الفصل الثالث

في أول كتاب بلغة العرب

إن أول كتاب عربي ملأ الأرض نورًا والخافقين عِلمًا، وهدى العالمين إلى الصراط السويِّ بعد الاعتساف في شعاب الغيِّ، فأخرجهم من ظلام الجهالة إلى نور المعرفة، ومن أودية الاختلاف إلى أندية الائتلاف، ومن بحر الغواية إلى بر الهداية، ومن مهوى الشقاوة إلى مرقى السعادة، وكان إمامًا لحضارة العرب ومدنيتهم، وآمًّا لرأس بداوتهم وخشونتهم، ونبراس لغتهم ومشكاة أدبهم؛ هو القرآن المبين، الذي أنزله الله على نبيه الأمين، فكان الآية الكبرى على نبوته، والحُجَّة البالغة على رسالته؛ إذ تحدَّى ذوي اللَّسَن أن يأتوا بمثال أو صورة لآية منهُ أو سورة، فوقفت قرائحهم وعجزت ألسنتهم، واعترفوا بأن الأمر لا تبلغه مكنتهم، وقد نزل القرآن مُنَجَّمًا في عشرين سنة على حسب الوقائع مشرِّعًا للأحكام بين الناس.

وقد كُتب كله في عهد رسول الله مرتب الآيات والسور، لكن غير مجموع في مصحف واحد بل مفرقًا في الرقاع والألواح والعُسُب واللخاف والأكتاف.١

وكان يحفظه كله أو بعضه كثير من الصحابة، وقد نظم بعضهم أسماء عشرة من القرَّاء في عهده — عليه الصلاة والسلام — فقال:

لقد حفظ القرآن في عهد أحمد
عليٌّ وعثمان وزيد بن ثابت
أُبَيٌّ أبو زيد معاذٌ وخالدٌ
تميمٌ أبو الدرداء وابن الصامت
وكانوا يقرءونه — كما تلقَّوه عنه عليه الصلاة والسلام — على سبعة أحرف؛ أي لغات أو قراءات.٢

ولما استحرَّ القتل بقُرَّاء القرآن يوم اليمامة وقُتل منهم سبعون رجلًا؛ أمر أبو بكر زيد بن ثابت بجمع القرآن من الرقاع المفرَّقة وصدور الرجال ونسخه في صحف مجموعة من الورق حتى لا يضيع منه شيءٌ، ففعل زيد ما أُمر به وبقيت الصحف عند أبي بكر حتى توفي وعند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر.

ولما خيفت الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في القراءات الواردة حتى كان بعضهم يقول: قراءتي خير من قراءتك؛ أرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إليَّ الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليكِ، فأرسلت بها إليه، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث أن ينسخوها على لغة قريش ففعلوا، وأرسل المصاحف المنسوخة إلى الآفاق ليزول الاختلاف، فأُرسل إلى مكة وإلى الشام وإلى اليمن وإلى البحرين وإلى البصرة وإلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحدًا.

والمصاحف التي بأيدينا الآن هي على حسب ما في مصاحف عثمان بن عفان بالضبط والصحة، لم يَشُبها أدنى تبديل ولا تحريف.

(١) إفادة القرآن للناشئين والمنشئين

وفضلًا عن كون القرآن الكريم قِوام الشريعة، هو مقوِّم الألسنة والأفئدة؛ فإن الناشئين من المسلمين في العصر الأول وبعده عماد ما يتعلمونه في المبدأ «القرآن»، يحفظونه ويجوِّدون قراءته بضبط الحروف والحركات، فكانت تتقوَّم ألسنتهم وتعتدل لهجاتهم، فإذا شبُّوا درسوه وتعرَّفوا معانيه واتخذوه مادتهم اللغوية ونموذج كتاباتهم الإنشائية، فينبغون في الأدب.

علوم القراءات والتفسير

ولهذا كان مرجع كثير من علوم السلف إلى القرآن؛ فمنهم أئمة تصدوا لبيان كيفيات قراءته وكتابته، ودوَّنوا من أجل ذلك علوم القراءات والتجويد ورسم المصحف، ومنهم آخرون نصَّبوا أنفسهم لتفسير مفرداته وشرح مركباته وأسباب نزول آيه، وكشف النقاب عن وجوه بلاغته وإعجازه ونحو ذلك؛ ولهذا دوَّنوا علم التفسير ودوَّن غيرهم علومًا أخرى مما يطول شرحه.

(٢) بعض كتب القراءات المشهورة

ومن أشهر كتب القراءات: «التيسير في القراءات السبع» لأبي عمرو الداني، ولُد سنة ٣٧١ﻫ، وتوفي سنة ٤٤٤ بدانية الأندلس، ومنظومة حرز الأماني المعروفة «بالشاطبية» من نظم أبي القاسم بن فِيرُّه الأندلسي، وُلد بشاطبة سنة ٥٣٨، وتوفي سنة ٥٩٠ بالقاهرة، وقد عُني الناس بحفظها وتلقينها للولدان المتعلمين.

(٣) بعض كتب التجويد

ومن كتب التجويد: «الجزرية» من نظم أبي الخير محمد المعروف بابن الجزري، توفي سنة ٨٣٣ﻫ.

و«تحفة الأطفال والغلمان في تجويد القرآن» من نظم الشيخ سليمان الجمزوري، من علماء القرن الثاني عشر.

(٤) بعض كتب الرسم

ومن كتب رسم المصحف منظومة رائيَّة من نَظم أبي القاسم السالف الذكر، تسمى «عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد»، ورسالة تأليف أبي طاهر إسماعيل بن خلف المقري، ولد سنة ٥٥٤ وتوفي سنة ٦٢٣.

و«عمدة العرفان في مرسوم القرآن» تأليف السيد محمد النابلي المتوفى في أواخر القرن الثالث عشر الهجري.

(٥) بعض كتب التفسير المشهورة

ومن أشهر كتب التفسير: «تفسير ابن عباس» المتوفى سنة ٦٨ في الطائف، ويظهر أنه أول تفسير دوِّن، وقد طُبع في المطبعة الأميرية في سِفْرٍ واحدٍ سنة ١٢٩٠. و«جامع البيان في تأويل القرآن» تأليف الإمام أبي جعفر محمد الطبري، وُلد سنة ٢٢٤ بآمل طبرستان، وتوفي سنة ٣١٠ ببغداد، ويوجد منه ثلاثة وعشرون جزءًا بالمكتبة الخديوية. وتفسير الإمام الحافظ أبي الليث نصر السمرقندي المتوفى سنة ٣٧٥. و«غريب القرآن» لأبي بكر محمد السجستاني، توفي سنة ٣٣٠. و«غريب القرآن» مرتَّب على حروف المعجم، تأليف الإمام أبي عبيد أحمد الهروي، المتوفى سنة ٤٠١. و«مفردات ألفاظ القرآن» تأليف الشيخ أبي القاسم حسين المعروف بالراغب الأصبهاني، كان في أوائل المائة الخامسة. و«الكشَّاف» للإمام أبي القاسم جار الله الزمخشري الخوارزمي، ولد سنة ٤٦٧ وتوفي سنة ٥٣٨ بجرجانية خوارزم، وقد طُبع في المطبعة الأميرية سنة ١٢٨١ وفي غيرها. و«مفاتيح الغيب» المشهور ﺑ «التفسير الكبير» تأليف الإمام أبي عبد الله محمد الطبرستاني فخر الدين الرازي المعروف بابن الخطيب، وُلد سنة ٥٤٤ وتوفي بمدينة هراة سنة ٦٠٦، وقد طُبع في بولاق سنة ١٢٧٨، وهو ذو ستة أجزاء. و«تفسير القاضي ناصر الدين البيضاوي» المتوفى بتبريز سنة ٦٨٥، وقد طُبع في الآستانة. و«لُباب التأويل في معاني التنزيل» تأليف علاء الدين البغدادي المعروف بالخازن، ولد سنة ٦٧٠ وتوفي سنة ٧٤١ بحلب، وقد طبع سنة ١٢٨٧ بمطبعة المويلحي. و«ألفيَّة في غريب ألفاظ القرآن» تأليف الشيخ زين الدين الكردي نزيل القاهرة، ولد سنة ٧٢٥ وتوفي سنة ٨٠٦. و«تفسير الفناري» شمس الدين محمد الرومي، ولد سنة ٧٥١ وتوفي سنة ٨٣٤، و«تفسير الجلالين» جلال الدين المحلي المولود سنة ٧٩١ بمصر والمتوفى سنة ٨٦٤، وجلال الدين السيوطي المولود سنة ٨٤٩ والمتوفى سنة ٩١١، وقد طُبع في المطبعة الأميرية وغيرها. و«مفحمات الأقران في مبهمات القرآن» تأليف جلال الدين السيوطي، وقد طُبعت في بولاق سنة ١٢٨٤. و«السراج المنير» تأليف الخطيب الشربيني المتوفى سنة ٩٧٧، وقد طُبع في بولاق في أربعة أجزاء. و«إرشاد العقل السليم» المعروف ﺑ «تفسير أبي السعود»، وقد طُبع في بولاق سنة ١٢٨٩. و«روح البيان في تفسير القرآن» تأليف الشيخ إسماعيل حقي من علماء القرن الثاني عشر، تم تأليفه سنة ١١١٧، وقد طُبع في المطبعة الأميرية سنة ١٢٥٥. و«روح المعاني» تأليف أبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الألوسي مفتي بغداد، من علماء القرن الثالث عشر الهجري، وقد طبع في بولاق سنة ١٣٠١ في تسعة أجزاء. وهذه الكتب توجد هي وغيرها بالمكتبة الخديوية، وما ذكرناه غَرفة من بحر.

(٦) حِكَم وآداب من القرآن

فضلًا عن فصاحة القرآن وبلاغته وتشخيصه صورة لغة العرب، وإفادته مريدي هذه اللغة والمنشئين؛ فإن فيه من الحِكم والآداب ما فيه كمال النفوس وتحلِّيها بالفضائل، ولنغترف غرفة من بحر هذه الحكم والآداب، فنقول:

قال تعالى في سورة البقرة: وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ، أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ، كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ، وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا، وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ، وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ، وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ، لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ، قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ، إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا، وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ، وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ.

وفي سورة آل عمران: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ.

وفي سورة النساء: وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا، إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا، وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ، وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، لَا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ.

وفي سورة المائدة: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى، مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ.

وفي سورة الأعراف: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا، وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ، خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ.

وفي سورة الأنفال: فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ، وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً، وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ، ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ.

وفي سورة هود: وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ.

وفي سورة الحجر: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ، فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر.

وفي سورة النحل: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا، ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ.

وفي سورة الإسراء: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا، وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ، وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا، وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ، وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا، وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ، وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا.

وفي سورة النور: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ.

وفي سورة لقمان: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ.

سورة الحجرات: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ * وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ * قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ.

١  العُسُب بضمتين: جمع عسيب؛ وهو جريد النخل، كانوا يكشطون خوصه ويكتبون في طرفه العريض. واللخاف بكسر اللام: جمع لخفة بفتحها؛ وهي الحجارة الرقاق. والأكتاف: جمع كتف؛ وهو عظم للبعير أو الشاة كانوا إذا جفَّ كتبوا عليه.
٢  هذا أحد الأقوال في تفسير الأحرف، فإن أردت زيادة بيان فعليك ﺑ «الإتقان».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤