الآلات الحرارية: تحويل الحرارة إلى عمل
مقدمة
وسنقوم في هذا الفصل باستعراضِ ما حصلنا عليه من وثائقَ لبعض الآلات الحرارية الشهيرة تاريخيًّا التي كانت لها استخداماتٌ عسكرية أو مدنية؛ فقد عُرف عن اليونانيين اختراعُهم للنار اليونانية وإيوليبل هيرو، كما عُرف عن الرومانيين ابتكاراتُهم في مجال غلَّايات الحمَّامات.
وما قد ندهشُ له هو عثورُنا على وثائقَ لبعض الآلات الحرارية العربية المغمورة جدًّا، والتي لا يذكُر مؤرخو العلم أو التقانة الغربيَّين أهميَّتَها أو موقعَها في تاريخ التقانة الحرارية؛ فقد قدَّم لنا أبناء موسى بن شاكر خلاطًا مائيًّا آليًّا، كما اخترع الجزري إبريقًا يقدِّم ماءً حارًّا أو باردًا حسب الطلَب، وقدَّم لنا تقي الدين تصميمًا فريدًا من نوعه لمبخرةٍ جيروسكوبية وآلة سيخِ شيٍّ تعمل بطريقتَين؛ إحداهما تعتمد على تحريك الهواء الحارِّ الصاعد لمروحة وأخرى بخارية. ولعل الإسهام المُهِمَّ هو ذلك الذي صمَّمه عربيٌّ مجهول لمضخَّة لاستخراج المياه بطريقة الضغط المنخفض، والذي سيعود الأوروبيون ويُعيدون ابتكاره من جديد ويُطوِّرونه ليصلوا — بعد الدمج بين نظريات الترموديناميك والهندسة الميكانيكية — إلى المحرِّك البخاري الذي أشعل فتيل الثورة الصناعية في أوروبا والعالم.
المبحث الأول: اليونانيون
تنوَّعَت الآلات الحرارية القديمة التي ابتكَرها اليونانيون، والمُدهش في الأمر أن معظمها أُعيد اختراعُه من جديد من قِبَل الأوروبيين؛ فالمدفع البخاري الذي صنع أرخميدس أعاد تصميمه دافنشي، وصُمِّمَت عربةٌ تعمل بشكلٍ مُعاكس له، كذلك فإنَّ فكرة إليوبيل هيرو أُعيد تصميمُها لتُصبِح المحرِّك البخاري، وتحوَّلَت النار الإغريقية من جديد في القرن ٢٠ إلى سلاحٍ فردي فعَّال.
أرخميدس (القرن ٣ ق.م.)
هيرو السكندري (القرن ١م)
كالينيكوس الهليوبوليسي (القرن ٧م)
المبحث الثاني: الرومانيون
المبحث الثالث: العلماء العرب والمسلمون
اهتم المهندسون العرب بصناعة آلاتٍ حرارية، بحيث يكون لها فائدةٌ مباشرة للمُستخدِمين؛ منها ما يُستخدَم في طهي الطَّعام مثل سيخ الشيِّ البخاري والآلي الذي اختَرعَه تقي الدين الراصد، ومنها ما يُستخدَم كخلَّاط للمياه البَاردة والحارَّة، ومنها ما يُستخدَم كمِبخَرة جيروسكوبية تحافظ على وضعيَّتها الأفقية كيفما تدَحرجَت، والاختراع الأخير لم نجد له مثيلًا في اختراعات الأمم السابقة.
المأمون (القرن ٣ﻫ/٩م)
والواضح من وصف ابن الطقطقا أن المجمرة كانت بهيئة كُرةٍ معدنية مغلَقة بإحكام وصغيرة بحجم الكَف، يُوضَع بداخلها بخورٌ مشتعل، أو جمرٌ يُرش عليه بخور، وعندما يحترق تخرج الرائحة من ثقوبٍ ناعمة موزَّعة على الغِطاء فقط.
أبناء موسى بن شاكر (القرن ٣ﻫ/٩م)
بديع الزمان الجزري (القرن ٧ﻫ/١٣م)
محمد بن منكلي (القرن ٨ﻫ/١٤م)
نُلاحظ من النص السابق أن ابن منكلي اعتمد في سحب مياه من بئر سطحية على قوة التخلية الكبيرة، وهذا يعني وجود كميةٍ كبيرة من المادة المُحْترِقة التي تُحتجز داخل وعاءٍ عملاقةٍ محكمة الإغلاق، إضافةً لوجود آلية تصريفٍ دقيقة تُوزِّع الماء بعد سحبه من البئر.
تقي الدين الراصد (القرن ١٠ﻫ/١٦م)
الآلة الحرارية الأولى هي آلة للشيِّ صمَّمها، تعاون فيها مع أخيه الكبير عام (٩٥٣ﻫ/١٥٤٦م) بحيث تتحرك الآلة لوحدها، وتستفيد من حركة نزول الثقل المعلَّق (الرقَّاص) وحركة شفرات المروَحة العُلوية.
المبحث الرابع: الأوروبيون
مع زيادة الوعي العلمي في مجال الحرارة وتطبيقاتها في عصر النهضة الأوروبية، تَنَبَّه العلماء والمهندسون الأوروبيون لخصائص بخار الماء وبدءوا يُخضِعونها للتجربة والتمحيص بهدف كشف المزيد من أسرارها، والاستفادة منها في الحياة العملية، سواء في المنزل أو الصناعة والنقل.
ديلا بورتا (القرن ١٧م)
سولومون دي كاوس (القرن ١٧م)
جيوفاني برانكا (القرن ١٧م)
إدوارد سومرست (القرن ١٧م)
صموئيل مورلاند (القرن ١٧م)
دنيس بابان (القرن ١٨م)
توماس سيفري (القرن ١٨م)
توماس نيوكومن (القرن ١٨م)
جيمس واط (القرن ١٩م)
- (١)
الإبقاء على جدار الأسطوانة دافئًا بتسخينه بالبخار القادم.
- (٢)
إدخال نظام صِماماتٍ بارع، والنتيجة أنَّ المكبس يُمكِنه العمل في الوقت نفسه في الحركة النازلة والصاعدة.
- (٣)
إغلاق صِمام البُخار قبل نهاية الحركة. صحيح أنَّ هذا زوَّد بعملٍ أقل في الدورة، إلا أنه كان إجراءً كفئًا، فهو حتى الآن يستهلك بخارًا أقل.