العلاقة بين الحرارة والحركة
مُقدِّمة
- القانون الصفري: يُعبِّر هذا القانون عن انسياب الحرارة من الجسم الساخن إلى البارد، وتصير درجة الحرارة واحدةً عند بلوغ التجانُس الحراري؛ وعلى هذا، يُقدِّم لنا القانون الصفري الإجابة عن حالة جسمَين مُتلامسَين أحدهما حارٌّ والآخر بارد، وينصُّ على أنَّ: «الجسمَين المتلامسَين يميلان ليكونا بدرجة حرارةٍ واحدة.»١٠ بمعنى أنَّهما يصلان لحالة التوازن الحراري عند الدرجة نفسها بعد أن يحدُث بينهما اتصالٌ حراري، وبذلك فإنَّ القانون الصفري يشمل أساسَ مفهومِ درجة الحرارة.١١ ويُعنَى القانونُ الصفري في الديناميكا الحرارية بخصائص الأنظمة التي هي في حالة توازنٍ حراري؛ أي الأنظمة المتوازنة المُتَّصلة مع بعضها بحواجزَ مُنفِذة للحرارة؛ ولذلك يُعتبَر هذا المفهوم الأساسَ الذي بُني عليه مفهوم درجة الحرارة.١٢
- القانون الأول: يُعَبِّر هذا القانون عن أن الحرارة شكلٌ من أشكال الطاقة؛ وهي بذلك تخضع لقانون مصونية أو حفظ الطاقة، وبذلك يُوجَد تكافؤ بين الحرارة والطاقة الميكانيكية.١٣ مثلًا يقوم أي محرِّكٍ حراري مثل التوربين الغازي (العنفة) أو المفاعل النووي، بتحويل الطاقة من وقود إلى طاقةٍ حرارية، وبعد ذلك، يقوم بتحويل الطاقة الحرارية إلى طاقةٍ ميكانيكية يمكن استخدامها لأداء عملٍ مُفيد، وتبقى الكمية الكلية للطاقة دائمًا، هي نفسها دون تغيير.
- القانون الثاني: لا تسمح الطبيعة بتحول الطَّاقة من شكلٍ لآخر إن لم يترافق ذلك التحول مع ازدياد في الإنتروبيا؛ أي مع ازدياد في الفوضى، فإذا حافظنا على ثبات الإنتروبيا فإن التحوُّلات من النمط المُشار إليه تتسم بانخفاضِ الطاقة الحُرَّة الجاهزة للعمل؛ وعلى هذا فإن القانون الثاني في الترموديناميك يتعلَّقُ بالاتجاه الطبيعي لعمليات الطاقة. مثلًا تنساب الحرارة من تلقاء نفسها، من جسمٍ أكثَر حرارة إلى جسمٍ أقلَّ حرارة فقط، وهذا القانون الثاني يُفَسِّر حقيقة أنَّ المحرِّك الحراري لا يمكن أن يكون ذا كفاءةٍ كاملة؛ أي إنه لا يستطيع تحويل كل الطاقة الحرارية، من وقوده إلى طاقةٍ ميكانيكية؛ وذلك لأنَّ المحرِّك ينقل بعض طاقته الحرارية إلى الأجسام الأبرد المحيطة به. وينص القانون الثاني، حسب رودولف كلاوزيوس R. Clausius (١٨٢٢–١٨٨٨م)، على أنه يستحيل وجود أية آلةٍ دوَّارة يقتصر إنتاجُها على نقل الحرارة باستمرار من جسمٍ لآخر في درجة حرارة أعلى.»١٤ بمعنى أنه لا يمكن تحويل الحرارة إلى عَمَل أو شغل بشكلٍ كامل، وأن الحرارة لا تنتقل من الجسم البارد إلى الجسم الساخن. وقد أعطاه العالمان ماكس بلانك M. Planck (١٨٥٨–١٩٤٧م) واللورد كلفن فيما بعدُ صياغةً أخرى مفادُها: «أنَّ التحوُّل الذي ناتجُه النهائي تحويلُ الطاقة الحرارية المُستخرجة من منبع حرارةٍ ما إلى عملٍ فقط هو تحوُّل مُسْتحيل.»١٥ ولا نُبَالِغ إذا قلنا بأنَّ الإرهاصاتِ الأولى لأزمة الفيزياء التقليدية قد بدأَت من القانون الثاني في الترموديناميك، فهو أول القوانين العلمية التي خرجَت على مبدأ الارتداد أو العكوسية١٦ Revesible وتطلَّبَت إدخال منهجٍ قياسي جديد غير الرياضيات الإقليدية هو المنهج الإحصائي لقياس الظاهرات الطبيعية.١٧
- القانون الثالث: يُوجَد درجة حرارة دنيا تصير المادة عندها مُنظَّمة تنظيمًا كاملًا ومُطلقًا، وينتفي أي أثَرٍ للفوضى، ينص القانون الثالث (ويُسمى مبدأ نرنست، نسبة للعالم الألماني فالتر هرمان نرنست W. H. Nernst (١٨٦٤–١٩٤١م))، على أن تغيُّر الإنتروبية لمجموعة يساوي الصفر في أية عمليةٍ إيزوثرمية١٨ عند درجة الحرارة الصفر المطلق.١٩
قبل أن تظهر قوانين الترموديناميك بصيغتها المُتماسكة تحت مظلة النظرية الميكانيكية للحرارة عند الأوروبيين وصولًا إلى وقتنا الحالي؛ فقد كان للعديد من علماء الحضارات السابقة إسهاماتٌ في واحد أو أكثر من صياغة هذه القوانين، وإن كان بشكله النظري أو بالإشارة إليه حسب لغة ذلك العصر العلمية، وهي إسهاماتٌ نرى أنها تستحق الذكر وأن تُوضع في سياقها التاريخي؛ لذلك فإننا سنُركِّز في هذا الفصل على الأفكار النظرية التي تناقَش وتجادَل فيها العلماء على مدى أكثر من ٢٥٠٠ سنة حول العلاقة بين الحرارة والحركة.
المبحث الأول: اليونانيون
الرُّواقيون (القرن ٤ق.م.)
أبولونيوس التياني (القرن ١م)
أفلوطين (القرن ٣م)
المبحث الثاني: الرومانيون
المبحث الثالث: الصينيون
المبحث الرابع: العلماء العرب والمسلمون
سنقف هنا عند حقبةٍ زمنيةٍ كبيرة نوعًا ما، تمتد حوالي ٥٠٠ سنة (من القرن ٩م وحتى ١٤م)، ظهر خلالها مجموعةٌ من العلماء العرب والمسلمون الذين تناولوا البحث في العلاقة بين الحركة والحرارة، وكانت لهم مناقشات وأفكارٌ غير مألوفة بالنسبة للكثيرين من مؤرخي العلوم. ويبدو أنه يصعُب كثيرًا تحديد مصدرها: هل هو مِمَّا نُقل وتُرجم من الإرث القديم عن أبولونيوس اليوناني وتيتوس لوكريتوس الروماني؟ أم إعادة اكتشافٍ ذاتي من جديد؟ وفي جميع الأحوال، ومع تكرُّر السؤال نفسه مع العلماء الأوروبيين، فإنَّ طرح أفكارٍ من هذا النوع ومناقشتها بصورةٍ علمية وتجريبية من قِبَل العرب يُعَد أمرًا جيدًا، يستحقُّ أن يأخذ مكانته التاريخية حتى وإن ظهر بشكلٍ مستقل.
جابر بن حيان (القرن ٣ﻫ/٩م)
- الأوَّل: إمكانية قياس الحرارة والبرودة العنصرية، والتحوُّل في التعامل مع الحرارة من الشكل الكيفي إلى الشكل الكمِّي.
- الثاني: أنَّ الحرارة والبرودة العنصرية لهما طبيعةٌ ماديَّة، والدليل على ذلك تحسُّسنا لها وشعورُنا بوجودها.
إبراهيم النَّظام (القرن ٣ﻫ/٩م)
الكندي (القرن ٣ﻫ/٩م)
تجربة الكندي هذه تسبق تجربة الكونت رمفورد على المدافع بألف سنة. لكن الفارق بين التجربتَين أن الكندي تلمَّس الحرارة من الاحتكاك بين الهواء والسهم المحمَّل بالرصاص، أما الكونت رمفورد فقد تلمَّس الحرارة من الاحتكاك بين المثقاب والكتلة الحديدية للمدفع.
ابن بشرون (القرن ٤ﻫ/١٠م)
ولم يُشِر ابن بشرون إلى عمل أستاذه المجريطي في ميزان الحرارة ومُحاولتِه ضبطَ مقدارها في الأجسام، وهو «ميزان النَّار»، أو حتى فكرته في انتقال الحرارة لسطح الأرض نتيجة دوران الفلك.
إخوان الصفا (القرن ٤ه/١٠م)
أبو علي مسكويه (القرن ٥ﻫ/١١م)
البيروني (القرن ٥ﻫ/١١م)
ابن حزم الأندلسي (القرن ٥ﻫ/١١م)
وهكذا فإنَّ أطروحة ابن حزم الأندلسي — سواء على الصعيد الفلسفي أو الفيزيائي — قد أُعيد إنتاجُها من جديدٍ في الفكر الأوروبي، وتمَّ تثبيتُها مع ترسيخ قوانين الترموديناميك، خصوصًا القانون الأول منها.
ابن باجة (القرن ٦ﻫ/١٢م)
يعُد ابن باجة انتقالَ الجسم من الحالة الحارة إلى الحالة الباردة هو نوع من أنواع الحركة، إلا أنه لم يناقش التغيُّرات الطَّورية في المادة التي تُرافِق هذا الانتقالات، وقد ذكر لنا ابن باجة وجود ثلاثة احتمالات:
-
انتقال الجسم من حالةٍ حارَّة إلى حالةٍ حارَّة أخرى (قد تكون أعلى أو أقل أو مساوية لها بدرجة الحرارة).
-
انتقال الجسم من حالةٍ باردة إلى حالةٍ باردة أخرى (قد تكون أعلى أو أقل أو مساوية لها بدرجة البرودة).
-
انتقال الجسم من حالةٍ حارَّة إلى حالةٍ باردة أخرى (حتمًا أقل منها بدرجة البرودة).
- (١)
انتقال الجسم من الحالة الحارَّة يعادل انتقاله إلى الحالة الباردة؛ لأنَّ انتقال الجسم من الحالة الحارة يعني أنه يفقد حرارته؛ لذلك فهو يعادل انتقاله إلى الحالة الباردة.
- (٢)
انتقال الجسم إلى الحالة الحارة عكس انتقاله إلى الحالة الباردة؛ ففي الحالة الأولى ترتفع درجة حرارته، أمَّا في الحالة الثانية فإنها تنخفض.
- (٣)
انتقال الجسم من الحالة الحارَّة، والانتقال من الحالة الباردة متضادَّتان في الأعراض الناجمة عنهما؛ ففي الحالة الأولى تنخفض درجة حرارته، أمَّا في الحالة الثانية فإنها ترتفع.
وهكذا يكون ابن باجة قد شَمِل كل الاحتمالات المُمْكنة في هذا النَّوع من الحركات الخاصَّة بالحرارة والبرودة، والتي لم يسبق أن عالجها أحدٌ قبله.
ابن رشد (القرن ٦ﻫ/١٢م)
هيمنَتْ النَّظرية الأرسطية على تفسير ابن رشد في تولُّد الحرارة، فالحركة تُهيِّئ الجسم لقبول الحرارة من الهواء المُحيط به؛ ومن ثَم يكتسب الجسم حرارته. والدليل على ذلك أنَّ النار تتولَّد من الحرارة المُحيطية في الهواء، وما حركة القدح إلا وسيط مُساعد. وكذلك الحال في الأجرام السماوية؛ فالحرارة تتولَّد فيها بسبب حركتها في الأشياء غير الحارَّة، وتعمل الأجسام الحارَّة كوسيطٍ مساعد.
ابن الرزاز الجزري (القرن ٧ﻫ/١٣م)
الجلدكي (القرن ٨ﻫ/١٤م)
- (١)
نعلم أنَّ الجلدكي كيميائي أكثر منه فيزيائيًّا، وكان علم الكيمياء يرتكز — بحسب منهجية جابر بن حيان — على التجربة والمُشاهدة أكثر من اعتمادها على الرياضيات والتنظير.
- (٢)
بالنسبة للرياضيات وتطبيقها على الظاهرات الفيزيائية، فقد عُرِفَ عن العرب وغيرهم في العصور الوسطى استخدامهم للهندسة أكثر من الجبر أو غيره من العلوم الرياضياتية وطبَّقوها على البصريات، ولم تكن المنظومات الرياضياتية بذلك التقدُّم الذي كان لدى الأوروبيين في القرنَين السابع عشر والثامن عشر، خصوصًا بعد ظهور التفاضل والتكامل، والذي سَمَح لهم بتطبيق الرياضيات على ظواهر الحرارة وكيفية انتشارها.
- (٣)
إنَّ التراكم المعرفي الذي كان لدى العرب — بشكل عام — كان من جهود اليونانيين والعرب أنفسهم، بينما حصد الأوروبيون جهود الجميع، ثُم بنَوا عليها، وطوَّروا من مناهجهم البحثية العلمية ومؤسساتهم العلمية، فتوصَّلوا بشكلٍ طبيعي لأفضل مما توصَّل إليه العرب، خصوصًا بعد تأكيدهم على فكرة عدمِ قبولِ أي تفسيرٍ لأي ظاهرةٍ فيزيائية دون دعم ذلك رياضياتيًّا.
لذلك فإننا نرى عدم مؤاخذة العُلماء العرب والمُسلمين على ما قَدَّمُوه أو بذَلوه من جهودٍ فردية لدى تعاملهم مع الظاهرات الطبيعية؛ ففي النهاية هم أسرى لموقعهم التاريخي والظروف الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية المُحيطة بهم، كما هو حال مُعظم العلماء العاملين في الدول العربية في الوقت الحاضر.
عضد الدين الإيجي (القرن ٨ﻫ/١٤م)
لا يتفق الإيجي مع الكندي والمجريطي وأبو البركات البغدادي وغيرهم ممن قالوا إنَّ الحرارة تتولد نتيجةً لحركة الأفلاك، والتي تؤثِّر حرارتها على الهواء المُحيط بالأرض، أو حتى على سطح الأرض. والسبب في ذلك أنَّ مادة الأفلاك مُغايرةٌ تمامًا للمواد التي نتعامل معها على الأرض؛ لذلك لا يمكن أن يحدُث توصيلٌ حراري بينها.
ثم عاد الإيجي وأَكَّدَ على العلاقة بين الحرارة والحركة وقَدَّم شرحًا أكثر تفصيلًا، وهو الفهم الذي لم يتمكن من الوصول إليه، أولئك المُعَارضون لتفسيره؛ حيث إنَّ المدار المُقعَّر للقمر، وهو الأقرب لمدار الأرض، والمدار المُحَدَّب للنار في السماء أملسان تمامًا؛ كونهما يتواضعان على كراتٍ مُتداخلة مع بعضها بعضًا، حسب النموذج البطلميوسي الفلكي، ولا يمكن لحركة أحدهما أن تؤثِّر أو تسبِّب حركة الآخر، وعليه لا يُشترط حدوث تسخُّن بسبب حركاتهما.
المبحث الخامس: الأوروبيون
- (١)
ليس للسيَّال الحراري وزن يُمكن إدراكه.
- (٢)
السيَّال الحراري يكون مُدرَكًا أو كامنًا؛ أي يمكن الإحساس به، أو مختزنًا، وهو في الحالة الأخيرة يمتزج كيميائيًّا مع جُزيئات المادة لتحويل المادة الصُّلبة إلى سائل والسائل إلى بخار.
- (٣)
للسيَّال الحراري مصونية؛ فهو لا يفنى ولا يُستحدَث من العدم.
- (٤)
السيَّال الحراري سائلٌ مرن مكوَّن من جُزيئات يدفع كلٌّ منها الآخر. هذه الجُزيئات تخضع لجذبٍ شديد من جُزيئات المواد الأخرى، والمواد المُختلفة تجذب السيَّال الحراري بدرجاتٍ مُتفاوتة من الشدة.
فرنسيس بيكون (القرن ١٧م)
جاليليو (القرن ١٧م)
جوزيف بلاك (القرن ١٨م)
دانييل برنولي (القرن ١٨م)
هنري كافندش (القرن ١٩م)
الكونت رمفورد (القرن ١٩م)
همفري ديفي (القرن ١٩م)
نيقولا سعدي كارنو (القرن ١٩م)
لم يكن نيقولا سعدي كارنو أوَّل من حاول أن يُوضِّح إمكانيَّة تحويل الطاقة الحَرَارية إلى عمل؛ فقد سبقه هيرون السكندري قبل ذلك، لكن كارنو قدَّمَ دراسةً نظرية لمدى فعالية الآلة الحرارية البخارية، يُمكِن تعميمُها على تصميم أية آلةٍ بخارية، وهو ما لم يفعله هيرون.
-
(١)
افتراضُه بأنه يُمكن توليد عملٍ مُفيد كُلَّما وُجد فرقٌ في درجة الحرارة.
-
(٢)
استخدامه نظرية السيَّال الحراري حتى يؤكِّد إمكانية قياس كمية الحرارة التي تمتصُّها جملةٌ فيزيائية أو تُصْدرها لدى تفحُّص حالتَي الجملة الابتدائية والنهائية.
-
(٣)
أكد أنَّ الحركة الدائمة مُستحيلة، مع أنها كانت ترِد في دراسة الميكانيك بما فيها بعض الدِّرَاسات التي قام بها والده شخصيًّا.
-
(١)
دخول الحرارة إلى الآلة الحرارية عند درجةٍ مرتفعة نسبيًّا.
-
(٢)
تُحوِّل الآلة جزءًا من هذه الحرارة إلى عمل.
-
(٣)
تَلفِظ الآلة ما تبقَّى من الحرارة التي لم تتحوَّل إلى عمل إلى الخارج، وذلك عند درجةِ حرارة مُنْخَفِضة نسبيًّا.
مارك سيغوين (القرن ١٩م)
يوليوس ماير (القرن ١٩م)
-
تفوَّق ماير على كارنو وكلابيرون ومهَّد الطريق لكلاوزيوس عندما تكلَّم عن المحرِّك الحراري وقال: «… إنَّ الحرارة التي تُمتَص بوساطة البخار تكون دائمًا أكبر من الحرارة التي تُحرَّر في أثناء التكاثُف، والفرق بينهما هو العمل المفيد.»
-
يشرح بالتفصيل كيف حسب المكافئ الميكانيكي للحرارة. تلك المناقشة كانت وجيزة أكثر مما ينبغي في مقالته عام ١٨٤٢ م لأنْ تُفهم وتُدرك. يُعد هذا الحساب جزءًا راسخًا من الديناميكا الحرارية — طبعًا الآن أولى جدًّا — ولم يتضمَّن شيئًا له علاقة بالأحصنة التي تمزجُ العجينة الورقية في القُدور، كما عُرف في القصص الشعبية. من غير ريب، تلك الأحصنة تُذكر في المقالة، وبعض القياسات التقريبية لدرجة حرارة العجينة، إلا أنها كانت بعيدة عن أن تكون جيدةً إلى حدٍّ كافٍ لحساب المكافئ الميكانيكي للحرارة. عرضيًّا وفي هذا السياق يذكر ماير رمفورد، وهذا يعني أنه كان يعرف بشأن تجربة رمفورد مع ثقب المدفع.
-
ينقل أيضًا أنَّ ماسورة المدفع الذي يُطلق قذيفة تُصْبح أقلَّ سخونةً منها لو أُشعل البارود وحده في الماسورة، يقول ماير: إنَّ «الحقيقة هي معرفةٌ شائعة.» في الواقع، ربما لو كانت في الوقت المناسب. على أية حال، فإنَّ المُلاحظة المعقولة هي: أنَّ جزءًا من الطاقة الكيميائية للبارود يُحَوَّل إلى طاقةٍ حركية للقذيفة، إذا كانت تُوجد قذيفة، وإلا فإنَّ الكل يتحوَّل إلى حرارة.
-
يوسِّع ماير تلك الملاحظة بالاستنتاج من اتجاهات القيم المعروفة للأيض عند الحيوانات والإنسان. الحرارة المُحرَّرة في العملية الكيميائية للهضم، أو للاحتراق الداخلي للطعام، يمكن تحويلها جزئيًّا إلى عمل، يقول: «عند ذلك يصبح الجسم أكثر برودة.» من أجل دعم هذه الفكرة يَستشهِد بملاحظةٍ نُشِرَت في مجلة الكيمياء الطبية،١١٤ حيث إنَّ المؤلف وهو شخصٌ يُدعى دوفيله Douville قام بقياس درجات الحرارة الآتية:
زنجي كسلان غير عامل في الحجرة ٣٧º الشيء نفسه الشيء نفسه في الشمس ٤٠º الشيء نفسه لكنه عامل في الشمس ٣٩٫٧٥º -
بمتابعة الفكرة أبعدَ من ذلك، يقول ماير إنَّ الرَّجل الذي ينشُر الخشَب يستشعر ببردٍ شديد في الذِّراع التي تحرِّك المنشار. أيضًا الحداد الذي يُسخِّن قطعة حديد حتى الاحمرار بثلاث ضرباتٍ ستصبح ذِرَاعه التي تقبض على المطرقة باردة. ويقول إنه قد لاحظ أن الأجزاء المشغولة من الجسم تتعرَّق أقل في أثناء العمل المثابر المستمر من تلك الخاملة، وحول المُلاحظة الأخيرة يستشهد بدليل من الإنجيل؛ أي عندما يقول الرب لآدم: «بعَرقِ جبينك سوف تأكُل الخبز.» يبدو أن ماير يعتقد أن آدم من الآن فصاعدًا سيعمل بيدَيه وقدمَيه، التي ستتعرَّق أقلَّ من الرأس المُسْتخدم قليلًا، أو غير المستخدم على الإطلاق.
-
في الكتيِّب نفسه يعلن ماير عن رأيه بقوَّة ضد مفهوم القوة الحية، القوة الافتراضية التي يسلِّم بها علماء الفيزيولوجيا في ذاك الوقت لشرح العمليات العضوية، أو بالأحرى وضعها جانبًا بوصفها غيرَ قابلةٍ للتفسير.
جيمس ماكسويل (القرن ١٩م)
رودولف كلاوزيوس (القرن ١٩م)
- (١)
ما السبب الذي يَجْعَل العمل المُسْتفاد منه أقلَّ من الطاقة الكلية التي تُنتِجها الآلة؟
- (٢)
لماذا يؤثِّر فرق درجة الحرارة في الآلة على مقدار العمل الناتج؟