وصف القصر العظمي العام وطريقة بنائه

إذا انحدرتَ في سوق البزورية إلى آخِرها، تجد على يمينك زقاقًا مرصوفًا موصلًا إلى الدار العظمية الفخمة، وهي ذات باب كبير برتاج إلى الغرب، ومنه يُدخَل إلى تلك العجائب المدهشة في الزخارف والإتقان والهندام، وحول المدخل غرف ذات ثلاث طبقات كلها مزخرفة السقوف والجدران، مرصوفة بالفسيفساء ومزدانة بالنقوش البديعة، ثم تجد أمامك إلى الشرق فسحة مهمة، وإلى يمينها لجهة الجنوب القاعة الكبرى التي هي أجمل تلك الدار هندسةً وروائع نقوش وبدائع أصباغ ومحاسن ترتيب، وتُعرَف باصطلاحهم الفارسي (بالخركاه)؛ أي المثلثة لشكل هندستها المثلث، وقُرْبها الحمام وغرفه البديعة، وفي الشرق غرف مرتَّبة، وكذلك في الشمال إلى يسار الداخل، حيث هناك غرف وراءها المطبخ العظيم، وهو أشبه بدار تحته قبو عظيم يقال إنه كان سجنًا.

وفي تلك الغرف والفسحة رُتِّبت آثار قديمة من تماثيل أسد ضخم وجد في الشيخ سعد وهو حثي مكسور، وتماثيل أشخاص بعضها مشوَّه، وحيوانات أخرى من أُسُد وعجول، وأبواب حجرية للمقابر والبيوت، على بعضها صور ناتئة من الحجر الأسود (الحري) الحوراني، ومذابح وتيجان أعمدة وقواعدها وكتابات. وفي الداخل آثار آنية زجاجية وخزفية ومعدنية على بعضها كتابات، وبينها قطع مكسَّرة مما وجده المسيو دي لوري في الباب الشرقي عندما حفر فيه وفي محلة حنانيا، وهناك قطع من البسط والسجاد القديم والأقمشة النفيسة المطرزة، وقد فرش بعض الغرف فرشًا شرقيًّا وزيَّنها ببعض الأسلحة والأدوات، ووضع سجلًّا للزائرين يدوِّنون فيه أسماءهم، وتُباع فيها رسوم دمشق والقصر.

وقد حدَّثني بعض الشيوخ المعمرين الدمشقيين نقلًا عن أسلافهم أخبارًا غريبة عن بناء هذه الدار، وما جرى للبنائين الحلبيين الذين استُقْدِموا لمساعدة الدمشقيين في هندستها، وتفوُّق الدمشقيين عليهم بهندسة البناء وإحكامه، وكيف أن الأساس حُفِر وسُدَّ بالحجارة وتُرِك سنةً كاملةً حتى استقر ورُصَّتْ حجارته فاستؤنف البناء عليه. ومما رُوِي لي أن أجرة البنَّاء اليومية كانت نحو عشرة قروش، وأجرة الفاعل نحو ثلاثة قروش، وبقي العمَّال يشتغلون فيها إحدى عشرة سنة، وقد أُهمِلت هذه الدار منذ نحو ثلاثين سنة ونيِّف، وخرب حمَّامها وقِسْم من أبنيتها العلوية، ودرست بعض محاسنها، وكان فيها ثلاثمائة وستون غرفة سفلية وعلوية.

وقال الشيخ أحمد البديري الحلاق في تاريخه المخطوط بخزانتي في سنة ١١٦٣ﻫ ما نصه ببعض ألفاظه العامية:
وفي تلك الأيام أخذ الوزير أسعد باشا دار معاوية رحمه الله، وأخذ ما حولها من الخانات والدور والدكاكين وهدمهم، وشرع في عمارة داره السرايا المشهورة التي هي قبلي جامع الأموي، وجد واجتهد في عمارتها ليلًا ونهارًا، وقطع لها من جملة الخشب اثني عشر ألف خشبة، وذلك ما عدا الذي أرسلوه له أكابر البلد والأعيان من الأخشاب وغيرها، ورسم على حمامات البلد أن لا يُباع القصرمل١ لأحد، بل يُرسَل لعمارة السرايا، واشتغلت بها غالب معلمي البلاد ونجَّاريها وكذلك الدهَّانين، بل قلَّ أن يوجد معلم متقن أو نجار أو دهان كذلك إلا والجميع مشتغلون بها، وجلب لها البلاط من غالب بيوت المدينة أينما وجدوا بلاطًا أو رخامًا أو غير ذلك مثل عواميد وفساقي٢ يرسل فيقلعهم ويرسل القليل من ثمنهم. وكان في قرب بركة البرامكة قصر يُقال له الزهرانية، قيل هو من عمارة الملك الظاهر، وهو على ظهر بانياس مطل على المرجة، وكان منتزهًا عظيمًا تهدَّم غالبه، وفي قربه مدفن وعليه قبة من حجر ورأس القبة مقلوع وفيه وهدة … أخبروا حضرة الوزير أسعد باشا العظم صاحب العمارة عن هذه القبة وعن المدفن الذي بجنبها، وأن الأراذل الأشقياء يجتمعون عندها هناك ليلًا ونهارًا على فِسْق وفساد وغير ذلك، فأمر بهدمها حالًا ونقل حجارتها إلى داره.

وفي تلك الأيام بلغ الوزير أسعد باشا أن في وادي كيوان طاحونة قديمة يُقال لها طاحون الرهبان قد تهدَّمت، ولم يَبْقَ منها سوى رسوم أسفلها، وأنها مركَّبة على بانياس، فحالًا أمر حضرة الباشا بقطع نهر بانياس وأن يُخرِجوا جميع ما فيها من أعمدة وأحجار وينقلوهم إلى الدار، فاشتغلت الفَعَلَة والحجَّارة والبَسَاتِنَة، واستقاموا يقلعون الأحجار وينقلونها إلى دار الباشا اثني عشر يومًا والنهر مقطوع عن أصحابه.

وفي يوم الخميس سادس وعشرين ربيع الثاني من هذه السنة، عمل حسن أفندي السفرجلاني وليمة لحضرة أسعد باشا بالصالحية في قاعة ابن قرنق، وكانت ضيافة عظيمة قيل تكلف عليها نحو إحدى عشرة مائة غرش، فنظر حضرة الباشا إلى سرَوات شاهقات في داره، فطلب من صاحبهم علي آغا ابن قرنق قَطْعهم لأجل عمارة داره، وعرض الباشا عليه شيئًا من المال فأبى أن يأخذ شيئًا، وقطع له ثلاث سروات ليس لهم نظير في الشام ولا في غيرها، ونقل من قرية بصرى أحجارًا وأعمدة من الرخام شيئًا كثيرًا، وأخذ من مدرسة الملك الناصر التي في الصالحية أعمدة غلاظًا جيء بهم محمَّلين على عربات تُجَرُّ بالبقر، وهدم سوق الزنوطية التي فيها حارة العمارة، وكان كله أقبية معقودة فأمر بفكه ونقله إلى داره المشار إليها، ونقل إليها أيضًا أعمدة من جامع يلبغا. وإنه مهما سمع ببلاط بديع أو أعمدة أو أحجار من أي محل، كان يأتي بها شراءً وغير شراء.

قال المؤرخ: «وفي تلك الأيام قُتِل ابن خطاب الآلاتي في سوق البزورية وقت أذان العشاء، جاءه ضرب سلاح على رأسه فوقع قتيلًا كأنه ما كان، هذا ووزير الشام مشغول في عمارة داره ولم يلتفت إلى رعاياه وأنصاره، ويقول: ائتوني بحجارة المرمر والرخام والسرو، وتفنَّنوا بالبناء والنقوش والتحلية بالذهب والفضة وجلب عواميد الرخام على العجلات والبقر من بصرى، وخرب سوق مسجد القصب، واستجلب جميع ما فيه من أحجار وأخشاب، وكل ما سمع بقطعة أو تحفة من رخام أو قيشاني أو غيرها يرسل فيأتي بها إنْ رضي صاحبها أو أبى، وإذا أراد الفقير أن يعمِّر ويرمِّم لم يجد معماريًّا ولا نجَّارًا ولا خشبًا ولا مسمارًا ولا ترابًا ولا قصرملًّا ولا أحجارًا، وهذا مع غلاء الأسعار وحلول الأكدار. وقد أخذ حضرة الباشا قدرًا وافيًا من ماء القنوات، فما وصل إلى السرايا حتى تقطعت السبل ومياه غالب الجوامع والحمامات، وبقي مدة مقطوعًا حتى عن غالب البيوت.»

figure
ناحية من قصر أسعد باشا العظم في دمشق.
figure
ناحية ثانية من قصر أسعد باشا العظم في دمشق.
ومما ذكره البديري في حوادث سنة ١١٧١ﻫ ما نصه:
وفي تلك الأيام جاء الخبر بقَتْل أسعد باشا ابن العظم والي الشام سابقًا، وبعد أيام جاء قبجي من جهة الدولة بخَتْم سرايتِه وضَبْط مالِه وخَتْم بيوتِ جميعِ أتباعه وأعوانه، وضَبْط مالهم ورفعهم إلى القلعة، وازدادت الشدة وصارت أمور وأهوال في دمشق الشام ما وقعت في سالف الأزمان، ثم جاءت أتباع ابن العظم أسعد باشا، ودخل القبجي إلى السرايا فأخرج الدفائن العظيمة من سرايته، فإذا هي كالكنوز المودوعة فيها، فأخرجوا من الأرض ومن الحيطان والسقوف والأحواض حتى من الأدبتات٣ دراهم ودنانير وأمتعة نفيسة لا تقام بقيمة، ومجوهرات مما لا يعلمه إلا الله تعالى، والحكم لله العلي الكبير.
وذكر في محل آخَر:
وجاء سلحدار من قِبَل السلطان لتحصيل المال من سليمان باشا العظم، فأرسل خلف المعامرية٤ الذين عمروا السرايا وكانوا نصارى، وكان معلم نصراني يقال له ابن سياج، فأمر القبجي بتعذيبهم.
وذكر في تاريخ سنة ١١٦٦ﻫ:

وفي تلك الأيام من هذه السنة شرع حضرة أسعد باشا في عمارة القيسارية التي في البزورية التي عز نظيرها في الدنيا، وذلك بعد ما هدم قيساريتين ودور ودكاكين وجعلها قيسارية واحدة بهذه الصفة التي لا نظير لها.

وجاء في ذيل القرماني المخطوط عن نسخة نُقِلت من الخزانة السلطانية في القاهرة ما نصُّه:

وفي سنة ١١٦٣ بنى الوزير المرحوم — أيْ أسعد باشا ابن إسماعيل باشا — دارًا عظيمة في قرب جامع بني أمية لصيق محلة الدهبنياتية في سوق العطارين البزورية، وأنفق عليها جملة أموال عظيمة حتى قيل جملة ما أنفق أربعمائة كيس، داخل كل كيس خمسمائة قرش، وهذه كرى العمال، وأما الخشب والبلاط والتراب وغيره فكله من رزقه ومن بساتينه.

وقيل إن داخل الدار أماكن عديدة، كل واحدة لا تشبه الأخرى، وجميعهم بماء الفضة والذهب واللازورد والبلاط الرخام العظيم، وحاصل الأمر نقلوا عن مَن رأى وساح في البلاد أن ليس مثلها في ملك بني عثمان حتى ولا سراية الملك المعظَّم، وتمَّ العمَّال٥ يشتغلوا في دار الحريم سنتين وما تَمَّ، وعدد العمَّال من غير ضبط فوق الثمانمائة، والله أعلم.
وقال في محل آخَر من هذا الذيل:

ومن جملة ما عمَّر (أسعد باشا) جسر الكسوة من الرأس إلى الرأس، وعرضه سنة ١١٦٥، وأرسل إلى الدولة رفع الذخيرة الصغيرة عن البلاد، وهذه تبلغ مقدار خمسة عشر كيس، ثم تولَّى بعده محمد باشا الراغب. ا.ﻫ.

يقول كاتب هذه المقالة: وعلى الجملة، فإن القصر العَظْمي بديع الهندسة، جميل الغرف، رفيع البنيان، طبقات ترى النقوش في جدرانها الخارجية والداخلية، وفيها الحمامات والحدائق والحياض والبخيريات (المداخن) وأنابيب المياه موزَّعة بطرق فنية، وفيها الفوَّارات والشلَّالات في داخل الغرف بهندام يأخذ بمجامع الأبصار، وهناك أنواع الفسيفساء والنقوش والتخريم كلها تمثِّل أشكالًا هندسية ونقوشًا عربية وأشجارًا وحيوانات، حتى لا تكاد تجد غرفة تشبه الأخرى بشيء من نقوشها أو هندستها أو أصباغها، وقد بُذِلت العناية بالتذهيب حتى حُفِظت ألوانه مشرِقةً، وكذلك الرصف بالبلاط والقيشاني وفصوص الحجارة الملونة والأعمدة اللطيفة ذات الألوان المختلفة. وعلى الجملة، فهذا القصر هو آية البناء الشرقي ومنتهى ما ولَّده تفنُّن الدمشقيين في ذلك القرن بصناعتهم البنائية والنقشية وما يتعلَّق بهما، وإذا جُمِع ما كُتِب بالذهب على جدرانه وسقوفه من الآيات والحكم والأشعار ملأ كتابًا، فهو أشبه بمتحفة صناعية منه بقصر، ولقد وصفه كثير من الشعراء، ومعظم أقوالهم نُقِش بخطٍّ جميل على القاعات جدرانًا وسموكًا، وممَّا وقفتُ عليه من ذلك أخيرًا قَوْل السيد أحمد البربير (الذي جمعتُ ديوانه المخطوط النفيس)، يمدح محمد بك ابن علي بك ابن محمد باشا العظم في داره بدمشق من قصيدة:

يا دارَ أسْعَدَ باشا
لكِ النعيم المخلَّدْ
بطلعة ابن عليٍّ
أبي السعود محمَّدْ
يا سيدي عِشْ سعيدًا
فإنَّ جدَّكَ أسْعَدْ

وهذا القصر الفخم هو من دور معاوية الأموي، ويرجَّح أنه من أصل قصر الخضراء الذي كان دار الخلفاء الأمويين، وله بقية الآن قُرْب القصر العَظْمي تُسمَّى «مصبغة الخضراء» إلى جنوبي الجامع الأموي.

وصف هذا القصر لشاهد عياني

وقفتُ منذ ثلاث سنوات عند صديقي الوجيه محمد خليل بك العظم في دمشق على رسالة وضعها في وصف القصر العظمي قبل خرابه وإهماله منذ سنين، واسمها «الدرر البهية بوصف السراية الأسعدية»، فنقلتها وهذه هي بنصها مع بعض حواشٍ واستدراكات علَّقْتُها عليها تتمةً للفائدة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي علَّم الإنسان ما لم يعلم، وفضَّله على سائر المخلوقات بما عليه أنعم، ومن نِعَمه ذلك العقل اللطيف العزيز، الذي هو أفضل وأبهى من الذهب الإبريز، فأتقن به كل فنٍّ عجيب جميل، وذلك من مواهب الملك الجليل، يرزقه لمَن يشاء وهو ذو الفضل العظيم.

وأُصَلِّي وأسلِّمُ على صاحب الشرف والوسيلة، سيدنا محمد المتخلق بأحسن الأخلاق الجميلة ، وزاده فضلًا وكرَّم، وعلى آلِهِ، وكل ناسج على منواله.

وبعدُ، فقد طلَبَ مني بعض الإخوان، وهو من أجَلِّ الأحباب الكرام، أن أصف له هيئة دارنا التي في الشام، وما بها من لطائف المصنوع، وغرائب ما بها من الدقة موضوع، وهي موقعها قبلي جامع بني أمية الشهير، وتنتسب لمشيدها الشهير بابن العَظْم أسعد باشا الوزير، في محلة البزورية، فشرعت بجميع وصف تلك الدار السنية، وسميته «الدرر البهية بوصف السراية الأسعدية» فأقول: ابتدَأَ أسعد باشا بعمارة داره في سنة ١١٦٠، فأتمَّهَا في سنة ١١٦٣ حكم تواريخها حين انتهائها، فابتدأ بحفر أساسها فحفر الأساس وبناها بالحجر الغشيم٦ والكدَّان٧ قيمة أربعين ذراعًا ارتفاعًا، وعرضًا ذراعين ونصف، أوسط البناء حجر غشيم وظاهره، وأما باطنه لوجه الدار حجر نظيف مَزَّيٌّ٨ أبيض وأحمر وأسود، فبنى جميع جدارها كما وصفنا، وبنى جدارًا آخَر متَّصِلًا بجدار الباب حاجزًا ما بين الدخول من الباب، وهوا دهليز٩ عن أرض الدار، وعلو ارتفاعه كالجدران الأولى، وبنى فوقهما قصورًا على باب الدار يأتي وصفهم، فيدخل من باب الدار إلى دهليز مستطيل شرقي طوله خمسة وعشرون ذراعًا، وعرضه سبعة أذرع، ثم يلف١٠ لدهليز آخَر قبلي بقدر الأول طوله وعرضه، ينتهي إلى فسحة تجاه الدار، فيدخل إلى الدار من تلك الفسحة لباب دهليز شمالي صغير طوله ثلاثة أذرع وعرضه كذا لباب أيضًا، وطول دهليزه وعرضه كالأول لباب كذا يدخل منه لدهليز مستطيل ثم لأرض الدار.
ثم أخذ من أصل الدار ما ينوف على مساحة مائة وثلاثين ذراعًا طولًا، وعرضًا مائة ذراع فسحة للدار، وبنى بها من القاعات ثلاثة: إحداها قبلية وهي (القاعة الأولى)،١١ أعظم بناء في الدار وألطف وأفخر، فأخذ مساحتها طولًا وعرضًا ستمائة ذراع، وبنى أساسها كأساس الدار وارتفاعه وعرضًا قيمة ذراعين، ومن أعلى الأرض ارتفاعها قيمة خمسة وثلاثين ذراعًا، وبنى ظاهرها بالحجر المزي والأبيض والأسود، وواجهة للدار أكثره من الحجر النافر١٢ متقَن الصناعة، وبالداخل حجر مرمر ورخام، وجعل لها ثلاثة أواوين؛ واحد صدراني١٣ واثنان متقابلان، وكل إيوان جعل فيه تسعة شبابيك، فالإيوانان المتقابلان لبعضهما نقشهما سواء وسائر أحجارهما منقوش منزَّل به ذهب، وبه أيضًا من الذهب النافر والعروق والمشجَّرات من الأحجار المحفورة بحائطهما المنزلة بماء الذهب ما أتقن صناعته، وجعل فوق كل شباك قمرية١٤ من أبدع ما يكون بلور ومنقوشة بماء الذهب والدهان والكتابة الجميلة، وكلٌّ من القماري الذي فوق الشبابيك الصدارة١٥ من الإيوانين مكتوبٌ به في الوسط «هو الخلَّاق الباقي» في ماء الذهب، وهي مستديرة كالدائرة، والذي بجوانبها مستطيلين مكتوب على كلٍّ منهما «محمد رسول الله» في ماء الذهب، كل من الإيوانين المتقابلين، وعلى دائرهما فوق الحجر المنقوش حلقة من الخشب المتقن الصناعة والدهان، ومكتوب بها في ماء الذهب «أحاديث رسول الله ».
وأما الإيوان الصدراني فجعله مثلهم في العمارة، بل زاد به في صدره سلسبيل ماء ينزل منه الماء، وجعل ذلك السلسبيل من الأحجار القيشاني على عمودَيْ مرمر، وأبدع في نقش أحجاره من الذهب النافر المنزَّل،١٦ وجعل به أيضًا تسعة شبابيك، على كل شباك قمرية أيضًا بلور منقوشة في ماء الذهب، القمرية الصدرانية من الإيوان مستديرة مكتوب بها «كلما دخل عليها زكريا المحراب»،١٧ وبجانبها الأيمن والأيسر قمريتان مستطيلتان، فباليمنى «يا حافظ يا معين»، وبجانبها الأيسر «يا حنَّان يا منَّان»، وبالجنب الغربي من الإيوان المذكور بالقمرية الوسطى «لا إله إلا الله نصرٌ من الله وفتح قريب»، وبجوانبها «يا حي يا قيوم»، «يا مجيب الدعوات»، وبالجنب الشرقي «يا قاضي الحاجات، لا إله إلا الله في كل وقت وحين، لا إله إلا الله حتى ترث الأرض ومَن عليها وأنت خير الوارثين»، وكل تلك الكتابة على هاتيك القماري بماء الذهب مع النقش من العروق والمشجَّرات من جميع الأدهان العجيبة، ومنقوش على حلقة ذلك الإيوان الخشب١٨ تاريخ انتهاء عمارتها بأبيات في مدح صاحب الدار، وهي بماء الذهب وإتقان صنعة الخط الجميل:
قاعة أشرقَتْ بشمسِ الصدارَهْ
وبها السعدُ مُعلَنٌ بالبشارَهْ
وبأغصانِ دوحها كلَّ وقتٍ
ينطق الصفوُ بالسرورِ هزارَهْ
وبأبراجِها مطالعُ سعدٍ
تنتحيها الكواكبُ السيارَهْ
قد بناها الوزيرُ (أسعدُ) مَنْ قَدْ
أطَّدَ١٩ الله في المعالي فخارَهْ
الهمام الشهم المفيد المفدَّى
مَن غدا الحمدُ والثناءُ شعارَهْ
آصفُ الوقت من حوى حسن رأي
لم تكن تلحق العقولُ غبارَهْ
من خفوقِ الرياحِ فَاحَ ثناهُ
والعطايا مِن جودِه مستعارَهْ
جاء تاريخها ببيتٍ فريدٍ
هو كالدرِّ أبرزَتْهُ محارَهْ
يا لها قاعدة يلوح لديها
كلَّ يومٍ بهاءُ عزِّ الوزارَهْ
١١٦٣
وجعل داخلها خزنة٢٠ متسعة، وجعل بابها من أحد الشبابيك التسعة الموجودة في ذلك الإيوان، وجعل بها عتبة لا تكاد تُوصف بما فيها من الصناعة المفتخرة الجميلة، وهي قد جعل كل شعيرة٢١ إيوان؛ أيْ من طرف نزول الإيوان إلى القبة بأحجاره المرمر والمزِّي والرخام والأحجار المشكلة الصغيرة القدر، ووضع بأرض القبة أربعة أحجار مقابل بعضها بعضًا لا يكاد يُوصف حسنها، وليس لها مثال في شامنا سوى أربعة أحجار صغار في الجامع الأموي، وما بين تلك الحجارة الأربعة حجارة ملوَّنة مقطَّعة صغار وكبار، الصغيرة منها لا تبلغ الزر محكمة الصناعة والإتقان، وبين تلك الحجارة الأربعة التي مساحة كل منها طولًا ذراعان ونصف وعرضًا ذراع ونصف، بحرة٢٢ صغيرة مستديرة عبارة عن ثمانية أذرع، استدارتها مركَّبة على أربعة وعشرين حجرًا، منحوتة مركبة ملتصق بعضها ببعض لا يدخل بينها مشكٌّ٢٣ إبرة كأنهما حجر واحد، وكل حجرين منهما متشابهان متقابلان، والأربعة وعشرون حجرًا مثقوبة يخرج منها الماء بشدة، وكل ثقب يخرج منه الماء بسبع من النحاس المطلِيِّ بالفضة والذهب، وكل من جميع الأحجار كل شكل يلائم شكله، ثم أوسط البحرة كاس من الرخام الأبيض مخرَّم تخاريم لطيفة ومنقوش نقشًا جميلًا، يخرج أيضًا منه الماء من مواضع متعددة ما ينوف على خمسين محلًّا بشدة، يخرج الماء ويعلو قيمة ذراعين، وأبواب الشبابيك التي في القبة بجوانب باب القاعة والباب أيضًا مرصَّعة بفصوص الصدف، ومقابل الشبابيك أيضًا شبابيك الإيوان الصدراني، الصدارة أبوابها أيضًا مرصَّعة بفصوص الصدف، وعلى الباب من الداخل أحجار مقطعة صغيرة منقوشة لا تكاد تُوصَف منزَّلة بماء الذهب، وعلى الباب قمريتان ملتصقتان بلورهما منقوش بماء الذهب، وبها مشجَّرات وما أشبه ذلك من السرو والنخل بماء الذهب، وتلك القمريتان بينهما عمودان من رخام ملتفان بعضهما على بعض، وبينهما نازل بصورة حية أيضًا من الرخام النافر.
وكل من الأواوين والقبة بسقف له طوان٢٤ من الخشب المتقن الصناعة الذي في زماننا الحاضر لا يمكن عمل مثله، أكبر قطعة من الطوان من الخشب لا تبلغ نصف ذراع طولًا وربع عرضًا، منزَّل في بعضه مدهن بالدهانات اللطيفة ومنقوش بماء الذهب، وخارج الباب على قدر الباب برواز٢٥ من الحجر المزِّي والمرمر المنزَّل بماء الذهب المرصَّع بفصوص الصدف، وعلى باب القاعة من الخارج مكتوب أيضًا تاريخ على الحجر النافر بماء الذهب، وهو:
بسم الله الرحمن الرحيم، سلام عليكم، طبتم فادخلوها خالدين
باسم٢٦ الله حلَّ بها التهاني
وحمد الله من حُسْن البضاعَهْ
وبالتوفيق والإتقان شيدَتْ
كنورٍ نيِّرٍ أبَدَا٢٧ شعاعَهْ
لها الأقدارُ فاهت في علاها
بتاريخٍ أتى فرد الصناعَهْ
أمير الحاج أسعد في كمالٍ
حبَاهُ اللهُ بالإكرامِ قاعَهْ
١١٦٣
ولها فسحة تجاه الباب بمقدار خمس أذرع طولًا وذراعين ونصف عرضًا، ومن كل ناحية من تلك الفسحة درج إلى أرض الدار مقدار سبعة درجات بالحجر الأسود النظيف، وعلى طرف الدرجين إلى الدار والفسحة درابزين حديد إلى أسفل الدرج، وبقدر الدرجين والفسحة التي تجاه القاعة دكة مرتفعة عن أرض الدار قيمة ذراع مربع، والدرابزين الحديد محتاط بها، وهي جميعها مرخَّمة٢٨ بأنواع الحجارة الجميلة، وبصدر تلك الدكة بأسفل الفسحة التي تجاه القاعة مناصف الدكة٢٩ سلسبيل ينزل منه الماء من ماء البحرة التي بالقاعة، فينزل الماء من السلسبيل بساقية بنصف الدكة، وتلك الساقية مقدار قيراطين، عمقها وعرضها ثلث الذراع، مفروشة بأنواع الرخام الصغير القدر فينزل الماء لرأس الدكة بتلك الساقية، وبرأس الدكة إلى جانب أرض الدار بوسط الدكة المذكورة فسقيَّة٣٠ جميلة المنظر حجرًا واحدًا يخرج منها الماء، ويدور بتلك الفسقية دورات ليصل لخارج الفسقية، فيجتمع ماء الفسقية وماء السلسبيل فيصبَّان في سلسبيل ثانٍ لمساحة أرض الدار لتصريف الماء، وتلك القاعة جعل تحتها فاضي٣١ قبو على قدر جميعها.
(والقاعة الثانية) جعلها شمالية، فأخذ مساحتها قيمة مائة وستين ذراعًا، فأسسها كالأولى وطلع في ارتفاعها عن الأرض قيمة عشرين ذراعًا، وجُعِل بها إيوان واحد وتسعة شبابيك فأبدَعَ صَنَعَةُ ذلك الإيوان جعل دائره حلقة من الخشب، ودهن ذلك الخشب بالدهان العجيب والنقش بماء الذهب، وجُعِل لسقفه طوان مِن أبدع ما يكون من الصناعة المتقدم شرحها في طوانات (القاعة الأولى)، وكله منزَّل بماء الذهب، وعلى دائر الطوان مكتوب بماء الذهب مدح بحق رسول الله وبعض من البُرْدة٣٢ والهمزية،٣٣ وبأعلى الحلقة أبيات هي:
حَمْدًا لمَن منَحَ الإحسانَ والجودَا
وخلَّدَتْ شُكْرَه النعماءُ تخلِيدَا
وأوسَعَ الخلق أفضالًا وكانَ بِهِ
مستوجِبًا منهم شُكْرًا وتحمِيدَا
ووفَّقَ البطل الكرَّار أَسْعد مَنْ
أولاهُ مَوْلى الورى صَبْرًا وتأيِيدَا
أمير حجَّاجِ بيتِ اللهِ مَنْ فتحَتْ
راياتُه لهم ما كان مسدُودَا
صدرُ الصدور الذي دَانَ الزمانُ لَهُ
وبدَّد البغيَ والعدوانَ تبدِيدَا
عهْدُ الوزارةِ لم ينجِبْ بأكرمَ من
ذا الصدرِ إذْ كانَ بالأسعارِ موعُودَا
كَمْ فرَّقت عَزَمات منه ماضِيةً
كَتائِبًا وجُيوشًا تمْلَأُ البيدَا
فقَدْ أجَدَّ بناءَ المكرمات بِمَا
يفيد ذكرًا مدَى الأيامِ محمُودَا
وشادَ باليُمْنِ أسْنَى قاعة شرُفَتْ
حتى غدَتْ منهَلًا للجودِ مورُودَا
بلابل السَّعْدِ في أغْصَانِ دوحَتِها
تقري المَسَامِع بالأفْرَاحِ تغرِيدَا
فمَا الخوَرْنق في إبداعِ صنْعَتِه
يحكي لها رونقًا حُسْنًا وتشيِيدَا
كأنَّمَا النقشُ يبدُو في جوانِبِها
كواكبٌ نُضِّدَتْ في الأفقِ تَنْضِيدَا
قد حصَّنَتْها المثانِي والكتابُ فإنْ
طرفُ الحسُودِ رآهَا عادَ مردُودَا
يحفُّها الغيثُ والأزهارُ يانعةٌ
فيشهد الطرف للسرَّاءِ تجدِيدَا
ومذ بأكمالها مَنَّ الإلهُ أَتَى
بيت بتاريخه كالدرِّ منضُودَا
للهِ قاعةُ مجدٍ لم يَزَلْ أبدًا
يزهُو عليها لواءُ المجدِ ممدُودَا٣٤

وجعل أيضًا بها عتبة واسعة بمقدار ثمانين ذراعًا، وجعل للإيوان شعيرة كشعائر القاعة الأولى منزَّلة جميعها بفصوص الحجارة الصغيرة المرمر والمزِّي والصدف، وأرضها كذلك، وعلى دائرها للجهة القبلية الباب وشباكان، وللجهتين الشرقية والشمالية ستة مصبَّات منقوشة بتلك الأحجار الجميلة، وبالارتفاع للطوان منقوش نقش بماء الذهب يحتار به العقل، وبأوسط تلك العتبة بحرة ماء بأربعة أثقاب يخرج منها الماء بسباع من النحاس المطلية بشدة، وأحجارها جميعها من القطع الصغيرة المنحوتة المركبة المحكمة الصناعة والإتقان، وبابها بمصراعَيْن من الخشب المعتبر المنزَّل بفصوص الصدف.

(والقاعة الثالثة) جعلها شرقية، فأخذ مساحتها ثلاثمائة ذراع وأسَّسها كالأولى، وطلع في ارتفاعها عن الأرض قيمة عشرين ذراعًا، وجعل بها ثلاثة أواوين على دوائرها شبابيك ودواليب، وجعل لأسقفها٣٥ طوانات من الخام الملبَّس بالجبصين والمنقوش بماء الذهب النقش الجميل، ولها عتبة جميلة بأحجار مرخَّمة، وفي أوسط القبة بحرة أيضًا بأربعة أثقاب يخرج منها الماء كالقاعة الثانية، وأحجارها بالرخام المحكمة الصنعة. وفي أحد الأواوين باب يُدخَل به إلى خزانة متسعة، وفي تلك الخزانة درج من الخشب يطلع منه إلى ثلاث فرنكات٣٦ صغار لأجل الشتاء، فيها مركبات بظهر تلك الخزانة.
«وجعل في فسحة الدار جنينتين» (إحداهما) بنصف الدار أخذ مساحتها من أصل مساحة الدار، قيمة ثلاثين ذراعًا طولًا وعرضًا عشرون، وجعل في أوسطها ثلاث مساطب كبار، مساحة كل واحدة ثلاثون ذراعًا طولًا وعرضًا، ملتصقتان بعضهما ببعض، شرقية وشمالية وغربية، ولجهة القبلة اثنتين صغار مساحة كل واحدة ستة أذرع طولًا، وعرض واحدة ملتصقة بالشرقية والأخرى بالغربية، وبينهما استطراق إلى خارج الجنينة، وتلك المساطب جميعها من الحجر المزي الأبيض والأحمر والأسود والرخام الملوَّن، وبدائرها درابزين٣٧ صغار من الخشب المدهون، ولهما عتبة بأسفلهما محتاطين بها، وهي من الحجر المزي الأبيض والأسود والأحمر والرخام الملون، وفي وسط تلك العتبة فسقية ماء من الرخام النافر المخرَّم، وتمثالها كالقبة مرتفعة قيمة ثلاثة أذرع، ويخرج الماء من جوانبها كلها ما ينيف عن ثلاثمائة ثقب يخرج منها الماء، والاستطراق لخارج الجنينة أيضًا من الحجر المزي، ودائر تلك المساطب تلك الجنينة بالزرايع٣٨ المفتخرة والمشجَّرات والورود والزهور، وعلى دائر الجنينة درابزين خشب مدهنة، ومركب على تلك القبة صقالة٣٩ على ستة عواميد من الخشب على المساطب مرتفعة، وفي وسط تلك الصقالة قبة من الخشب المتقن الصناعة مرتفعة فوق القبة إلى الفسقية، فيخرج الماء من ثقب في وسط تلك الفسقية بشدة ليصل إلى قبة الصقالة، وبينهما قيمة ستة أذرع، وفوق تلك الصقالة مغرس من أصناف الزرايع من ياسمين بلدي وعراتيلي٤٠ وعنبر وفل، ومن الزرايع المنعشة الرائحة الجميلة المنظر.

(والجنينة الثانية) أخذ مساحتها قيمة مائتي ذراع من فسحة الدار المذكورة، وجعل فيها من الزرايع المعتبرة أيضًا والمشجرات المفتخرة كالأولى، وبدوايرها الدرابزين المدهون، وتلك الجنينتان جعلهما في أرض الدار عدا خمسة عشر موضعًا فيها الزرايع والأشجار، وقيمة مساحتهما من أصل أرض الدار، (فالجنينة الأولى) وهي الكبيرة في نصف الدار، و(الثانية) في الجهة الغربية من الدار بجانب الباب الذي يُدخَل به من باب الدار.

وجعل في أرض الدار أيضًا بحرتين: إحداهما شرقية والثانية غربية، (فالشرقية) شرقي الجنينة الأولى، ومساحتها من أصل مساحة أرض الدار وقدرها طولًا عشرون ذراعًا، وعرضًا عشرة أذرع، وارتفاعًا من أرض البحرة إلى أعلى الكتف ذراعين ونصف، ومن جهة الدار للكتف ذراع وربع، وجعل لها سَبْعَيْنِ٤١ كبيرين يخرج منهما الماء بشدة، وفي وسطها كاس كبير يخرج أيضًا منه الماء. و(البحرة الثانية) غربي تلك الجنينة الأولى وشرقي الثانية متوسطتان بين الجنينتين، وهي مستديرة كالدائرة، ومساحتها قيمة خمسة وثلاثين ذراعًا تجاه القاعة الكبرى، وجعل القاعة المذكورة كما ذكرنا قبلية غرب الدار، وجعل نظير بنائها إلى الشرق للقبلة إيوانًا، وذلك الإيوان متقن الصناعة مساحته قيمة مائة وعشرين ذراعًا عرضًا وطولًا، وارتفاعًا خمسة وعشرون ذراعًا، وجعل طوانه من الخشب المار ذكره، وقوسه بديع الصناعة باتساعه ونقشه بماء الذهب والدهان العجيب، وللإيوان شعيرة مفتخرة بالأحجار المرخَّمة، وبأسفله عتبة داخلة القوس طولها ذراعان وعرضها عرض الإيوان اثنتا عشر ذراع مرخمة بالرخام الجميل، وبمؤخر القبة لكلٍّ من الجهة الشرقية والغربية أُوَض٤٢ على كتف ذلك الإيوان، والأوض أيضًا داخلين القوس المذكور، وتلك الأوض متقنة الصناعة ولها شبابيك على الإيوان المذكور، والبعض على أرض الدار وبظهرها مركب قصران عجيبان، وأسقف تلك القصور ممدَّة بسقف ذلك الإيوان، وكلٌّ من القصور متقن الصناعة، بل إنما القصر الغربي إنما هو أتقن صناعةً وأجمل بنيانًا، اتساعه مائة ذراع مساحة، جعل دائره حلقة من الخشب المدهن الدهان الجميل المنقوشة بماء الذهب، وشبابيكه مطلة على أرض الدار، وطوانه من أجمل الصناعات المار ذكرها، وللحائط الغربي كشبه المدخنة، وصنعتها تبهر العقل لعظم ما فيها من اللطافة وحسن الصنعة، وهي جميعها من الأحجار الصغيرة المرمرية والرخام الأبيض والأسود والأحمر، ومنزَّل بفصوص الصدف النافر المنزَّل بماء الذهب، وعلى دائرة القصر مكتوب بماء الذهب هذه الأبيات:
يا منزلَ البشرَى ومغنى التَّهَانِي
ما رَاك٤٣ طَرْف البشر طلق العنانِ
يا معقلًا طالَ سديرًا علًا
وما بنى يمنك٤٤ أنوشروان
قصرٌ غدَا يقصرُ عنْ وَصْفِه
كلُّ فصيحِ القَوْل طَلْقِ اللِّسَانِ
نَادٍ رَحيبٍ شِيدَ بُنيانُه
بزخرفٍ مِن عبقريِّ الجنَانِ
جهاتُه السِّتَةُ طول المَدَى
مكلوءَة بالسَّبْع سَبْع المثانِي
محبَّر يجلُو لأبصارِنا
من كلِّ ضد ورد دهان٤٥
قد زِيدَ بالوشي زادَهَا كما
قد زِيدَ بالوَشْم زادها الحسان٤٦
لما حكى روض المنى وشيُهُ
غدَتْ قطوفُ الأنسِ فيه دوانِي
لمثله يصلحُ أنْ يعقدُوا
خناصِر الإعجابِ طولَ الزَّمَانِ
إنِّي وبانيه الذي قَدْ حرى
مكارمًا أعرب عنها اللسان٤٧
أَسْعد الزاكِي السَّجَايَا ومَنْ
أصبَحَ والمَجْد عقيد٤٨ رهان
وزيرٌ٤٩ رحيب الصَّدْرِ ذُو همةٍ
سمَتْ به عَنْ كلِّ قاصٍ ودانِ
وفيه عتبة جميلة المنظر، وهي جميعها من الحجر القيشاني المعتبر، وخزانة داخلية متسعة، وبين بناء ذلك الإيوان وأوض القصورة٥٠ وبين القاعة الكبيرة فسحة متسعة طولًا وعرضًا مائة وعشرون ذراعًا من أصل مساحة أرض الدار، وهي دكة عالية عن أرض الدار بذراع ومحلها مزروعات وأشجار، وغربي تلك الدكة لجانب القاعة استطراق بعرض ذراعين ذراعين وربع، وشرقي تلك الدكة للإيوان أيضًا استطراق ذراعين وربع، وتلك الدكة متوسطة ما بين القاعة والإيوان والحاجز بينهما الاستطراقات المذكورة، فالاستطراق الغربي الذي بجانب القاعة على طول تلك الدكة بمقدار عشرة أذرع، يُدخَل منه إلى باب من الحديد إلى بستان متسع قيمة مساحته ألف وخمسمائة ذراع، فيه من الفواكه اليانعة ومن الأزهار والأشجار ودوالي العنب ما يحير، وبه طالعان٥١ للماء يسقيان كافة الدار جميعها، (أحدهما) كبير وسعة ثقبه لو أُنزل به بطيخة خضراء وافية بالكبر لنزلت بكل سهولة، و(الثاني) صغير يجري منهما الماء إلى جميع المحلات اللازمة من الدار ويسقي ذلك البستان، والجنينة الكبرى تشرب من البحرة الكبرى التي تجاه الإيوان الكبير، والجنينة الصغرى تشرب من البحرة المستديرة التي تجاه القاعة الكبرى بقساطل تحت الأرض، وذلك البستان بعضه بقف القاعة الكبرى وشبابيك الإيوان الصدراني مع الخزانة جميعها تطل على ذلك البستان، وبعضه بجانب الدكة المذكورة أعلاه التي بجانب القاعة، والإيوان على عرضها، والاستطراق الشرقي الذي بجانب الإيوان يُدخَل به إلى براني٥٢ حمام بصدر ذلك البراني إيوان محكم الصناعة، وله شبابيك غربية وقبلية تطل على ذلك البستان المار ذكره.
وللإيوان عتبة واسعة بأوسط تلك القبة بحرة مستديرة صغيرة بمساحة عشرة أذرع، استدارتها بأربعة أثقاب يخرج الماء منها، وتلك البحرة مع القبة جميعها من الحجر الرخام الملون، وللعتبة قبة مرتفعة كقبب الحماميم، وبتلك العتبة إلى الشرق بجانب الإيوان باب يُدخَل منه إلى الحمام،٥٣ وذلك الحمام جعله بديع الصنعة، جعل بأوسط الحمام دكة جميلة منزَّلة بالأحجار المعتبرة، وبوسط صدر تلك البركة سلسبيل ينزل منه الماء إلى فسقية بأول تلك الدكة، يخرج منها الماء أيضًا من أثقاب متعددة، ويجتمع بماء السلسبيل ويصبَّان في سلسبيل أيضًا لتصريف الماء، وجعل في ذلك الحمام ثلاث مقاصير وأربعة أجران بدون مقاصير، وفيه ثلاثة أجران تحير العقول بما فيها من الصناعة الجميلة، ولم يُرَ مثلها، وحجرها من أبدع الأحجار المرمرية، بعضها محفور ومنزَّل به ماء الذهب من عروق وأشجار وما أشبه ذلك، والبعض منقوش نافر من العروق والمشجرات اللطيفة، وبإحدى المقاصير مغطس جميل، وبتلك المقصورة جرن سادة٥٤ ليس منقوشًا، من أبدع ما يكون من الأحجار التي ليس موجود شبيهًا لها بالرقة رقيق كثيرًا بحيث لو أصابه أحد بيده يسمع له رنة كرنين الصيني، وتلك المقصورة حائطها بجانب ضريح سيدنا معاوية٥٥ الأموي الصحابي رضي الله عنه. وجعل تجاه القاعة الكبرى إلى الشمال (ديوان خانه)٥٦ بخمسة أقواس من الحجر المنقوش البديع على أربعة أعمدة، اثنين مزي واثنين رخام أبيض، وجعل على جوانب ذلك الديوانخانة دكتين متسعتين متقابلتين إحداهما شرقية والأخرى غربية، وعلى دائرهما إلى أرض الدار درابزين من الخشب المدهون وأرضهما مفروشة بالأحجار المرخمة المنوَّعة، وفي كلٍّ منهما فسقية كبيرة مستديرة بثلاث طبقات بعضها فوق بعض.

(فالطبقة الأولى) مساحتها بالاستدارة سبعة أذرع، و(الثانية) خمسة أذرع، و(الثالثة) ثلاثة أذرع، وكلٌّ منها له أثقاب عديدة يخرج منها الماء بشدة، وينزل إلى أوسط تلك الدكة سلسبيل صغير ينزل به الماء، وما بين الدكتين عتبة للديوانخانة منزَّلة بأصناف الحجارة الجميلة، وفي أوسط القبة بحرة لطيفة يخرج الماء منها من أثقاب متعددة، وفي صدر ذلك الديوانخانة ثلاثة أبواب لثلاث أوض، بعضها بجانب بعض في داخل ذلك الديوانخانة، وتلك الأوض متقنة الصناعة من نقش ودهان وخلافه، وتجاه الإيوان القاعة، وجعل في باقي الدار من الغرف خمسة وعشرون أوضة، وكلٌّ منها مساحتها قيمة أربعة وستين ذراعًا، وكلٌّ منها متقن الصناعة كما ذكرنا من النقش العجيب والدهان اللطيف، وفي كلٍّ منها من الحلقات الخشب دائرها المنقوش بماء الذهب والدهان البديع مع إتقان أسقفها، ولكل أوضة منها خزانة وعتبة من الرخام البديع، ومصب من حجر القيشاني المعتبر، وعلى دوائرها من المدح في حق صاحب الرسالة من الهمزية والبردة مكتوب بماء الذهب، والبعض أحاديث نبوية وآيات قرآنية، وبصدر الدار أوضة من جملة الأوض التي كانت معدَّة لباني الدار، وهي أعظم وأجمل وأتقن صناعةً من كافَّة الأوض، متقونة الصناعة والكتابة، مكتوب أيضًا على دائرها بماء الذهب تاريخ بمدح صاحب الدار وهو:

بيت التهاني باسِمٌ مستنيرْ
بُنِي بتوفيق المعينِ القديرْ
شمس المعالي وسط أفلاكِه
مشرِقة ما إن لها من نظيرْ
والسَّعدُ فيه لم يَزَلْ قائمًا
في موسم الأفراح فوق السريرْ
يخدِمُه المجدُ ويأوِي إلى
أبوابه والعزُّ فهو السميرْ
يا أَسْعَد الحظ ويا مَنْ له
في ذروة الفخر مقامٌ كبيرْ
ساعدَكَ الرحمنُ ربُّ العُلَا
ودُمْتَ محروسَ الجنابِ الخطيرْ
في دولةٍ محفوظةٍ سرمدًا
بحِفْظِ آياتِ الكتابِ المنيرْ
عمَّرتَ بالتقوى ديارَ الهنا
ومأمن اللاجي ومَن يستجيرْ
ونلْتَ كلَّ الخير من ربِّنَا
لمَّا له أخلص منكِ الضميرْ
بشراك نيل القصدِ يا ذا العُلَا
فالله كافيك ونِعْمَ النصيرْ
يا نفحة المندل من ذكره
شرقًا وغربًا طابَ منك العبيرْ
ووارد الإلهام لمَّا أَتَى
وفاضَ بحر الجود ذاكَ الغزيرْ
أشار بالمدح عقيب الثنا
وجاء فيه بيت شعر يشيرْ
بأنك الآمِن في سربِهِ
ما أعْلَنَ الداعي وحيَّا البشيرْ
يا جملة الناس قِفُوا وانْظُرُوا
محاسنًا جلبت بناها الأميرْ
بيت أتى تاريخه للمنا٥٧
شيَّده أسْعَدُ باشا الوزيرْ
١١٦٣
وجعل فيه (دائرة أيضًا للطبخ)، فيها بحرة واسعة ومطبخان للطبخ وعشرة أقبوة، شيء منها للحطب وشيء للفحم وشيء للمونة وما أشبه ذلك، وجعل فيه خمسة سلالم من الحجر ما ينوف عن أربعة وأربعين درجة إلى أعلاه، وجعل في أعلاه دوائر عبارة عن ثلاثين محلًّا، وكلٌّ منها عمارتها وإبداع صنعتها كالأوض الصغار، ومساحة كل منها عشر بعشر، وأبدع من ذلك جعل في الأعلى على ظهر الديوانخانة٥٨ أيضًا ديوانخانة مثلها، كما مشروحة بخمسة أقراص من المنقوش البديع على أربعة عواميد من الرخام مثل السفلى، ودكتين متقابلتين وعتبة، وكلها مفروشة بالحجر الرخام المرمري، وبصدرها ثلاثة دوائر كالأسفل، وجعل في الوجه الغربي من الأعلى أيضًا ديوانخانة، ولكنها من الخشب البديع الصناعة، وفي صدرها قصر متسع، وبجوانب ذلك القصر من القبلة والشمال يخرج بدرجين متقابلين بعضهما لبعض يلتقيان بديوانخانة بأعلى السفلى المذكورة، وفي صدرها قصرين مركبين على باب الدار وارتفاعهما من وجه الأرض بجانب باب الدار إلى أعلاها قيمة خمسة وخمسين ذراعًا، وتلك القصور أحدها متسع مساحته مائة وخمسون ذراعًا، وله شبابيك بعضها على السوق وهو سوق البزورية، وبعضها على الدار، وهي متقنة الصناعة، وحلقته وطوانه من أبدع ما يكون، ومكتوب على دائره مدح في حق النبي وأبيات هي:
قصر الوزارةِ منزل السعداءِ
حلَّتْ بكَ البشرى بطولِ بقاءِ
للهِ منكَ مقرُّ عزٍّ٥٩ شُيِّدت
أركانُه بالعزِّ والنعماءِ
وغدتْ به وُرْق السيادة والعُلَا
تشدو بطيب ترنُّمٍ وغناءِ
وسرت له من قاسيونَ وسفحه
أنفاس نشر الروضة الغنَّاءِ
بجناب مَن فيه الوزارةُ شُرِّفت
وسمت بسودده على العلياءِ
شهمٌ لفرط ذكائِه ولعزمِهِ
خضعت أولو الأنظار والآلاءِ
مَن قد حمى حجَّاج بيتِ اللهِ في
أيام دولته عن اللأواءِ
وبعَدْلِه زادَتْ محاسن جلِّق
فجرت فواضِلها على الشهباءِ٦٠
يا خيرَ مَن ملك الرِّقَاب بحِلْمِهِ
وببَأْسِه والراحة البيضاءِ
دُمْ حاكِمًا في شامِنَا وأسلم لنا
طول الزَّمَانِ بعيشةِ غرَّاءِ
ما فاه تاريخ ببيتٍ شُيِّدَتْ
أرجاه فيكِ وفَازَ بالسراءِ
يا موطنَ الآلاءِ دامَ بكَ الهنا
ببهاءِ دولة أَسْعَد الوزراءِ
١١٦٣

وبجانبه قصر أيضًا مساحته ثمانون ذراعًا، وفيه أيضًا من الإتقان، وعلى دائره من الكتابة المدح بحق خير البرية صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين. هذا ما تم لنا من أوصاف السراية المذكورة. ا.ﻫ.

هذا ما رأيته كافيًا في وصف ذلك القصر مع بعض رسومه، والله من وراء حُسْن القصد.

١  ما يستخرج من مواقد الأفران إيفادها.
٢  الفساقي: جمع فسقيَّة بمعنى الأحواض.
٣  يريد المراحيض وبيوت الخلاء.
٤  تقول العامة العامرية والمعمارية؛ أيْ البنَّائين.
٥  تمَّ بمعنى «بقي» بلغة العامة.
٦  هو غير النحيت.
٧  نوع من التراب الأبيض المتحجر الجاسي، أو الحجر الرخو.
٨  من المزة بلدة بظاهر دمشق، ربما كان اسمها يوناني بمعنى (التلة)، ومثلها قرية (ماسَّا) فوق رياق.
٩  لعلها «وهوى» أيْ نزل. والدهليز النفق والسرداب تحت الأرض، فارسي.
١٠  ينعطف.
١١  هذه هي القاعة الكبرى المتقنة.
١٢  الناتئ.
١٣  نسبة شاذة إلى الصدر.
١٤  بمعنى النافذة أو الطاقة، لعلها منسوبة إلى القمر لدخول ضوئه منها، أو لاستدارتها.
١٥  يريد التي في صدر الإيوانين.
١٦  بمعنى المرصَّع.
١٧  أي على مريم، ورد هذا في سورة آل عمران.
١٨  يريد الخشبي.
١٩  بمعنى وطَّدَ وثبَّتَ.
٢٠  الخزنة والخزانة مخدع داخلي.
٢١  الشعيرة أشبه بمقعد من الحجارة.
٢٢  الحوض والبركة.
٢٣  أيْ محل شك أبرة.
٢٤  الطوان هو السَّمْك، أي السقف الداخلي.
٢٥  دائرة وإطار، فارسية.
٢٦  وفي التاريخ المنقوش على صدر القاعة الآن «ببسم».
٢٧  الأصح أن تُكتَب «أَبْدَى» بمعنى أظهر بالألف المقصورة.
٢٨  أي مبلَّطة ومرصَّفة.
٢٩  أيْ مقابل نصف الدكة.
٣٠  الفسقية الحوض، لاتينية.
٣١  الفاضي الفارغ.
٣٢  التي مطلعها:
أَمِنْ تَذَكُّرِ جِيرَانٍ بِذِي سَلَمِ
مَزَجْتَ دَمْعًا جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ
٣٣  التي مطلعها:
كَيْفَ ترْقَى رُقِيَّكَ الْأَنْبِيَاءُ
يَا سَمَاءً مَا طَاوَلَتْهَا سَمَاءُ
٣٤  مجموع جمَّل هذا البيت = ١٠٦٣، فلعله حسب ألف (لله) لتكون السنة (١٠٦٣).
٣٥  يريد السقوف جمع السقف.
٣٦  الفرنكة في عُرْف الدمشقيين الغرفةُ العلوية للشتاء، جمعها فرنكات.
٣٧  كلمة فارسية، ويقال الدرابزون أيضًا، وهي إطار خشبي أو حديدي على السلالم ونحوها.
٣٨  يريد المزروعات كأنها جمع زريعة.
٣٩  الصقالة إيطالية، بمعنى دَرَج ومرتفع على أعمدة.
٤٠  لا نعلم معناها، ولعلها (عربيلي) نسبةً إلى بلدة عربيل قرب دمشق.
٤١  أيْ أسدَيْنِ.
٤٢  بمعنى غُرَف.
٤٣  كذا في الأصل، ولعلها «جاراك» ونحوها.
٤٤  كذا في الأصل، ولعل الصواب «وما بنت يُمْنَى أنوشروان».
٤٥  ولعل الصواب «في كل ضد وردة من دهان».
٤٦  البيت مضطرب، ولعل تصحيحه:
قد زين بالوشي ازدهاءً كما
قد زين بالوشم زنود الحسان
٤٧  لعل الصواب (لساني).
٤٨  الأَوْلَى «عقيدَيْ».
٤٩  الأَوْلى «شهم» ونحوه.
٥٠  القصورة عند العامة جمع قصر، والصواب (قصور).
٥١  الطالع في عُرْف أهل دمشق محل اجتماع المياه للاستقاء.
٥٢  البراني جمع برنية، وهي إناء خزفي أشبه بالجرة، وقيل القارورة، وأراد بها زجاج الحمام.
٥٣  إن حمام هذا القصر كان خربًا في الأيام الأخيرة.
٥٤  كلمة فارسية، عُرِّبت بكلمة (ساذج).
٥٥  اختلف المؤرخون في محل قبر معاوية بن أبي سفيان الأموي، ولا سيما بعد أن خرَّب السفاح العباسي آثار الأمويين، وقيل إنه مدفون في مقبرة باب الصغير، والله أعلم.
٥٦  كلمة تركية بمعنى غرفة خارجية للجلوس فيها أحيانًا.
٥٧  رسَمَ (المنى) — المشهورة كتابتها بالمقصورة — بألفٍ ممدودة لتوافق جُمَّل التاريخ للسنة المطلوبة.
٥٨  كُتِبت أحيانًا «الديوار خان» وهي تحريف «الديوانخانة».
٥٩  أصله «لله منك مقر قد شيدَت»، فلا يستقيم به الوزن، فحرَّرتُه كما ترى.
٦٠  وفي الأصل:
وبعَدْله المحاسِنُ زادَتْ جلقٌ
جَرَتْ فواضِلها على الشهباءِ
فحرَّرتُه كما ترى.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤