ولنفسك، وأعمل العقل في كل مناحي الحياة، وفي أي موضوعٍ يُطرح عليك، ولا تركن إلى الكسل والجبن الشائعين عند بعض الناس، الذين يعتقدون أن في القصور راحةً، وأن التفكير العقلي المستقل أمرٌ خطيرٌ جدًّا، ولا تقل لنفسك: إنني لست بحاجةٍ إلى التفكير إذا كان هناك من يقوم عنِّي بهذه المهمة الثقيلة.

ومضمون هذه الدعوة رفض السلطة التي توشك أن تكون العدو اللدود للعقل، سواء تمثَّلت هذه السلطة في التقاليد الموروثة، أو في سلطة الحكام أو تراث الأقدمين أو حتى المحدثين، وهذا يعني استحداث أساليب جديدة في التفكير، فلا نهضة حقيقية إذا ما ظلَّت طرق التفكير القديمة باقية، كما هي معتمدة على الاستنباط من سقفٍ معين (تراث الأقدمين، أو السلطة الدينية، أو سلطان الحكام أو حتى المفكرين) هابطة إلى نتائج ليس فيها جديد، لا نهضة حقيقية إلا بإحداث «ثقوب» داخل هذا السقف للنفاذ منها إلى آفاقٍ جديدةٍ، ولتحقيق هذه الغاية لا بد من استحداث أساليب جديدة في التفكير تضع كل شيء تحت محك النقد، وترفض القبول الأعمى لكل ما يُقال بغير فحصٍ أو تمحيصٍ، وتتجه إلى الاستقلال العقلي الذي يجعلنا نبدع ونبتكر. وماذا عساه أن يكون الإبداع إن لم يكن كسرًا لما هو قائمٌ، وإضافة جديدة لم تكن مسبوقة من قبل؟!

ويتفرع عن الاستخدام الجيد للعقل بعيدًا عن أي سلطةٍ نتيجتان هامتان:
  • الأولى: الاهتمام بالعلم الطبيعي، والاعتماد عليه وحده في تفسير ظواهر الطبيعة؛ وبالتالي مُحاربة الخرافة في شتى صورها، ويمكن أن نقول إن هذه النتيجة ليست جديدة تمامًا، لا سيما إذا عرفنا أن العلم «عقل» في نهاية المطاف.
  • أما النتيجة الثانية: فهي سياسيةٌ واجتماعيةٌ؛ إذ من البديهي أن تؤدي الدعوة السابقة إلى نتائج سياسية واجتماعية كثيرة، وأن يكون من بين هذه النتائج مناهضة الحكم المستبد، ومحاربة الظلم الاجتماعي في شتَّى صوره لتحقيق العدالة بين الناس، والدعوة إلى المساواة والديمقراطية، والحرية السياسية لا سيما حرية التفكير والتعبير، فليس هناك شيء اهتم به فلاسفة التنوير قدر اهتمامهم بالحرية، وذلك لارتباطها الواضح بالاستخدام العلني للعقل في جميع المجالات!
والحق أن المتتبع للجهد الهائل الذي بذله زكي نجيب محمود لأكثر من ستين عامًا يجد هذه الأفكار المحورية للفكر التنويري مبثوثةً في جميع كتاباته، بل إنه ليزيد عليها كثرة كثيرة من الأفكار التي وصل إليها من تأملاته الخاصة في مشكلات مجتمعه؛ ومن هنا كان التنوير الذي تشيعه كتابات هذا المفكر الكبير ليس شعاعًا واحدًا، وإنما هو حزمة من أشعةٍ تتجه نحو كتل الظلام الهائلة، التي رانت على نفوسنا أجيالًا طويلة، وهو في ذلك كله «لا يعظ» و«لا يدعو» ولا يكتفي بأن يقول للناس استخدموا عقولكم! وإنما يضرب بمبضع التحليل في أعماق المشكلات الاجتماعية ليخرج الخبء منها وليصل إلى جذورها، بل وبذورها أيضًا، مُلقيًا الضوء الكاشف على ما في حياتنا من جوانب «لاعقلية»، وما في تفكيرنا من أساليب منافية للعلم وحضارة العصر، مؤمنًا بأن الفكر ليس ترفًا يلهو به أصحابه، وإنما لا بدَّ له أن يرتبط بالمشكلات التي يحياها الناس حياةً يكتنفها العناء، فيريدون لها حلًّا حتى تصفو لهم المشارب، وبمقدار ما تكون للفكرة صلة عضوية وثيقة بإحدى المشكلات تكون فكرة بالمعنى الصحيح.٢
ولنبدأ من البداية لنراه يحدد بوضوحٍ اللبنة الأولى التي يقوم عليها صرح المجتمع الجديد، الذي يريد لنا بناءه؛ ألا وهي «الفردية العاقلة المسئولة»، التي يتفرَّع عنها كل شيء آخر؛ فالفرد الذي يستخدم عقله بحرية ويكون مسئولًا عمَّا يفعل هو الأساس في كل نهضة، فلا أحد يفرض عليه رأيًا، ولا هو بدوره يتهرَّب من مسئولية عمله؛ ومن هنا نرى مفكرنا الكبير يرسم الخط الذي سار فيه تفكيره بكلماتٍ لا لبس فيها ولا غموض … «الخط الفكري الذي تنطوي عليه كتاباتي على اختلاف موضوعاتها، وعلى طول الأمد الذي امتدت خلاله هو الإيمان بأن الفرد الإنساني مسئولٌ عما يفعل، وأن هذه المسئولية لا تعني شيئًا إذا لم يكن العقل وحده هو مدار الحكم في كل المسائل التي تطلب فيها التفرقة بين الصواب والخطأ. أما الموقف الذي تسوده عاطفة فلا خطأ فيه ولا صواب؛ لأن المرجع فيه إلى القلب وما ينبض به …»٣ وها هنا نراه يلتقي مع المضمون المحوري للفكر التنويري لكنه يُضيف إضافةً جديدة، وهي التفرقة الواضحة بين المجال الذي يستخدم فيه العقل، والمجال الذي يستخدم فيه الوجدان والخيال سوف نعود إليها بعد قليل، ومرةً أخرى نراه يلخِّص مضمون التنوير كله في عبارةٍ جامعة «… كل دعوة تدعوني إلى أن أترك غيري يفكر لي نيابةً عني، وما عليَّ إلا التنفيذ، هي دعوةٌ تدعوني إلى إهدار آدميتي والتفريط في حقِّ نفسي …»٤ «فالعقل وحده كفيلٌ بأن يجد الحكم الصحيح لكل ظرفٍ جديد، وإذا قلت إن الأمر موكولٌ إلى العقل، فكأنما قلت بالتالي إنه ليس من حقِّ أحد أن يقيم النموذج الذي نسوق على غراره أفكارنا وأفعالنا، إلا إذا كان من حق الآخرين كذلك أن يناقشوه، وفي المناقشة قد تتعدد الآراء وتختلف وجهات النظر …»٥
وإذا كانت الدعوة إلى استخدام العقل والاحتكام إليه في شتى جوانب الحياة، قد بدأت مع بداية الحركة التنويرية في فجر نهضتنا الحديثة، فإن زكي نجيب محمود قد واصل هذه الدعوة بقوةٍ من ناحية، ثم استخدم التحليل العقلي في إلقاء الضوء على مشكلاتنا ومفاهيمنا الشائعة من ناحيةٍ ثانية، ثم حاول أن يُحدد مفهوم «العقل» وطرق استخدامه من ناحيةٍ ثالثة، وهي كلها إضافات غير مسبوقة.٦ فهو مثلًا يحاول تحديد «معنى العقل» الذي كثر الحديث عنه بأن يبدأ باستبعاد المعنى الذي شاع طويلًا في حياتنا الثقافية، والذي يتصور أن ثمة في عالم الكائنات كائنًا مستقلًا قائمًا بذاته اسمه «عقل»، يمكن أن نُشير إليه كما يُشير اسم «الهملايا» إلى جبلٍ معلومٍ. ويرى أن العقل يُطلق على فعلٍ من نمط ذي خصائص يمكن تحديدها وتمييزها فهو «فاعلية»، تسير في طريقين لا ثالث لهما يلتزم منهما هذا الطريق أو ذاك بحسب الموضوع الذي يفكر فيه: أما أحدهما فهو الطريق الذي يجعل نقطة ابتدائه كلماتٍ بعينها أو رموزًا رياضية يصعب عليها عمله الفكري. أما الآخر فهو الطريق الذي يجعل نقطة ابتدائه معطيات تعطيها حواسنا الظاهرة، وهذا هو طريق العلم؛ فالعقل إذن فاعلية تبدأ من بدايةٍ معينة، تعتصر الرموز إذا كانت البداية فكرةً رياضية، لتقول لنا أنها تنتج كذا وكذا، أو تبدأ من وقائع حسية فتربط بينها وبين وقائع أخرى؛ لتستخرج لنا ما نُسمِّيه بالقوانين.٧
وما فعله مفكرنا الكبير بالنسبة لتحديد معنى «العقل»، قام به أيضًا فيما يتعلق بمفهوم «الحرية»، وهي فكرةٌ دعا إليه أيضًا كثيرٌ من المفكرين التنويريين منذ فجر نهضتنا الحديثة ابتداء من رفاعة الطهطاوي إلى لطفي السيد وقاسم أمين حتى طه حسين والعقاد، لكنهم جميعًا تركوا لزكي نجيب محمود مهمة وضع فكرة الحرية تحت مجهر التحليل، لينتهي أن لها جانبين: جانب سلبي، الذي يركز على «التحرر» من القيود التي كبَّلتنا في هذا الميدان أو ذاك (كالتحرر من الاحتلال، وتحرر المرأة من طغيان الرجل، أو تحرر العامل من تحكم صاحب رأس المال … إلخ). لكن هناك جانبًا إيجابيًّا يتمثل في قدرة الإنسان على أداء عملٍ ما، ولا قدرة في أي ميدان إلا لمن يعرف حقيقة هذا الميدان وما يتعلق به؛ إنها «حرية الذين يعلمون».٨ وهكذا ربط مفكرنا ربطًا وثيقًا بين الحرية بمعناها الإيجابي، وقدرة الإنسان على أداء عملٍ معين «يعرف» كيف يقوم به، فالجانب الإيجابي من الحرية والمعرفة وجهان لعملةٍ واحدةٍ.٩

•••

وإذا كانت الدعوة إلى الاستخدام العقلي الحر عند مفكري التنوير عمومًا قد أفرزت نتيجةً هامة، كما سبق أن ذكرنا، هي الاهتمام بالعلم الطبيعي، وتفسير الظواهر الطبيعية تفسيرًا علميًّا؛ فإننا نجد نفس الدعوة العقلية عند زكي نجيب محمود، قد ارتبطت بالاهتمام بالعلم (وقد سبق أن رأينا أن العلم عقلٌ في نهاية المطاف)، حتى أصبحت هذه القضية الشغل الشاغل عند مفكرنا منذ أكثر من أربعين عامًا، قد أطلق صيحته «أنا مؤمنٌ بالعلم كافرٌ بهذا اللغو الذي لا يُجدي على أصحابه ولا على الناس شيئًا …»١٠ حتى قوله: «أنا أدعو بكل قوتي إلى أن نزيد من اهتمامنا بالعلم، حتى ولو جاء ذلك على حساب الجانب الوجداني، فأنا أدعو إلى الأخذ بأسس الحضارة العصرية وما يتبعها من ثقافة …»١١
غير أن الاهتمام بالعلم عند زكي نجيب محمود لا يتوقَّف عند تفسير ظواهر الطبيعة تفسيرًا علميًّا، وإنما يتعدَّاه إلى إشاعة التفكير العلمي بين الناس، بحيث ينظرون بأساليب فكريةٍ جديدة إلى مشكلاتهم ومشكلات مجتمعهم؛ ومن هنا فإننا نجد مفكرنا الكبير لا يرضى عمَّا أحدثته الثورة المصرية، عام ١٩٥٢م، من تغييراتٍ هائلةٍ في الهيكل الاجتماعي؛ لأن ذلك في رأيه لم يكن كافيًا لإحداث نهضةٍ حقيقية، فما دامت أساليب التفكير البالية قائمةً، فلا أمل لنا في إحداث تغيير حقيقيٍّ في المجتمع، بالغًا ما بلغت ثورتنا على الإقطاع أو أصحاب رءوس الأموال أو الأخذ من الأغنياء لإعطاء الفقراء … إلخ، ومن هنا كتب يقول: إننا نريدها ثورةً فكريةً يتغير منها المنوال الفكري، الذي سار في الماضي وهو يُقارن بين الثورة في صناعة النسيج ماذا تعني؟ والثورة في المجتمع فيقول …١٢ «… إذا كانت لدينا أنوال قديمة لنسج القماش، فهل تحدث ثورة في صناعة النسيج إذا نحن أبقينا على الأنوال القديمة كما هي، ثم زدنا كمية القماش المنسوج، وغيَّرنا من ألوانه وزخارفه، ومن طريقة توزيعه على الناس، فإذا كان القماش الناتج من تلك الأنوال القديمة يوزَّع على المدن وحدها نشرناه في القرى، أو كان يخصُّ الأغنياء وحدهم جعلنا منه للفقراء نصيبًا، وكان للكبار وحدهم فصنعنا شيئًا منه للأطفال؟! أيجوز لنا في مثل هذه الحالة أن نقول إن ثورةً قد حدثت في صناعة النسيج؟!
كلَّا! فالثورة الحقيقية هي ثورة فكرية، وهي تعني أن نقوم بتغيير «أنوال» التفكير القديم، التي ظلت باقيةً معنا على عهدها القديم؛ ولذلك بقيت طبيعة الفكر على حالها … الذي أزعمه أن منوالنا الفكري لم يتغير، وأن النمط الذي نسوق نشاطنا الفكري في إطاره ما زال كما كان منذ قرون. وهذا المنوال قوامه عناصر كثيرة لعل أهمها جميعًا الركون إلى «سلطة» فكريةٍ نستمدُّ منها الأسانيد، ومثل هذه السلطة تتمثل عادةً في نصوصٍ بعينها محفوظة في الكتب، كما تتمثل كذلك في أقوالٍ يتبادلها الناس، وهي التي تسمَّى العُرف أو التقاليد. وبناء على هذا الموقف تكون الفكرة صوابًا، إذا استقت مع ما أقرَّته السلطة الفكرية في الكتب المحفوظة أو في الأقوال المأثورة، كما تكون الفكرة خطأً إذا جاءت مخالفة لما أقرته تلك السلطة؛ ومن هنا اشتدَّ سلطان الماضي على الحاضر، وأصبح البرهان الذي لا يرد هو أن نسوق «الشواهد» من سجل الأقدمين، وانحصرت قوة الإبداع الفكري في القدرة على إيجاد السند من القول المأثور. ولن تكون لنا ثورة فكرية إلا إذا أحللنا نمطًا جديدًا محل هذا النمط القديم، فيكون معيارنا هو: ما هي النتائج العملية المستقبلية التي تترتب في حياتنا الفعلية، على هذه الفكرة أو تلك مما يُقدمه لنا رجال الفكر.١٣
وهو هنا يريد لنا ثورةً حقيقية لا مجرد تعديل لأوضاعٍ اجتماعيةٍ معينةٍ؛ فالثورة الحقيقية هي «ثورة فكرية» تأخذ بأساليب جديدة في التفكير، وتستحدث لنفسها منطقًا جديدًا، أهم معالمه أن تكون الخبرة المباشرة (عقلية كانت أو حسية) هي نقطة الابتداء، ولا تكون نقطة الابتداء أقوالًا حملتها موجات الزمن؛ ذلك لأن «عبقرية الإنسان هي في مواجهة للحياة الجديدة بالجديد المبتكر. ولقد أراد الله لهذا الإنسان أن ينظر إلى أمام؛ ومن ثم كانت أبصارنا في جباهنا ولم تكن في مؤخرة رءوسنا.»١٤
ومعنى ذلك أن الاهتمام بالعلم عنده لا يعني «حفظ» مجموعة من القوانين العلمية تسير بها ظواهر الطبيعة، وإنما يعني «تشرب» الأسلوب العلمي في التفكير، أن يكون لدينا منهج ذلك العلم لنستخدمه أولًا في المشاركة الإيجابية في المكتشفات العلمية، وثانيًا ليحمل ذلك المنهج العلمي في صدوره ميزانًا تزن به الأفكار العامة، كلما نشأت عند الناس فكرة يقبلون بها مشكلةً عرضت لهم في حياتهم.١٥ وهو يشعر بقلقٍ بالغٍ من موقف الإنسان العربي نحو «العلم» حدوده وقدراته، ونمو «العقل» وعجزه … إلخ، وهو يرى أن الخطير في الأمر أن العربي كثيرًا ما يسخر من منجزات العلم الحديث، وأنه بذلك يهزأ بالعقل الإنساني وقدراته على ظنٍّ منه أن مثل هذه الوقفة تُرضي ضميره الديني، وأنها وقفةٌ تتضمن أن اعتزاز الإنسان بعقله واعتداده بقدرته العلمية — كما تشهد بها منجزاته الحديثة — فيه جرأة على رب العالمين الذي هو العليم القدير؛ مع أن أحدًا على مدار الكوكب الأرضي لم يدُر في خياله أنه خالق عقل نفسه، أو أنه صاحب الفضل في كل ما ينتج من علمٍ ومنشآت …١٦ ومن المفارقات الغريبة أن العربي الذي يرفض «المنهج العلمي» هو من أكثر أهل الأرض شراء لتلك المنجزات الحديثة التي يأتي بها العلم!١٧
ويواصل مُفكرنا الكبير عرض الفكرة نفسها لأهميتها في مقالٍ عنوانه «ينقصنا منهج العلم»، فيفرِّق بين مجموعة الحقائق العلمية التي ننقلها عن الغرب، ونحفظها عن ظهر قلب في مدارسنا وفي جامعاتنا، وبين «المنهج العلمي» الذي استطاع الإنسان بواسطته أن يصل إلى ما قد وصل إليه من حقائق، وها هنا يكمن الداء الذي تولدت لنا منه ضروب من الأورام الخبيثة في حياتنا العقلية، أو قل حياتنا اللاعقلية، فكان لنا ما كان من بطءٍ شديدٍ في حركة التقدم مع حضارة عصرنا في ركضها السريع.١٨ وهو في موضعٍ آخر يجعل هذه المشكلة «موطن الداء» في حياتنا العقلية، فمن اليسير أن نُلقِّن الدارسين «مقررًا» بعينه وُضعت مادته في كتاب، ويطلب من الدارس حفظها عن ظهر قلب، ويعيدها في ذلك الهيكل العظمي في ورقة الامتحان، فيخرج الدارس وفي جعبته معلومات و«نقط» مبعثرة، وليس في عقله «نهج» للنظرة العلمية أيًّا كان الموضوع الذي ينظر إليه ابتغاء تعليله (١٨). وعندما قال فرنسيس بيكون: «العلم قوة»، فإنه كان يقصد لفت أنظار الناس إلى أنه ليس من العلم في شيءٍ ذلك التحصيل الذي كان رجال العصور الوسطى في أوروبا يجمعونه من الكتب ويحفظونه، ما دام عاجزًا عن أن يُضيف إلى دارسه «قوةً»، يستطيع بها أن يلجم ظواهر الطبيعة ليجعلها طوع أمره؛ فالتحكم في نبات الأرض نوعًا ومحصولًا يحتاج إلى «علم»، والتحكم فيما يخرجه الإنسان من جوف الأرض «علم»، واختراع وسائل النقل السريعة والمريحة يحتاج إلى «علم»؛ لأنه ضروبٌ من «القوة» التي يقوى بها الإنسان على إخضاع الأشياء لصالحه … والوسيلة إلى ذلك تبدأ من الطفولة، أن ندرِّب الطفل منذ الصغر أن تكون حواسه هي أبوابه ونوافذه.١٩

•••

وإذا كانت النتيجة الثانوية المترتبة على الفكر التنويري واستخدامه العلني للعقل، هي محاربة الظلم الاجتماعي والاستبداد السياسي في شتَّى صوره، فإننا نجدها بارزةً أيضًا في كل ما كتب مفكرنا الكبير، فهناك عشرات من المقالات التي تتحدث عن «الظلم» المتفشِّي في كل مكان، وعن الطغيان ابتداء من «الطاغية الصغير» الذي هو نموذج لطغيان الشرق، وبيانًا للأجواء التي تؤدِّي إلى ظهور الطاغية، إلى «النفوس الفقيرة» التي تبطش بالأشياء والأحياء بطش الصبيان.٢٠ والتي يلخِّص فيها ضروب الطغيان في مجتمعنا «… الحاكم الشرقي طاغيةٌ، والرئيس الشرقي طاغيةٌ، والوالد الشرقي طاغية، والزوج الشرقي طاغية، والموسر الشرقي طاغية، طغاة هؤلاء جميعًا لأن في نفوسهم هزالًا يعوضونه بمظاهر الاستبداد بسواهم …»٢١
وفي مقالة «عند سفح الجبل» يتحدث عن الهوة الواسعة التي تفصل في بلادنا بين «القادة» وأبناء الشعب، وهو يصوِّر القادة يتربَّعون فوق قمة جبلٍ شاهقٍ، يحيط به سحابٌ كثيفٌ يعزل القمة عن السفح، ويُشكل هؤلاء القادة مجموعات منوعةً من اللجان التي تتحدث عن «الشعب» ومصالحه، ويتجادلون في نوعه الإصلاح الدستوري الذي يستوردونه من فرنسا وبلجيكا، ثم يتساءلون: هل يبدع الفنان فنَّه لنفسه، أو يصوغه لصالح الشعب.٢٢ وفي سخريةٍ مريرةٍ يصور الشعب عند سفح الجبل متجسدًا في امرأةٍ عجوز متداعية، ترتدي كومةً من أسمالٍ سوداء بالية، تجلس على جانب الطريق، وأمامها صندوقٌ خشبيٌّ صغير تناثرت على ظهره سبع قطع قذرة من الحلوى! وهذا هو النموذج الحي للشعب الذين يبحثون كيف يهيئون له مصيفًا، يستمتع فيه بهواءٍ عليلٍ حين تشتدُّ الحرارة في يوليو وأغسطس …٢٣
وليسمح لي القارئ أن أُقدِّم له مثالًا واحدًا فقط يوضح لنا كيف يوجِّه مفكرنا الكبير سهام نقده إلى «السادة الحكام» أولًا، ثم كيف يوظِّف فكرةً فلسفية هي فكرة أفلاطون عن الجمال وارتباطه بالخير في نقد الأوضاع السياسية والاجتماعية المتردِّية عن بلادنا؛ وأعني بهذا المثال مقاله «إلى سادتي الحكام …»٢٤
كان يقرأ لأفلاطون فكرته عن العلاقة الوثيقة بين الخير والجمال، وسأل نفسه عن معنى هذه العلاقة «… وانتهيتُ إلى تحليلٍ أرضاني تترتب عليه نتيجةٌ هامة، هي التي أردتُ أن أسوقها إلى سادتي الحكام في هذا البلد؛ وهي أن كل ما في هذا البلد المسكين قبيحٌ ذميمٌ بفعل هؤلاء السادة أنفسهم، وعجبتُ أن يُعنى السادة بالجمال في مساكنهم الخاصة، وفي ملابسهم، ومآكلهم، ومشاربهم، وشتى جوانب حياتهم الشخصية، ثم لا تمتد هذه العناية قليلًا، لتشمل شئون الشعب الذي ألقى إلى أيديهم بزمامه …»٢٥
وهو بعد أن يعرض فكرة أفلاطون عن الجمال التي تذهب إلى أن الجمال تناسب بين أجزاء الشيء، فإذا ما تحققت هذه النسب الصحيحة بين الأجزاء كان الشيء جميلًا وتحقق معه الخير أيضًا؛ ومن ثم كان اضطراب النسب شرًّا وقبحًا في آنٍ معًا، أقول إنه بعد أن يعرض هذه الفكرة يعود إلى السادة من أصحاب الحكم والسلطان قائلًا: «… أيها السادة، لقد اختل في أيديكم الميزان، فاضطربت النسبة الصحيحة بين الأشياء والأوضاع، فامتلأت البلاد بالقبح الذميم؛ لأنها امتلأت بصنوف الشر، وقد أوضحنا لكم أن الشر هو القبح وأن الخير هو الجمال … إنكم عشَّاقٌ للجمال في كثيرٍ من صوره تعشقونه في جميلات النساء وفي الطعام الجيد … إلخ، وبقي يا سادة شيءٌ واحد لو عشقتم فيه الجمال لصلح الأمر كله؛ ذلك هو العدل! فالظلم أيها السادة يملأ حولكم أركان البلاد، الظلم بمعناه الذميم وهو اضطراب النسبة بين الأشياء والأحياء؛ وبالتالي يملأ القبح جنبات هذا الوادي المبارك الذي أراد له الله أن يكون جميلًا. أنه لا تناسب يا سادتي بين المناصب وشاغليها، فصغيرٌ عندكم يملأ منصبًا كبيرًا، وكبيرٌ يشغل منصبًا صغيرًا، ولا تناسب بين المرتبات والعاملين، فعاملٌ منتجٌ ضئيل الكسب، وخاملٌ لا ينتج عظيم الكسب، يستمتع بما لم يرد له الله، ولا طبائع الأشياء أن يستمتع به من طيبات … العدل، العدل، يا سادتي الحكام؛ فالعدل خيرٌ؛ ولذلك فهو جميلٌ، وأنتم من عشاق الجمال …»٢٦

•••

أردنا في هذا المقال أن نبيِّن أولًا خصائص المفكر التنويري، كما حددها كانط وغيره، من فلاسفة الغرب، وهي خصائص تنطبق على كل مفكرٍ تنويريٍّ حقيق بهذا الاسم في الشرق أو الغرب على السواء، ثم أن نتبين ثانيًا أنها تصدق على مفكرنا الكبير، بحيث لا نجاوز الصواب لو قلنا إنه يتربَّع على قمة المفكرين التنويريين.

لكن ينبغي علينا أن ننتبه جيدًا إلى الفارق الهام للدور الذي قام به المفكرون التنويريون في أوروبا، والدور الذي لعبه زكي نجيب محمود في حياتنا الثقافية؛ ففي عصر التنوير الأوروبي اندفع المفكرون إلى الاعتزاز «بالعقل» وإهمال «الوجدان»؛ مما أدَّى إلى ظهور حركةٍ مضادة عنيفة للتنوير، ترفض الإنسان الذي لا يظهر منه إلا عقله، وتطالب بالطبيعة والخيال والوجدان والشعور، تمثَّلت أولًا في حركة العاصفة والاندفاع، التي مهَّدت بعد ذلك للحركة الرومانسية، ثم جاء «هيجل» الذي اعتزَّ «بالعقل» لكنه سلك فيه خيطًا رومانسيًّا واضحًا، فكان عقلًا جدليًّا مرنًا لا عقلًا أرسطيًّا جافًّا.

لقد استطاع زكي نجيب محمود أن يتجنَّب ببراعةٍ هذا الخطأ، الذي وقع فيه المفكرون الأوروبيون في عصر التنوير؛ فهو إذا كان عقلانيًّا متحمسًا للعقل على نحوٍ ظاهرٍ؛ فذلك لأن هذا الجانب ناقصٌ في ثقافتنا، لكن ذلك لا يعني أنه أهمل ذلك الجانب الآخر، أعني جانب الخيال والوجدان، يقول: «من يقرأ لي فيراني متلفعًا بمنطق العقل رائحًا وغاديًا، قد لا يعلم أن لي خيالًا يشتعل لأتفه المؤثرات اشتعالًا، يكتسح أمامه كل ما يعترض طريقه من قوى النفس الأخرى …»٢٧ ومن هنا هو يجعل شعاره: «… فلنعطِ ما للعقل للعقل، وما للشعور للشعور …»٢٨ ويجعل شُغله الشاغل بعد ذلك الاهتمام بالتفرقة بين المجال الذي لا بد لنا أن نستخدم فيه العقل والمجال الذي نحتكم فيه إلى الشعور والوجدان؛ «فمن لا يريد أن يتحدث عمَّا يقع في حسِّه مما يُتاح للآخرين أن يراجعوه فيه بحواسهم؛ فهو لا يريد أن يتحدث بلغة العقل. وليس في ذلك رفع ولا خفض للغة المشاعر، بل الأمر أمر تفرقةٍ بين نوعين مختلفين من الكلام، فإذا كان المجال مجال علمٍ، فلا يجوز للشعور أن يتسلَّل إلى سياق الحديث بألفاظه الدالة على الوجدان، أما إذا كان المجال مجال أدبٍ وفن، فليختر ما يشاء من لفظٍ ليثير في سامعه المشاعر التي يقصد إلى إثارتها فيه …»٢٩

ولهذا فإننا لا نراه يُطلق صيحة «فولتير» الشهيرة: «هيا نلتهم بعض اليسوعيين»، قاصدًا التهكُّم بالطبع من رجال الدين، بل نراه على العكس يهتمُّ بالتفرقة بين «الدين»، و«التدين»، و«علوم الدين» ليزيل ما يقع فيه الناس من لبسٍ، حتى أهل التخصص منهم، فتحديد الفواصل بين هذه المعاني المختلفة من أوجب الواجبات التي يقوم بها المفكر التنويري، وهو يضرب كثرة من الأمثلة لإزالة هذا الغموض العالق بأذهان الناس؛ فالشجرة يستظلُّ بها عابر سبيل، ويدرسها عالم النبات، ونحن هنا أمام ثلاثة أطرافٍ متميز بعضها عن بعض، ولكنها موصولة: الدين هو هذه الشجرة، والرجل المتديِّن كمن يستظل بظلها، وعالم النبات هو أشبه بعلماء الدين. وهكذا نجد أن الدين شيءٌ والتدين شيء آخر وعلوم الدين شيء ثالث! كذلك المصباح الذي يبعث بالضوء للقارئ ويدرسه علم الضوء؛ المصباح هو الدين، والقارئ هو المتدين، وعالم الضوء هو الممثل لعلماء الدين … وهكذا وهكذا.

واهتمامه بهذا الجانب الوجداني هو الذي جعله يُقدِّم لنا تحليلاتٍ دينيةً بالغة العمق، ولك أن تقرأ له «فلسفة الشهادة»، وماذا تعني شهادة «لا إله إلا الله» التي هي أصلٌ ثابتٌ في حياتنا الثقافية.٣٠ أو أن تقرأ «الضمير الديني».٣١ أو تفرقته بين «الفكر الإسلامي» من ناحية وفكر المسلمين من ناحيةٍ أخرى، أو أن تقرأ تفسيره الرائع للآية الكريمة: اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ٣٢ وكيف يذهب إلى أن القراءة، بنص الآية، نوعان: قراءة الكلمات وقراءة المخلوقات؛ أي قراءة كتاب الله وقراءة لكتاب الكون، وهي فكرةٌ ردَّدها كثيرٌ من المتحدثين في شئون الدين في أجهزة الإعلام المختلفة دون أن ينسبوها إلى صاحبها، كما فعلوا في فلسفة الشهادة: لماذا تكون للمفرد «أشهد أن لا إله إلا الله»، بينما تكون العبادة للجمع «إيَّاك نعبد وإياك نستعين»، وغير ذلك كثير مما أبدعه هذا المفكر الكبير، واستباح الآخرون استخدامه دون أن يُشيروا إليه ولو إشارةً عابرة، كما تقضي الأمانة العلمية والدينية معًا ظنًّا منهم أن الناس لا تقرأ، وأن أحدًا لن يهتدي إلى صاحب هذه الأفكار؛ مع أنه لن يصحَّ في نهاية الأمر إلا الصحيح، وسوف يُخلد التاريخ زكي نجيب محمود المفكر التنويري العملاق، ويشيح بوجهه عن هؤلاء المتطفلين الذين لن يزيدوا الأرض إلا حفنةً من تراب!
١  انظر الترجمة الكاملة لهذا المقال في كتاب الدكتور مصطفى ماهر: «صفحات خالدة من الأدب الألماني من البداية حتى العصر الحاضر»، ص٧٩ وما بعدها، دار صادر، بيروت، عام ١٩٧٠، وأيضًا ترجمة الدكتور عبد الغفار مكاوي مع شروح وتعليقات في الكتاب التذكاري الذي أصدره قسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة الكويت بعنوان «الدكتور زكي نجيب محمود: فيلسوفًا وأديبًا، ومعلمًا» مطابع الوطن بالكويت، عام ١٩٨٧، ص٢٢٧ وما بعدها.
٢  قارن كتاب «مجتمع جديد أو الكارثة»، ص٥.
٣  المرجع نفسه، ص٢٧.
٤  مجتمع جديد، ص٢٤.
٥  المرجع نفسه، ص٢٥.
٦  إذا ما استثنينا المقالات الأدبية التي اهتم بها مفكرنا الكبير، فإننا نستطيع أن نقول إن جميع كتاباته كانت تدور حول «العقل»، سواء من حيث تحديد مفهومه أو طرق استخدامه أو مراحل نضجه، أو مدى احتياجنا إلى الاحتكام إليه بعد أن طغت جوانب الشعور والوجدان على حياتنا الثقافية. وللقارئ أن يرجع إلى مقالاته الكثيرة والمتنوعة ليرى مصداقًا لما نقول، انظر مثلًا: «وضع العقل في غير موضعه»، شروق من الغرب، ص٨٦ وما بعدها، و«دفاع عن العقل» في كتابه أفكار ومواقف ص٤٢، وفي الكتاب نفسه «دفاع عن العقول»، ص٣٢٩ و«العقل يهدي ويهتدي» في كتابه «رؤية إسلامية»، ص٣٠ وما بعدها، و«أزمة العقل في حياتنا» في كتابه «ثقافتنا في مواجهة العصر»، ص٦٨ وما بعدها، و«سلطان العقل» في مجتمع جديد ص٧. وهو يحلل حياته الفكرية في «قصة عقل» كما يحلل تراثنا كله في «المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري»، فتحليلاته العقلية لشتى مناحي الحياة لا تخطئها النظرة العابرة.
٧  قارن الدراسة التي كتبناها تحت عنوان «الفلسفة الثنائية عند زكي نجيب محمود» في مجلة عالم الفكر، التي تصدرها وزارة الإعلام في دولة الكويت، المجلد العشرون، والعدد الرابع يناير ١٩٩٠م (وقد ضمها كتابنا الحالي).
٨  انظر كتابه «قيم من التراث»، ص٢٢١.
٩  قارن دراستنا السالفة الذكر في مجلة «عالم الفكر»، المجلد العشرون، العدد الرابع، يناير ١٩٩٠م (وفي كتابنا الحالي).
١٠  من مقدمة كتابه «المنطق الوضعي»، الجزء الأول، الذي أصدره عام ١٩٥١م، مكتبة الأنجلو المصرية.
١١  قارن كتابه «قصة عقل»، ص٨.
١٢  قارن كتابه «مجتمع جديد أو الكارثة»، ص١٤ وما بعدها، ط٣ عام ١٩٨٣م.
١٣  مجتمع جديد أو الكارثة، ص١٧–١٨.
١٤  المرجع السابق، ص٢٠.
١٥  قارن كتابه «عربي بين ثقافتين»، ص١٠٧.
١٦  المرجع نفسه.
١٧  المرجع السابق، ص١٠٨.
١٨  قارن كتابه «أفكار ومواقف»، ص٢٠٨، ٢٠٩.
١٩  قارن كتابه «بذور وجذور»، ص٦٥، ٧٣، ٧٤.
٢٠  قارن مقالة «ظلم» في كتابه شروق من الغرب، ص٥، وفي الكتاب نفسه «الطاغية الصغير»، ص٩٤، ومقالة «كيف يولد طاغية» في كتابه «أفكار ومواقف»، ص١٦٤–١٧٠، و«نفوس فقيرة» في كتابه «… والثورة على الأبواب» أو باسمه الجديد «الكوميديا الأرضية»، ص٧٩ … إلى آخر تلك المقالات الكثيرة التي تنقد بسخريةٍ مريرة الفساد المستشري في أوضاعنا الاجتماعية جميعًا.
٢١  «الكوميديا الأرضية»، ص٨١.
٢٢  «الكوميديا الأرضية»، ص٩.
٢٣  المرجع نفسه، ص١٣.
٢٤  نشره في كتابه: «… والثورة على الأبواب»، ثم في «الكوميديا الأرضية»، ص٥٦–٦٣.
٢٥  المرجع السابق، ص٥٧.
٢٦  «الكوميديا الأرضية»، ص٦٣.
٢٧  قارن دراستنا السابقة عنه في مجلة عالم الفكر بعنوان «الفلسفة الثنائية عند زكي نجيب محمود»، المجلد العشرون، العدد الرابع، يناير ١٩٩٠م.
٢٨  «قصة نفس»، ص١٨٢.
٢٩  المرجع السابق، وقارن دراستنا السالفة الذكر في مجلة «عالم الفكر».
٣٠  «أفكار ومواقف»، ص٢٥٩.
٣١  «قيم من التراث»، ص١٠٠–١٠١.
٣٢  قارن مقاله الرائع اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ في كتابه «رؤية إسلامية»، ص٢٨ وما بعدها.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤