فرقة فكتوريا موسى

بدأت فكتوريا موسى التمثيل المسرحي كممثلة في فرقة أولاد عكاشة، في موسم ١٩١٢-١٩١٣، وبدأ نجمها يتألَّق في مسرحية «الأفريقية» التي مُثِّلت — في فترة انضمام فرقتي عكاشة وجورج أبيض — بالأوبرا في أبريل ١٩١٣. ومنذ ذلك التاريخ وفكتوريا أصبحتِ الممثلة الأولى في فرقة عكاشة، خصوصًا بعد زواجها من عبد الله عكاشة. وفي عام ١٩٢٥ نالت الجائزة الثالثة للتمثيل الدرامي في مباراة التمثيل العربي. وفي عام ١٩٢٦ نالت الجائزة الأولى للتمثيل الكوميدي في المباراة نفسها.

fig152
فكتوريا موسى.
وفي عام ١٩٢٥ قال عنها جمال حافظ عوض، صاحب جريدة «كوكب الشرق»: «لستُ أُبالِغ إذا نَعَتُّها بسيدة ممثلات الشرق وأميرة الفن الصحيح، وأقْدَر ممثلة اعتلت خشبة المسرح العربي. تلك هي السيدة فكتوريا موسى الممثلة الأولى بفرقة حديقة الأزبكية وزوج الأستاذ عبد الله عكاشة، أحد مديري الفرقة المذكورة. تعشَّقتِ الفنَّ وهي صغيرة، وضحَّت بشبابها ومستقبلها في سبيل الفن، وانضمَّتْ إلى ممثلات فرقة عكاشة وبدأت مواهبها الفنية تظهر رويدًا رويدًا، وسارت في طريق النجاح سيرًا حثيثًا، وعُهِد إليها القيام بالأدوار الأولى، فنجحتْ وكان نجاحها عظيمًا. وأزعم أن الكثيرين ممن يشاهدون التمثيل في مسرح حديقة الأزبكية، إنما يدفعهم إلى هنالك حبهم للاستمتاع بالفن الصحيح الذي تمتاز به السيدة فكتوريا.»١

وقد مرَّ بنا كيف انفصل عبد الله عكاشة وزوجته فكتوريا موسى من فرقة أولاد عكاشة. وعلى أثر هذا الانفصال كوَّنتْ فكتوريا مع زوجها فرقة مسرحية خاصة بهما، أطلقتْ عليها «فرقة فكتوريا موسى». وإذا كنَّا اعتبرنا هذه الفرقة من الفرق المسرحية الغنائية، فهذا راجع إلى وجود عبد الله عكاشة فيها كمطرب أكثر من وجوده فيها كممثل، حيث كان يقوم في أكثر العروض بإلقاء بعض القصائد الغنائية بين الفصول أو بين المشاهد التمثيلية، حتى ولو لم يكن في هذه العروض دَوْر تمثيلي له.

وقد بدأتْ فرقة فكتوريا موسى عملها مع بداية موسم ١٩٢٦-١٩٢٧.٢ وأول مسرحية لها كانت «زهرة الشاي»، بقلم محمد مسعود٣ وعباس علام، وأشعار فرنسيس شفتشي، وألحان كامل الخلعي. وقام بتمثيلها: فكتوريا موسى، عبد الله عكاشة، محمد بهجت، حسن فايق، عبد الوارث عسر، حنا وهبة، مصطفى كامل الفلكي، مصطفى سامي. وتم عرض هذه المسرحية يوم ١١ / ١١ / ١٩٢٦، عَلَى مسرح كازينو البوسفور بميدان محطة باب الحديد.٤
fig153
محمد مسعود.

وزهرة الشاي هو اسم بطلة المسرحية، مِثله مثل اسم أية امرأة. وهذه المسرحية تبحث في أخلاق الصينيين واليابانيين وعاداتهم، وتشرح ضعف وطنية الصينيين وكيدهم لبعضهم، مما أدَّى إلى هزيمتهم أمام اليابانيين، الذين اجتمعت كلمتهم وتوحدت مقاصدهم. وهذه المعاني جاءت من خلال دروس بالغة الوطنية والشمم وتضحية النفس في سبيل البلاد والشرف، هذا بالإضافة إلى تعرُّضها للديانة البوذية، وكيف أنها تضع الزوج في مقام المعبود عند الزوجة، كما أنها تعرَّضت لبعض الآفات الاجتماعية مثل الإدمان.

وهذه المسرحية لاقتْ نجاحًا كبيرًا، مما جعل الفرقة تتشجع وتعرض مسرحيتها الثانية «المرأة الكدابة» يوم ٢٣ / ١٢ / ١٩٢٦ بكازينو البوسفور، وهي من اقتباس عباس علام، وقد اقتبسها عن رواية BABY MINE تأليف الكاتبة الإنجليزية MARGERITE MAYO.٥ وقام بتمثيلها: عبد الله عكاشة، فكتوريا موسى، محمد بهجت، عبد الوارث عسر، لبيبة فارس، منيرة أحمد، الراقصة لينا.٦

ومسرحية «المرأة الكدابة» تدور أحداثها حول زوج يتهم زوجته بالكذب واختلاق الأعذار الواهية، التي تُطالِعه بها كلما عَلِم بخروجها من المنزل. ثمَّ يزداد غضبه حينما يعلم من خادم الحلواني أن زوجته قد تناولتِ الحلوى مع صديقٍ لها، بينما زوجته تُقسِم بكل جهدها أنها لم تذهب في هذا اليوم ولم تخرج من منزله. ثمَّ نعرف أن من ذهبت معه هو ابن خالتها الذي يُشارِك زوجها في عمله الهندسي، ويشتدُّ غضب الزوج من توهُّم خيانة زوجته، ويتوجَّه بحنقه وغضبه عَلَى صاحبها الجبان؛ لأنها عنده بريئة وعفيفة. ثمَّ نجد هذا الجبان جالسًا مع الزوج — والزوج بالطبع لا يعلم أن الجالس معه هو الجبان بذاته — يستعطفه ويسترضيه ويطلب منه الصفح عن هذا الجبان. وبعد محاولات مماثلة يسافر الزوج إلى السودان ويشترط أنه لن يعود حتى تجيئه امرأته بمولود. وتُعمِل زوجته الفكرة مع ابن خالتها عَلَى أن يحصل من أحد الملاجئ عَلَى طفل حديث الولادة ليرسل في طلب الزوج. ويحضر الزوج فعلًا ويُسَرُّ برؤية مولوده، ولكن الحيلة تنكشف في النهاية، ويقف الزوج عَلَى الحقيقة فتُلقِي عليه زوجته درسًا في إنها غير كاذبة.

وبعد أسبوع واحد، وفي أواخر ديسمبر ١٩٢٦، قامت الفرقة بعرض مسرحيتها الجديدة الثالثة «الفراشة»، تأليف هنري باتاي، تعريب أحمد محمد مندور وعبد الوارث عسر. وقام بتمثيلها: عبد الله عكاشة، فكتوريا موسى، عبد الوارث عسر، حنا وهبة، لبيبة فارس، فاضل، فريد أحمد، مصطفى سامي، الراقصة لينا.٧ والأوركستر برئاسة المايسترو دافيد سليم.٨

ومسرحية «الفراشة» تدور أحداثها حول فتاة أحبَّتْ نبيلًا حبًّا شديدًا، وتمت الخطبة بينهما، وفي يوم ما شعرت بأعراض مرضية فذهبت إلى المستشفى وعلمت بأنها مريضة بمرض السل، وفي مرحلة متأخِّرة يصعب فيها العلاج والشفاء. هنا قرَّرتِ الفتاة التضحية بحبها في سبيل خطيبها، عندما أخبرتْه أنها خدعتْه بحبها، حيث إنها امرأة لعوب تعشق غيره. وأمام هذا يبتعد الخطيب عنها ويقرِّر الزواج من امرأة أخرى. ولكن الفتاة المسلولة التي أحبَّتْه بصدق شعرتْ بآلام الحب ولذَّاته وهي تُقاوِم الموت، ولم يبقَ من سِنِي حياتها إلا ساعات معدودة، فنجدها تَهَب كل ثروتها لمَن يُطمئنها بأنها ستعيش سنة واحدة لتقترن بخطيبها الذي تعبده وتطلب مهلة في الحياة، ولكن الموت القاهر يوقف أنفاسها وسرير عرسها مكلل بباقات الورد، وهي تبتسم لمَن حولَها وتسألهم متى يحتفلون بزفافها.

أمَّا المسرحية الجديدة الرابعة فكانت «طاقية الإخفاء»، وقد عرضتْها الفرقة بالبوسفور ابتداءً من ٧ / ١ / ١٩٢٧. والمسرحية من تأليف حسين سعودي، ومن تمثيل: فكتوريا موسى، عبد الله عكاشة، محمد بهجت، حسن فايق، مصطفى سامي، لبيبة فارس، زاهية سامي.٩

والمسرحية تدور حول عائلة مصرية — مكوَّنة من السيد محمد أحد الأغنياء، وابنه فوزي، وابنته زينب، وخادمهم الحاج علي — ذهبتْ لقضاء فريضة الحج، فهجم عليهم قُطَّاع طريق فاختطفوا فوزي وزينب وهرب الأب والخادم. فأما زينب فبِيعتْ إلى أمير في بغداد، فسجنها في قصره بعد أن رفضت إشباع غريزته. وأمَّا فوزي فقد أصبح من ندماء هذا الأمير. أمَّا الخادم علي فقد احتمى في مغارة عن أعين اللصوص، فكانت مسكونة بالجن، فيحصل منهم عَلَى طاقية الإخفاء وحبل السلامة، وبهما استطاع بعد عدة مواقف أن ينقذ الأسرة ويعود بها إلى مصر.

وكانت مسرحية «الساحر» هي المسرحية الجديدة الخامسة في عمر الفرقة، وقد اقتبسها عباس علام وشفيق صبحي عن رواية LA GRANDE EPOUVANTE التي وضعها ANDRE LORDE & H.BAUCHE. وعرضتها الفرقة بالبسفور ابتداءً من ٢٠ / ١ / ١٩٢٧، وقام بتمثيلها: فكتوريا موسى، محمد بهجت، عبد الوارث عسر، حنا وهبة، حسين فهمي، منسي فهمي، حسن فايق. والمسرحية تدور حول فكرة أن للسحر حقيقة، وأن للتنويم المغناطيسي تأثيرًا في حوادث الإنسان.١٠
وبعد أسبوع واحد قدَّمتِ الفرقة مسرحيتها الجديدة السادسة، وهي «الحب بالعافية»، عرَّبها سيد والي عن رواية «أدريين» الفرنسية، وقدَّمتْها الفرقة ابتداءً من ٢٧ / ١ / ١٩٢٧، وكانت من تمثيل: فكتوريا موسى، محمد بهجت، حسن فايق، عبد المجيد شكري، حمايات جمال، روجينا إسرائيل.١١

والمسرحية تدور حول بطلة المسرحية أدريين، زوجة المقاول العجوز، التي يعشقها شاب ويُصارِحها بغرامِه فتصدُّه لأنها عفيفة شريفة، ولكن الشاب يحتال عَلَى الأمر بأن ينتحل صفة خادم فيدخل بيتها، وتشاء المصادفة أن يطَّلع عَلَى خطابات تُثبت أن زوجها عَلَى علاقة بامرأة أخرى، فيُهدِّد الشاب الزوج بافتضاح أمره إلا إذا عيَّنه سكرتيرًا خاصًّا له، وبذلك يمكث في البيت أطول فترة ممكنة. وبالفعل يحدث هذا مما يجعل الزوجة تتبرم من إلحاح هذا الشاب، ويلاحظ الزوج أن الشاب أو السكرتير يتصرف بغرابة، فيبحث في الأمر حتى يكتشف الحقيقة بأن زوجته شريفة وأن هذا الشاب يحاول إيقاعها في حبائله الشيطانية، فيقوم الزوج أخيرًا بقطع علاقته بالمرأة الأخرى، ويعترف لزوجته بالحقيقة ويطلب منها السماح، ويتفقا عَلَى طرد السكرتير.

وابتداءً من ١٧ / ٢ / ١٩٢٧ قدَّمت فرقة فكتوريا موسى مسرحيتها الجديدة السابعة «كريم شيكولات»، تأليف برناردشو، وتمثيل: فكتوريا موسى، محمد بهجت، حسن فايق، عبد المجيد شكري، منسي فهمي، حنا وهبة، لبيبة فارس، حسين فهمي، منيرة أحمد، حمايات جمال، روجينا إسرائيل، فيوليت.١٢ وقام بتعريبها شفيق صبحي،١٣ والأصح أن مترجمها هو صلاح الدين كامل.١٤

وتتلخص المسرحية في أن رينا ابنة الجنرال بيكوت — قائد الجيوش البلغارية — عندما كانت جالسة في حجرتها تقرأ دخل عليها جندي سويسري هارب من مطاردة الجنود، وكان شاحبًا متعبًا، فخبَّأتْه الفتاة في حجرتها، وأقنعتِ الجنود عندما دخلوا عليها بأنه لم يأتِ، فخرج الجنود، وعادتْ هي إلى الجندي فأطعمتْه الموجود لديها، وكان كريم شيكولات. وبعد أن أكل الجندي استراح عَلَى سريرها، وجلستِ الفتاة تتأمَّل فيه وهو نائم، فوقعتْ في غرامه، متجاهلة خِطْبتها لأحد الضباط. وأخبرتِ الفتاة أمَّها بالحقيقة، فساعدتْها الأم عَلَى خروج هذا الجندي من المنزل متخفيًا بعد أن ارتدى معطف الأب الجنرال. وبعد انتهاء الحرب قصَّ الجندي ما حدث إلى أحد أصدقائه، فانتشر الأمر بين الجميع حتى وصل إلى والد الفتاة وخطيبها. وعندما عاد الأب الجنرال إلى المنزل سأل زوجته عن المعطف، فاضطربتْ وقبْلَ أن تُجيب يحضر الجندي كي يُعيد المعطف، وهنا تحدث المواجهة بين الجميع، وبعد حوار طويل بين جميع الشخصيات تتزوج الفتاة من الجندي بعد أن يتَّضح أنه من الأعيان ومن كبار قادة الجيش السويسري، ويقوم الضابط خطيب الفتاة بالزواج من خادمتها التي تحبُّه حبًّا شديدًا.

وتُعتبر مسرحية «سخرية الحياة» آخِر مسرحية جديدة قدمتْها الفرقة في هذا الموسم، وقد بدأ عرضها في ١٧ / ٣ / ١٩٢٧، وهي من اقتباس صلاح الدين نديم وزكي لاشين، ومن تمثيل: فكتوريا موسى، منسي فهمي، عبد الوارث عسر، حنا وهبة، مصطفى كامل الفلكي، لبيبة فارس، منيرة أحمد، روجينا إسرائيل.١٥

والمسرحية تدور حول هيام هانم زوجة عفت باشا، التي تعيش معه رغمًا عنها، حيث إنها تحب الدكتور جلال، وأكثر من مرة تطلب الزوجة الطلاق ولكن الزوج يرفض متلذِّذًا بعذابها. وأمام هذا تسقط الزوجة في بئر الخيانة، وتعيش مع الدكتور حياة آثمة، كانت نتيجتها طفل ظنَّ الباشا أنه ابنه. وبمرور السنوات يُصاب الابن بالسل، وعندما يُقرِّر الباشا إبعاد الابن عن جو البيت كي يُشفى تمنعه الزوجة وتُقِرُّ أمامَه بالحقيقة، بأن هذا الطفل ليس ابنه. هنا يهجم الباشا عَلَى زوجته فيقتلها خنقًا.

وإذا كانت فرقة فكتوريا موسى استطاعت في أول موسم لها أن تعرض ثماني مسرحيات جديدة، إلا أنها مثَّلتْ أيضًا مسرحيات مأخوذة من عروض الفرق الأخرى، وبالأخص فرقة عكاشة. ومن هذه المسرحيات: «سهام» و«كوثر». والأولى مثَّلتْها الفرقة ابتداءً من ٢١ / ٤ / ١٩٢٧، وكانت من تمثيل: فكتوريا موسى، فكتوريا كوهين، فاطمة سري، عبد الوارث عسر، حنا وهبة، لبيبة فارس، محمد بهجت، عبد الله عكاشة، حسين فهمي.١٦ أمَّا الثانية فقد مثَّلتْها الفرقة أيضًا في أواخر أبريل ١٩٢٧، وظلَّت تُعيد عرضها مرارًا حتى نهاية الموسم. وكانت بطولة: فكتوريا موسى، محمد بهجت، حنا وهبة، عبد الله عكاشة.١٧
وبخلاف هاتين المسرحيتين وجدنا الفرقة تعرض مجموعة من المسرحيات، منها: «الطبيعة والزمن»، «غانية الأندلس»، «مغائر الجن».١٨ وكلها من المسرحيات الشهيرة التراثية التي كانت تعرضها معظم الفِرَق المسرحية.
أمَّا عروض الفرقة في الأقاليم لهذا الموسم، فقد تمثَّلت في عدة عروض من مسرحياتها الجديدة في الثلث الأول من شهر فبراير ١٩٢٧، وذلك بمسرح البلفدير بالإسكندرية، ودمنهور، وبمسرح البلدية بطنطا، وبسينما عدن بالمنصورة.١٩ وفي مارس ١٩٢٧ قامت الفرقة بعرض مسرحيتي «المرأة الكدابة» و«الحب بالعافية» في المنصورة.٢٠ وفي أبريل قامت برحلة فنية أخرى إلى الأقاليم.٢١ وفي يونية ١٩٢٧ عرضت الفرقة مسرحيات عديدة بالإسكندرية، منها: «زهرة الشاي»، «عظة الملوك»، «سهام»، «الحب بالعافية» بمسرح الهمبرا.٢٢
وبعد انتهاء الموسم التمثيلي الأول لفرقة فكتوريا موسى انقطعت أخبارها الفنية، ولم نسمع بها طوال ما يقرب من العامين، وذلك بسبب انضمام فكتوريا موسى إلى فرقة رمسيس بعد أن حلَّت فرقتها. وبعد عامين انفصلت فكتوريا عن رمسيس وكوَّنت فرقتها القديمة مرة أخرى، وأعادت تمثيل مسرحية «المرأة الكدابة» عَلَى مسرح رمسيس في فبراير ١٩٢٩. وكانت بطولة فكتوريا وعبد الله عكاشة.٢٣ وفي أبريل من نفس العام مثَّلت الفرقة مسرحية «سهام» كإعانة لمدرسة الكمال الابتدائية بشبرا.٢٤ وفي أواخر ديسمبر من العام نفسه عرضت مسرحية «غانية الأندلس» عَلَى مسرح رمسيس.٢٥
وفي أواخر فبراير ١٩٣٠ قامت الفرقة برحلة فنية إلى بغداد، فعرضت هناك عدة مسرحيات لصالح أحد المتعهِّدين.٢٦ وفي أواخر فبراير ١٩٣١ مثَّلت الفرقة مسرحية «المرأة الكدابة» عَلَى مسرح الماجستيك.٢٧ وفي منتصف يولية ١٩٣١ مثَّلت الفرقة مسرحية «المشكلة الكبرى» ببرنتانيا.٢٨ وفي أبريل ١٩٣٣ مثَّلت مسرحيتي «زهرة الشاي» و«كوثر» عَلَى مسرح الأوبرا.٢٩ وفي مايو ١٩٣٤ مثَّلت مسرحية «الشيخ متلوف» عَلَى مسرح الأوبرا أيضًا.٣٠
وفي ١٤ / ٩ / ١٩٣٤ قالت مجلة «المصور»:

فكتوريا موسى هي النجم الذي لمع في فجر النهضة المسرحية، فكان ضياؤه يُبهِر الأنظار. وهي الكوكب الذي اعتلى خشبة المسرح، في وقت كان النبوغ فيه وقفًا عَلَى اثنتين أو ثلاث من فتيات الجنس اللطيف. وهي الممثلة التي كانت تقوم بأدوار وجدانية قلَّ أن تُجارِيَها فيها مَن عداها من الممثلات. هذه هي فكتوريا موسى التي قَلَبَ الدهر لها ولزوجها عبد الله عكاشة ظَهْر المِجَنِّ، فاعتكفا حينًا من الوقت كانا يختلسان أثناءه فترات من الدهر الغادر، فيُطالعان الناس أثناءها بشيءٍ من رواياتهما القديمة، التي كان الجمهور يُعجب بها ويُقبِل عَلَى مشاهدتها. عَلَى أن الحظ العاثر الذي وقف في سبيل الزوجين هذا الوقت الطويل كان يؤذنهما بوداع نرجو ألا تكون له رجعة. فقد تفضَّل القاضي الفاضل عمر عارف فأعطى للزوجين أربع روايات جديدة من مؤلَّفاته القَيِّمة، هي: «الفجر» و«سوسن العبرانية» و«هو الحب» و«سانوجيت». والرواية الأخيرة مصرية فرعونية، هذا فضلًا عن رواية «هدى» التي سمح مؤلِّفها عمر لفكتوريا بحق تمثيلها، وهي الرواية التي وضع ألحانها المرحوم سيد درويش. وقد طلبت فكتوريا وعبد الله من وزارة المعارف أن تسمح لفرقتهما بالظهور عَلَى مسرح الأوبرا في الموسم القادم لتمثيل هذه الروايات الجديدة، مُضافًا إليها رواية «السلطان قلاوون»، وهي واحدة من آثار المرحوم عبد الحليم المصري المسرحية. ونقول بهذه المناسبة إن الفرقة ستمثِّل في يوم ٢٠ سبتمبر الجاري رواية «المرأة الكدابة» عَلَى مسرح برنتانيا.

وفي أكتوبر ١٩٣٤ مثَّلت الفرقة ببرنتانيا مسرحية «سهام»، بطولة: فكتوريا موسى، وعبد الله عكاشة، وعبد العزيز خليل، ومحمد يوسف، وعبد المجيد شكري، وماري كفوري. كما مثَّلت الفرقة في الشهر نفسه «المشكلة الكبرى» و«المرأة الكدابة» و«تليماك».٣١
وفي فبراير ١٩٣٥ مثَّلت الفرقة مسرحية «المرأة الكدابة» بالأوبرا، بناءً عَلَى ترخيص وزارة المعارف، كما مثَّلت مسرحية «الزوبعة» ببرنتانيا في أواخر الشهر نفسه. وفي أبريل مثَّلت مسرحية «القضاء والقدر» بالأوبرا لصالح جمعية المواساة الإسلامية بالقاهرة.٣٢
وكانت هذه العروض هي آخِر عروض مسرحية عُرِضت باسم فرقة فكتوريا موسى؛ حيث تكوَّنت الفرقة القومية المصرية، فانضمَّتْ إليها فكتوريا موسى وزوجها عبد الله عكاشة، وقاما بتمثيل عدة عروض في أول موسم لهذه الفرقة، ومنها: «أهل الكهف»، «أندروماك»، «مجرم». وفي نهاية الموسم الأول للفرقة القومية استغنت إدارة الفرقة عن فكتوريا موسى لتتوقف نهائيًّا عن التمثيل المسرحي عام ١٩٣٦.٣٣ أمَّا عبد الله عكاشة، فقد عمل أمينًا لمخازن الفرقة القومية حتى تُوفِّي عام ١٩٤١.

وهكذا كانت نهاية فرقة فكتوريا موسى، التي جمعت رموزًا فنية منها: حسن فايق، حسين فهمي، حمايات جمال، حنا وهبة، دافيد سليم، روجينا إسرائيل، زاهية سامي، عبد العزيز خليل، عبد الله عكاشة، عبد المجيد شكري، عبد الوارث عسر، فاضل، فاطمة سري، فريد أحمد، فكتوريا كوهين، فيوليت، لبيبة فارس، لطيفة نظمي، لينا الراقصة، ماري كفوري، محمد بهجت، محمد يوسف، مصطفى سامي، مصطفى كامل الفلكي، منسي فهمي، منيرة أحمد.

١  جريدة «كوكب الشرق» ٢٢ / ٤ / ١٩٢٥.
٢  انظر: «الأهرام» ٨ / ٨ / ١٩٢٦، ١٠ / ١٠ / ١٩٢٦، «روز اليوسف» ١٨ / ٨ / ١٩٢٦.
٣  هو محمد مسعود حسن عفيفي، وُلِد سنة ١٨٧٢ بالإسكندرية، ونشأ بها وتربَّى وتعلَّم بالمدارس الأميرية ورأس التين ومدرسة سانت كاترين الفرنسية، ولمَّا تخرَّج اشتغل بتدريس اللغة الفرنسية بمدرسة رأس التين الثانوية، وبعد مدة من اشتغاله بالتعليم اشتغل بالصحافة والتحرير، وأنشأ جريدة «منفيس» بالقاهرة سنة ١٨٩٥ باللغة العربية والفرنسية، وحرَّر في جرائد «المنبر» و«الآداب» و«النظام» و«المؤيد»، واشترك مع خليل مطران في تحرير «المجلة المصرية» ومع مصطفى كامل في تحرير «اللواء» الفرنسية. وفي سنة ١٩١٠ عاد إلى الوظائف وعُيِّن محرَّرًا فنيًّا بقلم المطبوعات، وصار يترقَّى حتى عُيِّن مديرًا للمطبوعات ومديرًا لقسم الترجمة والنشر بوزارة التجارة والصناعة، وأُحيل إلى المعاش سنة ١٩٣٢. وكانت بينه وبين عُلَماء عصره معارك علمية لغوية وأدبية كأحمد زكي باشا، والأب أنستاس الكرملي، والدكتور محمد شرف، وقد تُوفِّي عام ١٩٤٠. ومن مؤلَّفاته: «تقويم المؤيد»، «الأدب اللائق»، «لباب الآداب»، «النفحة الدرية في تخطيط مدينة الإسكندرية»، «وسائل النجاح»، «معارج الفلاح»، «المرأة في أدوارها الثلاثة»، «رحلة السلطان حسين كامل»، «رحلة الملك فؤاد»، «الجاهل المتطبب»، «البخيل»، «زهرة الشاي»، «وردة»، «السر في خطأ القضاء»، «حضارة لجوستاف لبون»، «الاقتصاد السياسي»، «مصر في القرن التاسع عشر»، «لمحة عامة إلى مصر»، «رحلة قبطان مصري في أعالي النيل»، «رحلة الأمير يوسف كمال»، «الوثائق»، «فهرس الأغاني»، «ثمار الثمر»، «الرداء الأحمر»، «المسحور».
٤  انظر: «الأهرام» ٣ / ١١ / ١٩٢٦، «المطرقة» ٢٢ / ١١ / ١٩٢٦، مجلة «الفنون» ٢٦ / ١٢ / ١٩٢٦. ومن الجدير بالذكر أن مسرح كازينو البوسفور تم هدمه في أكتوبر ١٩٦٣، وسُوِّي بالأرض التي ضُمَّتْ إلى ميدان باب الحديد — أو ميدان رمسيس الآن — لتوسيعه.
٥  انظر: «الأهرام» ٢١ / ١٢ / ١٩٢٦.
٦  انظر: مجلة «الفنون» ٢ / ١ / ١٩٢٧.
٧  قال آمون بجريدة «المطرقة» بتاريخ ١٠ / ١ / ١٩٢٧: «ورقصت لينا الراقصة بين الفصول، وفي الفصل الأخير «رقصة سالومي». والراقصات في العادة يرقصن وهن يلبسن ملابس مخصوصة بلون الجسم، ولكن لينا ترقص عارية إلا مما يستر العورة، وإلى جانب هذا كان رقصًا ممنوعًا مُثِيرًا للحواس، فهل ترضى السيدة فكتوريا بذلك، أم هل تصمت المحافظة، أم إن البوليس لا يلتفت إلا إلى مَن تجرَّدوا من الحمايات؟!»
٨  انظر: «الأهرام» ٢٨ / ١٢ / ١٩٢٦، «المطرقة» ٣ / ١ / ١٩٢٧، ١٠ / ١ / ١٩٢٧، مجلة «الفنون» ٩ / ١ / ١٩٢٧.
٩  انظر: «كوكب الشرق» ٧ / ١ / ١٩٢٧، «المطرقة» ١٠ / ١ / ١٩٢٧، مجلة «الفنون» ٢١ / ١ / ١٩٢٧.
١٠  انظر: «المطرقة» ٢٤ / ١ / ١٩٢٧، «ألف صنف وصنف» ٢٥ / ١ / ١٩٢٧، مجلة «الفنون» ٢٨ / ١ / ١٩٢٧.
١١  انظر: «المطرقة» ٣١ / ١ / ١٩٢٧، ٧ / ٢ / ١٩٢٧، مجلة «الفنون» ٤ / ٢ / ١٩٢٧، مجلة «ألف صنف وصنف» ٨ / ٢ / ١٩٢٧.
١٢  انظر: «المطرقة» ٢١ / ٢ / ١٩٢٧، ٧ / ٣ / ١٩٢٧، مجلة «الفنون» ١١ / ٣ / ١٩٢٧.
١٣  قالت جريدة «المطرقة» في ٢١ / ٢ / ١٩٢٧ أن فكتوريا موسى ابتداءً من يوم ٢٤ فبراير ١٩٢٧ ستُمثِّل رواية «كريم شكولات» تعريب شفيق صبحي.
١٤  قال صلاح الدين كامل في كتابه «عباس علام الكاتب المسرحي» ص١٧٠:

في أواخر سنة ١٩٢٦ — وكنتُ وقتئذٍ طالبًا بكلية الحقوق وأحد هواة الأدب المسرحي بصفة خاصة — طلب إليَّ عباس علام أن أترجم للسيدة فكتوريا موسى مسرحية من مسرحيات أعلام الكُتَّاب … وقد شجَّعني ذلك عَلَى ترجمة إحدى كوميديات برناردشو — وهي كوميديا «السلاح والرجل» — ترجمة لا تخلو من التصرف الذي تقتضيه الضرورة، خاصةً وأنه لم يكن قد سبق تقديم شيءٍ منها للمسرح المصري! وقد مُثِّلت هذه المسرحية في مارس سنة ١٩٢٧ تحت اسم «كريم شيكولات». وعندما ذكر الكاتب اسم مسرحية «السلاح والرجل» كتب لها هامشًا في أسفل الصفحة قال فيه: «قامت دار النهضة العربية بطبع ونشر هذه الترجمة في أواخر سنة ١٩٦٢ بنفس الأسلوب الذي كُتِبت به سنة ١٩٢٦.»

١٥  انظر: «المطرقة» ١٤ / ٣ / ١٩٢٧، مجلة «الفنون» ٢٠ / ٣ / ١٩٢٧، ٣ / ٤ / ١٩٢٧.
١٦  انظر: «المطرقة»: ٢٥ / ٤ / ١٩٢٧، مجلة «الفنون» ١ / ٥ / ١٩٢٧.
١٧  انظر: «المطرقة» ٢٥ / ٤ / ١٩٢٧، مجلة «الفنون» ٥ / ٦ / ١٩٢٧.
١٨  انظر: جريدة «الأهرام» ١ / ٧ / ١٩٢٧.
١٩  انظر: جريدة «المطرقة»: ٧ / ٢ / ١٩٢٧.
٢٠  انظر: جريدة «المطرقة» ١٤ / ٣ / ١٩٢٧.
٢١  انظر: مجلة «الفنون» ٣ / ٤ / ١٩٢٧.
٢٢  انظر: مجلة «الفنون» ٥ / ٦ / ١٩٢٧، «وادي النيل» ١٠ / ٦ / ١٩٢٧.
٢٣  انظر: جريدة «الأخبار» ١١ / ٢ / ١٩٢٩.
٢٤  انظر: جريدة «المقطم» ١٢ / ٤ / ١٩٢٩.
٢٥  انظر: مجلة «مصر الحديثة» المصورة ٢٥ / ١٢ / ١٩٢٩.
٢٦  انظر: مجلة «المصور» ١٠ / ١ / ١٩٣٠.
٢٧  انظر: مجلة «المصور» ١٣ / ٢ / ١٩٣١.
٢٨  انظر: مجلة «المصور» ١٧ / ٧ / ١٩٣١.
٢٩  انظر: جريدة «المقطم» ١٣ / ٤ / ١٩٣٣.
٣٠  انظر: جريدة «المقطم» ٢٦ / ٥ / ١٩٣٤.
٣١  انظر: مجلة «المصور» ٥ / ١٠ / ١٩٣٤، مجلة «الصباح» ١٩ / ١٠ / ١٩٣٤.
٣٢  انظر: جريدة «المقطم» ٢٦ / ١ / ١٩٣٥، ٥ / ٢ / ١٩٣٥، ٢٣ / ٢ / ١٩٣٥، ١٨ / ٤ / ١٩٣٥.
٣٣  انظر: مجلة «المصور» ٣ / ١ / ١٩٣٦، ١٠ / ٧ / ١٩٣٦.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤