الفصل الثامن

ابن العفيفة

نترك ورقة يصعد إلى الأسقف ويلقاه، ونتركهما يتحادثان حتى يعود الشمامسة بسلمان. فلن يستطيع القارئ تتبعهما ولا تبين ما هما بصدده، ولا معرفة من سيأتي ذكره في الحديث من رجالٍ ونساء، وحوادث وشئون، حتى يكون قد سبق له العلم بهؤلاء الناس، والوقوف على تلك الحوادث، وما كان لورقة بن صليح، بل ورقة ابن العفيفة بكل منهم ومنهن من صلة وعلاقة.

من أجل ذلك نستميح القارئ عذرًا من انصرافنا به من نجران ودار الأسقف في ليلة الربيع من سنة ٦١٦ هذه، إلى مكة ودار خديجة بنت خويلد قبل أن يسعدها الله بتزوج خير الخلق محمد بن عبد الله؛ لنعرض عليه حوادث عشرين سنة أو حوالي ذلك، كان لها أثر في ورقة حتى جاءت به إلى نجران وغير نجران من بلاد العرب السعيدة.

سنعرضها عرض الحافظة مختزنها على المخيلة في المنام، فإذا عدنا به إلى نجران، وأدخلناه على الأسقف يسمع حديثه مع ورقة، تفهم الحديث بلا عناء، وتعرَّف إلى الناس بلا استئذان.

•••

كان ورقة مكيًّا ولكنه لم يكن قرشيًّا. لم يولد من أشراف العرب، ولكنه كان عنوان الشرف. نشأ في ظلمة الفقر، ولكنه عاش في نور العلم والفضل. كانت أمه سبيَّة تدعى تماضر من سبايا رجل من أعيان مكة يدعى عبد الله بن جدعان،١ جيء بها إليه من تخوم بني لحيان،٢ وهي طفلة في الرابعة عشرة من عمرها؛ وإذ كان هذا الرجل على عظم شأنه نخاسًا له جوار يساعين في مكة كما كان كثير غيره من عظماء قريش،٣ إذ كانت هذه التجارة السافلة مباحة فيها قبل أن يجيء بتحريمها الإسلام فقد دفع بالفتاة إلى الفحشاء، وأمر عبده أن يخصص لها بيتًا ويعلق عليه الراية البيضاء التي اعتادوا أن يعلِّموا بها بيوت هؤلاء الجواري الشقيات.
نفذ العبد إرادة سيده، فأخذها إلى بيت كانت قد أخلته صاحبته بموتها وأنزلها فيه، والفتاة لا تعلم ما يراد بها، ولكن فسّاق مكة كانوا قد سمعوا في أنديتهم بفريستهم الجديدة، فأجمع نفر منهم على غشيان دارها، وأخذوا لليلتهم الليلاء حاجتها من غبوق وصبوح، ومزاهر وأعواد، وذهبوا ليقضوا سهرتهم مع هذه الطفلة المسكينة يهديهم العبد متهللًا، ويدعوها إليهم منبسطًا، ويعرضها عليهم مزهوًا ومفاخرًا، والفتاة لا تكاد تصدق ما ترى، ولكنها لم تجرؤ أن تفصح عما ساورها من الشك في مآربهم، أو تبين عما تملَّكها بعد ذلك من الذعر من اجتماع رجال ذوي لحى وشوارب في غرفة لها. حتى إذا دنا منها أبو سفيان٤ وكان أحد هؤلاء الفساق، وأخذ يداعبها أسفل مداعبة، رأت كفيها تتعاروانه باللطم على عقنه ووجهه من حيث لا تدري. ثم هبت من مكانها صارخة صراخ من أصابته جنة، ومرقت من بين الجمع مروق الهرة من النار، خارجة من دارها في حلكة الليل؛ حتى إذا لمست رجلاها أرض الطريق ركضت في الظلام على غير هدى، تلتمس مهربًا وحمى، والعبد يتابعها راكضًا وراءها، ولكن المسكينة لم تجد أمامها إلا بيوت أمثالها من الجواري، وانعطف بها الدرب فدخلت في طرقات الشعاب المجاورة لبيت الله، ولكنها لم تجد فيها بابًا مفتوحًا ولا مصباحًا منيرًا؛ إذ كان الناس نيامًا في أول الهزيع الثاني من الليل، وكانت تخشى إذا هي وقفت تطرق أحد الأبواب أن يدركها العبد فيمسك بها ويضربها ويعيدها، فاستمرت تجري وتختبئ حتى لمحت في الحلكة نورًا قد انبعث على غير انتظار من منعطف باب، وخرج من هذا الباب شبح. فقصدت إليه وهي على آخر رمق. فلما دخلته ألفت في ردهة الدار سيدة وقورة دون الأربعين من العمر يدل مطلعها على عظيم الخير الذي ضمت عليه جوانحها. فلم تملك الفتاة إلا أن تلقي بنفسها على الأرض أمامها ضارعة بغير كلام؛ إذ كانت قد استنفدت نفسها في الجري، ولكن السيدة لم يسعها وقد رأت علائم الذعر الشديد على وجه الطفلة إلا أن تتقدم إليها فاتحةً ذراعيها، وتأخذها في صدرها قبل أن تسقط على الأرض أخذ الأم ولدها، وهي تقول لها: لا بأس عليك اطمئني، والطفلة غائبةٌ عن الوعي، والسيدة لا تدري سبب ذعرها، ولا تجد فائدة من أن تسألها وهي على هذه الحال، وإذا بالعبد يدخل الدار لاهثًا من شدة الجري، ويضع يده على الفتاة ليأخذها قسرًا، وهو لا يدري من السيدة، ولا هي تدري من العبد، وكاد يغلب السيدة على الفتاة لولا أنها صرخت في وجهه صرخة عرف عزة الكِرام من نبراتها، فكف يده عنها وتراجع، وإذا هو أمام خديجة بنت خويلد سيدة نساء قريش. تراجع العبد مرةً أخرى في خشوع، ووقف ينظر ما وراء ذلك، فلما هدأ نفسه سألته سيدة قريش: من أنت يا غلام؟ فقال: أنا غلام عبد الله بن جدعان، وهذه الفتاة جاريته. قالت: وما خطبها، قال: أرسلها مولاي لتحل محل جاريته «سريفة» التي قضت نحبها منذ أيام، ولكنها لطمت أبا سفيان وصرخت في وجوه المخادنين، ومرقت في الشعاب آبقة. قالت: ألا ساء ما تفعلون. لاهمّ إن هذا منكر لا يرضيك! اذهب إلى مولاك فادعه إليّ. قال: لا أجرؤ يا سيدتي. قالت: ولا أنا أردها إليك. الله أرسلها إليَّ لأعيذها منكم، ولقد أجرتها فاذهب أنى شئت.

أفاقت تماضر عند ذلك من غشيتها، ووجدت نفسها في صدر كصدر أمها، وسمعت حديث السيدة فأخذت تبكي وتنشج في البكاء، والسيدة خديجة تطمئنها، وتمسح بيدها على رأسها لتسري عنها، وإذا بغلامها ميسرة قد عاد؛ إذ هو الذي كان قد فتح الباب وخرج في حاجة عرضت لها، فأمرته أن يسير بها إلى حيث يرقدها بجوار فراشها ويعود إليها. فقال العبد: ماذا تريدين من مولاي يا سيدتي؟ قالت: أحادثه في شأنها وأبتاعها منه. قال العبد: حبًّا وكرامة يا سيدتي، لقد أذن لي مولاي من قبل أن أبيعها بأربعين طبريًّا إذا رغب فيها راغب. قالت وإني لراغبة. هات يا ميسرة مما لديك أربعين دينارًا وزدها واحدًا لغلام ابن جدعان.

فأتى ميسرة بالمال وعده للعبد، ثم زاده الفضل الذي أمرت به سيدته فأخذه العبد، وخرج شاكرًا مطمئنًا.

وظلت تماضر في خدمة سيدتها ثلاث سنوات كانت محل الرعاية والإكرام من سيدتها إلى أن حدث ذات يوم أن احتاجت سيدتها إلى سقيفة تقي تجارتها الشمس والأعاصير، فجيء لها بنجار كانت تعرفه وترتاح إلى عمله، وكلفته عمل هذه السقيفة.

كان هذا النجار قد استقدمه أبو ربيعة المغيرة من مصر؛ ليصنع له نجر بيوت أقامها لأولاده في بساتينهم في أرباض مكة. فلما أتم عمله وأصاب من ورائه رزقًا طيبًا آثر الإقامة في مكة ارتياحًا إلى العمل في بلد تقل فيه مهرة الصناع، وإجابةً لإشارة سراتها، وكذلك عاش بين ظهرانيهم عشر سنين يصنع لهم ما يريدون من النجر فإذا لم يكن لديه ما يشغله من حاجة الناس عكف يصنع من خشب الساج الأسود تماثيل لهبل٥ ومن خشب السدر أو العرعر لغير هبل من آلهة الجاهلية ما بين صغيرة وكبيرة، بغير ما تقيد بصورة، ولا تعمل لإتقان ويبيعها للأعراب مغاليًا أيام مواسم الحج والاعتمار، وزاد في إقبالهم عليه أنه كان يحفر على كل نحيته اسمها بالقبطية.
كان هذا النجار عربيًّا يدعى صليحًا القبطي؛ إذ كانت كلمة قبطي نسبة تطلق على كل من يرد من مصر من سكانها عربيًّا كان أو فارسيًّا أو أثيوبيًّا. فما كلمة قبطي التي أطلقها العرب إلا تحريف لسانهم لكلمة جبت الرومية التي يعنون بها ما نعني الآن بكلمة مصر العبرية، ويطلقها أهل أوربة جميعًا على بلاد وادي النيل ما بين أسوان وبحر الروم، وما أهل مصر في الحقيقة إلا أبناء العرب الرحل الذين وردوا إليها من قديم الزمان قبل مصاريم وبعده، وفي عهد الرعاة وبعده، ولا سيما من شمالي الجزيرة العربية، كلما أجدبت بهم الأرض، أو اضطرهم الغالب إلى النزوح، أولئك استوطنوها، ثم لم ينقطع سيلهم عنها كما لم ينقطع عن وادي دجلة والفرات، وكان القديم منهم يعدّ نفسه أصيلًا حتى يتقادم العهد على الجديد فيندمج في القديم، ويشترك في تسميته الأجد دخيلًا حتى يندمج هو أيضًا، وهكذا إلى وقتنا هذا، وكانت لهم وفدة كبرى في أيام الإسكندر إذ جاء العرب النبطيون إلى مصر ففتحوها له، واستقروا بها، وكذلك في الأيام القريبة من البحرين والقدس أيام غلب العرب الغساسنة على بلاد بني سليح الضجاعمة في الشام وبلاد القدس فهاجروا منها إلى مصر، كما فعل إخوانهم من قبل، وملأوا الوادي من شماله إلى سيوط حين ملأ بنو أعمامهم السابقون والراحلون إلى مصر من أثيوبيا والنوبة ما بين أسوان وسيوط من بلاد الوادي الخصيب، وإذ كان من عادة هؤلاء الأعراب أن يدخلوا في دين مصر، في الوثنية والنصرانية، وجرى بينهم ما يجري بين أهل الدين الواحد من الاختلاط بالتزاوج، وتوحدت مصلحتهم ووطنيتهم بإزاء سادتهم الروم الذين حرموهم بحق الفتح والغلبة حقوقهم الوطنية، فقد أطلق عليهم الروم كلمة النسبة إلى جبت٦ أي مصر حين احتفظ لهم العرب بالنسبة إلى رومة، حتى بعدما انتقلت الإمبراطورية إلى بيزانطة، ولم يهمّ الروم أن يفرقوا بين الأثيوبي والعربي؛ لاختلاطهم من ناحية، وتقارب سحنتهم من ناحيةٍ أخرى، واتفاقهم في الدين من ناحيةٍ ثالثة، وهو أهم شيء.

فكلمة قبطي معناها مصري، أي: سكان مصر، وليس لها أي معنى آخر لولا أن بقيت للدلالة على اتباع الملة اليعقوبية في مصر ولو كان روميًّا أو زنجيًّا أو ابن أمة. لا للدلالة على جنسٍ خاص.

كان صليح يعرف ذلك ويعتز به، ولكنه كان في الواقع عربيًّا خالصًا، قريب العهد بديار العرب ومثابتهم ولكنه إذ كان مسيحيًّا أطلق عليه لفظ النسبة إلى جبت فسمي القبطي.

كان أبوه غواصًا ورد إلى الإسكندرية من سواحل بلاد البحرين؛ ليبيع فيها بعض لآلئ جاد بها عليه بحر الفرس، وكان روم الإسكندرية أهل ثراء ورفاهية، فاشتروها منه بثمنٍ كريم. ثم حلا له المقام فيها، فاستوطنها واشتغل بصيد السمك فيها، وتزوج من أعراب حي رقودة في الإسكندرية،٧ وكان صليح يقول إن له إخوة برقودة، وأن له في مريوط خؤولة كثيرة، وأن أهل أبيه لم ينقطعوا عن الورود إليهم من الحيرة، وهم في سبيلهم في قوافل برقة وطرابلس أو قوافل القدس والحيرة.
figure
وكان ميسرة غلام السيدة خديجة — رضوان الله عليها — يعرف هذا النجار ويحبه، وكلما مرّ به في سوق حزورة قضى معه بعض الوقت يتحدث ويسائله عن مصر والإسكندرية ويتعجب لرواياته، ومن ثم عرفته السيدة خديجة! فقد كانت كلما جدت لها حاجة إلى نجر ذكره لها ميسرة، وجاء به إليها فأتم لها العمل على أحسن وجه، وأكرمته فوق حقه، ولذلك جاء به ميسرة إليها هذه المرة أيضًا. كان صليح أعزب في الثلاثين من عمره يوم جاء إلى مكة، ولكنه لم يكن يفكر في الزواج انتظارًا ليوم عودته إلى بلاده. فلما استقر رأيه على البقاء في مكة خطر له أن يتزوَّج، ولكنه لم يكن يدري كيف يحقق رغبته في مكة، وليس فيها إلا قرشيون لا يزوجون مثله، وإلا فتيات من جواريهم ليس من كرامته أن يخطب إحداهن لتكون أمًّا لأولاده، وما كان يعرف فيما وراء مكة أحدًا ممن يمكن أن توجد بينهن إنسانة تليق أن تعاشره وهو ابن الإسكندرية المتحضر. فلما جاء يصنع السقيفة لسيدة قريش خطر له أن يبدي حاجته إليها على لسان ميسرة، ويلتمس منها العون في ذلك واثقًا أنها ستهديه إلى الزوجة الصالحة، ولكنه رأى في منزل السيدة خديجة فتاة في السابعة عشرة من عمرها فتاةً حسنة الطلعة، على وجهها كرامة لم يعهدها في كثيرات. فمال إليها قلبه، واحتال في سؤال ميسرة عنها. فلما علم أنها جارية مولاته تعلق بميسرة يرجو منه أن يفاتح عنه السيدة العالية في شأنها؛ لأنه لا يجرؤ أن يتكلم بحاجته، وأوصاه أن يذكر لها أنه عزم أن يستوطن مكة، فلا خوف من رحيله بجاريتها التي علم من ميسرة أنها تؤثرها على سائر جواريها. على أن السيدة رضيت بزواجها منه بلا شرط، ولكنها رأت أن تستأنس برأي الفتاة، وتستشير ابن عمها وعظيم أسرتها ورقة بن نوفل في هذا الزواج. فوافق، ولكنه اشترط أن يكون الزواج على سنة قريش، وأن يجري بدار قصي بن كلاب٨ لا على سنة أهل مصل المسيحية، واشترط كذلك أن يقلع عن صناعة الأوثان ويعيش من النجر وحده. كذلك جرى الزواج، وزفت تماضر إلى صليح في إعزازٍ وإكرام في دار وهبها لها سيدها ورقة بن نوفل، ولما ولدت أول غلام سمته باسمه، إذ كانت تحبه وتجله لفرط بره بها؛ لأنه كان رجلًا بعيدًا عن الدنايا التي انغمس فيها أهل مكة، وتزعم — لتقواه — أنه نبي أرسله الله لهداية العرب، وذلك لأنها كانت تسمعه يدعو الناس إلى عبادة الله واتباع ملة إبراهيم، ويعيب عليهم اتخاذ الأوثان آلهةً من دون الله، ويعيب على قريش تمسكهم بهذه الأحجار، واستغلالهم مكانتهم في ابتزاز الأعراب الذين يردون من كل الجهات ليطوفوا ببيت أبيهم إبراهيم، في مواسم الحج والاعتمار.
ولما تزوج عليه السلام بسيدة قريش بعد ذلك بعام أخال أنه لما عرف قصة الفتاة ونفورها من الخنى عزّها وأكرمها، وأخال أنه نعتها بالعفيفة تكريمًا لها، وأنه لما رزقت بولدها كان يداعب ولدها ويحسن إليه، وأخال كذلك أنه كان إذا ناداه قال له: يا ابن العفيفة.٩

ومن ذلك الحين سقطت عنه النسبة إلى صليح، وصار يدعى ابن العفيفة، وأكرم به اسمًا ولقبًا.

١  كان من أجواد العرب كحاتم، ولكنه كان عنيدًا فلم يسلم خشية المعرة من قريش، وهو تيمي كأبي بكر، ومن غريب أمره ما ذكره الألوسي صاحب بلوغ الأرب من أنه ابن عم السيدة عائشة — رضي الله عنها — كما قالت هي لرسول الله، ولعلها إنما نعتته بذلك؛ لأنها تيمية مثله.
٢  كانت منازلها شرقي مكة الشمالي.
٣  ومنهم: زمعة بن الأسود، وربيعة بن حبيب، وصفوان بن أمية، والعاص بن وائل، ومالك بن عميلة بن عبد الدار، وهلال بن أنس.
٤  كان أبو سفيان بن حرب بن أمية أبو سيدنا معاوية زعيمَ مناهضي الرسول — عليه السلام — وأشد الناس عليه، وحارب الرسول غير مرة في بدر وأحد وغيرهما، وكان من المغرمين بالخمر وغشيان النساء في الجاهلية، وامرأته هند أم معاوية هي التي أكلت كبد أسد الله حمزة يوم قتل في واقعة أحد غيلة، وكانت من أشد العرب تحريضًا على القتال، وقد أهدر النبي دمها يوم فتح مكة؛ ولكنها بايعت منتقبة فنجت، وأسلم أبو سفيان قبل دخول الرسول مكة فاتحًا؛ إذ رأى أن الدائرة ستدور عليه وعلى قومه، فتخلى عن قومه، وذهب إلى الرسول وحسن إسلامه فيما يقال بعد ذلك.
٥  صنم من حجر أسود كان فيما يذكرون داخل الكعبة قبل الإسلام.
٦  بل لقد جرى المسلمون الأول أنفسهم على تسمية إخوانهم الذين نزحوا إلى مصر أيام فتوحها وبعده مصريين، للدلالة على سكانها منهم مع أنهم عرب كانت لا تزال أمهاتهم في بلاد اليمن والحجاز.
٧  حي رقودة هو أصل الإسكندرية: فقد كانت رقودة حلة بنتها القوافل العربية النبطية على طريقها من الحيرة والشام وبطرة إلى أفريقية ومراكش، ومحلها الآن في حي محرم بك وكوم الشقافة، ولما فتح الإسكندر مصر في سنة ٣٢٠ ق. الميلاد أقام بجوارها على البحر معسكره، وبقيت هذه الحلة قديمها وحديثها تعرف باسم رقودة حتى بعد فتح العرب مصر عند المصريين وغير المصريين من العرب حين كانت تعرف باسم الإسكندرية عند الروم.
٨  هي دار الندوة التي بناها قصي بن كلاب، وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، وفيها كانت قريش تقضي أمورها تيمنًا بأمر قصي فما يتزوج أحد من قريش ولا يتشاورون في أمرٍ نزل بهم ولا يعقدون لواء لحرب قوم من غيرهم إلا فيها … يعقده لهم بعض ولد قصي، وما تدرع جارية إذا بلغت أن تدرع إلا في داره يشق عليها فيها درعها ثم تدرعه وينطلق بها إلى أهلها، وكان لا يعذر غلام إلا فيها، ولا تفصل خصومة إلا هناك (عن بلوغ الأرب للألوسي).
٩  هنا لسان الحال في السياق لا الواقع فلينتبه القارئ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤