سيرة المؤلف

بقلم المعجب به حتى العبادة
سعيد تقيَّ الدِّين

قلت للمؤلف، وقد ربض بما يزيد عن المائة وعشرة كيلو من جسده على كرسي، يهتز من تحته، ويصيح: حدثني عن حياتك من يوم أن بكيت لأول مرة إلى هذه الثانية، التي أراك بها باسمًا ﺑ «نخب العدو» فخورًا. أجاب: يؤلمني أن تكون الأيام قد اضطهدتني إلى حد أنني أحتاج أن أحدث الناس عن نفسي، بدلًا من أن يتولى ذلك عني المؤرخون. قلت: خلِّ عنك المرارة، ولا تصقعن قرائي بخيلائك، فأنا محسن إليك إذ أسألك أن تتحدث عن نفسك، فليس في الدنيا من لا يجيد التحدث عن نفسه ويستطيبه، وعد بي إلى الخامس عشر من أيار سنة ١٩٠٤، وأعلمني ما الذي حدا في ذلك الأحد بأهل «بعقلين» إلى الحِداء؟ وما بال دويِّ البارود يهين القانون؟ ولأي جليل أمر هزجت الرجال، وزغردت النساء في فجر ذلك اليوم؟ قال: نبذت سائر الدنيا، وتخيرت بعقلين، الشوف، لبنان، بلدة أُسقط بها رأسي، ولو أُعْطِيَ لي أن أتقمص ألف مرة، لما نزلت إلا بعقلين دار مولد.

أما الهرج لقدومي فخطل ألفه الناس، إذ يفرحون بالطفل حين يولد، قبل أن يتثبتوا أنابغة سيكون أم أبله. على أننا بدأنا نفهم الأمور، فأنت اليوم لا تجد أن بنيَّ بعقلين أقاموا لي التماثيل في شوارعها، ولا علقوا صوري في متاحفهم، ولئن غيبني الموت في غدي، فقد تسمعهم يندبون مني الأسد والنابغة، ولكنك تحس في أجوف ندبهم مرارة الخيبة في طفل مَرَدَ نجيبًا، وشب شبه نابغة، وجاء في موسم القطاف كأشجار زيتونهم في سنوات الجدب، تزهر ولا تثمر.

قلت: أنا طالب سيرتك لا فلسفتك.

فاطرد محدثًا: وُلدت من أبوين ينتميان إلى عائلتين طيبتين من عائلات لبنان. إن لم تكونا من ذروة الجبل، فهما بدون ريب من أعالي سفحه، ولكن تلك الرفعة ما أيدتها أموال ولا ممتلكات. فجاءت ألقابنا أكثر من نقودنا، فقد دُعيت باﻟ «بيك» و«الشيخ» منذ طفولتي، ولا ينفك أصدقائي عن اتهامي أني في تجارتي أهاود من يدعوني «مستر» و«سنيور»، وأسلخ بالسعر من يناديني باسمي عاريًا.

قلت: لقد استقبلني رجال الضيعة بدوي البارود، فنشأت ولوعًا بالدوي، ولو أنه قرقعة تَنْكٍ فارغ، ولئن بدأت أحس مرارة الفشل المالي تستقر في نفسي، وتحرق جوانبها، فليس لما يجلبه المال من راحة وبذخ، بل لما يصحبه من «دوي».

شب أبي — وأبوه من قبله قاضٍ — على حب الوظائف، شأن أبناء «العيال» من لبنان، وإذا أنا أغفلت ذكر بعض مزايا أبي من مثل إباء وشدة بأس وفروسية — شأن أكثر أبناء قومه — وأردت أن أذكر الصفة الغامرة نفسه لقلت: إنها الطموح، ولكن ضغط أبناء القمة سمَّر ساكن أعلى السفح إلى أعلى السفح حينًا، ودحرجه إلى الوادي أحيانًا، وأبي اليوم وقد بلغ من العمر مرحلته الهادئة، لا يزال يتطلع إلى القمة، ويهز قبضة جبارة، ويصرف بصفين من أسنان اصطناعية، ويقول: إن لم أكن قد بلغت الذروة أنا، فساري أحد أبنائي يدق بيرقنا هناك. فيجيبه صدى صامت: يمكن!

جلس أبي على الكثير من كراسي الحكومة، فما علق بأثوابه شيء من أقذارها، وخرج طاهر اليد، ومن طهرت في وظائف الحكومة يده نظفت جيبه، فما ارتشى، ولا هاود متزعمًا، ولا حالف مجرمًا، وما اشترك بتهريب؛ لهذا لا أذكر أنه مرَّ بنا يوم لم نكن به في حاجة قصوى إلى المال وما نزال، وإني لأذكر قولًا سمعته من أمي — وهي الأمومة مجسدة: بنيَّ، إن الله ربط على باب دارنا ذئب الفاقة، وأكبر همنا في الحياة أن نطرده عن الباب. بلى، لم ينهشنا ذلك الذئب، ولكن لهاثه أبدًا يحر سنا الوجوه، وعواءه يملأ منا القلوب، وفي أيام الحرب كاد يقبلنا بأنياب حداد.

– ولماذا أشرق وجهك، إذ ذكرت أيام الحرب؟!

قال: لقد ذكرت عمنا أمين تقي الدين، وقد أشرف في ذلك الحين على تهذيبنا، حين نبت العشب في ملاعب المدارس الأجنبية، فإن جريمة اتجاه ميولي إلى الأدب تُلقى عليه، إذ كان يملأ البيت شعرًا وأحاديث أدباء، ويغرينا على ارتكاب الشعر، واقتراف النثر، وكم من ليلة أعوزنا الطعام، فأولم لنا عمنا أمين من «مختارات الزهور»، و«كليلة ودمنة» عشاءً فاخرًا، تجتره ترويقة في الصباح، وعنه أخذت وجهة نظري المالية، فهو يحسب أن المال قنينة ديناميت، إذا اشتبكت عليها أصابعك فارمِ بها إلى أقصى ما تقدر، مخافة أن تنفجر في يديك. وأغلب ظني، أنه اليوم في بيروت، ما برح يرى في المال سلعة يملكها سواه، ولا يغبطه عليها.

أما المدارس، فقد نزلت منها في بحور مشتبكة التيارات، متدافعة الأمواج، فمن رهبان يحفرون العلم حفرًا وترتيلًا، إلى شيوخ يهذبون بالفلق والعصا، إلى مدارس تبشيرية إفرنجية، تزيد بالرقة حتى التأنث، إلى راهبات يسألنني في صمت: لماذا لا تتنصر يا كافر؟ وقد حملت من هذه الجنائن الزهور ويابس العشب والتِّبْرِ والتراب، ودفعتها إلى تلك المطحنة الكبرى في رأس بيروت، فصهرتها وصهرتني، إلى فتًى صلب، برَّاق، بالحياة فوار، يحاول الركض إلى كل الجهات في آن واحد، فيجد نفسه بعد العناء أنه لم يبرح مكانه. كثير الأصدقاء، كثير الأعداء، لا أعلم بلدًا نزلته، وليس فيه من لا يفتديني حتى بروح حماته، أو من لا يود مصرعي، ولو شنقًا بحبل يحيكه من شعر أسنانه، وفيٌّ، ودود، حقود، شديد الثقة بنفسي إلى درجة الاعتداد، مسرف حتى التبذير، كثير المطالعة والاطلاع، حتى لتكاد تضايقك وفرة معلوماتي. فكه الحديث، ولكني مبتور العبارة، فما أنا بالمتحدث القصاص. مغامر في التجارة، حتى أكاد أن أسمَّى فيها مقامرًا. كثير الحركة ولو لغير فائدة. حشري من أعلى طبقة، أفضل أن أفك العقدة بأسناني من أن أفكها بيدي. متفائل، كثير أحلام اليقظة، عقلي كقطيع من الماعز منتشر على الهضاب والأودية، ولا يجتمع إلا ساعة المغيب، حين يُقبِّل حبري ورقي. يقال لي لو أني لملمت قواه، وشددته إلى بئر في حقل مسيَّج؛ لجنيت من ثمار الحياة أكثر مما جنيت حتى الآن. سريع التنفيذ إلى درجة الهوس. عاطفي، كثيرًا ما ترى الدمع في عيني لذكرى حادثة طمسها الزمن، أو شخص غاب.

قلت للمؤلف: لقد أعياني تتبع خطواتك يا أستاذ، فهلَّا بدأت الحروف الأبجدية بالألف بدلًا من الياء، وهلَّا سرت في حديثك سيرًا متسقًا، فبدأت الطريق من أولها، فإني أراك تقفز من نصف الطريق إلى آخرها، ثم ترجع القهقري، ثم تدور على نفسك. أشفق عليك أن تصاب بدواخ. فسر في طريقك كما يسير الناس.

قال: أشكرك لتذكيري، فقد فاتني أنني لا أسلك طريقًا ما كما يسلكها الناس.

قلت: إنك مصيب، فأنت أفضل من الناس جميعًا، ولكن بربك تابع حديثك، وقلل من حكمياتك، وخفف من مضمَّن مباهاتك.

أجاب متابعًا سيرته: «كنت في القرية بسبب مقام أهلي فوق معظم صبيان القرية، فحُرمت من الاشتباك بقتالهم وألعابهم، فأنا في طفولتي «محمي». لم أكن بالغلام الصلب الذي تتوقعه ممَّن رُبِّي في جبل لبنان، وفي الشوف من جبل لبنان، ونشأت بفضل هذه الحماية وديعًا، وزادت وداعتي حتى الجبن؛ إذ كنت بعد ذلك التلميذ الدرزي الوحيد في مدرسة ساحلية، كل تلاميذها مسيحيون، وفي زمن كان الدين فيها الماركة المسجلة الوحيدة، التي بها تُعرف الهوية. فلقيت من ضروب الاضطهاد قبل الحرب من تلامذة تلك المدرسة ما لا أزال أرجف لذكراه. لذلك شببت وأكبر طموحي أن أخضب يدي بدماء المسيحيين، وكنت أؤثر أن تكون ضحاياي من الموارنة، فإذا اعتبرتني اليوم وزوجتي مسيحية، وخُلص خلاني يحملون أسماء مثل ميشال، مارون، عازار، جورج؛ علمت أي فشل لقيته في الحياة.

وكرَّ ثالث صيف عليَّ المجزرة العالمية، وأنا عن المدارس منقطع، وأبي منفي في الأناضول، وليس في سوريا ولبنان مدرسة مفتوحة أبوابها إلا الجامعة الأميركية، وليس عندنا مال، والجامعة عن بعقلين بعيدة، وحدث أنني كنت أسرع المشي في البيت، فعثرت قدمي بعتبة الباب، فوقعت، وطارت من شفتي شتيمة تجديف سمعتها أمي، فأكبرت أن يزلق كبير صبيانها إلى آداب صبيان الأزقَّة، وأن يشب على السفه والجهل، فصاحت: «لأرسلنك إلى المدرسة، ولو بعت سقف البيت.»

الخروف الذي سمناه تقدمت ساعة إعدامه، فكان لي من صوفه «سوتر (جرزي)»، وأهوت على سجف البيت فصيرت لي منها قميصين وستة مناديل، وذهبتُ ببعض ألبسة أبي وأعمامي إلى الخياط فقلبها، وقلصها إلى بدلات لي، وزرت الكندرجي، فدكتر بعض الأحذية إلى أن استقامت على قدمي، واقتطعنا قيراطين من أهرام طربوش خالي، فإذا الطربوش يتوج رأسي متقلقلًا، كتاج ملك بعد ثورة، وبطنت بالورق بعض القماش، فصيرت منها محفظة دراهم، وإن لم يكن هناك من دراهم، على أنها محفظة على كل حال، هكذا تهيأت في خريف ١٩١٧ إلى الرجوع إلى الدراسة، متوهمًا أنني سأبهر بيروت بأناقة ثيابي.

حين يفخر اللبنانيون بتاريخهم، وينشدون الأغاني في أبطالهم، تراهم لا ينشرون صفحة مجيدة، يجب أن تكون من ألمع صفحاتها، تلك أسطورة لم يكن أبطالها أمراء ولا مشايخ ولا بكوات، لا عمقت جذورها في ظلام ماضٍ بعيد، ولا نفخها الغلو، وزركشتها الأكاذيب، بل هي بنت الأمس؛ أبطالها أكارون، أطعموا جياع جنوبي لبنان في زمن الحرب، حين سوَّر الأتراك والألمان جبلنا بسياج من حراب وجنود، يمنعون الغلال والقوت عن أفواهنا، ويصدون ما قد يتسرب إلينا من مدن سوريا الداخلية وقراها. إذ ذاك شخص في جنوبي لبنان فتيان وكهول تزنروا بالرصاص، وشدوا على الدواب، وراحوا يتسلقون الجبال، ويقطعون السهول، لا يصدهم ثلج ولا حر، ولا عواصف ولا أوبئة، يتسترون بالليل عن عيون الجند وغزاة البدو، يتثعلبون اتقاءً للخطر، ويستأسدون إذا الخطر واجههم، إذا بلغوا حوران بعد جهاد أربع ليالٍ رجعوا إلى جنوبي لبنان بالحنطة، وزغردت أجراس بغالهم منشدة: «لا جوع في جنوبي لبنان، ونحن صبيانه»، ولا يزال بين أحيائهم من يحمل في صدره رصاصة بدوي، أو جرحًا من جنود الأتراك، أو يغص بدمعة ذكرى لرفيق تخلف عن القافلة مجندلًا برصاصة، وكانت «بريطانية» تلك القوافل قافلة بعقلين، ولست أدري كيف ندعي الأدب، ولا تستفزنا مغامرات تلك القافلة إلى ملحمة، أو رواية، أو قصة. من أشاوس تلك القافلة شيخ معمم، لِنُسَمِّهِ «أبا سلمان»، خدع الهرم بصلابة جسد خفيف، وموَّه على الناس عمره بأن حلق شعر رأسه ووجهه فلم يبقَ لهم حجة بأن يقولوا له: لا تنضم إلى القافلة، فأنت شيخ مسن. كنا في ثالث أعوام الحرب، حين حزم «أبو سلمان» ضرفي زيت من نتاج أملاكنا، وبوَّأني بينهما أريكة بغلته «ذئبة»، وانحدر بي إلى بيروت؛ ليبيع الزيت، ويشتري لي به ثقافة سنة في جامعة بيروت الأميركية، رحم الله من قال لي حين رجعت إلى الضيعة في آخر تلك السنة المدرسية: «يا غبن الزيت.»

حين ودعني «أبو سلمان» على بوابة الجامعة، وكنت أبري قلم رصاص بسكين صغيرة جزينية، قال مشوقًا: «كن الأول في صفك، تحصل على وظيفة كبرى متى كبرت.» ثم هدد، فزاد: «إن لم تكن الأول في صفك، شَمَتَ بنا وبك أعداؤنا بنو …» ولمح زمرة من أشقياء التلامذة البيروتيين يتغامزون علينا، ويتضاحكون، فصاح بصوت مخيف: «من لا تقوى عليه بالكف عاجله بالعصا، وإذا تكاثروا عليك، فالسكين الذي تبري به القلم في وسعك أن تقطع به الوريد»، وغابت عني «الحماية» حين غيب منعطف الطريق تلك العمامة البيضاء، وهدأت تلك الزمرة حتى تلاشت أصوات أجراس «ذئبة»، فمشي إليَّ منهم فتًى في يمينه سوط، وهو اليوم صديق لي حميم، وطرح عليَّ ذلك السؤال العظيم، الذي يتلجلج على لسان البيروتيين متى أرادوا التهكم من جسمي: حضرة الشيخ، من أي ضيعة؟ … تملقني تأدب ذلك الفتى، فأجبته: إني الشيخ فلان من بعقلين — أمير الضياع. قال: ولماذا لا ينبت للخنازير أجنحة؟ أجبت: لا أدري. فشتمني، فضربت سوطه برأسي ضربة خضبت يده بدمي، ففر الجبان، وثبت في ساعة العراك صريعًا على الأرض.

ما أمر ذلك العام الأول في كلية بيروت، وما كان أوجع التحقير في ندائهم: «يا جبلي»، وما آلم ضروب الذل والقساوة التي سحقت نفسي. «يا جبلي!» عبارة تهز حتى اليوم كياني؛ لما رافقها من الهزء والتهكم والسخرية. فكم من مرة — وأنا منذ طفولتي كثير أحلام اليقظة — فررت إلى عالم الخيالات المؤنس المخدر من مظالم الحياة الواعية، فأقنعت نفسي أن هزة زلزلت جبل صنين، فقلبته على بيروت فطمس كل من فيها. أجلس اليوم ونفسي كئيبة، أتحسر في غربتي، إني بعيد عن الكثير من بهجات الحياة، وأزهى ما في الحياة من بهجة في نظري اليوم «بيروت». حقًّا، إن الحياة تسير على سنة لا تتغير، وهذه السنة هي التغير.

وفجأة، تفجر في صدري بركان لم أدرِ بوجوده، وانبثقت من جسدي شجاعة لا أعلم مصدرها، فانقلبت من فتًى خجول، جبان، معتزل، إلى شرس، خشن، بطاش، حتى لقد دُعيت لبدغنتي١ «سعيد الانكشاري».»

قاطعت المؤلف متبرمًا قائلًا: قص عليَّ شيئًا من حياتك الأدبية، وعفا الله عن بطولتك المدرسية. قال — بل اندفع، بل انقض عليَّ — محدثًا: كانت حياتي الأدبية في قصرها وجمالها شبه غمزة حسناء، وكان صامت وعدي بالاستمرار والإجادة كاذبًا، كأكثر وعود الحسان. فأول كلماتي التي سحرتني رؤيتها مطبوعة، مقالة كُتبت في السادسة عشرة من عمري، عنوانها «رياضياتنا ورياضياتهم»، أرسلتها إلى «البرق» ذات يوم خميس بتوقيع مستعار «حماد»، وقد كاد يُغمى عليَّ إذ جاء يوم الإثنين، فإذا بالمقالة افتتاحية بصدر «البرق»، ومنذ ذلك الحين، كثرت مقالاتي في صحف بيروت ودمشق، وفي بعض مجلات مصر، وأكثرها موقَّع ﺑ «حماد» و«بشار»، ويسرني أنه قام في بيروت من يستعمل هذين التوقيعين. لذلك يسهل عليَّ أن ألصق بهم جريمة مقالات ذلك العهد.

إلى أن كانت «لولا المحامي» — «رواية تمثيلية عصرية»، كما أعلنت عنها برامج الحفلات في عشرات المدن والقرى، إذ مُثِّلت في العراق وسورية ولبنان وأميركا الجنوبية، وربما تكون قد مُثِّلت في أميركا الشمالية. ولقد مدحتها الجرائد بمقالات ضافية، كتبتها أو استكتبتها، وبيننا وبين الصحافة صداقة قديمة، فنستعلنهم ولا ندفع، ويستكتبوننا ولا يدفعون، وربما مات من بني تقي الدين من لا يملك ذراع أرض يتمدد فيها، ولكن لم يمت منهم بعد من لم يملك حقلًا في جريدة، يتمدد فيه مغمورًا بعبارات مديح مزهرة.

ليس لي أن أبحث في «لولا المحامي»، وهي — ولك أن تقول فيها ما تريد — جهد مدرسي لتلميذ عمره ٢٢ سنة، ولكنني أريد أن أتساءل أي جهد في سوريا ولبنان خلال عام ١٩٢٣، بقي على هذه اﻟ ١٤ سنة، إلا «لولا المحامي» التي لا تزال تُمثَّل، وأريد أن أستدل من بقائها حية حتى اليوم أنها — على كثرة مواطن الضعف فيها — عاشت بسبب أنها جهد رئيسي، وأن الجهود الضعيفة المبعثرة هي جهود صحفية لا تعمَّر — يا أيها المتأدب، عن «المقالة» فاجنحنَّ، إنها لإسفنجة معصورة.

– وما الذي أوحى «لولا المحامي» يا أستاذ؟

– الذي أوحى «لولا المحامي»، هو الذي أوحى «نخب العدو».

– يعني؟

– حب الظهور. وإن كانت الأولى إذا قِيست بالثانية …

– فأرة إزاء جبل؟!

– بل كوخ إزاء قصر. في وسعي أن أقول لك إنني درامائي بالفطرة، تغرد المشاهد أمام عيني، وتغمس المكالمات في أذني على غير علم مني، وفي مقدرتي أيضًا أن أدَّعي وأتدلل بكثرة معلوماتي، وسعة دراستي في الفن التمثيلي، وأزركش عباراتي بالاستشهادات البراقة، ولكنني أصارحك — ولا يهمني ما تستنتج — أن السبب العاجل الذي أوحى «لولا المحامي» و«نخب العدو» هو حب الظهور. أستدرك فأقول: الحاجة، وحب الظهور. أما الحاجة؛ فلأنه أعوزتنا الروايات التمثيلية في أيام التلمذة، فاضطررت إلى تأليف «لولا المحامي»، وشجعني نجاحها الغريب على إتباعها بأختها «قُضِيَ الأمر»، وقد فاقتها نجاحًا،٢ وها أنا أجد نفسي بعد اثني عشر عامًا من غيابي عن لبنان، أكاد أن أصبح نكرة، فإن ذكرت صحيفة نبأ تمثيل «لولا المحامي»، شفعت كلامها بأن مؤلفها هو ابن فلان، أو أخو فلان. أرجو أن لا تتهمني بالقحة إذا أنا آثرت الصدق، وتنعتني بأني لست بالروائي الملهم، فلئن كنت ممن يحبون المقالات تتبرج بالاستشهادات الإفرنجية …

قلت مقاطعًا: وما الخطأ بالاستشهادات الإفرنجية؟

– أقوال الناس كشهود الزور، يمكنك أن تستنطقهم القول الذي تريد؛ فإذا أحببت مثلًا أن تثبت أن السياسة هي موضوع شعري، لجاء في متناولك عشرة أعلام يقولون إن السياسة توحي الشعر، وعشرة في أهمية منزلة الأوَل ينكرون أن السياسة توحي الشعر، إذن فما الفائدة من الاستشهاد؟ ثم إن في كثرة دلف أقوال الغربيين إلى كتاباتنا اعترافًا منا بضعفنا، كأن الحقيقة لا تكون مقنعة إلا إذا نطق بها ألكسندر طلبنوخسكي الروسي أو جون ج. م. ز. جونسون الإنكليزي، بل كأنَّ الكاتب يقول للقارئ: «أنا رجع وضيع، وربما أكون كاذبًا، فلا تصدقني، بل صدِّق فلانًا، وهذا قوله.» وهل من الواجب أن أزيد أن الاستشهاد صار «تدللًا من الكاتب بسعة اطلاعه.»

قلت: كنت على همة أن تستشهد، فافعل ذلك على شرط أن تكون الأخيرة. قال: كدت أن أعلمك أن «جون ديوي» أعظم فلاسفة أميركا يقول: «إن أقوى محرك في طبيعة الإنسان هو حب الظهور»، أما الذي أحببت أن أخلص إليه، فهو أنه إذا سهلت وسائل الظهور انطفأت نار الإنتاج، فكم من ضحية أردتها صحفنا قتلًا بالمديح.

أعرف مهاجرًا في أزمة ١٩٣٠، كان يفرح إذا انكسر مديون، وله عليه مبلغ ضخم؛ كي يظهر في مأتم المكسور، وهو أرفع الدائنين صوتًا، وأعرف فتًى تظاهر بالجنون استلفاتًا للأنظار، وكان كلما عطف عليه أصدقاؤه وأقرباؤه بأنظارهم وآسوه، تنعم بالتفات الناس، وازداد تظاهرًا بالجنون، حتى كاد يصبح التظاهر حقيقة، إلى أن أشار طبيب اختصاصي على ذوي «المجنون» أن لا تأبهوا له، فلما أعرضوا عنه «شفي» الفتى من جنونه. هذان مثلان عن الغلو في حب الظهور، وإنني أعزو قلة إنتاج أدبائنا إلى سهولة وسائل الإذاعة في بلادنا، فقصيدة واحدة، أو خطاب، أو ديوان، يكفي لأن تنشر ذكرى أحدنا بين الناس، وتظهر صورته في الصحف. فترتخي أنانيته، وتتخدر أعصابه، وتقعد به مظاهر النجاح عن الجد إلى الوصول إلى النجاح الحقيقي. إن قليلًا من التشجيع ضروري، ولكني أراهن أنه لو اتفق الصحافيون على الإغضاء عن ذكر الأدباء سنة واحدة، لتضاعفت جهود مؤلفينا واغتنت مكاتبنا.

كنت بعد «لولا المحامي»، وبعد مئات الخطب والمقالات، أجهز المواد لرواية تمثيلية ثانية، إذ اتفق لي أن دخلت في عام ١٩٢٤ مخزن أمين أبي ياغي في بيروت، وقبل أن تتعود عيناني ظلمة المخزن، بعد وهج الشمس، إذا بشخص فتان المظهر، يقفز من مقعده في زاوية المحل، ويمشي إليَّ ﺑ «أهلًا بالنابغة»، ويهز يدي بحرارة. فركت عيني — لا ما أنا بالحالم — هذا أمين الريحاني بعينه. خرجت من المخزن «مبنجًا» ﺑ «أهلًا بالنابغة»، مورفين أنامني سنة كاملة من غير إنتاج أدبي؛ إذ رجعت عن خطة تأليف الرواية الثانية. ما تبقى بعد من الأدب يا سعيد، وقد دعاك أمين الريحاني «نابغة»؟! سنة من العمر أضاعتها عبارة مديح!

قلت: إن في نفسي لعجبًا منك. أسمعك كثير التحدث عن الدكتور فيليب حتي، فما لك أغفلت الآن ذكره؟

قال: بلى، تلك زوبعة عقلية نزلت بي، فاقتلعت وزرعت، وقد تهذبت عليه ثلاثة أعوام، فعليه قوي تفكيري حتى كنت برهة من الزمن ببغاء من سرب ببغاواته، بعضها لا يزال في سماء بيروت، يطير ناصل الأجنحة، وأسطوانة من أسطواناته التي تردد ألحانه العديدة، ومنها من لا يزال يدور على نفسه منشدًا أغاني حتي، غير أني ارتددت عليه، وها أنا أسجل تمردي على تعاليمه، فقد أفهمنا — في جملة ما أفهم — أن التاريخ لا يعيد نفسه، وها أنا شططت في هذه الديار منذ اثني عشر عامًا، خالي الوفاض مفلسًا، وأرى التاريخ أعاد نفسه بي مرتين منذ ذلك العهد.

•••

قال المؤلف: ينزل الستار على حياتي الأدبية بعد «لولا المحامي»، و«قضي الأمر»، ويرتفع فجأة، فإذا بطلنا — أي أنا — على مسرح أعددت نفسي لكل مسرح إلَّاه؛ التجارة، في جزائر الفلبين من الشرق الأقصى، يريد أن ينقص القوت من أفواه الأسود، ولو لم يكن هناك أسود. كان سلاحي في كفاحي الشباب والجد والطموح والذكاء — أي نعم الذكاء، وسأقص عليه أخباره — وكانت أعدائي الذكاء والجد والطموح متحالفة مع غدر الأيام وغدر الناس، وهوس الشباب وغلوِّ التفاؤل، والإسراف، وائتمان الناس من غير رويَّة، والإغراق في الطموح إلى تطلب المليون بالمجازفة بالألوف، فصعدت في عالم التجارة كأني راكب منطادًا، وأهويت كأني قافز من طائرة، وأنا اليوم أصعد الجبل ألف ذراع في اليوم، وأزلقه ألف ذراع في لحظة. عيناي في الذروة وقدماي في الوادي — مهشم الجسد، سليم الروح، أعتاض عن نشوة الظفر بلذة الجهاد والأماني. أهل التجارة يعتقدون أني أديب كبير، وبنو الأدب يتوهمون أني تاجر ماهر، وأنا واثق أن الاثنين على خطأ وصواب.

صحت بصاحبنا: مهلًا يا حضرة المؤلف، أهمزك بسؤال لتمشي خطوة، فإذا أنت ترمح ميلًا. فهلَّا حدثت قراءك — إذا أوقع الله بين يديك من قراء — بشيء عن بركات الحياة. قال: لا أجيد الكلام عن البركات، وأعاف كلمة ب. ر. ك؛ لأنها تفكرني بشيء مستكن، ونفسي قلقة مشدودة إلى رفَّاص، ولكني أقص عليك أنباء اللعنات الأربع، التي غشيت روحي، ونشرت العشرات في سبيلي.

– وما هي؟

– أولها لعنة «الذكاء».

قلت: تضايقني يا محترم؟! ألا تخاف أن يرمي قارئك بكتابك، إذ يراك تنعت نفسك بالذكي؟

أجاب: أصارحك أن قارئي ذكي، يعرف أن في رياء التواضع المصطنع من الخيلاء والتدلل ما هو أبشع من المصارحة، وإن كانت مباهاة، وأنا جاد إذ أقول لك إن الذكاء لعنة، والإنسان يفخر بما يكسب، وليس بما يُوهَب، والذكاء أحبُّه موهبة. أقول لك: إن الذكاء لعنة. ألا تسمعهم في لبنان أسبق ما ينعتون بالمديح أحدهم بقولهم: «فلان ذكي»، كأنهم قالوا إنه كامل بكل معاني الكلمة. إن الذكاء لعنة؛ لأنه أقل المزايا أهمية. فالمثابرة، والجد، والاقتصاد، والحرص، والحذر، والتوفير؛ هي أهم من الذكاء بكثير، ولكن الذكاء صفة وهاجة تبهر العيون، وأخصها عيني حاملها، عن التطلع إلى غيرها، وتوهمه أنه لا يحتاج إلى سواها، وبهذا كانت لعنتها.

كنت أماشي أحد ماليي مهاجرينا، ممن أصابوا النجاح المزدوج من ثروة واحترام الناس، فسألته في ساعة تشتاق فيها النفس إلى البوح إلى النفس بأسرارها، عما هو سرُّ نجاحه، قال: يا بني، إن في سؤالك جوابي. فلو كنت شخصًا غير عادي، ذا ذكاء ونبوغ خاص، لما سألتني هذا السؤال، بل لعرفت من ذكائي جوهر نفسي. أما وأنا رجل عادي بدماغه، فقد جئت متوازن الجهود، متسق التفكير، وحالفني شيء من الحظ إلى الوصول بي إلى النجاح الذي أنا فيه. انظر إلى فلان وفلان — وهنا كرَّ عليَّ مسبحة أسماء — كلهم أذكى مني، وأوفر علمًا. أين هم الآن؟ إن ذكاءهم ولَّد بهم ثقة نفس، صرفتهم عن تطلب الخصال الأخرى، التي هي في النجاح أكبر شأنًا.

قلت: اقفز بي إلى موضوع آخر، أو فاختصر.

أجاب المؤلف: حبَّا وكرامة، فأنا للاختصار محب، ولكني ككل درامائي، يفهم أن كتابه خليق ليُمثَّل لا ليُقرأ، ويجب عليه أن يعوض على شاري الكتاب بشيء يُقرَأ، فصبرك، إن وجدتني أمطُّ هذه المقدمة، وها أنا أذكر تلك اللعنات الباقية، التي كبلتني؛ فثانيها: لعنة الطموح، ولا تنسَ أن هذا الحديث هو أوتوبيوغرافي؛ لذلك لا أقول شيئًا في كيف أن الطموح قد يتعجل ضحيته إلى اختصار طريق النجاح، فيسبب أحيانًا السرقة، والجريمة أو الاحتيال، ومرارة النفس، ويغمس عواطفك في سيال التحرق من الفشل.

– يعني أن روحك تسكنها العذارى من بنات الطموح، لا بغايا فتياته؟

– اخرس …

– عفوك، أنا واثق من كذبك، ولكن سر في حديثك. قال: إن الطموح يتعجل خطى المرء، فيسبب في كثير من الأحيان هلاكه، وهذه أودية الحياة ملأى بالمهشمين من الطموحين الذين أرادوا أعمارهم أن تكون قفزًا من قمة إلى قمة، وما فطنوا إلى أن معظم الذين يصلون القمة يتسلقونها مشيًا على الأقدام.

– وزحفًا على البطون.

– بل دبيبًا على الذقون. وإن دودة الأرض في مثابرة دبيبها لأقرب إلى مرماها من الجندب في قلق قفزاته.

صحت: بربك! عجِّل مخافة أن تفلس من التشابه، فترجع بي إلى مثل الأرنب والسلحفاة.

والطموح — تابع صاحبنا — يشوِّش على الإنسان تفكيره، فهو بكل شيء غير راضٍ، على الحياة ناقم، مجازف بالقليل والكثير.

قلت: عجِّل، واغسل يدك من اللعنتين الأخيرتين. قال: «لعنة الثقافة».

– يا غبن الزيت؟!

– ربما، فالمثقف اثنان؛ رجل مثقف نصف ثقافة، فهو بنفسه مغرور، يعتقد أنه فوق الناس، وهو دونهم بدرجات، غير أنه بعيد عنهم في كل حال، ورجل مثقف ثقافة صحيحة، فهو بذوقه، وأطباعه، ومطالعاته، وتفكيره، فوق الجمهور، أي عنهم قصيٌّ، والناس يتبرمون بالاثنين. ولا تنسَ أن الحسد — على الرغم من كتب علم النفس — غريزة شاملة، والمثقف محسود فهو مناوَأ. بل إن حساد الثقافة أشد اندفاعًا في مقاومتهم المثقف من حساد المال. يقاومون الغنيَّ؛ لأن الغنى ميسور، ولو نظريًّا عن طريق اليانصيب، أما الثقافة، فمن حُرمها شابًّا فقدها على الإجمال كهلًا وشيخًا، وسلاح الغني يذل العدو، أما سلاح الثقافة فلا يقهر إلا حامله. قلت: لعنت ساعة تحدثنا بهذه اللعنات، فهاتِ لعنتك الأخيرة، واختصر يا أستاذ، إن الاختصار هو روح الحكمة.

قال: بل سأختصر، ففي البحث في هذه المصائب ألم فرك الجراح، وها أنا ذا أذكر اللعنة الأخيرة عارية؛ لعنة النجاح الباكر.

ويمينًا، لقد أخذت ببلاغة محدثي، وكدت أنصرف من بين يديه مشدوهًا بمظاهر عمق تفكيره، لولا فورة من النور غلبت على ناظري، فإذا بجليسي يظهر أمام بصري بحلة جديدة، فقلت: يا صاحب «نخب العدو»، من الناس من أُوتي براعة تنسيق السفسطة، وإلباسها ثوب الحكمة، وحاشاك الله أن تكون منهم، ولكن هلَّا ذكرت الذكاء يقترن بسائر الفضائل، وهلَّا عرفت الطموح يذكي مزايا النفس، وينهض بها، وكيف غاب عنك أن الثقافة وحملتها ملايين، هم من قادة الدنيا، وكيف تفسر أن ألمع أسماء الدنيا من أحياء وأموات أصابوا النجاح الباكر، فشجعهم على الاسترسال والإنتاج؟

أجاب — وقد بلع بريقه وحدجني بنظرة عداء: مكانك، فأنت تبحث في النابغين، ونحن نتكلم عن سعيد تقي الدين.

– سؤال أخير يا أستاذ، هل أفهم منك أنك في الحياة ترفع العلم الأبيض، وتعترف بالانكسار؟ أنسيت لأعوامٍ خلت كيف كنت تتطلع في الحائط، وتصيح بي: «بيني وبين الفوز هذه الروزنامة»؟

– ولا زلت أعيد هذا القول.

– ولكن عبارتك هذه ترهلت، فأين هي اليوم تتدلى من فمك غثة منها بالأمس تندفع من شفتيك لاذعة بنار الاقتناع، مصقولة ببريق من عينيك؟! بل أين أنت اليوم، وقد برز بطنك، وهدأت خطواتك، وصارت كلمة «الحظ» تتسرب إلى حديثك، فهل أوفيت على مرحلة العمر، إذ يعترف المرء بفشله، بأن يلوم «الحظ» من دنياه؟ وهذه الذكريات التي أصبحت تلهج بها، أليست هي الدليل القاطع على هرمك؟! فمن شاخ أكثر التحدث عن ماضيه، أما الفتى، فحديثه أبدًا عن غده. هذا مقياس العمر الوحيد. قال: غريب أمرك يا هذا! تشهد غماري في الجبال عن الذهب مفتشًا، وتتهمني بالهدوء؟ أما رأيتني أقضي الأسابيع في الغابات، أخوض أنهارها، وألتحف سماءها، مقتاتًا بقشر جوز الهند، أجر ١١٠ كيلو من جسدي؟! إذا كان هذا هدوءًا، فما هي الحركة؟!

قلت: يا محترم، أمندفع أنت في هذا الغمار، بذلك الإقدام الذي رافق فتوَّتك، أم أنت فاعل هذا تبرئة لضميرك أمام نفسك، كي لا تتهم همتك بالخمول؟

قال: أنت جائر، وأوقح من مخبري جرائد أميركا.

وقد انتهت المحادثة.

فصافحت يمين المؤلف بيساري، وانصرفت تاركًا محدثي ينعم بأوهامه — وما أرفق الجهل بأصحابه! — حاسبًا أنه تمخض هذه السنين الطوال، فولد رائعة، وأنه نام عام ١٩٢٤ قزمًا، ونهض سنة ١٩٣٧ عملاقًا، وهو لا يدري أنه: «ناخ نوخة جمل، وقام قومة هرٍّ.»

١  نسبة إلى بدغان، وهي قرية لبنانية، كثر عراك أهلها، حتى كاد يُفني بعضهم بعضًا.
٢  لم تُطْبَعْ بعد؛ لأنها لا تستحق الطبع.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤