الدين والشرعية السياسية١

ليس الدين فقط هو مجموعة الشعائر والعبادات أو العقائد والإيمانيات أو المؤسسات والهيئات أو الأماكن والأزمنة المقدسة أو الأعياد والموالد أو الطرق الصوفية أو رجال الدين إلى آخر ما يدرس في علم الاجتماع الديني وفي علم التاريخ المقارن للأديان، وليس هو ما يتحقق في التاريخ من حضارة وعمران أو من حروب وخراب، وكلاهما باسم الدين، وليس نظمًا سياسية «ثيوقراطية» تدعي أنها تحكم باسم الله أو باسم الدين أو باسم الشريعة وإلا كان الكيان الصهيوني دولة دينية، وكانت النظم السياسية القهرية التسلطية دولًا دينية، وليس مجموعة من القوانين والشرائع تتقدمها الحدود، القتل وقطع الأيدي والأرجل والرقاب والصلب على جذوع النخل والاتهام بالكفر والردة، وكلها صور سلبية وممارسات فعلية للتديُّن الشعبي والرسمي.

إنما الدين أيضًا هو الموروث الثقافي المتراكم عبر التاريخ والذي تحول إلى ثقافة شعبية اتحدت مع خبرة الشعوب والتي عبرت عنها في الأمثال العامية وسير الأبطال والقصص الشعبي؛ إذ يستشهد العامة والخاصة على حد سواء بالآيات القرآنية وبالأحاديث النبوية كما يستشهدون بالأمثال العامية والأقوال المأثورة. كلاهما حجة سلطة لفهم الواقع الذي يقوم على النقد الاجتماعي وإيجاد مبررات للسلوك الفردي والجماعي، هو الذي يحدد رؤية الناس للعالم، ويعطيهم موجهات للسلوك، هو المخزون النفسي الحاضر عبر الماضي والمتواصل معه دون إحداث قطيعة بين الماضي والحاضر كما فعلت أوروبا في بدايات عصورها الحديثة أو تجاور وتقسيم عمل بينهما، الموروث للحياة الخاصة، والحداثة للحياة العامة، وهو موقف له ما يشابهه في معظم الثقافات الدينية؛ الهندوكية والبوذية والكونفوشية واليهودية والمسيحية مباشرة أو عن طريق غير مباشر في الاتجاهات الحديثة منها.٢
وفي تاريخنا الحديث خرجت معظم حركات التحرر الوطني من الموروث الثقافي والإسلامي؛ فقد حدد الأفعاني هذا المشروع التحرري: الإسلام في مواجهة الاستعمار في الخارج، والقهر في الداخل.٣ وعلى إثره قامت الثورات التحررية الإسلامية ممثلة في الثورة العرابية في مصر في ١٨٨٢، والثورة المهدية في السودان، واستمر الإسلام الوطني عند قادة ثورة ١٩١٩ من تلاميذ محمد عبده، تلميذ الأفغاني، بل وتحولت إلى نهضة شاملة وتحديث عصري، وحدث نفس الشيء في المغرب العربي عند علال الفاسي في المغرب، وعبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي ومالك بن نبي في الجزائر، والسنوسي وعمر المختار في ليبيا، وحسن البنا وجماعة الإخوان في مصر وانتشارها في الوطن العربي، وفي الشام عند الكواكبي بحثًا في «طبائع الاستبداد» عند الحكام، واللامبالاة والفتور في «أم القرى» عند المحكومين، وفي فلسطين عز الدين القسام ثم حركة المقاومة الإسلامية حماس والجهاد، وفي لبنان الأحزاب السياسية خاصة حزب الله الذي قاد حركة تحرير الجنوب من الاحتلال الصهيوني، وفي اليمن الأئمة الأحرار مثل زيد المشكي، بل إن الوهابية في ظروف شبه الجزيرة العربية كانت حركة إصلاحية ضد مظاهر الوثنية والشرك مثل التوسط بين الإنسان والله بالأولياء وبالرقى والطلسمات والأشجار والعظام المباركة، ثم تحولت إلى وهابية سياسية لتوحيد القبائل وتأسيس مملكة موحدة قبل أن تتحول الوهابية إلى سلفية دينية وقهر سياسي حتى ولدت الوهابية الجديدة التي تقبل الوهابية السلفية في العقيدة، ولكن ترفض فساد النظام الحاكم ووجود القوات الأجنبية على أراضي البلاد. وساهم الإسلام في حركات التحرر الوطني في آسيا، في إندونيسيا وماليزيا والهند وباكستان، وبلغ الذروة في الثورة الإسلامية في إيران، ووصول كثير من الأحزاب الإسلامية إلى السلطة عن طريق صناديق الاقتراع كما هو الحال في تركيا والمغرب وليس عن طريق الانقلاب كما هو الحال في السودان.

وبعد نجاح حركات التحرر الوطني واستقلال الدول الحديثة بدأت إعادة بناء الدولة الموروثة من الحقبة الاستعمارية ببرنامج للتحديث والتنمية واعتمادًا على التخطيط والتصنيع، وخرج التسلط التقليدي من الموروث القديم لتأسيس دولة تقوم على الزعيم الأوحد، وتحكم باسم الحزب الواحد، وتدعو إلى الرأي الواحد، والاختيار الأيديولوجي الواحد باسم القيادات التاريخية التي قادت حركات التحرر الوطني، وتنكرت لفرقاء النضال بالأمس، وبدأت تستأثر بالسلطة وحدها، والتخلص تدريجيًّا من باقي الفصائل، وتم حل معظمها إما بتهمة الانقلاب على نظام الدولة أو من أجل الدخول كطرف في تحالف الحزب الواحد باسم الائتلاف الوطني أو تحالف قوى الشعب العامل، وظل الأمر على هذا النحو بالرغم من القلق في التنظيم السياسي القائم، وعدم اختفاء التنظيمات المهمشة أو اللاشرعية الخاصة، الإسلامية والماركسية، وطالما كان هناك مشروع قومي قادر على تجنيد الجماهير والدفاع عن مصالحها كانت الخلايا السياسية نائمة لا أثر لها وليس لديها القدرة على تجنيد الجماهير التي رأَتْ في اختيارات الدولة الوطنية خير معبر عن مصالحها.

ولما بدأ الفساد في الداخل، وإثراء الطبقات الجديدة، والإغراق في الشعارات الوطنية البراقة، واتساع المسافة بين الأقوال والأفعال، بين المبادئ المعلنة والإنجازات الممكنة، وتحول القوات المسلحة إلى الداخل أكثر من الخارج جاءت هزيمة يونيو لإعلان نهاية النظام السياسي الذي تبنته الدولة الوطنية، وبالرغم من انتصار أكتوبر ١٩٧٣ إلا أن ما تلتها من تحولات اجتماعية واقتصادية بداية بقانون الاستثمار في ١٩٧٥، ثم زيارة القدس في نوفمبر ١٩٧٧ بعد هبة يناير من نفس العام، واتفاقيات كامب ديفيد في ١٩٧٨ ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في ١٩٧٩، والتحول من الاشتراكية إلى الرأسمالية، ومن الصديق الشرقي إلى الحليف الأمريكي الذي بيده ٩٩٪ من أوراق اللعبة في الشرق الأوسط، وزيادة تبعية الدولة، والقدر الهائل من التغريب والأمركة بل وتشجيع الدولة للجماعات الإسلامية لتصفية الناصريين بعد هبة يناير ١٩٧٧، بعد هذا كله، استيقظت الخلايا النائمة، وبدأت الجماعات الإسلامية تتحول من الهامش إلى المركز، تعرض نفسها كقوى بديلة قادرة على الإنقاذ الوطني من التبعية والانعزال في الخارج، والقهر والفساد في الداخل، واستطاعت تجنيد الناس ضد النظام القائم، والنجاح في معظم انتخابات الاتحادات والنقابات المهنية والطلابية، وتمارس نشاطها العلني بالرغم من سلاح اللاشرعية المسلط عليها. وكثر الحديث عن: «الصحوة» الإسلامية، «الظاهرة» الإسلامية، «الإسلام السياسي»، «الثورة» الإسلامية لتشير إلى نفس الشيء، الإعلان عن حقبة تاريخية قادمة لا يظهر منها حتى الآن إلا قمة الجبل دون أسفله الذي ما زال مغمورًا تحت الماء، لا يظهر منها فوق السطح إلا الينابيع التي تخرج منها كثير من المياه الجوفية التي لا يراها أحد.

وكانت الأرض خصبة لانتشار الجماعات الإسلامية ولإعطاء نفسها شرعية من الأمر الواقع؛ فهي من الناس ومع الناس وللناس، ألحقت بالمساجد دورًا للمناسبات للأحزان والأفراح، والعيادات الطبية بدلًا من مغالاة الأطباء، وفصول التقوية بدلًا من الدروس الخصوصية التي أرهقت ميزانية الأسرة، بل وإيجاد أعمال للعاطلين، وساحات رياضية للشباب، وجمعيات خيرية للفقراء، وتزويج غير القادرين، شعر الناس بها أكثر مما شعروا بالدولة وأجهزتها، فأخذت شرعية من أسفل باسم الخدمات أقوى من الشرعية التي تمنح لها من أعلى باسم القانون، وهو سلاح في يد الدولة تستعمله ضد خصومها السياسيين، كانت الجماعات أول من أهرع لمساعدة منكوبي الزلزال الذي ضرب القاهرة في أوائل التسعينيات قبل أجهزة الأمن، فلما جاءت الأجهزة الرسمية احتكرت أعمال الإغاثة وسلبتها من أيدي الجماعات، وحدث نفس الشيء مع الجماعات اليسارية التي نظمت قوافل الإغاثة لشعب فلسطين ثم استولت عليها الدولة حتى لا تستعمل بؤرة لحركات شعبية أوسع تتحول إلى حركات سياسية غير مأمونة العواقب.

لم يستطع الحزب الحاكم ملء الفراغ السياسي؛ لأنه نشأ في حضن الدولة والنظام كإحدى الوزارات، أعضاؤه موظفون متفرغون ومعينون من الرئيس كالوزراء والمحافظين ومديري الأمن ورؤساء الجامعات، وتدخل جهاز الدولة، واللعب بقوائم الناخبين، لا يمثلون مصالح الشعب بل مصالحهم الشخصية، فهم نواب القروض، المتهربون من الخدمة العسكرية، ولم تستطع أيضًا أحزاب المعارضة الماركسية والناصرية والليبرالية ملء الفراغ؛ لأنها أيضًا ولو بدرجة أقل تعتمد على زعامات تاريخية، وتضعفها الصراعات الداخلية، وتنحصر نشاطاتها داخل مقار الأحزاب أو في إصدار الجريدة الأسبوعية أو اليومية المثقلة بالديون، والتي تقوم الدولة بطباعتها، ولا يُسمح لها بأي تحركٍ شعبي إلا بتصريح من أجهزة الأمن.

لذلك نشطت الجماعات الإسلامية نابعة من قاع الشعب واستطاعت أن تكون المعبر شبه الوحيد عن طالب الجماهير، واكتسبت شرعية الأمر الواقع De Facto، وليست شرعية القانون De Jure، وبقدرتها التنظيمية بطريقة الخلايا العنقودية أصبحت قادرة على حشد الجماهير، وتنظيم المظاهرات العامة للاحتجاج على ما يحدث للوطن من مآسٍ ومذابح في فلسطين والعراق وكشمير وقبلها في البوسنة والهرسك وكوسوفو بل قد يمتد أثرها إلى الشيشان.

وانقسمت الأنظمة العربية قسمين تجاه الجماعات الإسلامية؛ الأول: ما زال يعتبرها منافسًا خطيرًا له في الحكم، وما زال يسلط سيف اللاشرعية عليها، فإذا ما ازداد نشاطها، اتهمت بتدبير مؤامرة لقلب نظام الحكم، وقدم قادتها إلى المحاكم العسكرية التي لا نقض فيها ولا إبرام، هذا هو الحال في مصر وتونس وليبيا والعراق وسوريا والسعودية وعمان والإمارات، فإذا ما سمح نظام سياسي لتخفيف الضغط عليه بإجراء انتخابات شعبية يكون الإسلاميون طرفًا فيها فينجحون في الانتخابات المحلية، ويحصدون حوالي ثلثي المجالس، ينقلب الجيش عليها باعتباره الوريث الشرعي لحركة التحرر الوطني التي حصل بها الشعب على الاستقلال، فالجيش هو الحامي للشعب، وتغرق البلاد في بحر من الدم، مائة ألف قتيل على مدى عشر سنوات بين الدولة والإسلاميين، صراعًا على السلطة، سلطة الجيش ممثلة في الدولة وسلطة الشرعية التي أتى بها الإسلاميون إلى المجالس المحلية، وتقدم سلطة الدولة ذريعة أن الإسلاميين غير ديمقراطيين، وأنهم أعلنوا أن هذه الانتخابات التي نجحوا فيها هي آخر الانتخابات؛ فلا تداول للسلطة، ولا تنازل عن الحكم، وتقع البلاد في حرب أهلية طاحنة، وكان الوطن قد كسب أكثر وخسر أقل إن لم ينقلب الجيش على الدولة، وألغى نتائج الانتخابات، وترك الإسلاميين في الحكم يواجهون مشاكل الفقر والبطالة والفساد والديون الخارجية، فإذا عرف الناس أنهم لم يحصلوا على شيء بالشعارات، ولم تحل قضاياهم بالعواطف الإيمانية لم ينتخبوا «جبهة الإنقاذ» من جديد، وتكون البلاد قد مرت بتجربة ديمقراطية فعلية تقوم على تداول السلطة بدلًا من الاقتتال بين الإخوة الأعداء، وشق الصف الوطني، وقتل الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ الذين لا حول لهم ولا قوة.

وقد يقوم الإسلاميون بانقلاب ضد الجيش كما هو الحال في مذبحة حماة في سوريا أو معه كما هو الحال في الانقلاب الأخير في السودان الذي ضم الجيش وقريشًا في آنٍ واحد، ولما استحال وجود نظام سياسي برأسين أقال الجيش قريشًا، وحكم بمفرده، وتستمر لعبة شد الحبل بين الفريقين، فتتوقف الحياة السياسية لتعطيل الرئتين معًا.

والثاني: اعتراف الأنظمة السياسية بشرعية الحركات الإسلامية وقبولها أن تكون طرفًا في التعددية السياسية والمسار الديمقراطي، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وقبول تداول السلطة على الأقل في الشكل من حيث الإعلان والبداية، وقد تكون النتائج والنهاية مختلفة، وتنتهي إلى نفس مأساة الجزائر، فقد قبلت الأردن والكويت واليمن والمغرب ولبنان التعددية السياسية، ودخل الإخوان المسلمون في الأردن وحركة الإصلاح في اليمن والكويت الانتخابات، تزداد مقاعدها في دورة ثم تقل في دورة ثانية بعد أن يدرك الناس أن الشعارات لم تحل شيئًا، وأنه لا فرق بين عشائرية في السلطة وجماعات إسلامية في المعارضة، فكلاهما يحكمهما نفس المنطق، الحكم والسلطة، بصرف النظر عن البرامج السياسية والتغير الاجتماعي، لم تستطع الحركات الإسلامية الوصول إلى الحكم إلا في المغرب وتركيا وإيران؛ فتجربة المغرب في تداول السلطة مشهود لها، من حزب الاستقلال إلى الاتحاد الاشتراكي إلى حزب العدالة والتنمية، وحدث نفس الشيء في تركيا من الأحزاب القومية إلى حزب رافاه إلى حزب العدالة والتنمية، وفي إيران تتجاذب الحياة السياسية والبرلمانية الصراع بين المحافظين والإصلاحيين، ونظرًا لعدم حصول أي من القوى السياسية في هذه التجارب شبه الديمقراطية على الأغلبية المطلقة التي تساعدها على الحكم فإنها دخلت في حكومات ائتلافية وجبهات وطنية مع باقي الأحزاب مما يساعد على تحويل الحركات الإسلامية شعاراتها الدينية إلى برامج سياسية واجتماعية تتقارب أو تتباعد مع باقي البرامج السياسية لباقي الأحزاب.

والنظم السياسية العربية الحاكمة نوعان: ملكية وعسكرية، قريش والجيش، الملكية تستمد شرعيتها من الوراثة: مات الملك، عاش الملك. والعسكرية تستمد سلطتها من الانقلاب العسكري أو ثورة الجيش المباركة، أي القوات المسلحة حامية الدستور، وحارسة النظام، ومنها يكون الرئيس، يتوارث الجيش الرئاسة التي أصبحت حكرًا عليه، وأصبحت الجمهورية الملكية موضوعًا للتندر والفكاهة الشعبية في الحياة اليومية، تحول العسكري إلى ملكي، ولكن ظل الرئيس العسكري هو صاحب السلطة التي يستمدها من الجيش. وله كل السلطة ولا يحتاج إلى نائب يفوض له بعض السلطات ولو الشكلية؛ لأنه لا يوجد أحد من ملايين شعبه يستحقها وقادر على أدائها.

والحقيقة أنه لا فرق بين النظامين في وراثة السلطة وتوريثها، العسكرية محصورة في الجيش، والملكية محصورة في العائلة المالكة، وتتعدد الواجهات الديمقراطية من مجالس الشورى والشعب والأمة والبرلمان، والتزييف هو الشائع، ونجاح الرئيس والحزب الحاكم بنسبة ٩٩٫٩٪، وتزوَّر كشوف الانتخابات، وينتخب الأموات مع الأحياء سواء كان ذلك بإشراف قضائي أو بدون إشراف، وتكون النتيجة الطعن في الانتخابات بل وحل المجالس النيابية لعدم شرعيتها بقرار من المحكمة الدستورية العليا.

وكلا النظامين لا يستمدان سلطتيهما من الشعب، ولا يقومان على البيعة العامة واختيار حر للناس كما حدد القدماء «الإمامة عقد وبيعة واختيار». كلاهما «ثيوقراطي» البنية، اختيار إلهي، باسم الله أو باسم السلطان، وكلاهما قادر على كل شيء يعلم ويقدر، يسمع ويبصر، يتكلم ويريد. كلاهما له شرعية من أعلى، وتنقصه الشرعية من أسفل، والجماعات الإسلامية لها شرعية من أسفل عن طريق الخدمات للناس وليس لها شرعية من أعلى أي من القانون والاعتراف الرسمي بها.

وتستمدُّ النظم القهرية خاصة العسكرية منها شرعية لها عن طريق الدين باسم تطبيق الشريعة الإسلامية، وهو أمر محبب إلى ثقافة العامة وتشدد النصيين، ويصبح الحاكم العسكري الذي يستمد شرعيته الفعلية من الجيش الذي قام بالانقلاب حامي حمى الشريعة والمحافظ على تطبيقها إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، وتسانده الجماعات الإسلامية المحافظة التي تعطي الأولوية للشكل على المضمون، وتعتبره الحاكم العسكري الذي يُعلن بلسانه تطبيق الشريعة الإسلامية خامس الخلفاء الراشدين أو إمام المسلمين إلى آخر الألقاب التي تزخر بها ثقافتنا القديمة، وهو يصالح الأعداء، وينقلب من الاشتراكية إلى الرأسمالية، ومن القطاع العام إلى القطاع الخاص، ويزداد البون الشاسع بين الأغنياء والفقراء، ويضع المعارضين له في المعتقلات، ويتكرر نفس الشيء في باكستان (ضياء الحق)، وفي السودان (النميري)، وفي نظم شبه الجزيرة العربية.

أصبح تطبيق الشريعة الإسلامية ووضع لجان برلمانية لذلك وإعطاء المثل على ذلك بقطع أيدي الفقراء السارقين أمام أجهزة الإعلام المحلية والغربية تخويفًا للداخل وإقناعًا للخارج بالحاكم الدموي القادر على قهر الشعوب، أما سارق الملايين من المعونات الأجنبية ومهربها خارج البلاد في حسابات خاصة فلا تقطع يده، وفي الشريعة يوقف الحد إذا لم تتوافر الأسباب والشروط وحضرت الموانع مثل الفقر والبطالة والجوع والعري والنوم في العراء، بل يُحاسب الحاكم نفسه؛ لأنه لم يوفر للناس الأمن والغذاء والسكن والعمل والعلاج وإشباع الحاجات الأساسية، ويطبق الحد على الجميع، الحاكم قبل المحكوم، والغني قبل الفقير، وإلا أصبحت الأمة «إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف طبقوا عليه الحد».

ولا ضير أن تضيع وحدة الأوطان بسبب تطبيق الشريعة الإسلامية في الأقطار التي شمالها مسلمون وجنوبها مسيحيون أو وثنيون مثل السودان وتشاد ومالي ومعظم الدول جنوب الصحراء؛ فالحاكم الشمالي الذي أتى بانقلاب عسكري أو مدني يمارس أنواع القهر القبلي أو العشائري، ويعطي لنفسه شرعية الحكم باسم الدين وليس باسم الوطن، ومن مظاهره تطبيق الشريعة الإسلامية شمالًا وجنوبًا وهو ما يتنافى مع الشريعة الإسلامية ذاتها التي لا تطبق إلا على المسلمين، ولكل طائفة أن تحكم بكتابها، وهو أيضًا ما قد يتنافى مع أصول الحكم الحديثة التي يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات، والحكم الشرعي هو تعليق تطبيق الشريعة حفاظًا على وحدة الأوطان، وتساوي المواطنين جميعًا أمام القانون.

وتهدد وحدة الأوطان أيضًا إذا عاش المسلمون أقلية في قُطر غالبيته من غير المسلمين، وحاولوا القيام بحركةٍ انفصاليةٍ لتكوين دولة إسلامية مستقلة، كان هذا هو الخطر الذي يهدد المسلمين في جنوب أفريقيا، وهم ما زالوا تحت أثر النظام العنصري، خطر التصويت ضد المؤتمر الوطني الأفريقي بزعامة نيلسون مانديلا من أجل وَهْم تكوين دويلات إسلامية في كيب تاون ودوربان، مع أن الإسلام في جنوب أفريقيا جزء من حركة التحرر الوطني الأفريقي ومكون رئيسي في جميع الحركات المناهضة للعنصرية؛ فالوطن هو الجامع المشترك بين جميع المواطنين في جنوب أفريقيا مع تعددية في الثقافات والأطر المرجعية، وما زالت حركة تحرير مورو في جنوب الفلبين تمثل هذا الاختيار؛ فصل الجنوب المسلم عن الشمال المسيحي في الفلبين وهو ما يتعارض مع وحدة الأوطان، وقبل ذلك تم فصل باكستان عن الهند مما سبب قضية كشمير، ومنعت الحدود الوطنية الجغرافية من انتشار الإسلام في الهند، والفصل بين شعب واحد بدعوى التمايز الديني بين الإسلام والهندوكية، فتخلَّت وحدة الأوطان عن شرعيتها واستبدلت بها شرعية الدين بانفصال باكستان عن الهند؛ مما وضع المسلمين في الهند دون باكستان في موضع الأقليات، والهندوس والمسيحيين وباقي الطوائف في باكستان موضع الأقليات، بل إن باكستان نفسها انقسمت إلى شرقية في بنجلاديش واقتصرت على الغربية منها نظرًا للانقطاع الجغرافي بينهما؛ ومن ثم أصبحت تهدد الشرعية الدينية وحدة الأوطان.

وقد يعطي الحاكم نفسه الشرعية عن طريق رجال الدين التابعين له والمؤسسات الدينية الخاضعة لسيطرة النظام السياسي، ويكون ذلك عن طريق تكفير الخارجين على النظام، وتخوين المعارضة السياسية، والحكم الشرعي أنهم خوارج العصر، دعاة الفتنة، مبدلو الدين وطبقًا للرواية «من بدل دينه فاقتلوه.» وفي رواية أخرى: «من بدل دينه وفارق الجماعة فاقتلوه.» فالمعارضة شيوعية، والشيوعية كفر وإلحاد، «ومن لا إيمان له فلا أمان له.» وكل معارضة فهي خروج على النظام، وعصيان للحاكم، وسبب للفتنة يجب استئصالها حتى عاشت معظم حركات المعارضة خارج الأوطان.

ويأخذ الحاكم مسوح المؤمنين، من لبس الجلباب، ومسك العصا، والسير كما يسير الطاعنون في السن، والمتصلون بالله، الزبيبة في الجبهة، وهو في المساجد في صلوات الجمعة، وفي الموالد والأعياد الدينية أمام أجهزة الإعلام، وهو كبير العائلة كالبطاركة القدماء، يدافع عن أخلاق القرية، وهي القيم التقليدية ضد الحداثة والعصرية والتغريب، فيأخذ شرعية من الماضي ليغطي على نقص شرعيته في الحاضر، ويعطي الدين ما افتقدته السياسة.

الرأي رأيه، والحق ما يعلنه، فهو يمثل الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، وغيره من المعارضة هي الفرق الهالكة الضالة، فيستعمل حديث الفرقة الناجية الذي يشكك في صحته ابن حزم وكثير من الفقهاء لإضفاء الشرعية على نظام سياسي غير شرعي، مع أن حق الاختلاف حق شرعي، والكل راد والكل مردود عليه، ويغذي هذا النسق المعرفي نسق كوني آخر، تصور هرمي للعالم يحدد العلاقة بين الطرفين في محور رأسي، بين الأعلى والأدنى، وليس في محور أفقي، بين الأمام والخلف، ثم تتجلَّى هذه البنية المعرفية الكونية في البنية الأخلاقية والاجتماعية فتنشأ أخلاق القرية، ورب الأسرة، وكبير العائلة، «سي السيد» الذي يطيعه الجميع في «المجتمع البطرياركي».

ويعطي رجال الدين، فقهاء السلطان الشرعية الدينية للقرارات السياسية للحاكم، إن شاء مقاومة العدو الصهيوني المحتل لأراضي المسلمين والمعتدى عليها والراغب باستمرار في التوسع والاستيطان، لا صلح ولا مفاوضة ولا اعتراف بإسرائيل، يخرج رجال الدين بفتاوى تعطي شرعية لقرار الحاكم: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ، وإن شاء الصلح مع عدو الأمس وصديق اليوم والاعتراف والمفاوضة والصلح معه أتت شرعية جديدة وربما بنفس الرجال تبرر قرار الحاكم الجديد بالاعتراف بإسرائيل وإجراء المفاوضات ثم الصلح معها وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا، بالرغم من أن إسرائيل لم تجنح إلى السلم حتى الآن، وتواصل اعتداءاتها اليومية على الشعب الفلسطيني، فقد الناس احترام فقهاء السلطان، ولم يصدقوا فتاويهم الشرعية، وصاغ الأدب الشعبي عدة أمثال عامية لنقد فتاوى السلطان.

وازدادت شرعية الجماعات الإسلامية تحت الأرض؛ لأنها تفتي باسم الأمة والدفاع عن مصالحها الثابتة، وكفروا فقهاء السلطان، وأجازوا تصفيتهم الجسدية، كما وصف فقهاء السلطان الجامعات الإسلامية بالخوارج، خوارج هذا العصر، وظل التراشق بسلاح الشرعية الدينية بين الفريقين؛ فالدين سلاح مزدوج بين الخصوم يستعمله كل فريق لصالحه، وكل فريق يجد في القرآن والحديث والتراث الفقهي بغيته.

أما الطبقة المتوسطة فقد انقسمت إلى يمين ووسط ويسار، اليمين أقرب إلى الجماعات الإسلامية في منطلقاتها النظرية ومواقفها العملية، واليسار أقرب إلى الجماعات اليسارية في منطلقاتها النظرية ومواقفها العملية كما يتمثل في «لاهوت التحرير»، والوسط متأرجح بين الاثنين، أقرب إلى اليمين في أسسه النظرية وإلى اليسار في ممارساته العملية.

وتعطي شعارات الجماعات الإسلامية شرعية لرفض الأمر الواقع والتمرد على النظام الحاكم، فشعار «الحاكمية لله» لا يعني أن الله ليأتي ليحكم ويخلص البشر مما هم فيه من مآسٍ بل تعني رفض حاكمية البشر، رفض الأيديولوجيات العلمانية للتحديث، الليبرالية التي حكمت مصر قبل ١٩٥٢، والقومية أو الاشتراكية التي حكمت بعدها، والماركسية التي حكمت في جنوب اليمن بمفردها أو في تحالفٍ في سوريا العراق، فقد ضاعت نصف فلسطين في ١٩٤٨ إبان العهد الليبرالي، وضاع النصف الآخر في ١٩٦٧ في العهد القومي، كما يعني الشعار الحاكمية للقانون الإلهي ضد ظلم القوانين الوضعية وانتهاك حقوق الإنسان، وضياع حقوق المواطن.

كما يدل شعار «الإسلام هو البديل»، وشعار «الإسلام هو الحل» على طريق الخلاص من مآسي العصر وأحزانه بعد أن زادت رقعة الأرض المحتلة، وعظم قهر المواطن، واتسعت الهوة بين الأغنياء والفقراء، وتجزأت الأمة إلى أقطار في طريقها إلى أن تصبح دويلات طائفية وعرقية تكون فيه إسرائيل أقوى دولة في المنطقة تستمد شرعيتها من البيئة الجغرافية السياسية الثقافية المحلية بعد أن استمدت شرعيتها أولًا من أساطير المعاد والشعب المختار.

وما دام الواقع في أزمة، تسري مثل هذه الشعارات لقدرتها على تجنيد الناس لما فيها من قوةٍ على الرفض دون أن تعني شيئًا محددًا، إيجابًا لا سلبًا، فلم تتحول إلى برامج سياسية اجتماعية اقتصادية تقدم حلولًا عملية ملموسة لمشاكل الجماهير، وهي شعارات مغلقة، لا تقبل الحوار ولا أنصاف الحلول، تؤخذ ككل أو تترك ككل، هي أشبه بعناوين رئيسية في الصفحات الأولى لجذب الانتباه، تدل على القدرة دون الدولة، والانتفاضة دون السلطة، والصرخة دون الكلام.

وتستمد الجماعات الإسلامية شرعيتها من لحظتين تاريخيتين، لحظة ابن تيمية وهزيمة المسلمين أمام التتار واحتلالهم بغداد وهم في طريقهم إلى دمشق، مسلمون يقتلون مسلمين، ويغزون أراضي مسلمين، ويحكمون بشريعة خاصة بهم «الباسة» وليس بشريعة الإسلام؛ ومن ثم إصدار الحكم بتكفيرهم، وقياسًا عليه تكفير كل من لا يحكم بشريعة الله، وابن تيمية حاضر في الحركة الإصلاحية الحديثة منذ محمد بن عبد الوهاب حتى رشيد رضا والجماعات الإسلامية المعاصرة.

واللحظة الثانية هزيمة يونيو ١٩٦٧ والتي أصبح «معالم في الطريق» لسيد قطب تعبيرًا عنها؛ فقد انهار الحلم القومي، واحتُلَّتْ مصر وسوريا وفلسطين، ولم يستطع النظام الذي استبعد الإخوان الدفاع عن حرمات البلاد واستقلال الأوطان، فاشتد التقابل بين حاكمية الله وحاكمية البشر، بين الإسلام والجاهلية، بين الله والطاغوت، بين الإيمان والكفر، بين النور والظلام، بين الحق والباطل، بين العلم والجهل، وحدث تقابل بين نفسية السجين ظلمًا، وتحت آلام التعذيب بالسياط وبالنار وبين الأوضاع الخارجية، العدل والظلم، الحرية والقهر، الاستقلال والاحتلال، فانتشر «معالم في الطريق»، وقدم إلى الجماعات أفضل نسق نظري يعبر عن نفسية المضطهدين المختبئين تحت الأرض مثل الملقى في غياهب السجن. وكان استشهاد سيد قطب في أغسطس ١٩٦٥ بمثابة المؤشر على هزيمة يونيو ١٩٦٧ وكما صور ذلك نجيب محفوظ في «الكرنك»، سياط تلهب أجساد المعتقلين في السجون، وقنابل وصواريخ تقذفها الطائرات الحربية الإسرائيلية على القواعد والمطارات العسكرية المصرية، لا فرق بين الاعتداء على المواطن في الداخل باسم الدفاع عن النظام والعدوان على الوطن في الخارج باسم الدفاع عن النفس.

والتحدي بالنسبة للمستقبل هو التعامل مع المحافظة التقليدية الموروثة منذ ألف عام والسلفية أحد مظاهرها، وهي الرصيد التاريخي الذي يمد الجماعات الإسلامية بل وأجهزة الإعلام في الدولة وفتاوى رجال الدين بما يحتاجونه من مصادر لتبرير مواقف كل فريق على اختلافهم في المواقف والأهداف السياسية، وتعني المحافظة إعطاء الأولوية للعبادات على المعاملات، وللعقائد النظرية على السلوك العلمي، ولعالم الغيب على عالم الشهادة، وعلى الإيمان في أشكاله الخارجية على العمل الصالح باعتباره المعبر الوحيد عن الإيمان، وللدين كغاية في ذاته على الدين كوسيلة لإسعاد البشر وتحقيق مصالحهم العامة.

وهو نفس التيار السائد في أجهزة الإعلام، صفحات الفكر الديني، والجرائد والمجلات الدينية، وحديث الروح، ودروس تفسير القرآن بعد صلاة الجمعة، ونور على نور من دعاة حرفيين مثل نجوم المجتمع بأزيائهم المعروفة، ولا فرق بين البرنامج الديني و«ماتش» الكورة، والتمثيلية التلفزيونية، وفاصل من الرقص الشرقي وخطب الرئيس ونشاط حرمه، كل ذلك بؤر إعلامية تقوم بنفس الدور، ملء الفراغ السياسي والثقافي في البلاد.

وفي نفس الوقت تشتد المحافظة الاجتماعية أمانًا من الفقر، وحرصًا على الضياع، وحماية بالموروث الثقافي، وتعويضًا عن مآسي العصر وأحزان الزمان، فيكثر التفويض إلى الله، ويزداد الاعتماد عليه، وتكثر الموالد، وزيارة المقابر، والتبرك بأولياء الله الصالحين، وترسل الرسائل إلى الإمام الشافعي لتلبية طلبات المحتاجين، وتُستدعى مريم العذراء والسيد المسيح لنفس الغاية، فإذا ما انسد طريق التغير الاجتماعي من أسفل انفتح طريق الدين من أعلى، ويتحول الدين إلى حلم المجتمع في النجاة من أحزان العصر والتخلص من مآسيه.

التحدي إذن هو التحول من المحافظة إلى التحرر عن طريق تحويل الرافد التاريخي الأساسي من اختيار القدماء منذ الغزالي حتى حركات الإصلاح الديني إلى مطالب المحدثين، من الأشعرية إلى الاعتزال كما حاول محمد عبده في «رسالة التوحيد»، ومن النص إلى الواقع كما حاول الشاطبي في «الموافقات»، وعلال الفاسي في «مقاصد الشريعة ومكارمها»، ومن التصوف السلبي إلى التصوف الإيجابي، ومن الفلسفة المنطقية الطبيعية الإلهية إلى فلسفة الذاتية كما هو عند محمد إقبال، ومن العلوم النقلية إلى العلوم العقلية مثل اجتهادات كثير من المحدثين.

كما يمكن الاعتماد على قوى التقدم والتغير الاجتماعي التي ما زالت تبحث عن أيديولوجية تجمع بين الماضي والحاضر، بين التراث والتجديد، بين شرعية الإسلام وشرعية الثورة كما حاول اليسار الإسلامي الذي ما زال متهمًّا من الإسلاميين أنه ماركسية مقنعة، ومن العلمانيين بأنه أصولية متخفية وتوزيع أدوار، ومن الدولة بأنه إخوانية شيوعية؛ لأنه جزء من المعارضة الوطنية بجناحيها الرئيسيين، الإسلامية والقومية.

لا حل للصراع بين الشرعية الدينية والشرعية السياسية إلا بالشرعية التاريخية، وفك حصار الزمن عن الوعي القومي بين الانجذاب إلى الماضي كما هو الحال عند السلفيين، والانبهار بالمستقبل كما هو الحال عند العلمانيين، والانسداد في الحاضر كما هو الحال عند سواد الأمة والتي لا تجد مخرجًا لها إلا النزول تحت الأرض لاكتساب الشرعية الدينية أو الصعود إلى مراكز الحكم لاكتساب الشرعية السياسية أو الهجرة إلى خارج الأوطان لاستعارة شرعية من الآخر أو التوقف في المكان حتى يتوقف القلب لانعدام الحركة ولِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ للأفراد وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ للشعوب.

١  مجلة الديمقراطية، العدد ١٢، السنة الثالثة، أكتوبر ٢٠٠٣.
٢  انظر: التراث والتجديد، موقفنا من التراث القديم، المركز العربي للبحث والنشر، القاهرة، ١٩٨٠، ص١١–٢٠.
٣  انظر: جمال الدين الأفغاني، المانوية الأولى (١٨٩٧–١٩٩٧)، دار قباء، القاهرة، ١٩٩٨.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤