الدساتير الطبية

(١) الدساتير الطبية المصرية القديمة

عثر الباحثون في الآثار المصرية على دساتير طبية تعد تحفًا في علمي الطب والصيدلة، وقد اصطلح على تسميتها ﺑ «القراطيس»، وكانت الأدوية مرتبة فيها حسب نفعها لأعضاء الإنسان أو للأمراض. وكانت الأسماء تكتب بالمداد الأسود والمقادير بالمداد الأحمر، وكانوا يستعملون الكسور الدقيقة في تحديد المقادير مثل ١ / ١٦، ١ / ٣٢، ١ / ٦٤ من وحدتهم، وكانوا يكتبون طرق التحضير، ويمكن تقسيم هذه القراطيس المصرية القديمة حسب العصور التي ظهرت فيها:
  • أولًا: دساتير العصور الأولى حتى الأسرة الثانية عشرة مثل قرطاس برلين.
  • ثانيًا: الدساتير من الأسرة الثانية عشرة إلى الأسرة الثامنة عشرة مثل قرطاس هيرست.
  • ثالثًا: الدساتير من الأسرة الثامنة عشرة حتى أول عصر الرعاة مثل قرطاس إيبرس.
  • رابعًا: دساتير عصر الرعاة مثل قرطاس إدوين سميث.
  • خامسًا: دساتير العصر المسيحي مثل قرطاس زويحا.

وكانوا يستعينون بالعزائم لجلب الشفاء، فمثلًا كانوا يقولون عند كيل الدواء: «أوهذا المقدار يا حوريس هو الذي فعلته وحددت مقداره وحضرته إيزيس لابنها هوريس.»

وكانت تحوي هذه الدساتير كثيرًا من الوصفات لتحضير المراهم والحبوب والغسولات واللزقات.

(٢) الدساتير اليونانية

أهمها فصول أبقراط ثم القرطاس اليوناني المحفوظ الآن بمتحف الليد بهولندا، وقد قال جالن: إن أبقراط كان صيدليًّا عاديًّا قبل أن يكون طبيبًا، وقد حوى كتابه أكثر من مائتي عقار منها الحيواني ومنها النباتي ومنها المعدني، وذكر المخدرات ومنها عصارة الخشخاش وذكر كثيرًا من المراهم والحبوب والغراغر والقطرات والمسهلات والمقيئات والأقراص والعطور.

(٣) الدساتير العربية

يعتبر طب أبقراط المورد الذي نهل منه العرب بعد أن ترجم للعبرية، ويروى عن العرب أنهم أول من رفع من شأن الصيدلة، ويرجع إليهم الفضل في معرفة الراوند والسنامكي والمن والكافور والمسك وجوز الطيب، وهم أول من قطر ماء الورد، وقد ظهر في أيام العرب كثير من الدساتير الطبية وأهمها:
  • (١)

    مؤلفات ابن سينا: وضعها الحسين بن عبد الله بن سينا في القرن الحادي عشر ميلاديًّا.

  • (٢)

    مفردات ابن البيطار.

  • (٣)

    كرابادن وهو اسم دستور طبي وضعه صابر بن سهل رئيس المدرسة الطبية في بغداد بأمر من الخليفة هارون الرشيد، الذي سن قانونًا لتعاطي مهنة الصيدلة، وآخر بأسماء العقاقير والأدوية وأثمانها.

  • (٤)

    خواص الرازي.

(٤) الدساتير الحديثة

وسار العالم على هذا النحو يتخبط بين هذه الدساتير الطبية الكثيرة العدد حتى القرن الرابع عشر للميلاد، وقد بدأت كل دولة تفكر تفكيرًا جديًّا في تكوين دستور طبي جامع يستعمل في جميع أنحائها بنفوذ حكومتها وتحت سلطانها، فظهر كثير منها لم يكتب لها البقاء، فدالت وتلتها غيرها، وهكذا حتى القرن التاسع عشر للميلاد، وقد ظهرت عدة دساتير في كثير من أقطار العالم بلغ عددها ٢٦ دستورًا وهي:

الدستور البريطاني عام ١٨٦٤
الدستور البرتغالي عام ١٨٧٦
دستور شيلي عام ١٨٨٦
دستور كرواتيا عام ١٨٨٨
دستور رومانيا عام ١٨٩٣
دستور المكسيك عام ١٩٠٤
دستور نيوزيلند عام ١٩٠٥
دستور إسبانيا عام ١٩٠٥
دستور أستراليا عام ١٩٠٦
دستور دانمرك عام ١٩٠٧
دستور سويسرا عام ١٩٠٧
دستور فرنسا عام ١٩٠٨

ثم دساتير بلجيكا وسربيا والولايات المتحدة وهنغاريا وإيطاليا واليابان ونروج وروسيا والسويد والأرجنتين وفنلندا.

وجاء القرن العشرين فشهدت الست سنوات الأخيرة منه بين عامي ١٩٢٩ و١٩٣٤ همةً ونشاطًا كبيرين في مراجعة وتجديد الدساتير، فقد جدد طبعة ثمانية دساتير طبية، وهي ما سنهتم بدارستها هنا، وهي:

الدستور الإيطالي عام ١٩٢٩
الدستور الإسباني عام ١٩٣٠
الدستور البلجيكي عام ١٩٣٠
الدستور الإنجليزي عام ١٩٣٢
الدستور الدانمركي عام ١٩٣٣
الدستور السويسري عام ١٩٣٣
الدستور اليوغوسلافي عام ١٩٣٣
الدستور الهنغاري عام ١٩٣٤
وبدراسة جميع الأطوار التي يمر بها الدستور الطبي في دولة ما نرى الفرق واضحًا متدرجًا من العقاقير والتذاكر الطبية الركيكة المبنى الغير مستندة على حجج طبية قوية إلى مرجع من المراجع الحديثة المهمة، التي هي خلاصة مركزة لما أنتجه العقل البشري حتى الآن من أبحاث الطب والصيدلة، وأن التغيرات التي تطرأ عليها بين طبعه وأخرى لهي الدليل البين على تقدم الصيدلة وارتقاء الأبحاث الأقرباذينية، فإن الفكرة الطبية التي تتكون عن عقار ما قد تتغير بتغير الزمن، وهذه التغيرات والتطورات في عالم الصيدلة ترجع إلى عدة أسباب:
  • أولًا: الحدس والتخمين العلمي.
  • ثانيًا: البساطة العلمية.
  • ثالثًا: الشك العلمي.
  • رابعًا: تقدم دراسة علوم النباتات وأصلها وخواصها ومحتوياتها.
  • خامسًا: المجهودات الجبارة التي تبذلها الجمعيات الطبية والصيدلية وشركات الأدوية والأفراد.
  • سادسًا: حماية العقاقير من غشها.

وسنلم هنا إلمامًا بسيطًا بهذه الدساتير الطبية الثمانية.

الدستور الإيطالي عام ١٩٢٩

صدرت الطبعة الخامسة من هذا الدستور عام ١٩٢٨ في ديسمبر وصدر بها الدكريتور الحكومي عام ١٩٢٩، ويحتوي هذا الدستور على ٨٥ موضوعًا، وأهم مميزاته:
  • أولًا: ترتفع فيه نسبة المواد الخام والمركبات المعقدة.
  • ثانيًا: لم يذكر فيه الأنسولين.
  • ثالثًا: وبه جدول يحتوي على ٣٩ مركبًا زرنيخيًّا عضويًّا تحت مراقبة الحكومة.
  • رابعًا: أسهب في موضوع التعقيم وذكر ١٧ طريقة لتعقيم المستخرجات المعدة للحقن.
  • خامسًا: لم تذكر به الطرق الحيوية لتحديد مفعول العقار.

وأما من الجهة الصيدلية فقد وفى كل الإيفاء به أبواب مفصلة عن القطرات والحبوب والغسولات واللبوسات وطرق تحضيرها.

الدستور الإسباني عام ١٩٣٠

ظهرت الطبعة الثانية منه عام ١٩٣٠ بدعوة من الأكاديمية الطبية، ويعتبر هذا الدستور جديدًا من كل وجهاته، ومن أحسن الدساتير الحديثة وأوفاها بالأغراض الطبية والأقرباذينية، وأهم مميزاته:
  • أولًا: وصف مسهب لكثير من الأمصال واللقاحات.
  • ثانيًا: جدد كثيرًا من مستحضرات الغدد الحيوانية على أشكال مختلفة لتعاطيها بالفم وبالحقن وبجميع الطرق الممكنة.
  • ثالثًا: عدم ذكر الأنسولين.
  • رابعًا: ذكر طريقة بروم وكلارك لتقدير الإرجوت على اعتبار الإرجوتامين هو المادة الفعالة.
  • خامسًا: تخصيص فصل كامل لشرح ٢٤ طريقة لتعقيم المحاليل المعدة للحقن.
  • سادسًا: ذكر ٦ مركبات عضوية زرنيخية فقط، ولا تستعمل إلا تحت شروط كثيرة كيماوية وطبية وحيوية.

الدستور البلجيكي سنة ١٩٣٠

صدرت آخر طبعة منه عام ١٩٣٠ بمعرفة مؤتمر انعقد رسميًّا بدعوة من وزارة المعارف والصحة، وهو كثير الشبه بالدستور الإيطالي غير أنه ذكر الطريقة الحيوية لتقدير مفعول العقاقير.

الدستور الدانمركي سنة ١٩٣٣

عدد موضوعاته ٥٦٢ به جدول يحوي ٢٧ مادة، مبينًا أقصى درجات الحرارة لتعقيم محاليل هذه المواد، وبه فصول وافية عن المحافظ (الكبسولات) والأقراص، وبه ١٦ تركيبًا للأقراص.

الدستور السويسري سنة ١٩٣٣

ظهرت الطبعة الخامسة في أغسطس سنة ١٩٣٣، وصدر المرسوم بالعمل به في يوليو سنة ١٩٣٤، يحتوي الدستور على ١١٤٨ موضوعًا، وهو أكثر ما يحتويه دستور طبي، وهو مؤلف له قيمته من الوجهة الأقرباذينية، فيه أبواب خاصة لطرق التحضير، وجميع تركيبات هذا الدستور متقنة جدًّا، والأوصاف النباتية والكيماوية للعقاقير حديثة جدًّا مأخوذة من آخر أبحاث العلماء، وأهم مميزاته:
  • أولًا: نسبة عالية من المواد الخام والجالينات والتراكيب المعقدة.
  • ثانيًا: عدد محدود من الحاصلات الحيوانية لم يذكر بينها الأنسولين ولا البتيوترين.
  • ثالثًا: لم تذكر به الطرق الحيوية لتقدير المفعول لعدم وجود معمل حكومي لذلك.

الدستور الإنجليزي سنة ١٩٣٢

وهو ما يهمنا دراسته، في عام ١٥٤٢ أظهر طالب طب في السنة النهائية اسمه «فاليريوس كوردوس» مجموعة من التراكيب الطبية التي اختارها من بين كثير من وصفات أطباء المدينة، وشجعه هؤلاء الأطباء على طبعها، وساعدوه على الحصول على تصريح بذلك من مجلس السناتو.

وكان مبدأ ظهور كلمة فارماكوبيا بالإنجليزية على كتاب طبعه دكتور «فواس»، ولكن لم يعم استعماله في القرن السابع عشر.

وحتى عام ١٦١٧ كانت هذه الأدوية والعقاقير تباع عند العقارين Apothecaries والعطارين، وفي نفس العام حصل العقارون على قانون يحرم على العطار أن يكون له دكان عقار، ومن ذلك الوقت تحول عليهم تحضير جميع التراكيب الطبية، وزادت عليهم الرقابة لما فيه من الأهمية لصيانة الأرواح.

وكان أول دستور طبي إنجليزي هو الدستور الذي طبعته الكلية الطبية الملكية في مايو سنة ١٦١٨، وكان يحتوي على أكثر من ٩٠٠ وصفة طبية وكثير من المواد المفردة دون وصف أو اختبار، كما كان ملآنًا بالأخطاء الفنية؛ فقد كانت التذكرة الواحدة تحتوي بين ٢٠، ٧٠ عنصرًا، ومثال ذلك صبغة «واربرج» التي كانت تحتوي على ٢٩ عنصرًا.

وفي عام ١٦٩٩ ظهر أول دستور في أدنبرة، وأصدرت الكلية الملكية بأيرلاندا دستورها عام ١٨٠٧، وبذلك أصبح في المملكة البريطانية وحدها ٣ دساتير رسمية مرت كما يمر العالم خلال أدوار الانتقال والتمدين، وكبرت وأدخلت عليها أوصاف العناصر وطرق التحضير وطرق التحديد Standerdisation وسارت هذه الدساتير الثلاثة جنبًا إلى جنب في مملكة واحدة، فأوجدت اختلافا كبيرًا وارتباكًا لا يستهان به في طرق وأشكال صرف الأدوية حتى عام ١٨٥٨ عند ما فكر المجلس الطبي العام بناءً على ما جاء في مواد القانون الطبي في توحيد هذه الدساتير ووضع دستور واحد يفي بجميع الأغراض المطلوبة، ويستعمل في جميع أنحاء الإمبراطورية.

وقد طبع بناءً على ذلك أول دستور طبي إنجليزي باللغة الإنجليزية عام ١٨٦٤، وجددت هذه الطبعة عام ١٨٦٧؛ لأنها لم تكن وافية بحاجات الأطباء والصيادلة فنقحت وجددت، وهذا النقص في الطبعة الأولى ناتج كما يقول الإنجليز أنفسهم عن عدم تمثيل الصيدلة تمثيلًا صحيحًا. وقد مر الدستور الإنجليزي الرسمي منذ ذلك الوقت على خمس حلقات من العمر استكمل فيها نموه بما أدخل من وسائل التجديد والإصلاح حتى أخذ بحق لقب شيخ الدساتير الطبية، وهذه الحلقات الخمس هي عام ١٨٨٥، ١٨٩٨، ١٩١٤، ١٩٣٢م.

والجداول الآتية تبين النسبة المئوية في كل من هذه الطبعات لجميع المواد والمركبات:

نسبة مئوية.
العناصر سنة ١٨٦٤ سنة ١٨٦٧ سنة ١٨٨٥ سنة ١٨٩٨ سنة ١٩١٤ سنة ١٩٣٢
مواد خام ٢١ ١٨٫٥ ١٧ ١٦٫٥ ١٦ ١٢
مواد غير عضوية ١٤٫٥ ١٦ ١٥ ١٤ ١٣٫٥ ١٦
مواد عضوية ٤٫٥ ٤٫٥ ٦٫٥ ٨٫٥ ١١ ٢٠
حاصلات حيوانية ١ ١ ١ ١ ١ ٣٫٥
أدوية نباتية ٣٣ ٣٣ ٣٣٫٥ ٣١٫٥ ٢٩ ١٤
محضرات مقعدة ٢٠ ٢١٫٥ ٢١٫٥ ٢٢٫٥ ٢٢٫٥ ١٥٫٥
دهن زيت شمع ٦ ٥٫٥ ٥٫٥ ٦ ٧ ٣٫٥
عدد المواضيع ١٦٢٥ ٧٦٤ ٩٠٣ ٨٣٥ ٨١٤ ٥٨٧
Galenicials هي العقاقير ذات الأصل النباتي. ومن هذا الجدول نرى أن الفارماكوبيا الحديثة تمتاز عن سابقاتها بنقص في استعمال المواد الخام والعقاقير ذات الأصل النباتي والمستخرجات المعقدة، وزيادة المستعمل من المواد الغير عضوية والعضوية والحاصلات الحيوانية، وهذه أدلة قوية على تقدم هذا الدستور، وقد رتب دستور سنة ١٩٣٢ على أحسن نظام، فقد جاء في كل باب بذكر المادة، فاسمها اللاتيني، فالمختصر اللاتيني للاسم، فالعنوان الإنجليزي، فاللقب، ثم شرح التركيب الكيماوي، فطرق التحضير، فالصفات، فالاختبار لتحقيق شخصيتها، فاختبار نقاوتها، فتقديرها الكمي، فمستحضراتها، فجرعاتها.
وأهم التغيرات التي حصلت في الطبعة الأخيرة ما يأتي:
  • أولًا: أدخلت فيه ١٢٧ مادة ومستحضر لم تكن موجودة في دستور ١٩١٤ أهمها الاكريفلافين والإثيلين وجاوات الصودا والكافيين ورابع كلورور الكربون وسكر العنب (الدكستروز) والليفيلوز ويودور البزموت والأميتين وسلفات الكينيدين والأنسولين والأستروفانثين والبولينا، وخلاصة المولت وزيت السمك وجميع المنقوعات المركزة Conc Infusions.

    واستبدل نبيذ عرق الذهب بصبغة عرق الذهب.

  • ثانيًا: حذفت ٣٥٦ مادة ومستحضر كانت موجودة في دستور سنة ١٩١٤ كمروخ الأفيون واليوسول، فقد استبدل بسائل الصودا والكلورين Liq Soda Chlorinata وجميع الأنبذة.
  • ثالثًا: تغيرت أسماء بعض المستحضرات والمواد، مثل حمض الكربوليك فقد سمي بالفينول، وحبوب الحديد فقد سُمِّيت بحبوب كربونات الحديد.
  • رابعًا: تغير عناصر بعض المركبات، ففي شراب يودور الحديد زادت كمية الحديد من ١٥ إلى ١٩، وكمية اليود من ٤١٫٤ إلى ٥٨، وأضيف إليه حامض تحت الفوسفوروز المخفف بمقدار ١٠ جرام لمنع حدوث التفاعلات الثانوية، وفي شراب إيستون نقصت كمية حامض الفوسفوريك من ٦٢٫٥ إلى ٤٠، واستبدل الاستركتين بكلورور الاستركنين، ونقصت الكمية من ٫٥٧ إلى ٫٣٠.

الدستور الهنغاري سنة ١٩٣٤

صدرت الطبعة الرابعة منه سنة ١٩٣٣، وصدر بها المرسوم الحكومي في يونيو سنة ١٩٣٤ وأهم مميزاته:
  • أولًا: وجود فيتامين «د» بين محتوياته على هيئة محلول زيتي أو أقراص.
  • ثانيًا: وصف كامل للباستليات وعشرة تركيبات لها.

ملحقات الدساتير وكتب الوصفات Codex & Formularies

ولما كان الجمهور في كل قطر من الأقطار في شديد الحاجة الماسة إلى الكثير من التركيبات المشهورة التي لم ترد في الدساتير الطبية، فقد ظهرت ملحقات كثيرة توالت بتوالي الأيام، فقد ظهر مثلًا في إنكلترا ملحق جراي سنة ١٨١٨، ولحل هذه المشكلة ووضع حد لفوضى تعدد هذه الملحقات، فقد فكرت جمعية الصيدلة البريطانية في ٤ نوفمبر سنة ١٩٠٣ في إصدار ملحق رسمي جامع لأكبر ما يمكن أن تحويه مجموعة طبية، من بينها ما ذكره الدستور الأصلي، وآخر طبعة لهذا الملحق عام ١٩٣٤، وهي قيمة جدًّا يهم كل من يمت للصيدلة بصلة الاطلاع عليها.

ويجدر بنا في هذا المقام أن نذكر الكتب الهامة بشيء من التقدير والإعجاب مثل:
  • (1)
    Squire’s Companion.
  • (2)
    Extra Pharmacopoeia by Martindale.
  • (3)
    Pharmaceutical Formulae.
  • (4)
    Secrets of Remedies.

(٥) الدساتير الخاصة

وأعني بها الدساتير المحلية التي نستعملها في المستشفيات الأهلية والحكومية، فقد تجد لكل مستشفى أو مستوصف دستورًا خاصًّا يراعى فيه ما يهمه من علم أو توفير للوقت أو اقتصاد مادي، ومثل هذه الدساتير أوجدت فوضى لا يستهان بها في كثير من البلدان، فمثلًا نجد في مصر دستورًا خاصًّا لكلٍّ من المستشفى الإنجليزي والإسرائيلي والطلياني والفرنساوي والأمريكاني والقبطي والمستشفيات الحكومية، فمثلًا تجد لمزيج ساليسيلات الصودا ألوانًا مختلفة حسب مختلف الدساتير؛ مما يؤدي بالمريض إلى عدم الثقة في الطبيب الذي يعالجه أو في الصيدلي الذي يحضِّر له الدواء، وإني أرى والحالة هذه أن يرسل كل مستشفى نسخة من دستوره لمصلحة الصحة، وهذه تقوم بتوحيد ما ترى توحيده من حيث اللون والكمية والرائحة وغير ذلك.

دستور المستشفيات المصرية

ظهرت منه عدة طبعات أهمها عام ١٩١٢ و١٩٢١ و١٩٣٤، وقد وصل إلى يدنا حتى الآن من آخر طبعة الجزء الأول، وهو كتيب صغير يقع في حوالي ٢٠٠ صفحة مطبوعة باللغتين العربية والإنجليزية، ولا ننكر أفضليته على الدساتير المصرية السابقة مما حذف منه وما أضيف إليه، وقد عهد في وضعه إلى لجنة طبية بدعوة من مصلحة الصحة العمومية مثَّل الصيدلة فيها جناب صيدلي أول مستشفى قصر العيني مستر جون برونسكل، وقد حوى هذا الكتاب كثيرًا من المستحضرات أهمها ٥١ مزيجًا للبالغين و١٢ مزيجًا للأطفال، ومع ذلك فيه كثير من العيوب التي تصادف كل دستور في مبدئه، نذكر منها:
  • أولًا: أن هذا الدستور غير متمصر تمامًا أو معرب تمامًا، فكثير مما فيه أدوية جاهزة ترد لنا من الخارج لم يذكر تركيبها ولا طريقة صنعها كالأقراص والحقن.
  • ثانيًا: كثيرًا ما أشار الدستور في تذاكره إلى الدستور الإنجليزي كمرجع وحيد، وفي هذه الحالة لا يشرح طريقة العمل ولا يبين العناصر، فكأنه فرض على كل من يستعمل هذا الدستور المصري أن يلصقه بآخر إنجليزي.
  • ثالثًا: أشار الدستور في تذكرة المزيج القلوي والأنتيمون إلى نبيذ الأنتيمون سنة ١٩١٤ مع أن هذا المستحضر قد حذف من دستور ١٩٣٢ الذي يعتبره دستورنا مرجعه الوحيد.
  • رابعًا: نقص كمية النعناع في بعض الأمزجة كمزيج الراوند والصودا مع أن النعناع نافع جدًّا في هذا المزيج لمنع الارتباكات الناتجة عن تعاطيه كما يقول بعض الأطباء المشهورين في مصر.
  • خامسًا: ذكر الدستور استبدال الشراب بالجليسرين إذا تلف الأول، وكأنه والحالة هذه أباح للصيدلي إمكان تلف ما يصنعه وكأنه وضع الجليسرين والشراب في موضع واحد من حيث الطعم والمفعول والخواص الكيماوية والحيوية مع ما بينهما من بون شاسع.

(٦) الدستور الدولي

هو أمنية طيبة قام بالدعاية لها نفر جلَّت نفوسهم، وكبرت أخلاقهم؛ تسهيلًا للعمل، ومنعًا للخلط والارتباك، وسعيًا وراء راحة المرضى الغرباء الذين قد يحلون في وطن غير وطنهم، ويحملون تذاكر طبية لا تطمئن نفوسهم إذا ما حضروها ورأوا فيها فرقًا ولو بسيطًا كالرائحة والطعم مع أن الأساس واحد، ولكنهم لا يعرفون من المهنة أسرارها.

وقد تقدمت بذلك اقتراحات كثيرة درستها جمعيات صيدلية دولية منتخبة، ولكن مع شديد الأسف قد فشلت كل هذه المحاولات بسبب الحسد الدولي المتوطن في نفوس زعماء الشعوب، وأول مجهود من هذا النوع عام ١٨٧٤.

وفي عام ١٨٨١ انعقد المؤتمر الخامس للجمعيات الصيدلية الدولية، ووضع دستورًا أقر استعماله، ولكن لسبب ما أهمل هذا الدستور في زوايا النسيان.

وليس هناك من البوادر ما يبشر بنجاح هذه الأمنية ونفاذها.

(٧) الدستور المصري العتيد إن شاء الله

وإنه ليسر كل مصري أن يأتي ذلك اليوم الذي نرى فيه دستورنا المصري مرفوع اللواء بين دساتير العالم، فكم سيكون له من مغزى قومي، وكم سيكون له من وقع في النفوس سيزيل إن شاء الله ما يعانيه الصيدلي من ألم وحيرة، وكم سيكون فخرنا عظيمًا حين نذكر دائمًا أن جمعية الصيدلة المصرية قد سعت، وأن سعيها كلل بالنجاح، وأنها قد عملت وأن عملها قد فاز، بإخراج دستور حديث منسق هو جماع الفكر والعلم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤