الهوية الاستهلاكية

الثقافة والاقتصاد

تابعت (من على بُعد) الحوار الدائر في بلادنا حول الهوية، والخلاف بين المفكرين، بعضهم يرى أن هويتنا إسلامية، والبعض الآخر يراها مصريةً قوميةً تاريخية تشمل الحضارة المصرية القديمة، وما تلاها من حضاراتٍ قبطية وعربية وإسلامية وشرقية وغربية.

ويدور هذا الحوار نفسه تقريبًا في عددٍ من البلاد العربية، وفي بلاد أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، بل في شمال أمريكا أيضًا، حيث تشعر الأغلبية الساحقة من البشر في أنحاء كثيرة من العالم أنهم مهدَّدون بفقدان الهوية الذاتية، وثقافتهم المستقلة إلى جانب فقدان مواردهم الاقتصادية والمادية.

وقد حضرتُ في السنين الأخيرة عددًا من المؤتمرات الدولية والعربية حول هذا الموضوع، واتضح أن عملية النهب الاقتصادي المنظَّم المتزايد تحت ما يسمى «النظام العالمي الجديد»، يصاحبها في الوقت ذاته عملية نهبٍ معنوي وأدبي وثقافي، يشمل الهوية الشخصية للإنسان الفرد بمثل ما يشمل الهوية الجماعية للشعب الواحد.

إن أي نظامٍ اقتصاديٍّ قائم على الربح السريع، وتراكم المال في يد الأقلية لا يمكن أن يستمر دون أن يحمي نفسه بقوة السلاح والإعلام أو التوجيه الثقافي، ومن هنا ارتباط الثقافة أو الهوية بما يحدث في مجال الحرب والسوق التجارية.

في مؤتمر في لندن (عام ١٩٩٣) وقف أستاذٌ فلسطينيٌّ أمريكي وتساءل: «هل «الهوية» نوع من الوهم في هذا العصر الأخير (عصر ما بعد الحداثة) أم أنها حقيقة؟» ونهض أستاذٌ مغربي وتساءل: «هل يكون للمثقفين وجود أو دور في هذا العصر ما بعد الحداثة؟» وتكلم أستاذٌ سويسري قائلًا: «إن دور المثقفين أوشك على الانتهاء في مواجهة القوة الدولية النووية والإعلامية المركَّزة في قطبٍ واحد، هو القطب الأمريكي.»

لا شك أن الدور الذي يلعبه الإنسان في حياته يرتبط بهويته؛ ومن هنا الإحساس بالقلق على فقدان «الهوية الذاتية» في مواجهة الهوية الأمريكية المدعَّمة بالسلاح الحربي، وتكنولوجيا الإعلام أو التوجيه الثقافي.

هذا الأخطبوط الأمريكي يسعى إلى تدويل كل شيءٍ من سوق السلاح إلى سوق الفيلم السينمائي، والمسلسل التلفزيوني، وعقاقير منع الحمل. إن عملية التدويل هذه globalization هي التي أصبحت تُهدِّد البلاد الأخرى (بما فيها أوروبا)، لا من أجل القضاء على إنتاجها الاقتصادي فحسب، ولكن أيضًا القضاء على إنتاجها الثقافي وهويتها المستقلة.

ربما تتجسد عملية التدويل هذه في الاتفاقية المعروفة باسم «الجات»، والتي تحاول بها الولايات المتحدة السيطرة على قارات العالم جميعًا (بما فيها أوروبا) اقتصاديًّا وثقافيًّا في آنٍ واحد.

وقد بدأت ردود الفعل ضد هذه السيطرة من المثقفين في أوروبا — خاصةً فرنسا — وبلادٍ أخرى في العالم العربي خاصةً مصر، يرجع ذلك إلى أن فرنسا من البلاد التي تعتزُّ بثقافتها الخاصة المختلفة عن الثقافة الأمريكية، ولغتها الفرنسية المختلفة عن اللغة الإنجليزية، بل الأكثر جمالًا أو رقيًّا، وقد التقيتُ برئيس فرنسا «ميتران» أكثر من مرة في بعض المؤتمرات الثقافية التي عُقدت في باريس في الأعوام الثلاثة أو الأربعة الأخيرة، ولاحظتُ أنه لا يتكلم إلا اللغة الفرنسية مع أي شخص، وإن كان هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. كذلك أيضًا زوجته «دانيال ميتران» التي أختلف معها سياسيًّا في كثيرٍ من القضايا إلا أنني أُعجب بهذا الاعتزاز والتمسك باللغة الفرنسية.

وكم أشعر بالسرور حين أحضر المؤتمرات في تونس أو الجزائر أو المغرب، وأدرك أن لغة الحوار أصبحت اللغة العربية بعد أن كانت الفرنسية!

اللغة

لا شك أن اللغة جزءٌ أساسي من مكونات الهوية الفردية والجماعية على حدٍّ سواء، أحيانًا حين يسألني سائل: ما هو وطنك؟ فأقول: وطني هو اللغة العربية.

في مصر أيضًا (مثل فرنسا) لاحظتُ أن المثقفين (رجالًا ونساء) يلعبون دورًا هامًّا في الحياة السياسية والثقافية، وهم رغم اختلافاتهم السياسية والعقائدية يملكون هذا الاعتزاز بلغتهم العربية، وحضارتهم المصرية القديمة، عبر التاريخ منذ إيزيس وأوزوريس حتى الحضارة القبطية والحضارة الإسلامية.

منذ سقوط الاتحاد السوفياتي (بل قبل ذلك بعدة سنوات) بدأ المثقفون الاشتراكيون والمثقفات من النساء (في الغرب والشرق، وفي بلادنا العربية أيضًا) يملكون شجاعة نقد الأفكار الاشتراكية أو الماركسية التقليدية، ومنها ذلك الفصل بين ما سُمي «البناء التحتي» و«البناء الفوقي» في المجتمع، أي الفصل بين الاقتصاد والثقافة، والفصل بين قضية العمال والفلاحين (القضية الطبقية)، وبين قضية المرأة، أو نصف المجتمع الآخر (القضية الأبوية).

وقد استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تستفيد من هذه الأفكار الجديدة، وأن تُطوِّعها لخدمة أرباحها الاقتصادية، مثلًا في اتفاقية «الجات» ليس هناك فصل بين السوق الاقتصادية والسوق الثقافية. وفي هذه الاتفاقية تسعى الولايات المتحدة لفتح الأسواق لمنتجاتها من السلاح، إلى رغيف الخبز، إلى الفيلم السينمائي، أو التلفزيوني، إلى عقاقير منع الحمل.

التدمير الثقافي والاقتصادي

في أحد الاجتماعات في جامعة ديوك (١٩٩٣) أكد أحد الأساتذة الأمريكيين أن صادرات الولايات المتحدة من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية تُحقِّق لها أرباحًا طائلة، لا تقل عن أرباحها من صادرات الأسلحة والمنتجات الزراعية والصناعية الأخرى؛ ولهذا السبب تسعى الولايات المتحدة إلى ما يسمى «الخصخصة»، أو كسر حماية الدول للإنتاج المحلي سواء كان اقتصاديًّا أو ثقافيًّا، تحت شعار حرية السوق وحرية الثقافة، أو حرية سفر المعلومات والأخبار والإعلانات والمسلسلات، عبر تكنولوجيا الإعلام والاتصال.

إنها الحرية التي تجعل الأقوى يتحكم في الأضعف؛ ولهذا أدركت البلاد الأوربية الخطورة، وبدأت فرنسا (على الأخص) تستعين بالدولة لحماية إنتاجها الثقافي خاصةً الأفلام التي يخرجها الشباب.

إنجلترا أيضًا بدأت تدعم إنتاجها الثقافي المحلي، وهناك القناة الرابعة مثلًا مدعَّمة بالكامل من الدولة حمايةً لها من التدمير في مواجهة الأخطبوط الأمريكي.

لا شك أن السيطرة الأمريكية على أوروبا بدأت منذ مشروع مارشال (في أعقاب الحرب العالمية الثانية)؛ ذلك أن المعونة الأمريكية الاقتصادية لبلدان أوروبا الغربية قد صحبتها شروطٌ معينة لفرض معونةٍ ثقافية من الأفلام الأمريكية، منذ ذلك الوقت غمرت أفلام رعاة البقر والجنس أسواق إنجلترا وألمانيا الغربية وإيطاليا وغيرها، وأدَّت إلى تدمير الإنتاج المحلي الثقافي والاقتصادي في آنٍ واحد.

ولهذا السبب هربت الصناعات الأوروبية إلى البلاد الأضعف، في العالم الآخر (الذي سُمي بالعالم الثالث)، حمايةً لنفسها من الانقراض أمام الزحف الأمريكي، ولم تجد أوروبا (في النهاية) وسيلة للمقاومة إلا عن طريق «الوحدة الأوروبية» لإثبات وجودها وهويتها الخاصة. الوحدة الاقتصادية والوحدة الثقافية في آنٍ واحد؛ ذلك أنه لا يمكن الفصل بين الاقتصاد والثقافة.

إدمان الاستهلاك

إن انتشار ورواج الأفلام الأمريكية في أي بلدٍ ليس إلا انتصارًا اقتصاديًّا وثقافيًّا للولايات المتحدة في هذا البلد. إن مؤسسة هوليود مثلًا لا تربح الأموال فحسب، ولكنها تنشر الثقافة الأمريكية أو الهوية الاستهلاكية القائمة على الاستسلام الدائم للإعلانات والإغراء والقيم الاستهلاكية التي تدفع الملايين من فقراء العالم إلى شراء بضائعَ غير ضرورية لحياتهم.

مثلًا لقد أدمن الناس في بلاد العالم خاصةً أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية (أو العالم الثالث) على شرب الكوكاكولا، وهو مشروب غير ضروري، بل ضارٌّ بالصحة، ومثلًا النساء الفقيرات أو المحدودات الدخل في الريف أو المدن، كم تحرم الواحدة نفسها من الضروريات، مثل الغذاء الجيد، أو الكتاب الجيد لتشتري مساحيق الوجه أو «ريميل» العيون، وإصبع الروج الأحمر وغير ذلك من أنماط الاستهلاك التي ترى إعلاناتها فوق الشاشة.

وفي بنجلاديش (عام ١٩٩٣) رأيت بعيني شاباتٍ فقيرات شبه معدمات، يعانين من الأنيميا أو فقر الدم، ومع ذلك فإن الواحدة منهن لا تكفُّ عن استهلاك هذه البضائع وابتلاع حبوب منع الحمل، وتقليد النمط الأمريكي الذي تشاهده في السينما أو التلفزيون، وفي «داكا» عاصمة بنجلاديش رأيت طوابير الشباب الطويلة، المئات ربما الآلاف، يتزاحمون للدخول إلى قاعة السينما، حيث يُعرض فيلمٌ أمريكي (فوق الباب صورةٌ كبيرة لامرأةٍ عارية تحمل مُسدَّسًا) في بنجلاديش بعض الشباب من مخرجي الأفلام، قالوا لي إنهم عاجزون تمامًا عن العمل، ولا قدرة لهم على مقاومة هذه المنافسة الأمريكية، وإنهم في حاجةٍ إلى دعمٍ من الدولة وإلا فليس هناك أمل. قالوا أيضًا إن الأغلبية الساحقة من الشباب قد أدمنوا هذه الأفلام الأمريكية، وإنه من الصعب علاج هذا الإدمان، أو تقديم أفلام من نوعٍ آخر أكثر عمقًا، أو أقل إثارة.

في طريقي إلى بنجلاديش مررتُ بعددٍ من العواصم العربية، رأيت السوق الحرة مزدحمة بنساءٍ محجباتٍ يتنافسن على شراء بضائعَ أمريكية أغلبها مساحيق وأدوات تجميل وأغطية للرأس أو أحجبة للنساء المسلمات مزيَّنة بفصوصٍ من اللؤلؤ، ومصنوعة في نيويورك أو نيوجرسي.

الشيكات والهوية

وفي مؤتمر في سويسرا (١٩٩٣) حول صراع الحضارات والهويات التقيتُ بوفدٍ إيراني من عددٍ من الرجال وامرأة ترتدي العباءة السوداء، رئيس الوفد يحمل لقب «آية الله» تقدمتُ إليه لأصافحه، فلم يصافحني إلا بعد أن غطى يده بطرف عباءته. واندهشتُ، وسألته: لماذا يخشى مصافحة يد المرأة بيده دون غطاء؟ فقال: أخشى الشيطان، قلتُ له: أنا هزمتُ الشيطان، قال: أنا لم أهزمه!

كان معنا أيضًا امرأة تختفي تحت خيمةٍ سوداء أحكمت حجابًا حول وجهها، وقالت: ما هي هويتك؟ ألستِ مسلمة؟ لماذا لا ترتدين الحجاب الإسلامي؟ حركت يدها وهي تتكلم بانفعال، فظهر ذراعها خارج العباءة محوطًا بأساور وشخاليلَ ذهبية، عيناها أيضًا كانتا مكحَّلتَين «بالريميل» الأمريكي يفوح منها رائحة «البرفيوم»، وحول عنقها عقد من اللؤلؤ.

في ذلك المؤتمر دار حوار حول الهوية الفردية والهوية الجماعية. قلت عن هويتي: إنني امرأةٌ مصرية مُنتجة لا أشتري الأساور ولا الشخاليل ولا الريميل ولا الأحجبة، هويتي إنتاجية وليست استهلاكية، وإنتاجي هو ثقافيٌّ عربي؛ لأن لغتي هي العربية، فأنا أكتب بالعربية للشعوب العربية التي سوف تتوحد، وأشعر أنني في وطني سواءٌ كنت في المغرب أو المشرق. إن بلاد أوروبا تتوحد اليوم رغم اختلافها في اللغة والثقافة والسياسة والاقتصاد والتاريخ، إن الاختلافات بين الشعوب العربية أقل منها بين الشعوب الأوروبية؛ ولذلك فإنني أعتقد أن الوحدة العربية سوف تحدث عاجلًا أو آجلًا؛ لأن التهديدات التي تواجه أوروبا هي نفسها التهديدات التي تواجه بلادنا اقتصاديًّا وثقافيًّا.

في هذا المؤتمر وقفتْ أستاذةٌ أمريكية، وقالت: إن فكرة الهوية أو القومية إنما هي فكرةٌ عنصرية تحاول تقسيم البشر إلى أجناسٍ مختلفة، وقومياتٍ مختلفة، والمفروض أننا نعيش في مجتمعٍ إنسانيٍّ واحد، يقوم على العدل لا فرق بين الناس على أساس الجنس أو اللون أو الطبقة أو العقيدة أو العرق … إلخ … إلخ.

وتساءلت بدهشة: هل نحن حقًّا نعيش في مجتمعٍ إنسانيٍّ واحد يقوم على العدل؟ وأين هو العدل في النظام العالمي الجديد، أو في اتفاقية الجات مثلًا؟

وتساءلت الأستاذة الأمريكية: الجات؟! وما علاقة «الجات» بمؤتمرنا هذا عن الثقافة أو الحضارة؟!

لاحظتُ أن الأستاذة الأمريكية كانت ترتدي في أذنَيها حلقًا ذهبيًّا كبيرًا يزن حوالي نصف كيلو، وفوق وجهها طبقة من المساحيق والألوان تُخفي ملامحها الحقيقية، على مائدة الغداء رأيتها ترمق المرأة المحجبة شزرًا، وسمعتها تهمس في أذن جارها: لماذا هي تخفي وجهها بهذا الحجاب السميك الذي ينتمي إلى العصور المتخلِّفة؟ وهمستُ في أذنها: أنت أيضًا تخفين وجهك بمساحيق عصر ما بعد الحداثة.

ما هي هويتي؟

هكذا رأيت نفسي أو أدركت هويتي. إنها ليست على شاكلة تلك المرأة الأمريكية، ولا هي على شاكلة تلك المرأة المحجَّبة، كلتاهما في نظري وجهان لعملةٍ واحدة: «الهوية الاستهلاكية»، هذه هي الهوية الأمريكية العالمية التي تهدد هويتنا الحقيقية، لكنْ هناك تهديدٌ آخر من الداخل، تلك القوى السياسية التي تتصور أن هويتنا هي دينية فحسب، وأن حماية هويتنا، هو ارتداء الحجاب (أو زيٍّ معين) أو إخفاء وجوهنا، أو رءوسنا في الرمال على حين تظهر عوراتنا على شكل ذلك الاستهلاك المجنون لكل ما هو أمريكي من زجاجة الكوكاكولا، إلى الفيلم السينمائي أو التلفزيوني، إلى إصبع الروج، أو الريميل، إلى حبوب منع الحمل، أو اللولب وحقن النوربلانت والديبوبروفيرا.

إن كل شعب له هويةٌ اقتصادية وثقافية تختلف عن الشعوب الأخرى، كما أن الهوية الفردية تختلف عن الهوية الجماعية؛ لأن الإنسان الفرد له صفاتٌ خاصة تختلف عن الفرد الآخر.

مثلًا أنا امرأة، ولا يمكن أن تكون هويتي الفردية هي هوية الرجل. كلمة «هُوية» جاءت من الضمير المذكر «هُوَ».

إن ضمير المؤنث «هي» ركنٌ أساسي في الشخصية الفردية للمرأة، لذلك فإن كلمة «هُوية» لغويًّا لا تمثل إلا نصف المجتمع الذكور، لكن اللغة مثل الهوية الجماعية، تعبر عن القوى السياسية والاقتصادية، وليس عن الأغلبية العددية. إن النساء في بلادنا أغلبية عددية (٥٢٪ من السكان)، لكنهن من حيث القوة السياسية والاقتصادية يدخلن تحت فئة «الأقلية». أما الأقباط في مصر فهم أقليةٌ عددية، لكنهم من حيث القوة السياسية والاقتصادية لا يدخلون تحت فئة «الأقلية»، أو هكذا يرى أغلب المثقفين في مصر.

لا شك أن أزمة «الهوية» ليست إلا تعبيرًا عن الأزمة الاقتصادية والثقافية التي تواجه العديد من بلاد العالم بسبب البطش الأمريكي الاقتصادي والثقافي والمدعم بقوة عسكريةٍ كبرى.

التناقض المختفي وراء الشعارات

قرأت لمحرر جريدة «شيكاجو تربيون» (١٩٩٣) ما معناه أنه يقترح على الولايات المتحدة أن تصبح دولةً عسكرية «مرتزقة»، تبيع الحماية العسكرية لغيرها من البلاد الأوروبية الغنية نظير أجرٍ معين للحفاظ على مصالحها.

نشأت هذه الفكرة بعد حرب الخليج (١٩٩١)؛ إذ دفعت بلاد الخليج العربي أموالًا طائلة للولايات المتحدة نظير الدفاع عنها في الحرب ضد العراق.

إن موضوع «الهوية» المثار هذه الأيام لا يمكن أن يُفهم إلا في ضوء ما يحدث في العالم غربًا وشرقًا، وشمالًا وجنوبًا؛ فنحن نعيش في عالمٍ واحدٍ تحكمه قوةٌ عالميةٌ واحدة تريد التوحيد أو التدويل لخدمة مصالحها وأرباحها، وتريد أيضًا التقسيم، أو التجزئة، أو تفتيت الهويات الذاتية والمحليات لخدمة مصالحها وأرباحها أيضًا. هذه هي الازدواجية أو التناقض المختفي وراء شعارات العدل أو الديمقراطية أو حقوق الإنسان أو السلام في عصر ما بعد الحداثة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤