جيل بلا وداع
«إذا حدث وقرأت قصصًا لا تتعرض لأيٍّ من الأحداث أو القضايا الكبيرة التي نعيشها، فلا تظن أن هذه القصص المعنية بصغائر الأمور كانت بمنأًى عن هذه الأحداث الكبيرة أبدًا؛ فالأحداث الكبيرة هي كبيرة فقط لأنها تصوغ وتلون المناخ أو المزاج العام الذي يعيش فيه الخلق من عباد الله، وهي تؤثر بالتالي أعمق التأثير في تفاصيل الحياة اليومية … والسعي فنيًّا من أجل التعبير عن طبيعة هذه العلاقة الإنسانية، هو وظيفة الفنون جميعًا.» هذا ما يقوله القاص الكبير إبراهيم أصلان في مقالته «هذه المسائل الكبيرة» التي نُشرت في كتاب «شيء من هذا القبيل». ويضرب صاحب «مالك الحزين» مثالًا بقصة «الخبز» للكاتب بورشرت، التي كنتُ ترجمتها ونشرتها في الثمانينيات؛ لأنها في رأيه نموذج لقصة قصيرة «كانت تعبيرًا عن حرب هائلة، هي الحرب العالمية الثانية، دون أن تأتيَ على ذكر هذه الحرب بكلمة واحدة.»
•••
«نحن جيل بلا وداع.» يقول بورشرت ملخصًا مأساة جيله الذي سيق إلى الحرب دون أن يودعه أحد؛ جيل خاض الحروب وفقدَ الوطن، ثم حُمِل إلى القبر دون أن يهتم بموته أحد: «نحن جيل بلا رابط ولا عمق. عمقنا الهاوية. نحن جيل بلا حظ، بلا وطن، وبلا وداع.»
ولعل بورشرت هو أكثر الأصوات قدرة على التعبير عن هذا الجيل، وعن تلك الحرب التي خلَّفت دمارًا ماديًّا وروحيًّا هائلًا في ألمانيا، مثلما خلَّفت خرابًا أدبيًّا أيضًا.
عندما تولى هتلر الحكم في برلين في الثلاثين من ديسمبر (كانون الأول) عام ١٩٣٣م، تعرَّض المثقفون الألمان إلى امتحان عسير رسبوا فيه بامتياز. لم تكن اتجاهات هتلر اليمينية المقلقة خافيةً عن أعين الأدباء والمفكرين، ومنهم مثلًا الكاتب هاينريش مان، الشقيق الأكبر للروائي توماس مان؛ فبعد أسابيع من تعيين هتلر مستشارًا، دعا هاينريش مان في أكاديمية الفنون في برلين إلى تشكيل جبهة يسارية مناهضة للحكومة اليمينية القومية. وعندما علم موظفو وزارة الثقافة بالأمر طالبوا رئيس الأكاديمية بإقالة الكاتب الكبير والمتضامنين معه، وهو ما حدث بالفعل. الشاعر المشهور غوتفريد بن انضم إلى المزايدين، وكتب بيانًا يعرب فيه عن ولائه ودعمه للحكومة الجديدة؛ لأن الوطن يمر بظروف صعبة ولا بد من مساندة النظام الحاكم، أي لا صوت يعلو فوق مصلحة الوطن حتى لو كُممت أفواه المعارضين. سوء التقدير الكارثي هذا ندم عليه الشاعر لاحقًا طوال حياته. ولم تمر على هذه الحادثة بضعة أسابيع إلا وكانت اللجان الإقليمية للحزب النازي تعد «قوائم سوداء» للأدباء الممنوعين، ضمت قمم الفكر الألماني مثل ألفريد دوبلين وبرتولد برشت وكورت توخولسكي وشتيفان تسفايغ وتوماس مان، وبالطبع هاينريش مان. وبعد شهور، وفي العاشر من مايو (أيار) عام ١٩٣٣م، أضحت الجامعات الألمانية الكبرى مسرحًا لحريق التهم ثمار الفكر الإنساني، بل حدث هذا وسط تهليل طلبة العلم والعلماء! وهكذا استطاع طاغية برلين في غضون شهور عدة، وبمساعدة قطاع عريض من الألمان الذين كانوا يتوقون إلى يد حديدية تنتشل البلاد من محنتها السياسية والاقتصادية، أن يقلب موازين القوى في البلاد لمصلحته، وأن يصدر القوانين الاستثنائية ويغلق الصحف التي تجرؤ على معارضة سياسته، محولًا بذلك الجمهورية الفتية، جمهورية فايمَر، إلى ديكتاتورية مطلقة. مع حريق الكتب في عام ١٩٣٣م بدأت الحرب الفعلية في ألمانيا، وبعد ست سنوات امتدت نيرانها إلى العالم كله، لتستمرَّ حتى وصول قوات الحلفاء إلى برلين وانتحار هتلر في مايو (أيار) ١٩٤٥م.
طوال تلك الفترة لم يكن أمام الكُتَّاب — الذين لا يريدون الارتزاق من الكتابة في خدمة النظام — إلا الهجرة والحياة في المنافي، مثل برتولت برشت وتوماس مان، أو التقوقع فيما سُمي بالمهجر الداخلي، أي البقاء في ألمانيا على رغم منعهم من الكتابة والنشر، مثلما فعل الشاعر والروائي إريش كستنر، أو الانتحار يأسًا كما فعل الكاتبان فالتر بنيامين وكورت توخولسكي.
بعد الهزيمة كان الألمان يتوقون إلى جيل جديد من الأدباء الذين لم تلوثهم النازية؛ أدباء يعبِّرون عن مشاعر الناس وأحلامهم، أدباء يمثِّلون «ضمير الأمة» التي كانت يومًا «بلاد الشعراء والمفكرين»، وأضحت «بلاد القضاة والجلادين». التف الناس آنذاك من ناحية حول السلطة الدينية التي تمنح العفو والغفران، ومن ناحية أخرى حول الأدب الجديد الجريء المعبِّر عما تختلج به الصدور؛ أدب أخذ على عاتقه تخليص اللغة الألمانية من كل العبارات الجوفاء الرنانة التي ملأت كتابات أدباء النظام النازي. جزء كبير من ذلك الأدب كتبه جنود سابقون خدموا في جيش هتلر، وبدءوا تجاربهم الأدبية وسط هدير المدافع وأزيز الطائرات ودمار القصف الجوي. وفي تلك الأجواء — وتحديدًا في عام ١٩٤٧م — تأسست «جماعة ٤٧» الأدبية التي كانت أحد أهم المنابر الأدبية الجديدة في المنطقة الألمانية. ضمت الجماعة شبانًا أضحوا فيما بعدُ نجومًا، مثل جونتر جراس وهاينريش بُل وإنجبورج باخمان وهانس ماجنوس إنتسنسبرجر. وفي العام الذي تأسَّست فيه الجماعة الأدبية كان القاص الشاب فولفجانج بورشرت يلفظ أنفاسه الأخيرة.
•••
وُلد فولفجانج بورشرت في العشرين من مايو (أيار) ١٩٢١م بمدينة هامبورج بألمانيا. بدأ يكتب الشعر في صباه متأثرًا بشاعره المفضل راينر ماريا ريلكه. ولفت الأنظار عندما نشر إحدى قصائده في صحيفة يومية، غير أنه فاجأ أصدقاءه ومعارفه عندما اختار التمثيل مهنة. لم يرضَ أبوه عن اختياره، فألحقه ليعمل بائعًا بإحدى المكتبات. وعمل بورشرت في المكتبة، ولكن ذلك لم ينسه التمثيل؛ إذ كان بمجرد أن ينتهي من عمله يُهرَع إلى المسارح ليشاهد ويستمتع ويتعلم، بل وشرع في دراسة التمثيل بجانب عمله، وحصل على دبلوم فيه. عمل بورشرت ممثلًا بإحدى الفرق المسرحية، وبدأ يحقق حلمه. غير أن القدر لم يمهله طويلًا، فسرعان ما جاءه أمر التجنيد، وتلاحقت المآسي.
في تلك الفترة بعث بورشرت رسالةً إلى أحد أصدقائه يتحدث فيها عن «الحقيقة»، وكيف يمكن التماسها بين غبار الأكاذيب الذي يحجب الرؤية ويخنق الأنفاس. عثرت السلطات على هذه الرسالة لدى تفتيش منزله بهامبورج، فاعتبرتها هجومًا واضحًا على النازية وإدانة لسياستها. قدَّمت الرسالة للنيابة العامة مادةً خصبة للاتهام، ولكن قبل أن يُحاكم، كان قد «شُحن» إلى الجبهة مع مئات الآلاف من الشبان، ولم يكن تعدى عامه العشرين. على الجبهة الروسية أُصيب الجندي بمرض خطير حار الأطباء في تشخيصه. غير أن جهات الاتهام ظلَّت تلاحقه، فرُحِّل من المستشفى العسكري إلى السجن. كانت حالته الصحية بالغة السوء؛ إذ إن يده كانت مصابةً برصاصة، كما كان يعاني آلام الحمى الصفراء والدفتريا. وبهذه الحالة مَثُلَ أمام المحكمة العسكرية. اتهمه الادعاء العام بأنه أصاب يده عمدًا حتى يتخلص من الجندية، وهكذا طالب بإعدامه رميًا بالرصاص. ويذكر رومكورف في كتابه عن بورشرت أن فرحة الكاتب كانت لا توصف عندما زاره محاميه الدكتور هاغر، ليس لأنه التمس فيه محاميًا قادرًا على إنقاذه من غياهب السجن؛ كلا، بل لأنه وجد أخيرًا شخصًا يتحدث معه عن شاعره المحبوب ريلكه!
انتظر بورشرت الحكم ستة أسابيع. ستة أسابيع قضاها وحده في زنزانة ينتظر الموت. «جهنم من الأيام والليالي»، مثلما يقول برنارد ماير-مارفيتس. وأخيرًا صدر الحكم ببراءته من تهمة إصابة يده عمدًا للتخلص من الجندية، غير أنه قُدم للمحاكمة مرة أخرى بسبب هجومه على النازية في الرسائل المُصادرة، والتي قُدمت كدليل في المحاكمة الأولى. صدر الحكم بسجنه أربعة شهور، ثم خُفضت المدة إلى ستة أسابيع من الحبس المشدد. وبعد ذلك صدر قرار ترحيله إلى الجبهة الروسية. لم يرحموا مرضه وضعفه، وزجوا به إلى الخطوط الأمامية. غير أن المرض كان أقوى من كل الأوامر الغاشمة، فنُقل إلى مستشفًى عسكري كان المرضى يخرجون منه في الغالب محمولين على الأكتاف. عانى الشاعر الحمى والتهابًا في الكبد، فقرروا إنهاء مدة خدمته العسكرية.
عشية الإفراج عنه تهكَّم بورشرت أمام زملائه من وزير الدعاية الدكتور غوبلز، وقال مقلدًا إياه: «تعرفون أن الكذب ليس له سيقان. إلا أن طبيبي تمكن من ابتكار سيقان اصطناعية أمشي عليها بصورة شبه طبيعية. على الجندي الألماني أن يحارب حتى الطلقة الأخيرة، عندئذٍ سيتعلم كيف يعدو بأقصى سرعة. وستسمحون لي، أيها الرفاق، أن أعدو أمامكم — فأنا معاق عن المشي.» وبالطبع وُشي به على الفور، فنُقل من المستشفى إلى سجن برلين موآبيت. دافع عنه محاميه دفاعًا مستميتًا لتصوير الأمر على أنه محض تقليد لما سمعه في الليلة السابقة من نكات ومزاح، فموكله ممثل، وهو يعشق جذب الأنظار. وبالفعل قررت المحكمة الإفراج عنه، غير أنه نُقل إلى معسكر آخر. كانت الحرب قد أوشكت على الانتهاء، وما لبث الجندي أن وقع أسيرًا لدى القوات الأمريكية التي أفرجت عنه. عندئذٍ سار مريضًا محمومًا على قدمَيه من مدينة فرانكفورت، في قلب ألمانيا، متجهًا إلى مسقط رأسه، هامبورج، في أقصى الشمال. كان يسير خلف دبابات الحلفاء المتجهة شمالًا، يتسول طعامه عند الفلاحين، وينام في الحظائر على أكوام القش. وفي مطلع مايو (أيار) ١٩٤٥م، وقف على مشارف مدينة هامبورج وقد بلغ به الإنهاك غايته، ووصلت الحمى إلى ذروتها. وقف أمام منزل والدَيه شخصًا ينتظر الموت، لكنهم استقبلوه كشخصٍ نجا من أنياب الموت!
كان عليه أن يستريح ويستجم طويلًا، لكن كيف له ذلك وهو يريد الاشتراك في البداية الجديدة بكل ما يتفجر داخله من رغبة هائلة في الحياة؟ حاول بورشرت أن يبدأ حيثما توقف قبل الحرب، فانغمس في العمل بالمسارح، وأسس فرقة كوميدية، غير أن المرض أجبره على الرقاد في فراشه في شتاء ١٩٤٥/ ١٩٤٦م. في ذروة آلامه كان يستقبل زائريه متظاهرًا بالمرح، مع أن جسده كان يئنُّ تحت وطأة الألم، وظهره لا يقوى على تحمل أي جهد، وكبده المتضخم يعوقه عن التنفس. ومع ذلك كان دائم الابتسام والمرح، يلقي النكات لزائريه ويصغي لكل كلمة يسمعها عما يدور في العالم.
أجبرته حالته الصحية المتدهورة على التخلي عن بعض تفاؤله ومرحه، لا سيما بعد أن نقله والداه إلى مستشفى إليزابيت في هامبورج. أدرك الأطباء أنهم لا يستطيعون مساعدته، فنصحوا الوالدَين بأخذ ابنهما لأنه «سيموت، ربما خلال عام، وربما غدًا.» شعر بورشرت بالسعادة عندما عاد إلى غرفته الصغيرة الحافلة بالتذكارات والذكريات. واصل كتابة المقالات النقدية، كما عمل مصححًا لغويًّا، ولم يفارقه الأمل في التغلب على مرضه. كان يهتم بجسده على الرغم من كرهه لوهنه. عندما كان ينهض من فراشه كان بحاجة إلى الجدران والأبواب وساعدَي أمه حتى يبلغ مقصده. ورغم ذلك لم يستسلم. كانت الحمى تخفف في بعض الأحيان من قبضتها أو حتى ترحل عنه، فكان يكتب بسرعة محمومة. وخلال ثمانية أيام من شهر يناير (كانون الثاني) ١٩٤٧م، خطَّ بورشرت على فراشه مسرحيته الوحيدة «في الخارج، أمام الباب» التي سرعان ما أضحت صرخة جيل بأكمله عاد من الحرب محطمًا ليقف «أمام الباب». نشر بورشرت قبل هذه المسرحية عددًا من قصائده، غير أن «أمام الباب» هي التي لفتت الأنظار إلى موهبته، وجلبت له الشهرة جاعلة منه «صوت الجيل». وفي الثالث عشر من فبراير (شباط) بُثت المسرحية كتمثيلية إذاعية، ثم جرت الاستعدادات لتقديمها على خشبة مسرح هامبورج.
لم يكن النجاح مصدرَ عزاء له؛ إذ إن حالته الصحية كانت تدهور، فكان يقضي الليالي بلا نوم متحملًا آلامًا رهيبة. وأخيرًا لاحت أمامه طاقة أمل أخيرة عندما نصحه الأطباء بدخول مستشفًى خاصٍّ في سويسرا؛ حيث تتوافر التدفئة والرعاية الطبية والأدوية التي لم يكن لها وجود في ألمانيا الجائعة الباردة. اجتهد عدد من الناشرين ومجموعة من أصدقائه ليحققوا له هذا الحلم. كانت المعوقات الإدارية عديدة، كما كان صعبًا على بورشرت أن يتحمل مشقة الطريق الطويل. وتساءل عديدون: هل للرحلة أيُّ نفع؟ ألن تضرَّه أكثر مما تفيده؟ غير أن حبَّه للحياة وتعلُّقه بأهداب الأمل جعلاه يقرر الرحيل في سبتمبر (أيلول) ١٩٤٧م. رافقته أمُّه في القطار، لكنها أُجبرت على توديع ابنها على الحدود السويسرية الألمانية. كان عليها أن تتخلَّى عن يدَي ابنها الواهنتَين، فلم يكن مسموحًا لها باجتياز الحدود.
كانت رحلة بلا عودة. قضى بورشرت أسابيعه الأخيرة وحيدًا معزولًا في مستشفى «كلارا» في بازل، يشعر بالضغينة التي يكنُّها المرضى والممرضون تجاه هذا الجندي الآتي من ألمانيا النازية. لم يستطع بورشرت في بازل أن يكتب قصة أو قصيدة، غير أنه أطلق من فراش المرض صيحة أخيرة: «قولوا لا.» آنذاك كانت مأساة هيروشيما ملء الأسماع والأبصار، فهب بورشرت قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة يصرخ في وجه الضمير الإنساني، داعيًا الناس إلى رفض الحروب رفضًا نهائيًّا. كانت تلك الصرخة وصيته. وفي صباح العشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) ١٩٤٧م قضى بورشرت نحبه عن ستة وعشرين عامًا، تاركًا ديوان شعر رقيق، ومسرحية بعنوان «في الخارج، أمام الباب» كتبها على فراش المرض في ثمانية أيام، وعشرات القصص القصيرة التي انتقينا منها هذه المجموعة. ويشاء القدر أن تُعرض مسرحيته اليتيمة لأول مرة على خشبة المسرح في الليلة التالية لوفاته، وكأنها مرثية له ولجيله.
•••
لم يكن ما كتبه بورشرت ينتمي إلى «أدب أنقاض» أو «أدب اليأس» — مثلما أُطلق على كتابات تلك الفترة في ألمانيا — قصص بورشرت تمنح الأمل؛ لأنه كان يشعر بالأمل، حتى والغرق يهدده كان يودُّ — كما يقول في إحدى قصائده — أن يكون منارة «للأسماك، لكل قارب». بصيص الأمل الذي كان يراه بورشرت يلمحه القارئ في الزهور التي تضيء زنزانة السجن كالشموس الصغيرة (قصة «سن الأسد») أو في الضوء الذي يسطع على وجه طفل بين الأنقاض (قصة «الملوك السُّمر الثلاثة») أو في الأرانب الوليدة التي تجعل الصبي الذي فقد أخاه يتشبَّث بالحياة من جديد (قصة «الجرذان أيضًا تنام في الليل»).
هذا الأمل، وإن كان يخالطه شعور باليأس، هو الذي دفع بالشاعر إلى الصراخ: قولوا لا، قاوموا الحرب، لا تتعاونوا مع الطغاة. صرخة أطلقها بورشرت عام ١٩٤٧م – فهل تقادمت؟