الفصل الحادي والعشرون

أرواح

في اليوم التالي بالمدرسة، رسمت فيبي على وجهها تعبيرًا ثابتًا؛ ابتسامة خفيفة جامدة. لا بدَّ أن الاحتفاظ بتلك الابتسامة كان صعبًا عليها، فبحلول موعد حصة اللغة الإنجليزية، كان ذقنها يرتجف من فرط الإرهاق. كانت صامتة للغاية طَوال اليوم. لم تتحدث إلى أحد سواي، ولم تقل لي سوى: «أمضي ليلةَ غدٍ معي في البيت.» لم يكن طلبًا؛ بل أمرًا.

أعطانا السيد بيركواي تمرينًا مدته خمس عشرة ثانية. بأسرع ما يمكن، ودون تفكير، كان علينا أن نرسُم شيئًا ما. وسيخبرنا بما سنرسمه حينما يستعد الجميع. قال: «تذكروا، «لا تفكروا»، بل ارسموا فحسب. لديكم خمس عشرة ثانية. مستعدون؟ ارسموا «روحكم». فلتبدءوا الآن.»

أهدرنا خمس ثوانٍ نحملق به ببلاهة. وحين أدركنا أنه كان يعني ما يقول، وأنه يراقب الساعة، بدأت أقلامنا الرَّصاص تخط الورق. لم أفكر. لم يكن ثمة وقت للتفكير.

حين صاح السيد بيركواي: «توقفوا!» رفعنا جميعًا بصرنا إليه ذاهلين. ثم نظرنا إلى أوراقنا، فدبت الحماسة في الفصل. اندهشنا مما رسمته أقلامنا.

دار السيد بيركواي في أرجاء الفصل يجمع الأوراق. ظل يقلبها ثم لصقها على لوح الإعلانات. قال: «ها قد صار لدينا رسم لروح كل منكم.» احتشدنا جميعًا حول اللوح.

أول شيء لاحظته هو أن كل شخص رسم شكلًا محوريًّا؛ قلبًا أو دائرةً أو مربعًا أو مثلثًا. استغربت ذلك. أعني لم يرسُم أحدٌ حافلةً أو سفينةَ فضاء أو بقرة، بل رسم الجميع تلك الأشكال البسيطة. لاحظتُ أيضًا أن داخل كل شكل كان يوجد تصميمٌ مميز. في البداية ظننت أن التصاميم كلها مختلفة. كان من بينها صليب، وشخبطة داكنة، وعين، وفم، ونافذة.

وكان بداخل أحدها دمعة، ظننت أنه حتمًا رسم فيبي.

ثم قالت ماري لو: «انظروا إلى هذا؛ يوجد رسمان متماثلان تمامًا.» ردد الجميع: «عجبًا!» و«يا إلهي!» و«لمن هما؟»

كان الرسمان المتطابقان هما: دائرة في داخلها ورقة شجرة قيقب كبيرة، تلامس أطرافها حدود الدائرة. كانت إحدى رسمتَي الدائرة ذات ورقة القيقب لي. والأخرى كانت رسمة بن.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤